ملفات خاصة

 
 
 

"كانت يد الله": لباولو سورّنتينو السينما لغةً وتفاصيل وشخصياتٍ وحكايات

نديم جرجوره

جوائز الأكاديمية الأمريكية للفيلم

الدورة الرابعة والتسعون

   
 
 
 
 
 
 

"كانت يد الله". تعبير متداول بكثرة منذ إطلاقه على هدفٍ يُحقِّقه الأرجنتيني دييغو أرماندو مارادونا في مرمى المنتخب الإنكليزي، في مباراة ربع النهائي (22 يونيو/حزيران 1986) لبطولة كأس العالم في كرة القدم، في نسختها الـ13 (31 مايو/أيار ـ 29 يونيو/حزيران 1986). هدفٌ يُوافَق عليه، ما يؤدّي إلى فوز المنتخب الأرجنتيني بالكأس، في المباراة النهائية ضد منتخب ألمانيا الغربية (3 ـ 2). هدفٌ باليد اليُسرى، لن ينتبه إليه الحكم التونسي علي بن ناصر، فتتبدّل مسارات، وتُصنع أقدارٌ.

يتحوّل التعبير ـ بعد 35 عاماً ـ إلى عنوان فيلمٍ إيطالي، يُنجزه باولو سورّنتينو، فيُترجم إلى اللغتين الإنكليزية والفرنسية بـ"يد الله"، الفائز بجائزتي "الأسد الفضّي ـ الجائزة الكبرى للجنة التحكيم" و"مارتشيلّو ـ ماستروياني لأفضل أمل" (فيليبّو سكوتّي)، في الدورة الـ78 (1 ـ 11 سبتمبر/أيلول 2021) لـ"مهرجان فينيسيا السينمائي". والفيلم ـ إذْ يُلغي كلّ حدّ فاصل بين سيرة ذاتية ووقائع مرحلة واختبارات فردية ـ يلتقط نبض حياةٍ يعيشها أناسٌ مُقيمون في نابولي، في ثمانينيات القرن الـ20، الشاهدة على انتساب مارادونا نفسه إلى فريق كرة القدم، في تلك المدينة الإيطالية. مرحلةٌ يوثّقها البريطاني (ذو الأصل الهندي) آسيف كاباديا، في "دييغو مارادونا" (2019)، أحد أجمل الأفلام الوثائقية صناعةً وتوليفاً واشتغالاتٍ، وأقدرها على كشف وقائع وخفايا ذاتٍ وعلاقاتٍ، وعلى سرد حكاية وتفاصيل استناداً إلى أرشيف مُصوَّر، فقط لا غير.

لكنّ مارادونا لن يظهر في "كانت يد الله" لسورّنتينو (نتفليكس)، إلّا في ثوانٍ قليلة، وعبر شاشة تلفزيونية، تنقل إحدى المباريات المحلية، رغم أنّ سورّنتينو يُقدّم جديده هذا بقولٍ له: "فعلتُ ما بوسعي. لا أظنّ أنّ مستواي كان سيئاً للغاية". وأيضاً، من خلال فابيتو سكيسا (سكوتّي)، المهووس بمارادونا، والراغب في دراسة الفلسفة، والساعي إلى السينما بعد فقدانه والديه في حادثٍ منزلي سخيف (ثاني أوكسيد الكربون). يختفي مارادونا في سياقٍ دراميّ (130 دقيقة)، يبحث في تفاصيل عائلية بحتة، تقول إنّ هناك شيئاً أساسياً من سيرة مخرجٍ، وحكاية عائلة، وواقع مدينةٍ.

هذا مكتوب بمزيجٍ من سخرية وكوميديا ودراما عائلية، يُضاف إليها قلق وارتباك ناتجان من هول صدمة الموت، والبحث عن أجوبة لمستقبلٍ غير ظاهرٍ، وعن خلاصٍ غير مرئيّ.

السينما حاضرةٌ ليس في اشتغالٍ فقط، بل في صلب مسارٍ يروي حكاية فابيتو من خلال عينيه وأحاسيسه ورغباته، وبعض الرغبات مكبوتٌ. وفاة الوالدين، سفيريو (توني سرفيلّو) وماريا (تيريزا سابونانجلو)، تحوّلٌ جذري في سياق الفيلم ومسار فابيتو. الهناء والسكينة، والتفاصيل المثيرة للضحك بسخرية كبيرة وحادة وجميلة، تُصبح كلّها جحيماً يجهد المراهق في الخروج منه: أول تجربة جنسية مع البارونة العجوز، التي تريده أن ينظر إلى المستقبل بفضل التجربة الأولى تلك. البحث في السينما عن منفذٍ، عبر لقاء مع مخرجٍ يُدعى ريدْجِيّا كابْوانو (دْجِنّارو دي سْتِفانو)، يضعه أمام مرآة ذاته بقسوةٍ، لن تردعه عن الخروج من مدينته إلى أفقٍ آخر، يُعتَقَد أنّه سيكون روما، "لأرى إنْ كنتُ مؤهّلاً لأصنع أفلاماً".

كابْوانو نفسه يسخر منه بشدّة: "روما؟ الهروب العظيم. الإلهاء"، فبعد روما، "تعود إلى نفسك، وتعود إلى الفشل". السخرية، وأيضاً القسوة والتحريض على اكتشاف الأهمّ، فالمدينة هذه مليئة بالقصص، وعلى المرء أن يروي قصصه. كلامٌ عن السينما، كذاك الباحث في العلاقات والجنس والحبّ والتمثيل، بلغة مبسّطة وعميقة، وبشفافية لن يردعها شيءٌ فتُصبح تعذيباً، يُراد منه اغتسالٌ وتطهّر، وولادة أخرى.

أسماء مخرجين تحضر، أبرزهم فرنكو زيفيريلّي وفيديريكو فيلّيني. الهوس بالرياضة متساوٍ والهوس بالسينما. الحِيَل التي تصنعها ماريا تعكس شيئاً من رفاهية عيشٍ وطمأنينة. الخيانة الزوجية، رغم الحبّ الكبير، لن تحول دون استكمال ذاك العيش الهادئ، قبل حلول الموت، في مشهدٍ رائعٍ، يعكس عمق ذاك الحبّ، واستحالة اختراق الخيانة له لتحطيمه.

تناقضات العيش اليومي ماثلةٌ في تفاصيل وأهواء وأمزجة. شخصياتٌ تبدو كأنّها خارج الواقع، لكنّ حضورها الأشبه بالفانتازيا يقول إنّها أكثر واقعيةً من أي شيءٍ آخر. دانيالا سكيسا (روسّيلا دي لوكّا) تمضي وقتها في الحمّام، مع اكتفاءٍ سينمائي بسماع صوتها بين حينٍ وآخر، وإنْ نادراً. خروجها من الحمّام، قبيل لحظاتٍ على النهاية، دليلٌ على تبدّل عادات ومسارات. الجدّة والبارونة نموذجان نسائيان يُذكّران، ولو قليلاً، بنساء فيلّيني. الراهب الصغير، والفانتازيا المرافقة لزيارة باتريزيا (لويزا رانْييري) له، تعكس شيئاً من أوهامٍ، رغم أنّ فابيتو يلتقيه في محطة القطار، إذْ يأتي (الراهب الصغير) إليها لوداعه من دون كلام.

هذا يعني أنْ لا حَدّ بين واقعٍ ومتخيّل، أو بين حياةٍ وأوهامٍ. هذا يعني أيضاً أنّ الواقع متخيّل والعكس صحيح، وأنّ الأوهام حياة والعكس أصحّ.

 

####

 

"بطل" الإيراني أصغر فرهادي: حبكة مدهشة تصنع تعقيدات وتحوّلات

باريس/ ندى الأزهري

خطرت له فكرة الفيلم، عندما لاحظ أنّ وسائل إعلام إيرانية تسلّط الضوء، بشكل خاص، على عمل أخلاقي قام به مواطن عادي. الأخلاق، خاصة الكذب، ثيمة مُفضّلة عند أصغر فرهادي. كذبات صغيرة، وأحياناً كبيرة، تتبعها نتائج لم تكن بحسبان فاعلها. كرةٌ تكبر وتكبر، ويغدو التحكّم بها عسيراً، فتفلت من يديّ صانعها، وتخضع لتأثيرات خارجة عن إرادته.

كذبة، أو أمر آخر، أيّ حالة اعتيادية تتعلّق بالأخلاق: مواضيع تشكّل صميم أفلام المخرج الإيراني أصغر فرهادي. جديده "بطل" ("قهرمان" بالفارسية، 2021) ليس استثناءً. الفائز بجوائز من مهرجانات عالمية ـ آخرها الجائزة الكبرى، مناصفة مع "المقصورة رقم 6" للفنلندي يوهو كوسمانِن ("العربي الجديد"، 1 ديسمبر/كانون الأول 2021)، في الدورة الـ74 (6 ـ 17 يوليو/تموز 2021) لمهرجان "كانّ" السينمائي ـ يعود مع فيلمه هذا، كما فعل مع "البائع" (2016)، إلى إيران، بعد سياحة مُخيّبة في إسبانيا، مع "الجميع يعلمون" (2018)، وأخرى استكشافية في فرنسا مع "الماضي" (2013). يُقرّر فرهادي العمل في بلده، وهذا أكثر ما يبرع فيه، وإنْ يكن جديده أقلّ براعة من أفلامه الإيرانية الأولى، رغم أنّه ـ بالتأكيد ـ أكثر براعة من فيلميه الأوروبيين.

يتهيّأ رحيم (أمير جديدي) لتقديم عرضٍ مُغر، برأيه ورأي صديقته وزوج أخته: سيعطي دائنه جزءاً كبيراً من الدَين، يُتبعه بالباقي لاحقاً. يأمل بإقناعه بإسقاط الشكوى ضده، بعد 3 أعوام في السجن، وبإعفائه من تمضية ما تبقى من الحكم فيه. لكنّ الأمور، ببساطتها الظاهرة في سيناريو فرهادي، مؤهّلة لتنقلب إلى تعقيدات محبوكة بخيوط دقيقة ومشدودة، لا تتيح مُتنفّساً، لا للأبطال ولا للمُشاهدين.

رحيم سجين مثالي. يلعب السيناريو على أخلاقه الحسنة، ليبني أحداثاً قائمة على الشكّ فيه. له إجازة يومين من السجن، فيسعى إلى إقناع دائنه. لكنْ، كيف بات يملك مالاً، وهو سجين؟ حقيبةٌ فيها ليرات ذهبية وجدتها صديقته في الشارع. نظراً إلى حبّها الشديد له وثقتها بأخلاقه، ومن دون دخول السرد في معرفة مبرّرات الحبّ لرجل في السجن، مُطلّق وله ولد مُعوَّق، مُستعدةٌ هي لإعطائه الكنز كي يفكّ أسره. صاحب المال يرفض تجزئة المبلغ، لأنّه لا يثق برحيم. هنا أيضاً تتجلّى فكرة تتردّد غالباً في كتابات فرهادي، وتُجسَّد سينمائياً في حبكة مُدهشة: اختلاف نظرة الآخرين إلى الشخص نفسه، حتّى في صفات محورية تُكوِّن شخصيته. شخصٌ خيّرٌ يُمكن أنْ يكون سيئاً، بحسب زاوية النظر إليه، وصاحبها والظروف التي يمرّ بها عند تشكيله زاوية النظر، وهذا أحد الخطوط الدرامية المؤدّية إلى ظهور خيوطٍ أخرى لاحقاً.

عند الصائغ، تتوالى الدلائل التي بدأها السيناريو لإثبات النواحي الخيّرة في شخصية بطله. رحيم يتردّد في البيع. هناك إشارتان تجعلانه يتراجع عن قراره، ويعيد التفكير: لن يأخذ مالاً حراماً. سيجد صاحبة الحقيبة، ويُعيدها إليها. فعلٌ يراه عادياً، لكنّه يضعه في آلةٍ تطحنه. يجد السيّدة، فيُصبح بطلاً في مجتمعه. حاجة المجتمعات إلى أبطال تُحوِّل فعلته إلى قضية كبرى، تنشغل بها وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام، ويهتمّ بها مسؤولون وشخصيات. يجد رحيم نفسه في دور لم يكن مُستعداً له. تواجهه تحدّيات لم يكن ينتظرها، هو الذي ظنّ أنّ الأمر بسيط: عثر على شيءٍ، وأعاده إلى صاحبته.

لكنْ، كما صعد رحيم بسرعة على سلالم المجد، ومن دون أنْ يتوقّع هذا على الأقلّ، سيكون الهبوط مدوّياً. نتيجة إخفائه أمراً بحسن نيّة، وبناء على نصيحة أحدهم، يقع في دوامة، ويتجاذبه أشخاص ومواقف تدفعه، من دون إرادته في معظم الوقت.

خلاصة "بطل" كامنةٌ في مشهد الافتتاح. رحيم يصعد سقّالات، وُضعت على مكانٍ أثريّ محفور في الصخور، بحثاً عن صهره، ليُساعده في إقناع دائنه. ما إنْ يصل لاهثاً، حتّى يُخبره الرجل أنْ لا ضرورة للصعود، وأنّ عليهما النزول فوراً. أبطال أصغر فرهادي يُتقنون، كالعادة، أدوارهم في تأدية شخصياتٍ معجونة بالتناقضات والميول العدائية، وبالتجاذبات في لحظات اتّخاذ القرارات. كتابته مُحْكمة، كعادته. أما غير الاعتيادي، فحاضرٌ في مواقع التصوير، التي ابتعد فيها عن أجواء طهران، باختياره شيراز، المدينة الجميلة والمحبوبة من الإيرانيين بفضل تاريخها، مُحقّقاً أجواء بصرية آسرة في مشاهد عدّة، لها تأثيرها في الأحداث (الآثار الفارسية، السوق، إلخ.).

في شيراز، المدينة الجنوبية، طريقة عيش مختلفة بأسلوبها عن طهران، وشخصيات نافعةٌ أكثر لـ"بطلفرهادي، في تأدية البطولة. تتحلّى الشخصيات ببراءة وبساطة، لا يتمتّعان بها أهل العاصمة، ذات الـ14 مليون فرد. منذ المشهد الأول، يُجسّد أمير جديدي هاتين البراءة والبساطة، بشكلٍ كامل وبكلّ عفوية، بمشيته وحركاته وابتسامته المحيّرة، المتراوحة حدودها بين السذاجة والمكر. يُمثّل أكمل ما يكونه رحيم في قوّته وضعفه، وعند خضوعه لتأثيراتٍ يمكن أنْ تُحوّل شخصاً لطيفاً ومُسالماً ظاهرياً إلى عدوانيّ شرس.

حكاية "بطل" تُبدي توتّرات المجتمع الإيراني المعاصر بكل ذكاء. متشائمة ومليئة بالتناقضات المجتمعية. تأملٌ في معنى البطولة والحاجة إلى خلق بطل. التحدّيات الأخلاقية التي تواجه الأفراد تُحرّك السرد عند فرهادي، من كذب واحتيال وتلاعب، وما يُشكّل سمعة الفرد. هذه تخضع اليوم لعامل جديد، وجد طريقه إلى سينما المخرج الإيراني: وسائل التواصل الاجتماعي تتغلغل، شيئاً فشيئاً، في تحديد مسارات التحديات. تتطوّر في "بطل" مع تطوّر السيناريو، لتُمسي مُحرّكاً رئيسياً فيه، كأنّها نقلة غير مُحدّدة بهذه القوّة في البداية، وفرضتها طبيعة تطوّر الحدث والشخصية. عبرها، يتمّ التأثير في سمعة البطل، وتكذيب حكايته.

في هذه الحكاية الطويلة (120 دقيقة)، لا تنفكّ التحوّلات تظهر، واحدة بعد أخرى. ينبع حدثٌ جديد بعد آخر، ليُثير الشكّ بكلّ ما سبقه، ويدعو إلى إعادة التفكير فيه، وتوزيع الأدوار مجدّداً. أصغر فرهادي يستكشف كلّ ما يمكن لكذبة صغيرة، ولو كانت نبيلة وغير مقصودة، أنْ تصنع من نتائج، يصعب التحكّم بها. إنّه يدفع بالحبكة بعيداً، بمبالغة أحياناً، لتصبح الأمور أكثر عبثية، ولتُنتج ردود فعلٍ، لها ما يُبرّرها ويقودها إلى أخرى.

فعالية السرد، وقوّة ما يُقدّمه أصغر فرهادي من براهين، واتقانه كلّ حبكة لتبدو رداءً مشغولاً بحِرفية كبيرة، هذا كلّه لا ينفي شعوراً بنقصان شيءٍ ما، لعلّه التفاعل مع الشخصيات، أو حرارة السرد، للتخلّص من برودة عمل كامل متكامل.

 

العربي الجديد اللندنية في

24.12.2021

 
 
 
 
 

حصاد 2021 للسينما العالمية

تيارات وأرقام ومهرجانات مخيِّبة للأمل

بالم سبرينغز: محمد رُضا

على عكس ما سجّلته السينما العربية في هذا العام الآيل لتوديعنا من مواقف واتجاهات وأفلام، كما أوردنا هنا في الأسبوع الماضي، تتمتّع السينما العالمية بذلك القدر الكبير من السعة والشمولية بحيث يمكن نشر صفحات عنها إذا ما شاء الناقد التوسع في كل ناحية من نواحيها.

السينما العالمية انتعشت بنسبة 40% عمّا كان الحال عليه تجارياً في العام الماضي، 2020، لكنّ هذا لا يعني أنها تقدّمت كثيراً على صعيد استعادة جماهيريّتها من أنياب الداء المنتشر واستغلال المنصّات المنزلية لحاجة ورغبة الكثير منّا البقاء في المنازل.

حسب إحصاءات مؤكدة، فإن صناعة السينما الأميركية على وجه التحديد (وهي الأكبر والأنجح عالمياً) شهدت الوضع التالي:

> في عام 2019 سجلت 11 ملياراً و320 مليوناً من الإيرادات.

> في عام 2020 اكتفت بمليارين و90 مليون دولار.

حتى منتصف هذه السنة، 2021، تنبأ المعنيون بأن الخسارة الإجمالية للسينما حول العالم ما بين 2021 و2025 ستبلغ 160 مليار دولار.

> هذه الخسارة المتوقعة ستشمل صالات السينما التي ستخسر قرابة 8 مليارات دولار كل سنة.

طبعاً سيتغيّر كل شيء للأفضل لو صدق المسؤولون حين أعلنوا (ولو على نحو متضارب) أن أيام «كورونا» و«كوفيد» ومتحوراتهما ستصل إلى نهايتها مع نهاية العام المقبل.

التمثيل بالكمامة

سينمات العالم ما زالت أقل رغبة في تقديم مواضيع حول الوباء الكبير. عدد محدود من الأعمال السينمائية هذا العام دار حوله والكثير منه تسجيلي (أفضلها مما شاهده هذا الناقد فيلم صيني بعنوان «76 يوماً» حققه وايكسي تشن والصيني- الأميركي هاو وو، والذي تناول الأيام الأولى من انتشار الوباء). سبب وجيه لذلك يعود إلى أن التمثيل تحت الأقنعة لا يمكن تحمّله لا حين التصوير ولا حين المشاهدة. كيف ستقرأ انفعال الممثل إذا ما كان نصف وجهه غير مرئي بكامله؟ كذلك لا يمكن الآن تناول الموضوع إلا على نحو محدد. مثل المواضيع التي تدور حول الحروب الكبيرة منها والصغيرة ومثل تلك التي تتحدث عن أوضاع اجتماعية عامّة مطروحة اليوم (كالهجرة غير الشرعية، أو الشرعية منها) يحتاج موضوع «كورونا» إلى سيناريوهات مكتوبة باتجاه نقدي أو -على الأقل- بموقف يعكس إلماماً ويحتوي اتجاهاً ذا رأي محدد.

في مطلع العام شاهدنا «حظ سيئ في ممارسة الحب Bad Luck Banging or Loony Porn» للمخرج الروماني رادو يود الذي عرضه مهرجان برلين وخرج منه بجائزة الدب الذهبي (الأولى). فيه نرى بطلة الفيلم وهي تسير في شوارع بوخارست وقد غطّت وجهها بالكمامة معظم الأحيان. كذلك من تمر بهم من رجال ونساء. نعم هو واقع، لكن ما يجعله مقبولاً في هذا النطاق هو أسلوب المخرج القائم على اللا- حكاية (أو «الحكاية المحدودة») ضمن أسلوبه السردي الممطوط.

مهرجان برلين الذي توجّه للعروض الافتراضية مطلع 2021 ما زال أحد أهم خمسة مهرجانات دولية إلى جانب «كان» و«فنيسيا» و«صندانس» و«تورونتو». كل من «صندانس» و«تورونتو» عانى مما فرضه الوباء حول العالم. لكن «كان» و«فنيسيا» أقدما على إقامة دورتيهما حتى آخر نقطة في قاموس التحدي.

«كان»، الذي انتقل مرحلياً إلى منتصف السنة عوض ربيعها، أهدى جائزته الأولى إلى فيلم عنيف بعنوان «Titane» للفرنسية جوليا دوكورناو. أما المهرجان الإيطالي فمنح جائزته الأولى لفيلم «يحدث Happening» للفرنسية الأخرى أودري ديوان.

عندي، أخفقت المهرجانات الثلاث، عبر لجان تحكيمها، إطلاق سهامها صوب الأهداف الصحيحة. مقابل «يحدث» كان هناك «ذَا كارد كاونتر» لبول شرادر الذي هو أعمق وأهم من معظم ما عرضه المهرجان الإيطالي. عوض «تيتان» الذي خطف السعفة في «كان»، فقدت لجنة التحكيم قدرتها على التحكيم بإغفالها فيلم شون بن «يوم العَلَم». أما عروض برلين فقد شملت أقل عدد مميّز من الأعمال، اثنان منها كانا جديرين بالجائزة الأولى لو أن التحكيم استبعد أفلام الدهشة والصدمة كحال «حظ سيئ في ممارسة الحب»، هما: «عجلة الحظ والفانتازيا» للياباني ريوسوكي هاماغوتشي، و«دفاتر مايا» للثنائي اللبناني جوانا حاجي توما وخليل جريج.

«دفاتر»، برلين، يشترك مع «أوروبا» لحيدر رشيد (الذي عُرض في «كان» ضمن تظاهرة «نصف شهر المخرجين») في أنهما عن الهجرة. الأول حين يزور الماضي لبنانية وابنتها المهاجرتين إلى كندا، والثاني عبر حكاية شاب يسعى للبقاء حيّاً وقد دخل بلغاريا آتياً من تركيا خلسة.

موضوع الهجرة -مشروعة أو غير مشروعة- تم طرحه على نحو أفضل في «Limbo» للبريطاني بن شاروك، عبر حكاية شاب سوري يهوى عزف العود الذي جلبه معه حين لجأ إلى بريطانيا. الآن هو في منزل يحوي طالبي لجوء آخرين ينتظر أوراقه.

هناك شعور إنساني عميق لهذا الفيلم البسيط كذلك الحال بالنسبة للفيلم الصربي «بقدر ما أستطيع السير As Far as I Can Walk» لستيفن أرسنييفيتش. هذا ينتقل باهتمامه إلى مخيّم صربي للاجئين حيث يحاول الأفريقي (إبراهيم كوما) التأقلم مع زوجته (نانسي منسه- أوفاي) في الوضع الجديد. هذا إلى أن تهرب الزوجة مع لاجئ سوري (مكسيم خليل) ما يُطيح بمستقبله ذاك.

في كل الأحوال، فإن المهرجانات عموماً ما زالت المعين الأفضل للتعرّف على السينمات المختلفة والبديلة والمخرجين ذوي البصمات الخاصة. هؤلاء (مثل جين كامبيون وبدرو ألمودوفار وباولو سورنتينو وشون بن) ما زالوا المعيار الصحيح لقياس حركة سينما المؤلف واتجاهاتها. والفضل في ذلك للمهرجانات، كون الأسواق التجارية محدودة الأثر والتأثير.

جمهور ونقاد وأرقام

أميركياً، حاولت السينما استعادة مكانتها بين المشاهدين. لم يكن هذا هيّناً على الإطلاق في النصف الأول من السنة، لكن الأمور تحسّنت تدريجياً من مطلع فصل الصيف عندما سجّل «Jungle Cruise» لخوام كوليت – سيرا، نحو 117 مليون دولار.

باعتماد الأفلام العشرة الأولى التي شهدت أعلى نجاح تجاري نجد اليوم أن «سبايدر- مان: نو واي هوم» يتبوأ القمّة بعدما غزا 4336 صالة أميركية وكندية وسجل فيها حتى الآن 297 مليون دولار (من دون حساب الإيرادات العالمية).

في المركز الثاني «شانغ- تشي وأسطورة الخواتم العشر» (225 مليون دولار) وهو أكشن آخر بدوره، ثم فيلم الرعب «فينوم: ليكن هناك غضب» (212 مليوناً)، وفي الرابع عودة لسينما الكوميكس في «بلاك ويدو» (184 مليوناً).

ليس من بين كل هذه الأفلام ما يُثير إعجاب النقاد وهذا ليس غريباً، كذلك ليس من بين الخمسة التالية ما هو مميّز فنياً باستثناء «مكان هادئ 2» الكامن في المركز الثامن (160 مليوناً و72 ألف دولار) هذا بعد فيلم جيمس بوند الجديد «لا وقت للموت» (160 مليوناً و772 ألف دولار).

بطبيعة الحال، كان النقاد على الطرف الآخر بعيداً عن «شبابيك» المصارف وآلات إحصاء النقود. هذا الفريق الذي يواكب السينما وأفلامها أكثر من أي جمهور آخر (وفي كثير من الأحيان أكثر من معظم السينمائيين كذلك) خرج بقائمة مختلفة تماماً. حسب إحصاء قام به موقع «ميتاكريتيك» شمل نقاد الصحف وأهم المواقع الأميركية والبريطانية جاء الفيلم الأسترالي- الأميركي «قوّة الكلب» لجين كامبيون في المركز الأول بـ144 صوتاً، و«سُقْ سيارتي» للياباني ريوسوكي هاماغوتشي في المركز الثاني بـ123 صوتاً.

تشمل الأفلام الثمانية التالية الفيلم الأميركي «بيتزا بعرق السوس» لبول توماس أندرسن (المرتبة 3)، و«ديون» لدنيس فلنييف (5)، والفيلم التسجيلي «Summer Soul» (7)، «وست سايد ستوري» لستيفن سبيلبرغ الذي لم يلقَ نجاحاً بين الجمهور السائد فحط في المركز السادس لدى النقاد.

وحدة أسلوب

على نحو متوقع، شهدت السينما الأميركية الحجم ذاته من الأفلام المقتبسة عن شخصيات الكوميكس ولو بنجاحات متفاوتة تبعاً لما كانت عليه حال الوباء في الفترة التي تم فيها عرض كل فيلم. من بين هذه «Ant- Man and the Wasp quantunmaia» لبيتون ريد، و«Aquaman and the Lost Kingdom» لجيمس وان، و«Black Widow» لكيت شورتلاند، ثم «Eternals» لكليو زاو، و«Shang- Chi and the Legend of the Ten Rings» لدستن دانال كريتن، وحالياً «Spider Man: No Way Home» لجون واتس.

ما يُثير في هذا الشأن ليس النجاح الكبير الذي تحظى به هذه الأعمال (أو هل نقول النجاح الكبير الذي ما زالت تحظى به؟) بل إنها، كمثيلاتها في الأعوام الماضية، تحتوي على أسلوب عمل واحدة ورؤية فنية وإنتاجية مشتركة بحيث لا يمكن التفريق بين فيلم لجيمس وان أو لبيتون ريد أو أي آخر إلا حين قراءة اسم أحدهم. الطابع المنفرد تم محوه لا بالنسبة لهذه الأفلام فقط، بل لما يتم إنتاجه حول العالم من أفلام تلبّي حاجة الجمهور السائد.

هذا بالطبع على عكس سنوات الأمس عندما كان المشاهد يستطيع التفرقة بين فيلم من إخراج سيدني بولاك وآخر من إخراج ستانلي كوبريك، من مطلع الفيلم. هيتشكوك وكوبولا وسكورسيزي وهال أشبي وآخرون من أساتذة العمل السينمائي لم يحققوا ما أنجزوه من مكانة إلا لأن لكل واحد فنّه الخاص ورؤيته التي لا يشاركه بها أحد آخر.

 

####

 

دفتر ملاحظات

اختيارات الناقد لأفضل أفلام 2021

هذا الأسبوع سنُدلي بدلونا في بحر الاختيارات السنوية التي يتوقّف عندها عادةً نقاد السينما. هذه الاختيارات تمت من نحو 300 فيلم جديد شوهد هذا العام بعضها استعرضناه على هذه الصفحة خلال السنة المنصرمة وبعضها سيَرِد نقده في الأسابيع القادمة. تقسيمها هنا يتبع ثلاث قوائم: واحدة للأفلام العربية، والثانية للأفلام الأميركية والبريطانية، والثالثة للأفلام الآتية من باقي أنحاء العالم.

الترتيب أبجدي:

أ) أفضل عشرة عربية:

1- استعادة - رشيد مشهراوي (فلسطين، فرنسا).

2- تحت السماوات والأرض - روي عريضة (لبنان).

3- حد الطار - عبد العزيز الشلاحي (السعودية).

4- صندوق الدنيا - عماد البهات (مصر).

5- صندوق المرايا - جوانا حاجي توما وخليل جريج (لبنان).

6- الظهر إلى الجدار - أوس محمد (سوريا).

7- عا أمل تجي - جورج بيتر بربري (لبنان).

8- قبل زحف الظلام - على الصافي (المغرب).

9- قلتلك خلص - إيلي خليفي (لبنان).

10- لو انهارت الجدران - حكيم بلعباس (المغرب).

ب) أفضل عشرة أميركية وبريطانية:

1- Card Counter - بول شرادر (الولايات المتحدة).

2- Cry Macho - كلينت إيستوود (الولايات المتحدة).

3- Flag Day - شون بون (الولايات المتحدة).

4- judas and the Black Messiah - شاكا كينغ (الولايات المتحدة).

5- Licorice Pizza - بن شاروك (بريطانيا).

6- Limbo - بن شاروك (بريطانيا).

Midnight Sky- 7 - بول توماس أندرسن (الولايات المتحدة).

8- The Power of the Dog - جين كامبيون (الولايات المتحدة).

9- Spencer - بابلو لاران (الولايات المتحدة).

10- Summer of Soul - أمير كالب تومسون (الولايات المتحدة).

ج) أفضل عشرة أجنبية:

1- 1970 - توماس فولفسكي (بولندا).

2- Accidental Lumiana of the Transperant Watery Rebus - داليبور باريتش (كرواتيا).

3- Beginning - ديا كولومبغشيفللي (جورجيا).

4- Bendetta - بول فرهوفن (فرنسا).

5- Compartment No. 6 - يوهو كودسأمانن (فنلندا).

6- the Crossing - فلورنس ميالي (تشيك).

7- Drive My Car - هاماغوتشي ريوسوكي (يابان).

8- The Hand of God- بول سورنتينو (إيطاليا).

9- Hinterland - ستيفن روزوفيتسكي (النمسا).

10- The Worst Person in the World- يواكيم تراير (النرويج).

 

####

 

شاشة الناقد

Flag Day - يوم العَلَم ****

شون بن - Sean Pennالولايات المتحدة (2021)ـ ألوان: 109 د ـ دراما اجتماعية - برميير: Cannes

> إخراج: شون بن ـ > الولايات المتحدة ـ دراما اجتماعية – 2021

هناك مشهد للممثلة ديلان بن وسط حقل بُنِي بفستان أبيض يكشف جمالها. ينقلك المشهد مباشرةً إلى بطلات ترنس مالك في الوضع نفسه في أفلام مثل «Days of Heaven» و«The Tree of Life». هذا بدوره يجعلك -إذا ما شاهدت أفلام مالك- تنتبه إلى أن شون بن (الذي ظهر في فيلم «The Tree of Life») يستوحي قليلاً من المخرج المذكور دون التنازل عن أسلوبه الخاص ورؤيته المختلفة.

شون بن هو المخرج والممثل، وابنته ديلان هي بطلة الفيلم، والحكاية عن علاقة وجدانية، في المقام الأول، بين أب وابنته. في الوقت الذي يتعامل فيه شون مع ابنته كممثلة ويقدّمها في أفضل ما قد يُتاح لها من أدوار في المستقبل المنظور، هناك التعامل المشيّد داخل الفيلم كدراما عائلية حول أب ما زال يعيش فوضى أحلامه وابنته التي تحاول تصديق ادعاءاته مرّة تلو المرّة حتى إذا ما توقفت انهار كل شيء حولها.

تبدأ الحكاية (المقتبسة من أحداث حقيقية وضعتها جنيفر فوغل في كتاب سيرتها الخاصّة) بمشهد موجز يقع سنة 1992، سيناريو جز بتروورث وجون- هنري بتروورث، ومنه يعود إلى العام 1975 ليبدأ من جديد ثم ينتقل إلى صيف 1981 ثم إلى ربيع 1981. ينتقل إلى خريف 1985 ثم يصل إلى حيث بدأ سنة 1992. الانتقال سلس وغير متسارع يسرد حكاية الزوج جون فوغل (شون بن) المتزوّج من باتي (كاثرين وينيك) ولديه منها ولدان صغيران. بوادر المتاعب تنبع من تلك الفترة. جون رجل غير واقعي بمشكلات واقعية. غير صادق حين يتحدّث عن نفسه وأعماله لكنه يحب عائلته. حين يقع الطلاق، وقد باتت ابنته جنيفر شابّة، تؤمّ زوجته الشرب لكي تنسى وسريعاً ما تدمن عليه. ترتكب بدورها أخطاء قاتلة (تحرق البيت في ساعة يأس) ويتجه ولداها للحياة مع أبيهما السعيد بهما.

جنيفر وشقيقها نِك (هوبر بن، ابن شون) ينتقلان حيناً لبيت الأم وحيناً لبيت الأب. العائلة متصدّعة وجون يرفض الاعتراف بهزيمته في عالم لا يكترث لأمثاله. هو رجل يسعى لتكوين أي ثروة بأي طريقة ويفشل دوماً. ديونه تزداد وفي يوم يائس يسرق مصرفاً ويُلقى القبض عليه وسجنه. ابنته في هذا الوقت كانت قد غرفت، كذلك، من ضياع الاتجاهات وانتقلت من مشكلة إلى أخرى كما هو متوقع من فتاة خسرت العائلة والبيت والألفة المفترضة. حين تعود، في عام 1985، إلى رشدها وتكتب مقالات صحافية تُرضي رئيس تحرير إحدى الصحف تكون قد بدأت خطواتها الأولى صوب حياة جديدة. الوحيد الذي ما زال غير قادر على فهم نفسه وما يدور حولها من إحباطات والوحيد الذي يداوم الكذب على ابنته لتلميع صورته هو والدها السجين ثم بعد أن يُطلق سراحه.

في آخر مشادّة بينهما يحاول مجدداً استرضاءها. يدّعي أنه اشترى لها سيارة جاكوار (وربما فعل) وحين ترفض هذه الهدية يدّعي اتصاله بالبائع لإلغاء الصفقة، لكن جنيفر تكتشف أن والدها يتحدث مع نفسه بصوت عالٍ. ها هو خط الهاتف في يدها مقتلعاً من مكانه وهو لا يزال يمْثل أمامها.

هناك قطيعة قادمة وجنيفر لم تعد تستحمل أباً لا يعرف كيف يتحمّل المسؤولية. يحاول لبعض الوقت ويفشل. ها هو الآن ينطلق بسيارته ووراءه سيارات البوليس وطائرة مروحية تحوم فوقه. تنقلب السيارة به. يخرج باكياً ومدمياً و...

يجسّد شون بن دوره بطلاقة. كسينمائي هو خارج البوتقة المعتادة من النجوم. هو فنان يرمي لتحقيق أفلام جيّدة يخرجها بنفسه في إطار مستقل الهوية. يحتل، حين يمثّل للغير، حضوراً حيّاً صارماً. وحين يخرج أفلاماً يختار منها ما هو داكن اللكنة وجيد الإدانة لعالم لا تفاهم له معه. فيلم وراء آخر عكس فيه نظرته لمحيط الحياة من دون أن يرفع راية سياسية مباشرة، اللهم إلا في «سبتمبر 11»، الفيلم الذي شارك في تحقيقه أحد عشر مخرجاً خرج عن المألوف بالنسبة إلى الحكايات والمواضيع التي تطرّق إليها المخرجون العشرة الآخرون. أميركا ميّتة وعندما ينهار المبنى بفعل العملية الإرهابية تسطع الشمس كما لو أن الحقيقة كانت متوارية.

من «الراكض الهندي»، فيلمه الأول مخرجاً الذي تناول فيه وضعاً عائلياً معقداً كذلك (1991)، إلى «يوم العَلَم» (2021)، مروراً بـ«حارس المعبر» (1995)، و«العهد» (2001)، و«داخل البرية» (2007)، اهتمّ بتلك الشخصيات الخاسرة التي تعني خيراً لنفسها ولسواها لكنها تخفق في تطبيق ذلك. فقط فيلمه ما قبل الأخير «الوجه الأخير» (2016) حمل موضوعاً مختلفاً.

في «يوم العمل» يوفّر بن شخصية قابلة للتصديق. يعرفها تماماً ويؤديها كما يجب أن تكون. شخص يؤمن بأن ما يفعله هو الصحيح والمناسب وحين تأتي النتائج على غير ما يريد لا يمكن له أن يعترف بأنه أخطأ. يرسم بن المخرج صورة بطله جون بملامح سهلة التعرّف (التصرّفات الصغيرة، والحوار الذي يحوم بعيداً عن الواقع، والشعر ذي الصبغة، واللحية القصيرة التي لا يمكن لأحد أن يُعجب بها سواه).

يكفي أنه يعتقد أن «عيد العَلَم» مخصص له كونه وُلد في اليوم ذاته.

جون فوغل، للغرابة، لديه ذوق في الموسيقى الكلاسيكية (شوبان على الأخص). النار تشبّ في مطبخه وهو يروّح عن هلع الحضور بالموسيقى التي يحب. يتعجب من أن ولديه الصغيرين في السبعينات يهويان أغاني بوب سيغر وكات باور وفرقة «أميركا». يستخدمها بن - المخرج في أماكنها الدالّة، رابطاً بين معانيها الاجتماعية ومعاني الفترة الماثلة. وحتى الموسيقى التعبيرية التي وضعها جوزيف فيتاريللي تقع في المكان الصحيح، للوقت الصحيح وبالمعاني الصحيحة.

بن يمثّل دوره بالإجادة ذاتها الذي يُخرج فيه نفسه والآخرين. الفيلم لا يعرف التطويل، وعلى عكس بعض نقاد الصحف البريطانية والأميركية، ليس هناك من «سوب أوبرا» على الإطلاق. كلّما بدا أن «يوم العَلَم» سيلجأ لترطيب الجو وإعادة اللُّحمة المفقودة بين أفراد العائلة يوفّر الفيلم، نقلاً عن تلك المذكّرات، فصلاً جديداً حول العائلة الأميركية الفاشلة ودور جون فوغل في ذلك. ابنته تمثّل دورها أيضاً بإجادة رائعة. كلاهما فهم، قبل التصوير، ما يحتاج إليه لجعل محور الفيلم هو تلك العلاقة الصعبة بين الأب وابنته داخل الفيلم.

يمارس شون بن في إطار ذلك بعض المشاهد التي تخرج من السرد القصصي وحده لتوحي بمعاني منطلقة من تلك البيئة الصعبة. هنا، في مشاهد من كاميرا ذات زاوية ملتوية أو منحنية ومن سباحة في أفق بعيد، ذلك التذكير بسينما ترنس مالك لكنها مشاهد تم تطويعها ضمن خط سيره الخاص. وفي الوقت الذي يتبدّى فيه الفيلم كحكاية عائلية تعيش على هامش الحلم الأميركي المفقود، تحافظ على مواقعها الإنسانية العميقة بحيث لا يعني الكثير إذا ما أساء جون التصرّف في حياته أم لا. إذا لم يجد الواعز ليردع الخطأ ولا السلاح ليدافع عن نفسه حيال أوهامه وزيف واقعه. يبقى إنساناً تحبّه على الرغم من أخطائه تماماً كما تفعل ابنته في الفيلم محاولةً إيجاد مبررات وأعذاراً له حتى اللقطة الأخيرة.

 

####

 

المشهد

السينما و«أوميكرون»

برهن العامان الماضيان على أن العدو اللدود للسينما ليست المنصات الإلكترونية التي تُنتج وتوزّع الأفلام هوائياً على المشتركين، وليس الجمهور الذي يقترب من فيلم أو يبتعد عن الآخر حسب مزاج غير محدد، ولا حتى الكثير ممن هوى بعملية النقد السينمائي إلى مجرد موقف شخصي على مستوى «هذا أحبه وهذا لا أطيقه»، بل «كورونا» وما فعلته بالجميع من ضرر (ومن ثراء بالنسبة لفريق).

يتبدّى ذلك واضحاً بالإقبال الكبير الذي حظى به Spider- Man: No Way Home لجون واتس، الذي، إذا ما ترجمناه إلى أرقام، تجاوز 638 مليون دولار في أسبوع. وهو في أيام افتتاحه الثلاثة الأولى حصد 260 مليون دولار، ما جعله أقوى افتتاح شهدته السوق الأميركية منذ عامين (والثاني أو الثالث في التاريخ).

الجمهور موجود ولو أن اختياراته تضيق. ففي مقابل نجاح فيلم الكوميكس هذا سقط فيلم ستيفن سبيلبرغ «وست سايد ستوري» رغم دعم النقاد الغربيين له. في الويك- إند الأول له اكتفى بعشرة ملايين و574 ألف دولار. مع نهاية الأسبوع الثاني له سجل أكثر بقليل من 28 مليون دولار حول العالم.

لكن إذ يلعب داء «أوميكرون» دوره الفتّاك مواصلاً ما انتاب هذا العالم من هلع ومرض وموت فإن المشكلة ستتكرر. الجمهور سيتقلّص من جديد وصالات السينما قد تضطر لإغلاق أبوابها. حالياً يعمل الكثير منها بنظام «نصف الصالة» مسجلاً نصف الإيرادات.

الطريق طويل، لكن من المستحيل وأد الأمل في حياتنا.

م. ر

 

الشرق الأوسط في

24.12.2021

 
 
 
 
 

8 أفلام من «القاهرة السينمائي» ضمن ترشيحات الأوسكار و«جولدن جلوب»

كتب: ريهام جودة

أعلن مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، عن اختيار عدد من الأفلام التي شاركت ضمن دورته الـ43، التي أقيمت مؤخرا للقائمة القصيرة لجوائز الأوسكار وترشيحات الجولدن جلوب، لعام 2022.

تضمنت القائمة القصيرة لجوائز الأوسكار الـ 94 لعام 2022، التي أعلنتها أكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة، 7 أفلام عرضت في المهرجان مرشحة في 5 فئات وهي:

(1) أفضل فيلم تسجيلي

فيلم «صعود – Ascension»

إخراج: جيسكا كينجدون | إنتاج: الولايات المتحدة الأمريكية | عرض لأول مرة في الدول العربية وشمال أفريقيا ضمن قسم العروض الخاصة

(2) أفضل فيلم دولي

فيلم «لونانا: ثور داخل الفصل- LUNANA: A YAK IN THE CLASSROOM»

إخراج: باو تشوينينغ دورجي | إنتاج: بوتان | عرض ضمن المسابقة الدولية «الدورة 41»

فيلم «قودي سيارتي- Drive My Car»

إخراج: ريوسوكي هاماجوتشي | إنتاج: اليابان | عرض لأول مرة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ضمن القسم الرسمي خارج المسابقة

فيلم «خلية النحل – Hive»

إخراج: بليرتا باشولي | إنتاج: كوسوفو، سويسرا، ألبانيا، جمهورية مقدونيا | عرض لأول مرة في الدول العربية وشمال أفريقيا ضمن القسم الرسمي خارج المسابقة

فيلم «صلاة من أجل المسلوبين- Prayers for the Stolen»

إخراج: تاتيانا هيزو | إنتاج: المكسيك، ألمانيا، البرازيل | عرض لأول مرة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ضمن المسابقة الدولية

(3) أفضل مكياج وتصفيف شعر

فيلم «بيت جوتشي- House of Gucci»

إخراج: ريدلي سكوت | إنتاج: الولايات المتحدة الأمريكية | عرض لأول مرة في الشرق الدول العربية وشمال أفريقيا ضمن القسم الرسمي خارج المسابقة

(4) أفضل موسيقى

فيلم «الملك ريتشارد – King Richard»

إخراج: رينالدو ماركوس جرين | إنتاج: الولايات المتحدة الأمريكية | عرض لأول مرة في مصر ضمن القسم الرسمي خارج المسابقة

(5) أفضل أغنية أصلية

أغنية «Be Alive» من فيلم «الملك ريتشارد – King Richard»

فيما تضمنت الترشيحات الخاصة بالدورة الـ 79 للجولدن جلوب، والمقرر إقامتها في يناير المقبل، 4 أفلام عرضت في المهرجان مرشحة في 7 فئات كالآتي:*

(1) أفضل فيلم- دراما

فيلم «الملك ريتشارد – King Richard»

(2) أفضل ممثل في فيلم درامي

ويل سميث- Will Smith عن فيلم «الملك ريتشارد – King Richard»

(3) أفضل ممثلة في فيلم درامي

ليدي جاجا- Lady Gaga عن فيلم «بيت جوتشي- House of Gucci»

(4) أفضل ممثلة مساعدة

أونجانو إيلز- Aunjanue Ellis عن فيلم «الملك ريتشارد – King Richard»

(5) أفضل أغنية

أغنية «Be Alive» من فيلم «الملك ريتشارد – King Richard»

(6) أفضل فيلم رسوم متحركة

فيلم «ابني ماد- My Sunny Maad»

إخراج: ميكايلا بافلاتوفا | إنتاج: جمهورية التشيك، فرنسا، سلوفاكيا | عرض لأول مرة في الدول العربية وشمال أفريقيا ضمن قسم العروض الخاصة

(7) أفضل فيلم أجنبي

فيلم «قودي سيارتي- Drive My Car»

 

المصري اليوم في

24.12.2021

 
 
 
 
 

«لا تنظر للأعلى».. واقع مأساوي في قالب ساخر

«سينماتوغراف» ـ منى حسين

إذا كنتم تعتقدون أن (Don’t Look Up ـ لا تنظر للأعلى) مجرد فيلم عن نهاية العالم بسبب مذنّب سيضرب الكوكب، فأنتم مخطؤون! إنه فيلم يحاول أن يذكركم مراراً وتكراراً أن الموت قريب جداً ولأسباب مثبتة علمياً، لكنكم مثل معظم من يعيش على هذا الكوكب الأزرق الجميل تجارون الأحداث وتعيشون بالنكران، ممتنعين عن النظر إلى السماء إلى حين النهاية الوشيكة في أي وقت.

ينقسم الفيلم إلى 3 محاور، المحور الأول هو اكتشاف المذنب، والمحور الثاني هو محاولة رفع الوعي تجاهه، والمحور الثالث هو ردود أفعال الحكومة والشركات المسيطرة على الاقتصاد والشعب بحد ذاته حول هذه المسألة.

يأتي Don’t Look Up من إخراج آدام ماكاي (مخرج أفلام مثل The Big Short و Vice و The Other Guys)، والذي ساهم بتأليفه أيضاً. ويتمكن الفيلم من ملامسة المشاهدين فعلاً لأنه بالرغم من كونه يروي قصة خيالية بقالب كوميدي حول أحداث لم تحدث حقاً، إلا أنه من أكثر الأفلام واقعية اليوم. فيسلط الضوء على مدى جهل الشعوب وإنكارها للواقع، ومدى تلاعب السلطات وتجاهلها لأي شيء لا يخدم مصالحها.

وفي عصر يعيش فيه العالم تحت ظل وباء قاتل، إلى جانب التغيرات المناخية الخطيرة التي تهدد كوكبنا، ما يهيمن على وسائل التواصل الاجتماعي هو المعلومات الترفيهية الفارغة، بالإضافة إلى تسييس كل شيء حتى مسألة الموت. وحتى الحقائق العلمية تتعرض للرفض من قبل الكثيرين. فيسرد ماكاي قصته عبر تقديم شخصيات كوميدية لإيصال صوته ومدى إحباطه من الحال التي وصل إليها كوكبنا ومن يعيشون عليه.

يحاول ماكاي أن يصرخ للعالم أجمع، افعلوا شيئاً لإنقاذ العالم وإلا فسنخسر كل شيء، وتأتي هذه الصرخة من طالبة تحضر الدكتوراة كايت ديباسكي (جنيفر لورانس) التي تكتشف هي وبروفيسورها د. راندال ميندي (ليوناردو ديكابريو) أن مذنباً يبلغ عرضه حوالي 9 كم سيضرب الأرض ويدمرها بعد حوالي 6 أشهر.

إنه “قاتل للكواكب” كما يطلقون عليه، وبعد إحباطهما من ردة فعل المكتب الرئاسي، يلجآن إلى الإعلام على أمل أن يفهم الناس مدى خطورة الأمر.

سنموت جميعاً” تصرخ كايت في برنامج تلفزيوني باستضافة مذيعان يمثلانهما تايلر بيري وكيت بلانشيت بعد ردة فعلهما الساخرة حول الأنباء، لكن سرعان ما يتم تهميشها بل واعتبارها مصابة بالجنون، فتتحول إلى (مجرد لقطات ساخرة) تنتشر عبر الانترنت بسرعة أكبر بكثير من انتشار الخبر الكارثي بحد ذاته.

يروي ماكاي قصته في أمريكا خيالية تترأسها رئيسة فاسدة (ميريل ستريب) بأسلوب يستوحي من ترامب بغالبيتها، ومن هيلاري كلينتون بجزء صغير منها، مع ابنها المدلل (جونا هيل) عديم الفائدة كرئيس للأركان، وإدارتها الفاسدة. وفي البداية يتركز اهتمامهم بالتفكير، كيف أنه لا وقت لهذه الأنباء كي لا تؤثر على فوزهم بالانتخابات النصفية، ولا يهتمون حقاً إلا عندما يحتاجون إلى حشد الجماهير لصالحهم بعد فضيحة جنسية فيستغلون الكارثة تحت ستار الوطنية.

وهنا يسلط الفيلم الضوء أيضاً على مدى تدخل الشركات الضخمة بالسياسات والحكومات، ويصور ذلك بشخصية الملياردير (يلعب دوره مارك رايلانس بأداء شديد البرودة بشكل يثير القشعريرة) صاحب شركة تكنولوجية عملاقة، والذي كل ما يهمه من الكارثة هو الاستفادة مادياً على حساب الشعوب، لكن هذا لا يعني أن الشعوب نفسها غير ملامة.

يثبت الفيلم، مع تطور أحداثه أننا حمقى ومحكوم علينا بالهلاك كجنس بشري، فالنتيجة هي نفسها، سواء كان فيروس قاتل أو كوارث بيئية أو الاحتباس الحراري أو مذنب قاتل سيصدمنا. سينتهي العالم، لكننا نهتم لـ (لصور السوشيال ميديا الساخرة والمضحكة ببلاهه) أو انفصال مطربة (بأداء رائع من آريانا غريند) عن حبيبها الموزع الموسيقي أكثر من اهتمامنا من بقائنا على قيد الحياة (لكن يجدر ذكر مدى روعة الأغنية التي تؤديها مع كيد كودي في الفيلم). وحتى عندما يدرك الشعب حقيقة ما يجري، فإنه ينقسم بين مصدق ومكذب للمسألة مع انتشار نظريات المؤامرة، وحملة (لا تنظروا للأعلى) التي هي عنوان لفيلم في تصوير لمدى إنكار الشعوب للواقع وإشاحة نظرهم بعيداً عما هو حقيقي وواضح أمامهم لو أمعنوا النظر حقاً.

إن الفيلم منفصل عن الواقع بقدر ما هو واقعي، ولا يمكن إنكار مدى براعة ماكاي بنسج قصة تتحدث حول ما يحدث في هذه اللحظة، فالمقارنات وأوجه التشابه كثيرة، بداية من كوفيد والمناهضين للقاحات ووصولاً إلى هيمنة الشركات العملاقة على كل شيء حتى مستقبل الشعوب، إلى تسييس كل شي وفقاً لما يناسب الحكومات. لكن ليس كل شيء سوداوي هنا.

فعلى سبيل المثال هناك شخصية الفتى (يلعب دوره تيموثي شالاميه)، وهو شاب عدمي لا يصدق أو يثق بأحد ولا يهتم بالمؤامرات، بل يجد نفسه منجذباً لصرخة كيت على شاشة التلفزيون، والذي يؤديه شالاميه بأداء رائع. لكن من يختطف الأضواء حقاً بالفيلم هي لورانس وديكابريو، فبالرغم من طاقم الممثلين الضخم والرائع، إلا أن لورانس تجسد بشكل رائع الشعور بالإحباط الذي نشعر به جميعنا كمشاهدين، فتضيء الشاشة في كل مشهد تظهر فيه. بالإضافة إلى ديكابريو الذي يقدم أداءً نجومياً كما اعتدنا منه بدور البروفيسور المتوتر والمضطرب في البداية، والذي يتغير أداءه مع تغير شخصيته حيث يصبح لاحقاً الوجه الإعلامي لكل ما يتعلق بالمذنب.

وبالحديث عن الأداء الرائع، لا حاجة للحديث بالطبع حول الحائزة على الأوسكار ميرل ستريب، والتي تقدم أداءً متألقاً بدور شرير لم نرها فيه منذ فيلم The Devil Wears Prada، فتنجح بشكل رائع وهي تجسد الرئيسة اللامبالية سوى بنفسها، وليس حتى بابنها، ومن ناحية أخرى هناك بلانشيت التي تلعب دور المذيعة المزعجة التي لا تهتم لشيء سوى إضفاء طابع السخرية على أي موضوع يتحدثون عنه على الهواء بشكل رائع أيضاً.

لكن ما يعاني منه Don’t Look Up أحياناً هو بطء وتيرة أحداثه، فتمتد بعض المشاهد أكثر اللازم، والذي نظراً لمدته الطويلة التي تقارب ساعتين ونصف، كان من الممكن أن يقدم الأحداث بشكل أكثر تركيزاً لو تم تقديمه على ساعتين فقط، كما يعاني في بعض الأوقات من اختيار ماكاي لطريقة الإخراج، فيخرجنا أحياناً بشكل مفاجئ من أحد المشاهد وينقلنا إلى أخرى بطريقة غير متوقعة قد تخرج المشاهدين من الأجواء للحظة.

رغم أن الفيلم ينسى نفسه أحياناً فيغرق بالسوداوية أكثر من اللازم، كما أنه قد لا يكون ملائماً للجميع، خاصة لمن لا يحاولون قراءة ما بين السطور وإجراء مقارنات مباشرة مع واقعنا الحالي، إلا أنه بكل تأكيد ليس مجرد فيلم اعتيادي من نتفليكس، ليس فقط بفضل طاقم عمله النجوم الرائعين، بل بفضل الإسقاطات المبدعة على واقع مأساوي حقيقي بقالب فكاهي ساخر.

 

موقع "سينماتوغراف" في

25.12.2021

 
 
 
 
 

"تالافيزيون" الأردني إلى القائمة القصيرة لجوائز الأوسكار

عاصم ناصر ـ رام الله - "منصة الاستقلال الثقافية":

تمّ اختيار الفيلم القصير “تالافيزيون” تأليف وإخراج الأردني مراد أبوعيشة، ضمن القائمة القصيرة للأفلام المؤهلة لنهائيات الدورة الرابعة والتسعين لجوائز الأوسكار عن فئة الأفلام القصيرة الروائية.

ويتنافس الفيلم الأردني مع أربعة عشر فيلماً عن فئة الأفلام القصيرة التي تمّ اختيارها من بين مئة وخمسة وأربعين فيلماً تأهلت إلى هذه الفئة.

وأعلنت أكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة “الأوسكار” عن القوائم القصيرة للأفلام المؤهلة في عشر فئات مختلفة، فيما سيتمّ الإعلان عن الأفلام المرشحة في الثامن من شباط (فبراير) المقبل، بينما يقام حفل توزيع الجوائز في السابع والعشرين من آذار (مارس) 2022.

وقال أبوعيشة إن “فريق العمل في قمة السعادة والاعتزاز لنجاحه ولفرصة تمثيل الأردن والسينما العربية في جوائز الأوسكار 2022.. ما زلتُ في حالة من الصدمة لهذا الشرف ونشكر كل من قام بدعم الفيلم وتمويله، وعلى وجه الخصوص الهيئة الملكية الأردنية للأفلام وجوردان بايونيرز”.

ويحكي الفيلم على امتداد ثمان وعشرين دقيقة، وهو من بطولة: زياد بكري، وعائشة بلاسم ،وخالد الطريفي، قصة الطفلة “تالا”، ذات الثماني سنوات، حيث لا يسمح لها بالخروج من المنزل جرّاء الحرب المستعرة.

وكان اتصالها الوحيد مع العالم الخارجي من خلال تلفزيونها الصغير، إلاّ أنّ والدها تخلّص منه التزاماً بقانون منع أجهزة التلفزيون، ليغلب على حياة تالا الصمت والملل إلى أن اتخذت قرارا صغيرا له تداعيات غيّرت مجرى حياتها.

وفاز الفيلم، مؤخراً، بـ”جائزة اليسر الذهبية للفيلم القصير” في مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي، وقبل ذلك كان قد حصد عدداً من الجوائز من بينها الجائزة الذهبية لأفضل فيلم روائي في الدورة الثامنة والأربعين من جوائز الأوسكار للطلبة عن فئة الفيلم الروائي الأجنبي.

وحصل “تالافيزيون” على منحة من صندوق الأردن لدعم الأفلام التابع لـ”الهيئة الملكية الأردنية للأفلام” في العام 2019، وهو من إنتاج أردني – ألماني مشترك، تم إنتاجه من قبل أكاديمية الفيلم بادن فورتمبيرغ بالاشتراك مع تلفزيون “أس.دبليو.آر” وشركة رواد الأردن الأردنية.

ووُلد مراد أبوعيشة في عمّان بالأردن عام 1992، وحصل على درجة البكالوريوس في التصميم والتواصل البصري من الجامعة الألمانية – الأردنية عام 2014.

وبعد تخرّجه انغمس بشكل أعمق في رحلته السينمائية، وأخرج عديد الأفلام القصيرة وبعض الإعلانات للديوان الملكي الهاشمي والقوات المسلحة الأردنية، قبل أن يبدأ دراسة الإخراج في أكاديمية الفيلم بادن فورتمبيرغ في ألمانيا.

وأثناء دراسته استغل أبوعيشة نهجه السينمائي لإلقاء الضوء على المظالم السياسية والإنسانية في العالم العربي، وعُرضت أفلامه في العديد من المهرجانات العالمية.

وإلى جانب دراسته الإخراج السينمائي، فهو ممثل برنامج التنمية السمعية البصرية لبلدان أفريقيا “اتبع النيل”، التابعة لمؤسسة روبرت بوش، حيث لديه الفرصة بأن يمنح الدعم للمخرجين الأفارقة الناشئين لخلق رؤيتهم الخاصة ولتوسيع آفاقهم كمخرجي أفلام.

 

منصة الإستقلال الثقافية في

25.12.2021

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004