لا تكمن
مشكلة الجزء الثاني من مسلسل نور الشريف في تشتّت الأحداث، وعودة الموتى،
وخيانة الجميع للبطل... بل في إصرار صنّاعه على تقديم موسم ثالث
أطلقت
قناة «بانوراما دراما» مسابقة يومية لمسلسل «الدالي»، تطلب فيها من الجمهور
توقُّع أحداث الحلقة التالية قبل عرضها. ليس هذا فحسب، بل قدمت المحطة إلى
هواة الدراما البوليسية فرصة الاستمتاع بخمس دقائق من الحلقة المقبلة، عبر
خدمة الهاتف المحمول... استثمارات «بانورما دراما» جاءت متماشية مع التدهور
الملحوظ لمستوى المسلسل الذي حقّق جاذبية خاصة في جزئه الأول العام الماضي.
وفيما كان من المنتظر أن يستكمل سعد الدالي رحلة الانتقام ممن اغتالوا ابنه
وحرقوا شركاته، دخلت أحداث الموسم الجديد في متاهات، من الممكن أن يكون
أبطال المسلسل أنفسهم لا يعرفونها كاملةً. على رغم ذلك، ما زال نور الشريف،
ومعه المنتج محمد فوزي والمخرج يوسف شرف الدين والمؤلف وليد يوسف مصرّين
على إنتاج جزء ثالث بل ورابع أيضاً. وكأن الأهم بالنسبة إلى هؤلاء، هو ضمان
اسم ناجح، يؤمّن استمراراً على الشاشة لعامين آخرين، عوض البحث عن عمل
جديد. «الدالي ـ الجزء الثاني»، سقط في متاهات درامية لا حصر لها، وتحول
إلى ما يشبه فوازير رمضان. لذا، لم يكن غريباً أن تستغل «بانوراما دراما»
هذه الثغرة، وتدفع بالجمهور إلى توقع الأحداث للفوز بجوائز قيمة. ذلك أن
لحظات التشويق وإطلاق مفاجأة واحدة على الأقل في كل حلقة، باتا الشغل
الشاغل لمؤلف العمل. حتى القضايا التي شهدها المجتمع المصري في الثمانينيات
أدخلها وليد يوسف في نسيج درامي خاص يحمل علامة «الدالي» المسجلة. والهدف؟
الإفادة منها في زيادة المفاجآت وإطالة الأحداث، حتى يتمكن المؤلف من تقديم
جزء ثالث.
من هنا
أيضاً، نفى يوسف في حوارات صحافية بداية رمضان، ما تردد بين الناس عن
احتمال عودة خالد الدالي إلى الحياة مرة أخرى، بعدما تأكد سعد الدالي من
وفاته عبر وثائق أرسلت إليه من المافيا، وكان ذلك في الحلقة الرابعة... ثم
فجأة، «انبعث» خالد الدالي في الحلقة الثالثة والعشرين من جديد، إنما
بشخصية أحمد الوزان، صاحب إحدى شركات توظيف الأموال الإسلامية التي انتشرت
في تلك الحقبة. بالتالي، أعاد المؤلف هذه الشخصية إلى الحياة، ولفت
الانتباه إلى تلك الشركات، ضارباً عصفورين بحجر واحد. وذلك، على رغم أن هذه
الشركات لم تنشأ آنذاك بناءً على تخطيط المافيا، حتى لو صدّق المشاهد ما
يجري في المسلسل الذي بات خالد الدالي شخصية رئيسية فيه. وإذا طبقنا
النموذج السابق على باقي الشخصيات، وخصوصاً المستمرة من الجزء الأول،
فسنطرح عشرات علامات الاستفهام الأخرى: أولاها، كيف نسي الجميع الثأر للابن
المتوفّى. صحيحٌ أن سعد الدالي عرف في نهاية الجزء الأول أن ابن عمّه فوزي
ساعد «المافيا» على التخطيط للجريمة، وأخفى الخبر عن الأسرة... لكن العائلة
التي لا تعرف الخبر، لم تعد تسأل مجدّداً مَن قتل «حسام الدالي»؟.
أما
بالنسبة إلى علامةالاستفهام الثانية، فكيف تتزوج هبة الدالي سراً، وتصاب
بانهيار نفسي نتيجة تسبّبها في جريمة «الحريق»، ولا يكتشف «الدالي الكبير»
وزوجته الأمر إلا متأخراً، فيما هو يراقب بدقة ألدّ أعدائه؟
أما
العلامة الثالثة، فمن الصعب أن يصدّق المشاهد مدى تفرّغ رجل المافيا (عزت
أبو عوف) لجمع كل المعلومات عن جميع أفراد أسرة الدالي ليستخدمها ضد
«الدالي الكبير» في مهمة القضاء عليه اقتصادياً. وقد وصل الأمر برجل
المافيا إلى حصوله على تحليل طبي لباسم الدالي، يثبت أنه غير قادر على
الإنجاب. وحينها، يجنّد «الزوج السري» لهبة الدالي حتى يذهب بالتحليل إلى
زوجة باسم، فيشعل النيران داخل القصر الكبير. وإذا صدقنا كل ما سبق، فإنه
يصعب علينا الاقتناع بالتحوّل المفاجئ في شخصية أدهم فارس، الصحافي اليساري
وصاحب المبادئ. إذ ينجح مساعده الفاسد في إقناعه بخيانة سعد الدالي وتحقيق
الملايين خلال فترة زمنية وجيزة. حتى العلاقة الوحيدة القوية في المسلسل
بين «الدالي الكبير» وزوجته ألفت، ضربها المؤلف عندما وقع الطلاق بينهما،
نتيجة غضب الدالي مما وصلت إليه حالة ابنته هبة، متهماً الأم بالتقصير
وإهمال واجباتها. وذلك على الرغم من أنه هو من طلب من زوجته الترشّح إلى
مجلس الشعب. وفيما تنتهي أحداث الجزء الثاني بعد أيام، لا شك أن المفاجآت
ستستمر حتى نهاية الجزء الثالث في رمضان 2009!
الأخبار اللبنانية في 26
سبتمبر 2008
|