في كتاب
فخم ورائع حمل عنوان «السنوات الذهبية في السينما المصرية» ـ سينما كايرو
من عام 1936 إلى 1967 ـ جاء الإصدار الخاص الذي يقدمه مهرجان دبي السينمائي
احتفاء بالدورة الخامسة، شهادة على عصر سينما دخلت من الباب الملكي لقلوب
الجماهير العربية، وظلت توسع دائرتها لتواكب السينما العالمية في بواكيرها،
وساهمت غالبية الصور التي رافقت الصفحات من أرشيف استديو بكر، لتعيد
للذاكرة ما تاه منها وضاع في رحلة طويلة، كانت ومازالت شاهد عيان على طليعة
الفن السابع في العالم العربي والقارة السمراء.
وفي نصوص
الكتاب الصادر بالعربية والإنجليزية، والذي ظهر في قطع عرضي (5,32 ـ 5,24
)، وعدد صفحات بلغت (236) صفحة على ورق كوشية فاخر، تناول الناقد السينمائي
مصطفى درويش، تباشير السينما المصرية التي أنتجت أول فيلم روائي عام 1927
وهو فيلم «ليلى» لممثلة المسرح عزيزة أمير، وتوالى بعد ذلك إنتاج السينما
المصرية خلال ثمانية أعوام التي أعقبت هذا الفيلم، وقدمت حوالي أربعة
وأربعين فيلما روائيا طويلا، بعضها صامت، والبعض الآخر متكلم، ومن أهمهما:
زينب (1930)، أولاد الذوات (1932 )، والوردة البيضاء (1933 ).
وبدأت
بوادر الإرهاصات الحقيقة للسينما المصرية من خلال فيلم وداد (1936 ) لكوكب
الشرق أم كلثوم، وبفضل نجاحه، خرجت إلى النور أهم أفلام ذلك الزمان الممتد
من النصف الثاني من عقد الثلاثينات حتى مستهل عقد الخمسينات. ويؤكد
السيناريست رفيق الصبان في الكتاب نفسه، أن السينما المصرية لجأت إلى اللون
الغنائي، لإدراكها أن الطرب والغناء هما الأثيران لدى جمهور ذلك الوقت، كما
لعبت الكوميديا من خلال أفلام نجيب الريحاني، دورها الكبير في توسيع دائرة
السينما المصرية واستقطاب جمهور جديد إليها.
وجاءت
القنبلة الحقيقية التي غيرت مدار السينما المصرية في فيلم «العزيمة» الذي
حمل في ثناياه أكثر من رسالة وتوجها، مشجعا الشباب بشكل مباشر على المغامرة
والعمل الحر وعدم ربط أنفسهم بقيد الوظيفة الثقيل والمحدود. تبعت «العزيمة»
أفلام أخرى أقل منه شأنا، ركزت على هموم الشباب المصري والأزمات التي يمر
بها، كفيلم «حياة الظلام» و«السوق السوداء». لكن هذه الأفلام المهمة التي
عكست هموم الشعب وقضاياه، لم توقف تيار الفيلم الغنائي والاستعراضي ذا
الشعبية الجارفة في العالم العربي، بل زاد الاهتمام به وجاءت أسمهان وفريد
الأطرش وصباح ونور الهدى، وظهرت أفلام استعراضية كثيرة كانتصار الشباب
وبلبل أفندي وجوهرة وبرلنتي.
وأخرجت
السينما المصرية أسلحتها الخاصة وقدمت أسماء لا تقل أهمية ولمعانا،
كالراقصات تحية كاريوكا وسامية جمال والاستعراضية نعيمة عاكف والطفلة
فيروز، وانطلقت مواهب إخراجية في هذا المجال رفعت مستوى الأفلام إلى أقصى
درجاتها. وظلت السينما المصرية محتفظة براية الرومانسية والحب الذي ينتصر
على كافة العوائق الطبقية، وظهر تيار جديد يمكن أن نطلق عليه أسم التيار
البوليسي الذي يقدم رؤيا اجتماعية من خلال حادث مأساوي، وكان أول من وضع
هذا الاتجاه هو كمال الشيخ، ونجحت أفلام الميلودراما التي أخرجها حسن
الإمام في تكوين مدرسة سار على نهجها الكثيرون، وكانت سببا في انطلاق
نجومية ممثلين كبار مثل فاتن حمامة، وماجدة، وشادية، وهدى سلطان.
كما بدأ
التوجه نحو سينما المخرجين الذين وضعوا بصماتهم على أي نوع من الأفلام مثل
يوسف شاهين، وصلاح أبو سيف، وظهرت موجة جديدة من الممثلات مليئة بالحيوية
والجمال تختلف عن طاقم الممثلات السابقات، مثل سعاد حسني ونادية لطفي
اللاتي انطلقن بسرعة الصاروخ إلى سماء النجومية.
وحتى مطلع
1967، بقيت السينما محافظة على قواعدها القديمة، تحاول خلق قواعد جديدة
تتناسب مع تطور السينما العالمية، وفي هذا الكتاب تشهد الصورة على أن حبنا
لهذه المرحلة لايزال قويا راسخا في قلوبنا.
البيان الإماراتية في 11
ديسمبر 2008
|