ملفات خاصة

 
 
 

"هذا فيلم يتنفّس"… مقابلة "النهار" مع الفائزين بجائزة لجنة التحكيم في كانّ

هوفيك حبشيان

كان السينمائي الدولي

الخامس والسبعون

   
 
 
 
 
 
 

“ثمانية جبال” رواية للإيطالي باولو كونييتي انتقلت إلى الشاشة في فيلم جميل يحمل العنوان نفسه بتوقيع الزوجين ال#سينمائيين البلجيكيين فيليكس فان خرونينغن وشارلوت فاندرمرش، وقد اكتشفناه في مسابقة الدورة الأخيرة من #مهرجان كانّ السينمائي حيث فاز بجائزة لجنة التحكيم. الفيلم عن حكاية صداقة بين شابين، بييترو وبرونو، أحدهما من الريف والآخر من المدينة. عمل شاعري شديد الخصوصية يصوّر حكاية حميمية وسط الطبيعة، وعنه كان لـ”النهار” الحوار الآتي مع المخرجين.

فيليكس فان خرونينغن: هذه قصّة صداقة جميلة جداً جداً بين شابين تمتد على ثلاثين عاماً. الأسئلة التي سيطرحانها على نفسيهما (لا على نحو مباشر بل كما يتجلى في الفيلم)، هي أيضاً الأسئلة التي طرحناها على نفسينا في هذه المرحلة من حياتنا. هذه الأسئلة خاطبتنا. هذا كله حصل بشكل طبيعي. أغرانا أيضاً أن نذهب إلى الجبال لنصوّر فيها الفيلم الذي أردناه بالإيطالية لأن الرواية على قدر من الصفاء والأصالة. كان هناك اقتراح بتصويره في أميركا وبالإنكليزية، لكننا تمسّكنا بلغة الكتاب الأصلية. أما الكتابة فجرت بسلاسة تامة.
شارلوت فاندرمرش: ينطوي الكتاب على جوهر أردناه في الفيلم. أحببناه لهذا الجوهر أصلاً. لم نشعر بحاجة إلى أن نستل منه بعض الأفكار ونفضي إلى شيء مختلف. لا، هذا لم يحدث. تعلّقنا بجوهر الكتاب. هذه قصّة تتبلور على مدار ٣٠ عاماً وتستند إلى طبقات وتيمات عدة وتنطوي على ثراء كبير. وددنا ان نحافظ على هذه العناصر التي بعضها مضمر وبعضها واضح ومفصّل. التحدي الأكبر في نقل الرواية إلى الشاشة كمَن في المحافظة على هذا الثراء. كتبنا سيناريوات عدة إلى أن وصلنا إلى هذه النسخة المكثّفة.

فيليكس: منذ البداية، تعرّضنا لضغوط لاختصار الفيلم إلى ساعتين، خصوصاً كلّ ما يتعلّق بالبداية، لكن لم نرضخ لذلك. أردنا للفيلم أن يتنفّس (…). كانت هناك لهجات إيطالية عدة، وسيدرك الإيطاليون أننا بذلنا الكثير من الجهد كي نقدّمها بأدق ما يمكن. نبشت أفلامنا السابقة في عوالم مختلفة، أحياناً عوالم موجودة في الواقع، وأحياناً عوالم صنعناها لأجل الفيلم. لكن، عموماً، يحمّسني جداً الغوص في “كودات” بعض العوالم، لأرى ما يصلح وما لا يصلح بصرياً. بعض الصحافيين الإيطاليين قالوا لي إنهم ما كانوا ليعرفوا أن الفيلم يحمل توقيع مخرجين غير إيطاليين، وهذا إطراء بالنسبة لي.

شارلوت: تعلّمنا الإيطالية وانطلقنا بالكاستينغ خلال مرحلة إعادة الكتابة. كنّا قد بدأنا نقوم بزيارات لوادي أوستا حيث صوّرنا الفيلم. عاينّا الكثير من المواقع بحثاً عن الأمكنة المناسبة، فتعرفنا إلى الكثير من البشر. الكاتب باولو كونييتّي يعيش هناك في الجبال، تقريباً ستّة أشهر في السنة. استقبلنا وعرّفنا إلى أصدقائه وكان من بينهم مَن يشبه بييترو. شرّع أمامنا عالماً، ورحنا نحفر فيه، قبل أن نستقرّ فيه كلياً شهرين قبل بدء التصوير، كي نتكيّف مع سكّان القرية. تحدّثنا إلى الكثير من الفلاحين وبعضهم ساعدنا في التصوير حتى. باختصار، حاولنا أن ندخل في “أصالة” المكان.

فيليكس: “جبل بروكباك” من الأفلام التي ألهمت كونييتي، وكذلك فيلم “في البريّة”. أحب هذه الأفلام، لكن أعتقد أننا أنجزنا فيلماً مختلفاً عنهما. ما هو عظيم في “جبل بروكباك” هو الإيقاع، وهذا ما ألهمنا فيه. أما الموسيقى التي اخترناها فهي لعازف سويدي يُدعى دانيال نورغرن…

شارلوت: موسيقاه قريبة من لون موسيقي يُعرف بالـ”أميريكانا”. تعرّفنا إليه وكان ألبومه “ألابورسي” مصدر إلهام حقيقياً خلال الكتابة، علماً بأنه يعيش في الغابات في السويد ويسجّل الأصوات الغريبة في عمق الطبيعة، ويفعل كلّ شيء بنفسه… فقلنا إنه ملائم جداً لمشروعنا وسيلتقط روحيته. أعجبنا فيه رجولته المختلفة؛ فهو في الحين نفسه رجل طبيعة ومتّصل بالسماء، بالاضافة إلى أدائه الغنائي. ثمة أصالة وحساسية عنده. في البداية، طلبنا إليه تأليف موسيقى الفيلم، فوافق ثم تراجع. كان خائفاً من قيود الإنتاج الكبير. لكن تمسّكنا به وكنّا نعرف أنه الشخص المناسب، على الرغم من أننا قابلنا عدداً من الموسيقيين. فعدنا إليه لنسأله عمّا إن كان في إمكاننا استخدام أحد مؤلفاته، فوافق. وجدنا لديه العديد من المؤلفات التي كانت على شكل موسيقى تصويرية ولكن لم يكن قد استخدمها قط. كلّ ما تسمعه في الفيلم يأتي منه. بعدما شاهده، قال: “هذا هو الفيلم الذي لطالما كنت أؤلّف الموسيقى من أجله، لكن من دون فيلم”.

هذا الفيلم عن المواسم الأربعة في الحياة. نراها عبر الطبيعة. من الغريب أننا ندعوها “طبيعة”. كلّ شيء من حولنا طبيعة. فلماذا نعطيها اسماً مختلفاً؟! وهذا أحد النقاشات التي نراها في الفيلم. “أنا إنسان، وهذا الذي بين يديّ صخرة. الأمر سيّان”. أنا الطبيعة. عودة المواسم سمحت بفيلم يحمل شيئاً من الروحانية. هناك أيضاً هذا التواصل مع الأرض، وهو ما نشعر الحاجة إليه جميعاً في مرحلة من مراحل حياتنا. جميعاً نفهم لماذا يجب أن نهتم بالأرض، لأننا جزء منها. الاهتمام بالأرض هو اهتمام بأنفسنا. هذا كله في عمق الفيلم.

فيليكس: لي محل إقامة في وسط فرنسا، تحديداً في جبال الكتلة الوسطى. نشأت هناك لأن والديّ كانا يملكان بيتاً هناك وكنّا نمضي فيه بعض الوقت. لا يزال هذا الملاذ لي، وأهرب إليه حينما أتعب من العالم وممّا يحدث فيه وحينما أشعر بإحباط. أجلس قرب البحيرة، أسبح في مائها. شيّدنا أيضاً منزلاً مع عائلتي. لكن، بعد مرور عدة أيام هناك، أصاب بتوتر. المكان جميل ويشعرني بالسعادة، لكن لا أستطيع أن أعيش فيه كلّ الوقت. عندما قرأتُ كتاب كونييتي، شعرتُ بأن من البديهي أن أسعى إلى أفلمته، لأن فيه أشياء تتقاطع مع تجربتي الشخصية. أحدها هو موضوع الأب وحضوره والعلاقة التي بينه وبين الابن. كلانا، شارلوت وأنا، فقدنا والدينا، والحديث عن الأب كان نوعاً من حداد لنا. حاولنا تجاوزه من خلال الحديث عنه، وأخذ مسافة منه (تدمع عيناه). آسف على هذا (ضحك). مذ أصبحنا والدين، بتنا ننظر إلى الحياة من زاوية أخرى. هناك أشياء لم نفهمها عندما كنّا أبناءً، لكن الآن بتنا نفهمها لدرجة أننا نغفر لهم.

شارلوت: لم تنقطع علاقتي بوالدي طوال عشر سنوات كما في الفيلم. ولكن جميعاً عشنا تلك اللحظة حيث نكبر فيها ونأخذ مسافة من أهالينا. والدي كان شخصاً صعباً جداً ومعقّداً وكان لي احساس بأنه صاحب وجهين. كان حيناً غائباً وحيناً آخر شديد الحضور. كنت وددتُ لو شاهد الفيلم. طبعاً لا شيء حرفياً من علاقتي به، فقط بعض التفاصيل والذكريات هنا وهناك.

فيليكس: لا أعرف شيئاً عن مشروعي المقبل. سأرى (ضحك). قبل بضع سنوات، لم أكن لأتخيّل أنني سأنجز هذا الفيلم. أحب دائماً أن أذهب في اتجاه آخر لعملي السابق. ”فتى جميل” هو أيضاً عن القبول وعلاقة الأب والابن، إذ إن الأول يعتقد أن في قدرته إنقاذ الثاني. “ثمانية جبال” طريقة أخرى لتناول موضوع القبول… كلّ ما أعرفه في اللحظة الراهنة هو أننا سنأخذ بعض العطلة (ضحك).

 

النهار اللبنانية في

18.06.2022

 
 
 
 
 

العرب في مهرجان كان.. سينما سياسية غير مطروحة للداخل

حسام الخولي

هناك فكرة أكثر وضوحًا وتصور واضح تمامًا يمكن استشفافه من التأمل قليلًا في قلب الملصق الدعائي الرسمي الذي أعلن عن بداية للدورة الـ 75 من مهرجان كان السينمائي الدولي. الذي تنطلق فعالياته هذا الأسبوع. نشاهد رجلا ينظر إلى الأمام وهو يصعد بعض درجات السلم مع خلفية لألوان زاهية تُشعر الناظر إليها بحياة أكثر رحابة بعد عشرة أشهر فقط كانت تفصل بداية هذا الموسم عن دورته السابقة التي لم يكن يعوّل عليها كثيرًا. ومخاوف انتهت تقريبًا من صعود اليمين في الانتخابات الرئاسية التي انتهت قبل قليل.

الأمر الذي أكّد تمامًا ذلك التصور كان داخل المؤتمر الصحفي العام للمهرجان. إذ قال المندوب العام تييري فريمو إن دورة هذا العام “لن تكون مجرد شاشة كبيرة لعرض الأفلام فقط بل محاولة دؤوبة للحفاظ على ذاكرة السينما والعالم. ستهتم بحاضر المهرجان ومستقبله. وليس ماضيه”. في إشارة واضحة للنظرة التي يريد المهرجان إيصالها بتخليصه من النوستالجيا الخاصة والعامة وربما نسيان عامي كورونا ثقيلي الأثر مقابل تذكر فداحة الحرب الروسية على أوكرانيا.

يبدو أنها دورة سياسية بامتياز أو ربما من الأدق أن نعتبرها مسيسة. في قلب كل تلك السياسات التي تواجهها دورة مهرجان كان هذا العام بشكل أكثر شراسة من السنوات القليلة الماضية يبدو أنه في الوقت ذاته لا يبدو غريبًا لكل من يعلم تاريخ المهرجان نفسه. كما أنه بجانب تلك المعركة التي تبدو إظهارًا لغضب عالمي مما يحدث في أوكرانيا الذي يتحمل ذنبه كل إنسان يحمل الجنسية الروسية في أي بقعة على الأرض. ثمة تدخل سياسي حذر لكنه مبشر يصنعه فنانون عرب يحاولون أن يقدموا مآسي بلادهم التي على ما يبدو سيصبح من الصعب جدًا محاولة عرضها في بلادهم العربية.

إلى جانب السياسة العالمية التي تسقط الضوء فقط على ضحايا العالم الأول الذي يبدو مساحات مقارنتهم بغيرهم من مظلومي العالم اتهام واضح بالمزايدة السياسية، كان لدينا حضور عربي سواء من بلاد عربية أو قصص عربية صنعها مخرجون ليسوا عربا تمامًا، لكنه على كل حال يبدو حضور لافت برصيد ستة أفلام يبدو عليها الطابع السياسي هي الأخرى، موزّعة على أقسام المهرجان الثلاثة “نظرة ما” و”نصف شهر المخرجين” وأسبوع النقاد”.

عنكبوت مقدس

نشاهد من بين تلك الأفلام فيلم المخرج علي عباسي الذي يشاركه فيه البلجيكي لوكاس دونت في المسابقة الرسمية عنكبوت مقدس. حول قصة متطرف ديني يسعى إلى تطهير مكانه من المومسات. تُسرد القصة على لسان بطلها “الإرهابي العربي” البطل الأكثر إغراءً لتمثيل الشخصيات العربية دوليًا وما قد يحمله ذلك من نظرة استشراقية تمامًا للحوار.

وجود نسائي مؤثر في المهرجان. إذ ننتظر المخرجة المغربية مريم توزاني بفيلمها الجديد “القفطان الأزرق”. الذي واجه تضييقات كبيرة عربيًا وربما تمامًا كما حدث مع فيلمها الأول “آدم” في 2019. كما تشارك المخرجة أريج السحيري التي تشارك في المسابقة نفسها بفيلمها الطويل الأول “تحت الشجرة”. في الوقت الذي ترأس لجنة التحكيم المخرجة التونسية كوثر بن هنية بعد نجاح كبير نالته بفيلمها الأخير “الرجل الذي فقد ظهره”.

أيضًا تشارك الفلسطينية مها الحاج بفيلمها “حمّى المتوسط”. إلى جانب فيلم “الحرقة” للمخرج التونسي لطفي ناثان. بينما في مسابقة “نصف شهر المخرجين” يشارك المخرج اللبناني علي شري بفيلمه “السدّ”. كذلك يشارك المخرج التونسي يوسف الشابي بفيلمه الأحدث تحت عنوان “أشكال”.

التطرف الديني

فيلمٌ آخر يحمل رسائل سياسية في أغلبها من نوعية الأفلام ذات الموضوعات العربية أو التي يقف خلفها سينمائيون من أصول عربية مثل فيلم “متمرّد” للبلجيكيين من أصول مغربية عادل العربي وبلال فرح. والذي يتناول مسائل الهوية والتطرف الديني من خلال حكاية شاب بلجيكي من أصول عربية يغادر بلجيكا لمساعدة ضحايا الحرب في سوريا. لكن، بعد وصوله يُجبَر على الانضمام إلى المليشيات ويبقى عالقاً في الرقّة

إلى جانب كل تلك القضايا العربية التي تُطرح في المهرجان الأكثر عالمية تشهد دورة هذا العام فيلم “صبي من الجنة” للمصري السويدي طارق صالح. الذي يرجح أن يثير جدلا دينيًا وسياسيًا لأنه يتناول الذي تناوله قبل ذلك بفيلم “حادث النيل هيلتون” الذي منع عرضه في مصر كما منع “صبي من الجنة”.

تدور أحداث الفيلم في جامعة الأزهر ويتمحور حول صراع الجهات السياسية المختلفة في مصر وتحديدا السلطة والإخوان المسلمين على السيطرة على أهم مرجعية سنية في العالم بعد وفاة الإمام الأكبر. فتقوم السلطة بتجنيد طالب جديد -آدم- من قرية صيد سمك. ليعمل عميلا لها داخل الجامعة من أجل تمهيد اختيار إمام موال لها.

جدير بالذكر أن الفيلم لم يشارك فيه أي ممثل/ة مصري. ربما للخوف من ردود الفعل المتوقعة من ورائه. سيثير هذا الفيلم جدلًا كبيرًا بالتأكيد رغم توقع عدم قوته الفنية تمامًا. وربما سيصبح من الصعب حتى محاولة ترويجه وعرضه في المهرجانات العربية التالية لمهرجان كان. لكنه يبقى نقطه حالكة في الداخل العربي الذي يغلق أبوابه أمام أي مناقشات من هذا النوع. كل تلك السينما السياسية غير مطروحة في الداخل، وربما لن يحدث.

 

موقع "مصر 360" في

22.06.2022

 
 
 
 
 

"أخوة ليلى" دراما واقعية ممنوعة من العرض في إيران

مخرج إيراني يعود إلى الواقع المعيشي في بلاده ليستقي منه مواضيع لأفلامه.

طهرانيعود المخرج الإيراني سعيد روستايي إلى الواقع المعيش في بلاده ليستقي منه مواضيع لأفلامه، تكون قريبة من المواطن الإيراني الذي يعيش حياة طبيعية تمر أحيانا بأزمات وأحيانا أخرى تبدو مستقرة، على عكس الصورة دائمة الإيجابية التي ترغب السلطات الإيرانية في ترويجها.

وفي آخر أفلامه “أخوة ليلى” أو “برادران ليلا” الذي لا يتجاوز 165 دقيقة، يروي روستايي قصة حياة أسرة إيرانية بعد تدهور صحة الأب ووقوعها  في براثن الفقر. فتحاول بطلة الفيلم ليلى وضع خطة لإنقاذ أسرتها من الفقر، باللجوء إلى إرث عائلي يحتفظ به والدها إسماعيل سرا.

المخرج سعيد روستايي يروي في الفيلم قصة حياة أسرة إيرانية بعد تدهور صحة الأب ووقوعها في براثن الفقر

ويُثير الفيلم بأحداثه وشخصياته وقصّة العائلة وأفرادها وضعا قد يوجد مثله بسهولة في المجتمع الإيراني بأكمله، المجتمع الذي يعاني نفاقا اجتماعيا، وظروفا اقتصادية قاهرة، وتنتشر فيه البطالة ويعاني أفراده وأسره من انهيار العملة، مع القيود والعادات الدينية المشددة التي تنتصر دائما للرجل على حساب المرأة.

وعرض الفيلم لأول مرة ضمن فعاليات الدورة الخامسة والسبعين لمهرجان كان السينمائي التي انعقدت في شهر مايو الماضي، حينها قال مخرج العمل إنه غير متأكد من أنّه سيتمكن من عرض فيلمه في إيران. ورغم حصوله على الموافقة الأولى من جانب حكومة الرئيس السابق حسن روحاني، إلا أن لا شيء يؤكد أنّه في ظل رئاسة إبراهيم رئيسي ذات التوجه المحافظ، سينال الإذن الثاني المرتبط بعرض الفيلم في دور السينما.

وبالفعل، أعلنت منظمة السينما الإيرانية الحكومية في بيان الثلاثاء رفضها إصدار ترخيص لعرض فيلم “إخوة ليلى”، بسبب ما قالت إنه “مخالفات وامتناع المنتج والمخرج عن العمل وفق المقررات”.

وأكدت المنظمة في بيانها أن الفيلم “أرسل للمشاركة في مهرجان كان من دون أن يمر بالمراحل القانونية”، مشيرة إلى أنها بعد إرسال الفيلم إلى كان دعت منتجه ومخرجه إلى اجتماعات، لـ”حل مشكلة الفيلم، بغية المساعدة وتسهيل مشاركته (في المهرجان) بعد تصحيح المسار”.

ولفتت إلى اتفاق مع القائمين على الفيلم لإجراء تعديلات عليه وإعداد نسخة نهائية منه لعرضها في مهرجان كان، لكنها أكدت أنهم لم يجروا هذه التعديلات.

واتهمت منظمة السينما الإيرانية منتجي الفيلم بأنهم “يصرون على استمرار المسار الخاطئ، وفضلوا عرض الفيلم في مهرجان كان على عرضه في صالات السينما الإيرانية وللمشاهدين في الداخل”.

منظمة السينما الإيرانية تعلن رفضها إصدار ترخيص لعرض فيلم "إخوة ليلى"، بسبب ما قالت إنه "مخالفات وامتناع المنتج والمخرج عن العمل وفق المقررات"

ثمة خطوط حمراء كثيرة في إيران، وتُمارس الرقابة على الأعمال السينمائية على مستويين، إذ تتحقق الحكومة من السيناريو بداية، ثم تدقق في محتوى الفيلم الذي يجب أن يكون متطابقا مع شروطها، وفي حال لم يكن كذلك تطلب الحكومة من المخرج أن يُجري تغييرات في عمله.

وفي حال رفض المخرج إخضاع فيلمه لتغييرات، لا يُعرض العمل في إيران.

وفي ظل هذه الرقابة السائدة، أكد روستايي خلال تصريحات له في مهرجان كان أن “كثيرا من المخرجين يرفضون خيار حيازة الإذن الذي يتيح لهم عرض أعمالهم ويصنعون ما يطلقون عليه تسمية أفلام سرية… يرسلونها إلى خارج إيران”.

ويذكر أن فيلم “إخوة ليلى” هو من بطولة الممثلة ترانة عليدوستي ونويد محمد زاده وبيمان المعادي وفرهاد أصلاني. وحصل الفيلم على جائزة الاتحاد الدولي للنقّاد في مهرجان كان.

وبدأت شهرة روستايي الكبيرة بعد عرض فيلمه الثاني “المتر بستة ونصف”، وهو عمل لاقى استحسان الجمهور والنقاد، وأخرج أفلامه القصيرة الأولى وهو في الخامسة عشرة من عمره قبل الالتحاق بكلية السينما.

 

العرب اللندنية في

23.06.2022

 
 
 
 
 

هل ما زال إلفيس بريسلي جديرا باهتمامنا؟

بالتزامن مع إصدار فيلم السيرة الذاتية الرائع للمخرج باز لورمان في دور السينما، يتأمل كيفن إي جي بيري في الإرث الشائك للموسيقي الراحل بمساعدة نجمة الفيلم يولا والأيقونة المثلي جون ووترز

 كيفن إي جي بيري 

في 16 أغسطس (آب) عام 1977، هزت وفاة إلفيس آرون بريسلي أميركا كاملة حتى البيت الأبيض. أعلن الرئيس جيمي كارتر حينها في بيان أن "موت إلفيس بريسلي يحرم بلدنا من قطعة منه"، ونسب الفضل إلى المغني الآتي من مدينة توبيلو في ميسيسبي في "تغيير وجه الثقافة الشعبية الأميركية إلى الأبد". خرج ثمانون ألفاً من محبي المغني المحزونين للانضمام إلى موكب جنازة بريسلي في ممفيس، ولكن حتى تلك اللحظة كان هناك من يتساءل عما إذا كان رجل الاستعراض اللامع سيؤسس لإرث يستمر فعلاً. كتب الناقد البارز لموسيقى الروك في تلك الحقبة ليستر بانغ نعياً في صحيفة "ذا فيليج فويس" الصادرة في نيويورك تساءل فيه: "إلى متى سنظل مهتمين؟"

يمكننا أن نؤكد الآن أن الإجابة هي 45 عاماً في أقل تقدير. إن إصدار فيلم السيرة الذاتية الممتع الذي يحمل عنوان "إلفيس" Elvis هذا الأسبوع للمخرج باز لورمان، مخرج فيلم "الطاحونة الحمراء" Moulin Rouge، هو مجرد مثال واحد على حقيقة أنه حتى في عام 2022، لا يزال بريسلي قادراً على جذب الجمهور. في وقت سابق من هذا الشهر، قدمت أوركسترا لاس فيغاس السيمفونية عرضها "سيمفونية الملك: موسيقى إلفيس بريسلي" في لندن لأول مرة، بينما تستضيف صالة "براود غاليريز" في ويستمنيستر حالياً معرض تصوير فوتوغرافي بعنوان "إلفيس وولادة الروك". وبشكل لم يكن متوقعاً إلى حد كبير، أصدرت شركة سوني الأسبوع الماضي اللقطات الأولى من السلسلة التي ستعرضها قريباً عبر منصة "نتفليكس" "العميل الملك" Agent King، وهي سلسلة رسوم متحركة "موجهة للبالغين" والتي تقدم بريسلي على أنه جاسوس سري يعمل لصالح الحكومة، لأسباب لا تزال غير واضحة. في الأقل سيوظف عقله المتشكك بطريقة جيدة.

تم إنتاج كل من فيلم "إلفيس" و"العميل الملك" بمشاركة زوجة بريسلي السابقة بريسيلا ووكالة بريسلي، الذين لديهم بطبيعة الحال مصلحة خاصة في الحفاظ على إرث أحد رموز القرن العشرين وإطالة أمده حتى القرن الحادي والعشرين. كان إلفيس بريسلي مصدراً كبيراً للتربح التجاري لفترة طويلة جداً، وقام مقال نشرته مجلة "رولينج ستون" في عام 2020 بعنوان "هل يمكن لإلفيس أن يبعث من جديد؟" بإيجاز الطرق المختلفة التي عملت بها شركة إلفيس بريسلي جاهدة لإعادة النجم إلى القمة. في نهاية المطاف، تعتمد أعمالها التجارية على ذلك. وفقاً لمجلة "فوربس"، في تلك المرحلة، انخفض دخل وكالة بريسلي بنسبة 30 في المئة من 60 مليون دولار كانت تحققها سنوياً قبل عقد من الزمان.

السؤال ما إذا كانت ثروات بريسلي قد ترتفع مرة أخرى مرتبط بمسألة أكثر تعقيداً وهي ما إذا كان ينبغي لذلك أن يحدث. حقيقة قائمة هي أن نجاحه بني على عمل وروح الاستعراض لدى الموسيقيين السود الذين لم تمنح لهم الفرص التي كانت متاحة له. تم ترسيخ صورة بريسلي كفتى إعلانات يروج للفصل العنصري عندما قام تشاك دي بغناء أغنية الراب "فايت ذا باور" "Fight the Power" الناجحة مع فرقة "بابليك إنيمي" عام 1989 التي يقول فيها "كان إلفيس بطلاً لمعظم الناس/ لكن مكانته عندي لم تتجاوز الهراء أبداً، كما ترون، بشكل مباشر/ عنصري - كان ذلك الوضيع بسيطاً وعادياً".

على كل حال، حتى تشاك دي لا يعتقد أن إرث بريسلي بسيط وعادي حقاً. في مقابلة أجراها عام 2002 أضاف بعض الفروق الدقيقة، قائلاً، "بالنسبة إلى علماء الموسيقى -وأنا أعتبر نفسي كذلك- كان هناك دائماً قدر كبير من الاحترام لإلفيس، بخاصة خلال جلسات التسجيل في استوديوهات (صن). نحن كأشخاص سود، نعرف ذلك جميعاً"، في إشارة إلى عمل بريسلي المبكر أثناء التسجيل في استوديوهات صن بممفيس. مشكلته الحقيقية هي مع نظام قام برفع بريسلي إلى مرتبة العظمة الفريدة. يضيف، "مشكلتي كانت مع التحيز من جانب واحد - مثلاً: جعل الوضع الأيقوني الذي تمتع به إلفيس في أميركا الأمر يبدو وكأنه ليس هناك مكان لأي شخص آخر... جاء أبطالي قبله. ربما كان أبطالي هم أبطاله. أما بالنسبة إلى كون إلفيس (الملك) لم يكن بمقدوري تصديق ذلك".

لكي نكون منصفين بحق بريسلي، لم يستطع هو نفسه تصديق ذلك. في مؤتمر صحافي عقد عام 1969 للترويج لعودته إلى الأداء الحي، بعد سبع سنوات من إنتاج أفلام هوليوود التي كانت تزداد ابتذالاً، أشار أحد المراسلين إلى بريسلي باسم "الملك"، لكنه أرجع اللقب إلى المغني فاتس دومينو الذي تأثر به في طفولته قائلاً، "ذلك هو ملك الروك أند رول الحقيقي".

هذه الحادثة هي واحدة من العديد من اللحظات الواقعية التي يعيد لورمان رسمها في فيلم "إلفيس"، والتي تضع بريسلي موضع رمز التكامل بدلاً من الاستيلاء الثقافي. يوضح الفيلم بشكل متكرر أن بريسلي فهم المعروف الهائل الذي كان يدين به لفناني الأداء مثل ليتل ريتشارد (يجسده الممثل ألتون ميسن)، وبي بي كينغ (الممثل كيلفن هاريسون جونيور) وآرثر "بيغ بوي" كرودوب (الممثل غاري كلارك جونيور)، الذي باتت أغنية البلوز الخاصة به "ذاتس ألرايت" That’s All Right أول أغنية منفردة يقدمها بريسلي في عام 1954.

تقول المغنية وكاتبة الأغاني البريطانية يولا، التي تلعب في الفيلم دور سيستر روزيتا ثارب رائدة موسيقى الروك أند رول، إنك لتتمكن من فهم بريسلي عليك أن تفهم مرحلة شبابه أثناء نشأته في حي أسود منعزل في توبيلو وتجاربه المبكرة في مشاهدة فناني الأداء في شارع بيل بممفيس. وتضيف "كانت هناك دائماً قصة واحدة مفقودة وهي القصة التأسيسية... لدينا النجم الكبير إلفيس، لكننا لا نعرف ما الشيء الذي صنعه. ولأنه كان حياً معزولا، فإننا لا نتعرف على قصة المكان الذي انطلق منه كل شيء. عندما كان طفلاً، ثم شاباً وكيف وصلنا إلى إلفيس".

بالنسبة إلى كيف كان بريسلي يعتقد شخصياً أن الأجيال القادمة ستنظر إليه، يتضمن الفيلم حواراً قاله بالفعل لمغنيته الاحتياطية كاثي ويستمورلاند قبل وفاته بوقت قصير "لن يتذكروني، لم أقدم أي شيء يدوم". اعتبر بريسلي نفسه فاشلاً لأنه لم يصنع أبداً فيلماً يضاهي أفلام الفنانين الذين يعتبرهم مثله الأعلى كجيمس دين ومارلون براندو، ولكن بالطبع ليس صحيحاً أنه لم يقدم أبداً أي عمل يدوم. لا تزال موسيقاه تبدو حديثة ونابضة بالحياة، بدءاً من إثارة موسيقى الروك الشبابية في أغنية "بلو سويد شوز" Blue Suede Shoes إلى الموسيقى التي تضج بالحياة في "بيرنينغ لوف" "Burning Love" و"ساسبيشس مايندز" "Suspicious Minds". بعد أكثر من 60 عاماً من صدورها لا تزال أغنية "كانت هيلب فولينغ إن لوف" "Can’t Help Falling in Love" تحتل مرتبة متقدمة في قوائم الأغاني التي يختارها الناس لرقصة العروسين الأولى في حفلات الزفاف.

يمكن القول إن التأثير الأكثر عمقاً لبريسلي على الثقافة الشعبية جاء من أدائه في حفل واحد في 5 يونيو (حزيران) عام 1956. كانت تلك الليلة التي ظهر فيها بريسلي البالغ من العمر 21 عاماً في برنامج "ميلتون بيرلي شو"، لأول مرة على شاشة التلفزيون الوطني، وضع الجيتار جانباً وأخذ يرقص. والأسوأ من ذلك بالنسبة إلى آلاف الآباء الذين أصيبوا بالصدمة والذهول في جميع أنحاء البلاد، في منتصف الحلقة، أشار بريسلي إلى الفرقة الموسيقية للإبطاء في عزف أغنية "هاوند دوغ" "Hound Dog" وشرع في هز وركيه بطريقة مثيرة على إيقاعها.

من الصعب أن نتخيل الآن، في عصر مشبع بالصور الإيحائية من كل الأنواع والأشكال، ما هو تأثير هز بريسلي وركيه. في اليوم التالي تباهى الناقد جاك غولد في "نيويورك تايمز" "اختصاصه هو حركة مميزة للجسم لقيت نجاحاً الآن بشكل أساسي بين الشقراوات الفاتنات الموجودات في المسرح. لم يكن للتمايل أي علاقة أبداً بعالم الموسيقى الشعبية وما زال الأمر كذلك".

في حين أن غولد ربما كان مخطئاً في تقييم ذلك، كان مقدم البرنامج ميلتون بيرل مدركا -منذ اللحظة التي رأى فيها بريسلي- مدى تأثير استعراضه على شاشة التلفزيون. لقد شجع بريسلي على عدم كبح جماح أدائه، قائلاً له "دعهم يرونك، يا بني". بعد العرض، ادعى بيرلي أنه تلقى أكثر من نصف مليون رسالة من أمهات غاضبات يصفن أداء بريسلي بأنه مبتذل ويهددن بمقاطعة البرنامج. اتصل على الفور بمدير بريسلي ليخبره عن تلك الرسائل. تذكر لاحقاً "لقد اتصلت بكولونيل باركر... قلت (السبب الوحيد لاتصالي يا كولونيل هو لأقول: أنت تمتلك نجماً بين يديك)".

يمكن أن يكون للأداءات التي قدمها بريسلي على شاشة التلفزيون في البدايات تأثير قد غير حياة أولئك الذين شاهدوه. قال لي صانع الأفلام جون ووترز "إلفيس هو سبب كوني مثلياً"، متذكراً مشاهدة بريسلي يغني "آي دونت كير إف ذا صن دونت شاين" I Don’t Care If the Sun Don’t Shine. متابعاً "في المرة الأولى التي رأيته فيها، علمت أن هناك شيئاً ما خاطئاً في جسمي - أو كان هناك شيء ما صحيح فيه! عندما رأيته يرتجف في عام 1956 وهو يغني "سنتبادل القبلات، وسنتبادل القبلات، سنتبادل القبلات مرة أخرى... "يا إلهي! عرفت في تلك اللحظة أن ذلك كان أمراً سيؤدي إلى بعض المتاعب الحقيقية في حياتي".

كانت الطاقة التي شعر بها ووترز وهو جالس أمام جهاز التلفزيون تنتشر في جميع أنحاء البلاد في وقت واحد، كما قال ليستر بانغ في نعي بريسلي "كان إلفيس هو الرجل الذي جلب الهيجان الجنسي المبتذل الصريح للفنون الشعبية في أميركا". لا يمكن للموروثات الثقافية أن تدوم أكثر من ذلك. كل مشاهد الاهتياج للفرق الغنائية الرجالية، من "ون دايركشن" إلى "بي تي أس"، وكل ذعر أخلاقي أثاره دوران "كاردي بي" في أغنية "واب" "WAP" أو تمايل "ليل ناس إكس" في حضن الشيطان إغواء له، هي تردد صدى اللحظة التي هز فيها إلفيس آرون بريسلي وركيه على التلفزيون الوطني، وأصبح شخصاً خالداً.

يبدأ عرض فيلم "إلفيس" في دور السينما في 24 يونيو.

© The Independent

 

الـ The Independent  في

24.06.2022

 
 
 
 
 

تجاوز مليار دولار فى شهر واحد

توب جان: «مافريك» يتوج مسيرة«توم كروز» بمغازلة الكبار

منى شديد

مليار و21 مليون دولار أمريكى حصيلة ما حققه أحدث أفلام النجم الأمريكى توم كروز «توب جان: مافريك» فى شباك التذاكر العالمى فى شهر واحد فقط من العرض ليجنى ثمار انتظاره أكثر من عامين، وانتهاء جائحة «كورونا» وعودة دور العرض للعمل بكامل طاقتها.

حصد الفيلم أكثر من 126 مليون دولار فى عطلة نهاية الأسبوع الأولى بالولايات المتحدة الأمريكية وكندا و322 مليون دولار فى أسبوع العرض الأول عالميا، ليمنح توم كروز رقما قياسيا كأعلى إيرادات افتتاح فيلم فى تاريخه السينمائى الممتد لما يقرب من 40 عاما وأول فيلم له يتخطى حاجز المليار دولار ويناطح أفلام شركة مارفل الشهيرة حيث لم يتجاوز «دكتور سترينج فى العوالم المتعددة للجنون» أخر أفلامها المعروض منذ الأسبوع الأول فى مايو الماضى 950 مليون دولار، ليصبح بذلك «توب جان: مافريك» الأعلى ايرادا فى عام 2022 حتى الآن.

وتجدر الإشارة إلى أن أعلى إيرادات حققها كروز فى مسيرته كانت 791 مليون دولار بفيلم «Mission: Impossible – Fallout» عام 2018، وأعلى ايراد لافتتاح فيلم كان «حرب العوالم» مع المخرج ستيفن سبيلبرج 65 مليون دولار عام 2005، فى حين لم يتجاوز افتتاح أى من أفلام السلسلة الشهيرة «المهمة المستحيلة» حاجز الـ60 مليون دولار. عوامل عدة أدت دورها فى نجاح «توب جان: مافريك» حتى إنه تحول إلى حالة احتفاء عالمية بتوم ومسيرته الفنية ــ دون اعتبار الدعاية الضخمة التى حظى بها وعروض الافتتاح المبهرة بالولايات المتحدة وفى مهرجان كان بفرنسا وكذلك الاحتفال الملكى بإطلاق عروضه فى لندن بحضور الأمير وليام وزوجته ــ السبب الوحيد لهذا الإقبال الجماهيرى. يعيد «توب جان: مافريك» توم كروز لشخصية الطيار الحربى المتمرد بيت ميتشيل المعروف بـ«مافريك» التى كانت سببا فى بزوغ نجمه فى ثمانينيات القرن الماضى، ورغم مرور أكثر من 36 عاما إلا أن المخرج جوزيف كوزينسكى سعى لمحاكاة الجزء الأول من الفيلم، وإعادة إحياء كل مشاهده الأيقونية بنسخة حديثة مبهرة لأقصى درجة بحيث تجتذب الأجيال الجديدة، كما تغازل كبار السن ممن شاهدوا «توب جان» فى شبابهم وشكل علامة فارقة فى حياتهم؛ حتى إن الإحصاءات تشير إلى أنه كان سببا فى ارتفاع مبيعات ماركة النظارات الشمسية التى ارتداها كروز وعدد من أبطال الفيلم بنسبة 40%، بينما ارتفع الإقبال على التجنيد فى البحرية الأمريكية بنسبة 500%. يبدأ كوزينسكى فيلمه بمقدمة تثبت أن كروز الموشك على إتمام عامه الستين ــ فى يوليو الحالى ــ لم يفقد سحره وجاذبيته ولا أعين مافريك المتقدة بحماسة أسرت مشاهدى الجزء الأول، فنراه يرتدى الجاكيت الجلد البنى الشهير ونظارته الشمسية ويسابق الريح بدراجته البخارية ليصل إلى القاعدة التى يعمل فيها على اختبار سرعة طائرة جديدة تحمل اسم «ماك».

وكعادة مافريك يتجاهل قرار الأدميرال هامر بوقف المشروع ويواصل التجربة بل ويستفزه بالتحليق بالطائرة فوق رأسه فى مشهد أسطورى اهتزت فيه جدران وسقف المبنى المجاور للنجم المخضرم إد هاريس «هامر» من شدة اندفاع الطائرة، حيث تم تصوير هذا المشهد -مثله مثل كل مشاهد الطيران فى الفيلم- بشكل حى وواقعى دون استخدام مؤثرات أو خدع. نجح توم وكوزينسكى إذن فى تحقيق ما كان يسعى إليه تونى سكوت مخرج «توب جان» وعجز عن تحقيقه بشكل كامل بسبب عدم توافر الإمكانات الكافية لذلك فى عام 1985، وهو تصوير مشاهد طيران وقتال واقعية خالية من الخدع، حيث قام سكوت بالتصوير فى قاعدة عسكرية وعلى سطح حاملة الطائرات الأمريكية USS Enterprise والتقط مشاهد واقعية لانطلاق طائرات من طراز F-14 وبعض الأنواع الأخرى من المقاتلات النفاثة وثبت كاميرات داخل قمرة القيادة موجهة للطيار والملاح وعلى أجنحة الطائرة. وشارك رائد الفضاء سكوت ألتمان فى تنفيذ بعض المشاهد القتالية المثيرة، إلا أن الممثلين لم يحلقوا بالطائرات، وإنما تولى هذه المشاهد طيارون حقيقيون.

وعلى الجانب الآخر حرص كروز وكوزينسكى على إخضاع كل فريق العمل لتدريبات شاقة هدفها الوصول لدرجة كبيرة من الواقعية، وظهرت نتائجها بشكل مبهر على الشاشة، فعلى غرار ما فعله مافريك فى الفيلم بعد تكليفه بالعودة إلى توب جان لتدريب نخبة من الطيارين على مهمة صعبة ربما لا ينجو منها بعضهم، قام كروز بتشكيل فريق حقيقى من أبطال الفيلم الشباب تدرب على أساسيات الطيران وطرق النجاة فى حالات الطوارئ، بل شاركوا بأنفسهم فى تصوير الفيلم. لكن هذه المرة كان يقود الطائرات أيضا طيارون حقيقيون بينما جلس الممثلون فى المقاعد الخلفية وحلقوا معهم فى طائرات من طراز F-18 ، وكان على كل منهم مهمة إضافية إلى جانب أداء المشهد، وهى تشغيل الكاميرات فى الوقت المناسب.

ولم يقتصر التماس بين الجزء الأول من الفيلم والجزء الثانى على هذا فقط وإنما امتد أيضا لتركيبة الشخصيات وبناء السيناريو، فالفيلم يستكمل مسار شخصية مافريك وعدم قدرته على التخلص من ذنب مقتل صديقه غوس فى الجزء الأول نتيجة تهوره فى إحدى المناورات. فى الوقت نفسه عليه أن يتعامل مع بغض روستر -ميلز تيلر ــ ابن غوس له بعد أن كان سببا فى تعطيل مسيرته المهنية فى البحرية الأمريكية، بينما يتعرض روستر نفسه لتنمر هانجمان ــ جلين باول ــ المشابهة لما تعرض له مافريك فى شبابه من ايسمان ــ فال كيلمر ــ بسبب تنافسهما على لقب الأفضل. وتُعتبر المقابلة بين ايسمان ومافريك هى المشهد الرئيسى فى الفيلم بل أجمل مشاهده، إذ تحول فايسمان أو أدميرال توم كازنيسكى على مدار السنين إلى الحامى الرئيسى لمافريك، وحافظ على استمراره فى البحرية على الرغم من تمرده وإصراره على تحطيم القواعد ومخالفة الأوامر، لإيمانه بأن البحرية تحتاج لشخص مثله. ويُحسب لفريق عمل الفيلم عودة فال كيلمر للدور وكتابة وتنفيذ المشهد بطريقة تناسب وضعه الصحى الراهن مما كان له تأثير مهم فى الأحداث، وذلك بعد إصابته بورم فى الحنجرة. أما حالة «النوستالجيا» وتكرار مشاهد بعينها كمشهد عزف روستر على البيانو أو لعب الكرة على الشاطىء كنوع من الاحتفاء بالفيلم الأول، وكذلك التفوق التقنى والاهتمام بتجسيد المشاهد بواقعية، فلم يشفع لفريق «توب جان: مافريك» فى تسطيحه العلاقات الإنسانية، وعلى رأسها علاقة الحب بين مافريك وبينى ــ جينفر كونلى ــ التى كانت أشبه بلمحة لطيفة الهدف منها هو ظهور وجه جميل يلجأ إليه مافريك بحثا عن الراحة، خارج قاعدة توب جان العسكرية!

 

الأهرام اليومي في

03.07.2022

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004