ثماني
سنوات من الغياب عن خشبة المسرح واليأس من حاله عاشها الفنان أحمد بدير،
واكبت انحسار إنتاج المسرح التجاري، قبل أن ينهي غيابه بعودة قوية بمسرحية
“مرسي عايز كرسي” للمخرج خالد جلال والتي يعرضها حاليا على مسرح الريحاني
بوسط القاهرة، وبدير صاحب رصيد ضخم من الأدوار المتميزة فهو من الممثلين
المتميزين بالإنتاج الغزير في المسرح والتلفزيون والسينما.
في “مرسي
عايز كرسي” يعود بدير إلى الكوميديا السياسية، ليتناول الصراع على امتلاك
السلطة والنفوذ، وأيضا الصراع بين الطبقات، من خلال الصراع بين مرسي مهندس
الكمبيوتر الذي يرث مخبزاً وزوجته المذيعة الأرستقراطية المتكبرة التي ترفض
أصوله الشعبية وتطلب الطلاق. ولأنها ترشحت لعضوية مجلس الشعب يترشح مثلها
بحثاً عن قوة ونفوذ وسلطة الكرسي، المسرحية من تأليف أحمد الابياري ويشاركه
البطولة ريهام سعيد، علاء مرسي، وعماد رشاد والمطرب الشعبي شعبان عبدالرحيم.
وفي هذا
الحوار ننطلق من مسرحيته الجديدة وصولاً إلى مشاركاته الفنية الأخيرة.
·
ما هو المختلف في هذا العرض الذي حمسك للعودة
للمسرح؟
- كنت أعيش حالة من اليأس من أحوال المسرح بعد تراجع الإنتاج،
فمع تدهور الأحوال الاقتصادية والنفسية والصعوبات التي يعيشها المواطن
يومياً كنت مقتنعاً بأنه ليس هناك ما يثير حماس المتفرج ليخرج من بيته
للمسرح. وعندما جاءني نص المسرحية كنت في شوق حقيقي للوقوف على خشبة
المسرح، مع المنتج الجاد أحمد الابياري، وأثار اهتمامي العمل مع المخرج
خالد جلال لما شاهدته من تميز في عروضه الأخيرة “قهوة سادة” و”الإسكافي
ملكاً”، وبالفعل وجدت مخرجاً متميزاً حريصاً على كافة التفاصيل لا يتنازل
عن مستوى معين أيضاً في الديكور والملابس والاستعراضات، أيضاً العناية بكل
دور، وهو ما يسعد الفنان خاصة مع الإقبال الجماهيري على العرض.
·
لماذا الحرص على الكوميديا السياسية.. هل
تراها ضرورة لما تقدمه لجمهورك بعد غيابك الطويل؟
- في العموم أحب المسرح السياسي لأن حياتنا كلها سياسة، لا
يمكن فصل الحالة الاجتماعية والاقتصادية عن السياسة، فالسؤال الدائم هو:
ماذا أقول للناس من خلال المسرح والضحكة؟ لا أؤمن بالضحك من دون هدف،
فالضحك هو أقرب طريق لقلب المتفرج وهو ما يجعل الناس تتطهر من خلاله من
همومها وعيوبها، وتنقد واقعها وتبحث عن طريق المستقبل.
·
شهدت السنوات الأخيرة تراجعاً في إنتاج مسرح
القطاع الخاص، كيف ترى أسبابه؟
- قبل ست أو سبع سنوات كنت تجد في الإسكندرية خمسة أو ستة عروض
وفي القاهرة عشرين عرضاً، الآن لا تجد سوى عرضين أو ثلاثة، بسبب إحجام
المنتجين عن تقديم مسرح في هذه الظروف المادية والحياتية والنفسية خوفاً من
الفشل وانحسار الجمهور عن المسرح، وخاصة مع انتشار وزيادة عدد الفضائيات
وتزايد الإنتاج الدرامي الذي جذب الممثلين إلى دورته المتواصلة. وهذا
التراجع في الإنتاج له آثار سلبية على حركة المسرح عموما، ولهذا تكتسب
تجربة المنتج أحمد الابياري أهميتها من حرصه على الاستمرار في الإنتاج في
هذه الظروف.
·
في فيلميك الأخيرين يطرح فريقا العمل تحليلاً
سياسياً واجتماعياً للمجتمع، هل تراه ضرورياً في الفن؟
- لا ضرورة للفن إن لم يكن مؤثراً ويحمل قضية يحاور الناس بها،
فالفنان دائماً تحت ضغط مسؤولية ماذا تقول للناس؟ وكيف؟ وأحياناً تتطلب
القضايا حدة ووضوحاً كما في “حين ميسرة” و”كباريه” لأن ما نناقشه لا يحتمل
المهادنة.
·
ألا تراها ظاهرة غريبة أن يتركز عطاؤك
السينمائي في السنوات الأخيرة في أعمال جادة، بينما كنت بعيداً عن موجة
الأفلام الكوميدية؟
- أحرص دائماً على حقيقة أنني ممثل ولست كوميدياناً، فأنا ضد
التصنيف الذي يحصر الممثل في دائرة مغلقة، أؤمن بحرية الممثل في تجسيد ما
يريد من أدوار. قدمت أدواراً وشخصيات عدة درامية وحتى تراجيدية في السينما
والتلفزيون ومازلت أدين بالفضل للمخرج يحيى العلمي الذي قدمني في مسلسل
“الزيني بركات” في شخصية بعيدة تماما عن أي ملامح كوميدية. فترة سيطرة
الأفلام الكوميدية شهدت التعبير عن جيل مختلف، فكل فترة يحدث حركة وانقلاب
في الحركة الفنية، فعندما كان هناك خمسة أو ستة نجوم يحتكرون النجومية كنت
مع آخرين من جيلي نجاهد لنثبت إمكانياتنا الفنية وعندما بدأ ذلك في التحقق
حدثت طفرة النقلة الكوميدية مع الشباب، وصار الجمهور الداخلي أهم من الموزع
العربي وهي نقلة صار فيها جمهور السينما من الشباب الصغار، بالنسبة لي لا
مشكلة في التأقلم مع المتغيرات لكنني أحب أن يكون لي رصيد عند الناس لهذا
لا مبرر لأن أقدم أدوارا لن تضيف لي شيئا.
·
مسلسل “وكالة عطية” الرمضاني تجربة خاصة
للمخرج رأفت الميهي، فكيف ترى تجربتك فيها؟
- رائعة بداية من رواية خيري شلبي إلى التعامل مع المخرج رأفت
الميهي وهو كاتب السيناريو أيضاً، والتصوير بكاميرا سينما، الشغل مع الميهي
ممتع فهو فنان مجنون وهي صفة تقربنا من بعضنا، والشخصية التي أمثلها
“الشوادفي” حارس الوكالة غنية جداً درامياً وتحتاج إلى مجهود كبير.
·
وماذا عن دورك في مسلسل “بنت من الزمن ده”؟
- ألعب دور أب أناني له ثلاث بنات وولد يتركهم في الشوارع
يبيعون أي شيء، ولا يهمه إلا مصلحته الشخصية، ورغم بشاعة الشخصية فإن فيها
لحظات إنسانية، بالنسبة لي هذا تحد لأقدم شخصية تمثل شراً واضحاً.
الخليج الإماراتية في 8
سبتمبر 2008
|