ملفات خاصة

 
 

السينما نعمة ونقمة... انطباعات على هامش مهرجان الجونة

سعد القرش

الجونة السينمائي

الدورة الخامسة

   
 
 
 
 
 
 

كان صديقي الناقد، المترجم السينمائي، أحمد يوسف، متشائماً تشاؤماً إيجابياً، وأنا أحبه، أحب الدكتور أحمد بالطبع، لا التشاؤم، مهما يخلق كوابح ومصدّات تمنع الاندفاعات العاطفية المجانية. في صيف 1988 اشتعلت الأجواء بأغنية "لولاكي"، في شريط كاسيت يحمل الاسم نفسه، قبل تحوّل عنوان أي مجموعة أغانٍ من "شريطٍ" إلى "ألبومٍ".

انطفأت نار القش، ولم يبقَ منها إلا اسم "لولاكي"، ونسي الناس حتى المغني علي حميدة. وفي صيف 1997 حقق فيلم "إسماعيلية رايح جاي" نجاحاً جماهيرياً غير مسبوق مقارنةً بتواضعه الفني والإنتاجي، وصار أكثر شهرةً من مخرجه. النجاح المفاجئ لصناع الفيلم، الذين أكملوه على مضضٍ وليمونٍ، أغرى بالسينما مغامرين منهم نجيب ساويرس.

في ذلك الوقت، لم يتفاءل أحمد يوسف بحماسة ساويرس للإنتاج وإنشاء شركة رنيسانس وبناء مجمعاتٍ سينمائيةٍ. تلك بدايات التفكيك العمومي، وقد نال السينما منه نصيبٌ ماديٌ ومعنويٌ، باستئناس كائناتها الهابطة من الفضاء عبر الشاشات الكبرى، لتصير كائنات منزلية تلفزيونية أليفة، بعد تقطيع دور العرض الكبرى، بتقسيمها إلى قاعاتٍ صغيرةٍ، ومن أمثلتها سينما أوديون.

تخيلوا مثلاً أن تفاجأوا بتقسيم ميدان التحرير إلى مجموعةٍ من مستطيلات ودوائر ومثلثاتٍ وحدائق صغيرةٍ مسوّرةٍ، ومواقف للسيارات، وعرباتٍ وأكشاك بيع المأكولات وملحقاتها من المخازن، والمسلة وحرَم المسلة والكباش الأربعة. ماذا يبقى من الميدان؟

تخيلوا مثلاً أن تفاجأوا بتقسيم ميدان التحرير إلى مجموعةٍ من مستطيلاتٍ ودوائر ومثلثاتٍ وحدائق صغيرةٍ مسوّرةٍ، ومواقف للسيارات.... ماذا يبقى من الميدان؟

كان محبو السينما يُجمعون تقريباً على ساويرس، ويراهنون على كلامه عن نهضةٍ إنتاجيةٍ، باستثناء أحمد يوسف. قال إن ساويرس لن ينتج أفلاماً، واحتج بأن رجال المال ينقّبون عن الفائدة السريعة، وإذا اكتشفوا أن العاطفة غلبتهم وكلفتهم ما لا يطيقون، فلا يترددون في القفز إلى نشاطٍ ذي عائدٍ أكبر وأسرع.

رجل المال قد يضيق صدره بالسينما فيبيع دور العرض، ما الذي يُلزمه بإنتاج يحتمل المغامرة؟ المغامرة تحتاج إلى فدائيين يؤمنون بالرسالة، وإلى شركاتٍ مساهمةٍ تراهن على المكسب البطيء، وعلى تجاور الإنتاج وتنوعه؛ ليرضي أذواقا متباينة، ويتيح تمرير أفلامٍ مهمةٍ يخشى رجال المال ألا تنجح تجاريا. أما الشركاء فكما يتقتسمون الحلم يحتملون الخسائر، لأن الفن غايتهم.

حضرتُ مهرجان الجونة السينمائي، منذ انطلاق دورته الأولى 2017 باستثناء الدورة الرابعة 2020 معتذراً لسبب ليس وقته الآن. وفي مارس 2017 أصدرتُ لأحمد يوسف في سلسلة كتاب الهلال كتابه "سياسة عادل إمام.. رسائل من الوالي"، ولم أقابله حتى وفاته في 14 تموز/يوليو 2018، وكان في شهوره الأخيرة يعاني تشاؤماً واكتئاباً وانسحاباً من الحياة، فالآفاق تضيق، والسماء تنخفض، وتجبر الرؤوس على الانحناء، وليس في المنظور القريب ريح تبدّد سحاب الاستبداد.

قبل الجونة حضرتُ مهرجانات وطنية وأهلية، عربية وأجنبية، في الشرق والغرب. ولا أجد شبهاً لمهرجان الجونة بأي منها، باستثناء ضمانة أن تشاهدوا فيلماً يستحق المشاهدة؛ رهاناً على ذائقة فريق المهرجان، وقدرتهم على الاختيار.

في اليوم الأول، الجمعة الماضي 15 تشرين الأول/أكتوبر 2021، بدأت عروض الدورة الخامسة بفيلم المخرج الفنلندي تيمو نيكي "الرجل الأعمى الذي لم يُرد أن يشاهد تيتانيك" الفائز بجائزة الجمهور في مهرجان فينيسيا 2021. فيلمٌ يعيد الاعتبار إلى فن السينما، وإلى قدرة الخيال على ابتكار حلولٍ بسيطةٍ تتغلب على معضلة تمويل الإنتاج. رجل (الممثل بيتري بويكولاينن) رهين ثلاثة محابس، العمى والكرسي المتحرك والبيت، يتواصل مع العالم عبر التليفون، يستحوذ وحده على وقت الفيلم.

في مصر أمثلةٌ على بعض الذين تلحس الأضواء أدمغتهم، فيصرّون على الإفتاء في كل شيء، لأن السوق الرائجة أهم من البضاعة، والنار تطلب الوقود، ولدى هؤلاء ما يظنونه وقوداً

ينجو الفيلم من فخّ الميلودراما، ولا يستدرّ الدموع، إشفاقاً على بطل أعمى قعيد يحب الحياة ويتفاعل مع العالم بطريقته. يقرر السفر بالقطار للقاء صديقته للمرة الأولى لأنها على وشك الموت، رحلةٌ تستغرق بضع ساعاتٍ وتحتاج إلى مساعدة يتوقعها من خمسةٍ غرباء: من بيته الصغير إلى التاكسي، سائق تاكسي للوصول إلى محطة القطار، شخص يدفع المقعد إلى داخل القطار، رابعٌ من القطار إلى سيارة أجرة، خامسٌ يوصله إلى عنوان المرأة.

يظل المشاهد طوال 82 دقيقة هي زمن الفيلم متوتّراً؛ لمعرفة مصير الأعمى العاشق وهو يواجه وحوشاً بشريةً يسرقون ماله وهاتفه، لكنه قاوم، واحتمل قسوة العالم؛ من أجل أن يحظى برؤية وجه المرأة بيديه، ويهديها نسخة من فيلم "تيتانيك". وسبق أن عرض المهرجان عام 2018 الفيلم الدنماركي "المذنب"، وكلا الفيلمين ينتمي إلى تيارٍ إنتاجي متقشف وثريّ معاً.

الإشادة بجودة انتقاءات مهرجان الجونة لأفلامه وأقسامه المختلفة لا تنسيني استثناءاتٍ نادرة تؤكد هذه القاعدة، منها فيلم "عيار ناري"، وقد عرض في الدورة الثانية (أيلول/سبتمبر 2018) وكتبتُ عنه مقالاً في صحيفة "العرب" اللندنية، في 27 سبتمبر 2018، عنوانه "عيار ناري.. يتبنى خطاب وزارة الداخلية في توصيف ثورة 25 يناير".

زرتُ الهند للمرة الأولى في تموز/يوليو 2007، مدعواً إلى الدورة التاسعة لمهرجان "أوسيان سيني فان للسينما الآسيوية والعربية" الذي عرض نحو 140 فيلماً من 35 دولة. وتكررت الدعوة أربع مرات. عجبتُ لهنديٍ في حوالي الأربعين، نيفل تولي، رئيس مؤسسة أوسيانس للفنون، الأهلية المستقلة التي تعنى بتنظيم المعارض التشكيلية، وبيع اللوحات الفنية، وترعى المهرجان.

الذي لا يعرف نيفل تولي لن يلاحظ أن له علاقة بالمهرجان. أسند الإدارة إلى محترفين، ولم يفرض نفسه، أو يمنّ على أحد بثرثرة أو إقحام نفسه في كادر، أو افتعال كادر.

كرم المهرجان، عام 2012، سمير فريد، ومنحه جائزة "إنجاز العمر في الكتابة السينمائية"؛ جائزةٌ وحيدةٌ في مهرجانٍ شعاره الدقة، ولا يميل إلى البهرجة، ولا يسعى وراء نجم يستجدي حضوره. في الافتتاح ألقى سمير فريد كلمةً قصيرةً أشاد فيها بنقاد السينما، قائلاً إن تكريمه تكريم لهم، وللسينما المصرية. وفي اليوم التالي ألقى محاضرةً عن دور النقد السينمائي.

في مهرجان الجونة بدأت التكريمات من الذروة، باختيار الناقد اللبناني إبراهيم العريس، والممثل المصري عادل إمام، لكن الأخير أبى إلا أن يشير إلى الطبيعة العائلية للمهرجان، بقوله لابنه في حفل الافتتاح: "بوس إيد عمك نجيب يا ولد".

عادل إمام، أيّاً كان الاختلاف حول تقييم تجربته، هو رمزٌ للصناعة وعنوانٌ لجيلٍ ونجمٍ تلحق به مجموعةٌ من أفعل التفضيل. هذا كله لا يصدق على أحمد السقا الذي كرمه المهرجان هذا العام؛ حدث يؤكد أن دعوة الأم المستجابة تعوّض أحياناً تواضع الموهبة، فما شاء الله كان.

لماذا لا يؤمن الممثل بأن مهنته لا تحتاج إلى أكثر من إجادتها؟ الموهوب تغنيه الموهبة عن تفلسف يفضح جهله، ويكشف عوراته العقلية. من أجمل ما في أحمد زكي وسعاد حسني اكتفاؤهما بالتمثيل. ولم يحاول أي منهما التنظير لأدواره وشرحها، وإقناع الجمهور بأن وراء هذا التمثيل وعياً خاصاً بتاريخ النوع، وبأي شيءٍ آخرٍ.

في مصر أمثلةٌ على بعض الذين تلحس الأضواء أدمغتهم، فيصرّون على الإفتاء في كل شيء، لأن السوق الرائجة أهم من البضاعة، والنار تطلب الوقود، ولدى هؤلاء ما يظنونه وقوداً.

من منصبه المرموق وموقعه الوظيفي الكبير في مكتبة الإسكندرية التابعة للرئاسة، لم يكتب يوسف زيدان كلمةً تؤيد الثورة قبل ظهور خيطها الأبيض من الأسود. وبعد إزاحة حسني مبارك كتب "فقه الثورة". ولو تمكن مبارك من قمع الثورة، والاستمرار في الحكم، لكتب زيدان "فقه الاستقرار". أما باسم يوسف، أحد مآثر الثورة في مجاله، فالتزم دور المهرج صانع البهجة، وأغراه رواج السوق، فسارع إلى الإفتاء في السياسة والفقه وأشياء أخرى. هو الآن أقل انشغالاً، ولا يكتب في أي من ذلك.

أحمد السقا، في نشوة التكريم، أهان السينما المصرية. ما أسهل الضرب في هزيمة 1967، بمدّ الخيط إلى آخره، وإسقاط ثلاثين عاماً أنتجت فيها أفلام من أهم الكلاسيكيات. لا يدرك الجاهلون بتاريخ الصناعة أن فيلم "إسماعيلية رايح جاي" بداية انحدار، معيار فنيّ خاطئ اتخذه الجمهور مرجعية للنجاح، وأذعن مخرجون وممثلون لهذه الموجة الكاسحة، باستثناء قلّة لم يهدروا ما درسوه، واحترموا بدايات راكموا بعدها رصيداً أقلّ عدداً وأكثر جودة.

السقا وجد صيغةً لمغازلة النفاق الاجتماعي، وإرضاء تناقضات الطبقة الوسطى

في الثلاثين عاماً التي أسقطها السقا من السينما المصرية، ظهر ما عرف بتيار الواقعية الجديدة، وبعد "إسماعيلية رايح جاي" لم يعد أغلبهم قادرين على إنجاز مشاريعهم.

السقا وجد صيغةً لمغازلة النفاق الاجتماعي، وإرضاء تناقضات الطبقة الوسطى. قبض على السينما بيد، وعلى ما يتصور أنه الأخلاق باليد الأخرى. وبالحظ القليل من الموهبة استمر المشوار، وبحظٍّ أقل من الموهبة جاء محمد رمضان، استجابةً لروح لحظة تاريخية مرتبكة، ونسف المنظومة، ولخبط الحسابات، بمزيج من الجرأة والفجاجة والابتذال الأجوف الذي فرض نفسه حتى على مهرجان الجونة في افتتاح دورته الخامسة. ما علاقة السينما بهذه الهرتلة اللفظية الاستعراضية لو لم يكن بطلها محمد رمضان؟ اسمع الكلمات واحكم:

"الدنيا ايه غير حبّة حاجات/ أحلى ما فيها جوّ البنات/ سامحيني باحبّ تقبليني على عيبي/ دي حاجة بتجري في دمي ده نصيبي/ وما تلوموش عليّ كان على عيني". وبعد المقدمة، يقدم النصيحة لأمثاله: "خليك صريح معاها/ خليك جنتل مان/إدّيها كلمة حلوة تدّي لك حنان/ده اللي يدلّعها يبقى في عينها باشا وبيه".

لا يتسع صدر مهرجان سينمائي، باستثناء الجونة، لهرتلةٍ غنائية لا يرى متابعو الافتتاح غيرها في مهرجان بدأ قوياً بأقسامه وأنشطته التي تضم معارض استعادية لأبرز السينمائيين في العالم، ومحاضرات لكبار المخرجين والمنتجين، ودعم مشاريع أفلام في مرحلتي الإنتاج وما بعد الإنتاج؛ حصاد يلمسه المهمومون، لا المترصدون ذوو العيون الجائعة. متعة الأفلام تخصّ الجمهور في القاعات، وهذا هو الأهم والأبقى.

ما يدعو للفرح أيضاً هو تكريم الفنان الفلسطيني محمد بكري. وسيكون الختام أجمل.

 

####

 

"نعرة وطنية فارغة كاذبة جديدة"... فيلم "ريش" و"هسهس" صورة الدولة المصرية

رصيف22

لغط كبير أثاره انسحاب عدد من الفنانين والمخرجين والنقاد السينمائيين من العرض الخاص لفيلم "ريش" الذي ينافس ضمن أفلام المسابقة الرسمية للأفلام الطويلة في الدورة الخامسة لمهرجان الجونة، وسط اتهامات بعضهم لصناع العمل بـ"الإساءة إلى الدولة المصرية" مع إشارة غير بريئة إلى "التمويل الأجنبي" للعمل.

و"ريش" هو أول فيلم روائي طويل للمخرج عمر الزهيري الذي شارك السيناريست أحمد عامر في تأليفه. وعُرض للمرة الأولى داخل مصر في "الجونة" من إنتاج محمد حفظي وسبق أن فاز بجائزتين في الدورة الأخيرة لمهرجان كانّ.

يدور الفيلم حول قصة أم فقيرة تواجه متاعب الحياة بمفردها لإعالة أبنائها بعدما تحول زوجها إلى دجاجة بسبب خطأ من ساحر. وفي حين أن الأرقام الرسمية تقر بوجود نحو 12 مليون امرأة معيلة في مصر، اعترض بعض الفنانين على مشاهد الفقر والعشوائيات التي يحتويها الفيلم، واعتبروها "إساءة" إلى جهود نظام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في "تطوير" العشوائيات.

"مبالغة في الإساءة لصورة مصر"

تعقيباً على مغادرة عرض الفيلم رفقة الفنانين أحمد رزق وأشرف عبد الباقي، قال الفنان شريف منير إن في الفيلم "مبالغة في الإساءة لصورة مصر".

في "موقف دعائي للدولة وأمنجي"... فنانون مصريون يغادرون عرض فيلم #ريش في مهرجان الجونة، استياءً من مشاهد "الفقر" التي "تجحد" جهود #السيسي لـ"تطوير" العشوائيات، وإشارة غير بريئة لـ"التمويل الأجنبي"

وتابع في مداخلة مع برنامج "الحكاية" الذي يقدمه عمرو أديب عبر قناة "إم بي سي مصر": "الفيلم يحكي عن أسرة عايشة في عذاب بشكل غير طبيعي ومؤذي، يعيشون في قذارة رهيبة، وشكل مش حلو أبداً، عشان كده اتخنقت وتعبت من الفيلم"، مضيفاً "أنا عندي حتة غيرة جوايه تجاه بلدي بتحركني".

وعبّرت الفنانة هالة صدقي عن استيائها من الفيلم لأنه "خيالي وتجريدي وليس سينمائياً"، مشيرةً إلى أن "(حقيقة) مصر والسينما حاجة تانية" مختلفة عمّا قدمه الفيلم.

وشاركت عدة شخصيات موالية للنظام في التحريض والتصعيد ضد صناع العمل.  كتب النائب محمود بدر: "التعري الحقيقي مش شوية فساتين لبستها الفنانات... التعري هو أنك تعمل فيلم تصور فيه بلدك وكأن مفيش أي تطور حصل فيها وكان تقرير البنك الدولي نفسه متكلمش عن تراجع نسب الفقر ومفيش آلاف الأسر اتنقلوا من سكن المقابر لشقق آدمية... التعري الحقيقي أنك تبيع موهبتك للنوع اللي يجيب جوائز".

الإعلامي الموالي للنظام أحمد موسى أيضاً شن هجوماً على صناع العمل متسائلاً: "عايزين إيه من هذا الفيلم؟ مفيش مشهد واحد فيه يدل أن مصر اتغيرت. اللي عمل الفيلم ده عايش في 2011 و2012 و2013، مشافش مصر اللي اتغيرت النهاردة. ليه البعض بيحاول تقديم صورة سلبية عن مصر والمرأة المصرية".

أما المخرجة إيناس الدغيدي، التي غادرت العرض أيضاً مستاءةً، فقالت إن الفيلم "ضعيف فنياً" ولا يقدم مضموناً يستحق متابعته أو جائزة مهرجان كان، على حد قولها.

"نقل حياة الفقراء وشرح أوجاعهم ليس إساءة للدولة ولكنهما صرخة ضمير تطلب العدالة وإنقاذ الضعفاء"... متى يتوقف النظام المصري وموالوه عن استغلال "المساس بصورة الدولة" ذريعةً لقمع الآراء/ الأفكار؟ #ريش

فنانون ضد التيار

على النقيض تماماً، اختار فنانون ونقاد دعم "ريش" وفريق عمله، معبرين عن قوة محتواه على الصعيدين الفني والإنساني. غرّدت الفنانة الشابة سارة عبد الرحمن: "فخر كبير لمصر أن مخرج شاب يروح بفيلمه الأول مهرجان كان، ويكسب جايزتين مهمين، وأما سألوه فضل يتكلم في كل لقاء عن مكانة مصر في السينما وعن فخره بيها. أنا شوفت فيلم ريش إمبارح وعجبني جداً وكنت متسلية جداً بفيلم عن واحدة جوزها بيتقلب فرخة".

وكان المؤلف والسيناريست عبد الرحيم كمال أكثر جرأة في انتقاد الفنانين المنسحبين إذ قال عبر حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي: "مش معنى إن فيلم سينمائي بعيد عن ذوقك أو حتى عن موقفك من الحياة والفن والكلام اللي يبان كبير أوي، ده إنك تبالغ في تحقيره والإساءة إليه ولصناعه كأنه إهانة وتنسب ليه عنوان كبير أوي زي (الإساءة لسمعة مصر!)".

وأكد كمال أن الفيلم "وراه مخرج كبير وموهوب" و"تجربة مهمة" و"ممثلين ممثلوش (لم يمثلوا) في حياتهم وقدروا يوصلوا فكرة صعبة وقاتمة وقاسية رغم طرافتها، وقدر يدين الفقر والاستغلال وقدر يتكلم عن موقف المرأة المضغوط بين موتين". وشدد على أن العمل يمتاز بـ"لغة سينمائية بليغة" كـ"تجربة سينمائية تحتاج الكثير من النقاش الجاد، دون إلقاء التهم" و"دون تخوين وتهويل".

ورفض الناقد الفني طارق الشناوي الاتهامات الموجهة للفيلم، قائلاً إن "صورة الوطن لا يمكن اختزالها في مجموعة مشاهد"، موضحاً أن حالة الفقر التي ظهرت في الفيلم موجودة، وهناك ما هو أسوأ منها.

"بداية حملة لتجريم التمويل الأجنبي للأفلام المصرية من أجل إحكام السيطرة تماماً على المشهد"... هل الهجوم على صناع فيلم #ريش "حملة مرتبة بتوجيهات أمنية"؟

ووصفت الناقدة الفنية ماجدة خير الله العمل بأنه "قطعة فنية من الإبداع الخالص من حيث أسلوب السرد، وتكوينات الصورة، والتعامل مع مجموعة من الممثلين لم يسبق لأي منهم الوقوف أمام الكاميرا"، متابعةً "من انسحب من الفنانين كأنهم لا شافوا سينما، وهينتهوا مثل الديناصورات. وصف الفيلم بالإساءة لمصر وصف غريب يحمل عدم وعي، وكأنهم مش عايشين معانا في نفس البلد مفيش بلد يعيبها الفقر".

أما صناع العمل، فتباينت ردودهم على الانتقادات بين الدفاع والتعبير عن عدم الاكتراث. قال المنتج محمد حفظي، وهو رئيس مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، إن العمل لا يحمل أي إساءة لصورة مصر، وإن هناك ردود فعل إيجابية توازي تلك السلبية، مبرزاً أن العمل ليس وثائقياً وإنما يرصد عالم من خيال لا يُقصد منه "أي إسقاط سياسي". 

ماوأوضح مخرج العمل أنه "سعيد على أي حال بالاهتمام بالفيلم"، مشيراً إلى أنه يقدم "السينما التي أقتنع بها" وأن "السينما والفن دورهما طرح الأسئلة وترك الإجابة للجمهور، وهو ما يخلق الاختلافات".

"نعرة وطنية فارغة"

ردود فعل الجمهور كانت متباينة جداً أيضاً. فبينما عبّر موالون للنظام عن استيائهم من الفيلم الذي "يجحد" جهود الدولة في العشوائيات، مع تعبير عن الريبة من "التمويل الأجنبي" المشارك في إنتاجه، وهو من فرنسا وهولندا واليونان، استغرب معلقون أن غالبية المنتقدين لم يروا الفيلم، مشددين على أن "نقل حياة الفقراء وشرح أوجاعهم ليسا إساءة للدولة ولكنهما صرخة ضمير تطلب العدالة وإنقاذ الضعفاء".

واعتبر بعضهم تصرف الفنانين المنسحبين من العرض "موقفاً دعائياً للدولة" أو "أمنجياً (متحالف مع الأمن) في ظل عصر يدير مشهده ضابط مخابرات"، مستنكرين أن يكون أشخاص من الوسط الفني ضد حرية الإبداع.

الكيت كات" و"الحرام" و"مواطن ومخبر وحرامي" و"دكان شحاتة" وغيرها هي أفلام من روائع السينما المصرية أفلتت من  "هسهس" ما يُعرف بـ"المساس بصورة الدولة المصرية" و"التخوين".

الكاتب أحمد ناجي رجح أن يكون الهجوم على الفيلم "حملة مرتبة بتوجيهات أمنية"، مشدداً على أن "شريف وأشرف ورزق يستحيل يخرجوا ويعملوا حركات زي دي بدون توجيهات". تكهن أيضاً أن يكون "الموضوع أكبر من فيلم ريش" وأن يكون "بداية حملة لتجريم التمويل الأجنبي للأفلام المصرية من أجل إحكام السيطرة تماماً على المشهد".

إلى ذلك، كتب ساهر السمري، على فيسبوك، أن موقف الفنانين، لا سيّما رزق ومنير وعبد الباقي، يعكس "نعرة وطنية فارغة كاذبة جديدة" عبر ادعاء "الإساءة لسمعة مصر" وهي التي وصفها بأنها "تهمة معلبة جاهزة جداً في أي وقت لإثبات أننا وطنيين جداً يا ماما".

وقال السمري إن الفيلم الحائز جائزة مسابقة أسبوع النقاد في مهرجان كانّ فى دورته الـ74 في تموز/ يوليو الفائت، حقق إنجازاً هو الأول من نوعه في تاريخ السينما المصرية باقتناص الجائزة الدولية من بين 50 فيلماً. وأوضح أن تقييم الفيلم على IMDB هو 7.2.

في الأثناء، ذكّر العديد من المعلقين بأفلام تعد من روائع السينما المصرية والعربية سلّطت الضوء على معاناة الفقراء، مثل "الكيت كات" و"الحرام" و"مواطن ومخبر وحرامي" و"دكان شحاتة" وغيرها، قبل أن يظهر "هسهس" -أي الهاجس المرضي- ما يُعرف بـ"المساس بصورة الدولة المصرية"، الذي غُيّب عشرات الناشطين والمواطنين في السجون بسببه خلال السنوات الأخيرة.

 

موقع "رصيف 22" في

18.10.2021

 
 
 
 
 

وُلِدَ .. لِيَعِيشْ

مجدي الطيب

ظهيرة 27 أغسطس من العام 2017، وعقب انعقاد المؤتمر الصحفي، الذي أعلن فيه عن تفاصيل الدورة الأولى من «مهرجان الجونة السينمائي»، في المدة من 22 إلى 29 سبتمبر 2017، كتبت : «المهرجان الذي سيولد عملاقاً» .

يومها لامني بعض الأصدقاء، وغضب البعض الآخر؛ بحجة أنني تعجلت في الحكم على مهرجان لم يفتح أبوابه بعد، وعبثاً حاولت اقناعهم بأن ما حدث في المؤتمر الصحفي؛ من تدفق للمعلومات، وإبهار في الشكل، فضلاً عن الضبط، والربط، والدقة، والانضباط، يدعو للتفاؤل، لأن «المقدّمات توحي بالنتائج»، أو كما يقول المثقفون : «مقدِّمات الكتب توحي بما تحتويه»، فما كان من المتشائمين سوى أن ردوا عليَ بأنها مجرد «نزوة»، في حياة رجل أعمال يعشق «المُغامرة»، سرعان ما سيبرأ، ويتبرأ، منها، والأرجح أن يفقد ولعه بها، بعد دورتين على أكثر تقدير !

ومع كل دورة جديدة ل «مهرجان الجونة السينمائي» كان ينتابني شعور بأنني كسبت الرهان، وأنه «وُلِدَ لِيَعِيشْ»؛ مادامت لديه القدرة على تصويب الأخطاء، وتخطي العراقيل والعقبات، والحفاظ على روحه الشابة، والأهم تجديد دمائه، عبر مبادرات جادة، ومشروعات طموحة، وحماسة لم تفتر، وتحد يُعلن عن نفسه، وإن كنت لا أتفق والقول إن «الشغف» وحده صمام أمانه، وإلا استيقظنا ذات صباح، لنكتشف أن قراراً صدر بإنهاء حياته؛ بحُجة أن أصحابه فقدوا «الشغف» !

يدخل المهرجان دورته الخامسة، ليؤكد جدارته بالمكانة التي احتلها، في فترة وجيزة للغاية، كمهرجان جاذب، بأفلامه الطازجة، وجوائزة المالية الضخمة، والعينية الرفيعة، وفعالياته العاقلة، التي لا يصاحبها صخب ولا نزق، واختياراته الواعية، وإضاءاته الأخاذة، فضلاً عن دأبه الواضح في الأخذ بيد الصناعة، وتشجيع صناعها، في المنطقة العربية بأسرها، وليس في مصر فحسب، مع الاهتمام الملحوظ بالمواهب الشابة، ودعم السينما القصيرة، والوثائقية، والمستقلة، وتشجيع الحوار بين الأصوات السينمائية المحلية والعالمية؛ عبر الموائد المستديرة، وورش العمل، والمحاضرات، وحلقات النقاش، التي تجمع بين محترفي الصناعة، وخبرائها؛ فالمهرجان الذي تنبأت بأنه «سيولد عملاقاً» .. و«صدقت النبوءة»، يعلم أنه أمام خيار هو الأصعب، وأنه مُلتزم ليس أمام جمهوره، وضيوفه، بالوعد الذي قطعه على نفسه، بألا يُصبح «سُرادق عزاء»، في صورة ندوات تأبين، أو «مجاملات»، بحجة التكريم فحسب، بل أمام الجميع، من دون استثناء، بأنه «نافذة الأمل»، التي تبعث على التفاؤل، مثلما تؤكد أننا قادرون، بالإدارة الصارمة، والرؤى المنفتحة على العالم، على تدشين تظاهرة محورها «السينما»، وشعارها، الذي أعلن عنه منذ دورته الأولى، ولم يتخل عنه يوماً : «سينما من أجل الإنسانية».

_________________

* ناقد سينمائي مصري

 

نشرة المهرجان اليومية في

18.10.2021

 
 
 
 
 

حريق (الجونة) انتقام من الله؟!

طارق الشناوي

قبل أيام شاهدنا ألسنة اللهب تلتهم بضراوة ونهم الأعمدة الخشبية والملابس والإكسسوار في مبنى يقام به حفل الاستقبال بمهرجان (الجونة)، تعودنا الدعاء لله بأن يحمي الإنسان عندما يتعرض لكارثة، ولا نسأل قبل الدعاء، عن جنس أو لون أو دين أو عرق، تتوجه القلوب بالشفاعة للمولى عز وجل، حتى نرى يد الله تحمي الجميع، هذه المرة على (السوشيال ميديا)، قرأت أن هناك من يتوجه بالدعاء مخلصاً، أن تمتد الحرائق من الخشب إلى البشر، لتحصد أرواح أهل الفسق والمجون والعربدة الذين يمارسون (والعياذ بالله) الفن!!

أوقن بأن هؤلاء لا يمثلون الأغلبية في مصر أو العالم العربي، هم فقط الأعلى صوتاً وصخباً، إلا أنني على الجانب الآخر لا أتعامل مع الأمر ببساطة، ويجب ألا يحدث ذلك على المستويين الرسمي والمجتمعي، هناك أصوات عبر كل الأزمنة تعادي الفن وتعتبره خصماً للأديان كلها، وليس فقط الإسلامي، هناك متشددون أيضاً في اليهودية والمسيحية، لدينا مثلا فيلم (بحب السيما) للمخرج أسامة فوزي، أشار لتلك الكراهية، بطل الفيلم طفل من عائلة مسيحية، يعشق السينما ويتمنى أن يدخل النار، بعد أن أخبره والده المتطرف بأن النجوم الذين يحبهم سوف يدخلون جميعاً النار.

الجماعات المتطرفة في مصر كثيراً ما فتحت النيران ضد الفن، وبعضهم طالب أكثر من مرة منذ ثلاثينات القرن الماضي بإغلاق دور العرض والمسارح ومنع الغناء، شاهدنا تحت قبة برلمان مجلس الشعب، قبل بضع سنوات، من هاجم أدب نجيب محفوظ واعتبروه يمثل نموذجاً صارخاً للخروج عن الأعراف، وتشككوا في أحقيته بجائزة (نوبل) باعتبارها مكافأة له عن (أولاد حارتنا) التي وصفوها بأنها تسخر من الأديان.

الأسرة المصرية بات تكوينها يميل أكثر للتحفظ، وبين الحين والآخر نتابع نجماً يؤكد رغبته في الاعتزال، أو يتبرأ من أفلامه، ويقول إنه سوف يعارض ابنته، لو طلبت منه احتراف الفن، بينما هو قد أنفق عليها وتلقت دروسها في أرقى المدارس والجامعات، بفلوس الفن التي ينعتها حالياً بالحرام!!

أعلم أن الصورة الذهنية الراسخة في الأذهان لمهرجان مثل (الجونة) تحيله فقط لفستان وسيقان وأشياء أخرى، وهي صورة زائفة تخاصم الحقيقة تماماً، أسهم في ذيوعها عدد من النجمات اللاتي اعتبرن أن معركتهن الرئيسية ارتداء الفستان الأكثر إثارة، (العام الماضي رانيا يوسف، حققت التريند، هذا العام، وحتى كتابة هذه السطور، انتصرت عليها نجلاء بدر)!!

يجب أن نذكر أيضاً أن في كل مهرجانات الدنيا يحدث ذلك، نتابع الإعلام وهو يفرد مساحة للنجمة التي صعدت مثلاً على سلم قاعة (لوميير) بمهرجان (كان) بعد قبلة ساخنة مع صديقها، والأخرى التي تحركت على نفس السلم حافية القدمين، إلا أنهم لا يكتفون بهذا القدر، يتناولون بعدها فيلماً أو ندوة، بينما ومع (الجونة) تحديداً، نكتشف خصوصاً على (السوشيال ميديا) أن الأمر يبدو كأنه قاصر فقط على الفستان!!

(الجونة) زاخر بالأفلام والندوات والضيوف الذين تمكنت إدارة المهرجان من استقطابهم، أغلب الأفلام التي حصدت جوائز في المهرجانات العالمية، نشاهدها في آخر عنقود المهرجانات المصرية الذي يبلغ هذه الدورة عامه الخامس، يقود فريق العمل الخبير السينمائي انتشال التميمي، مع كل من المخرج أمير رمسيس والفنانة بشرى، استطاع المهرجان أن يحقق مكانة أدبية على الخريطة العالمية، نعم هناك ملاحظات متعددة وهذا وارد جداً، إلا أننا بصدد مهرجان يرنو للفن والثقافة، ولا يخلو أيضاً من الفساتين المثيرة!!

ناقد سينمائي مصري

 

الشرق الأوسط في

18.10.2021

 
 
 
 
 

كباتن الزعتري.. أهلا بك في إعلان أكاديمية”أسباير

مصطفى الكيلاني

لم أتعاطف مع بطلي “كباتن الزعتري” فوزي قطيش ومحمود، تلك الجملة كانت ترن في أذني بعد خروجي من قاعة البلازا بعد عرض الفيلم في مهرجان الجونة السينمائي 2021، فالفيلم انتهى بالنسبة لي على أنه إعلان لأكاديمية أسباير لكرة القدم في قطر.

بدأ الفيلم بلقطات لأطفال يمررون كرة قدم بينهم في ممرات مخيم الزعتري للاجئين السوريين بالأردن، و”تنطيط” للكرة بينهم، ذكرتني بإعلانات المشروبات الغازية التي تذاع في فواصل مباريات كأس العالم، ونجد بها لاعبين مشاهير يمررون الكرة بينهم ويستعرضون مهاراتهم في أحياء البرازيل الفقيرة.

لم تختلف اللقطات الأولى للفيلم عن تلك الإعلانات نهائيا، بل أكاد أجزم أنها منقولة منها تماما، نفس حركة الكاميرا، ونفس مواجهة الكاميرا للشمس وبينهم اللاعب يداعب الكرة، وتلك المشاهد الأولى وضعت في ذهني التوجه الإعلاني للفيلم.

الفيلم الوثائقي “كباتن الزعتري” الذي يراقب حياة الشابين فوزي ومحمود، وحبهما لكرة القدم وأزمة تواجدهما كلاجئين في المخيم، وتفاصيل حياتهما الصعبة، التي شاركهما فيها المنتج والمخرج على العربي لـ6 سنوات، لم يقدم لي المخرج المبرر لتعاطفي كمشاهد معهما، رغم قسوة الحياة في المخيم، ورغم مروره البسيط على قصة حب محمود، وعلاقة فوزي بأخته الصغيرة، وغياب والده الذي هرب من المخيم، لكن كل ذلك لم يكن سوى وجهة نظر ظاهرية للمخرج.

الأزمة الوحيدة التي قدمها لي علي العربي، هي في اختيار فريق أكاديمية إنسباير القطرية لكرة القدم لمحمود وتركه لفوزي، لشرط السن، رغم أن فارق العمر بينهما عام واحد، عايشت كمشاهد أزمة فوزي وعصبيته وفقدان أمله في لعب كرة القدم، ثم تم حل الأزمة بزيارة أخرى من فريق الأكاديمية للمخيم، واختيار الأخير للتدريب في الأكاديمية، مع طفل موهوب كرويا، أصغر في السن من أبناء المخيم.

علي العربي

تكرار اللقطات “الدعائية” لمبنى الأكاديمية، ومشاهد التدريبات واستمتاع الشابين بالشواطئ، وتذكير مدربهم بأنهم فاشلون، ولا يتذكرون الخير الذي قدمته لهم الأكاديمية، بعد خسارتهم إحدى المباريات، مع التركيز على علم ما يسمى “الجيش السوري الحر” قبل دخولهم مصعد الأكاديمية، كل ذلك دعم لدي وجهة النظر التي لم يحاول أن يخفها الفيلم، أو أن يقدم خلف.

غرق الفيلم ومخرجه في نظرته الدعائية، ليس حتى لأزمة الشابين في المخيم، ولا حتى الأزمات الحقيقية لوجودهم كلاجئين في بلد آخر، ولكن في الأكاديمية الكروية التي غيرت مسار حياتيهما وجعلتهما يرتديان ملابس فخمة، ويعيشان في الأبهة الأكاديمية.

فيلم “كباتن الزعتري”، قدم صورة رائعة، أدراها المخرج علي العربي ومدير تصويره محمود الشيشيني بشكل جيد، اعتمد المخرج على اللقطات المقربة لإظهار مشاعر الشابين القليلة في الفيلم، ونقل مشاهد كرة القدم باحترافية شديدة، فيما لم يقدم مونتاج منة الشيشيني الإيقاع المطلوب لفيلم من تلك النوعية، وغلبت اختيارات المخرج الدعائية على المشاعر.

الفيلم عرض بمهرجان الجونة بعد عرضه في أكثر من 70 مهرجان دولي أهمهم كان عرضه الأول في صاندانس السينمائي.

 

موقع "أويما 20" في

18.10.2021

 
 
 
 
 

أحمد عامر يحتفل بعرض فيلم «ريش» بمهرجان الجونة السينمائي

الجونة - مي عبدالله

احتفل السيناريست أحمد عامر، بعرض فيلم "ريش" الذي شارك في كتابته، ضمن فعاليات الدورة الخامسة لمهرجان الجونة السينمائي الدولي. 

فيلم "ريش" كان قد حصل مؤخرا على الجائزة الكبرى بمسابقة أسبوع النقاد بمهرجان "كان" السينمائي، وهو يدور حول أب عائل لأسرة فقيرة يقرر إقامة حفل عيد ميلاد نجله ويحضر ساحرًا ليقدم بعض الألعاب السحرية، وفي إحداها يدخل الأب في صندوق خشبي ليخرج منه دجاجة، وفي المشهد المعكوس حيث يعيد الساحر الدجاجة للصندوق من أجل إخراج الأب تحدث المفاجأة ولا يخرج الأب أبدا من الصندوق.

من جانبه تحدث "عامر" عن كواليس صناعة الفيلم"، حيث قال إن أحداث الفيلم تدفع المشاهد للتساؤل حول ما إذا كان الأب تحول إلى دجاجة بالفعل أم أنه هرب للتخلي عن مسئوليته تاركا إياها لزوجته التي لم تعتد على إعالة أحد من قبل، موضحا أن الأب تحول لدجاجة للدلالة على أنه أصبح أضعف ما يكون عكس ما كان يمثله من سلطة ومسئولية وغيرها.

وكشف أن فكرة الفيلم تعود لمخرج العمل عمر الزهيري، الذي حاول في البداية كتابة المعالجة وعرضها على أحد برامج الدعم الهامة بمهرجان كان السينمائي، إلا أنهم لم يقبلوا بالمشروع الذي قدمه، ونصحوه بأن يلجأ لأحد الكتاب للمشاركة في كتابة السيناريو، معلقا: "الكتابة بتحتاج خبرة ومجهود ومهارة".

في نفس السياق، أوضح أن "الزهيري" طلب منه المشاركة في كتابة السيناريو وبالفعل تم كتابة المعالجة الأولى خلال 5 أيام فقط وتم تقديمها للبرنامج، ومن ثم بدأت رحلة تطوير الفيلم التي استغرقت حوالي عام ونصف تم فيها كتابة حوالي 9 نسخ لمعالجة السيناريو، لافتا إلى أن هذه المرحلة انتهت بحصولهم على نسبة كبيرة من الدعم قبل انطلاق التصوير.

وأشار إلى أن مهمته في العمل انتهت بعد أن وضع السيناريو على أرض صلبة للبدء في تصويره، لافتا إلى أن الفيلم كان بمثابة تحدي كبير بالنسبة له.

من ناحية أخرى، يشارك أحمد عامر، ضمن برنامج "سيني جونة" الذي يقام ضمن فعاليات مهرجان الجونة السينمائي، كمنتج لمشروع الفيلم الوثائقي "50 مترا" للمخرجة يمنى خطاب.

وكان "عامر" قد شارك العام الماضي ضمن نفس البرنامج "سيني جونة" بمشروع فيلم حمل اسم "هاملت من عزبة الصفيح"، كمنتج وككاتب للسيناريو بمشاركة مخرج العمل أحمد فوزي صالح.

وعن "هاملت من عزبة الصفيح"، قال "عامر" إن الفيلم حصد 6 جوائز تطوير حتى الآن وما زال العمل عليه قائما.

فيما يعمل أحمد عامر، حاليا على سيناريو مشروع فيلم آخر بعنوان "غدوة" وهو من بطولة وإخراج الفنان ظافر العابدين، ومن المقرر أن ينطلق تصويره قريبا في تونس.

يشار إلى أن فيلم ريش هو أول الأفلام الروائية الطويلة للمخرج عمر الزهيري، وقد اشترك في تأليفه مع السيناريست أحمد عامر.

وشهد تعاونا إنتاجيا بين فرنسا، مصر، هولندا واليونان، ونال دعما من جهات دولية عديدة خلال مراحل إنتاجه، وهو من إنتاج الفرنسيين جولييت لوبوتر وبيير مناهيم من خلال شركة Still Moving، بالمشاركة مع وLagoonie Film Production للمنتجة شاهيناز العقاد وفيلم كلينك والمنتج محمد حفظي، درك جان وارينك وكوجي نيليسين (Kepler Film) جيورجوس كرنفاس وكونستانتينوس كنتفركيس (Heretic) وفيرونا ماير، وتتولى توزيعه في العالم العربي شركة Film Clinic Indie Distribution.

 

بوابة الأهرام المصرية في

18.10.2021

 
 
 
 
 

مواقع المخابرات تحذف أخبار فيلم "ريش" الفائز في مهرجان "كان" بزعم إساءته لسمعة مصر

القاهرة/ العربي الجديد

حذفت جميع المواقع المصرية التابعة للمخابرات العامة كل الأخبار عن الفيلم المصري "ريش" ومخرجه عمر الزهيري، الذي فاز بجائزتي "أسبوع النقاد" و"الفبريسي" في مهرجان كان السينمائي الدولي.

وجاء الحذف بعد موقف الممثل شريف منير، أمس الأحد، عندما انسحب من عرض الفيلم في مهرجان الجونة السينمائي، ومعه الممثلان أحمد رزق وأشرف عبد الباقي، بزعم أن الفيلم "يسيء إلى سمعة وصورة مصر".

وكان فيلم "ريش" أول تتويج للسينما المصرية في تاريخها بجائزة من مهرجان "كان" السينمائي الدولي.

وعرض مهرجان الجونة فيلم "ريش" للمرة الأولى في الشرق الأوسط أمس الأحد، وبعد نحو ساعة من عرض الفيلم، بدأ البعض في المغادرة، وهم شريف منير ويسرا وإيناس الدغيدي وأشرف عبد الباقي، وأحمد رزق وتامر حبيب، بحجة أن الفيلم يحتوي مشاهد تسيء لسمعة مصر.

وحاول محمد حفظي، منتج الفيلم ورئيس مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، إثناء الفنانين عن مغادرة عرض الفيلم، نافياً أن تكون مشاهد الفقر في الفيلم مسيئة لمصر.

وكتبت الناقدة المصرية ماجدة خير الله تعليقاً على الواقعة في صفحتها على "فيسبوك" تقول: "فيلم (ريش) لعمر الزهيري قطعة فنية من الإبداع الخالص من حيث أسلوب السرد، وتكوينات الصورة، والتعامل مع مجموعة من الممثلين لم يسبق لأي منهم الوقوف أمام الكاميرا".

وتابعت: "الفنان الحقيقي في كل المجتمعات المتحضرة دائماً ما يسبق حركة العامة بخطوة أو اثنتين، لينير الطريق ويضع خطوطاً تحت ما يريد التأكيد عليه، ولكن للأسف، حفنة من نجومنا اعتادوا على البقاء في الخلف ومحاولة إقناع الجميع بأنه المكان المناسب، متناسين أن حركة تيار النهر دائماً للأمام، وهؤلاء سوف تعتبرهم الأجيال القادمة مثل الديناصورات المنقرضة".

وعُرض الفيلم المصري Feathers (ريش) عالمياً لأول مرة ضمن فعاليات مهرجان كان السينمائي الدولي، ولقي حفاوة كبيرة من الجمهور.

وشارك في المسابقة الرسمية لأسبوع النقاد الدولي المقامة ضمن فعاليات مهرجان كان في نسخته الـ74.

وأنتج الفيلم تعاونياً بين فرنسا ومصر وهولندا واليونان، ونال دعماً من جهات دولية عديدة خلال مراحل إنتاجه.

"ريش" هو أول الأفلام الروائية الطويلة للمخرج عمر الزهيري، وقد اشترك في تأليفه مع السيناريست أحمد عامر، وهو من إنتاج الفرنسيين جولييت لوبوتر وبيير مناحيم، من خلال شركة Still Moving، بالمشاركة مع Lagoonie Film Production للمنتجة شاهيناز العقاد، و"فيلم كلينك" والمنتج محمد حفظي، ودرك جان وارينك وكوجي نيليسين (Kepler Film)، وجيورجوس كرنفاس وكونستانتينوس كنتفركيس (Heretic) وفيرونا ماير، وتتولى توزيعه في العالم العربي شركة Film Clinic Indie Distribution.

وتم تطوير مشروع الفيلم بدعم من جائزة baumi لتطوير السيناريو وتورينو فيلم لاب ومؤسسة Cinefondation، ونال جائزة الأطلس لما بعد الإنتاج في ورشة الأطلس ضمن المهرجان الدولي للفيلم بمراكش 2020.

ويقدم الفيلم قصة أم تعيش في كنف زوجها وأبنائها حياة لا تتغير وأياماً تتكرر بين جدران المنزل، الذي لا تغادره ولا تعرف ما يدور خارجه. ذات يوم، يحدث التغير المفاجئ ويتحول زوجها إلى دجاجة، فأثناء الاحتفال بيوم ميلاد الابن الأصغر، يخطئ الساحر ويفقد السيطرة ويفشل في إعادة الزوج، الذي كان يدير كل تفاصيل حياة هذه الأسرة، هذا التحول العنيف يجبر هذه الزوجة الخاملة على تحمل المسؤولية بحثاً عن حلول للأزمة واستعادة الزوج، وتحاول النجاة بما تبقى من أسرتها الصغيرة، وخلال هذه الأيام الصعبة، تمر الزوجة بتغيرٍ قاسٍ وعبثي.

 

العربي الجديد اللندنية في

18.10.2021

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004