بحث عن
"بابا أمين" وكان معه "ابن النيل" و"المهرج الكبير" حين التقى بـ "سيدة
القطار" ليعرف أن هناك "نساء بلا رجال" ودخل فى "صراع فى الوادي" و"المينا"
مع "شيطان الصحراء" وفر إلى "باب الحديد" حيث جلست "جميلة" "بين أيديك"
تحلم بـ "نداء العشاق" على "رجل فى حياتي" اسمه "صلاح الدين" كان يوما
"بياع الخواتم" حتى "فجر يوم جديد" اهتزت به "الأرض" وأصبح "الاختيار" بين
"الناس والنيل" فى يد "العصفور" الذى يحلم بـ "عودة الابن الضال" فى "حدوتة
مصرية" انتهت فى "اليوم السادس" يوم كانت "القاهرة منورة بأهلها" وصرخ
"المهاجر" فى "الآخر" "سكوت هنصور" وليس كما يتصور البعض "هى فوضي".
لا جدال
أن يوسف شاهين كان وسيظل حتى فترة طويلة قادمة أهم مخرجى السينما العربية
ولا نعنى بذلك التقليل من شأن الآخرين ولكنه واقع فرضه التاريخ بالكيف وليس
بالكم فيوسف شاهين لم يتعد رصيده السينمائى على مدار 57 سنة سينما سوى 37
فيلما وهو عدد قليل نسبيا بالنسبة لمخرجى السينما المصرية.
كان لنشأة
«جو» كما كان يحب أن يناديه الجميع دور كبير فى حياته فهو مصرى الانتماء
سكندرى الميلاد لأم يونانية الأصل وأب لبنانى الأصل يوم أن كانت الإسكندرية
مركزا لجاليات العالم درس مع أبناء الطبقة العليا رغم كونه من الطبقة
المتوسطة.. أحب السينما وحلم بالشهرة.. درس فى أمريكا عشقها فى صغره.. عاد
ليكون اصغر مخرج مصرى اثر بأفلامه فى شكل السينما وتأثر بكل أحداث مصر
وواكبها.
فاز
بالجائزة الكبرى فى مهرجان قرطاج عام 1970 وعن "أسكندرية ليه" حصل على
جائزة لجنة التحكيم فى مهرجان برلين 1979 وجائزة مهرجان «كان» عن مجمل
أعماله عام 1997.
أثرت نشأة
يوسف شاهين المرتبطة بأوروبا منذ الصغر سواء فى المدرسة أو فى مدينة
الإسكندرية ثم دراسته فى أمريكا فى أسلوب حياته وإبداعه حتى اتهمه البعض
حين بدأ العمل فى مصر بأنه «خواجة» وأكد ذلك بدايته حيث قدم فى أعماله
الأولى مجموعة من الاقتباسات سواء على مستوى الأفكار أو التكنيك وذلك فى
أفلام "بابا أمين" و"ابن النيل" و"المهرج الكبير" و"سيدة القطار" مستمرا
حتى فيلم "أنت حبيبي" عام 1957 حتى جاء اللقاء مع السيناريست الراحل "عبدالحى
أديب" فى واحد من أهم أفلام الواقعية المصرية "باب الحديد" عام 1958..
وبذلك يتضح أن الثورة مرت فى حياة يوسف شاهين المخرج مرور الكرام ويمكن
إرجاع ذلك إلى تكوينه الثورى الذى اعتبرها أمرا عاديا ولا يحتاج إلى تعليق
سوى بعض الإشارات البسيطة فى أفلام "صراع فى الوادي" و"صراع فى المينا"
ولكن بعد فيلم "باب الحديد" تدرك السلطة قيمة «جو» كسينمائى ويتم استغلاله
فى أعمال موجهة ليقدم "جميلة الجزائرية" 1958 و"الناصر صلاح الدين" 1963
وهما عملان ثوريان إن عبرا عن شيء فإنما تعبران عن استغلال «جو» لفرصة سنحت
له لتقديم فكرة الليبرالى الخاص من خلال غطاء ثورى فرغم اعتبار الكثيرين
للفيلمين السابقين ثوريين ومعادين للاستعمار إلا إننا لا يمكن أن نعتبرهم
معاديين للغرب وإنما يمتلئ الاثنان بالكثير من الملامح التى تحمل دعوة
اسمية إلى التعايش مع الآخر فى ظل السلام ونبذ الحروب وتحترم أزمات
الاشتراكية وتشتعل الشوارع الثقافية بين مؤيدين ومعارضين لنظام الحكم ويبحث
«جو» عن الأزمة والحل فى "فجر يوم جديد" وفيه حالة من الضياع الفكرى والخلل
ويكرره فى فيلم "الاختيار" ثم يعود ويوضح فى فيلمى "العصفور" و"الناس
والنيل" ويختتم روايته السياسية للثورة فى حلمه السينمائى "عودة الابن
الضال".
وبدراسة
تلك الأفلام وعلاقتها المرحلية بالثورة والأحداث نجد أن يوسف شاهين كان
نموذجا للسينمائى المفكر الذى يؤثر ويتأثر ويؤيد ويعارض انه مثل "نجيب
محفوظ" و"صلاح جاهين" و"كمال الطويل" انه فنان تأثر فأبدع وأصابه الإحباط
فأبدع.
وبعد
الانفتاح تتغير الأحوال ويتغير شكل السينما فى مصر ويجد «جو» نفسه مضطر إلى
الانعزال كما انعزل جيل بأكمله فى تلك الفترة ولكنه يلجأ كما يفعل كل من
يظنون أنهم وصلوا إلى آخر الطريق فيكرر كتابة مذكراته ولأنه سينمائى
فيكتبها بالكاميرا فتكون إسكندرية ليه" 1979 ثم "حدوتة مصرية" 1982 ويكونا
سببا فى إعادته مرة أخرى للحياة من جديد لينطلق مقدما مجموعة من كلاسيكياته
التاريخية "وداعا بونابرت" 1985 و"اليوم السادس" 1986 وينشط مرة أخرى
بالجزء الثالث من سيرته "إسكندرية كمان وكمان" 1990 ثم يقدم رائعتين
"المهاجر" 1994 و"المصير" 1997 وتلك المرحلة التاريخية ما هى إلا جزء من
سيرته الذاتية فيمكن اعتبارها مجموعة من الأفكار عجزت أفلام السيرة الذاتية
عن استيعابها فاضطر إلى فصلها فى أفلام خاصة بها فتلك الأفلام الأربعة لا
تتعدى النقاش فى الليبرالية والحرية وتقبل الآخر ولذلك يجمعها كلها كفكر
مباشر فى فيلم "الآخر" 1999 وينهى تلك المرحلة فى فيلمه "سكوت حنصور" 2001
الذى يعبر عن حلم دفين داخله لصناعة الأفلام الغنائية الكوميدية ثم يختتم
حياته بنفسه فى "إسكندرية نيويورك" 2004 حين أعلن أن هذا الفيلم هو آخر
أجزاء سيرته الذاتية ولكن تبقى صرخة داخله فى حاجة لان يصرخها ويرفض أن
يكتمها وتخرج الصرخة "هى فوضي" إنها صرخة فى وجه العالم وفى وجه الحكام وفى
وجه أصحاب السلطة اليوم وأمس وغدا صرخها ثم لوح للجميع مودعا.. فوداعا أيها
السكندرى.. المصرى.. العربى.. العالمى.. وداعا وليرحمك الله وليرحمنا
وليرحم السينما المصرية من بعده إن جازت عليها الرحمة.
العربي المصرية في 3
أغسطس 2008
|