قرطاج
| ها
نحن في «أيّام قرطاج السينمائيّة» مرّة أخرى. «عميد المهرجانات
العربيّة والإفريقيّة منذ 1966» (يسبقه فقط جاره «قليبيّة»
بعامين)، ينتظم مجدّداً، بعدما عاد سنويّاً منذ 2014. بعد الاحتفال
بالذكرى الخمسين 2016، والتقييم وبعض الإصلاحات 2017، تأتي هذه
الدورة لتثبيت الخيارات السابقة، وتأكيد «الموقع المؤثّر للمهرجان
على المستويين الإقليمي والدولي»، حسب مديره العام نجيب عيّاد،
و«سنّ النضج» وفق مديرته الفنيّة لمياء بالقائد قيقة.
JCC
يبرز في ذروة موسم المهرجانات العربيّة، بعد وهران الذي يحتاج إلى
مراجعة جذريّة وكثير من التطوير، وصعود «الجونة» الصاروخي، وتحسين
القاهرة فنيّاً وتقنيّاً ولوجستياً ودعماً إنتاجيّاً، وتوقف دبي
المباغت والمؤسف، وعودة مراكش المرتقبة. تحديّات كبيرة لناحية
اقتناص الأفلام المهمّة، خصوصاً الآتية من مهرجانات كبيرة كـ
«برلين» و«كان» و«البندقية» (فينيسيا) و«لوكارنو» و«كارلوفي فاري»،
ومواكبة شروط تقنيّة باتت تطلبها شركات التوزيع والإنتاج. حتى هذا
لم يعد كافياً لإثبات جديّة أيّ مهرجان، وتحقيق مكانته. تعزيز
منصّات دعم صناعة الأفلام، وزيادة جوائزها، صارا أمراً جوهرياً لا
جدال فيه. هذا ما حصل في منصّة «قرطاج للمحترفين»، التي انطلقت عام
2015. إذاً، هذه دورة ترسيخ العودة إلى الثوابت والجذور، بالتزامن
مع تحديث مستمر وضروريّ. «قرطاج» ملتقى سينمائيّ ذو طابع جغرافيّ
وفكريّ. صبغة عربيّة وأفريقيّة واضحة. توازن في اختيار الأفلام،
وانتقاء الضيوف. برهان ذلك في الأرقام.
19
دولة في مختلف المسابقات الرسميّة: 10 عربيّة، و9 أفريقيّة. من
ناحية أخرى، إنّه «مهرجان الجنوب». منصّة ثلاثيّة لقارّات أفريقيا
وآسيا وأميركا اللاتينيّة، مع نكهة متوسطيّة. هكذا، حضرت 4 دول
كضيفة شرف، ضمن برنامج «سينما تحت المجهر»: العراق عن العالم
العربيّ بـ 18 شريطاً (9 طويلة، 9 قصيرة)، والسنغال عن أفريقيا بـ
14 فيلماً (10 طويلة، 4 قصيرة)، والهند عن آسيا (8 أفلام طويلة)،
والبرازيل عن أميركا اللاتينيّة (11 عنواناً طويلاً). فكريّاً،
دائماً ما تراعي البرمجة موازاة النضالي مع الفنيّ، بالوقوف إلى
جانب «المعركة العربيّة والإفريقيّة من أجل التحرّر».
برنامج حافل
تلقّى المهرجان نحو 800 فيلم من إنتاجات 2017 -
2018. اختار منها 206، موزّعةً على برنامج حافل. لدينا عناوين
ذائعة الصيت مع جوائز وتجوال دوليّ، كما أعمال أولى لصنّاعها،
وأخرى متفاوتة المستوى بطبيعة الحال. مسابقتا الروائي الطويل (13
فيلماً)، والقصير (12 فيلماً)، بلجنة تحكيم ترأستها الناقدة ديبورا
يانغ رئيسة تحرير قسم سينما العالم في «ذا هوليوود ريبورتر».
مسابقتا الوثائقي الطويل (11 فيلماً)، والقصير (8 أفلام)، إذ ترأس
الفلسطيني رائد أنضوني لجنة التحكيم. من المسابقات الرسميّة، نافست
4 أشرطة روائيّة طويلة، و3 وثائقيّة طويلة، على جائزة الطاهر شريعة
للعمل الأوّل، التي ترأس لجنة تحكيمها السينمائي بالافو
باكوبا-كانيندا من جمهوريّة الكونغو الديمقراطيّة. العروض الخاصّة
4 أفلام. العروض الرسميّة خارج المسابقة 6 أفلام. نظرة على السينما
التونسيّة (5 أفلام طويلة، 18 قصيرة – اختيرَت من 61 إنتاجاً
محليّاً). قرطاج السينما الواعدة (12 فيلماً طلّابياً قصيراً).
سينما العالم (16 فيلماً). السينما الآسيويّة (7 أفلام). السينما
الأميركيّة اللاتينيّة (6 أفلام). برنامج خاص بعنوان «لا يعني لا»
حول العنف ضدّ المرأة (5 أفلام).
«JCC
في السجون» التونسيّة للدورة الرابعة، إذ عُرضَت عناوين من
المسابقة في 5 سجون ومركز تأهيل الطفل. تضاف إلى ذلك مهرجانات
موازية في كلّ من سليانة والقصرين وصفاقس ونابل، في سعي لإنشاء
هياكل مستدامة في مدن ساحليّة ومناطق داخليّة. كذلك، كُرِّمَت7
أسماء: المخرج والمنتج التونسي أحمد حرز الله، والتسجيليّة
والكاتبة المصريّة عطيات الأبنودي، والسينمائي الجزائري فاروق
بلوفة، والممثّل المصري جميل راتب، ومخرج أول روائي تونسي طويل عمر
خليفي، والسينمائي التونسي الطيب الوحيشي، وإدريسا أودراوغو،
سينمائي من بوركينا فاسو.
«فتوى»
يتحدّث عن أب (أحمد الحفيان) يعود من فرنسا لحضور جنازة ابنه، الذي
توفي في حادث سير. تدريجاً، يكتشف انضمامه إلى جماعة إسلاميّة
متشدّدة
جرعة غنيّة وكريمة عن راهن عربي وأفريقيّ ملتبس،
خصوصاً في تقييم أهوال السنوات الفائتة على المستوى العام،
وانعكاساتها على أفراد وجماعات. علاقات عائليّة خاصّة ومعقدة.
ظواهر اللجوء وعبور الحدود. سفر الشباب التونسيّ لـ«الجهاد» في
سوريا. التحاقهم بالجماعات المتطرفة. رصد كواليس هذه الجماعات من
الداخل. حال المختلفين شكلياً وجنسياً، والمنبوذين اجتماعياً...
مواضيع وتيمات في أعمال منتظرة ضمن مسابقة الروائي الطويل. «يوم
الدين» للمصري أبو بكر شوقي، الآتي من مسابقة «كان» (رغم أنّه
فيلمه الأوّل) بجائزة «فرانسوا شاليه» لقيم الحياة والصحافة، وعدد
كبير من الجوائز والمشاركات. «ولدي» للتونسي محمد بن عطيّة الواصل
من «أسبوعي المخرجين» في الكروازيت. «ريح ربّاني» للجزائري مرزاق
علواش القادم من تورونتو. ثلاثة عناوين من جديد السينما العربيّة
شاهدناها في مسابقة «الجونة» قبل أسابيع. «في عينيا» للتونسي نجيب
بلقاضي جاء من تورونتو أيضاً. شريط بالغ الرقة والعذوبة، عن علاقة
أب حادّ الطباع بابنه المصاب بالتوحّد، ضمن مناخ حميميّ منتصر
للحياة والإنسان، بعيداً عن الميلودراما وتوسّل العواطف. «صوفيا»
للمغربيّة مريم بن مبارك المتوّج بجائزة السيناريو من قسم «نظرة
ما» في «كان». الغريب أنّ النص تحديداً أضعف عناصره، رغم ذكاء
طرحه. من نفس القسم، عُرضَ «رفيقي» للكينيّة وانوري كاهيو. عمل
جدليّ، حاولت الحكومة الكينية منعه من المشاركة في «كان»، بسبب
تناوله علاقة مثليّة بين مراهقتين، وسط خلفيّة سياسيّة محتدمة.
أيضاً، ثمّة عروض أولى في العالم، لكلّ من «فتوى» للتونسي محمود بن
محمود في سادس عناوينه الروائية الطويلة، و«مسافرو الحرب» للسوري
جود سعيد.
في الوثائقي، ترقّبنا «أمل» للمصري محمد صيام، الذي
افتتح أهم مهرجان سينما تسجيليّة في العالم «إدفا»
IDFA.
بكثير من الصبر والعمق، يرصد نشأة وتفتّح وعي الصبيّة أمل على
اندلاع ثورة يناير. يواكب آراءها وتمرّدها وتلوّنها مع الحراك.
يقترح قراءة ذكيّة في السياسي والاجتماعي، في بلد شهد تقلّبات
حادّة خلال سنوات قليلة. «أمل» هو الجزء الثاني من ثلاثية يعمل
عليها صيام، الذي نال عضوية أكاديمية الأوسكار أخيراً. بدأها بـ
«بلد مين؟» (2016 – أفضل صورة في «قرطاج 2017»)، ويصوّر حالياً
روائي «كرنفال». كوميديا سوداء عن رجل أمن من الدرجة الثانيّة،
يعاني من حالة ما بعد الصدمة جرّاء التحقيقات التي يجريها. من مصر
أيضاً، حطّ «تأتون من بعيد» لأمل رمسيس، عن عائلة مشتّتة بين أكثر
من بلد. «عن الآباء والأبناء» للسوريّ طلال ديركي صار عنواناً
ثابتاً في أهم التظاهرات، ومنافساً شرساً على أرفع الجوائز. يجول
في الصالات الأميركيّة هذه الأيام، للدخول جديّاً في ترشيحات
الأوسكار. وثيقة تسجيلية نادرة، من قلب كواليس «الجهاديّين» في
إدلب. معايشة حتى الأقصى في أسلوب حياة هؤلاء، وكيفية تربية
أطفالهم. من لبنان، شاهدنا شريطاً في غاية الذكاء. «طرس - رحلة
الصعود إلى المرئي» لغسان حلواني آتٍ بتنويه خاص من لوكارنو.
يتساءل عن مفقودي الحرب الأهليّة اللبنانيّة بأسلوب استكشافي، من
خلال كشط ملصقات إعلانيّة مهملة على جدران بيروت. حقب متعاقبة تحت
أخرى، وصولاً إلى وجوه المفقودين الشاخصة. قراءة هادئة فيها الكثير
من الدهاء والتجريب، باعتماد الكتابة على الشاشة، والأنيماشن،
والتجهيز، والأرشيف الحيّ. كلّها عناوين سنعود إليها في قراءات
مفصّلة لاحقاً.
وفاء للتقاليد
المهرجان لم يغادر شارع الحبيب بورقيبة. بقي مخلصاً
لصالة الكوليزيه في عرض أفلام المسابقة، رغم إحداث مدينة الثقافة
ذات التقنيّات الأحدث. صرح ضخم، يضمّ ثلاثة مسارح، ومجمّعاً
سينمائياً مكوّناً من ثلاث صالات. كذلك، مقارّ دائمة للمهرجان
نفسه، إضافةً إلى «المركز الوطني للسينما والصورة»
CNCI،
والسينماتك التونسي. 19 صالة عرض في تونس وحدها، منها 4 جديدة في
مدينة الثقافة، واثنتان مضافتان في الحبيب بورقيبة. لا ننسى إحياء
سينما «أفريكا» خلال الدورة الماضية، بعد 6 سنوات على إغلاقها. هذه
التنمية الدائمة من ثمار المهرجان الكبيرة بالفعل. بنية تحتيّة
كبيرة في خدمة جمهور قرطاج المبهر بمعنى الكلمة. نحو ربع مليون
مشاهد، يقفون في طوابير على أبواب الصالات. لذلك، كان من الطبيعي
أن تعيد الإدارة جائزة الجمهور هذا العام، بعد سنوات على غيابها.
في الوفاء للتقاليد أيضاً، لا مكان للمشاهير الذين
يظهرون على السجادة الحمراء، ثمّ يختفون أيّام المهرجان. «النجوم
هم صنّاع الأفلام». في الوفاء للراحلين، أقيم عرض مؤثّر للشريط
التونسي «سامحني»، الذي قضت مخرجته نجوى سلامة في نيسان الفائت قبل
إتمام مونتاجه. عزف أوركسترا حيّة بقيادة رياض الفهري، مع صور
للراحلة. اللافت أنّها كتبت عملاً عن السرطان، قبل أن تصاب به.
يتقاسم البطولة كلّ من عابد فهد (شريك في الإنتاج أيضاً) متحدّثاً
باللهجة التونسيّة، ومحمد علي بن جمعة.
قرطاج للمحترفين
ثلاث جوائز جديدة. ازداد عدد ضيوف وخبراء هذه
المنصّة، التي تضمّ 5 أقسام: «شبكة» و«تكميل» و«اللقاءات»
و«الندوات» و«محادثات قرطاج». «شبكة» توفّر الدعم للمشاريع
العربيّة والأفريقيّة قيد التطوير. من بين 70 مشروعاً، اختيرَت 10
مشاريع. «تكميل» استقبلت 60 شريطاً، انتُقِيَ 11 منها. برز منها
«شارع حيفا» للعراقي مهنّد حيال، محققاً جائزة البوست برودكشن،
وجائزة التوزيع في تونس من«هكّا للتوزيع السينمائي». باكورة المخرج
الشاب في الروائي الطويل يدور حول قنّاص متمركز في شارع الاشتباكات
الطائفيّة الشهير وسط بغداد، بين عامي 2006 – 2007. نحن عراق
الاحتلال، واللا أمن، وربّما اللا أمل. متمسّكاً بالزمن الحقيقي،
يعاين المشروع حال الجحيم. ينزع فتيل الهستيريا. يعاين مسارات
ومصائر شخصيّاته، معتمداً على ممثّلين غير محترفين، يقفون أمام
العدسة للمرّة الأولى. هناك أيضاً دوكودراما «إلى حين» للسوريّة
رهام القصّار. خرّيجة قسم التمثيل في المعهد العالي للفنون
المسرحيّة في دمشق تستوحي حكايتها الشخصيّة عن طالبة فنون في
برلين، تبحث عن مسكن. هي ليست لاجئة. مع تناقص المال في جيبها،
وانتقالها من منزل إلى آخر، تتحوّل رحلة البحث إلى استكشاف لمفاهيم
الاستقرار والمنزل والملكيّة والعلاقة بين الأماكن العامّة
والخاصّة. وفّر المهرجان 3 دروس في السينما. أشرف عليها كل من
المخرج محمد صالح هارون، والناقد السينمائي إبراهيم العريس،
والموسيقار أمين بوحافة. ندوة هذه الدورة «نحو أشكال جديدة للتمويل
السينمائي:
Tax Shelter
مثالاً».
الجوائز
التانيت الذهبي للأفلام الروائية الطويلة ذهب إلى
التونسي «فتوى» لمحمود بن محمود. كثر توقفوا عند الجائزة. تساءلوا
عمّا إذا كان الشريط الأفضل في فئته، أو مقارنةً بأفلام بلده على
الأقل: كيف خرج «في عينيّا» نجيب بلقاضي، و«ولدي» محمد بن عطيّة من
الجوائز بهذا الشكل الغريب؟ «فتوى» يتحدّث عن أبٍ (أحمد الحفيان)
يعود من فرنسا لحضور جنازة ابنه، الذي توفي في حادث سير. تدريجاً،
يكتشف انضمامه إلى جماعة إسلاميّة متشدّدة. يبدأ البحث عن ماضي
الشاب، واستكشاف خلفيّات غسل دماغه. مع التسليم بالأداء العالي
للحفيان الذي نال جائزة أفضل ممثّل عن استحقاق، طرحت استفسارات عن
عناصر فنيّة أخرى موازية له. بالمناسبة، لا بدّ من الإشادة
بالمستوى الرفيع للممثّلين التونسيّين إجمالاً. يمكن إحالة بعض
أسبابه على أساس أكاديمي متين لدى معظمهم. دراسات، وورش عمل، ودأب
في المواكبة.
علاقات عائليّة خاصّة ومعقدة، وظواهر اللجوء وعبور
الحدود، وسفر الشباب التونسيّ إلى سوريا
زخم في الإنتاج السينمائي والمسرحي. احتكاك
واستفادة كبيرة من خبراء ومختصّين (فرنسيّون وبلجيكيّون في
الغالب). كذلك، تحقق إنجاز بارز للسينما السوريّة بخطف «مسافرو
الحرب» 3 جوائز: التانيت البرونزي، وجائزة الجمهور، وأفضل صورة
للسينماتوغرافي السوريّ وائل عز الدين، الذي قطف ثمرة سنوات من
العمل والبحث الجديّ، إضافةً إلى جائزة موازية هي الـ «فيبريسي»
(راجع مقال الزميل خليل صويلح). جوائز الوثائقي أثبتت أنّ مصر تعيش
نجاعةً في الأشرطة الوثائقية، رغم قلّة إنتاجها. التانيت الذهبي من
نصيب «أمل» محمد صيام، والفضي ذهب إلى «تأتون من بعيد» لأمل رمسيس.
قائمة الجوائز
المسابقة الرسمية للأفلام الروائية الطويلة:
·
التانيت الذهبي: «فتوى» لمحمود بن محمود (تونس)
·
التانيت الفضي: «يوم الدين» لأبو بكر شوقي (مصر)
·
التانيت البرونزي: «مسافرو الحرب» لجود سعيد
(سوريا)
·
أفضل أداء رجالي: أحمد حفيان عن «فتوى» (تونس)
·
أفضل أداء نسائي: سامنتا موكاسيا عن «رفيقي»
(كينيا)
·
أفضل سيناريو: «سوبا مودو» (كينيا)
·
أفضل موسيقى: «رفيقي» (كينيا)
·
أفضل صورة: «مسافرو الحرب» (سوريا)
·
تنويه خاص: «صوفيا» لمريم بن مبارك (المغرب)
·
تنويه خاص: «ماكيلا» لماشيري اكوا باهانغو (جمهورية
الكونغو الديمقراطية)
المسابقة الرسمية للأفلام الروائية القصيرة:
·
التانيت الذهبي: «أخوان» لمريم جوبار (تونس)
·
التانيت الفضي: «بيت لالو» لكلي كالي (بنين)
·
التانيت البرونزي: «استرا» لنضال قيقة (تونس)
·
تنويه خاص: «بائع الزهور» لشامخ بوسلامة (تونس)
·
جائزة الجمهور: «مسافرو الحرب» لجود سعيد (سوريا)
المسابقة الرسمية للأفلام الوثائقية الطويلة:
·
التانيت الذهبي: «أمل» لمحمد صيام (مصر)
·
التانيت الفضي: «تأتون من بعيد» لأمل رمسيس (مصر)
·
التانيت البرونزي: «طرس - رحلة الصعود الى المرئي»
لغسان الحلواني (لبنان)
المسابقة الرسمية للأفلام الوثائقية القصيرة:
·
التانيت الذهبي: «أصداء» لنيكولا خوري (لبنان)
·
التانيت الفضي:
I SIGNED THE PETITION
لمهدي فليفل (فلسطين)
·
التانيت البرونزي: «كيدوغو» لمامادو خما غي
(سنيغال)
§
جائزة الطاهر شريعة: «صوفيا» لمريم بن مبارك
(المغرب)
§
جائزة قناة تي في 5 موند: «صوفيا» لمريم بن مبارك
(المغرب)
§
تنويه خاص: «فاهافالو» (وثائقي طويل) لماري كليمون
سبايس (مدغشقر)
####
جود سعيد يكسر الحصار...
ويفتك أربع جوائز
خليل صويلح
هذه المرّة تمكّن جود سعيد من كسر الحصار حول
أفلامه في المهرجانات السينمائية الدولية، من دون اشتباكات مع
خصومه، وعبَر بأمان مع شريطه «مسافرو الحرب» إلى «أيام قرطاج
السينمائية» في دورتها التاسعة والعشرين. كانت المفاجأة الأولى منح
الفيلم «جائزة الاتحاد الدولي للنقاد السينمائيين-
Fipresci»،
عشية حفلة الختام، وهي جائزة موازية للمهرجان يمنحها الاتحاد الذي
يضم منظمات وطنية لنقاد السينما المحترفين من خمسين دولة، نظراً
«لتميّز الشريط بالسينما المستقبلية، وتفرّد الشخصية الأساسية التي
جسدها الممثل أيمن زيدان»، وتلتها ثلاث مفاجآت: جائزة الجمهور،
جائزة أفضل صورة، والتانيت البرونزي للأفلام الروائية الطويلة. في
عرضه الدولي الأول ضمن مسابقة الأفلام الروائية الطويلة، استقطب
الشريط جمهوراً غفيراً، غصت به قاعة سينما «الكوليزي» وسط العاصمة
التونسية. ورغم انخراط المخرج السوري في مفردات سينما الحرب («مطر
حمص»، و«رجل وثلاثة أيام»، و«درب السما») إلا أنه يذهب في سينماه
إلى مناطق سردية مراوغة تعمل على تفكيك الشخصية السورية من الداخل،
وفحص كيمياء الألم البشري التي لا تخلو من مسرّات عابرة تستدعيها
عبثية الحرب نفسها. وإذا بنا إزاء مواقف متناقضة تقودنا إلى
مشهديات فانتازية وتهكّميّة تتسرّب من قلب الفجيعة.
في «مسافرو الحرب» (سيناريو جود سعيد، وأيمن زيدان،
وسماح قتّال ـــ أداء أيمن زيدان، لينا حوارنة، حسين عباس، لجين
إسماعيل، لمى الحكيم، لوريس قزق، أكرم الشعراني ـــ إنتاج شركة
الأمير/ بيروت) يستدرك مخرجه عثرات ما سبق لجهة الهدم والبناء،
وفتح الأقواس وإغلاقها، في سبيكة بصرية أكثر صلابة ونضجاً،
بالاتكاء على مقومات الحكاية بوصفها البنية التحتية للسرد، على
غرار ما تفعله الحكايات المتوالدة في «ألف ليلة وليلة» في القطع
والوصل، لكنها ليالٍ جحيمية. هكذا يتكفّل بهاء (أيمن زيدان)
بالمسرودات المركزية، فموظف الكهرباء الذي يسعى لإنهاء إجراءات
نهاية الخدمة يجد نفسه محاصراً في حلب أثناء معركتها الكبرى. يقرر
اللجوء إلى قريته في رحلة عجائبية داخل حافلة متهالكة، كما لو أنها
صورة مصغّرة عن أنقاض المدينة وخرائب البلاد والتضاريس المتعبة
للوجوه المنهوبة فزعاً. لكنه سيهزم أوجاعه المتراكمة بالحكاية
وحدها، وباختراع وقائع لم يعشها تماماً، للتخفيف من وطأة خيباته
المتتالية. يشعل مصباح الحكاية في العتمة التي تغرق المدينة بأسباب
الهلاك، ويبني أحلاماً من الحجارة المهدّمة، في حكايات يرويها
لابنته المهاجرة بقصد بث الطمأنينة في روحها، متجاهلاً وحدته وقسوة
ما كابده في الحرب. لا يكتفي الشريط بمسلك واحد، إنما تتعرّج
الدروب وتتشابك وتفترق لتكشف عن نماذج بشرية أفرزتها الحرب، في
قرية مهجورة فقدت قيمها الأصلية واستبدلتها بأعراف جديدة تنطوي على
سلوكيات هجينة تتخللها قصص حب وخيانة واستغلال وقسوة وهشاشة ووهم.
لكن بهاء سيبقي مصباح روحه مضيئاً بقوة الحكايات وحدها، سواء ما
يرويه لابنته أو لجاره الشاب، مراهناً على زمنٍ آخر، أقل قسوة
ووحشية مما كابده في رحلته المليئة بألغام الوحدة والفقدان وابتكار
الضحك لمقاومة الموت الوشيك. على المقلب الآخر، يبني جود سعيد
مشهدياته بما يشبع كوادره البصرية الأخاذة، باستثمار أمكنة الحرب،
وصوغ فضاءات موازية لطبقات الحكي بجرعات مدروسة بمهارة وإحكام. |