ساعات وتبدأ الدورة الثامنة والثلاثون من مهرجان الإسكندرية
السينمائى لدول البحر المتوسط، الذى كثيرًا ما يواجه أزمات عديدة أحيانا
تكون قبيل الافتتاح بساعات، لكن لا تهتم إدارة المهرجان سوى بخروج دورة
جديدة مشرفة، لتنير السينما وسحرها سماء الإسكندريةحتى انتهاء فعالياته.
الناقد الفنى الأمير أباظة، رئيس المهرجان ورئيس الجمعية
المصرية لكتاب ونقاد السينما، يتحدث لـ«صباح الخير» عن أبرز محطات الدورة
الجديدة من المهرجان، وسر حالة النوستالجيا التى تربط نجوم الفن بمهرجان
الإسكندرية، وعن آليات تخطى العقبات، وكذلك حالة الثراء الفنى والثقافى ضمن
الفعاليات التى يهتم بها فى كل عام.. وإلى نص الحوار.
·
«اضحك
للسينما».. لما تم اختيار هذا العنوان تحديدا للدورة 38؟
لأننا نحتفل خلالها بالكوميديا، وكذلك التكريمات تتناول
مسيرة العديد من نجوم الكوميديا الكبار، مثل إسماعيل ياسين وفطين
عبدالوهاب، فضلا عن عمل أول استفتاء فى تاريخ السينما المصرية لأفلام
الكوميديا، والذى كان من المفترض أن يتم إجراؤه العام الماضى، ولكن لأسباب
طارئة تم تأجيله لهذا العام، وبدأنا فى العمل عليه مبكرًا، وتصادف ذلك مع
الذكرى الخمسين لنجوم مثل إسماعيل ياسين وفطين عبدالوهاب.
وجزء من حماسى تجاه أن تكون الدورة مهداة للكوميديا
ونجومها، هو الرغبة فى إعادة الاعتبار للأفلام الكوميدية التى نعشقها
ولكنها لا تدخل فى عداد المهرجانات ولا يتم تقييمها، لأن هناك نظرة
«دونية»للكوميديا وهذا خطأ كبير، فالكوميديا قد تقدم شكلًا مختلفًا وتناقش
قضايا مهمة وتحقق إيرادات ومشاهدات كبيرة فى الوقت ذاته.لذلك أرى أن هناك
فصاما بين نظرة النقاد والجمهور فى الشارع حول الكوميديا وأهميتها، وهذا ما
اهتممنا بطرحه فى هذه الدورة.
·
ماذا عن اختيار «تونس» الدولة ضيف شرف المهرجان؟
-
لدينا أكثر من حدث مهم وراء هذا الاختيار، فالرئيس عبدالفتاح السيسى قد
اختار العام 2022 عام الثقافة المصرية التونسية، وبالتالى نحن نحتفل به،
بالإضافة إلى أن هذا العام يتوافق مع مئوية السينما التونسية التى بدأت فى
عام 1922. لذلك تتضمن فعاليات المهرجان إقامة معرض للأفلام المصرية التى
صورت فى تونس، ومعرض لنجوم ومخرجين مصريين صورهم الناقد والسينمائى التونسى
الشهير «خميس الخياطى»، بالإضافة لمعرض لأفيشات الأفلام المصرية التى تم
تصويرها فى تونس.
·
حدثنا عن أهمية الطقس الذى اتبعه المهرجان بإطلاق دورات
بأسماء نجوم كبار مثل نور الشريف ونادية لطفى ونبيلة عبيد وغيرهم.. على أى
أساس يتم اختيار النجم؟
على أساس الإنجاز الذى قدمه وعلى أساس تأثيره في مجتمعه،
وتأثيره فى الوطن العربى كله وليس فى مصر فقط. وكل الأسامى التى يتم
اختيارها حتى الآن كان لها تأثيرها على المستوى المصرى والعربى، ومعظمهم
حصلوا على جوائز فى مهرجانات دولية مثل نور الشريف وهو أول فنان تُطلق دورة
باسمه. وبالتالى نحن نؤرخ لكل دورة من خلال فنانين كبار لهم بصمة فى تاريخ
السينما.
·
وماذا عن دورة النجم محمود حميدة؟
-
الفنان محمود حميدة واحد من أهم الفنانين فى العقود الثلاثة الأخيرة، فهو
ممثل متفوق ومتفرد، فقد قدَّم وأنتج مجموعة من الأفلام المهمة، وقدَّم
واحدة من أهم المجلات الثقافية السينمائية ألا وهى «الفن السابع». ونستطيع
القول بأن إنجازه فى السينما سواء كممثل أو كمنتج أو حتى كداعم للثقافة
السينمائية إنجاز كبير يستحق عليه كل التقدير.
·
فعاليات كثيرة للمهرجان فى فترة زمنية قصيرة نسبيا.. أليست
مسئولية كبيرة؟
-
بلى. مسئولية كبيرة وضغط كبير، فالمهرجان يتمثل فى فعاليات متعددة وأنشطة
مختلفة ومتلاحقة، وتعطى الجميع فرصة الاختيار بين هذه الفعاليات ما بين
ندوات وعروض، فأنا نشأت وتربيت فى مهرجان القاهرة السينمائى مع الأستاذ سعد
الدين وهبة والأستاذ أحمد الحضرى وأسماء أخرى كبيرة. هذا ما عاصرته من زخم
وتعدد فى الأنشطة والفعاليات والثراء فى دورات المهرجان.
كيف يواجه الأمير أباظةالانتقادات؟
لك رأيك ولى رأيي؛ لا ضرر ولا ضرار. أنا أقدم حدثًا فنيًا
من حقك أن ينال إعجابك أو العكس، فمثلا فكرة الاستفتاء تعرضت للانتقاد وتم
الإشادة بها أيضًا من جانب آخر. وبالتالى من حق الجميع أن يعبر عن رأيه،
ولكن ليس من حق أحد أن يحجر على أحد وعلى أفعاله، ولا أن يفرض عليه رأيه.
·
ما أبرز المعوقات التى واجهتك فى الدورة 38؟
المعوقات كثيرة، لكنها لا تمنعنا عن تحقيق النجاحات، ففى
عام 2013 أثناء حظر التجوال ووجود حصار دولى على مصر لم تتوقف الدورة وخرجت
للنور. وفى عام 2020 أثناء فترة كورونا وتوقف المهرجانات الفنية لم يتم
إلغاء دورة الإسكندرية السينمائى. لذلك أرى أن التحديات تعطى فرصة أكبر بأن
نقدم عملًا مختلفًا وإبداعًا مميزًا. أى أن كل المعوقات كانت دافعًا
وحافزًا للنجاح.
·
هل تمر السينما المصرية بسنوات عجاف حاليا؟
-
هى مشكلة إنتاج فى المقام الأول، والقرصنة سببت مشكلة كبيرة وجعلت الصناع
يخافون على أفلامهم، بالإضافة إلى أنه ليس هناك إنتاج كاف، فمنذ سنوات كنا
نعرض فى مهرجان الإسكندرية من 10 إلى 15 فيلمًا «مصريًا»، وكان لها مسابقة
خاصة بها، وهذا ما جعل جيل السبعينيات والثمانينيات مرتبطًا بالمهرجان بشكل
كبير، لأنهم حصلوا على جوائز منه في بداياتهم، لذلك كل هذه الظروف أثرت فى
إنتاج الفيلم المصرى المشارك، وأعتقد أنها مسألة وقت وستعود الأمور كما
كانت.
·
حدثنا عن أهمية تكريم رموز سينمائية وكوادر ما وراء
الكاميرا مثل «أبية فريد» والمونتير سعيد الشيخ وغيرهم.
-
أبية فريد توفيت منذ 40 عاما، وهناك أجيال جديدة من الشباب يجب أن يتعرفوا
عليها وعلى موهبتها، بالإضافة لكون هذا التكريم بمثابة دعم للمرأة وتأكيد
على أهمية دورها حتى بعد رحيلها. وهذا دور مهرجان الإسكندرية، حيث يهتم
بتكريم صُناع السينما فى كل مجالاتهم، وليس النجوم أمام الكاميرا فقط.
·
ما سر الصِبغة السياسية التى أصبحت مرتبطة بمهرجان
الإسكندرية وارتباطه الدائم بقضايا وطنية خاصة فى السنوات الأخيرة؟
-
الفن فى الأساس مرتبط بشكل وثيق بقضايا الوطن، وبالتالى ليس من الطبيعى أن
نقوم بعمل مهرجان سينما ليس لديه هوية وطنية، وليس منطقيًا أن يكون هناك
إرهاب دون أن نوضح أن السينما تتحدى الإرهاب. وبالتالى ارتباط المهرجان
بقضية وطنية وإقليمية أمر مهم جدًا، وهذا أضاف للمهرجان وساهم فى صناعة
اسمه فى المنطقة.
·
العقبات المادية أزمة لا تنتهى فى المهرجانات المصرية..
ماذا عنها؟
-
هذه العقبة ازدادت هذا العام خاصة مع زيادة الأسعار وانخفاض الميزانية.
وعلى الرغم من ذلك يجب أن أشكر الدكتورة نيفين الكيلانى وزيرة الثقافة على
تدخلها لحل مشاكل الميزانية، فأنا لا أريد تقديم «شبه مهرجان»، فالمهرجانات
واجهة للبلد ولها دور مهم فى العلاقات الداخلية والخارجية، لذلك عندما
أستضيف سينمائيين من دول البحر المتوسط، وأضع برنامجًا لهم لمشاهدة المناطق
السياحية والأثرية فى القاهرة والإسكندرية، كل هذا تشجيع للسياحة، ويحتاج
إلى الدعم من الدولة سواء دعما لوجيستيا أو ماديا، فالإسكندرية مدينة كبيرة
وعظيمة وتستحق أن يكون مهرجانها فى مصاف المهرجانات الكبرى..وأتمنى أن
أستطيع القيام بذلك.
|