ملفات خاصة

 
 

مصر التي انتظرت حاتم علي 10 سنوات: الرحلة والقدر

عمر بقبوق

عن رحيل عراب الدراما

حاتم علي

   
 
 
 
 
 
 

عام 2017 قدم حاتم علي آخر مسلسلاته السورية، وهو مسلسل الفانتازيا التاريخي "أوركيديا"، الذي كان أكبر سقطاته وأضعف المحطات في مشروعه الفني الكبير، لكنها المحطة التي جعلته يعيد التفكير في المسار الذي وصل إليه مشروعه الفني بعد التصدعات كلها التي أصابت ركائز الدراما السورية في سنوات الثورة والحرب، وبعد أن دفعته عاطفته الوطنية إلى أن يواصل لعب دوره، غير آبه بعوامل الجزر والمد التي منعته من السير بخطوات كبيرة في رحلته.

بعد "أوركيديا"، أدرك حاتم علي أن لا فائدة من محاربة طواحين الهواء، ليترك مركب الدراما السورية قبل أن ينهار سوقها في العام التالي، ويفتح طريقه بإلقاء "حجر جهنم" في مصر، ويبدأ فيها رحلة نجاح من نوع آخر، في العام نفسه الذي عجزت فيه معظم المسلسلات السورية عن الوصول إلى شاشات العرض. بوابة مصر كانت مفتوحة لحاتم علي وتنتظره عقداً كاملاً، فهو الذي تمكن من ترك بصمة خاصة في الدراما التاريخية المصرية عندما أخرج مسلسل "الملك فاروق" سنة 2007، وغادرها آنذاك منتصراً ليكمل مسار مشروعه الفني.

لم يكن حاتم علي يحاول آنذاك مغازلة الدراما المصرية في "الملك فاروق"، ولم يكن ينوي من خلاله اقتحام سوق إنتاجي أكثر عراقة وأصالة من الدراما السورية كما أثبت مع الوقت، بل إن مسلسل "الملك فاروق" هو جزء من مشروعه الفني التاريخي، وحلقة من السلسلة التي بدأ برسمها في مطلع الألفية بمسلسل "الزير سالم" والتي عالج فيها درامياً حكايات شخصيات إشكالية في التاريخ العربي. شملت سلسلته "الزير سالم" و"صلاح الدين الأيوبي"، قبل أن ينتقل لتقديم حكايات ملوك الأندلس في "صقر قريش" و"ربيع قرطبة" و"ملوك الطوائف"، وعرّج على فلسطين ليرسم حكاية "التغريبة الفلسطينية"، قبل أن يدخل مصر بـ"الملك فاروق"، ويعود منها إلى الجزيرة العربية بحكاية "صراع على الرمال" ومسلسل "عمر".

عندما عاد حاتم علي إلى مصر عام 2017، لم يدخل من الباب الذي غادر منه، ورفض أن يتعكز على ماضيه ويلجأ إلى الدراما التاريخية ليبني جسراً يمهد له الطريق، ليفاجئ الجميع بالدخول من بوابة دراما الإثارة والجريمة في مسلسل "حجر جهنم" الذي تمكن من خلاله من أن يضع حجر الأساس للخط الجديد الذي بناه في "أم الدنيا"؛ مؤكداً أنه لم يلجأ إلى الخيار السهل أبداً، وهو الذي رفض الانخراط في موجة الدراما العربية المشتركة علماً أن طريقه كان ممهداً إليها منذ 2011، حين أشرف على "مطلوب رجال". وفي رحلته الأخيرة، أخرج حاتم علي ثلاثة مسلسلات، أولها "حجر جهنم"، ثم مسلسلي "كإنه مبارح" (2018) و"أهو ده اللي صار" (2019).

 

####

حاتم علي: الرجل الصامت عابراً العواصم العربية

ربيع فران

لا إجابات شافية حول دور حاتم علي في النهوض بالدراما العربية في العقدين الأخيرين. الرجل الصامت الذي يقضي وقته كاملاً في العمل يرحل إثر نوبة قلبية مفاجئة في القاهرة، ويطوي صفحة طويلة من أعمال أغنت الدراما السورية، لا بل وضعت حجر الأساس لنهضة هذا الفن في سورية ثم طافت العالم العربي، بعدما قرر منتصف التسعينيات الخروج من دائرة الممثل، والاتجاه إلى دنيا الإخراج.

قد لا يصدق أحد أن مخرج مسلسل "الملك فاروق" (2007) هوالمخرج السوري حاتم علي نفسه الذي اكتسب من تجاربه في دمشق نقاط قوة دفعته إلى تفعيل أو تأسيس قاعدة تحريك الممثل أمام الكاميرا، وعدم الاستهانة بالواقعية المفترض أن تؤسس للدارما في عصر الانقلابات التقنية. تفرد علي في ذلك أكسبه ثقة كل من عمل معه خلال عشرين عاماً، وظل إلى يومه الأخير حاملاً جنسيات وحيوات المجتمع العربي، بدءاً بدمشق مروراً بدبي وبيروت التي لم يهملها ووصولاً إلى القاهرة. وقد كان من المخرجين السوريين القلائل الذين كُرموا في العاصمة اللبنانية.

لم يبالغ الممثل جمال سليمان حين قال في تصريح خاص إن حاتم علي رفيق دربه من البدايات أمدّه بالأمان في عمله بعد تعاونهما في مسلسل "الزير سالم" الذي قلب موازين الدراما السورية، وتحول إلى حالة ثابتة على الخريطة الدرامية للفانتازيا التاريخية. وقد نفذ علي المسلسل بتقنيات عالية أراد عبرها تحدي نفسه والعبور إلى ضفة التجدد وكسب ثقة الجمهور بتفاعلية بعيدة عن التقليدية.

في الشكل، بنى علي مشاريعه على الإنتاجات الضخمة، ولم يقف عند حدود دمشق، بل سعى بكل ما أوتي من جهد للبحث عن أوطان أخرى ومكاسب أخرى تغني تجربته. في دبي، وقبل القاهرة، احتكر حاتم علي الرؤية الخاصة بالدراما "البدوية"، وساعده في ذلك الدعم المعنوي والمالي الذي لقيه والميزانيات التي صرفت على أعمال لا تزال عالقة في الأذهان إلى اليوم، أعمال نختلف على بنيتها النصية.  لكن نجاحها شكل حجر أساس لاستغلال طبيعة دول الخليج وتوظيفها في الفنون الدرامية.

لم يقف عند حدود دمشق، بل سعى بكل ما أوتي من جهد للبحث عن أوطان أخرى ومكاسب أخرى تغني تجربته

كل ذلك لم يشغل حاتم علي عن القاهرة، فدخل الدراما المصرية من الباب العريض حاملاً كل الخبرات السابقة، معتمداً على "النفس" المصري، بعدما درسه بدقة الآتي من أجل المنافسة. ونال ثقة المصريين، وتحولت أعماله إلى "نجمة" شباك في عالم الإخراج التلفزيوني.

لا يمكن لنا تقييم أو رواية تجربة حاتم علي الدرامية في سطور قليلة، فثمة ما كان يسكن هذا الرجل من طموح هادئ، يجعله عابراً للعواصم العربية حيث يصارع على المحتوى الدرامي، ويجادل في النص والحركة، ويقتل التكرار أثناء تصوير المشهد سعياً إلى الخروج بنتيجة تستحق الثناء أو الالتزام بالمعيار التقني إن فقد الموقف حماس النص أو حاول إضعافه. هكذا يرحل حاتم علي بصمت الكبار، وهو الذي التزم الصمت مراراً، ولم يستغل نجوميته إلاّ لصالح الأعمال الفنية التي وقعها. أعمال كانت تزيده تواضعاً وثقة على قاعدة "العمل أساس"، وما البقية إلا تفاصيل اختلاف ضرورية.

 

####

حاتم علي... مهندس الدراما السورية وصانع شهرتها

عدنان حمدان

فارق المخرج السوري حاتم علي الحياة، يوم الثلاثاء، في العاصمة المصرية القاهرة، عن عمر 58 عاماً، علماً أنه كان يستطلع أماكن تصوير لعمل درامي جديد كان بصدد إنجازه لشهر رمضان المقبل.

وعُرِف المخرج السوري بحضورٍ مؤثر في الدراما العربية، بعد سلسلة من الأعمال التاريخية والاجتماعية، ملهماً لجيل كامل من المخرجين السوريين وناقلاً الدراما السورية إلى بر أكثر أماناً ومساحة لا تقل إبداعاً عن ما تنجزه السوق المصرية. ويقدّم مع زوجته المحامية دلع الرحبي، وبشراكة مع الكاتبة ريم حنا، واحداً من أشهر نصوص الدراما السورية "الفصول الأربعة" الذي امتدّ على جزئين، وحفرت شخصياته في ذهن الجمهور.

خارج إطار الكادر

العمل الدرامي في يد حاتم علي لم يكن رؤية بصرية فقط، بل تطوير على بنية النصّ لإكسابه حيوية تفرّد بها، وهذا ما بدأ في مسيرته باكراً مع المخرج هيثم حقي، فإذ به يتفرّد في الانتقال إلى صنف جديد من الدراما الشعبية، عبر تقديم قصة "الزير سالم" عن مخطوط للكاتب الراحل ممدوح عدوان، ضاماً إلى الحكاية صفاً من النجوم العرب الذين لم يسبق أن التقوا في حكاية واحدة، فكان سلوم حداد وعابد فهد وفرح بسيسو ورفيق علي أحمد وبسام كوسا وسمر سامي ونجاح العبد الله وتيم حسن.

عُرِف المخرج السوري بحضورٍ مؤثر في الدراما العربية، بعد سلسلة من الأعمال التاريخية والاجتماعية، ملهماً لجيل كامل من المخرجين السوريين

أسس هذا العمل بداية لمرحلة جديدة من الأعمال التاريخية التي نقلت حاتم علي من بيئة العمل في الدراما السورية الاجتماعية إلى دراما عربية مشتركة، بنصوص تحاكي مراحل مفصلية في التاريخ العربي والإسلامي، وكان أبرزها "ثلاثية الأندلس" التي أخرجها بشراكة مع الدكتور وليد سيف، وثم تُرجِم بدخول علي إلى السوق المصرية عبر مسلسل "الملك فاروق"، ثم تقديمه سيرة الخليفة عمر بن الخطاب في مسلسل "الفاروق".

صانع نجوم عرب

كلّ من وقف أمام كاميرا حاتم علي أيقن في قرارة نفسه أنّ ما بعد الدور ليس كما قبله، خاصةً أن علي استطاع الولوج إلى كبريات الشركات الفنية العربية والانتقال عبر بيئات مختلفة، فزارت عدسته المغرب العربي، وانتقلت في حارات القاهرة والإسكندرية وتجولت في صحاري الخليج. وعلى متن هذه الرحلة الزاخرة التي امتدت لربع قرن تمكّن علي من منح الفرصة لعشرات الممثلين الذين غدوا نجوماً وافتخروا بحضورهم في مسلسلاته.

دراما اجتماعية استثنائية

لا ريبَ أن كاميرا حاتم علي إذا دخلت منزلاً ليكون ضمن أحداث مسلسل اجتماعي، فإنّ هذا المسلسل سيحضر في ذاكرة المشاهدين حتى تغدو تفاصيل المكان حيّة ولسنين طويلة، فمن ينسى الغرامافون الذي حضر في صالون مسلسلات "الفصول الأربعة" و"عصي الدمع"؟ وكيف على المشاهد أن ينسى بسهولة تأثير موسيقى "الفصول الأربعة" على مسامعه؟ والصورة الجماعية لعائلة مسلسل "أحلام كبيرة"؟ ورحلة باسل خياط وسلافة معمار إلى آثار تدمر في "الغفران"؟ والكوخ البحري على رمال الإسكندرية في "أهو ده اللي صار"؟

لا ريبَ أن كاميرا حاتم علي إذا دخلت منزلاً ليكون ضمن أحداث مسلسل اجتماعي، فإنّ هذا المسلسل سيحضر في ذاكرة المشاهدين

في قلب المجتمع

 موقف صعب اتخذه الفنانون السوريون مع بداية الثورة في بلادهم؛ البعض اتجه نحو الخارج رافضاً البقاء تحت سلطة نظام بشار الأسد، وهناك من اختار أن يوالي النظام للبقاء في البلاد وألا يخسر حضوره في الدراما، وبين الاثنين وقف حاتم علي ليكون مخرجاً تمكّن من جمع ممثلي الموالاة والمعارضة في أكثر من عمل، من دون أن يهمّش الجرح السوري أو يتحيز لطرف دون الآخر، ليحضر على قائمة أبطال مسلسل "أوركيديا" توليفة من النجوم لم يسبق أن اجتمعت في مسلسل واحد، وينقل عبر كاميرته في شوارع مدينة جبيل أجواء أحياء دمشق القديمة، ضمن مسلسل لامس الجرح السوري وأرشفه بعناية في "قلم حمرة"، وإلى جانبهما جاء مسلسل "العراب" بجزئيه ليرصد التحول الاقتصادي في الطبقة الحاكمة في سورية التي أوصلت البلاد إلى ما هي عليه.

حاتم المعلّم

الكثير من عبارات الأسى والترحم انتشرت على عشرات حسابات الفنانين في مواقع التواصل الاجتماعي لمخرج أجمع الشارعان السوري والعربي على حب أعماله، فكان مهندساً لمشاهد لن تنسى من الشاشة، فإن غاب عمل حضر آخر، وإن انتهى تدرب مخرج على يد حاتم علي، أضاف اسماً جديداً إلى قائمة المتدربين، ليكون كلّ من وقف أمام عدسته كنجم للمرة الأولى وهو يضمن أنه في هذه اللحظة سيظهر كما لن يبدو في أي عمل ثانٍ أو مع أي مخرج آخر.

وقد نعت نقابتا المهن التمثيلية في مصر وسورية، عبر "فيسبوك"، المخرج الراحل، شأنهما في ذلك شأن فنانين عرب كثر

 

####

فنانون يرثون حاتم علي: موهبة عالية وروح متواضعة

القاهرة/ مروة عبد الفضيل

فقد الوسط الفني العربي اليوم الثلاثاء المخرج السوري القدير حاتم عليّ إثر أزمة قلبية، أصيب بها أثناء وجوده في أحد فنادق القاهرة عن عمر 58 عاماً. وعبر الكثير من الفنانين عن صدمتهم لهذا الرحيل المفاجئ، ونعوه مستذكرين موهبته العالية وروحه المتواضعة.

وقالت الفنانة رانيا يوسف التي شاركت الراحل في مسلسل "كأنه امبارح"، لـ "العربي الجديد" إن "الخبر وقع على رأسي مثل الصاعقة وكأن عام 2020 يأبى أن يرحل دون أن يأخذ منا أعز الناس".

وأضافت أن "الأستاذ حاتم كان شخصاً بسيطاً، ورغم شهرته وموهبته إلا أنه كان متواضعاً، وكان لا يحب أبداً أجواء التوتر في الاستوديو، فكان يبحث عن التركيز، وأن يخرج الفنان أقوى ما لديه بشكل غير مصطنع".

الفنانة منّة فضالي والتي شاركت في مسلسله "الملك فاروق" الذي كان العمل الأول له في مصر قالت لـ "العربي الجديد" إنها جسدت في المسلسل شخصية "الملكة فريدة"، موضحة أن الشخصية لو كانت مع أي مخرج آخر لما خرجت بنفس القوة، حتى إنها فكرت في اعتزال الفن بعد عرض المسلسل، إذ رأت أنه أقوى أدوارها، وكانت تريد أن يكون آخر أعمالها بهذه القوة.

وقالت الفنانة شيرين رضا والتي شاركت حاتم عليّ في مسلسل "حجر جهنم"، لـ "العربي الجديد"، إنها كانت تعشق كاميرا المخرج الراحل القدير، مضيفة أنها كانت تتمنى أن تجمعها به أعمال أخرى، لكن القدر لم يمهله لذلك.

ووفقاً لها فإن "مخرج محترم، وراقٍ ولسانه حلو، وهادئ، ولا يثير أعصاب الفنان الذي أمامه مثل بعض المخرجين"، ووصفته بأنه "شغوف بمتابعة كل التفاصيل بدقة، ومؤمن بالفنان الذي أمامه، ويمنح راحة نفسية في الاستوديو، وهذا لمن لا يعلم من أهم عوامل نجاح أي عمل فني".

وكتب المخرج السوري هيثم حقي على فيسبوك "آه يا حاتم فطرت قلبي يا أخي وابني وصديقي وشريكي في الفن ممثلاً، ومخرجاً، وكاتباً، وإنساناً، تليق بك الإنسانية. أي حزن يلف سوريتنا المقهورة. ما زلت لا أصدق. آه يا حاتم بكّرت كثيراً أيها الحبيب ماذا أقول للغوالي دلع وعمرو؟ أقول عزائي لكم ولنا وللسوريين على امتداد خارطة الدنيا".

ولم تعلن أسرة المخرج الراحل حاتم عليّ أي تفاصيل فيما يخص مراسم الجنازة أو العزاء، فيما أكد نقيب الممثلين أشرف زكي لـ"العربي الجديد" أنه على تواصل مع الفنان السوري جمال سليمان الذي بدوره متواصل مع أسرة المخرج في سورية، موضحاً أن المخرج سيدفن في سورية، لكن ليس لديه تفاصيل أخرى حالياً.

الخبر لم يصب الجمهور والفنانين السوريين فحسب، بل والمصريين أيضاً، إذ يعد عليّ واحداً من أكثر المخرجين العرب الذين كان لهم تأثير كبير في الفن المصري، فقد قدم سلسلة أعمال حققت نجاحاً كبيراً، بدأها من خلال مسلسل "الملك فاروق" الذي كتبته لميس جابر، وأدى شخصية الملك فاروق الفنان السوري تيم الحسن، وذلك عام 2007.

ثم قدّم حاتم عليّ مسلسلات ناجحة عديدة  مثل "تحت الأرض"، "كأنه امبارح"، و"أهل الغرام"، و"حجر جهنم".

وكان آخر مسلسل تليفزيوني له "اهو ده اللي صار" الذي أنتج عام 2019، بطولة روبي، ومحمد فراج، وسوسن بدر، وأحمد داوود، عن قصة للسيناريست المصري عبد الرحيم كمال.

وكان من المفترض أن يخوض الراحل تجربة سينمائية في مصر لتكون الأولى له بعيداً عن سورية، وذلك منذ عام 2011 من خلال فيلم "محمد عليّ" الذي كان سيؤدي دوره الفنان يحيى الفخراني، ولكن المشروع توقف منذ عدة سنوات.

ومن أشهر أعماله ثلاثية الأندلس "صقر قريش" و"ربيع قرطبة" و"ملوك الطوائف" ومسلسل "الزير سالم" و"التغريبة الفلسطينية" الذي يعتبر أهم مسلسل عربي تطرّق إلى القضية الفلسطينية منذ هزيمة عام 1948.

وفاز حاتم عليّ بالعديد من الجوائز عن مسلسلاته التاريخية في مهرجان القاهرة للتلفزيون والإذاعة.

لم يبدأ حاتم حياته الفنية مخرجاً، بل بدأ في مجال الكتابة المسرحية والنصوص الدرامية القصيرة، وخاض تجربة التمثيل التي بدأها في مسلسل "دائرة النار" مع المخرج هيثم حقي.

ومثّل في أعمال بلغت 23 عملاً في السينما والتليفزيون مع كبار المخرجين في سورية مثل محمد عزيزية وهيثم حقي ونجدة إسماعيل انزور وبسام الملا، وغيرهم.

وللمخرج الراحل أيضاً تجارب في الكتابة التليفزيونية والسينمائية والمسرحية، حيث ألف فيلم "آخر الليل" بمشاركة الكاتب عبد المجيد حيدر، وكتب وأخرج الفيلم التليفزيوني "الحصان" وعلى النطاق التليفزيوني كتب مسلسل "القلاع"، ومسرحياً كانت له تجارب عدة منها "مات ثلاث مرات"، وو"البارحة اليوم وغداً" و"أهل الهوى".

لم يكتف عليّ بكل هذه المواهب التي تألق فيها، بل كانت له تجارب إنتاجية أيضاً، إذ أنتج فيلم "علاقات شائكة" ومسلسل "طوق الياسمين"، وفيلم "ميكي ماوس" وهذه التجارب تكللت بتأسيس شركة إنتاج أطلق عليها اسم "صورة" عام 2007 وكان أول عمل ينتجه من خلال الشركة هو مسلسل "صراع على الرمال".

على النطاق الشخصي، للفنان الراحل ولدان من زوجته الكاتبة والممثلة السورية دلع الرحبي.

 

####

لا شبهة جنائية في وفاة حاتم علي والدفن في سورية الخميس

القاهرة/ مروة عبد الفضيل

انتقل جثمان المخرج السوري، حاتم علي، إلى مستشفى قريب من فندق الماريوت، بالقاهرة، حيث اكتشفت وفاته هناك، وذلك لاستخراج تصريح بالدفن بعد بيان عدم وجود أي شبهة جنائية في الوفاة.

وقال مصدر مقرب من الفنان، جمال سليمان، والذي كان حاضراً في كافة التفاصيل منذ إعلان خبر الوفاة، إن جمال هو الذي قام باستخراج تصريح الدفن من المستشفى، وهو على تواصل مع أرملة المخرج الراحل في سورية من جانب، ومع نقابة المهن التمثيلية والسينمائية من جانب آخر للحديث عن أي مستجدات، ومن المقرر أن يسافر الجثمان صباح يوم الخميس إلى سورية حيث يتم الدفن في مقابر العائلة في دمشق.

وطبقاً لتصريحات منسوبة إلى نقابة المهن السينمائية في مصر، فإن النقابة عرضت على أسرة المخرج الراحل أن يدفن في المقابر الخاصة بالنقابة الموجودة في محافظة الفيوم، إلا أن أسرته رفضت وأصرت على أن يدفن في مسقط رأسه.

وكان المخرج السوري قد توفي اليوم الثلاثاء عقب أزمة قلبية تعرض لها أثناء تواجده في غرفته بفندق الماريوت في حي الزمالك في القاهرة، وتردد أن هناك شبهة جنائية في الوفاة إلا أنه بالكشف عليه تبين أن الوفاة طبيعية نتيجة أزمة قلبية.

وكان المخرج القدير الذي رحل عن 58 عاماً قد حقق نجاحاً في مصر بداية من عمله في مسلسل "الملك فاروق" الذي أنتج عام 2007، وتوالت أعماله التليفزيونية بعد ذلك في مصر حيث قدم بعض المسلسلات مثل "كأنه امبارح"، "تحت الأرض" ،"حجر جهنم".

وكان آخر مسلسل له هو "اهو ده اللي صار" الذي قدم عام 2019 وقامت ببطولته روبي وسوسن بدر ومحمد فراج وأحمد داوود، وحقق العمل نجاحاً جماهيرياً ونقدياً كبيراً.

وكان من المفترض أن يقدم تجربة سينمائية في مصر وهي "الخديوي محمد علي" عن نص الكاتبة، لميس جابر، وكان من المفترض أن يقوم بالبطولة الفنان، يحيى الفخراني، إلا أن المشروع توقف.

 

####

حاتم علي في سهرة الإمتاع والمؤانسة

خطيب بدلة

استهل الأصدقاء في سهرة الإمتاع والمؤانسة حديثهم في هذه الليلة (29 ديسمبر 2020) بالخبر المفاجئ القادم من القاهرة، المتضمن رحيل المخرج "حاتم علي" بنوبة قلبية. انطلقت ألسنتهم، على نحو متداخل، كل واحد منهم يحكي عن مسلسل شهير شاهده من إخراج حاتم علي.. ومن الطبيعي أن يتركز حديثهم على مسلسل الزير سالم باعتبار "الزير أبو ليلى المهلهل" شخصية راسخة في المخيلة الشعبية العربية بوصفه بطلاً صنديداً، وجاء حاتم علي ليجسدها، من خلال نص "ممدوح عدوان" في مسلسل طويل يشبه الملاحم السينمائية، وبخلاصات فكرية مغايرة للخلاصات الموجودة في السيرة الأصلية.

قليل من الحاضرين تحدثوا عن مسلسل التغريبة الفلسطينية، ومسلسل عمر، ومسلسل ملوك الطوائف، ومرايا ياسر العظمة، وقد أجمعوا، في محصلة الأمر، على أن حاتم كان واحداً من الشخصيات السورية التي يشكل رحيلُها خسارة أخرى تتراكم فوق الخسائر المرهقة التي حلت بسورية خلال الحرب التي يشنها ابن حافظ الأسد عليهم. 

قال كمال: أنا بشوف إني نعطي فرصة لصديقنا أبو المراديس يحكي عن حاتم، باعتباره صديقه.

أبو المراديس: من مدة قصيرة كتبت عنه مقالة، قلت فيها إني تعرفت عليه في سنة 1983، في مهرجان الرقة الأدبي. كان حاتم يومها عمره 21 سنة، وأنا أكبر منه بعشر سنين. المهرجان الأدبي اللي شاركنا فيه بوقتها كان فيه أدباء شباب مشاركين بالشعر والقصة، وأدباء معروفين أجوا من اتحاد الكتاب العرب، منهم أعضاء في لجنة التحكيم، والمجموع أكتر من مية شخصية، والغريب في الأمر أنه حاتم كان واحد من المبدعين القلائل اللي ترسخوا في ذاكرتي من هداكا الوقت. أنا والزملاء المشاركين ما كنا منعرف يوميتها أنه حاتم طالب في المعهد العالي للفنون المسرحية، لكن التمثيل المتقن ظهر أثناء قراءته القصة، حتى إن واحد من الشباب قال إنه لو قرينا قصة حاتم ع الورق كان ممكن ما نلاقيها حلوة لهالدرجة.

حنان: أنا برأيي إن حاتم لمع في الإخراج أكتر من التمثيل.

أبو المراديس: نعم. أنا هون بدي إحكي عن هالجانب بالذات. شخصية حاتم علي، باختصار، ذات طبيعة نجومية. بتتذكروا أغنية "عندما يأتي المساء" لمحمد عبد الوهاب؟ بيقول فيها: اسألوا لي الليل عن نجمي، متى نجمي يظهر؟ كان حاتم ممتلئ بمجموعة هوايات أدبية وفنية (نجوم)، وكان عم يبحث عن نجمه الأبرز والأسطع. في المعهد، وبعد المعهد، شارك في تمثيل أعمال تلفزيونية مهمة، وبإدارة مخرجين معروفين، وحاول ينوع في أداء أدواره ويقدم (كاراكترات) مختلفة، ولكن ما نَجَّمْ في التمثيل. ليش؟ لأن النجومية ما بتنعمل بالموهبة والمهارة والدراسة وبس.. في عوامل أخرى، أهمها الشكل الخارجي، الصوت، والفرص. شكل حاتم بيوحي بالطبية، وبالرقة، إضافة لأنه وسيم، والمخرجين الموجودين ما حدا منهم غامر وأعطاه دور بطولة مطلقة. حتى الأعمال اللي أخرجها حاتم نفسه، لما صار مخرج، كان يختار لنفسه فيها دور صغير، ولكن مؤثر، ما قدم نفسه بدور بطولة مطلقة بتصنع نجم.

أبو ماهر: منشان هيك انتقل من التمثيل للإخراج؟

أبو المراديس: حكيت لكم أنه حاتم كان أديب، قاص، متمكن. منشان هيك، قبلما يصير مخرج، حاول يلمع من خلال الكتابة. في الأدب أنجز مجموعتين قصص، لكن الحالة الأدبية السورية بحد ذاتها راكدة، فانتقل للكتابة الدرامية. وكتب تلات مسرحيات، وكتب مسلسل أخرجه محمد بدرخان، ومسلسل أخرجه مأمون البني.. وهون بتظهر مشكلة كاتب السيناريو في العالم العربي وفي سورية، وهي أن المسلسل إذا نجح، بيتسجَّل النجاح للمخرج، والشركة المنتجة بتقطف الثمار المادية، وإذا فشل بيقولوا (النص تعبان).. هون منوصل لفكرة إنه حاتم الإنسان كان عم يبحث عن حاتم النجم ولقاه في الإخراج، وبقي يحن للتمثيل. ومن الملاحظات اللي لا يمكن تجاهلها، أن حاتم أخد دور صغير في مسلسل العراب، الجزء الأول، ولكن دور محترم. دكتور، وكاتب، وشخصية إنسانية جذابة، حتى إن بنت العراب المصابة بآفة دماغية لما هربت، أول ما شافته انجذبت له بالغريزة. حقيقة حاتم هيك، شخصية إنسانية جذابة. وفي الجزء التاني من المسلسل، تم توسيع الدور إلى درجة أنه حاتم أصبح واحد من نجوم المسلسل، ما بيقل من حيث الحضور وحسن الأداء عن باسم ياخور وباسل خياط وبقية نجوم العمل.

أبو محمد: على فكرة، مع أني نحن ما منفهم بهاي الأمور، أنا كتير حبيته لحاتم، وزعلت عليه. حرام، مات وهوي شاب.

أبو المراديس: مو بذهني أعمل مقارنات بين حاتم ومبدعين آخرين. لكن أنا بشوف إن حاتم بيشبه سيد درويش وبليغ حمدي وممدوح عدوان اللي عاشوا حياة قصيرة لكن سيرتهم الذاتية مكتظة بالأعمال الإبداعية اللي بتحقق الكم والنوع في آن واحد.

كمال: بالفعل، إنت لخصت حاتم علي وعطيته حقه.

أبو المراديس: نعطيه حقه ضمن وقت قصير ومساحة ضيقة، صعب كتير. لكن اليوم قريت فكرة مهمة جداً.. إن السوريين اللي هلق ممزقين ومشتتين ومهجرين، يمكن تكون هاي أول مرة بيتفقوا على محبة شخص واحد.. حاتم علي.

 

####

وفاة المخرج السوري حاتم علي في القاهرة: التغريبة الأخيرة

القاهرة/ العربي الجديد

توفي صباح اليوم الثلاثاء المخرج السوري الكبير حاتم علي (1962 ــ 2020) عن عمر يناهز 58 عاماً إثر نوبة قلبية في القاهرة، بعد مسيرة كبيرة أخرج خلالها أشهر الأعمال الدرامية العربية والسورية.

خلال أكثر من 20 عاماً تحوّل علي إلى واحد من أهمّ المخرجين الدراميين في سورية، إن لم يكن الأهم، مع مجموعة من الأعمال التي ساهمت في إخراج الدراما السورية من محليتها نحو جمهور عربيّ واسع.

من أبرز المسلسلات التي أخرجها "مرايا" (1998، 1999)، و"الفصول الأربعة" (1999)، و"الزير سالم" (2000)، و"صلاح الدين الأيوبي" (2001)، و"التغريبة الفلسطينية" (2004)، و"الملك فاروق" (2007)، و"أمير المؤمنين الفاروق عمر بن الخطاب" (2012)، و"أوركيديا" (2017)...

وإن كانت صفة علي الأبرز هي كونه مخرجاً شهيراً، إلا أنه شارك كذلك في التمثيل في عدد كبير من المسلسلات، أولها كان "دائرة النار" (1988، إخراج هيثم حقي). ثم توالت أدواره في مسلسلات مثل "الزاحفون" (1990، إخراج طلحت حمدي)، و"الخشخاش" (1992، إخراج بسام الملا"، و"الغريب والنهر" (1996، إخراج هشام شربتجي)، و"قوس قزح" (2001، إخراج هيثم حقي)، و"التغريبة الفلسطينية" (2004، إخراجه)...

ومع انتشار خبر وفاته في القاهرة، نعاه عدد كبير من الفنانين السوريين والعرب، بينهم معتصم النهار، ونادين نسيب نجيم، وناصيف زيتون، وسيرين عبد النور، ومنة فضالي، وأمل عرفة...

 

العربي الجديد اللندنية في

29.12.2020

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004