فى الدورة العشرين.. مهرجان الإسماعيلية للأفلام
الوثائقية:
20
سببا للحب والسفر والبهجة
!
جيهان الغرباوي;
لماذا تقام مهرجانات السينما فى مصر والعالم؟
ولماذا ينتجون ويعرضون كل تلك الافلام ؟ وما الذى يجعل الناس تحب
السينما الى هذا الحد ؟
أحلام البشر كثيرة جدا ، وجميلة جدا .. والأفكار بلا حدود والمشاعر
الإنسانية غريبة ورقيقة وعميقة؛ ومشتركة بيننا كأننا جميعا نقف
متشابكى الأيدى فى دائرة واسعة تحيط بالكرة الأرضية؛ والخير والشر
والحب و الحزن والفرح والألم؛ هدية أو رسالة أو مفاجأة غير متوقعة
داخل علبة تنتقل وتلف وتتسلمها يد من يد .. وتدور على الجميع ؛ وما
تعطيه لغيرك ؛ بعد مرور الوقت سوف يعود اليك!
السينما تحكى تلك القصة .. قصتنا مع الحياة .. أحيانا تلونها ومرات
تضحك عليها وبعض الوقت تنقل منها جانبا يستدعى التفكير .. أو تكتفى
بأن تنقل ما يحدث دون شرح ولا تفسير.
السينما تحب الإنسان وتحترم خياله وتقبله وتجعله بطلا رغم ضعفه أو
أخطائه
..
السينما تستوعب كثيرا جدا من أحلامنا ومشاعرنا وعمرنا الذى يجرى
أسرع من قطار .. لذلك لا ينتهى عشقنا للسينما ولا يتوقف تأثيرها
الطاغى علينا
!
-
فى مهرجان الاسماعيلية السينمائى الدولى هذا العام؛ أسباب كثيرة
للاحتفال والبهجة والحب .. وأسباب أخرى تدعونا للامتنان لهذه
الحياة الجميلة ؛ والتمسك بالصبر والأمل و تكرار المحاولة رغم
الوحدة أو الغربة أو الحرب والسفر وغياب الأحبة:
....................................
1-
الحب ( زى الشمس )
فى عروض أفلام الطلبة هذا العام ما يكفى كى نتفاءل جدا بمستقبل
السينما فى مصر..
وقد تنافست فى المهرجان 7 جامعات بعدد ليس قليل من الافلام كان من
أهمهم واجملهم فيلم ( زى الشمس ) الذى كان مشروع تخرج فى الجامعة
الامريكية ؛ قدمته المخرجةهنا محمود صغيرة السن كبيرة الموهبة ..
بطولة الممثلة الشابة أمينة البنا .. وترفض صاحبة القصة والفكرة ان
تطلق عليه فيلما رومانسيا يحكى قصة حب ؛ وتترك لك تذوق معناه
بطريقتك الخاصة
.. !
الفيلم له شخصية جديدة واثقة ؛ رغم المشاعر المفعمة بالرقة والحب
والعطاء لدرجة صوفية متناهية الصدق .. وهو قصة علاقة قوية بين مصور
للحروب و طلبته فى الجامعة؛ يعلمهم قيما وأفكارا مهمة ثم يختفى ؛
فى مفاجأة جارحة وغير سارة تترك آثارا عميقة لا تنمحى ؛ لكن
المخرجة تحاول استحضاره بعمل سينمائى فريد .. ويحاول الفن ان يعالج
الألم ؛ وكأنه صلاة مخلصة لعودة الغائب
!!
2 -
اضحك مع ( حاتم صديق جاسم )
فيلم خفيف الظل له جاذبية شديدة ؛ يناقش العلاقات العربية و يأخذ
تركيزك من أول دقيقة عرض ؛ لأسباب عديدة منها لغة السيناريو
والحوار ( ما بين العامية المصرية واللهجة الكويتية الدارجة )
والاحداث المتدفقة بالشباب والمفاجآت المتوالية ؛ الى حيث نهاية
انسانية وجريئة وغير متوقعة
!
الفيلم يقدم أحداثه من خلال علاقة صداقة جميلة بين شاب مصرى ( قام
بدوره أحمد حمدى وهو موهبة كوميدية مصرية جديدة تستحق التحية )
وشاب كويتى ( قام بدوره الفنان الكويتى احمد ايراج ) وهو مخرج
الفيلم وصاحب فكرته ؛ وله حضور وقبول واسع يستحق المتابعة والجوائز!!
3 -
السفر .. قدر السعداء
ومثلما نشد الرحال الى الاسماعيلية الجميلة ؛ ويسافر اليها من
انحاء العالم ؛مئات من صناع الأفلام والفنانين والمخرجين والنقاد
والصحفيين وعشاق السينما ، ليشاركوا فى المهرجان المقام فى مثل هذا
التوقيت كل عام
. .
يشد غيرنا الرحال الى حيث يسقط المطر وينمو الزرع والحشائش .. انهم
( رعاة البقر ) المصريون و رعاة الأغنام..
وحياة قدرها السفر وقواعدها الصبر والرضا ومنتهى البساطة
..
الفيلم الرائع ( شد الرحال ) لطلبة كلية الإعلام جامعة القاهرة ؛
كان مفاجأة سينمائية متقنة الصنع ؛ تغمرك بسعادة الاكتشاف وفرح
الاطفال باللعب فى الحقول وهطول المطر والرقص والغناء والملابس
المطرزة البراقة
!
الفيلم إخراج احمد محسن الدمرداش وقد كان موفقا لدرجة كبيرة فى
إثبات ان إعلام القاهرة مازالت قادرة على التفوق والوصول الى أبعد
مما نتوقع أو نتصور
.
4 -
قبول الآخر
:
من جهتها قدمت الجامعة البريطانية أفلاما عن الآخر الذى يختلف عنا
.. وربما ليس لدينا من الوقت أو الحكمة أو العاطفة كى نتوقف عنده و
نستمع الى قصته وتفاصيله نكتشفه ونقبله .. ربما وجدنا عنده ما نبحث
عنه وما يستحق ان نتعلمه منه.
فيلم ( أبو عمار ) اخراج مريم آية عن صاحب كشك السجائر العجوز فى
مصر الجديدة
وفيلم ( نقطة سوداء ) اخراج احمد السحراوى عن محنة اختلاف الطلبة
القادمين للجامعة فى مصر من أصول اجنبية أو دول عربية
كلاهما احرز نجاحا فى دفع المشاهد لإعادة التفكير فى الآخر وفى
تدعيم الثقة لدى كل انسان يشعر بالضعف أو الغربة.
يكفى ان يكون لك طموح وحلم تريد ان تحققه كى تركز تفكيرك عليه و
تتخلص من خوفك
5 -
التعلم
:
اصنع فيلما تسجيليا عن شيء قريب منك وتعرفه جيدا جدا.
هكذا نصح المخرج المعروف سمير سيف ؛ الطلبة والحضور فى ورشة تحدث
فيها عن اهم قواعد ومبادئ صناعة الافلام.
6 -
التشويق
:
ان تجعل فكرتك فى صيغة سؤال .. وكل أحداث الفيلم تتوالى فيما بعد
لنكتشف معك الاجابة الصحيحة
!
هذه أفضل الطرق كى لا يمل المشاهد.
7
ــ أن يستفيد الجميع
من اهم ميزات أى مهرجان سينمائى عالمى ناجح ؛ ان يكون قادرا على
جمع اكبر الأسماء فى صناعة وانتاج وتوزيع الأفلام.
تبادل الخبرات والحصول على تمويل جيد وضمان توزيع الفيلم وعرضه على
نطاق واسع أو من خلال جميع دور العرض الممكنة .. سيجعل الفائدة
كبيرة وحقيقية وسيلمس أثرها الجمهور وليس المتخصصين وحدهم
..
وقد سبق لمهرجان الاسماعيلية بالخصوص منذ بداياته الاولى عرض
افلامه على المقاهى بين الناس وليس فى دور العرض السنيمائى أو قصر
الثقافة والمكتبات الكبيرة فقط
!
8 -
أن تكون حقيقيا
:
اعرف تاريخ بلدك جيدا .. واختر لفيلمك موسيقى تعبر عن ثقافتك وبلدك
وفكرة الفيلم ذاته
لا تستخدم الموسيقى فى الفيلم كأنها ( كاتشب ) يمكن اضافته على أى
طبق لتحسين الطعم .. هذا يشوه الفيلم تماما .. فإن كنت مصريا لا
تختر لفيلمك مثلا موسيقى سريعة امريكية بينما المشاهد والأحداث
كلها فى القاهرة
!
هذا سيكون امرا مضحكا ومزعجا
..
(
هكذا تحدثت الدكتورة ماريا مور من الجامعة الالمانية لمن حضروا
حلقة البحث التى نظمها المهرجان عن تطوير التعليم الجامعى الخاص
والعام فى مجال السينما
).
9 -
احترام جهد الآخرين
ربع مليون طالب يدرسون السينما فى امريكا سنويا .. فماذا تتوقعون ؟
وفى مصر حتى الآن معهد السينما هو المكان الوحيد القادر على تعليم
فنون الصوت والتصوير والديكور السينمائى بكفاءة
..
الورش والكورسات الخاصة فى هذا المجال معظمها مشاريع تجارية هادفة
للربح بناء على مبالغات ودعاية كاذبة
!
تعلم من مشاهدة الاعمال الجيدة ؛وتابعها بتركيز وتحليل .. التعليم
يجب ألا يتوقف ابدا
والمخرج الجيد 60 % من نجاحه هو شخصيته وتكوينه وذوقه وثقافته
ورؤيته للحياة
.
هكذا تحدث المخرج سمير سيف؛ ثم اضاف بكل حب وتواضع: اننى احترم
للغاية كل الرواد الذين اخلصوا لصناعة الفيلم التسجيلى .. حيث كان
العمل حبا وبلا عائد يذكر..
لا فلوس ولا شهرة
!!
10 -
الإنتاج
:
بقدر الإمكان تجنب التصوير فى الاماكن التى تتطلب عددا كبيرا من
التصاريح العالية التكلفة
وهذه هى احدى اهم مشاكل صناعة الافلام فى مصر.
11 -
كرة القدم الساحرة
:
كان حفل افتتاح مهرجان هذا العام مبهجا للغاية ؛ والطريف ان فقراته
اشتملت على عرض من ماتش كرة قدم للاسماعيلى؛ تجمع فيه اكثر من 130
ألف متفرجا فى استاد القاهرة شهر يناير 1970
وفاز فيه الاسماعيلى على بطل الكونغو 3 /1
وفاز بكأس افريقيا للاندية واطلقوا عليه ( برازيل مصر )
ونفس هذا الحماس والسحر الذى تحدثه كرة القدم فى نفوس محبيها ؛
دارت اجواء فيلم تسجيلى قصير بعنوان
( فوى ) .. شاركت به فى مسابقة المهرجان كلية الاعلام جامعة
القاهرة ؛ عن فريق كرة قدم للشباب كفيف البصر.
فيهم من فقد بصره على كبر وفيهم الكفيف منذ طفولته، لكن الجميع لم
يفقد الولع والشعور بالقدرة والرغبة فى اللعب والاحساس بالفوز
!
12 -
رفض الأصنام وظلم المستبدين
السينما بطبيعتها حرية وخيال يرفض التدخل السافر والاستبداد
والقيود
!
وبين افلام المهرجان لهذا العام الفيلم الايرانى (هذا الجزء من ذاك
الكل).
وقد عبر فى مدة لم تتجاوز 12 دقيقة عن فكرة براقة وفريدة فى جمالها
؛ تدور حول تمثال حديدى ضخم ؛ يضعونه فى ميدان لاحد الرجال
المشهورين بالقوة والقسوة والطغيان الشديد.
وحتى حين لايزال التمثال من موقعه ؛ ويصهرونه ؛ يدخل المعدن الناتج
عنه فى صناعة ادوات وتماثيل او قطع صغيرة اخرى تدخل البيوت وتنتشر
فيها
وكأن التمثال المستبد يواصل بقاءه
!!
13 -
الوفاء والامتنان
:
( الذاكرة ) هى شعار الاسماعيلية السينمائى هذا العام؛ بحسب ما
قاله عصام زكريا الناقد الصحفى ورئيس المهرجان.
وعلى ذلك ركز المهرجان على تكريم اسماء الرواد والمؤسسين مثل
الناقد الراحل على ابو شادى او الناقد الراحل الراحل سمير فريد.
وصدر كتاب خاص عن تاريخ المهرجان ونشرت كل الصور والبوسترات التى
كانت تميز سنوات عمره السابقة
وكأن المهرجان شاب فى العشرين يقلب ألبوم صور طفولته و يطالع أجمل
أيامه وأعياده بين ابناء العائلة والاصدقاء او مع والديه
!!
وهو ليس التصاقا بالماضى بقدر ما هو امتنان لجهد الذين اخلصوا فى
هذا المجال وكانوا السبب جيلا بعد جيل فى نمو وتطور النقد
السينمائى وثقافة الفيلم التسجيلى فى مصر وسطوع نجم مهرجان
الاسماعيلية الدولى ؛ على وجه الخصوص.
ومع هذا الوفاء، لم ينس المهرجان أن ينظر بعيون واعية نحو
المستقبل؛ واضاف مسابقة هى الاولى من نوعها ؛ تتنافس فيها افلام
الطلبة ؛ بأفكار وصور واحلام ولغة جديدة؛ وتقدم الواقع كما يراه
الشباب الذى يمثل الجامعات والمعاهد العليا .. حكومية او خاصة
.
14 -
مختلف جنسيات العالم تلتقى
-
أفلام الرسوم المتحركة لها حضور لافت ومتميز
-
قصر ثقافة الاسماعيلية يقدم بالتوازى مع المهرجان معرضا للكتاب ؛
يتيح افضل العناوين بأسعار زهيدة.
15-
الشباب القادم من الصعيد والاقاليم والقرى البعيدة
يقابل نجوما وفنانين وصحفيين ومشاهير ؛ وعن قرب يستطيع ان يتحدث
اليهم ويسألهم ويسمعهم .. وكان لايراهم من قبل الا خلف شاشة
التليفزيون
!
16 -
التعاطف والإنسانية
(
الفيلم المغربى حبوب منع الحلم يحكى عن شاب فى حى شعبى وكل امله ان
يستطيع شراء نظارة لأمه كى تعالج ضعف بصرها وتستطيع ان ترى الحصى
وتميزه وتنتشله من طعامها
) !
17-
محاربة الفساد بالسخرية
(
الفيلم الاسبانى الذى يتساءل: ماذا لو تطورت الامور واصبح عدد
اللصوص فى المدينة اكثر من عدد الاماكن القابلة للسرقة ؟ !!!!!
مدته 10 دقائق واسمه السرقة
)
18 -
قيمة العمل
(فيلم
مصرى قصير عن عارض افلام فى السبعين من عمره: عمل عمرا طويلا فى
سينما ريو اقدم سينمات بورسعيد؛ وحتى بعدما ظهرت السينما الرقمية
الحديثة وصار مكان عمله قديما ومهملا .. لايزال هو يحافظ على نظام
العمل ويستمر روتين يومه كما هو حتى اخر لحظة- الفيلم اسمه اخر من
يغادر ريو - اخراج اسامة عياد).
19 -قيمة
القدر و الحظ
:
(
فيلم خيط وابرة ، اشترك فى تمثيله طلبة اكاديمية الشروق؛ وفى 4
دقائق نجح ان يقنعنا أن الحظ والقدر اكبر من تخطيط الانسان او
توقعاته.. الفيلم بسيط وحكايته تكاد تكون معتادة عن القسمة
والنصيب: لكنه محاولة فنية جميلة الالوان والصورة ؛ من اخراج
ياسمين عادل
)
20 -
قيمة التفاؤل والتخطيط
ان كنت طموحا ومتفائلا ومن عشاق السينما
فأغلب الظن الان؛ انك تفكر وتسأل ؛ كيف تكون معنا العام القادم فى
الاسماعيلية (؟؟؟) راجع كل ما سبق.. ستجد سببا يناسبك كى تكون من
صناع البهجة والامل أو كى تطلق خيالك وتجعلنا نرى معك وجها اخر
لصورة الحياة احلم ونفذ .. وسوف نكون فى انتظارك المرة القادمة. |