١٥
فيلما يجب مشاهدتها في أيام قرطاج السينمائية
أحمد شوقي
عادة ما أقوم بإعداد القوائم من هذا النوع لتضم عشرة أفلام، لكن
البرنامج الضخم والحافل بالاختيارات لأيام قرطاج السينمائية جعل
التوقف عند الرقم عشرة أمرا مستحيلاً. خمسة عشر كان من الممكن أن
تصير عشرين أو حتى أكثر، لكنها تظل قائمتي التي أرشحها لجمهور شغوف
بالسينما، لا يترك مخرجًا يرحل دون خبرة عرض لا يُنسى في قرطاج.
*ملحوظة
المحرر: قائمة الأفلام قد تستغرق بعض الوقت حتى تظهر.
صبا
Youth
(إيطاليا)
بعد النجاح الهائل الذي ناله فيلمه السابق "الجمال العظيم" قبل
عامين، يعود الإيطالي باولو سورنتينو في إطار أكثر عالمية. فيلم
ناطق بالإنجليزية، بطولة النجمين مايكل كين وهارفي كيتل. المفردات
مختلفة لكن طابع سورنتينو لا يتغير، قدرته على توظيف الجماليات
البصرية بصورة ساخرة تفرغها من معناها أو تتلاعب به، فتغدو الأماكن
الأنيقة، الملابس الفاخرة، والموسيقى الكلاسيكية، كلها تنويعات
عبثية لأمور أبعد ما تكون عما تعنيه هذه الأشياء في صورتها
المجردة.
2
على حلّة عيني (تونس)
ليس من السهل أن تتمكن مخرجة تصنع فيلمها الطويل الأول من رسم
شخصية درامية بهذا الذكاء، وتلك القدرة على التعبير عن نطاق واسع
من الشباب ـ والفنانين ربما ـ في دول الربيع العربي، والذين لم
يكونوا أكثر من مراهقين، تقودهم دفة الحب والصداقة والبحث عن الذات
والمستقبل، حتى دفعتهم الظروف السياسية والاجتماعية والأمنية التي
يعيشون فيها دفعاً، لأن يصيروا متورطين في صراع، ربما لم يكونوا
ليفكروا في خوضه إذا ما سارت حياتهم بشكل طبيعي.
3
مدام كوراج (الجزائر)
بأقل الإمكانيات يتمكن مرزاق علواش من الاستمرار في العمل بلا
توقف، حياته هي الانتقال من فيلم لفيلم ومن تجربة لأخرى. عندما
عُرض "مدام كوراج" للمرة الأولى في مهرجان فينيسيا الماضي، كتب
النقاد يقارنون بينه بطله عمر، الشاب الذي يعيش حياته تحت تأثير
الحبوب المخدرة، وبين بطل فيلم عرزاق الأشهر "عمر قتلتة الرجلة".
إذا كنت تعرف الفيلم القديم فستكون المشاهدة فرصة لرصد المقارنة،
ولو لم تكن قد شاهدته، فمتعة الفيلم الجديد وحدها تكفي.
4
ثمانية وعشرون ليلاً وبيت من الشعر (لبنان)
واحد من أذكى وأغرب الأفلام التسجيلية العربية خلال الأعوام
الأخيرة. المخرج والفنان البصري أكرم زعتري يقدم مزيجاً مدهشاً من
التأريخ، الصور القديمة، الحكايات الكاشفة لمنابع العنف، والصور
التلفزيونية الممزوجة بشكل مدهش بتفاصيل الفيلم. عمل كثيف على
بساطته، ممتع للسمع والبصر، يجتمع فيه نقيضا التشظي والتماسك، دون
ادعاء امتلاك رؤية أو استنتاج، فقط دفقات من المشاعر والأفكار، تبث
بلا انقطاع لساعتين إلا ربع من مشاهد قادرة على تنويمك مغناطيسيا،
بمعنى الكلمة الايجابي ﻻ السلبي.
5
قدرات غير عادية (مصر)
من بين جميع مخرجي السينما المصرية المعاصرين، يمتلك داود عبد
السيد السجل الأنصع فيما يتعلق بحسابات الجودة. هذا مخرج رضى أن
يصنع ثمانية أفلام فقط في قرابة الثلاثة عقود، في مقابل عدم
التنازل عن مستوى فني وفكري يشهد به الجميع طيلة مشواره. فيلم داود
التاسع يُعرض للمرة الثانية عالمياً بعد عرض أول قبل قرابة العام
في مهرجان دبي الماضي، ليتيح مهرجان قرطاج لنا الإطلاع على جديد
صاحب "الكيت كات" و"أرض الخوف" و"مواطن ومخبر وحرامي".
6
الزين اللي فيك (المغرب)
الفيلم العربي الأكثر إثارة للجدل واللغط خلال 2015 بلا منازع.
حكاية نبيل عيوش عن عالم الدعارة السري في المغرب، والتي ناصبها
البعض عداءً ضخماً، ولاحقتها اتهامات العمالة وتشويه الوطن
والبورنوغرافيا، لتتوالد بطبيعة الحال موجة مضادة من الدفاع عن
الفيلم في وجه دعاوى المنع، مواجة تساند عيوش بشكل مطلق بغض النظر
عن تقييم الفيلم في حد ذاته. عرض "الزين اللي فيك" في أيام قرطاج
السينمائية هو بالتأكيد أكثر قرارات الإدارة شجاعة وخطورة.
7
أيامي الذهبية
Trois souvenirs de ma jeunesse
(فرنسا)
الفرنسي المخضرم أرنو ديسبليكن يعود بفيلم من الطراز الأدبي. رواية
سينمائية من مدخل وثلاثة فصول وخاتمة، تحكي ثلاث حكايات من تاريخ
رجل يعود إلى وطنه بعد عقود، فيتذكر ما جرى له قديماً في مسار
حياته الغريب. فيلم لا ينشغل بالسؤال السطحي "ماذا يحدث؟"، بالرغم
أن ما يحدث فيه كثير ومثير، بل يهتم بأسئلة أكثر عمقاً من نوعية
"لماذا يحدث؟ وكيف يؤثر على تكوين الشخصيات وعلاقتها بالعالم؟"،
وهذا هو الفارق الجوهري بين السرد ذي الحس الروائي الأدبي بمعناه
الكلاسيكي، وبين أي شكل سردي آخر.
8
فيكتوريا
Victoria
(ألمانيا)
عندما عُرض فيلم المخرج الشاب سيباستيان شيبر في مهرجان برلين
السينمائي مطلع العام، صار حديث الساعة بين الجميع، الكل يتحدث عن
تقنية تصويره المبهرة: 140 دقيقة هي زمن الفيلم مكونة من لقطة
واحدة طويلة، لقطة واحدة حقاً دون أي تلاعب للإيحاء بالاستمرارية.
لكن الأهم من تقنية التصوير في فيلم شيبر هو تلك القدرة على
الإمساك بروح المدينة. برلين في الليل، بشوارعها ونواديها الصاخبة
وعالمها السفلي، نشاهدها في لقطة بانورامية مبهرة زمنها ساعتان
وثلث.
9
ابن شاؤول
Son of Saul
(المجر)
إذا كانت الآراء النقدية قد تباينت حول فيلم سعفة كان الذهبية
"ديبان"، فإن الإجماع كان من نصيب هذا الفيلم الذي نال جائزة لجنة
التحكيم من نفس المهرجان. المجري الشاب لازلو نيميس يقدم في عمله
الطويل الأول قصة مغدقة في الرعب والسوداوية. داخل محارق
الهولوكوست التي قتلت بحثاً، يجد لازلو الجديد عبر حكاية شاؤول
الذي يعمل في حرق جثث المتوفين، حتى يعثر على جثة صبي يؤمن أنه
ابنه الذي فقده منذ مدة. كل ما كتب عن الفيلم حول العالم يجعل
مشاهدته أمراً واجباً.
10
باب الوداع (مصر)
أبرز إتهام يوجه دائما للأفلام المصرية أنها سينما ثرثارة، تعتمد
على الحوار كعنصر أساسي سواء للتعبير عن الشخصيات أو لتحريك
الدراما. المخرج كريم حنفي في فيلمه الطويل الأول يتخلص من هذا
التراث كلياً، وينفذ فيلماً طويلاً خالياً من أي جملة حوارية. هذه
مجرد نقط جذب، أما إنجاز "باب الوداع" الحقيقي فهو خلق لغة
سينمائية خاصة، تحاول أن تحوّل الخاص جداً وهو ذكريات المخرج
وعلاقته الملتبسة بوالدته، إلى عام قادر على التماس مع من يشاهد
هذه التجربة التي نالت جائزة الإنجاز الفني في مهرجان القاهرة
السينمائي.
11
أنا مع العروسة (فلسطين)
فكرة ذكية انطلق منها فيلم خالد سليمان الناصري وزميلاه أنتونيو
أوجولياريو وجابريله دل جرانده، هي رصد معاناة اللاجئين النازحين
عبر المتوسط إلى أوروبا، عبر قيام المخرجين بارتكاب جريمة وحيلة،
هي اختلاق عرس وهمي، وتهريب خمسة لاجئين سوريين وفلسطينيين داخل
موكب سيارات العُرس الذي يصعب أن يفكر شرطي حدود في إيقافه وتفتيش
من فيه. الفيلم تم إنجازه بتمويل جماعي من قبل أكثر من 2100 شخص،
كلهم جذبتهم فكرة المغامرة السينمائية التي كان من الممكن أن تنتهي
بوضع صُنّاعها وراء القضبان.
12
جوق العميين (المغرب)
المخرج المغربي محمد مُفتكر يأخذنا في رحلة عذبة داخل ذاكرته،
ليروي سيرة ذاتية رقيقة وهادئة، ليست نوستالجية تُجمّل القبيح،
لكنها أيضا لا تقسو على الماضي ولا تحاكمه. فقط تقوم بإعادة ترتيب
الأوراق، وربما تطهير العقل والقلب من بعض الشوائب، شوائب عن الأب
ودوره، عن الدولة ومسؤوليتها، عن الثقافة الوطنية في مواجهة
التغريب، وعن محدودية القدرة في مواجهة أفق الطموح. فيلم نموذجي
لكيفية تحول السينما إلى أداة تصالحية مع الذاكرة.
13
ديبان
Dheepan
(فرنسا)
حصول الفيلم على سعفة كان الذهبية، أرفع الجوائز السينمائية
العالمية، لهذا العام هو بالقطع سبب كاف للاهتمام بمشاهدته. أضف
إلى ذلك كون مخرجه هو جاك أوديار، أحمد أبرز الأسماء في السينما
الفرنسية المعاصرة، والذي يواصل خوض مساحات شائكة من علاقة الإنسان
مع نفسه قبل العالم. المعنى النفسي للانتماء إلى أسرة، وتبعات
الماضي الدموي ومحاولات التخلص منه، ضلعان رئيسيان في حكاية أوديار
عن محارب نمور التامول الذي يلفق لنفسه أسرة لا يعرف أفرادها كي
يتمكن من الهرب إلى فرنسا.
14
البئر (الجزائر)
أحد المفاجآت السارة التي شهدها مهرجان الإسكندرية السينمائي قبل
شهرين. الأفلام النضالية بشكل عام صارت تدور في قوالب محفوظة
محفوفة بالملل، وينخفض سقف التوقعات أكثر عندما يكون العمل من
تمويل حكومة ما. لكن المخرج لطفي بوشوشي يخالف هذه التوقعات في
فيلمه، بتقديم حكاية محكمة ومؤثرة، دون معارك ضخمة ولا بطل قومي
بأخلاق الأنبياء، فقط قرية جبلية يجد أهلها أنفسهم يساقون للموت
عطشاً، بسبب خطأ أحمق من احتلال غبي لا يجيد تقييم الأمور
وتبعاتها.
15
بيتنا
Oka
(مالي)
من بين جميع أفلام أفريقيا السمراء المعروضة في أيام قرطاج
السينمائية، سليمان سيسيه هو الإسم الأهم والأشهر عالمياً. المالي
ذو الخمسة وسبعين عاماً، والذي كان أول أفريقي ينال جائزة رسمية في
مهرجان كان عندما فيلمه "ضوء" جائزة لجنة تحكيم 1987، يعود بعد ست
سنوات من التوقف بفيلم جديد عُرض في كان أيضا ضمن العروض الخاصة. "أوكا"
حكاية تحوّل مجتمع من السلام إلى الحرب، وحكاية تاريخ وذكريات
ومشكلات أسرية، سنراها بعين خبيرة لأحد كبار مخرجي القارة. |