التاريخ
لا يسجل دائماً إلا أسماء المخلصين لتراب هذا الوطن.. دعك من "الطنطنة"
و"الجعجعة" الفارغة التي يمتلئ بها الجو أحياناً فتثير في الجو الأدخنة
والأتربة والصرخات المدوية.. ضوء الحقيقة سرعان ماينجلي ليشق هذا الغبار..
تجلت هذه المعاني وأنا اتابع جنازة المخرج الكبير يوسف شاهين.
الراحل
كان أشبه بالكتاب المفتوح ولكن من منا كان يستطيع قراءته.. التقيته في
بدايات مشواري الصحفي ووجدته كما رأيته علي الشاشة الفضية ممثلاً..
ومخرجاً.. عبقرياً متقد الذهن حاضر البديهة يفكر بسرعة مليون فكرة في
الثانية حتيِ يعجز لسانه عن اللحاق بأفكاره فكانت تظهر هذه "التهتهة"
الجميلة الجذابة احياناً.
في هذا
اليوم الذي ودعنا فيه هذه العبقرية المصرية وجدت أفكاري تحاصرني في "عدسة
زووم" علي واحد من أمجد أعمال يوسف شاهين وهو "الناصر صلاح الدين".
كيف
لمسيحي مثل شاهين أن يقدم علي هذا العمل الذي يمجد أحد عظماء التاريخ
الإسلامي.. كيف خطط لهذا العمل السينمائي الضخم وكيف نفذه علي أفضل صوره
ليقدم القائد المسلم الذي يواجه "الغرب" بكل جبروته ولا يمتلك بين يديه سوي
إيمانه بقدره.. وعروبته!!
لو قارنا
ما فعله شاهين من تبجيل لعظمة هذا القائد المسلم ومايفعله شخص آخر يدعي
"مايكل" الذي كرس حياته لاستعداء الغرب علي بلاده ومنبت رأسه لا لشيء إلا
لغرض دنيوي رخيص.
لو أدركنا
هذه المقارنة بين مافعله شاهين ومايفعله المدعو "مايكل" لأدركنا لماذا كانت
جنازة شاهين محاطة بكل هذا الحب والتقدير والإجلال من مختلف ألوان الطيف
السياسي والديني ولأدركنا أن "الفتنة الطائفية" التي يتحدث البعض عنها ماهي
إلا مجرد "سبوبة" يتاجرون بها!!
يوسف
شاهين سيبقي دائماً في ضمير وعقل امته "مسلمين ومسيحيين" فقد عاش بيننا حتي
الرمق الأخير ولم نسأل أنفسنا يوماً: هل كان مسلماً.. أم مسيحياً.. كل
ماكنا نعرفه ونلمسه هو انه يهيم حباً وعشقاً لتراب هذا الوطن الذي يجمعنا
تحت لوائه.
** طق حنك
:
الذين
يقيمون الدنيا ولا يقعدونها عند مناقشة قانون المرور الجديد.. هم أنفسهم
أول من يولولون ويصرخون عند وقوع أي كارثة!!!
Fathy-Abd-Elmaksood@yahoo.com
الجمهورية المصرية في 5
أغسطس 2008
|