نادية الجندى لـ «الأهرام»:
جسدت فى أفلامى عدة نماذج تعبر عن هموم المرأة
حوار ــ أميرة أنور عبد ربه
«السينما
لحظات لاتنسي» هو الشعار الذى يتخذه المهرجان القومى للسينما فى
دورته الـ22 الحالية التى يتم فيها تكريم «نجمة الجماهير» كما
لقبها جمهورها نادية الجندى التى أعطت للفن والسينما الكثير من
حياتها وستظل فى وجدانها لحظات مليئة بالحب والفرح وتحديات واجهتها
فى مشوارها السينمائى زادتها إصرارا على تجاوزها حتى وصلت إلى هذا
اللقب الغالى لديها.
هى المرأة التى هزت عرش السينما المصرية لمدة 20
عاما متصدرة الإيرادات بأفلامها الأمر الذى لم تحققه نجمة بعدها
حتى الآن.. هى الطبيبة والمحامية والمعلمة والصحفية والخادمة وسيدة
الأعمال.. مجموعة كبيرة من الشخصيات الصعبة والمركبة التى جسدتها
ببراعة وإتقان حتى جعلت جمهورها يردد الكثير من حوارات أفلامها
ليتأكد أن أعمالها تركت بصمة وأثرت فى وجدان الجمهور.
تكريم المهرجان القومى للسينما لها لم يكن الأول
وليس الأخير ولكن له مذاق خاص لديها كما أكدت لى فى هذا الحوار:
·
تم تكريمك فى مهرجانات كثيرة سواء داخل مصر أو
الوطن العربى فهل يكون وقعه مختلفا فى كل مرة بالنسبة لك ؟
التكريم فى حد ذاته أمر جميل واعتراف بمشوارحياة
الفنان وأهمية الأعمال التى قدمها وهذا أمر يسعد الفنان كثيرا وكما
قلت: لقد تم تكريمى من مهرجانات كثيرة مثل القاهرة السينمائى
والاسكندرية وجمعية الفيلم، بالاضافة إلى تكريمى من جميع الدول
العربية ولكن يظل تكريمى من بلدى له وضع خاص وقيمة ادبية اقوى فهو
يدل على أن الدولة قدرت مجهودك واعمالك لانه مهرجان الدولة.
·
إذن التكريم حدث ينتظره الفنان ويقدره ويسعى إليه
خلال مشواره الفني؟
نجاحى واستمرارى طوال السنوات السابقة بسبب جمهورى
وهذا أكبر تكريم بالنسبة لى فالجمهور هو الذى يحكم على أعمالك
ويعطيها الضوء الأخضر.
ولكن تكريم الدولة له معنى ودلالة كبيرة لدى ايضا
وهو ان افلامى ليست مجرد اعمال سطحية وانما هى اعمال تركت بصمة
واثرت فى وجدان الجمهور لما تتضمنه من رسائل اجتماعية وسياسية خدمت
المجتمع.
·
«السينما
لحظات لا تنسي» هو شعار المهرجان فى دورته الحالية فما أهم اللحظات
التى لا تنساها نادية الجندى خلال مشوارها الفني؟
تبتسم وتقول:هناك الكثير من اللحظات المؤثرة فى
مشوارى فعندما استرجع ذاكرتى للوراء أجد اننى تعبت كثيرا وحفرت فيه
بالصخر كما يقولون وواجهت العديد من الصعوبات والتحديات الا اننى
امام اصرارى استطعت الصمود والكفاح بداية من اول افلامى كبطولة
مطلقة فى «بمبة كشر» الذى ساعدنى كثيرا الأديب الراحل يوسف السباعى
فيه لخروج الفيلم للنور فكل مرحلة لها صعوبة واستمرت من تحد الى
أخر، تمثل مراحل بحثى عن ادوار مختلفة وصعبة ومسألة الحفاظ على
المستوى نفسه والثقة التى اعطاها الجمهور لي، وجميعها لحظات لا
تنسى من ذاكرتى وانا سعيدة بها جميعا فلولاها لما وصلت الى ما انا
فيه الان.
·
إذا رجعت الذاكرة بك للوراء ما الشىء الذى تحرصين
على عدم تكراره مرة أخرى؟
صمتت لحظات وقالت:عندما اجلس مع نفسى أجد ان نادية
الجندى الفنانة ظلمت نادية الانسانة فهى أخذت من مجهودى وعمرى
وصحتى بشكل كبير واستمتاعى بالحياة ايضا وبمن حولى فلم يكن لدى وقت
لنفسى.
واذا أردت ان أعثر على نادية الانسانة كنت أسافر
حتى أستطيع الاختلاء بنفسى فأنا طوال الوقت احمل شخصيات مختلفة
فكانت نادية تضيع منى وسط هذا الزحام وكنت أرغب كثيرا فى استرجاعها
لذلك اذا عدت للوراء قد اعطى لها فرصة للتنفس ولكن هذا الثمن الذى
دفعته اعود واقول هو ما أوصلنى لتلك المكانة المهمة وانتظار
الجمهور لاعمالى ومشاهدتها حتى الآن كما لو أنها تعرض للمرة الاولى.
وتكمل : كل شيء له ثمن والثمن فى الفن قوى جدا
جسدت انماطا مختلفة من النساء الطبيبة والمحامية
والمعلمة وصاحبة المدبح والوكالة والخادمة وسيدة الاعمال وجميعها
نماذج تعبر عن قضايا وهموم المرأة
.
·
هذا الزخم من الشخصيات المركبة كيف تعاملت معه
وخرجت من دور الى الاخر بهذا الإتقان والإقناع فى الوقت نفسه؟
كثيرا ما تأتينى رسائل من الجمهور يسألنى عن اسباب
صعوبة أدوارى وبالفعل كنت حريصة على تقديم ادوار مختلفة وغير مكررة
وهو ما جعلنى أؤدى جميع الادوار النسائية فلا توجد مهنة لم اقدمها
ولعل ذلك سر نجاحي، وهو اننى لم أحاول تكرار اى شخصية قدمتها حتى
اذا حققت نجاحا كبيرا وكما قلت فإنه من كثرة تلك الشخصيات لم أجد
نفسى ولقد ارهقنى الامر ذهنيا وبدنيا بشكل كبير خاصة اننى كنت اهتم
كثيرا بمرحلة ما قبل التصوير والتحضير للعمل ككل وليس بشخصيتى
ودورى فقط.
وتضيف: كانت هناك ورشة عمل تضمنى والمؤلف والمنتج
والمخرج والنجوم المشاركين بالعمل حيث كان الأمر يستغرق شهورا قبل
التصوير فانا أرى ان التحضير للعمل اهم من العمل نفسه اذا لم يتم
بشكل صحيح فلابد من معايشة الحالة ككل وليس دورى فقط وهناك فرق
كبير بين معايشة الدور فقط وان أعيش الفيلم ككل ففى النهاية نجاح
الفيلم او فشله ـ لاقدر الله ـ ينسب لى لاننى بطلة العمل.
·
هل صادفت نماذج حية من شخصيات أفلامك؟
بالتاكيد ففى فيلم وكالة البلح ذهبت الى الوكالة
وجلست مع المعلمة التى توفى زوجها وترك لها العمل وكيف واجهت ذلك
وفى فيلم الضائعة دخلت مصحة للادمان وهو من أصعب الادوار التى
قدمتها بالفعل وجلست مع عدد من الأطباء لكى اشاهد الحالة والتغيير
الفسيولوجى الذى يحدث للمدمن وبعد انتهائى من فيلم الضائعة مرضت
لمدة 3 أشهر فقد تعرضت لاكتئاب شديد من قسوة الدور وصعوبته وأتذكر
اننى سافرت للخارج شهرين للخروج من تلك الحالة التى وصلت اليها.
·
نادية الجندى حالة استثنائية تربعت على عرش ايرادات
السينما المصرية لمدة 20 عاما كبطولة مطلقة وهو الامر الذى لم
تحققه اى نجمة بعدك.. هل يسعدك تفردك ام تشعرين بالحزن على وضع
السينما حاليا؟
بالفعل ما ذكرتيه واقع حقيقة ولكننى بالفعل حزينة
على حال الصناعة فالسينما هى حياتى وأتمنى ان تزدهر وتستمر والا
اكون انانية ولكن ما حققته آراه قدرات لا توجد فى اخرين واتمنى ان
ارى افلاما هادفة تخدم الصناعة والمجتمع ولكن للاسف اين هؤلاء؟
مشكلة الجيل الجديد ان نظرته للفن تنحصر فى وصول سريع للشهرة
والمال وانا طوال حياتى لم يكن المال هدفى وليس انا فقط وانما جيلى
بالكامل بدليل اننى فى قمة نجاحى كان يعرض على العديد من الافلام
ولا أبالغ اذا قلت انها تتعدى عشرة افلام فى السنة ولكننى كنت
اختار عملين فقط اما الجيل الحالى فيحسبها بشكل مادى فقط ولا اريد
التعميم فهناك منهم من يفكر بتقديم مضمون جيد على حساب الكم، وذلك
حتى لا أظلمهم جميعا.
·
ربما الوضع العام من مراحل اختيار سيناريو جيد
لمنتج يعشق المهنة ويخاف عليها من اسباب عدم حصول الاجيال الجديدة
على افلام جيدة عكس جيلكم؟
قد يكون مناخا عاما ولكن الدولة عليها جانب
ومسئولية ما حدث فى صناعة السينما لانها نفضت يديها منها رغم خطورة
السينما فى تأثير وجدان الجمهور وعلى سمعة مصر فلابد ان تقدم
الدولة دعما للسينما ويتكاتف صناع السينما معا لتقديم اعمال جيدة
المستوى فعلى سبيل المثال محمد مختار عندما انتج افلاما لى حققت
ايرادات مرتفعة ولكنها فى الوقت نفسه كانت جيدة المستوى تناقش
قضايا اجتماعية وسياسة مهمة فصناعة السينما تجارة وفن.
·
المنافسة وقتها مع النجم عادل امام والنجمة نبيلة
عبيد كانت فيها غيرة وصراعات أم ـ كانت منافسة مشروعة؟
المنافسة كانت شريفة وصنعت نوعا من التحدى يكون فى
مصلحة المهنة ولكن دون تجريح فجيلنا كان لديه اخلاقيات لا تتجاوز
المنافسة الشريفة التى تدفعك لتقديم الافضل وليس ان يصل الامر مثلا
الى تحطيم معنويات من امامك.
·
كنت أول من قدمت قضية الارهاب وألقت الضوء عليها فى
فيلمى شبكة الموت والارهاب قبل ان تتفشى وتصبح ظاهرة.. كيف تشاهدين
الفيلمين الآن بعد مرور اكثر من 25عاما عليهما؟
بالفعل انا اول من تناولت تلك القضية التى انتشرت
بعدها بـ12 عاما فما تم تناوله بالفيلم من انه تحدث عمليات غسل مخ
للشباب هو ما يحدث الان ونعانيه جميعا واعتقد ان جميع افلامى تتجسد
الآن ونراها على ارض الواقع ففيلم عصر القوة والصراع على السلاح
والقوة هو ما نراه الان فى عالمنا فكان هناك نظرة مستقبلية فى
اختياراتنا انا ومؤلفى العمل والحمدلله ان الجمهور تحمس لها لانها
تكشف الستار عن اشياء خفية.
·
ماذا يعنى اختيارك لملف الجاسوسية والتركيز عليها
فى أكثر من عمل مثل مهمة فى تل أبيب و48 ساعة فى اسرائيل وحكمت
فهمى وامرأة هزت عرش مصر؟
اختيارى تلك الموضوعات كان بهدف تسجيل فترة زمنية
معينة وتوثيقها فتلك احداث حقيقية والجمهور يحب مشاهدتها لما
تتضمنه من تشويق ومتعة ومعرفة. |