فى فيلم
من الأفلام العربية وهو"إسماعيل ياسين فى الطيران" ظهر هذا الممثل وهو يؤدى
دور كومبارس بديل يضرب فى مكان البطل، ويتكرر ذلك فى عدة مشاهد على سبيل
الإضحاك، ولكى يضمن الفيلم تعاطف الجمهور مع هذه الشخصية "اسماعيل ياسين"
ويكون ذلك باعثا ومحركا للدخول فى الطيران الحربي. لقد انتج هذا الفيلم عام
1955 وهو للمخرج فطين عبد الوهاب، وقد ظهر المخرج يوسف شاهين فى دور المخرج
الذى يطلب اعادة مشهد السلالم أكثر من مرة، وفى كل مرة يتكرر الضرب وبقسوة
أشد.
صناعة
قائمة
لم يكن
الهدف من اختيار يوسف شاهين، إلا أن يكون صاحب الدور مخرجا فعليا وهذا ما
تكرر أيضا من محمد خان وخيرى بشارة وغيرهم.
لكن الأمر
بالنسبة إلى المخرج يوسف له وضعية مختلفة، فهذا الدور يحقق له طموحا مركبا
ظل يراوده لفترة طويلة، طموح أن يكون ممثلا ويعمل فى السينما، وفى الأفلام
الغنائية الراقصة على وجه التحديد.
ولكن
لاعتبارات كثيرة، أهمها طبيعة التكوين الجسمانى بشكل عام، واختيار النجوم
على نسق معين وبمواصفات لا تتوفر فى يوسف شاهين وعدم وجود المخرج الذى يقبل
به ممثلا، كل ذلك كان سببا دافعا له للتركيز على الاخراج، ولا سيما بعد
السفر الى أمريكا والدراسة والتدريب فى معهد "باسيدينا"، حيث يبقى المخرج
نجما وراء الكاميرا، بل هو الذى يصنع النجم. إنها نجومية بطريقة أخرى
مختلفة.
ولكن لم
يستطع هذا المخرج ان يتعامل مع صناعة السينما القائمة، الا بحسب ما تفرضه
من شروط، ورغم ذلك، فإن الفيلم الأول للمخرج "بابا أمين = 1950" قد جاء
مختلفا فى موضوعه، محتفظا بالنجوم الذين يتطلبهم السوق وبالتالى سوف نجد فى
الفيلم أسماء مثل فاتن حمامة وكمال الشناوى وحسين رياض وفريد شوقى وغيرهم.
اما
الفيلم الثانى "ابن النيل – 1951" فقد سار على نفس المنوال، مع اضافة جديدة
للمثل شكرى سرحان والذى كا نجما متواضعا ليتحول الى بطل له خصوصية معينة،
يسنده كل من يحيى شاهين وفاتن حمامة.
متطلبات
الإنتاج
ان
التعامل مع النجوم التقليديين قد استمر فى باقى اشرطة يوسف شاهين حيث تبقى
متطلبات الانتاج هى المتحكمة فى الاختيار ولهذا كان التعامل مع يوسف وهبى
فى "المهرج الكبير 1952"– والتعامل مع ليلى مراد فى "سيرة القطار – 1952"–
ثم فيلم "نساء بلا رجال – 1953" والذى اجتمع فيه كل من عماد حمدى وهدى
سلطان وكمال الشناوى وزينات صدقي، إلا أننا سوف نلحظ أول ظهور للمخرج فى
أفلامه من خلال دور صغير، وهذا يمكن أن ينظر إليه على أنه مسألة عابرة،
فأكثر من مخرج يظهر فى أفلامه فى لقطة جانبية، إلا أن يوسف شاهين يختار
لنفسه دورا فى الفيلم، وهذا ما سوف يتكرر بعد ذلك بطرق مختلفة.
وجوه
جديدة
فى عام
1954 قدم يوسف شاهين وجها جديدا، كان قد تعرف عليه أثناء الدراسة فى كلية
فيكتوريا بالاسكندرية، وعملية البحث عن الممثل الجديد ليست هاجسا بالنسبة
إلى كل المخرجين، بل نجد أن أهم المخرجين فى السينما المصرية يستهلكون
النجوم التقليديين ومن النادر أن يجازف أحدهم بتقديم الوجوه الجديدة، وهذا
ما حدث مع صلاح أبو سيف مثلا، وكذلك كمال الشيخ ونيازى مصطفى، وهم جميعا
يركزون على النجوم بدرجات متفاوتة، ومع بعض الاختلافات بالنسبة إلى المخرج
حسن الإمام، وقضية اكتشاف الوجوه الجديدة يمكن أن تنسب الى أصحاب شركات
الانتاج الذين يبحثون عن المغاير كما حدث لاحقا مع المنتج رمسيس نجيب.
لقد جاء
فيلم "صراع فى الوادى – 1954" مختلفا بالنسبة ليوسف شاهين، لأنه يشير الى
الصراع الاجتماعى فى الريف بين الفلاحين والباشاوات، واذا كان الرهان على
ممثل جديد وهو عمر الشريف، فإن هناك أسماء تقليدية راسخة، كانت حاضرة وعلى
رأس هؤلاء زكى رستم وفاتن حمامة وفريد شوقى وعبد الوارث عسر. وبالطبع يجسد
الفيلم صراعا دراميا عائليا، مع توفر عنصر المكان المختلف، والذى اضاف
للفيلم أبعادا جديدة غير معتادة.
عملية
تعويض
كان البحث
عن الممثل فى داخل يوسف شاهين هو الهاجس، وكانت صورة الممثل الجديد هى
التعويض لنجومية التمثيل والتى تكاد أن تفر من بين يديه، وحتى فى ظل
الاخراج، فإن يوسف شاهين دائم البحث عن الممثل، ثانى أفلام عمر الشريف كان
بعنوان "شيطان الصحراء 1954" وهو من أفلام المغامرات الصحراوية البدوية
التى لم يكررها يوسف شاهين، ومثل هذه الأفلام كانت منتشرة وتلقى اقبالا
جماهيريا واسعا، أما بالنسبة للمخرج، فإن الأمر يبدو وكأنه تأثر بأفلام
أمريكية، اختارت الفارس العربى نموذجا لها، وهو تأثر كانت له سوابق فى
الأفلام الاولى للمخرج، كما فى فيلم "ابن النيل" المقتبس عن شريط امريكي،
وربما ايضا "بابا امين" الغريب من نوعه.
العرب أنلاين في 7
أغسطس 2008
|