أنجيلينا جولي:
كتبت فيلم
By the Sea
لتفسير الحزن والخسارة
ظهرت أنجيلينا جولي أمام الصحافيين في الطابق الأخير من فندق فخم
في لندن كانت قد أقامت فيه مع زوجها والأولاد طوال شهرين. ثم حضرت
لإجراء المقابلة وكانت مبتسمة وبسيطة. من المعروف أن البساطة هي
أكثر ما يميزها. نجحت هذه المرأة في بلوغ أعلى درجات ضبط النفس وهي
تبدو طبيعية إلى أقصى حد. خلال المقابلة، حافظت على وضعية مستقيمة
وراحت تحرك يديها الناعمتين ببطء وهدوء وتهذيب. عاشت أنجيلينا جولي
مراهقة مضطربة مثل الكثيرين. يرتبط جمالها بشكل أساسي بخليط من
القوة والصرامة. لهذه الممثلة مشاغل كثيرة، فهي مشهورة جداً ولديها
عدد غير مألوف من الأولاد لكنها تجيد تنظيم جدولها بدقة. مجلة
«إيل» الفرنسية تحدثت إلى النجمة.
بدا وجه أنجيلينا جولي صافياً وسريالياً. لكنها تخفي حزناً عميقاً
وفي داخلها طفلة تريد من المحيطين بها أن يأخذوها على محمل الجد.
صادقة ولطيفة ومبدعة وقد واجهت جزءاً كبيراً من مشاكلها بشجاعة
هائلة. لا تشتق قوتها من شهرتها أو مالها أو جمالها فحسب بل من
فنها أيضاً.
وراء هذه الهالة كلها، لا مفر من التساؤل عن نوع الحياة التي يمكن
بناؤها في مكان مماثل وكيفية الوثوق بالآخرين والاستسلام للظروف
(يبدو أن الزواج من نجم آخر هو الحل في حالتها!). تتراوح المقاربة
التي تطبقها بين الظهور والاختفاء وبين العزلة التامة والإطلالات
المدروسة. مع أنجيلينا جولي بيت، نشعر أننا أمام نجمة لامعة وغامضة
مع أنها تبقى تحت الأضواء.
تقول جولي إنها كتبت فيلم
By the Sea
لتفسير معنى الحزن والخسارة: {تساءلتُ في أعماق روحي: كيف تتحملين
العيش بلا أمك؟ كيف تتعاملين مع الرعب الذي يصيبك من فكرة حصول
مكروه لأولادك؟ وبعد الاحتكاك باللاجئين، هل يمكنك العيش مع هذا
الكم من الألم؟}.
أنجيلينا جولي سفيرة المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون
اللاجئين. توفيت والدتها بعد معاناة مع السرطان في عام 2007. كانت
طفولتها صعبة بسبب طلاق والديها ثم ابتعادها عن والدها الممثل جون
فويت. أساء الأخير الكلام عن ابنته فردت عليه بكل هدوء: {العائلة
لا ترتبط بِصلة الدم}. تبنّت ثلاثة من أولادها الستة وتُعتبر ابنة
هوليوود، فقد شاركت في مجموعة كبيرة من الأفلام ولطالما تمتعت
بصفات النجمة. تجمع صورتها العامة بين إليزابيث تايلور في شبابها
وجينا رولاندزر. لكنها ليست راضية على مسيرتها التمثيلية: {خسرتُ
بعض الأمور في أفلام معينة ولم أعد أجد متعة التجارب واستكشاف
الشخصيات التي يعيشها الطلاب اليوم في كليات التمثيل. كنت أتمنى
طبعاً أن تنجح الأفلام التي شاركتُ فيها لكني لم أرتبط بها شخصياً.
وحين أهتم بالعمل الذي أختاره، لا أركز على الشكل. كل ما أريده هو
التمثيل بِحُرية ولم يقدم لي أحد هذه الميزة، حتى في الأفلام
الصغيرة. لهذا السبب، قررت إطلاق هذا الفيلم. ستكون لي الكلمة
الأخيرة فيه ولن يكلفني المشروع كثيراً: باختصار، سأكون حرة}!
ثنائي مضطرب
يروي الفيلم قصة ثنائي مضطرب: {رولاند} و}فانيسا} (براد
وأنجيلينا). إنه فيلم فخم وله طابع فرنكوفوني. تكون بطلة القصة
راقصة سابقة وهي لا تقوم بأي شيء. تحب أنجيلينا هذا الجانب من
القصة تحديداً: {ما الذي نفعله حقاً حين لا نفعل شيئاً؟ إنه واحد
من أعمق الأسئلة في حياتي وأعتبر الفيلم قوياً لأن هذا الثنائي
الجميل واليائس يجسد كل شخص منا}.
أُلغي التصوير في لندن {لأسباب تقنية} لكن اعترفت أنجيلينا بأنها
رفضت شخصياً عرض العمل أمام مجموعة من الصحافيين لأنها صورت مشاهد
استفزازية ولا يمكن أن يفهمها أصحاب النوايا السيئة. هي محقة لأن
النقاد لن يحبوا هذا الفيلم الحسي. ثمة متعة دوماً في مشاهدة
الثنائي العبقري أنجيلينا وبراد وهي تدرك ذلك. يتمحور الفيلم أيضاً
حول مراقبة حياة الآخرين: يندهش الثنائي الأربعيني بثنائي شاب يقضي
شهر العسل في المكان نفسه. هما يسترقان النظر عليهما عبر ثقب بين
الغرفتين.
تعكس جولي في فيلمها مشاعر الاضطراب والحسد والنفور والحزن
والفراغ. تجيد الاستهزاء بالشخصية التي تجسدها ويتضح ذلك في مظهرها
في بعض المشاهد التي تحمل طابعاً كوميدياً. يبرع براد بيت من جهته
في أداء دور الكاتب: يبدو متقدماً في السن وله شارب، وغالباً ما
يكون ثملاً ودائم الانشغال ويجد صعوبة في التعبير عن حبه لزوجته.
تبدو المقاطع التي يتكلم فيها براد بيت باللغة الفرنسية مضحكة
فعلاً.
تقول جولي عن التمثيل مع بيت: {في هذا الفيلم، احتجنا نحن الاثنان
إلى ابتكار شخصيات مزدوجة. كان يجب أن نختلق علاقة جديدة. اعتدنا
أنا وبراد على علاقتنا كممثلَين لكن يختلف الوضع في هذا النوع من
الأفلام الدرامية الثقيلة. في علاقتنا الزوجية، لم يشاهدني براد
يوماً بعد وقوع خلاف بيننا لأنني أتظاهر بالقوة دوماً وأنهار وأبكي
حين يغادر الغرفة. لكنه رأى هذا المشهد في الفيلم. أما أنا، فقد
شاهدتُه في لحظاته الخاصة وصوّرتُه واكتشفتُ تعابيره وقد لاحظتُ
مدى اهتمامه بالشخصية التي يجسدها. كانت أصعب المشاهد تشمل
الخلافات لأن براد معتاد على الاعتناء بي حين يراني أبكي. لكن في
هذا الفيلم يجب أن يبقى غاضباً. كان الوضع غريباً ومثيراً
للاهتمام!}. يمكن اعتبار الفيلم صورة معاكسة لعلاقتهما الحقيقية
وكأن جولي أرادت أن تكتشف مسار حبهما لو أنهما لم ينجبا الأولاد
ولم يكونا ناجحين.
ضغط قوي
بدا وجهها مشرقاً حين كانت تتحدث عن شهرَي التصوير: {كان الضغط
قوياً مع أن الوقت كان حليفنا. أحب أن أرى الناس سعداء ولا أريد أن
يعمل الفريق لأربع عشرة ساعة في اليوم. بما أنني امرأة وأم، أحب
بطبيعتي أن أنشئ جواً هادئاً ودافئاً. حضر الأولاد أيضاً إلى موقع
التصوير وقد استمتعنا معهم كثيراً. كنا نعمل طوال اليوم لتجسيد
شخصيات لا تساند بعضها، لكننا كنا نعود إلى المنزل ونتبادل القصص
في موعد النوم. لولا الأولاد، كنا لنغرق في جوانب مظلمة...}.
سبق وخاضت نساء تجربة الإخراج، لكن لا أحد يشبه جولي. هي تؤدي
دورها بطريقة مختلفة ومبالغ فيها: {كان يجب أن يكون الفيلم قريباً
مني كي لا أبتكر شيئاً من فراغ، لكن تبقى الشخصية التي أجسدها
مختلفة جداً عني. بقي السيناريو على مكتبي لثلاث سنوات. أعتبر
الكتابة أقوى تجربة أخوضها. يرتكز المخرجون على السيناريو بينما
يبدأ الكتّاب من الصفر. كتبتُ هذا السيناريو في البداية من باب
التسلية كي أرى مسار تطور الشخصيات. أحب الكتابة في المساء على
المكتب في غرفتنا، بعد نوم الأولاد. دقيقة بطبيعتي وقد قصدتُ كل
جملة كتبتُها. أردنا أنا وبراد منذ فترة طويلة أن نمثّل في عمل
مشترك مجدداً ونتحرر في التمثيل}.
اختارت جولي أن تدور حوادث الفيلم في فترة السبعينيات كي لا تحمل
الشخصيات أي هواتف خلوية، ما يعني أنها مضطرة إلى التواصل مباشرةً
أو التزام الصمت: {يعرف جيلنا كيف كان الوضع في السابق. فقدنا
اليوم القدرة على الصمت وعزل الذات. في فيلمي، تبكي {فانيسا} حين
تكون وحدها، لكنها لا تكتفي بذلك. تبدو مشاهدها وهي تتنزه وحدها من
أجمل اللقطات في الفيلم. اخترتُ زمن السبعينيات أيضاً لأنه زمن
التحرر والتجارب. أردتُ أن أصنع فيلماً للراشدين بإيقاع بطيء. إنه
الفيلم الوحيد الذي شاركتُ فيه ولا يتمحور حول الحرب [تضحك]، إلا
إذا كان الزواج شكلاً من الحرب... تعلمتُ الكثير عن نفسي من خلال
إخراج الفيلم ومشاهدته. هذه هي ميزة الفن. تمكنتُ من تحليل
المواضيع على مستويات مختلفة. إنه نوع نقي من التواصل ولم أكن
أجيده كممثلة. قال لي أحدهم إن المرأة تبدو منغلقة في الفيلمين
اللذين أخرجتهما. في فيلم
Unbroken،
تكون البطلة مسجونة في معسكر. وفي هذا الفيلم هي مسجونة في غرفة
وداخل علاقة زوجية. لا أفهم نفسي أحياناً لكني أتكلم حتماً عن قلة
الحرية}.
مع أنجيلينا جولي بيت، كسبنا مخرجة ورؤية مختلفة. إنه نبأ سار جداً!
5
أفلام رسوم متحركة تتنافس على الأوسكار نقاش حول الرؤية والأصوات
كتب الخبر: ربيكا
كيغان
اجتمع خمسة مخرجين حديثاً حول طاولة مستديرة خاصة بأفلام الرسوم
المتحركة. في حديث مع صحيفة {لوس أنجلس تايمز}، وتطرق بيت دوكتر
({Inside Out})
ودوك جونسون
({Anomalisa})
وستيف
مارتينو
({The Peanuts Movie})
وبيتر سون
({The Good Dinosaur})
وريتشارد
ستارزاك
({Shaun the Sheep Movie})
إلى مواضيع مثل تسويق الأفكار، وترك المؤثرات البصرية تسرد القصة،
وطريقة العمل مع الممثلين الذين يعطون أصواتهم للشخصيات.
في ما يلي مقتطفات من الحديث:
·
دوك، لجأت إلى موقع {كيك ستارتر} واضطررت إلى إقناع المعجبين
والجمهور بأن فكرتك تستحق التنفيذ. كيف كانت تلك التجربة؟
•
دوك جونسون: كان فيلم
Anomalisa
في الأصل مسرحية عُرضت خلال ليلتين في عام 2005 في {قاعة رويس} (في
جامعة كاليفورنيا – لوس أنجلس). حمل العرض حينها اسم {مسرح الأذن
الجديدة} وكان أشبه بمسرحية إذاعية، فاكتفى الممثلون بالجلوس على
المسرح وقراءة السيناريوهات تزامناً مع تشغيل مؤثرات صوتية.
تواصلنا مع تشارلي (كوفمان) وسألناه: {هل يمكننا تنفيذ المشروع؟}.
فأجاب: {إذا تمكنت من جمع المال، يمكن تنفيذ المشروع}. لذا اتجهنا
إلى بعض شركات الإنتاج. وجدنا من يهتم بمشروعنا لكن أراد بعض
المسؤولين أن يطوروه أو يقسّموه إلى ثلاثة أجزاء. لكننا لم نرغب في
تغييره. أردنا أن نحافظ على النسخة الأصلية من العمل. لذا جرّبنا
موقع {كيك ستارتر} وجمعنا 406 آلاف دولار، وهو مبلغ غير كافٍ
لإنتاج فيلم رسوم متحركة باستعمال تقنية إيقاف الحركة. لكن كانت
هذه المبادرة كفيلة بإطلاق عملية الإنتاج. صحيح أن الوضع كان صعباً
لأننا لم نجمع المال الكافي أو نحصل على دعمٍ من شركة إنتاج، لكننا
احتفظنا بحرّيتنا وتمكّنا من تجسيد رؤيتنا الإبداعية بالشكل الذي
نريده.
·
ستيف، واجهتَ تحدياً مختلفاً جداً واضطررت إلى إقناع عائلة شولتز
بأنك الشخص المناسب لتحريك هذه الشخصيات.
•
ستيف مارتينو: كلّمني كريغ شولتز (ابن تشارلز) عن فكرة فيلم طويل
كان يعمل عليه مع ابنه براين الذي كان كاتب سيناريو. شعر بأن الوقت
أصبح مناسباً لتنفيذ مشروع مماثل. يريد أن يحافظ على إرث والده
وينشره بين الجيل الجديد وأظن أنه شاهد جزءاً من الأعمال التي قمنا
بها. عملتُ في فيلم
Horton Hears a Who!
المقتبس من أعمال الدكتور سيوس. شعر بأننا كرّمنا ذلك الكتاب
المدهش وأعدنا إحياءه على الشاشة بطريقة أمينة للعمل الأصلي.
انطلقت محادثتنا من هذه النقطة. لحسن الحظ، أبدى رغبته في العمل
معنا وقد أراد أن يعمل معي تحديداً. غادرتُ ذلك الاجتماع وأنا أشعر
بالحماسة. وصلتُ إلى المنزل وأخبرتُ أفراد عائلتي وأصدقائي الذين
كانوا من المعجبين بأعمالي. فتحمّسوا فوراً وطلبوا مني ألا أفسد
هذه الفرصة.
·
ريتشارد، كان فيلم
Shaun the Sheep
مسلسلاً قبل أن تقترح تحويله إلى فيلم طويل. كيف عرفت أنه يشمل قصة
كافية لتحويله إلى فيلم؟
•
ريتشارد ستارزاك: عرفتُ ذلك منذ مرحلة مبكرة جداً لأنني طورتُ
المسلسل بنفسي. تدخلتُ وحاولتُ أن أعزز نجاح قصة
Shaun the Sheep.
كان المشروع قيد التطوير لكنه لم يكن معدّاً للنجاح لأنهم صوروا
شخصية {شون} كبطل لديه حبيبة ويستطيع استعمال بطاقات {كاش بوينت}
والذهاب إلى السينما مع حبيبته التي كانت نعجة زهرية اللون. لم يكن
هذا الجو منطقياً بنظري لأن هذه القصة لا تحتمل الإطالة. لذا
اكتفيتُ بفكرة أن يكون خروفاً وأن يعمل ويأكل العشب. أظن أنه يشبه
الرسوم المتحركة التي كان ينفذها تيكس أفيري حيث يتجول خروف وذئب
في الحقول ويعملان معاً. تفاجأتُ حين لاحظتُ أن هذه الرؤية مناسبة
أكثر من سابقتها، لذا تبنّينا هذا المسار. قررتُ أيضاً ألا أستعمل
أي حوار لأنني كنت معجباً بالكوميديا الصامتة وفكرتُ، بكل أنانية،
أنها فرصتي للقيام بمشروع أحبه. اعتبرتُ أن هذا العمل سيكون أفضل
من الناحية الاقتصادية ويمكن أن نزيد التركيز على القصة بدل كتابة
الحوار. لكن كان سرد القصة بطريقة سينمائية من دون حوار أصعب مما
ظننتُ.
·
بيتر، لا يستعمل فيلمك أيضاً حوارات كثيرة. لماذا اتخذتم هذا
القرار؟
•
بيتر سون: يعرض جزء من هذا الفيلم قصة صمود وكيفية إطلاق ديناصور
في البرية. تمر لحظات كثيرة يضطر فيها إلى تحديد ما يجب فعله بنفسه
ولا حاجة إلى حوارات كثيرة لفهم هذا المغزى. كان العمل الأصلي
يتناول العلاقة بين صبي وكلب، لكن انقلبت الأدوار هنا وأصبح
الديناصور بدل {الصبي} التقليدي، والصبي البشري الصغير بدل
{الكلب}. ثم التزمنا بهذه الأدوار التي تفرض أن يجيد الديناصور لغة
معينة بينما لا يستعمل الحيوان الصغير، أو الصبي البشري، أي لغة.
في هذا النوع من العلاقات، يمكن أن يقع سوء تفاهم متكرر. يبقى
الحوار موجوداً في فيلمنا، لكننا نتكل في بعض اللحظات على ذلك
النوع من الكوميديا الصامتة التي نحبها جميعاً.
•
بيت دوكتر: أظن أن هذه النزعة بدأت على الأرجح مع فيلم
Wall-E
الذي لم يشمل بدوره حواراً طويلاً. بدأنا نركز على مسار القصص
ونتساءل: هل سنتمكن من فهم الحوادث رغم غياب الحوار؟ في فيلم
Up،
قمنا بمونتاج صغير في البداية وحذفنا الحوار بوتيرة تدريجية
واكتشفنا أن هذه المقاربة أفضل من غيرها. لذا أظن أن هذه الأفلام
تصبح منطقية من الناحية البصرية لدرجة أن نتمكّن من فهمها رغم غياب
الحوار.
·
لنتحدث عن اختيار الممثلين الذين يعطون أصواتهم للشخصيات. بيت، هل
اخترت الشخصيات قبل الأصوات؟
•
دوكتر: نعم. كان هذا العامل أساسياً بالنسبة إلي. إنه مفهوم مثير
للاهتمام لأنه يسمح لنا بالتلاعب بهذه الشخصيات المبهمة وأشعر بأن
الرسوم المتحركة تتقن هذه العملية. أعتبر لويس بلاك مثلاً خير مثال
على المتعة التي نعيشها عند اختيار الممثلين، لذا فكرتُ باختياره
منذ البداية. لكن يمكن اختيار ممثلين آخرين بعد بناء الشخصيات
بفترة طويلة وهذا ما حصل مع إيمي بولر. في بعض المشاهد، بدأنا
العمل قبل أن نفهم أخيراً حقيقة الشخصية النهائية، لكنها ساعدتنا
كثيراً. نحن نسجل قبل تحريك الرسوم. لذا من الطبيعي أن نجلب الممثل
وننظر إلى السيناريو وقد نضطر إلى تغيير الحوار كله لأن هذا الممثل
يستعمل كلمات مختلفة ويتحدث بإيقاع معين. لذا أضطر في النهاية إلى
إعادة صياغة الكلام كله تقريباً بعد سماع الممثلين. يصبحون جزءاً
أساسياً من تلك الشخصيات لدرجة أن مصممي الرسوم المتحركة يصغون
إليهم حين يبتكرون التعابير والأداء التمثيلي.
·
دوك، كيف كان مسار فيلمك؟
•
جونسون: كنا نحتاج إلى ثلاثة أصوات واخترنا الممثلين ديفيد ثويليس
وجينفر جايسون لاي وتوم نونان. إنهم الممثلون الأصليون الذين أدوا
الأدوار نفسها على المسرح في عام 2005. كتب تشارلي السيناريو
للمسرحية ثم شارك في التدريبات مع أولئك الممثلين طوال أسبوع وعدّل
السيناريو بحسب إيقاعهم وإضافاتهم. حين جاؤوا للمشاركة في الفيلم،
بدأنا بتسجيل أصوات الممثلين قبل تصميم الشخصيات وقبل التناقش حول
المظهر أو التطوير الإبداعي. وقد حرصنا على تسجيل الأصوات بحضورهم
جميعاً في الوقت نفسه وكأنهم يمثلون معاً على المسرح. كان الجو
ودياً جداً. لكننا أردنا أن يتفاعلوا في ما بينهم ويقاطعوا بعضهم
لأنه عامل مهم جداً بالنسبة إلينا. لذا سجلنا الفيلم أولاً وانعكس
الأثر العاطفي الذي تركه فينا على مسار العمل في المرحلة اللاحقة.
اشتقّت العناصر الجمالية والتصاميم من تلك التجربة.
·
ستيف، لنتحدث عن اختيار هؤلاء الأولاد كلهم. من المعروف أن أصوات
الأولاد تتغير حتى لو لم يمروا بمرحلة البلوغ بعد. كيف تعاملتَ مع
هذه المشكلة؟
•
مارتينو: غالباً ما نستعمل المقاربة نفسها عند تطوير القصة: يسجل
أشخاص أصواتهم في الاستوديو فيما نعمل على تطوير مسار القصة. لكني
جرّبتُ هذه الطريقة في إحدى المرات ولم أشعر بأنها صائبة: من
الغريب أن نسمع صوت شخص راشد بدور {تشارلي براون} أو {لينوس}
مثلاً. لذا بدأنا نختار المشاركين في مرحلة أبكر من أي أفلام أخرى.
بالنسبة إلي، تعبّر الحلقات الخاصة بعيد الميلاد والهالووين عن
الشخصيات الأصلية. طُبِعت تلك الأصوات في عقلي ورحتُ أفكر: {إذا
ابتكرتُ فيلماً ولم يكن الصوت مشابهاً للصوت المحفور في ذاكرتي،
سأقول مثل جميع المعجبين: هذا ليس {تشارلي براون}! هذا ليس
{لينوس}!}. لذا كان التحدي يتعلق بإيجاد نوعية الصوت المناسبة وكان
يجب أن يبدو الأولاد صادقين لأن أفضل المشاهد والعروض التمثيلية
تحصل في اللقطات التي تخلو من الأصوات. كنت أشعر بقلق شديد من ألا
أجد {لينوس} الذي أبحث عنه لأن {لينوس} الأصلي كان يتكلم مع لثغة
جميلة. تصورتُ نفسي وأنا في استوديو التسجيل مع طفل يحاول تقليد
تلك اللثغة. سيبدو الأمر مزيفاً ولن تنجح الشخصية. لكننا وجدنا
ألكس غارفين، ذلك الولد المدهش الذي يتكلم بلثغة طبيعية. بعد إنهاء
العمل، جاء غارفين إلى استوديوهات {بلو سكاي} لمشاهدة الفيلم كله.
حين كان يتجول في أنحاء الاستوديو، راح مصممو الرسوم المتحركة
يطلبون منه التفوه بأي كلام أو قول اسم {تشارلي براون} بكل بساطة!
وكانوا يندهشون حين يسمعونه فيهتفون بذهول: {صوته يشبه صوت لينوس
فعلاً}!
·
دوك، يبدو فيلمك فريداً من نوعه مقارنةً بالأعمال الأخرى لأنه
يستهدف الراشدين على وجه التحديد ويستعمل لغتهم. ما رأيك باستعمال
الرسوم المتحركة التي يربطها الناس في هذا البلد بالأفلام
العائلية؟
•
جونسون: ما زلنا نواجه تحديات كبرى بسبب هذه الفكرة التي كانت وما
زالت تعتبر الرسوم المتحركة خاصة بالأولاد. قلنا سابقاً إن الرسوم
المتحركة وسيلة وليست نوعاً سينمائياً. يمكن أن نرسم بوسائل متنوعة
ويمكن أن نسرد القصص بأساليب مختلفة. ما الذي تقدمه هذه الوسيلة
للقصة وكيف يتماشى الشكل مع المضمون؟ شعرنا بأن هذه الوسيلة تضيف
عمقاً روحياً وجواً حالماً إلى هذه القصة، وقد سمحت لنا أيضاً
بتحليل التجربة الإنسانية والتفاعل البشري بطريقة فريدة من نوعها.
عند مشاهدة الرسوم المتحركة، يدرك المشاهد، بشكل واعٍ أو لاواعٍ،
أنّ كل شيء يُبنى على الاختيار. تعكس كل حركة أو ميزة قراراً اتخذه
شخص معين. تسمح هذه الطريقة بالتركيز على القصة بأسلوب مختلف وهي
تشدد على أهمية التفاصيل التي يمكن أن تكون باهتة في أفلام الرسوم
المتحركة.
·
ريتشارد، ما هي المصاعب التي واجهتها مع تقنية إيقاف الحركة؟
•
ستارزاك: نضطر دوماً إلى حلّ مشاكل كثيرة لكن قد تكون هذه المهمة
شائكة. في مشهدٍ يدور في مطعم، أردتُ أن أعرض مظاهر الحياة خارج
النوافذ، فطلبتُ أن يمر بعض السيارات والناس. يجب أن يبدو الموقع
أشبه بمدينة فعلية. فقال مدير الإنتاج: {نفدت الدمى والسيارات
لأننا استعملناها كلها}. انهمك الجميع في موقع التصوير لذا حاولتُ
إيجاد حل كي يبدو الموقع الخارجي مزدحماً. ثم قام أحد مصممي الرسوم
المتحركة، وهو راكب دراجة نارية، برمي خوذته من النافذة وقال:
{تبدو شبيهة بسيارة {هوندا سيفيك}!}. فقررنا تصوير المشهد بعد جلب
خوذات مماثلة وجعلنا الخوذات تمر في الخارج. لا تبدو اللقطة ضخمة
لكن لا مفر من أن نضحك حين ننهي المشهد وننجو بفعلتنا! |