ملفات خاصة

 
 

كروايةٍ لم تنتهِ بعد

حسين عبدعلي

عن رحيل عراب الهوية

فريد رمضان

   
 
 
 
 
 
 

صديقي فريد؛

هل أنت بخير هناك؟ هل تنتابك نوبة سكلر مفاجأة، فتقاوم ألمها بمصل الكتابة؟ هل ارتحت الآن من جلسات تبديل الدم؟ ما هي ظروفك الصحية؟ ما هو مصير مشاريعك المعلقة؟

لن أخفيك سرًا؛ أنا لستُ بخير. مازلت أتعكّز طيف ابتسامتك كمحاولةٍ أخيرةٍ فاشلةٍ أخاتل بها فكرة الموت. مثلي كمثل الآخرين، نبحثُ عنك فينا، فنجدك -كعادتك- تمسح برفقٍ على رأس الفقد ببياض قلبك. نقلّب صفحات "البياض"، نشعل "التنور" علّهُ يبيد ظلمة رحيلك، ولأننا نعرف جيدًا أنّك هناك حيٌ لا تموت. نلملمك؛ فتتسرب من بين أصابعنا كـ "سوافح ماء النعيم"، وعصيٌ كـ "المحيط الانجليزي". نعرف أنّك "حكاية بحرينية" بامتياز، وفي الوقت الذي نريدك "زائرًا"، ذهبت إلى النوم كـ "الشجرة النائمة".

ارجئ الرضوخ لغيابك، بتقليب رسائلك في الواتس اب. للمرة الألف؛ أفتّش فيها ما يؤجل فكرة أنها الرسائل الأخيرة، وأن أجهزتنا لن ترن -بعد اليوم- بإشعار وصول رسالة جديدة منك. في واحدةٍ منها كنت تقول: "حبيبي حسين، بقدر عملك وجهودك تستحق أنت أيضًا تكريمًا خاصًا، أنت عزة الوطن الذي يحتفي بمبدعيه، فلك كل المحبة والتقدير". اسألك بالله، من منّا أحق بالتكريم؟ من فينا عزة الوطن؟

ثم وأنا أقلب رسائلك، يراودني سؤال آخر: هل هذا يعني أن يسقط اسمك من قائمة الاسماء التي أرسل لها بين الحين والآخر، عبر الواتس اب مقالًا أو فيلمًا استوقفني؟ أو يمكنك أن تقرأ الرسائل من هناك؟ سأعيش على هذا الخيار الأخير، كما لو أنّك سترسل لي يومًا ما بمقترح مشاهدة فيلم ما، مسلسل ما، رواية ما. وسأعيش على أمل أنّك سوف تقرأ مسوّدة روايتي القادمة كما وعدتني. أو أنّك سُتنقح سيناريو فيلم أقوم بكتابته. أو سترسل لي تعليقًا حول مسرحية شاركت فيها.

كنت تقول: "حبيبي حسين متى روايتك القادمة؟". وأقول مازحًا: "إذا كنت تحتاج لسبع سنوات بين كل منجزٍ سردي وآخر، سوف أضاعف هذه السنوات". لكن روايتك الأخيرة مؤلمة يا صديقي. مؤلمة جدًا.

ها أنت تتركنا الآن كرواية لم تنتهِ بعد.. ولن تنتهي.. كمشهدٍ عجز المخرج أن يقطعه. وها أنا أبكي يتمنا بعدك.

 

موقع "أوان" البحريني في

06.11.2020

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004