كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 

إلى علي الغرير...

لست صديقاً للفقد لكنني وفي بعض الأحيان اتألم على مضض!

بقلم: حسين أحمد العريبي

عن رحيل صانع الفرح

علي الغرير

   
 
 
 
 
 
 

فقد علي الغرير ليس كفقد أي شخص، لحكايتنا الصادقة في بعض الأحيان تفاصيل شخصية تضفي لها أثراً لا يزول. في حي شعبي بسيط في مدينة عيسى سنحت الفرصة أن نجاور شخصيات كتب لها عهد مع الماضي والحاضر والمستقبل. علي الغرير يبعد بضع مترات عن بيت الوالد، وفي قبالة بيته يسكن أحمد مجلي، وعلى الميلة الثانية محمد الصفار، وفي الزاوية هناك بيت صلاح أحمد، حيث يجتمع بعض من هؤلاء، وآخرين كثر بينهم جمعان الرويعي. لاحقاً سيلمع نجم كل هؤلاء في العصر الذهبي للإنتاج الدرامي البحريني المدعوم من الدولة.

ولكي لانحرق المراحل هناك تفاصيل تتزامن أو تسبق هذا الحدث لعل من الداعي الشخصي والعاطفي البحت استرجاعها. كان شقيقي الأكبر أسامة واحداً من تلك الشلة المتجمعة في بيت صلاح أحمد، وكانت المشتركات الاجتماعية لتلك الشلة كثيرة وعصية على الحصي، منها ذكريات لعب كرة القدم إما في المساحات التي تحولت إلى ملاعب كرة قدم تحت كباري الهايوي، أو حين ساهم أسامة في تعريف شلة خالد خليفة والحورة من جهة على شلة بيت صلاح أحمد، ليصبح لعب كرة القدم في نادي البنوك بجنوسان طقساً أسبوعياً كان أحد أبطاله علي الغرير وكنت أحد متفرجيه.

لا أستطيع أن أحدد متى أصبح علي الغرير نجماً في نظري، لكنني أستطيع أن أتذكر تفاصيل صغيرة منذ طفولتي المبكرة عن دماثة خلقه وتواضعه وعفويته، أتذكر انه كان يهم إلى دخول أستاذ مدينة عيسى لمتابعة أحدى مباريات الدوري فوجدني واقفاً مع صديقي عند البوابة دون أن أمتلك ثمن التذكرة، فما كان منه إلى أن عرف جمعان الرويعي " الهادئ جداً" على حضرتي انا الطفل – لا احد – قائلاً بحماس: جمعان هذا حسين أخو أسامة، قبل ان يدخلني معه إلى الملعب.

في التسعينيات كــتب القدر إلى سينما الاندلس ان تتحول إلى الصالة الثقافية لأشاهد علي الغرير على خشبة المسرح ضمن فريق من الشباب اللامع في مسرحية اختطاف، لا استطيع ان اصف مشاعري الممزوجة بين الضحك والفخر وانا اشاهد صديق اخي وجاري متألقاً على خشبة المسرح، لم يكن علي الغرير الوحيد من هذه الشلة فكان الى جواره محمد الصفار، وسلمان العريبي، وجمعان الرويعي و .... لا أتذكر فهذا ليس معرضاً لهذا الحديث.

قبل أو بالتزامن أو بعد هذا التاريخ أطل على الغرير بعد مدفع الإفطار عبر الشاشة الفضية على كل اهل البحرين " اثتبوووووووووووووووووووووووون" نبيك اتقول خوش خميس خوش حوش ثلاث مرات بسرعة.

ثم لتطل مرة أخرى عبر شخصية مهدي الشيعي صديق سعدون السني وعضيده، وبغض النظر عن كلشيهات الوحدة الوطنية، لقد كنت صادقاً ومخلصاً لدورك ورسالتك فصدقناك.

توالت النجاحات سنة بعد أخرى في المسرح والتلفزيون، حتى انتكس كل شيء، ماتت الدراما التلفزيونية المدعومة من الدولة، ومات المسرح واختفى علي عن الأنظار.

لكن وعلى ما يبدو ليس للكاريزما تاريخ للصلاحية، عاد علي الغرير بعدها بسنوات ليشكل مع صديقي خليل الرميثي واحدة من أنجح الثنائيات البحرينية وأكثرها استمرارية ( جسوم وطفاش) هي ثنائيات امتدت نجاحاتها لتطال سائر دول الخليج العربي.

لم اشاهد ( طفاش) في حياتي، لكني - أحسب نفسي - من أكثر الناس فخراً وسعادة، فخور أولاً لأن جزءً من هذا النجاح مرتبط برقعة جغرافية تشاركت لسنوات مع بطلها، وثانياً لأن شخصاً مثل خليل الرميثي الذي بدأ ممثلاً مسرحياً صغيراً في بداية التسعينات أصبح نجماً خليجياً كبيراً. ليس بوصفه من فاشينيستات السوشال ميديا الذين قفزوا من البارشوت ليتربعوا على نجومية الساحة الفنية، بل لأنه نموذجا ً لفنان مخلص أفني حياته من أجل فنه، فكافئه القدر بقدر اخلاصه.

قبل فترة وجيزة كنت في عزاء عائلة الغرير التي ودعت محمد حيث التقيت بعلي، وبعدها بأيام كان لنا لقاء في نادي الخريجين في حفل تأبين صابرين بورشيد.

واليوم أكتب هذا العبارات المنثورة في وداعك لا لشيء سوى لان المحبة كنز نادر لا يستحق منا ان نقمعه. ولكيلا تتكرر صورتك امامي لسنوات وانا أمر باختلاج حائر كما حدث لي منذ أن توفي صديقنا قاسم محمد حسن قبل أكثر من سبع سنوات. قررت ان أفرغ عقلي من كل تلك الذكريات الجميلة والراقية التي احفظها لك.

ولكي أدين غدر الموت لأنه أوجعنا بفقدك..

وداعاً... 

 

الـ FaceBook في

13.01.2020

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004