|
لم يبالغ
الكاتب الفرنسي الذي ينحدر من أصل مصري-سوري, روبير سوليه عندما كتب
بحثه الشهير تحت عنوان'مصر ولع فرنسي',فكل ما هو له علاقة بمصر يتمتع
بسحر خاص يؤثر في العالم بشكل عام وفي الفرنسيين بشكل خاص, ويكفي أن
يرتبط اسم مصر بأي شخص حتي يمنحه ثقلا كبيرا وأهمية بالغة.فقدر مصر هو
ارتباطها بالعظمة, وحتي عندما تتعرض لكبوات فلديها القدرة دوما علي تخطي
أزماتها كما أنها تستلهم من ماضيها روائع ثقافية تثري به تاريخ البشرية,
وتجربتها المتراكمة عبر العصور تجعل منها رمزا للحضارة الإنسانية بكل قيمها
الغالية ومبادئها السامية.لذا فعندما يرحل يوسف شاهين, يعني ذلك أن
هناك مبدعا مصريا قد ترك فراغا في القلوب المتلعقة بمصر, وذلك ليدخل ضمن
تأثيرات مصر علي محبيها.
قبل
أسبوعين كتبت صحيفة ليبراسيون الفرنسية المهتمة بأخبار مصر,تنعي الروائي
المصري ألبير قصيري, في مقال كتبته الصحفية ماريون فان رتنرجيم, وكان
أقرب للغزل منه للرثاء, فهذا الكاتب قدم سبع روايات فقط من الحجم الصغير
طوال حياته ورحل في باريس عن عمر يناهز94 عاما, ونعرف رائعة أعماله'
نبلاء وشحاذون'الذي قدمته المخرجة أسماء البكري عام1991, وتحدثت
الصحفية عن فلسفته في الحياة, فقد عرف عنه ميله للكسل, وحسب التعبير
الفرنسي' فقد ابتكر بسعادة أسلوبا للعيش الكريم بأقل مجهود'.ولاشك أن
عبقرية قصيري ضمنت له النجاح دون أن يبذل كل طاقته.
وفور رحيل
المخرج المصري العالمي يوسف شاهين عن عمر يناهز82 عاما, نشرت أيضا
ليبراسيون علي موقعها علي شبكة الإنترنت.السيرة الذاتية له, وردود
الأفعال في فرنسا, ورثاء الرئيس الفرنسي نيكولا ساكوزي له, واصفا إياه
بأنه:'واحد من أشهر الذين خدموا الفن السابع.وقد ارتبط بشدة ببلده مصر
وانفتح في نفس الوقت علي العالم, وهو مخرج ملتزم, ومدافع متحمس عن حرية
التعبير, وبشكل أكبر عن حرية الفرد والجماعة, وقضي شاهين حياته من خلال
صورته, في التصدي للرقابة والتطرف والتعصب'!!كذلك رثاه جيل جاكوب رئيس
مهرجان كان, ووزيرة الثقافة الفرنسية كريسيتن ألبانيل وعمدة باريس برتران
ديلانويه.وتناقلت وسائل الإعلام العالمية وعلي رأسها الفرنسية خبر وفاته
بشكل موسع,مثل قناة' فرنسا24' الفضائية و'موقع' ياهوو' الفرنسي
علي شبكة الإنترنت.
التشجيع
الفرنسي
وليس
غريبا أن يتعلق الفرنسيون بشاهين, فقد أظهر ميلا للثقافة الفرنسية رغم أن
أساس تعليمه إنجليزي, فأعجب بالسينما الفرنسية أثناء نشأته في
الإسكندرية, ثم تزوج من الفرنسية كوليت.التي شاركته مشوار حياته لكنهما
لم ينجبا.
واستضافه
مهرجان' كان' السينمائي الدولي ليشارك لأول مرة بفيلمه'ابن
النيل'إنتاج1951, الذي رشح للجائزة الكبري, ورشح أيضا لنفس الجائزة
فيما بعد عن أفلامه'صراع في الوادي'عام1954, و'الأرض'عام1969,
و'الوداع يا بونابرت'عام1985, و'المصير'عام1997, و بعد هذا
المشوار الفني الطويل, كرمه المهرجان في نفس العام بمناسبة عيده الخمسين
عن مجمل أعماله, والطريف أنه عندما حاول نفس المهرجان تكريم النجم و
المخرج الأمريكي الكبير كلينت إيستوود عن مجمل أعماله مناصفة مع النجمة
الفرنسية كاترين دينيف في دورته الحادية والستين في عامنا هذا,رفض وانسحب
من المهرجان, معتبرها إهانة له, خصوصا أن فيلمه'تحدي'المرشح
للجائزة الكبري لم يفز!!و في عام1999 فاز شاهين بجائزة فرانسوا شاليه
في مهرجان كان وهي آخر مشاركة له فيه.وفاز في مهرجان أميان السينمائي
الدولي بجائزة' أوه.سيه.إيه.سيه'عام1997 عن فيلم المصير
أيضا.
كما قدم
شاهين فيلمين يتعلقان بالتاريخ الفرنسي,الأول'جميلة'الذي يتناول
السيرة الذاتية للمناضلة الجزائرية جميلة بو حريد ضد الاحتلال الفرنسي
بطولة النجمة الكبيرة ماجدة إنتاج'1958',ثم'الوداع يا بونابرت'عن
الحملة الفرنسية علي مصر إنتاج1985 بطولة النجوم المصري محسن محيي الدين
والفرنسيين ميشيل بيكولي و باتريس شيرو.
واستمرارا
للإعجاب الفرنسي بشاهين, نجد من خلال منتدي' ديه.ديه.شامبو'الذي
أنشأته مجموعة من الفرنسيين والبلجيكيين والسويسريين في حب مصر, والذين
يعتبرون أنفسهم مصريين دون أن يحملوا الجنسية المصرية.
بعد إعلان
خبر وفاته مباشرة حيث توالت المناقشات حول الحزن علي فقدانه وأشهر
أعماله,مع التركيز علي فيلم'الوداع يا بونابرت' الذي مازال عالقا في
الذاكرة الفرانكوفونية.
الإبهار
الأمريكي
نال شاهين
الفرصة لتذوق السينما الأمريكية صاحبة النصيب الأكبر من هذه العالم, من
خلال دراسته في جامعة باسادينا للسينما وهو في الحادية والعشرين من عمره,
و تعاونه في فيلم روائي عن أحداث11 سبتمبر الأليمة. يحمل
عنوان'11'09''01(11 سبتمبر) من إنتاج2001 الذي شارك في إخراجه11
مخرجا عالميا هم عاموس جيتاي من إسرائيل, وكلود ليلوش من فرنسا,وشوهاي
إيمامورا من اليابان,و أليخاندر وجونزايليس إيناريتو من المكسيك,وشون
بن من الولايات المتحدة الأمريكية, وكين لوتش من إنجلترا,وسميرة
مخملباف من إيران, وميرا ناير من الهند,و إدريسا أودراوجو من بوركينا
فاسو, وودانيس تانوفيتش من البوسنة و الهرسك.و هي مجموعة مرتبطة
بمهرجان كان.وتذكرنا تجربة شاهين الهولوودية أو نفاذه لهذا العالم السحري
بتجربة المخرج السوري الراحل الكبير مصطفي العقاد كمبدع عربي نجح في غزو
هوليوود و ترك بصمة مميزة من خلال أعماله سواء الترفيهية مثل سلسلة
الرعب'هلووين'أو رائعتي أعماله'الرسالة'و'عمر المختار:أسد
الصحراء'.و رشح فيلم11'09''01- لنيل جائزة سي زار الفرنسية في
عام2003*
فيلموجرافيا
الاسم:
يوسف جبريل شاهين تاريخ الميلاد25 يناير1926 نشأ في مدينة الإسكندرية
لأسرة من الطبقة المتوسطة لأب محام لبناني الأصل وأم يونانية.
حصل علي
الشهادة الثانوية من مدرسة فيكتوريا كوليدج سافر بعدها إلي الولايات
المتحدة التي أمضي بها سنتين في دار باسادينا المسرحي' باسادينا بلاي
هاوس' لدراسة صناعة الأفلام والفنون الدرامية.بعد عودته لمصر ساعده
المصور السينمائي الإيطالي ألفيز أورفانيللي علي دخول عالم السينما,
ليقدم أول افلامه بعنوان' بابا أمين' عام.1950
جوائز
وتكريمات
شارك لأول
مرة بفيلمه' ابن النيل'1951 في مهرجان' كانوفي1970 حصل علي الجائزة
الذهبية من مهرجان قرطاج عن فيلم' الأرض'
حصل علي
جائزة الدب الفضي في مهرجان برلين عن فيلمه' إسكندرية ليه؟1978, كماحصل
علي جائزة اليوبيل الذهبي من مهرجان كان في عيده الـ50 عن فيلمه
المصير'1997' ومجمل أعماله
حصل علي الدكتوراه الفخريه من جامعةvllparis
1999, واختير فيلمه الآخر لافتتاح قسم' نظرة ما' بمهرجان كان
عام.1999 وفي عام2002 حصل علي الدكتوراه الفخرية من الجامعة الأمريكية
بالقاهرة, وحصل أيضا علي الدكتوراه الفخرية من جامعة مارسيليا. ومنح
مرتبة ضابط في لجنة الشرف من قبل فرنسا في2006, كماشارك فيلمه الأخير هي
فوضي بالمسابقة الرسمية لمهرجان فينسيا عام2007
الأهرام العربي في 2
أغسطس 2008
|
|