ملفات خاصة

 
 

في "مهرجان عمّان السينمائي الدولي - أوّل فيلم"

محمد ملص... حكايات على مقام السينما

علاء رشيدي

مهرجان عمّان السينمائي

الدورة الثانية

   
 
 
 
 
 
 

تحضر الأحلام بكثافة في أعمال محمد ملص، في "أحلام المدينة" ندخل إلى عالم الأم الداخلي عبر أحلامها، وفي العام 1988، قدم المخرج فيلماً بعنوان "المنام" ومن خلاله استطاع أن يدخل إلى وجدان الشعب الفلسطيني لينبش ذاكرته ويرى حاضره ونظرته إلى المستقبل، وليثبت بجمالية أخاذة، ودون شعارات أو صراخ، أن الفلسطينيين الذين عانوا كل أشكال القهر والتشريد والتنكيل لا يعيشون إلا حلماً واحداً هو فلسطين والعودة إليها.

رائد سينما المؤلف السورية

تتعدد الألقاب التي تطلقها الكتابات النقدية والصحفية على المخرج السينمائي السوري محمد ملص، لكن يبدو أن أكثرها قبولاً من قبله، والأكثر ارتباطاً ومهنية بعالم السينما، هو لقب رائد سينما المؤلف السورية، وكذلك هو من روادها الأوائل على المستوى العربي. فالسينمائي الذي ولد في القنيطرة عام 1945، درس الفلسفة وعمل كمدرس، قبل أن يكون واحداً من أبرز المخرجين العرب الذين توجهوا إلى مدرسة موسكو للسينما، ليعودوا فيما بعد إلى بلدانهم ويشكلون تيارات جديدة في السينما السورية والعربية. وقد كان حاضراً قبل أيام في "مهرجان عمّان السينمائي الدولي - أوّل فيلم" في دورته الثانية، في الثلاثين من آب/أغسطس، ضمن ندوة بعنوان "الأول والأحدث"، يحكي فيها ملص عن أوّل أفلامه وأحدثها.

يكتب الناقد محمود القاسم: "لعبت مدرسة موسكو السينمائية دوراً مهماً للغاية ومحورياً، وساعدت من خلال خريجيها على تغيير شكل السينما في سورية". ويحدد الناقد الملامح الأساسية التي تجمع الأعمال السينمائية لخريجي مدرسة موسكو بأنها أفلام جادة بعيدة عن إنتاجات السينما الخاصة والقطاع التجاري، وأنها اعتمدت على سيناريوهات كتبها المخرجون أنفسهم، بتعاون أو شراكات في بعض الأحيان، لكن موضوعات السيناريو تحمل الكثير من السير الذاتية لصناعها ورؤيتهم الشخصية، حيث يتناول كل منهم الفئات، المنطقة، والبيئة الاجتماعية والسياسية التي ينتمي إليها.

تنويعات على أحلام المدن

إن المطلعين على الأفلام القصيرة التي حققها المخرج أثناء مرحلته الدراسة الروسية: "حلم مدينة صغيرة"، "اليوم السابع"، "الكل في مكانه وكل شيء على ما يرام سيدي الضابط" يجدون فيها العناصر الكاملة التي ستحضر في أفلامه الروائية التي سيحققها لاحقاً، يكتب المخرج هيثم حقي عن الفيلم الأول: "فيلمه القصير الأول في المعهد "أحلام مدينة صغيرة" كان بروفة لفيلمه الطويل الأول. لكنه لم يكن يخلو من خصوصية، وهو يحكي قصة طفل يعمل في دكان ميكانيكي. يستيقظ الطفل قبل الجميع في الصباح الشتائي البارد ويغسل وجهه في فيجة الحارة، ويتجه إلى دكان معلمه، يفتحه وينظفه. ويمر التلاميذ أمامه ثم يمر الأستاذ وهو ينتظر قلقاً. وأخيراً، يأتي معلمه الميكانيكي. فيركض الطفل مسرعاً ليرى التلاميذ من النافذة ينظرون إلى اللوح بإصغاء شديد فيحس بأن الدرس قد بدأ وأنه قد تأخر ثانية ولن ينجو من عقاب عصا الأستاذ التي رأيناها تتدلى أثناء مروره أمام محل الميكانيكي". هذا الثقل الذي تؤثر فيه العلاقات الاقتصادية والاجتماعية على عوالم الطفولة، ستحضر كأبرز المحاور في سينما محمد ملص القادمة.

الطفولة كموضوعة، الطفولة كحامل سردي

ستلعب الطفولة، سواءً كموضوعة أو كحامل سردي للسيناريو، دوراً أساسياً في فيلمه الطويل الأول "أحلام المدينة"، 1984، الذي يروي تجربة نزوح عائلة بعد فقدان الأب، من القنيطرة إلى دمشق في العام 1953. الطفل ديب ووالدته حياة وشقيقه عمر، يضطرون للعودة للعيش في منزل الجد، الرجل البخيل، بالغ الخشونة، والقاسي، ويضطر ديب ابن العاشرة أن يعمل في محل لكوي الملابس، إلى جانب الدراسة، يكتب عن ذلك المخرج صلاح دهني: "الطفل نموذج لجيل برمته، هو جيل الزمن الأسود والخيبات المرة والانتهاكات المستحيلة". وكما في الفيلم السابق فإن عمالة الأطفال حاضرة كموضوعة، لكنها في "أحلام المدينة" هي الحامل السردي لاكتشاف الحياة اليومية لدمشق الخمسينيات من القرن الماضي بين الأحداث السياسية، الأوضاع الاقتصادية، والسلوكيات العائلية. وهكذا الطفل المتنقل في يومياته بين العمل والمدرسة والمنزل يعكس لنا طبيعة العلاقات الاجتماعية القائمة على السلطة الجنسية-الذكورية، والمالية والسياسية. وفي فيلمه "الليل"، 1992، تتوسع الرؤية الطفولية إلى العالم وتصبح أكثر ذاتية في هذا الفيلم الذي يعود بمجرياته إلى ماضي العائلة وتجربة لجوئها إلى دمشق، حيث يحاول الابن البحث في كيفية وفاة والده. فبين تعدد الروايات حول وفاته، بين حكاية الأم، وحكاية المحيط الاجتماعي، يؤسس الابن أيضاً رؤيته الذاتية التي تتشكل من تداخل بين الحدث الحقيقي وبين المتخيل والمشتهى من قبل الابن عن كيفية وفاة والده.
من السّيرة الذاتية إلى التاريخ

يؤكد النقاد على التقاطع بين سيناريوهات أفلام محمد ملص مع أجزاء وجوانب من سيرته الذاتية، فهو إن روى في "أحلام المدينة" انتقال العائلة من القنيطرة إلى دمشق في الخمسينيات، فإن "الليل"، 1992، يعود سالفاً في الزمن في سيرة المخرج الذاتية، وذلك إلى مرحلة البدايات والطفولة في القنيطرة. وهكذا، كما في أدب السيرة الذاتية تصبح الحكاية الشخصية مدخلاً لاكتشاف الحدث التاريخي والسياسي. يكتب محمود القاسم عن التاريخي في "أحلام المدينة": "يمر الزمن من أمام البيت شاهداً على ما يراه الوطن من أحداث. بينما الشام تشهد أحداثاً عظاماً خصوصاً منها فرحة السوريين حين قام عبد الناصر بتأميم قناة السويس، وتنتفض الأم تحت ضوء المصابيح الزرق المرتفعة في شتاء العدوان الثلاثي، ثم ها هي تستحم بالأضواء والزينات والزغاريد عندما يتم لإعلان الوحدة بين مصر وسورية".

دمشق والقنيطرة وفلسطين بين النكبات والقمع

في "الليل" ترتبط حكاية مدينة القنيطرة بالقضية الفلسطينية، فالحكاية عن المواطن المتحمس، تمثيل فارس الحلو، الذي ينخرط في العام 1936 في القتال من أجل فلسطين وحين يعبر مدينة القنيطرة للمرة الأولى ليعود للعيش فيها. ومن جديد يذهب الرجل إلى فلسطين مع جيش الإنقاذ، ويعود إلى القنيطرة مع أولى بوادر الهزيمة وضياع فلسطين، ويصور الفيلم أثر الانقلابات العسكرية في الواقع السياسي السوري والقمع الذي مارسته، حيث يعتقل البطل لمعارضته بيانات الانقلابات السياسية على الراديو. وإن كان الفيلم يسجل المثالية والحماس البعيد عن دراسة الواقع في محاولة استعادة فلسطين من قبل العرب المشتركين في جيش الإنقاذ، فإنه يبين أثر القمع في الداخل السوري على اعتباره أساساً في فشل تحقيق الحلم الفلسطيني. كما أن الفيلم برمته مهدى: "إلى الذين جاهدوا في سبيل فلسطين وماتوا بصمت".

في فيلمه "سلم إلى دمشق"، 2013، التاريخ هو بين عام 2011 وسنة إنتاج الفيلم، سلسلة من الأحداث التاريخية التي تروي الانتفاضة الشعبية، المظاهرات ودور الشباب، القمع والاعتقالات، الاختفاء القسري والعنف. كلها ظواهر سياسية واجتماعية عرفها المجتمع السوري بالتزامن مع الثورة الشعبية المطالبة بالتغيير. ويرصد الفيلم عبر حكاية عاشق السينما فؤاد الذي يحاول صناعة فيلم لينقل لوالده ما يحدث في المدينة، وحكاية الشابة غالية التي تبحث عن والد صنوها، متقمصتها زينة، المختفي قسراً. وإن كان هذا الفيلم الأخير لا يصور الحدث التاريخي مباشرةً، لكنه يسعى إلى وسائط سينمائية أخرى كالوثيقة التاريخية المستمدة من فيديوهات اليوتيوب، أو المشاهد المصورة مع الكاتب والمخرج المسرحي غسان الجباعي الذي يروي تجربة اعتقاله لخمسة عشرة سنة وتجربة الخروج الأول إلى الاحتكاك في الحياة بعد هذه المدة من الحبس، وكذلك عبر الأغاني التي ترمز إلى الحراك الشعبي المطالب بالحرية والتي تؤديها بعض الشخصيات، أو عبر القنوات التلفزيونية والراديو فتظهر أسماء شخصيات ارتبطت بتلك المرحلة مثل برهان غليون وعبد الباسط الساروت، وباسل شحادة، ويحضر التوثيق التاريخي عبر الحكاية الاجتماعية أيضاً، فحكاية خروج الحجة فضيلة كل جمعة إلى الصلاة توثق بردة فعلها ما كان يحدث في الشارع في أيام التظاهر من عنف وضحايا. يبدأ "سلم إلى دمشق" بزيارة عاشق السينما إلى قبر المخرج السينمائي الراحل عمر أميرالاي يحادثه فيها، ويخبره بأن "الطوفان" قد حدث، في إشارة إلى التظاهر السياسي الذي انطلق بعد وفاته.
النسيج الحكائي الواقعي وحضور الفانتازي

وإذا كان "الليل" تحية إلى مجاهدي فلسطين، فإن "سلم إلى دمشق" تحية أولاً إلى المخرج السوري عمر أميرالاي، والذي يحضر فيلمه "وقائع الحياة اليومية في قرية سورية"، 1972، في أكثر من مشهد، والذي يبدو مؤثراً في الفكر السينمائي لمحمد ملص. ففي أفلامه الطويلة الثلاثة ينسج المخرج شبكة من الحكايات الفردية لتشكل بتجاورها حكايات المدن. في "أحلام المدينة" تتألف دمشق من الجد الخشن والمتقشف، الأم الحنونة الرقيقة لكن المقموعة، وفي الحانوت يكتشف عالمَ الحارة العتيق، هناك شقيقان أحدهما سكير، الآخر يتعاطى الحشيش، كما أن هناك الفتوة يقوم بالفتك برجل يجند أهل الحارة في صفوف أحد الأحزاب السياسية التي لا تروق لهذا الفتوة، وهناك شاب في مقتبل العمر يجد أن الهجرة خارج الوطن هي الحل الأمثل لتحقيق طموحه المفتقد، وقوادة تتمتع بالكثير من اللحم وخفة الظل، والفتى الذي يموت أمام عيني أخيه بينما أمه تقدم مجبرة على الزواج من رجل جديد.

وفي "الليل"، إنها حكايات السوريين الذين تأثروا بنداء الجهاد الفلسطيني في جيش الإنقاذ، من حلاق القرية، وقصص الخيانة وإيقاف الثورة واستيلاء هتلر على باريس، ورحيل الضابط الفرنسي كوليه مع مجموعة الفرسان الشركس من أجل الانضمام إلى قوات فرنسا الحرة. كما أن الفيلم توقف عما شعر به الناس في تلك الحقبة، فيما يخص الانقلابات العسكرية. أما في "سلم إلى دمشق" فهي حكاية الشبان والشابات القادمون من كل الأنحاء السورية ليسكنوا في منزل بأجرة مشتركة من بيوت دمشق القديمة. النحاتة القادمة من السويداء والتي تتطور منحوتاتها الطينية رويداً رويداً لتعبّر عن الوضع السياسي وخصوصا القمع، غالية العلوية التي يعاني والدها العسكري السابق من صدمة انهيار الدولة وانتشار القتل، وشخصية زرزور الكاتب المثقف الذي يشعر بعبء القمع بشدة تصيبه بانفعالات هستيرية في محاولات التعبير عن آراءه، والجامعية الثورية التي ترغب بالانضمام إلى المظاهرات متفاجئةً من تدخل عائلتها في خياراتها، والشاب الثوري الذي يتعرض للاعتقال، وكذلك يتضمن المنزل الدمشقي الشاب الفلسطيني الذي قادته الهزيمة واستلاب الإرادة إلى الانغماس في التدريب على لعبة الملاكمة. وفي أحد المشاهد، كلما زادت الأخبار القادمة من التلفاز عنفاً، كلما كانت ضربات تدريب الملاكم الفلسطيني غضباً وسخطاً.

في حوار أجرته معه مجلة "الوحدة" المغربية يقول محمد ملص عن تأثيرات الواقعية الإيطالية الجديدة في أفلامه: "أنا أعتقد أننا كلنا ننتمي بذاكرتنا السينمائية إلى لحظات، إلى عالم وجداني كبير وعميق تركته في أنفسنا الأفلام التي يطلق عليها النقاد اسم الواقعية الجديدة، إننا كجزء من الذاكرة الوجدانية في داخلنا ننتمي إلى هذه المدرسة السينمائية. ولا يستطيع أحد أن يضع الواقعية الإيطالية الجديدة في مدرسة واحدة ذات توجهات فكرة واحدة. وليست الواقعية الجديدة الإيطالية، حسب فهمي، هي الأفلام التي تصدت إلى معالجة تناقضات الواقع بمنظور فكري معين، بل الواقعية الجديدة هي اللحظة التي قرر فيها السينمائيون الإيطاليون العظماء أن يخرجوا بموضوعاتهم ومع موضوعاتهم من إطار سينما سائدة إلى سينما الشارع. والخروج إلى الشارع ليس وسيلة تقنية، إنما هو رؤية فكرية وعلاقة مع الواقع". ورغم ذلك، فإنه يجب التذكير بأن أفلام محمد ملص دوماً تحققت وفق سيناريوهات مكتوبة، شاركه فيها كتاب آخرون من أبرزهم المخرج أسامة محمد، وكذلك فقد حضر العنصر الفانتازي في فيلم "الليل" حيث هناك أكثر من طريقة وأسلوب يموت فيه الأب، وتتداخل رؤى الفتى عن موت والده مع الحقيقة دون تمييز، وكذلك تحضر الفانتازيا في حكاية علاقة التقمص بين غالية وزينة في فيلم "سلم إلى دمشق"، وتعود روح زينة في أكثر من مرة لتتواصل مع غالية، في مشاهد فوق واقعية لكنها تحمل رمزية.

الرمزية في الأحلام، المنام، والذاكرة المشتهاة

يركز المخرج هيثم حقي في كتاباته عن أفلام محمد ملص على حضور الذاكرة: "منذ فيلمه الأول وعبر أفلامه القصيرة (اليوم السابع) عن الرحيل عن القنيطرة ونكسة الـ67، وفيلم (242) عن الحرية والحرب من خلال حرب 73، وثم أفلامه في التلفزيون العربي السوري: (القنيطرة 74)، (الذاكرة)، (الفرات)، استخدم محمد ملص طريقة في النظر إلى الماضي والحاضر تقوم أساساً على شاعرية الصورة وحميمية العلاقة مع الموضوع وجعله ذاكرة حقيقية". ويرى هيثم حقي أن ذاكرة ملص الشخصية كمثل الأرضية القماشية التي تزركش ذاكرة الوطن في أفلامه: "تلك الذاكرة التي احتلت الصدارة، مليئة بالألم، مليئة بالشجن، مليئة بالحسرة وعدم الرضا"، وهو ما أطلق عليه محمد ملص نفسه وصف "الذاكرة المشتهاة"، والتي تحضر بوضوح في فيلم "الليل" حين تطلب الأم من ابنها أن يضع الآس على قبر والده، يرفض الابن قائلاً بأنه لا قبر للوالد، ويروي الصورة المشتهاة لموت الأب، الذي نشاهده في الفيلم يموت ضحية الخيانة في المعركة، وسنكتشف ضمن سياق الفيلم أن الأب مات قبل ذلك بسنوات طويلة. ويكتب الناقد مهدي محمد علي عن الذاكرة الشخصية والهم العام في "الليل": "بهذا الموت المشتهى يحاول المؤلف أن يغسل عن أبيه، وعن مدينته المدمرة، عار الذاكرة". ويكتب الناقد محمد عبيدو في هذا الإطار: "يدخل محمد ملص طقس الذاكرة في صراعها ضد النسيان، ويقوم باستخراج عناصر الرؤية بانياً ما سماه الذاكرة البصرية عبر البحث المفعم عن الزمن الضائع".
تحضر الأحلام بكثافة في أعمال محمد ملص، في "أحلام المدينة" ندخل إلى عالم الأم الداخلي عبر أحلامها، وفي العام 1988، قدم المخرج فيلماً بعنوان "المنام" ومن خلاله استطاع أن يدخل إلى وجدان الشعب الفلسطيني لينبش ذاكرته ويرى حاضره ونظرته إلى المستقبل، وليثبت بجمالية أخاذة، ودون شعارات أو صراخ، أن الفلسطينيين الذين عانوا كل أشكال القهر والتشريد والتنكيل لا يعيشون إلا حلماً واحداً هو فلسطين والعودة إليها. وفي "الليل" تتداخل عوالم الحلم والرؤية الذاتية للشخصيات، بينما تروي أغلب الشخصيات أحلامها في فيلم "سلم إلى دمشق" المليئة بالقلق والعصاب المفروض على مجتمع غير قادر على تحقيق أحلامه. في واحد من أطول مشاهد الفيلم تركز الكاميرا على شخصية غالية وهي مستلقية عند باب البيت في الحارة الدمشقية لتروي حلماً طويلاً من القلق ورؤى الموت والاختطاف والاعتقال، وهي تضرب على باب الحديد برأسها حتى تسيل الدماء، مشهد يذكر بمماثله في فيلم "أحلام المدينة".

وبذلك تحضر الرمزية في لغة محمد ملص السينمائية بمقدار ما تحضر الواقعية، ومن هذا التزاوج بين الشعري والسياسي، بين الذاتي والموضوعي يتشكل نسيج السرد السينمائي في أفلامه التي يمكن قراءتها كتنويع على مقام سينمائي واحد يتكون من كل العناصر السابقة. ويذكر أن المخرج قدم فيلماً عن المنشد الحلبي العريق صبري مدلل بعنوان "مقامات المسرة"، 1997، وكذلك قدم عملاً روائياً حمل عنوان "إعلانات عن مدينة كانت تعيش قبل الحرب"، دار الآداب، ونشر مؤخراً كراساته السينمائية بعنوان "وحشة الأبيض والأسود" دار نينوى.

كاتب من سوريا

 

مجلة رمان الفلسطينية في

02.09.2021

 
 
 
 
 

«الخد الآخر» يحصد جائزة أفضل فيلم عربي قصير بمهرجان عمان السينمائي

كتب: سعيد خالد

حصد فيلم «الخد الآخر» إخراج ساندرو كنعان بجائزة أفضل فيلم عربي روائي قصير من مهرجان عمان السينمائي الدولي بدورته الثانية.

وتدور أحداث الفيلم عقب تعرض ابنة «نشأت» لهجوم شرس من كلب الجيران، عليه أن يواجه الادعاءات، فلا يجد أمامه سوى تفريغ غضبه على الجاني، في حكاية عن الشعور بالذنب، والتوبة، والانتقام!.

الفيلم بطولة طارق عبدالعزيز، درة يوسف، سيناريو ساندرو كنعان وأحمد غنيمي، مدير التصوير جويدو ريموندو.
وكان الفيلم قد شارك في مسابقة الأفلام القصيرة في الدورة الرابعة من مهرجان الجونة السينمائي أكتوبر الماضي.

 

المصري اليوم في

01.09.2021

 
 
 
 
 

مشروع فيلم "يد مريم" يحصل على جائزة في مهرجان عمان السينمائي الدولي

مي عبد الله

حصل مشروع فيلم "يد مريم" للمخرج يحيى مزاحم على جائزة مرحلة ما بعد الإنتاج على هامش فعاليات مهرجان عمان السينمائي، وهي عبارة عن الحد الأدنى من الضمانات مقابل حقوق التوزيع وَالمبيعات في العالم العربي بقيمة 10 آلاف دولار أمريكي.

الجائزة مقدمة من التي تقدمها شركة MAD Solution  وذلك ضمن فعاليات مسابقة منصة تسويق مشاريع الأفلام الطويلة في أيام عمّان لصناع الأفلام التي نُظمت في إطار الدورة الثانية لمهرجان عمّان السينمائي الدولي – أول فيلم.

من جانبه، علق باسم الأسعد رئيس أيام عمّان لصناع الأفلام: "وقع الاختيار هذا العام على ١٣ مشروعًا ليكونوا جزءً من منصات تسويق أيام عمّان لصناع الأفلام ليعلنوا عن مشاريعهم أمام لجنة التحكيم. اتسمت المشروعات بأسلوب سرد عصري جديد صعب من مهمة اللجنة في اختيار الفائزين، ويسعدنا أن تكون أيام عمّان لصناع الأفلام جزءً من رحلتهم في تطوير وإنهاء مشروعاتهم."

أيام عمّان لصناع الأفلام هي منصة تستضيف ندوات وورش عمل ومحادثات مع مختصين سينمائيين، والتي تتناول مجالات يواجه فيها اليوم المخرجون الأردنيون والعرب تحديات عِدّة، بالإضافة إلى مشاركة التجارب والمسيرات المهنية من قبل خبراء في هذا المجال.

تدور أحداث الفيلم حول مريم فتاة جامعية عادية يقع عليها الاختيار بطريقة أسطورية غامضة لتحفظ تراث ملكة الطوارق تينهنان من الزوال بسبب جشع رجل الأعمال يوسف، ويجري ذلك في إطار رحلة مجموعة من طلاب جامعة باب الزوار نحو الجنوب الجزائري و ستحدث خلال هذه الرحلة الكثير من المواقف الطريفة و المفاجئة.

الفيلم من إخراج يحيي مزاحم،  ومن إنتاج المركز الجزائري لتطوير السينما بدعم من وزارة الثقافة والفنون متمثلة في الصندوق الوطني لتطوير الفن والتقنية والصناعة السينماتوغرافية وترقية الفنون والآداب، سيناريو يوسف بعلوج، و تشرف مؤسسة ميسان برود على الإنتاج التنفيذي.

يجسد بطولة الفيلم مجموعة كبيرة من رواد ونجوم مواقع التواصل الاجتماعي من بينهم فاروق بوجملين، محمد ابركان، نهلة، ليديا شبوط، عبد الكريم دراجي، وأمين قروجة.

وتأتي جائزة MAD Solutions ضمن استراتيجية الشركة لدعم صناعة السينما العربية في مراحل الإنتاج المختلفة في الساحة الدولية والعربية والترويج لها على المدى البعيد، حيث سبق أن قدمت الشركة جوائز في مهرجان لوكارنو بسويسرا عندما تم تخصيص الجوائز لأفلام المغرب العربي، وسوق وملتقى مهرجان مالمو للسينما العربية بالسويد وأيام سينمائية بفلسطين والملتقى الاحترافي بسوق المهرجان الوطني للفيلم في طنجة بالمغرب، وجوائز فاينال كات في مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي.

 

بوابة الأهرام المصرية في

02.09.2021

 
 
 
 
 

*جولة انطباعية خاطفة لبعض أفلام مهرجان عمان السينمائي الثاني/8-2021:

سينما وثائقيةو"عائلية" بامتياز مع تحريك مبتكر ودراما روائية صادمة:اختيار تسعة أفلام عشوائية متفاوتة الطرح والرؤية!

بقلم: مهند النابلسي

*لكسل وقلة معرفة لجنة التحكيم في مهرجان عمان السينمائي فقد منحوا فيلما عاديا وثاءقيا جائزتين الجمهور ولجنة التحكيم والفيلم تقريري يتحدث عن الامية في المجتمع ولا يستحق كل هذا التبجيل المبالغ به فما بمثل هذا التكريم الغير موضوعي تتطور صناعة السينما الوثائقية في الاردن؟! وقد ابديت احتجاجي على ذلك طبعا راجيا ان لا يفسد اختلافي بالرأي للود قضية وسامحوني علما بأن منهجية معظم المهرجانات العالمية الاحترافية لا تسمح ابدا بمنح نفس الفيلم جائزتين وحرمان الأفلام الاخرى من التقديرا مشيرا لضعف مشهدية ونمطيةالفيلم الفائز ولميله للاسلوب التقريري الممل كما أن ثيمة الامية تم تداولها سابقا في الكثير من الأفلام ولم يتطرق مثلا لأنواع جديدة من الامية المعلوماتية التي أصبحت ملحة وتتطلب تثقيفا وتوعية وتنويه...والله حرام عليكم ولا يجوز تكرار ذلك مستقبلا... ويفضل جديا ان تسعوا لضمي الى لجنة التحكيم مستقبلا لأقوم بدور توجيهي توعوي مفقود حاليا متمنيا المزيد من التوفيق للمهرجان الريادي ودمتم سالمين. وقد شرحت وجهة نظري للمخرج الشهير محمد ملص الذي قابلته بالصدفة ووافقني تماما مشيرا لكراهيته لنمط هذه الأفلام "التقريري" البحت البعيد عن البعد الفني المشهدي الجاذب والمؤثر، والذي يظهر كتقرير صحفي لافت في مجلة اسبوعية وليس كشريط وثائقي سينمائي...وللأسف فقد حاولت "قبل ذلك" في ردهات سينما تاج أن أشرح وجهة نظري بالصدفة ايضا لفتاة "معاقة تستخدم عكازا" سبق وأن حصلت على جائزة مماثلة عن فيلمها منذ سنوات كما علمتـ، ولكنهاه صدتني بلؤوم وجفاء وتعالي "غير مسبوق" بالنسبة لي ...وشعرت بالصد والاحباط وربما القرف من هذا التصرف الفظ ...وأشعر ان الملكية للفلام بتسرعها "اللامهني" لتشجيع انصاف "الكفاءآت" هؤلاء فهي تساعد من غير قصد في حدوث "غرور وتعالي وشوفة حال" غير مبررة اطلاقا كما هذه الحالة "الغير استثنائية"، والحق يفضل ان يقال فيبدو أن جو "الشللية الانتقائية البغيض" هذا يسيطر على اجواء موظفي الملكية للأفلام عموما فقد حاولت عبثا منذ سنة تقريا اهداء كتابي الموسوم حول الخيال العلمي السينمائي ولكني واجهت صدا غريبا أيضا ولم استطع تفسيره!!

 

** الفيلم المصري الوثائقي "ع السلم" من إخراج نسرين لطفي الزيات

يعرض اليوم على شاشة سينما تاج في تاج مول الساعة 5:30 مساءً

بعد أن حلمت والدتها بكابوس، تسافر نسرين من القاهرة (حيث قطنت منذ عام 2022!) إلى مسقط رأسها طما في الصعيد لمحاولة إنقاذ بيتهن القديم. تأخذنا المخرجة في رحلة بين عالمين لا تنتمي لأي منهما. تصارع نسرين فكرة بيع المنزل الذي يحمل بين جدرانه آخر ذكرياتها عن أبيها الحبيب. تحاول نسرين تنظيف وصيانة المنزل بلا جدوى، وتجد أشرطة قديمة مسجلة من لأبيها، وكميناً من الذكريات...لقد اعجبني هذا الشريط وطريقة الاخراج الحميمية وصدى الأغاني الجميلة القديمة/ وقد فاز بجائزة التنويه الخاص/...وقارنته بالفيلم التونسي البائس "مقرونة بالعربي" الذي يحفل بالتحيز والعنصرية والكراهية وعدم الانتماء حيث يتحدث عن ام المخرجة الابطالية الأصل والتي تزوجت من شاب جزائري في تونس، ولم تترك المخرجة المتعلقة بامها  "النرجسية" الراحلة أحدا من أقارب امها الكثر الا وقابلته ومعظمهم كما الام لم يتحدثوا بتعاطف عن الأب الراحل وعائلته ولا عن تونس البلد الذي استضافهم بأريحية وود، كما اشتممت رائحة استعمارية فوقية "كريهة" وحنين لتلك الفترة ونقد صارخ لنظام الحبيب بورقيبة في منتصف القرن الفائت، وبادرت بسؤال المخرجة أثناء انتهاء العرض: لماذا تكره وكرهت ابيها هكذا ؟ وما ذنبه؟ وقد كنت محقا فقد فتحت جروحها العائلية القديمة، وحاولت ان تقنعني بأن هذا الشريط هو نوع من التنفيس النفسي و"الترابي العلاجية" كما قالت ... وكادت دموعها تنهمر متأثرة بما قلت  وكاني فتحت جرحا قديما ملتهبا لديها وربما كشعور جارف بالذنب تجاه والدها المتوفى المظلو من قبل والدتها "السيكوباث" المتغولة...ولكني لم أقتنع ابدا بتبريرها "الجاحد-المتخاذل" واعتبرت هذا الفيلم نتيجة طبيعية لكثرة الشحن والاحتقان الذي تمارسه الكثير من الامهات/والعربيات خصوصا/ضد شخصية الأب ومحاولة شيطنتها ظلما لكي يكره الأولاد ابيهم وعائلته ويقدسوا والدتهم وذويها بلا وجه حق...وهذه ظاهرة اجتماعية لم تأخذ ربما حقها من التحليل والدراسة!

 

***أما فيلمي التحريك اللافتين: "ولد في الفضاء" البلجيكي و" الاسباني جوسيب" فقد تميزا ببراعة فنتازية-صوتية/مشهدية وسذاجة سردية "كرتونية" طريفة للفيلم الأول، وهو بالحق فيلم تمثيلي وليس تحريكي وقد اطلقت عليه سمة التحريك مجازا، لكونه يتماهى تماما مع نمط هذه الأفلام من حيث الحبكة السطحية والشخصيات التلقائية والذروة المتوقعة في النهاية، فهذه حالة سينمائية خاصة لم ينتبه لها أحد غيري من النقاد... فيما تميز الفيلم الثاني بعكس ذلك تماما وببعده الدرامي  والمأساوي التاريخي للحرب الأهلية الاسبانية وتداعياتها الغير منسية بنمط تحريكي مشهدي لافت وقاتم ومعبر وجاذب مؤثر وكانه فيلم تمثيلي، فالبطل العجوز المريض "الكرتوني" المقعد في فراشه، الذي يروي هنا ذكرياته لحفيده يكاد يكون حقيقيا من لحم ودم ومع كم كبير من الايماءآت الانسانية الجاذبة والمعبرة بالرغم من انه ليس كذك:

تدور أحداث الفيلم في شهر شباط (فبراير) من عام 1939. يهرب الجمهوريون الإسبانيون من نظام فرانكو الديكتاتوري لفرنسا. تبني الحكومة الفرنسية معسكرات تجميع، حاجزة بداخلها اللاجئين الذين يصعب عليهم الحصول على الماء أو الطعام أو وسائل النظافة. في أحد تلك المخيمات، سيصبح رجلان مفرقان بسياج مشيّك أصدقاء. أحدهما حارس، والآخر الرسام الشهير جوسيپ بارتولي، المحارب ضد نظام فرانكو القمعي.

 

****فيلم "خط التماس"/الروائي القصير/ الذي يسترجع بمأساوية وحنين ذكرى احتلال يافا الحبيبة من قبل الصهاينة المحتلين الأوغاد، فقد كان بالحق رمزيا ومميزا ويستحق الفوز...وهو يتحدث عن عشق كرة  القدم  كفعالية نشاط  رياضي لافت تحديدا في يافا القديمة المتحضرة...لكن المخرج لم يظهر بصدق مظاهر الاحتلال الغاشمة ليافا المحتلة وحاول ان يظهر جنود الاحتلال بشكل حضاري متفهم وليس كمحتلين قساة كما كانوا في حقيقة الأمر المعروف...وهذه نقطة ضعف ألمسها بحق في معظم الأفلام الفلسطينية وغيرها التي تتحدث عن الاحتلال وربما مراعاة لجهات التمويل "المشبوهة" بمعظمها وهذا مؤسف وصادم وغير واقعي وتاريخي!

 

ضمن عروض #مهرجان_عمان_السينمائي_الدولي *****في دورته الثانية نعرض لكم في المسرح الخارجي للهيئة الملكية الأردنية للأفلام فيلم الدراما: #حريق_في_الجبال.

يحكي الفيلم قصة أم تعاني يوميا في القرية الجبلية لادخار الماء لتبني طريقاً تأخذ ابنها على الكرسي المتحرك فيه من قريتهم في جبال الهملايا لمعالج طبيعي ويتعرض الصبي المعاق دوما لتنمر رفاقه يوميا، ولكن زوجها المهووس "المتغول" مقتنع بأن طقوس الجاغار التقليدية "المتخلفة/الاسطورية" هي الحل، فيسرق المدخرات ويمضي قدما بمشروع خرافي لاحداث حريق مصطنع متزامن مع طقوس رقص وهلوسة "وثنية" هستيرية متصاعدة مع احتدام الحريق وتصاعد الدخان حيث يشارك فيها الجميع حتى الام ذاتها وصولا للصبي المعاق الذي يمشي وقد شفي أخيرا وركض فجأة ليعانق امه في نهاية الشريط الشيق اخراجا وتمثيلا: ولا اعرف حقيقة منح الجوائز العديدة لفيلم يعزز مفهوم الخرافة والاسطورة وكانه يشجع على تبني ذلك:

فقد حاز الفيلم على العديد من الجوائز منها جائزة السيدة هاريماجوادا الفضية لثاني أفضل فيلم وجائزة أفضل ممثل – مهرجان لاس بالماس دي غران كناريا السينمائي الدولي 2021؛ جائزة الجمهور لأفضل فيلم – مهرجان الفيلم الهندي في لوس أنجلوس 2021؛ جائزة أفضل مخرج – مهرجان نيو يورك للأفلام الهندية 2021؛ جائزة لجنة التحكيم لأفضل فيلم – مهرجان أوراي السينمائي الدولي/كما نال الفيلم جائزة الجمهور المحلي هنا ايضا مع منحوتة السوسنة السوداء/.

 

******يتتبع الفيلم الوثائقي الأردني "فقط البحر بيننا" مخرجتين سوريتين من مخيم الزعتري في الأردن ومخرجتين من السكّان الأصليين من قبيلة الشيپيبو-كونيبو في ليما، بيرو تتراسلن من خلال تصوير يومياتهن عبر الحدود:

يروي الفيلم أربع قصص شخصية عميقة تتكلم عن الأمومة والهجرة وقوة المقاومة على الصعيدين الشخصي والمجتمعي: وقد وجدت هذا الشريط تافها وغير متناسق اطلاقا لعدم توافق مشاكل الطرفين "السوري والبيراوي"، حيث كل يغني على ليلاه مع اختلاف الثقافة والطقوس والعادات المجتمعية ما بين "ثقل ظل وتصنع" المخرجة السورية الساذجة وتلقائية المخرجات القبليات وجاذبية طقوس شعبهن الجاذبة...ولم يكن هناك ضمن الطرح أي قاسم مشترك سوى قصة الامومة مع اختلاف التفاصيل... وطبعا لا يمكن نسيان البعد السياسي الخفي للموضوع الذي يهدف لشيطنة السوري وتبريز النزوح الغير مبرر في احيان كثيرة ثم الوقوع في شرك المعاناة والشكوى والتوسل المذل!

 

"*******"نزال آخر" هو عنوان الفيلم المغربي والذي سيعرض اليوم الساعة 8 مساءً على المسرح الخارجي للهيئة الملكية الأردنية للأفلام:.

الفيلم من إخراج  كل من محمد فكران، وجوستافو كورتيس بوينو:

تدور قصة الفيلم حول رشيد الفتى المراهق اليتيم الذي يحلم بأن يصبح ملاكماً عالمياً. يلاكم رشيد مع صديقه اليتيم سالك كل يوم ليراهَن عليهم ويدخروا مبلغاً كافياً لتهريبهم لأوروبا، فرارا من حياتهم العصيبة في المغرب. ولكن ليصلا لحلمهما، على الولدين تحمل الاستغلال من البالغين وتخطي المحتالين. في نهاية المطاف، يصلا لطنجة في شمال المغرب، التي تبعد بضع كيلومترات من إسبانيا، ويتعرفا على إلي، صبي يحلم أن يصبح لاعب كرة قدم. يسعى الأولاد الثلاثة للوصول إلى إسبانياً معاً، ولكن طريقهم محفوف بالمخاطر الجمة والمغامرات والمخاطرات: وقد تكررت الأفلام المغاربية التي تعالج مشكلة هجرة الشباب واليافعين المغاربة لاوروبا، ويتميز هذا الشريط بطرحه الواقعي الجدلي وربما "الفلسفي نوعا ما" لفكرة الهجرة والمغادرة ولطريقة انتقاء ابطاله الشباب والصبيان بلا مغالاة وتكرار ونمطية. ولا اود ان انغمس  هنا بالسياسة والاقتصاد المجتمعي لأستفسر بحق عن مغزى تجاهل الحكومات المغاربية المتعاقبة لمعالجة هذه المشكلة المزمنة التي ترتبط بعناصر "الفقر والتشرد والبطالة والاهمال والبؤس الهائلي ونمط التربية ان وجد اصلا"؟ فيما تهرول الدولة المغاربية للتطبيع مع دولة الاحتلال والاجرام اسرائيل؟! أليس لشعبها البائس الأولوية والحق في "التنمية ومكافحة التشرد والبؤس والبطالة"؟ مجرد استفسار!

 

********شاهدت أخيرا في سينما تاج فيلما جزائريا وثائقيا شيقا بحضور المخرجة الشابة الموهوبة، الفيلم مهدي لروح جدها الذي صورته مع جدتها خلال أحداث حياتهما الأخيرة في فرنسا ، وهما الجزائريان المقيمان بفرنسا منذ عقود، ويتحدث عن كافة أشكال الحياة والمسرات والبؤس والذكريات، ويشير لتنكيل الاستعمار الفرنسي بالجزائريين أثناء عهد الاستعمار المقيت، وهو فيلم متقن وممتع ويتعرض لتفاصيل حياة الجدة "الكاريزمية" من ذكريات وحنين وطعام ورقص وفرح عكس زوجها الجد الصامت الجدي، والى انفصالهما الأخير بالرغم من التزامها بتجهيز الطعام له ومراعاة حالته وصحته...يقدم الشريط قصصا كثيرة حول نضال الجزائريين وصبرهم ومعاناتهم في فرنسا كما يشير لاستقرارهم ورغد العيش اخيرا، وهو عكس تماما الفيلم التونسي الذي شاهدته منذ أيام "مقرونة بالعربي" من حيث بثه للمحبة والود والتوازن عكس التونسي المنحاز تماما للام "الايطالية الأصل" والكارهة لزوجها الجزائري المسكين وعائلته/والمتسلطة على ابنتها "الضحية" بحيث ظهر الفيلم وكانه بيوغرافي متكامل لكل عائلة الام "المستقوية-الجامحة" كما تحدثت عنه في تلك الفقرة أعلاه: وقد اعتبرت هذا الشريط الجزائري هذا / ويدعى جزائرهم للمخرجة لينا سويلم/ تحفة وثائقية جميلة وربما متكاملة "سرديا ومشهديا وجماليا"وتتضمن انسياب لافت للأحداث ورؤيا فريدة في استعراض الحنين والذكريات والبيوغرافي المتوازن...وربما سأستغرب كثيرا ان لم تنل جائزة تقدير/لكنه بالحق فاز عن جدارة بجائزتي السوسنة السوداء وجائزة نقدية مجزية/!

 

*ملاحظة هامة فقد حاولت قدر الامكان عدم التركيز على أسماء طواقم الاخراج والتصوير والانتاج والتمثيل تفاديا للحرج من النقد البناء الصريح والثناء التلقائي الصحيح لهذه الأعمال فأرجو المعذرة وتقبل ملاحظاتي ونقدي بسعة صدر وأريحية.

 

**قريبا باذن الله وتوفيقه سأعالج كل هذا "الاقصاء والتهميش والنكران" باصدر كتاب سينمائي جديد غير مسبوق يتناول بشمولية وتفصيل شيق سينما المهرجانات في عمان خلال حوالي عقدين من الزمان...وأكيد انه سيسد نقصا كبيرا في المكتبة السينمائية العربية والمحلية وسيكون مرجعا أكاديميا رصينا...فانتظروني يا سادة يا كرام رعاكم الله وسدد على الدرب خطاكم...

 

الصوت الآخر في

09.09.2021

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004