كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 

في «الجونة» .. «أفكار لصناعة الأفلام» و«نازيون جدد» !

بقلم: مجدي الطيب

الجونة السينمائي

الدورة الرابعة

   
 
 
 
 
 
 

** «الرجل الذي باع ظهره» وكأنما «باع جلده» وأفصح عن معتقداته الذاتية في عالم ينتهك الحرية الشخصية.

بانتهاء مراسم حفل الإفتتاح، الذي أقيم لأول مرة في مركز الجونة للمؤتمرات والثقافة، انطلقت فعاليات الدورة الرابعة لمهرجان الجونة السينمائي؛ حيث بدأ اليوم الأول، في الحادية عشرة صباحاً، بالمؤتمر الصحفي للممثل الفرنسي، من أصول مغربية، سعيد تغماوي، كما شهد افتتاح معرض مهندس المناظر والديكور أنسي أبو سيف، الذي كرمه المهرجان، ومنحه جائزة الإنجاز الإبداعي، ومع دقات الساعة الواحدة ظهراً أقيم مؤتمر «أفكار لصناعة الأفلام»، الذي حضره الأخوان نجيب وأنسي ساويرس، الممثلة شيرين رضا والمنتج والسيناريست محمد حفظي.

أما حدث اليوم الأول فتمثل في عرض فيلم الافتتاح «الرجل الذي باع ظهره»، في قاعة أوديماكس، بينما استضاف مركز الجونة للمؤتمرات والثقافة، في الخامسة والنصف مساءً، السجادة الحمراء لفيلم «حارس الذهب».

تكريم سعيد تغماوي كان مثار تساؤل لدى البعض؛ ممن يجهلون مُنجزه، وتاريخه، ما استوجب القول إنه مممثل وكاتب سيناريو، ولد في 19 يوليو 1973، في بلدة فيلبينتي، إحدى ضواحي سين سان دوني، بفرنسا، لأبوين مغربيين مهاجرين، هجر الدرسة في سن مبكرة، وأصبح ملاكمًا، وشاء القدر أن يجمعه لقاء والمخرج الفرنسي ماتيو كاسوفيتز، الذي اختاره للمشاركة ببطولة الفيلم الفرنسي «الكُره» La Haine (1995)، وإضافة إلى أدواره في السينما الفرنسية، شارك ببطولة عدد من الأفلام في إيطاليا وألمانيا والولايات المتحدة والمغرب؛ أهمها دوره في فيلم «الملوك الثلاثة»، ومع إطلالة عام 1996 رُشح لجائزة سيزار كأفضل ممثل واعد .

كانت الدورة الرابعة للمهرجان قد أفتتحت بفيلم «الرجل الذي باع ظهره» (تونس، فرنسا، بلجيكا، السويد، ألمانيا، المملكة العربية السعودية)، إخراج التونسية كوثر بن هنية، الذي عُرض لأول مرة عالميًا، في الدورة الـ77 لمهرجان فينيسيا السينمائي، ويُعرض للمرة الأولى في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وهو ليس غريباً على مهرجان الجونة السينمائي؛ إذ أنه شارك كمشروع، في مرحلة التطوير، بمنصة الجونة السينمائية في الدورة الثانية للمهرجان، ويومها فازت مخرجته بجائزة قدرها 10 آلاف دولار أمريكي. ويحكي الفيلم قصة شاب يعقد صفقة عجيبة؛ يوافق بمقتضاها على تحويل ظهره إلى لوحة فنان؛ بما يعني أنه «باع ظهره» بالمعنى الحرفي، لكنه أيضاً «باع جلده» بالمعنى الرمزي؛ لأنه بكشف جلده، يكون قد أفصح عن معتقداته الداخلية والشخصية. وفي قراءة أخرى يُناهض الفيلم النظام غير العادل، الذي ينتهك الحرية الشخصية للفرد. أما الفيلم الثاني، الذي يُشارك في المسابقة الرسمية للأفلام الروائية الطويلة، وعرضه المهرجان، ضمن فعاليات يومه الأول، فهو «حارس الذهب» (أستراليا)، إخراج رودريك ماكاي، الذي يُذكرك بالأجواء العربية؛ ربما لأن أحداثه تدور عام 1897، في أستراليا الغربية، ويتناول أزمة جمَال أفغاني يتعاون مع رجل غامض يُهرب سبيكتي ذهب عليهما علامة التاج الملكي.. والمفارقة أيضاً أن الفيلم سبق عرضه لأول مرة عالمياً، في المسابقة الرسمية للدورة الـ77 لمهرجان فينيسيا السينمائي الدولي.

النازيون الجدد

بعيداً عن المسابقة الرسمية للأفلام الروائية الطويلة كان موعد عشاق السينما مع فيلم «اِمْح التاريخ» (فرنسا)، إخراج جوستاف كيرفيرن وبينوا ديليبين، الذي عُرض ضمن برنامج «الاختيار الرسمي» (خارج المسابقة)، وتناول التأثير القوي لوسائل التواصل الاجتماعي على البشر. وضمن البرنامج نفسه عُرض فيلم «وغدًا العالم بأكمله» (ألمانيا، فرنسا)، إخراج جوليا فون هاينز، التي بدت مؤرقة بظاهرة الصعود المتنامي للنازيين الجدد في ألمانيا والفيلم عُرض من قبل في المسابقة الرسمية لمهرجان فينيسيا السينمائي الدولي في دورته الـ77. وفي تأكيد واضح على الزخم، الذي اتسمت به فعاليات اليوم الأول للمهرجان، عُرض فيلم «حكايات سيئة» (إيطاليا، سويسرا)، الذي يُشارك في المسابقة الروائية الطويلةـ من إخراج داميانو دينوسينزو، فابيو دينوسينزو (حكايات سوداوية في مجتمع صغير بمكان ما من العالم يعج بسادية الآباء وغضب الأطفال المُحبطين). والفيلم عُرض، لأول مرة عالميًا، في الدورة الـ70 لمهرجان برلين السينمائي الدولي، وحصل على جائزة الدب الفضي لأفضل سيناريو، وفي السادسة والنصف مساء اليوم الأول عُرض فيلم «سُباعية : قصة هونج كونج» (هونج كونج، الصين)، الذي عُرض ضمن برنامج الاختيار الرسمي (خارج المسابقة)، من إخراج سبعة مخرجين من هونج كونج المعروفين هم : جوني تو، تسوي هارك، آن هوي، رينجو لام، باتريك تام، سامو هونج، يون وو بينج، يستكشفون تاريخ المدينة بدءًا من الخمسينيات حتى اليوم. وفي التاسعة والنصف مساءً اختتمت عروض قاعة سي سينما (1) بفيلم «لن تثلج مجدداً» (بولندا، ألمانيا)، الذي عُرض في المسابقة الرسمية للدورة الـ77 لمهرجان فينيسيا السينمائي الدولي، من إخراج مالجورزاتا شوموفسكا، ميخال إنجليرت (يدخل رجل غامض، في مدينة كبيرة بأوروبا الشرقية، غرفة مدير مسؤول عن منح تصاريح عمل للوافدين من الخارج، ويقوم بتنويمه ويحصل على ما يريد).

جزائرهم

في نفس السياق ضمت فعاليات اليوم الأول، الفيلم الوثائقي «جزائرهم» (الجزائر، فرنسا)، الذي ترقبه الجميع، بسبب عنوانه المُثير، وربما، وهذا هو السبب الأرجح، لاستكشاف ما تريد أن تقوله المخرجة لينا سويلم في فيلمها (بعد زواج دام 62 عامًا يقرر عايشة ومبروك الانفصال، فتعتزم الحفيدة (لينا) استغلال الفرصة للنظر في ماضيهما الطويل في فرنسا).وفي ما بدا للمراقبين أن قاعة سي سينما (2) خُصصت لعرض أفلام مسابقة الأفلام الوثائقية الطويلة عُرض فيلم «مٌشِع» (كمبوديا، فرنسا)، الذي عُرض لأول مرة عالمياً، في الدورة الـ70 لمهرجان برلين السينمائي، وحصد مخرجه ريثي بان على جائزة أفضل فيلم وثائقي (معرض للصور العائلية، يحتفظ فيه رجل بكنزه البصري كما لو كان ضريحًا). بينما أعادت قاعة سي سينما (3) فيلم المسابقة الرسمية للأفلام الروائية الطويلة «اِمْح التاريخ»، وعرضت ثلاثة أفلام من برنامج الاختيار الرسمي (خارج المسابقة) هي : «زهر الربيع» (فرنسا)، إخراج سوزان ليندون (مراهقة لا تشعر بالراحة مع صديقاتها لكنها تجدها مع رجل أكبر منها، وتصبح مهووسة به، رغم فارق السن بينهما) و«لا أبكي أبداً» (بولندا، أيرلندا)، إخراج بيوتر دومالفيسكي (هناك سر وراء سفر صبية في السابعة عشر من عمرها إلى أيرلندا لإعادة جثمان والدها إلى بولندا) و«دورة ثانية» (الدنمارك)، إخراج توماس فِنتربيرج (هل صحيح ما قاله فيلسوف نرويجي أن الرجل يولد وفي دمه مستوى منخفض جدًا من الكحول ؟) واختتمت عروض اليوم بفيلم «أمهات حقيقية» (اليابان)، إخراج ناعومي كاواسي (الأحداث مُقتبسة من رواية لميزوكي تسوجيموراـ حول سيدة من الطبقة الوسطى تتبنى طفلاً، وفجأة تتلقى مكالمة هاتفية من أمه البيولوجية) . والفيلم عٌرض ضمن قسم «عروض خاصة» في الدورة الـ45 لمهرجان تورنتو السينمائي الدولي، كما اختير ضمن الاختيارات الرسمية لمهرجان كانّ السينمائي .

ويبقى السؤال : إذا كان هذا هو حال اليوم الأول في فعاليات الدورة الرابعة لمهرجان الجونة السينمائي . فكيف سيُصبح الحال في بقية الأيام ؟ وماذا يُخبيء المهرجان في جعبته ؟ وأي قُدرة تلك التي ينبغي على جمهوره أن يملكها ليصمد في وجه هذا الطوفان الرهيب من الأفلام (قُرابة 65 فيلم)، والزخم الهائل من التظاهرات ؟ وكيف سيكون حال الأفلام التي ستحصد جوائز المهرجان (حوالي 224 ألف دولار أمريكي) ؟

 

جريدة القاهرة في

26.10.2020

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004