ملفات خاصة

 
 

فريد رمضان.. الوردة التي غادرت غصنها دون ماء!

كتب: علي الستراوي

عن رحيل عراب الهوية

فريد رمضان

   
 
 
 
 
 
 

ودون موعد مع الموت.. 

يترجل الفارس عن ظهر جواده 

تاركاً للمحبين رسائل النجوم

وحكايات المدن التي غادرت سكانها 

ضمن رهط الهويات في جغرافيا الحياة!

ودعنا بالأمس عصراً الروائي والسينارست الصديق الجميل، صاحب البسمة الشفيفة فريد رمضان، بعد صراع مع المرض العضال الذي لازمه منذ تفتحت عيناه على الدنيا، لكنه كان جسوراً وعنيداً على الألم، يحمل وجعه ويحبر للآخرين صحوة القمر في منتصف الشهر.

عرفته منذ سنوات بعيدة، فكان الصديق الذي لا يبخل على أصدقائه بالنصيحة والتوجيه، وكان لي كالظل حينما تلازمني القصيدة، حيث كان سعيداً بكل نتاج جديد يقرأه لي. 

عملتُ معه في بداية تأسيس جريدة الوطن في القسم الثقافي، حيث كان يرأس القسم الثقافي، وكنتُ بصحبته وصحبة بعض الصحفيين الذين يعملون تحت مظلته، ننصتُ له حيث كان حريصاً على دقة المادة الثقافية وأهميتها، ففي تلك السنوات من التأسيس عملنا جميعاً على إصدار صفحة ثقافية يومية وعلى ملحق ثقافي باسم جسور، وكان العمل معه له متعة خاصة، ونكهة لها من خصائص المادة الثقافية ما يغبطنا عليه الآخرون، لأننا كنا نعمل بجد واجتهاد، وكانت للصفحة الثقافية والملحق الثقافي قراء عرفوا دقة ما ننتجه في القسم الثقافي.

وقبل أن يجمعني به العمل في جريدة الوطن كان لي المرشد الأمين والحريص على قراءة نتاجي.

ولأن فريد رمضان لم يخرج إلى الحياة من دون بيضة التعب، في مطلع الثمانينيات من القرن الماضي، حيث كانت بداية مشواره مع الكتابة التي بدأها بنتاجه القصصي عبر الصحافة المحلية والخليجية، في إصدار أول مجموعاته القصصية عام 1984م المعنونة (البياض)، وكانت بدايته كما أشرت في أول حياته مع الكتابة عبر جريدة الأضواء ثم توالت رسائله الصحفية فكانت محطات توزعت وتنوعت بين الشغف الصحفي الذي حمله الراحل رمضان، فهي لا تزال محفورة عبر تلك السنوات بين مجلة هنا البحرين التي تصدرها وزارة الأعلام آنذاك وجريدة الوقت والوطن والأيام، وكان له دور رائد في السينما البحرينية ودور في كتابته العديد من البرامج للتلفزيون والإذاعة والدور الكبير في إدارة الأفلام الروائية الطويلة والقصيرة التي حرص علي تقديمها الراحل للعديد من المخرجين البحرينيين والخليجيين العرب.

وكانت روايته الأولى التنور، غيمة لباب البحرين عام 1994م صحوة أخرى لمفهوم الرواية، بعدها جاءت روايته الثانية السوافح ماء النعيم والتي فازت بالجائزة الأولى في حقل الرواية البحرينية من قبل وزارة الإعلام عام 2007م.

رحل أبو محمود تاركاً الدهشة في عيون محبيه، ما دعا الدموع أن تتحجر في المآقي، حسرة على رحيله وفي جعبته الكثير من المشاريع الثقافية والأدبية التي لم تكتمل.

وآخر نتاج الراحل رواية بعنوان (المحيط الإنجليزي) صدرت العام 2019، والتي قال عنها الراحل رمضان في تدشينها: إنها حقل ألغام كبير ومخزون من الأسئلة المشبعة بكل أشكال الحياة من القتل والتنكيل والبطش في حق الإنسان ونفسه (الآخر وأنا).

مالت الكثير من أعمال فريد رمضان إلى الغوص في قراءة الهويات وتنوعاتها والتحولات الاجتماعية التي شكلت واقعها الحالي عبر معطيات غاص في ثيمتها رمضان جغرافيا بين محطات محلية وعربية.

ذهبت يا أبا محمود وليلك لا يزال مقمراً وحكايتك مازالت تفتل حبل شمعتك التي مازالت عالقة في جدار الظلمة، ليس لوحشتها خوف ولا لظلمتها موت! 

تبقى رسائلك الأدبية عنوان محبتك لمحبيك، فلن أقول لك وداعاً لأنك أنت من قالها منذ ولد، لكنك بقيت كظل كجذع النخل واقفاً، ناظراً إلى السماء!

a.astrawi @gmail.com

 

أخبار الخليج البحرينية في

06.11.2020

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004