مرة أخرى
وربما ليست الأخيرة، يأتي مسلسل “في أيد أمينة” ليكرر نفس الحبكة
والشخصيات وربما الأخطاء أيضاً التي ظهرت طوال السنوات الماضية، حتى ان
التكرار يبدأ من العنوان، الذي يعتمد دائما على تلاعب لفظي، محوره اسم
البطل أو البطلة، عن طريق “لقاء على الهواء”، وبالطبع فإنك سوف تفهم منذ
اللحظة الأولى أن النجمة يسرا سوف تلعب شخصية تحمل اسم “أمينة”، سوف يدلل
معنى عنوان المسلسل واسم الشخصية على أن هذه المرأة قد بلغت ذروة الأمانة
والتفاني في عملها، أياً كان هذا العمل، حتى انها تقبل المخاطرة بكل شيء في
سبيل قضية عامة، على طريقة مسلسل “قضية رأي عام” أيضاً، وهو ما سوف يعرض
حياتها الخاصة للخطر. وهكذا فإن المسلسل يقول لك الكثير قبل أن يبدأ، ليس
بفضل براعته، وإنما لأنه مستنسخ من أعمال أخرى سابقة، ولأنه من بطولة يسرا
التي لا نشك لحظة في حضورها، وهو اليقين الذي دفع صناع المسلسل أيضاً خاصة
المنتجين والمخرج بأن يكتفوا في “التيتر” الأخير بلقطة واحدة ليسرا تمتد
عدة دقائق، تقف فيها متأملة النيل دون أن تفعل شيئا له علاقة بمحتوى
المسلسل.
وتلك هي
نقطة الضعف الأولى: اليقين في أن مجرد وجود يسرا سوف يضمن نجاح العمل، وأن
بقية العناصر الفنية مثل التأليف والإخراج يجب أن تكون في خدمة النجمة،
التي لا تلعب شخصية فنية بقدر ما تلعب شخصيتها الحقيقية، أو بالأحرى ما
تتمنى أن تكون عليه شخصيتها الحقيقية، في عيون الجماهير على الأقل، امرأة
قوية صلبة تدافع عن الحق، ومن أجله تخوض المخاطر، وتضحي بكل ما هو غال
ونفيس، وهنا نصل فوراً إلى نقطة الضعف الثانية: أنت أمام شخصية جاهزة، لا
تتكون درامياً من خلال مؤثرات مقنعة، فأنت لا تعرف ما الذي جعلها على هذا
النحو من الصلابة، بل الأهم هي أنها شخصية انتهى تكوينها الدرامي أيضا،
فليس هناك بشر أو أحداث يمكن أن تغيرها، بينما التغير هو العامل الدرامي
الأقوى تأثيراً، أو هو في حده الأدنى يجعلك متشوقاً إلى معرفة ما سوف يحدث
للبطلة وخائفاً عليها منه، وهكذا يضيع التشويق تماماً لأنك تكاد أن تتوقع
جمل حوارها وردود أفعالها، فهي “أمينة” التي لا تعرف الضعف أبداً.
وربما كان
صناع المسلسل يعرفون أن المتفرج سوف يفتقد عنصر التشويق لمعرفتهم السابقة
لما سوف تكون عليه الشخصية الرئيسية، فاستقرار رأي كاتبي السيناريو محمد
الصفتي وعادل مبارز، والمخرج محمد عزيزية، أن يبدأ المسلسل مع اللقطات
الأولى بأحداث عنيفة صاخبة، لعل ذلك يدفع المتفرج للتساؤل حول ما سوف تنتهي
إليه الأحداث، فهناك رجل أعمال يختطف أمينة ويأخذها مع حرسه إلى قصره،
والهدف هو تسليمها قرصاً مضغوطاً يحمل دليل براءته في قضية مبيدات مسرطنة
هو على وشك الإدانة فيها، وفجأة تنطلق الرصاصات من كل مكان، ويسقط الجميع
قتلى ما عدا أمينة التي تصاب بإصابة لن يكون لها أثر، وتلك بالطبع مصادفة
رغم غرابتها الشديدة مفهومة، لأنه لو ماتت البطلة من الحلقة الأولى فلن
يكون هناك مسلسل.
لكن ما لم
يدركه صناع المسلسل للأسف الشديد أن هذا التشويق المفتعل لن يثير فضول
المتفرج بقدر ما يثير استخفافه بما يراه منذ اللحظة الأولى، فهذا المشهد
الافتتاحي يحمل عشرات الأسئلة التي لن تجد لها إجابة، فأنت لن تعرف إذا ما
كان هذا الرجل رجل أعمال أم زعيم عصابة، يختطف رجاله البطلة معصوبة العينين
إلى ما يشبه الوكر، ليعطيها قرصاً مضغوطاً به معلومات مهمة، وبالطبع يضيع
ذلك القرص بسبب “العصابة” المنافسة، وكان يكفي الرجل أن يرسل لها هذا القرص
ويحتفظ بعشرات النسخ الاحتياطية له.
أما لماذا
أمينة بالذات، فذلك لأنها صحافية مشهورة بالوقوف إلى صف الحق، ضاربة عرض
الحائط بكل التوازنات، وإذا ما كان من حقنا أن نسأل إذا ما كان هذا
النموذج الأقرب إلى الصورة النسائية من جيمس بوند موجوداً حقاً في عالم
الصحافة، فإننا نصرف النظر عن ذلك لنتساءل عن علاقة هذه المهنة بما نراه
درامياً على الشاشة، فقد كان من الممكن أن تكون محامية مثلا، لكنها في كل
الأحوال هي المعادل المصري لمهنة “المخبر الخاص” في الأفلام الأمريكية،
وبقدر ما كانت الملامح العامة للبطلة مكررة، فإن ملامحها الخاصة تكون هي
ذاتها ما رأيناه في عشرات المسلسلات السابقة، فهي زوجة لرجل خائن (سيف
عبدالرحمن) على النقيض تماماً من أخلاقياتها، ورئيس التحرير (هشام سليم) في
الجريدة التي تعمل بها شخص انتهازي، وهي ابنة بارة لأمها الحنون (خيرية
أحمد)، وشقيقة مخلصة لشقيقتها المطلقة (جيهان فاضل) وهي زميلة شديدة
التفاني في علاقاتها بكل زملائها في الجريدة.
وإذا كنت
قد نسيت ما حدث لها في المشاهد الأولى من تعرضها للقتل، فهذا لأن صناع
المسلسل لم يجعلوها تتأثر بذلك على الإطلاق (ونحن دائما نتحدث عن الدراما
وأثرها في الشخصية)، لتستمر في نضالها ضد الفساد وبكل صوره، مما سوف يجعلها
تصادف رجل الأعمال الغامض (أسامة عباس) الذي يربت دائماً على رأس نمر محنط
بجانبه(!!)، والأهم هو لقاؤها بمدير أعماله (أيمن عزب) الشخصية الزئبقية،
وتقع في حبه ليستطرد المسلسل للقاءات بينهما في أماكن سياحية لا يعرف
المتفرج المصري أنها موجودة في مصر. وتسأل نفسك وسط هذا كله: أين الصراع
الرئيسي؟ إنه في تلك المرأة (نشوى مصطفى) الهائمة على وجهها في الشوارع،
والتي تتكرر مشاهدها في كل حلقة بنفس الجمل والأداء، تصرخ باحثة عن ابنها
المختطف، بينما الناس في الخلفية (في مواقع التصوير الحقيقية) يضحكون، وهو
الأمر الذي لم يلتفت له صناع المسلسل، ليس فقط لعدم إظهار تلك الاستجابة
المستهترة من الناس، وإنما أيضا لأن الأداء فيه مبالغة تبعث على السخرية
بدلا من الرثاء.
ويقود
البحث عن هذا الطفل الضائع بطلتنا إلى الدخول في مغامرات على طريقة نادية
الجندي، فتدخل أحد الأحياء “المتخصصة” في سكنى الشحاذين والنصابين وبنات
الليل، وتضطر بالطبع إلى التنكر المتقن في شخصية امرأة يسكن أبوها هذا
الحي، ومرة أخرى إذا كان من حقنا أن نتساءل حول الإمكانات التمثيلية
الفائقة لهذه “الصحافية”، فإننا نتساءل من أين أتت بالملابس والإكسسوار،
وحتى “الكومبارس” الذين يساعدونها في مهمتها المستحيلة المحفوفة بالمخاطر.
وهكذا يمضي المسلسل من نمرة إلى نمرة أخرى، دون أي خط درامي يربط هذه النمر
جميعا سوى وجود يسرا، التي تضيع وسط عشرات الخيوط الفرعية والاستطرادية
التي لا تصب في أي خط رئيسي، وهذا بالطبع أمر يلازم مسلسلات الثلاثين حلقة
أو تزيد، يضطر صناعها لحشوها في الأغلب بكل ما يتفتق عنه ذهنهم من اصطناع
للأحداث والشخصيات، لقد ظهر حي الشحاذين في المسلسل شبيهاً بالأفلام
المأخوذة من روايات تشارلز ديكنز، لكنه يقول لك إن المسلسل يهتم بالأطفال
لأنهم “المستقبل” وهو قول مائع فاتر وإن يكن متداولاً، فهؤلاء الأطفال هم
“الحاضر” الذي نعيش فيه، لكن كيف نلتفت إلى الحاضر بينما نتسلى بظهور يسرا
كل يوم وهي تطمئننا على أن كل شيء “في أيد أمينة”؟!
الخليج الإماراتية في 27
سبتمبر 2008
ظهرت بشكل مختلف في “قصة
الأمس”
ميرنا وليد: فضّلت التلفزيون على السينما
التافهة
القاهرة
-
حسام عباس:
أطلت
الفنانة الشابة ميرنا وليد خلال شهر رمضان هذا العام بدور بطولة مهم في
مسلسل “قصة الأمس” مع النجمة إلهام شاهين والمخرجة إنعام محمد علي أكثر
المخرجات حماسة لها في ساحة الفن، كما قدمت دورا مهما في مسلسل “علي مبارك”
مع الفنان كمال أبو رية، وهي من الوجوه التي أثبتت موهبتها وجدارتها
ببطولات مهمة في مشوارها، لكن نجوميتها محصورة في التلفزيون بعدما كانت
بدايتها سينمائية، ولديها مشروع غنائي قديم نتحدث عنه في هذا اللقاء معها
وحول جديدها في مجالات الفن المختلفة.
أعمل في
الفن بمنطق الهواية
·
ماذا أغراك في مسلسل “قصة الأمس”؟
يكفي أنه
مع المخرجة إنعام محمد علي التي تثق بموهبتي وقدراتي ودائما تمنحني أدوارا
قوية ومهمة، والدور بطولة مهمة في مسلسل كبير مع نجمة بحجم إلهام شاهين
والنجم مصطفى فهمي والورق للكاتب الرائع محمد جلال عبد القوي وهكذا تجد في
العمل كل عوامل الإغراء.
·
هل ترين أن إنعام محمد علي قدمتك هذه المرة
بشكل مختلف؟
شخصية
“ميرفت” في المسلسل جديدة عليّ في كل تفاصيلها وتعتمد على المشاعر،
والموضوع اجتماعي يمس كثيرا من البيوت في مصر والوطن العربي وإنعام محمد
علي تختارني دائما لأدوار مختلفة ولا أكرر نفسي معها.
·
هل أسعدك عرض المسلسل على القناة الأولى
الأرضية؟
بكل تأكيد
لأن هذا شهادة بأن المسلسل جيد ومميز ويصل إلى جمهور كبير في كل مكان في
مصر والجميل أنه عرض على قنوات فضائية في توقيتات مميزة وردود الفعل جيدة،
والغريب أني في أعوام أخرى كنت أقدم 3 أو 4 أعمال ولا يعرض منها أي عمل في
توقيت مميز في رمضان.
·
كيف كان العمل مع إلهام شاهين؟
إلهام
نجمة كبيرة ولها حضورها ومجتهدة جدا وتعمل بحب وكنت سعيدة بالعمل معها رغم
أننا في الأحداث نرتبط برجل واحد ونتنافس عليه.
·
ما تقييمك لمسلسل “قصة الأمس” بعيدا عن كونك
في فريق عمله؟
هو مسلسل
اجتماعي بسيط يناقش قضية مهمة موجودة في كثير من البيوت وهي الصراع على
المادة والمال على حساب الترابط الأسري والحب والعاطفة وحرصت المخرجة إنعام
محمد علي أن تناقش القضية بشكل رومانسي يعتمد على المشاعر والأحاسيس،
وللحوار دور مهم والجميل في المسلسل أنه يخرج عن الإطار الطبقي ويدور بين
مصر والكويت.
·
يعرض لك في رمضان أيضا مسلسل “علي مبارك” مع
كمال أبو رية ما تقييمك للتجربة؟
العمل
نوعية مختلفة من الدراما فهو عمل تاريخي يقدم شخصية علي مبارك من خلال
المرحلة التاريخية التي عاشها، وأقدم شخصية “ملك” زوجة الخديو التي ترفض
تعدد الزوجات لأنها تفكر بمنطق مختلف لأنها عاشت في أوروبا وتحديدا في
فرنسا، وأنا سعيدة بالشخصية لأنها تختلف تماما عن كل ما قدمت، كما أنها
تختلف في الشكل والتفاصيل، بل العمل كله لأنه نوعية مختلفة.
·
هل أنت مختلفة مع إنعام محمد علي عن أي مخرج
آخر؟
أنا
محظوظة لأنها تثق بي وسعيدة بالعمل معها في كل مسلسلاتها منذ تجربة “أم
كلثوم” وبعد ذلك في “قاسم أمين” و”مباراة زوجية” وأعمالي معها هي أفضل ما
قدمته في كل الأحوال وعلى كل المستويات.
·
ماذا عن السينما التي كانت بدايتك خلالها فهل
أسقطتها من حساباتك؟
لا يمكن
لأي فنان أن يسقط السينما من حساباته لكن الفكرة أني ابتعدت عنها لسنوات
طويلة بعد أن كانت البداية قوية خلال فيلمي “الراعي والنساء” مع سعاد حسني
ويسرا وأحمد زكي والمخرج علي بدرخان و”ديسكو ديسكو” مع نجلاء فتحي ومحمود
حميدة للمخرجة إيناس الدغيدي.
·
وماذا يمنعك من السينما؟
كما قلت
البداية قوية وبعد ذلك اتجهت لدراسة السينما وحصلت على بطولات مهمة في
التلفزيون بداية من “ذئاب الجبل” وتوالت الأعمال وكان ما يعرض علي في
السينما أقل مما قدمته ولا يليق بي لذلك رفضت أن أتراجع وفضلت التلفزيون عن
السينما التافهة.
·
ألا تغريك السينما الحالية؟
هناك
أجيال جديدة من النجوم والنجمات والكتاب والمخرجين وهذا جميل وهناك أفلام
تعجبني وأتمنى أن أجد الفرصة الجيدة التي أعود بها لأني مشتاقة للسينما.
·
هل أنت راضية عن مكانتك في الفن بعد هذه
السنوات؟
الحمد لله
أنا راضية عن أعمالي ورصيدي ومدى القرب بيني وبين الجمهور في الشارع، لكني
أعرف أنه كان يمكن أن أكون في وضع أفضل ولكني أعمل بالفن بمنطق الهواية
وأحب بيتي ولا أرتبط “بشلة” معينة وعلاقاتي محدودة وتقتصر على علاقات العمل
ولا أسعى وراء منتج أو أي جهة بل أعمالي هي التي ترشحني لكل فرصة جديدة
ونادرا ما تجدني في سهرة أو احتفالية غير فنية.
·
ولماذا تعطل مشروعك الغنائي بعدما كنت اقتربت
من إصدار ألبوك الأول؟
بالفعل
انتهيت من تسجيل جميع أغنيات الألبوم وصورت إحدى أغنياته ولأني أنتجته على
نفقتي كنت أبحث عن شركة توزيع ووجدت العروض ضعيفة ولا تكفي ما أنفقته فتم
تأجيل طرح الألبوم.
·
وماذا عن أحلامك الخاصة؟
أنا مثل
كل فتاة أتمنى أن أجد الإنسان الذي يحبني وأبني معه بيتاً وأسرة فأنا أحب
الاستقرار وأحب الأطفال.
الخليج الإماراتية في 26
سبتمبر 2008
|