ملفات خاصة

 
 
 

«الجوكر 2»… أكان لا بد من جزء ثانِ؟

أندرو محسن

مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي الحادي والثمانون

   
 
 
 
 
 
 

لم يكن فيلم «Joker» (جوكر) للمخرج تود فيليبس الذي عُرض عام 2019 مجرد فيلم آخر عن إحدى شخصيات القصص المصورة المشهورة، بل كان مفاجأة استثنائية في هذا النوع من الأفلام على عدة مستويات. بداية من الإعلان عن اختياره للمشاركة في مهرجان البندقية (فينيسيا) ضمن المسابقة الرئيسية وليس خارج المسابقة كما هو معتاد مع أفلام الأبطال الخارقين، ثم المفاجأة الأكبر بفوزه بجائزة الأسد الذهبي، أرفع جوائز المهرجان، قبل أن يُعرض تجاريًا ليحقق إيرادات قياسية، ويجمع إلى جانب الإيرادات ثناء نقديًا يتخطى عبارات «جيد» أو «مقبول»، ويصل إلى تحليلات دقيقة لتفاصيل الفيلم والأعمال الأخرى التي تأثر بها مثل «Taxi Driver» (سائق التاكسي) لمارتن سكورسيزي.

الفيلم الذي كانت ميزانيته محدودة – نحو 55 مليون دولار- لم يكن مخططًا له جزء ثانٍ، ولكن بسبب من النجاح الساحق، قرر صناعه العودة بجزء جديد يحمل عنوان «جوكر: وهم ثنائي Joker: Folie à Deux»، ومرة أخرى كانت المفاجأة بوجود الفيلم في مسابقة مهرجان فينيسيا في دورته الحادية والثمانين.

كان الفيلم الأول يبدو مكتملًا إلى حد بعيد كقصة شخص مسالم يتحول إلى ضحية ثم يقرر الانتقام ممن أذوه، فما الذي يمكن أن يضيفه الجزء الجديد، وهل هناك جديد لتقديمه أم أنه مجرد اجترار لنجاح الفيلم الأول؟

ضحية أم شرير؟

تدور الأحداث بعد نهاية الجزء الأول بفترة قصيرة، آرثر فليك أو الجوكر (واكين فينكس) لا يزال مسجونًا وفي انتظار محاكمته بتهمة قتل عدة أشخاص، وفي أثناء وجوده في السجن يتعرف على هارلي كوين (ليدي جاجا) المهووسة بشخصية الجوكر. بينما تحاول محامية آرثر إثبات أنه مريض نفسي، وأن هذا هو ما دفعه إلى ارتكاب جرائمه. فيما يحاول آخرون، على رأسهم هارلي، إبقائه أسيرًا في شخصية الجوكر المضطربة.

مرة أخرى يخالف الفيلم التوقعات ليقدم مدخلًا مختلفًا، لشخصية الجوكر، بدلًا من أن نشاهده يؤسس عالمه الإجرامي بالفعل ويسعى للسيطرة على مدينة جوثام، نجده في السجن يحاول إيجاد نفسه الحقيقية!

ربما كان هذا التناول هو أقوى طموحات الفيلم، إذ بينما شاهدنا في الفيلم الأول آرثر فليك ضحية لشخصيات بعينها دفعته للتحول إلى الجوكر، نجده هنا ضحية لمجتمع أكبر يحاول أن يدفعه دفعًا إلى البقاء في هذه الشخصية التي يعدّونها رمزًا للتمرد. هكذا يجد آرثر نفسه محاصرًا بين هارلي التي يحبها، وهي ترغب في أن يبقى «الجوكر»، وبين المحامية التي تحاول مساعدته لكنها تصر على فعل ذلك من خلال وضعه داخل قفص المرض.

هل تريد بعدًا آخر عزيزي القارئ؟ في الحقيقة نحن كمشاهدين أيضًا نحاصر بطل الفيلم، لا جدال إن المشاهد سيقطع تذكرة ليس لمشاهدة آرثر فليك النحيف الحزين، ولكن لمشاهدة الجوكر وضحكاته الشريرة وإجرامه غير المتوقع. هكذا فإن تحول الفيلم إلى ما يشبه أفلام ساحات المحاكمة (Courtroom) كان تناولًا جديدًا تمامًا وبه الكثير من الطموح الفني. لكن ماذا عن بقية عناصر الفيلم؟

موسيقي أم مأساوي؟

في تصريحات سابقة لمخرج الفيلم، ذكر أن الموسيقى ستلعب دورًا أساسيًا في الفيلم، وقد صدق في هذا، وأردف، أن هذا لن يختلف كثيرًا عما كان في الفيلم السابق، ولم يصدق في هذا. الفيلم ضم الكثير من الأغاني التي تشارك في أدائها فينكس وجاجا. أغلب هذه الأغاني كانت بمثابة خيالات في ذهن آرثر، لتصور ما يتمناه أو ما يطمح إليه من خلال شخصية جوكر، ولكن الأزمة الكبرى أن المخرج لم ينجح في توظيف الأغاني بشكل مُقنع داخل الفيلم. من جهة فقد كان الكثير منها مجرد تكرار للحوار الذي سمعناه بالفعل دون جديد يذكر، ولم تمثل إضافة مؤثرة في الأحداث أو الحوار، بل كأنها فقرات غنائية مُقحمة يمكن الاستغناء عن الكثير منها بالفعل دون أن تتأثر الأحداث. ومن جهة أخرى فإن تصميم الحركة في هذه الأغاني أيضًا لم يُضف الكثير، بل إن بعض المشاهد تكررت، بشكل جعل الأغاني في النصف الثاني بمثابة عبء على الفيلم، فلا هي حققت إضافة بصرية يمكن الرجوع إليها لاحقًا وحدها، ولا هي أضافت جديدًا للأحداث.

ربما كانت هذه أبرز المآخذ على هذا الفيلم الذي كانت طبيعته المأساوية كافية. ولكن للإنصاف يجب أن نذكر أنه أيضًا لا زال يحمل الكثير من الطموح الفني، ربما لم نشاهد فيلمًا موسيقيًا ودمويًا في الآن ذاته منذ رائعة «Sweeney Todd: The Demon Barber of Fleet Street» (سويني تود: الحلاق الشرير في شارع فليت) للمخرج تيم بيرتون، ولكن الفارق شاسع في مستوى الأغاني بين الفيلمين لصالح فيلم بيرتون بالطبع، فالفيلم وأغانيه مأخوذان عن مسرحية وضع موسيقاها أعظم موسيقيي المسرح ستيفن سوندهايم.

واحد أم اثنان؟

إذا عدنا لسؤال البداية عن كون الفيلم أضاف جديدًا، فبالتأكيد كانت هناك عناصر واضحة أضافها الفيلم، ولا يمكن بحال وصفه بمجرد استغلال للنجاح، فقد حافظ على الكثير من عوامل نجاحه الفيلم الأول، ومنها بالتأكيد الحضور الاستثنائي لواكين فينكس في شخصية الجوكر، وكذلك الطبيعة اللونية المميزة والتي كانت واضحة في مشاهد السجن الرمادية المقبضة بالتحديد، بينما تختلف عندما يدخل آرثر إلى أحلامه الملونة، وعندما ظهرت المدينة الخارجية في مشاهد قليلة، فإنها لا زالت غارقة في الكآبة التي يمكن لمسها.

لكن ربما الطموح الكبير الذي صاحب العمل على هذا الفيلم، والميزانية التي تضاعفت 4 مرات (200 مليون دولار) لم يكونا كافيين لصناعة حالة الدهشة التي صاحبت الجزء الأول، الذي كان أكثر دقة ووضحًا في تفاصيله من هذا الجزء، ولم يطمح أن يصيب الكثير من الأهداف، فنجح بالفعل في إصابة أكثر مما أراد.

 

موقع "فاصلة" السعودي في

04.09.2024

 
 
 
 
 

أفلامٌ في مسابقة "فينيسيا 81": طرحٌ مُتكرّر لمشاكل بشرية معقّدة

فينيسيا/ محمد هاشم عبد السلام

تكشف غالبية أفلام مسابقة الدورة الـ81 (28 أغسطس/ آب ـ 7 سبتمبر/ أيلول 2024) لـ"مهرجان فينيسيا السينمائي"، الفلسفة الخاصة ببرمجة الأفلام هذا العام، التي ضمّت توليفة تطرح أساساً قضايا إنسانية معاصرة وآنيّة ملحّة، معظمها عن العلاقات البشرية المركّبة والمعقّدة وغير السويّة. وذلك في إطار عامٍ يمزج الاجتماعي بالنفسي والجنسي. كما أنّ هناك حضوراً للتاريخ الحديث، بغرض إسقاطات على الواقع السياسي الراهن، والمشاكل التي يمرّ بها العالم المعاصر.

تجلّى هذا في "ساحة المعركة"، لجياني أميليو: إنّها الحرب العالمية الأولى، لكنْ من دون ظهور جبهةٍ أو معركة، ومن دون سماع أصوات رصاص ومدافع. مع هذا، النصّ في صلبها، فنكابد معاناة من نوع آخر. يعود جنود مراهقون إلى المستشفى العسكري بإصابات، تتراوح بين فادحة وخطرة ومتوسّطة. رغم ذلك، يُدفعون إلى الجبهة مجدّداً، وإنْ بعين واحدة أو بطرفٍ مبتور. الجميع يودّون الفرار، ولا أحد يريد الموت. الجميع يرغبون في عيش الحياة مع أهل وأسَر.

من دون توقّع، يظهر الطبيب الشاب ستيفانو، الذي يعالج جروحهم بإيذائهم، فيصبحون غير صالحين للقتال. تدريجياً، يلتمس معظمهم أنْ يُشوّههم. في هذا، تنضم إليه ممرضة، ما يُعقِّد الأمور.

في "أنا ما زلت هنا"، يعود والتر ساليس إلى واقعةٍ تاريخية، عن مختفين قسراً في فترة حكم الديكتاتورية العسكرية في البرازيل، عبر قصة روبينز بايفا وأسرته: زوجته يونيس، محامية سياسية، وخمسة أبناء. تولّت الزوجة مسؤولية الأسرة، ولم تتوانى عن البحث عن زوجها، بعد القبض عليه، واختفاء أي أثر له في أوائل سبعينيات القرن الـ20، ولم يعثر على رفاته ورفات آخرين غيره حتى اللحظة.

من الأفلام التي تحذِّر من الراهن، مستلهمة الماضي (ثمانينيات القرن الـ20) في أميركا (أحداث حقيقية): "أوامر" لجوستين كورتزل. عن حركة يمينية متطرّفة وعنيفة، تؤمن بتفوّق العرق الأبيض وضرورة سيادته، وإقامة دولته الخاصة. تسعى الحركة، بقوة وعنف ودموية، إلى إقامة وطن خاص بأصحاب البشرة البيضاء، والتخطيط لبثّ الرعب والفوضى وتفتيت الولايات المتحدة. تتولّى الـFBI أمرها، لكنْ بعد معاناة شديدة.

فيلم آخر يتناول، بغرابة، هشاشة العلاقات الإنسانية، ويتساءل عن جدواها وجديتها، خاصة الارتباط والزواج والرفقة والدور المحوري للحب في استمرارها من عدمه، وعمّا إذا كان الحب يدوم أم لا: "ثلاث صديقات" لإيمانويل موريه. كيف التبست المشاعر المركّبة، وتداخلت علاقات الحب في حياة ثلاث صديقات، إلى درجة تُثير أسئلة كثيرة عن العلاقات الغرامية، وعن علاقات الصداقة والمودة والصدق والالتزام والخيانة.

في الإطار نفسه، هناك علاقات شَدّ وجذب وحب ونفور وطاعة وإخلاص وتكبّر وسيطرة، بين أسطورة الغناء الأوبرالي ماريا كالاس، في "ماريا" لبابلو لارين، وخادمها وطبّاخها، الشخصان الوحيدان اللذان عاشت معهما كالاس أيامها الأخيرة، التي شهدت معاناتها أزمات عدّة، متعلّقة بالوحدة وانحسار الأضواء والابتعاد عن الأوبرا، ومسائل صحية (اعتلال قلبها) ونفسية أساساً. تتجلّى معاناة من كانت مالئة السمع والبصر، التي باتت مدمنة على عقاقير الاكتئاب، في محاولة للتخفيف عن نفسها، لكنْ من دون جدوى.

تعقيدات النفس البشرية، وتحديداً المشاكل الجنسية والاضطرابات النفسية المترتبة عليها، وصعوبات العلاقة الزوجية، وعدم المصارحة، وكتمان الرغبات، والكذب والادّعاء، وإنْ في إطار أسرة سعيدة، وزواج ناجح، وامتلاك ثروة مالية ومكانة اجتماعية؛ هذا كلّه في "بايبي غيرل" لهالينا راين، التي لم تفلح في سبر أغوار البطلة، التي تعاني مشكلة جنسية تتعلّق بتركيبتها الشخصية القيادية المسيطرة، وربما الاستبدادية، والتي تخضع في النهاية، كعبد مطيع، لرغبات شاب ونزواته، جاء للتدرّب في شركتها، أملاً في نيل وظيفة بقيادتها.

في نوعٍ رائج تُبرمج أفلامه عادة في أي مهرجان، يطلق عليه "أفلام النضج"، أو الانتقال من المراهقة إلى البلوغ، هناك "أولادهم مثلهم" للودفيك وزوران بوخرما: في بلدة ريفية هادئة في شرقي فرنسا، يمضي مراهقون، يبحثون عن مستقبل ما غير محدّد، أوقاتهم بلا هدف واضح، أو سعي حثيث إلى تحقيق طموح ما. تحضر مشاكل المراهقة والبلوغ، والمخدرات والجنس، والحب والعلاقات الفاشلة، والعنف والتنمّر، بصُور مختلفة، في استعراض أحداثٍ لطبقتين اجتماعيتين، متوسّطة وثرية. لكنْ، بعيداً عن تفاصيل الأحداث الخاصة بالمراهقين، يُلمّح الفيلم إلى أنّ للأسرة والأهل والتربية الدور الأول والأخير.

أمّا الأكثر بروزاً، فنياً وجمالياً وسينمائياً، الذي اتّسم بجدّة في الموضوع والطرح والتناول والمعالجة، وجودة أداء، وبراعة تنفيذ سينمائية، كان "اقتل الفارس" للويس أورتيغا: أحد أبطال الفروسية يعاني إدماناً شديداً، إلى درجة عدم قدرته على المنافسة، ما يدفع الكبار حوله إلى إعادته إلى صوابه، كي لا يخسروا أعمالهم ومراهناتهم. رغم بساطة القصة، ومحدودية الشخصيات والخيوط السردية، ليس الفيلم سهلاً في التناول العبثي، وأحياناً الفانتازي المفارق للواقع أحياناً كثيرة. مع ذلك، يسهل جداً تقبّل هذا العالم الغريب، والتفاعل والاندماج معه، فلا يُدهَش أحدٌ لرؤية البطل يمشي على جدار أو سقف، فوفقاً لبنية الفيلم وسرديّته، هذا الأمر طبيعيّ.

 

العربي الجديد اللندنية في

04.09.2024

 
 
 
 
 

Joker 2.. انتحار الأسطورة

فينيسيا -عصام زكريا*

يبدأ فيلم Joker:Folie a Deux بفقرة رسوم متحركة خفيفة الظل بعنوان "أنا وظلي"، تدور حول شخصيات، أو ظلال مختلفة، تتنازع على سرقة شخصية الجوكر، حتى أن الشخصية الحقيقية نفسها تتعرض للحبس والضرب وتختفي، فقرة لا يتضح مغزاها سوى في المشاهد الأخيرة للفيلم.

في كل الأحوال، فإن الجزء الثاني من Joker الذي عرض في الدورة 81 لمهرجان فينيسيا السينمائي، فيلم صادم، خاصة لعشاق الشخصية التي تحولت إلى أيقونة شبابية في كل أنحاء العالم بعد الفيلم الأول.

في لحظة في بداية الفيلم، ربما حتى قبل المشاهدة، كان السؤال الذي يشغل رأسي هو: كيف سيمكن، إنسانياً وأخلاقياً، الدفاع عن آرثر فليك، ذلك القاتل الوحشي الذي يتنكر في هيئة "بلياتشو"، والذي قض مضاجع سكان مدينة جوثام لسنوات طويلة، ولولا نجاح "باتمان" في التصدي له، لدمر المدينة والعالم بأسره منذ عقود مضت؟.

كيف يمكن تمجيد شخصية الجوكر في عالم بات يعاني من الوحشية والدموية بشكل مخيف، من المؤكد أنه سيدفع أي صانع أفلام لديه الحد الأدنى من الحس السليم أن يفكر ألف مرة قبل أن يروج للعنف والقتلة المتسلسلين؟.

من الواضح أن هذه المعضلة الفنية الإنسانية هي ما شغل بال كل من كاتب الفيلم سكوت سيلفر والمخرج تود فيلبس، الذي شارك في كتابته، وفي لحظات بالقرب من وسط الفيلم ونهايته، تبدو هذه الأسئلة وكأنها تلح عليهما بشكل مزعج ومؤلم، للدرجة التي أثرت على اختياراتهما، وعلى كثير من حوارات الفيلم، وتجلى ذلك بشكل واضح في النهاية المضطربة، غير المتوقعة، التي لجأ إليها.

شخصيات غريبة الأطوار

Joker: Folie a Deux، وهو تعبير فرنسي يعني "الجنون لاثنين"، يتوجه بالأساس إلى جمهور السينما اليوم، من عشاق "مارفل" والجوكر وليدي جاجا، ولثقافة حائرة بين التمرد عن طريق التطرف وتمجيد العنف، والتمرد ضد التطرف والعنف، ثقافة عبادة الشخصيات غريبة الأطوار و"المشوهة" التي تجسد هذا التمرد والتمرد المضاد.

كيف يمكنك أن تخاطب هذا الجمهور الذي حول الجوكر إلى "معبود" ونموذج يحتذى؟ وفي الوقت نفسه تحذر من خطورة هذا العشق الذي يمكن أن يدفع الكثيرين إلى اتخاذه قدوة ومثلاً يُحتذى؟

في البداية والنهاية، هذا فيلم هوليوودي، من تلك النوعية التي ينفق عليها 200 مليون دولار أو أكثر، لكي تحقق إيرادات تقدر بالمليار، ويشاهد على نطاق واسع من قبل الملايين في كل أنحاء العالم. فيلم يحتاج بشدة إلى النجاح الجماهيري.

من أجل تحقيق هذا الهدف لجأ صناع الفيلم إلى اختيار شديد التوفيق، وهو جعله فيلماً موسيقياً غنائياً، يتحول فيه الجوكر، أو خواكين فينكس، إلى مغن وراقص، وتشارك فيه واحدة من أشهر وأحب مطربات الجيل وهي ليدي جاجا، وعلى طريقة Lala Land وStar is Born، يمتلئ Joker الثاني بأغان واستعراضات راقصة لكل من جاجا وفينكس، ومعظمها أغان كلاسيكية محبوبة مألوفة، تروق لمعظم، إن لم يكن لكل، أنواع المشاهدين.

مفارقة ساخرة

بقدرة قادر، إذن، تحول Joker 2 إلى فيلم Romantic Comedy عاطفي، يبدأ بأغنية رومانسية تقول كلماتها أن كل ما ينقص العالم هو الحب!

هذه الأغنية التي تتخلل فقرة الرسوم المتحركة المضحكة التي يبدأ بها الفيلم، تبدو وكأنها نوع من المفارقة الساخرة لفيلم يعرف مشاهدة مسبقاً أنه سيعج بمشاهد العنف والقتل، وأن من يؤدي الأغنية هو واحد من أكثر المجرمين السيكوباتيين جنونا على مر تاريخ "الكوميكس"!

لكن مع الوقت يتبين أن الأغنية ليست مفارقة ساخرة، ولكنها عنصر غريب ضمن عناصر عدة متنافرة داخل الفيلم، تخلق إحساساً بالغرابة حيناً، والملل أحياناً، والصدمة أخيراً.

من بين أكثر من ساعتين وربع الساعة هي زمن عرض الفيلم، تشغل مشاهد محاكمة آرثر فليك حوالي الساعة، والسؤال الأساسي الذي يثار في المحكمة هو هل فليك مريض عقلي ونفسي غير مسؤول عن أعماله، أم أنه يدعي المرض لكي يتهرب من مسؤولية جرائمه الوحشية؟، سؤال طالما وجهته السينما بخصوص هذه النوعية من القتلة الجذابين من أيام Psycho ألفريد هيتشكوك.

لكن السؤال الحقيقي الذي يشغل قلب الفيلم في الحقيقة ليس مدى صحة فليك العقلية، ولكن مدى صحة عشاق الجوكر العقلية!

فليك، بشكل ما، ومثل بطل Psycho، يعبر عن لا وعي جيل كامل، جيل يعاني من مشكلات أسرية واجتماعية خطيرة، خاصة مع الأم، فيما يمكن أن نطلق عليه مركب أو عقدة "أوريست" الذي قتل أمه انتقاما لأبيه، على عكس أوديب الذي قتل أبيه حبا في أمه. وهذا المركب أو العقدة ليست فردية شخصية، كما يعتقد عادة، ولكنها ثقافية عامة، إذ يشعر الجيل الحالي بأن المؤسسة السلطوية، المتقنعة في دور الأم الرحيمة، هي في الحقيقة أم شريرة تأكل أبنائها. وليس غريبا أن كل من الجوكر وحبيبته المجنونة في الفيلم قد قاما بقتل الأم.

يشير "الجوكر 2" في مشاهد عدة إلى أن "الجوكرة" باتت مرضاً اجتماعياً خطيراً، أو على الأقل ظاهرة لها جانبها الخطير إذا لم يتم الانتباه إليه، ذلك أن هذا الهوس الجماعي بالتخريب والعنف يمكن أن ينفجر في لحظة ما، مؤدياً إلى كوارث، ولعل الانفجارات الشبابية المتطرفة، غير المسيسة وغير المدعمة بفكر ووعي إنساني، التي نشبت في أماكن متفرقة من العالم في السنوات الأخيرة خير مثال على ذلك.

هذا فيلم عن أسطورة معبودة، يهدم عن عمد هذه الأسطورة

* ناقد فني

 

الشرق نيوز السعودية في

04.09.2024

 
 
 
 
 

"رامبو" و"عايشة" و"مارون": يوم الأفلام العربية في مهرجان فينيسيا

فينيسيا -عصام زكريا*

شهد اليوم السابع من مهرجان فينيسيا الدولي في دورته الـ81، حضوراً مكثفاً للسينما العربية، متمثلاً في عرض 3  أفلام هي: المصري "البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو" المصري، والتونسي "عايشة"، واللبناني"عاد مارون إلى بيروت". 

الأفلام الثلاثة التي عرضت تباعاً في قاعات مختلفة، ترسم صورة مشرفة ومتنوعة للسينما العربية الجديدة.

رقة الحلم وفجاجة الواقع

فيلم "البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو" من إخراج خالد منصور، وتأليفه مع محمد الحسيني، وتمثيل عصام عمر، ركين سعد، وسماء إبراهيم وأحمد بهاء.

الحكاية في ".. رامبو" تقليدية تقريباً: شاب وأمه في حي شعبي فقير، مهددان بالطرد من شقتهما من قبل صاحب البيت، الذي يريد توسيع ورشته لإصلاح السيارات، شاهدناها من قبل في عشرات الأفلام والمسلسلات، لكن المختلف هنا هو أن الشاب حسن (عصام عمر)، لديه كلب ضخم لطيف، يهاجم صاحب الشقة كريم (أحمد بهاء)، عندما تنشب مشاجرة بالأيدي بينه وحسن، مما يدفعه إلى التهديد بقتل رامبو والإصرار على طرد حسن وأمه، وهنا تصبح الحبكة المحورية هي محاولة إنقاذ الكلب، والبحث عن ملجأ له بعيدا عن انتقام كريم.

في رحلة ليلية سيريالية الطابع، تحمل ملمحاً من الواقع، ولكن لا يمكن التعامل معها بمنطق الواقع، تذكر بأعمال مثل After Hours لمارتن سكورسيزي، و"البحث عن سيد مرزوق" لداود عبد السيد، تستكشف جوانب وأماكن من مدينة القاهرة، لا وجود لمعظمها إلا في خيال صناع الفيلم، ومنها مشهد غريب لمكان تقام فيه مصارعة كلاب دموية، وعوالم مخيفة كالكوابيس، وعلاقة عاطفية على أطراف الحلم: واقع تم تفصيله على مقاس مخيلة صناع الفيلم.

يجيد صناع ".. رامبو" صياغة هذا العالم الذي يقع بين حدود الواقع والكابوس والحلم، وبفضل الكلب الذي يشارك في البطولة يحافظ الفيلم على خط "إنساني" ودرامي يمسك بانتباه المشاهد وتعاطفه.

لكن هذا العالم السيريالي المصنوع جيداً بصرياً (من قبل مدير التصوير الشاب أحمد طارق بيومي)، يخدشه حوار تقليدي تغلب عليه الثرثرة يصل إلى حد الفجاجة أحياناً، وأداء تمثيلي غير ثابت، "تليفزيوني" أحياناً، يتناقض مع حالة الحلم التي تسبح فيها الصورة.

تكمن نقطة ضعف "رامبو" في وحدة الأسلوب، وربما يكون السبب هو تفكير صنّاعه في اتجاهين مختلفين: الأول هو صناعة فيلم واقعي "خشن"، والثاني هو صناعة فيلم خيالي سيريالي، ولولا هذه الملحوظة لكان لـ"رامبو" شأن آخر.

برصاوي بدون ميلودراما

بعد فيلمه الطويل الأول "بيك نعيش" الذي شارك في قسم "آفاق" بمهرجان فينيسيا 2019، وفاز بجائزة التمثيل، كما فاز بجائزة أفضل فيلم عربي في مهرجان القاهرة الدولي في العام نفسه، يعود المخرج التونسي مهدي برصاوي إلى فينيسيا بفيلمه الثاني "عايشة" ليشارك في المسابقة نفسها.

ينسج "عائشة" رحلة من نوع مختلف، تخوضها فتاة قروية تتعرض لحادث سيارة أجرة مروع، يودي بحياة كل الركاب باستثنائها، وتدعي موتها، هرباً من أسرتها التي تستغلها، وتسافر إلى العاصمة منتحلة اسم وهوية جديدة، لكن سوء الحظ يلاحقها، حيث تجد نفسها وسط قضية فساد شرطي كبيرة، ويتعين عليها أن تصبح طرفاً أساسياً فيها.

يمزج برصاوي بين القصة الدرامية لشخصيته الرئيسية، والحياة العامة في تونس البلد والعاصمة ببراعة شديدة، محدقاً بنظرة واقعية تحليلية جريئة في الكيفية التي يضغط بها هذا الواقع على الناس، ويشكل شخصياتهم وأخلاقياتهم، وينجح برصاوي في صياغة عمل فني مشوق سريع الإيقاع، دون أن يفقد نفسه في الميلودراما، أو في التنظير السياسي.

وهل غادر مارون بيروت؟

بطريقة مختلفة تمزج فيروز سرحال في فيلمها الوثائقي الطويل "وعاد مارون إلى بيروت"، بين حياة المخرج اللبناني الأشهر مارون بغدادي، الذي لقي حتفه في حادث عبثي منذ ثلاثين عاماً، حين سقط في بئر سلم بناية والدته، وبين تاريخ وحاضر بيروت السياسي، منذ سبعينيات القرن الماضي، حين صنع بغدادي أولى أعماله عن العدوان الإسرائيلي على الجنوب والحرب الأهلية، وصولاً إلى تفجير ميناء بيروت والأحداث التي أعقبته.

تبحر سرحال على مدار ساعتين في الأماكن التي عاش فيها مارون بغدادي، وتلتقي بمن بقي من أصدقاءه ومعارفه، وببعض صناع الأفلام الأصغر سناً، الذين استقوا من أعماله ومسيرته واتخذوه مثلاً، وتقتبس مما كتب عنه في حياته وبعد موته، وتستعين بمشاهد ولقطات من أفلامه، وله، في حركة دائبة على طريقة الفيلم المقال، الذي يجمع بين الذاتي والعام في أسلوب ارتجالي البناء، والتي تتسم بها كثير من الوثائقيات اللبنانية.

ربما كان يحتاج الفيلم إلى قدر من الاختزال، وبناء أكثر إحكاماً، ولكن في كل الأحوال هو عمل مهم عن شخصية تستحق التذكر والتأمل، وأكثر من ذلك تستحق أعماله أن تشاهد اليوم أكثر من أي وقت مضى، فما أشبه اليوم بالبارحة، حتى أن معظم أفلام بغدادي تبدو وكأنها تخاطب عصرنا.. وكأن مارون لم يغادر بيروت وهذا العالم أبداً.

يشارك "وعاد مارون إلى بيروت" في قسم ومسابقة مبتكرة تم استحداثها في مهرجان فينيسيا، مخصصة للأفلام الحديثة التي تدور حول صناع أفلام أو أفلام "كلاسيكية"، وهذا النوع من الأفلام بات منتشراً بقوة خلال السنوات الأخيرة، ولا يكاد يخلو منها مهرجان دولي، ما يعكس قدر الحنين والاهتمام بإحياء الماضي عبر السينما، هذا الحنين الذي يظهر بقوة في فينيسيا منذ اليوم الأول.

* ناقد فني

 

الشرق نيوز السعودية في

05.09.2024

 
 
 
 
 

المخرجة هند المؤدب تروي قصص الشباب من الثورة إلى الحرب الأهلية

"السودان تذكرنا": فيلم يوثق نضالات الشعب السوداني في مهرجان البندقية 81

 أحمد العياد

إيلاف من البندقية: احتضن مهرجان البندقية في دورته الـ81 عرض الفيلم الوثائقي "السودان تذكرنا"، الذي قدمته المخرجة التونسية هند المؤدب. وسيُعرض الفيلم في عرضه العالمي الثاني خلال الشهر الجاري في مهرجان تورونتو السينمائي بكندا.

يندرج الفيلم ضمن فئة الوثائقيات، إذ يستعرض نضالات الشعب السوداني وثوراته، موثقًا الفترة الممتدة بين سقوط نظام عمر البشير في 2019 واندلاع الحرب الأهلية في 2023. يسلط الضوء على قصص الشباب السودانيين الذين شاركوا في هذه الأحداث، بما في ذلك شجن، مزمل، مها، وغيرهم، ممن خاطروا بحياتهم لتحقيق أحلامهم بالحرية والمساواة.

تبدأ الأحداث بامرأة تخبر صديقتها عبر الهاتف أن الحرب الأهلية في السودان بالكاد يتم ذكرها على التلفزيون الفرنسي. في إحدى دورات المياه، وبينما تُلقي طائرة قنابل على منطقة حضرية، نعود بالزمن إلى الوراء أربع سنوات، لنجد أنفسنا في عام 2019، حيث تظهر الخرطوم في ذروة الثورة السودانية، مليئة بالتفاؤل.

تعود المخرجة إلى زمن الإطاحة بالرئيس السوداني السابق عمر البشير بعد 30 عامًا قضاها في السلطة، مع السعي نحو تطبيق الديمقراطية في ثالث أكبر دولة إفريقية. كان المواطنون في غاية السعادة، يهتفون بأغانٍ وطنية، ويشعرون بالفخر الوطني، يسيرون في شوارع المدينة بثقة، معتقدين أنهم استعادوا السيطرة على مستقبلهم.

اعتمدت المخرجة هند المؤدب على أسلوب سينمائي وثائقي يجمع بين البعد الصحفي والبعد الشعري. يصور الفيلم قصصًا حية وحقيقية من قلب السودان، ويمزج بين اللقطات المباشرة وشهادات الثوار السودانيين بطريقة تعكس الواقع القاسي والأمل في آن واحد. التصوير أظهر مشاهد حية من الاحتجاجات والتجمعات الجماهيرية، مع التركيز على اللحظات الصعبة والمؤثرة التي عاشها الشعب السوداني أثناء مواجهته للقمع العسكري.

يتناول الفيلم قضايا كبيرة مثل الحرية، القمع، والعدالة الاجتماعية. يُظهر كيف أن الصراعات التي يواجهها الشعب السوداني ليست مجرد قضية محلية، بل هي جزء من نضال عالمي من أجل الحرية وحقوق الإنسان. كما يطرح تساؤلات حول دور العالم في دعم هذه الثورات أو تجاهلها، مسلطًا الضوء على التضامن البشري والأمل في التغيير حتى في أصعب الظروف.

حصل الفيلم على إشادة كبيرة في فينيسيا، حيث اعتبره النقاد توثيقًا قويًا ومؤثرًا لفترة مفصلية في تاريخ السودان. فقدرة "المؤدب" على نقل معاناة وصمود الشعب السوداني بأسلوب مؤثر وواقعي جعلت من "السودان تذكرنا" فيلمًا لا يُنسى، يعكس النضال المستمر من أجل الحرية والكرامة.

ولكن يبقى السؤال: هل قدم الفيلم عن الثورات والمظاهرات العربية شيئًا جديدًا أو معالجة مختلفة عما طُرح سابقًا، أم أنه مجرد فيلم مشابه لتجارب سابقة في طرحه وتناوله للثورات، وإن كان حالماً ورومانسياً بشكل أبعد ما يكون عن الواقع الحقيقي؟

 

####

 

10 جوائز ذهبت لمشروعات من خريجي "سيني جونة لدعم إنتاج الأفلام"

"حتى بالعتمة بشوفك" يفوز بجائزة مهرجان الجونة في برنامج "فاينل كت"

شيماء صافي

إيلاف من القاهرةحصل مشروع الفيلم قيد الإنجاز "حتى بالعتمة بشوفك"، للمخرج اللبناني نديم تابت، على جائزة مهرجان الجونة السينمائي في برنامج "فاينل كت" بمهرجان فينيسيا السينمائي الدولي، البرنامج المخصص لدعم مشروعات الأفلام العربية والإفريقية في مراحل ما بعد الإنتاج.

قيمة الجائزة خمسة آلاف دولار أميركي، بالإضافة إلى دعوة للمشروع كي يشارك في النسخة السابعة من منصة "سيني جونة لدعم إنتاج الأفلام"، والمقامة خلال مهرجان الجونة السينمائي في الفترة بين 24 أكتوبر/تشرين الأول و1 نوفمبر/تشرين الثاني 2024.

هذا وقد شاركت في "فاينل كت" هذا العام، ثلاثة مشروعات من خريجي "سيني جونة لدعم إنتاج الأفلام"، حيث تنافست مشروعات: "عائشة لا تستطيع الطيران" لمراد مصطفى، و"كولونيا" لمحمد صيام، و"ابنتها" لسارة شاذلي، وجميعها مشروعات بدأت رحلتها بالمشاركة في "سيني جونة لدعم إنتاج الأفلام" كمشروعات في مرحلة التطوير.

وقد حصل مشروع "عائشة لا تستطيع الطيران" على خمس جوائز من بينها جائزة مهرجان فينيسيا الرئيسية، كما نال مشروع "كولونيا" خمس جوائز أخرى، لتفوز المشروعات خريجة مهرجان الجونة على عشر جوائز من أصل 17 جائزة تم توزيعها هذا العام.

"حتى بالعتمة بشوفك" من إنتاج لبناني فرنسي قطري سعودي مشترك، ومن إخراج نديم تابت وإنتاج جورج شقير وإيلي صهيبي. وتدور أحداثه حول وقائع غريبة تقع في موقع للتشييد في قرية لبنانية يعمل بها عدد من المهاجرين السوريين، حيث يعتقد طارق، أحد العمال، أن القرية مسكونة بالأرواح.

هذا وتحدث عمرو منسي، الشريك المؤسس والمدير التنفيذي لمهرجان الجونة السينمائي، عن جائزة الجونة في فاينل كت قائلًا:

"يواصل مهرجان الجونة التزامه بدعم الأصوات الواعدة في السينما العربية، والشراكة الممتدة مع مهرجان فينيسيا أقدم مهرجانات العالم، تؤكد هذا الالتزام. سعيدون بدعوة فريق مشروع (حتى بالعتمة بشوفك) للمشاركة في سيني جونة لدعم إنتاج الأفلام في أول نسخة تحمل اسم البرنامج الجديد، وفخورون بأن نتائج الدورات السابقة تواصل حصد إعجاب محترفي السينما وجمهورها في كل مكان حول العالم".

وتقام النسخة السابعة من "سيني جونة"، منصة مهرجان الجونة المخصصة لمحترفي صناعة السينما، خلال الفترة بين 25 و31 أكتوبر 2024.

عن سيني جونة لدعم إنتاج الأفلام

هو برنامج يعنى بتطوير مشاريع الأفلام والإنتاج المشترك، ويهدف إلى تمكين صناع الأفلام العرب من منتجين ومخرجين، عن طريق توفير الدعم الإبداعي والمالي اللازم لهم. يتنافس على الجوائز التي يبلغ مجموعها حوالي 300،000 دولار أمريكي 20 فيلماً في مراحل التطوير وما بعد الإنتاج.

الجائزة الأولى لكل فئة قدرها 15 ألف دولار أمريكي، كما تتأهل المشروعات المشاركة لجوائز أخرى مُقدمة بواسطة شركاء المهرجان ورعاته المحليين والإقليميين.

عبر الدورات الست السابقة لمهرجان الجونة السينمائي قدم البرنامج الدعم لـ120 فيلماً، وقد فاز بعض تلك الأفلام بجوائز دولية.

عن مهرجان الجونة السينمائي

يعد مهرجان الجونة السينمائي أحد المهرجانات الرائدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ويهدف إلى عرض مجموعة متنوعة من الأفلام من جميع أنحاء العالم، مع التركيز على السينما العربية، لجمهور متحمس ومطلع، كما يسعى إلى تعزيز التواصل بين الثقافات من خلال فن صناعة الأفلام.

ويهدف المهرجان إلى ربط صناع الأفلام من المنطقة بنظرائهم الدوليين بروح التعاون والتبادل الثقافي. علاوة على ذلك، يهدف المهرجان إلى تعزيز ودعم نمو الصناعة في المنطقة وتوفير منصة لصناع الأفلام لعرض أعمالهم بالإضافة إلى اكتشاف أصوات ومواهب جديدة تثري صناعة السينما.

 

####

 

أداء مذهل من جوليان مور وتيلدا سوينتون

"The Room Next Door" يرفع قضايا الهجرة والموت الرحيم في مهرجان البندقية

 أحمد العياد

إيلاف من البندقية: استغل المخرج الإسباني بيدرو ألمودوبار المؤتمر الصحافي الخاص بفيلمه الجديد "The Room Next Door" ضمن فعاليات النسخة 81 من مهرجان البندقية للحديث عن ضرورة الإسراع باتخاذ خطوات جادة في مواجهة ظاهرتي الهجرة وتغير المناخ. وقال ألمودوبار إن قضايا البيئة يجب أن تكون أولوية، مع دعم التوجهات لحلها، في ظل عدم وجود فرصة لتجاهل التغيرات المناخية وأثرها. وقد فضل التحدث باللغة الإسبانية عند التطرق للتنديد بـ"خطاب الكراهية"، الذي أكد أن السياسيين في إسبانيا وخارجها يعملون على الترويج له.

وأضاف المخرج الإسباني أنه بالرغم من كون فيلمه الجديد يتناول حالة خاصة، فإنه رغب في الحديث عن الأطفال الذين يصلون إلى الحدود الإسبانية دون أن يكون معهم مرافقون، مشيرًا إلى أنه في الوقت الذي ترسل فيه الحكومة القوات البحرية لمنعهم من الدخول، كان يجب أن تكون الطرق مفتوحة أمامهم. ووصف ألمودوبار هذا التصرف بـ"المجنون" و"غير العادل"، مشيرًا إلى أن الأمر مرتبط بالإنسانية.

ودعا المخرج الإسباني إلى تقنين القتل الرحيم في جميع أنحاء العالم، وهي القضية التي يطرحها فيلمه الجديد من خلال تجسيد تيلدا سوينتون دور صحفية مصابة بالسرطان تقرر إنهاء حياتها، وتطلب من صديقتها القديمة، التي تلعب دورها جوليان مور، أن تساعدها. وقال ألمودوبار إن فيلمه يؤيد القتل الرحيم، علمًا بأن إسبانيا تبنت القتل الرحيم في عام 2021 وتعد واحدة من 11 دولة فقط تعتبر فيها أي شكل من أشكال المساعدة على الموت قانونيًا، بحسب ما ذكرت صحيفة "الجارديان" البريطانية.

واعتبر المخرج الإسباني أنه يجب أن تكون هناك إمكانية للحصول على القتل الرحيم في جميع أنحاء العالم، مشيرًا إلى أهمية أن يتم تنظيمه ويُسمح للطبيب بمساعدة مريضه. وتحدث عن قراره بصنع أول مشروع باللغة الإنجليزية بعد أكثر من ثلاثة عقود من العمل باللغة الإسبانية، وهو ما اعتبره "أشبه ببدء نوع جديد"، مشيرًا إلى أنه كان بحاجة إلى وسيلة مناسبة لتحقيق ذلك، ووجدها في هذا الفيلم.

وخلال المؤتمر الصحافي، انضمت إلى ألمودوبار بطلتَا الفيلم الرئيسيتان، جوليان مور وتيلدا سوينتون. وعلى الرغم من أن الفيلم يتناول بوضوح موضوع الموت، إلا أن مور وسوينتون قالتا إنه يتضمن أيضًا احتفالًا بالحياة.

يعد فيلم "The Room Next Door" أحد أهم أفلام المسابقة في المهرجان، ويتعمق في القضايا المتعلقة بالتحكم في المصير الشخصي وحق الإنسان في الموت بكرامة وبقرار شخصي، مما يفتح النقاش حول موضوعات مثل القتل الرحيم والصداقات الطويلة في مواجهة الموت الوشيك​.

وقالت جوليان مور: "هناك قوة حياة هائلة في أفلام بيدرو، وهذا ما يستجيب له الجميع. إنه تقريبًا كما لو كنت تسمع دقات قلوب الجميع وأنت تشاهد هذه الأفلام". وأضافت: "الفيلم يتناول أسئلة وجودية مثل: ماذا يعني أن تكون حيًا؟ ماذا يعني أن تكون إنسانًا؟ ماذا يعني أن يكون لديك جسد؟ ماذا يعني أن يكون لديك صديق؟ ماذا يعني أن يكون لديك شاهد؟".

وصفت سوينتون الفيلم بأنه "قصة حب" بين شخصيتها وشخصية مور، بسبب الصداقة التي تجمعهما في الأحداث، مشيرة إلى أن الصداقة النسائية تشكل جزءًا محوريًا في الفيلم. وأضافت: "نادرًا ما نرى قصة عن الصداقة النسائية، وخاصة الصديقات اللاتي يكبرن في العمر". واستطردت: "لا أعتقد أن هناك مخرجًا آخر في العالم يمكنه القيام بذلك سوى بيدرو. الأهمية التي يظهرها لهذه العلاقة غير مألوفة للغاية. لقد كان ذلك مؤثرًا جدًا بالنسبة لي، لأنه صور هذه العلاقة بعمق كبير".

وأكدت جوليان مور أن علاقتها بسوينتون تعمقت خلال تصوير الفيلم، مما أضاف إلى واقعية العمل. وقالت: "لقد كان ذلك مميزًا بالنسبة لنا أيضًا، لي ولتيلدا، يومًا بعد يوم. كيف نمت علاقتنا، وكيف تعرفنا على بعضنا البعض، والأسرار التي شاركناها، والأشياء التي تحدثنا عنها. ولم يكن الأمر دائمًا متعلقًا بالأشياء المهمة، فأحيانًا كانت الأحاديث تدور حول الأحذية".

نجح ألمودوبار في تقديم فيلم يفيض بالحياة والمحبة رغم موضوعه الحزين، وكان لافتًا استخدام الإضاءة والتفاصيل البصرية بشكل بديع شاعري في العديد من المشاهد، فيما برز اعتماد العمل بشكل أساسي على الحوارات الطويلة بين البطلتين رغم مبالغتها في بعض الأحيان.

العمل شهد تقديم تيلدا سوينتون أداءً مذهلًا بدور مارثا، التي رغم اقتراب نهايتها، لا تزال تحاول السيطرة على حياتها حتى النهاية. صحيح أن الفيلم لا يمكن اعتباره أفضل أفلام ألمودوبار، ولكنه لا يزال فيلمًا يستحق المشاهدة بفضل التمثيل القوي والرسائل الإنسانية العميقة التي يحملها.

 

موقع "إيلاف" السعودي في

05.09.2024

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004