تتعامل
الفضائيات العربية مع رمضان بشكل مختلف عن غيره من الأشهر، وتتضمن خريطتها
مئات الأعمال المكلفة التي أنتجتها الشركات وتعرض يومياً، فالمشاهد يجد
نفسه أمام كم هائل من الدراما والبرامج الترفيهية والدينية، وعليه أن يختار
بعضها لمشاهدته، مع الأخذ بعين الاعتبار تقاطع عرض أكثر من برنامج في وقت
واحد. كيف يوزع المشاهد ساعات مشاهدته على هذه البرامج؟ وما نوعية البرامج
التي يتابعها وتلك التي توقف عن مشاهدتها؟ وما تأثير التلفزيون في التواصل
الاجتماعي؟ للإجابة عن هذه التساؤلات كان التحقيق التالي:
يزن جهاد
جدعة (22 عاماً) ويعمل موظفاً، يشاهد يومياً التلفزيون من ساعتين إلى ثلاث
ساعات، يتابع خلالها مسلسلات وبرامج مسابقات، ويقول: أتابع مسلسلي “باب
الحارة” و”بقعة ضوء” وهناك مسلسلات لا أستطيع متابعتها مثل “أبو جعفر
المنصور” لأن وقت عرضها يكون متأخراً ولدي عمل في الصباح، كما أن كثرة
المسلسلات قلصت خياراتي في المشاهدة بشكل كبير، لذا أكتفي بمتابعة
المسلسلين لأني تابعت الأجزاء السابقة منها ووجدتها ناجحة.
شقيقه
رامي جدعة (25 عاماً) لديه نفس الاتجاهات في المتابعة كونهما يعيشان سوياً،
وهذا لا يخلق أي مشكلة لأن أذواقهما متشابهة، فهما يفضلان عموما المسلسلات
السورية، لكنه لا يرى أن كثرة المسلسلات والبرامج في رمضان قلصت خياراته أو
خيارات أي مشاهد، لأن كل شخص حدد مسبقاً ما الذي سيتابعه. ويضيف: لا أستطيع
متابعة كل ما أريده لأني أعود من عملي الساعة الخامسة مساء، فأتابع “بقعة
ضوء” قبل الفطور و”باب الحارة” عندما أعود من مشواري اليومي مع أصدقائي،
لذا التواصل الاجتماعي بالنسبة لي لم يتأثر بالبرامج، لكنه أصيب بضربة
كبيرة لدى النساء حسب اعتقادي.
حمد
البلوشي (18 عاماً) يتابع يومياً البرامج من ثلاث إلى ست ساعات، وتتوزع هذه
الساعات على المسلسلات البدوية وفي مقدمتها “صراع الرمال” و”بيني وبينك”
و”حاير طاير” و”أم خماس”.
يقول:
أتمنى لو أستطيع متابعة مسلسل “أسمهان” لو أتيح لي الوقت، لكن بعد رمضان
ستعاد كل المسلسلات وسأتابع الناجحة منها التي لم أشاهدها في رمضان، لكن
حتى الآن أنا غير نادم على اختياري متابعة هذه المسلسلات لأنها تمثل بيئتي.
ويضيف: لا أتابع برامج أخرى غير المسلسلات باستثناء بعض البرامج الترفيهية
والمسابقات مصادفة، مثلاً عندما أكون جالسا مع صديق أو بعد الإفطار مباشرة.
اسماعيل
ناصر (22 عاماً) ويعمل موظفاً، يقول: لا أتابع البرامج بشكل كبير في رمضان،
ولم أغير عاداتي لأتأقلم مع الساعات المكثفة للبرامج على كل فضائية، ولا
أتابع أي مسلسل باستثناء حلقة أو حلقتين من “باب الحارة”، وعدا ذلك أتابع
“أم خماس” و”فريج” و”شعبية الكرتون” بشكل يومي، ولو كان لدي الوقت الكافي
لتابعت عدة مسلسلات مثل “أبو جعفر المنصور”، لكن المشكلة إضافة إلى ضيق
الوقت فإن كثرة المسلسلات تشتت الذهن وتقلص الاختيارات، وغالبية المسلسلات
لا يراعى في عرضها أي وقت مثل وقت صلاة التراويح أو تبث في وقت متأخر ليلاً
وكأن الناس لا عمل لهم سوى متابعتها. والتواصل الاجتماعي تراجع كثيراً في
هذا الشهر، وهذه من سلبيات متابعة البرامج التلفزيونية.
حيرة
بان
الهاشمي، تتابع البرامج التلفزيونية ثلاث ساعات في اليوم تقريباً، وتوزع
هذا الوقت بين البرامج الدينية مثل “خواطر” على “إم بي سي”، والمسلسلات في
مقدمتها المسلسل العراقي “الباشا” و”كلمة حق” و”أسمهان”، إضافة إلى برنامج
الكاميرا الخفية “خليك كوول”.
وتضيف:
هناك مسلسلات أعرف أنها ناجحة لكن الوقت لا يسمح لي بمتابعتها مثل “بعد
الفراق” والمسلسل التركي “دموع الورد”، وكثرة المسلسلات تحيرني كثيراً، ففي
الوقت الذي يعرض فيه “الباشا” هناك مسلسلات كثيرة أخرى سمعت بها. وتوقفت عن
متابعة “في أيد أمينة” لأنها تعرض في نفس توقيت “الباشا”.
ويتابع
شريف محمد إبراهيم (18 عاماً): من البرامج الدينية “قصص القرآن” لعمرو
خالد، لكن ليس بشكل يومي بسبب خروجه مع أصدقائه وقت عرضه أحياناً، ومن
المسلسلات يتابع “باب الحارة” لأن طريقة التعامل في ذلك الزمن تشده إلى
المسلسل، إضافة أن هناك إجماعاً عائلياً على متابعته. ويقول أحيانا أتابع
“بعد الفراق” و”راجل وست ستات” ومن البرامج الترفيهية “سوبر هنيدي”، وهناك
مسلسلات توقفت عن متابعتها بسبب عرضها في وقت متأخر مثل “بعد الفراق”. وإذا
قمت بمتابعة كل ما أرغب فسأخسر ربما التواصل الاجتماعي مع أصدقائي وهو أهم
من متعتي التلفزيونية.
سامر خليل
(23 عاماً) ويعمل موظفاً، لا يشاهد سوى بعض البرامج الترفيهية مثل “شعبية
الكرتون” والبرامج الرياضية، لأن متابعة المسلسلات، كما يقول، تحتاج إلى
وضع برنامج يومي، في حين أنه لا يملك الوقت. ولو توفر له الوقت سيشاهد
“صراع على الرمال” الذي يعرض في توقيت متأخر جداً، وباعتبار أن هذه هي
السنة الأولى لعمله، يخشى سامر أن تأخذ المسلسلات جزءا من اهتمامه بالعمل.
ويضيف: التواصل الاجتماعي في رمضان أصبح من باب رفع العتب والواجب على مضض
نتيجة اختلاف أذواق الناس في متابعة البرامج التي يريدونها، لذا نجد أن
الكثير من العائلات تفضل البقاء في منازلها.
تحسن
هدى سالم
(20 عاماً) طالبة جامعية، ترى أن خيارات المشاهدة لديها تحسنت بسبب كثرة
المسلسلات والبرامج الناجحة لأن كل البرامج كانت معروفة قبل عرضها بسبب
الحملة الإعلانية الكبيرة التي رافقتها، وتضيف: لا أتابع الكثير من البرامج
باستثناء الكرتون وبعض المسلسلات، مثل “شعبية الكرتون” و”أبله نوره”
و”فريج”. ولم تؤثر البرامج في التواصل الاجتماعي بالنسبة لي لأن الوقت
المخصص للمتابعة لدي قصير نسبياً.
وتوزع
مريم عبدالله (24 عاماً) ساعات مشاهدتها على البرامج الدينية مثل “منشد
الشارقة” و”بيني وبينكم”، ومن المسلسلات لا تتابع سوى “صراع على الرمال”،
والمسلسل الكرتوني “فريج”.
وتقول:
توقفت عن مشاهدة بعض المسلسلات مثل “نص درزن” و”الخطابة” بسبب مضمونها الذي
يميل إلى عرض جميع مشكلات المجتمع ضمن عائلة واحدة وضمن محيط معين من دون
مراعاة للأجواء الرمضانية أو العادات والتقاليد، بالإضافة أن بعض المسلسلات
خالية من المضمون وتجنح للمغالاة في الطرح. كما أن الخارطة المكثفة لكل
قناة أثرت سلبا في التواصل الاجتماعي، ولو قمنا بتقنين متابعة التلفزيون في
المنازل ستزداد الأوقات التي سيقضيها الناس مع بعضهم البعض.
سيلفا
أوسي (27 عاماً) تقضي يومياً من ثلاث إلى ست ساعات في متابعة البرامج
التلفزيونية ومعظمها تذهب للمسلسلات السورية وهي حسب الترتيب “بقعة ضوء،”
و”أسمهان”، و”ليل ورجال”، و”ليل الثعالب”، ورغم ذلك فإن تضارب المواعيد بين
المسلسلات يحرمها من متابعة المسلسل السوري “أهل الراية”. وتضيف: تقلصت
الخيارات بسبب كثرة المسلسلات ولم يعد بالإمكان التأكد ما إذا كان المسلسل
الذي أتابعه هو الخيار الصحيح، وهذا الأمر أثر بشكل كبير على التواصل
الاجتماعي أيضا في رمضان الذي من المفروض أن يكون شهر التواصل والمحبة.
وليد سامر
(18 عاماً) يقول: أتابع كل المسلسلات الكبيرة التي سمعت عنها مسبقاً، وهي
“صراع على الرمال”، و”زهرة النرجس”، و”ليس سرابا”، و”عرب لندن”، كما أتابع
المسلسل الخليجي “فضة قلبها أبيض”، وكل مسلسل له طابع خاص، لذا فإن كثرة
المسلسلات يزيد من الخيارات بالنسبة للمشاهد أيضاً.
اضطرار
محمود أبو
سعد (17 عاماً) يشاهد بعض الأعمال مضطراً لأن الأهل يريدونها، مثل
المسلسلات الاجتماعية، لكنه ينتظر فقط “باب الحارة” لأنه يقدم، كما يرى،
نموذجاً للرجل العربي.
ويضيف:
أحب مشاهدة “صراع على الرمال” لكنه يعرض في وقت متأخر ولا أحب أن أتابع
الحلقات المعادة، وفي رمضان يكون البقاء في المنزل للمشاهدة شيئاً جيداً
على عكس الأشهر الأخرى التي نبحث فيها عن طريقة للخروج من المنزل.
إغلاق
الهواتف
هناك
كثيرون لا يرتبطون بالمواد التلفزيونية الرمضانية ويشاهدون بعضها مصادفة
ومنهم إبراهيم جمال الدين (26 عاماً) ويعمل في شركة إلكترونيات، يقول: لم
تتغير الساعات التي أشاهد فيها التلفزيون قبل وأثناء رمضان، في وقت الفراغ
أتابع ما أجده مناسباً ومفيداً، لكن المهم بالنسبة لي أن لا أتعلق
بالمسلسلات بحيث يترك ذلك تأثيراً سلبياً إذا فاتتني حلقة وهو ما أجده لدى
الكثيرين. ويضيف: أتابع البرامج الدينية وفي مقدمتها “قصص القرآن” لعمرو
خالد، ومن المسلسلات “قمر بني هاشم” إذا أتيح لي ذلك، المهم هو أن نواصل
عملنا، وللأسف يقوم الكثير من الشباب بإغلاق هواتفهم أثناء عرض مسلسلات
معينة وهذا دليل على أن نجاح المسلسلات يأتي على حساب صلة الرحم والأصدقاء
وأداء العبادات.
ويقول عمر
الحديثي (32 عاماً): أتابع برامج قليلة وهي برامج توعوية إضافة إلى مسلسلات
توثق لمرحلة تاريخية مثل “الباشا” التي تتحدث عن فترة نوري السعيد في
العراق أو “ناصر” حول الرئيس جمال عبد الناصر، لكن للأسف لم تعد الاتجاهات
الفكرية هي التي توجه لمتابعة البرامج وخاصة المسلسلات، فالكثير منها تروج
لعادات سيئة لكن الجمهور يقبل على متابعتها، ويمكن القول إن الفضائيات
أصبحت فوق التوجيه وباتت توجه المجتمع.
صحيح أن
البرامج الجادة والمسلسلات الجادة موجودة هي الأخرى، لكن ينبغي على
القائمين على الفضائيات التحلي بالمسؤولية تجاه العادات التي يروج لها بعض
المسلسلات الاجتماعية.
الخليج الإماراتية في 24
سبتمبر 2008
|