ملفات خاصة

 
 
 

وادي شحرور تتذكر الصغيرة التي كانت "تعربش" على الشجرة لتغني

المصدر: "النهار" - رين بوموسى

عن رحيل الشحرورة

صباح

   
 
 
 
 
 
 

على وقع أغاني وأعمال الشحرورة الخالدة في ذاكرة اللبنانيين، توجّهنا إلى بلدة وادي شحرور وتحديداً إلى حارة الفغالية حيث ولدت جانيت الفغالي عام 1927.

سماء تلك الحارة بكت هذا الصباح، أسطورة غابت عن هذه الدنيا بعد أن عاشت الحياة بحلوها ومرّها. في تلك الحارة، كان الجميع داخل المنازل بسبب الأمطار الغزيرة أو في أعمالهم، ورغم ذلك لم يرضَ أبناء تلك المنطقة إلا أن يكونوا أوفياء لـ"ابنة الفغالي" بكلمات بسيطة تفيها حقّها كونها "أسطورة لا تتكرّر".

التقينا السيدة رنيه وهي تمشي تحت المطر متوجهة إلى منزلها، بإصبعها أشارت الينا إلى منزل صباح ، "ما كان هيك، في ناس اشتروه ورمّموه فهو لم يبقَ على حاله".

رنيه متزوجة من آل الفغالي وهي تؤكد ما ردّده أبناء البلد "صباح ما في مثلها". أما جومانة فغالي فحبها لشحرورة الوادي ترجمته بكلمات مليئة بالذكريات الجميلة عندما أتت صباحاً إلى الوادي في التسعينات "ما بيجي مثلها لا بصوتها ولا بجمالها ولا حتى بأخلاقها".

خلال تواجدنا في أحد المحال التجارية وسط الوادي كان هناك شخصان يتكلمان عن وفاة الشحرورة ويخطّطان لإعادة إحياء "ساحة الشحرورة صباح" التي شيّدت تكريماً لها، تلك الساحة الواقعة في قلب الحي الذي وُلدت وتربت فيه صباح سيصار إلى ترميمها، يقول فادي أحد المتحاورين "اللي عملتو صباح بوادي شحرور ما حدا عملو"، مشيراً إلى أن صباح ساعدت المنطقة كثيراً وكانت في كل فترة تزور "ضيعتها" وتطمئن الى الأصدقاء والأقرباء، ويضيف بأسى وحزن شديدين "كانت تضلها عنا بالحارة... في بيناتنا خبز وملح".

يقول منير: "هي دأبت على إقامة الحفلات في الضيعة من دون أن تتقاضى أجراً".

"راجعة على ضيعتنا ...الارض يلي حبتنا"

بكثير من الحنان، تتذكر ايزابيل الثمانينية لحظات الطفولة التي جمعتها مع صباح حين كانتا تلعبان سوياً "كنا نلعب بالشرايط"... تعود بالذاكرة الى العام 1939، الى الحرب العالمية الثانية، حين تركتا البلدة نازحتين كلّ منهما مع عائلتها والتقتا في بيروت ولعبتا سوياً.

وتخبرنا عن مارون رفيق صباح الذي كان "يبخّرها" خلال الحفلات، وترينا احدى الصور المتصلة وهي تنقل خبراً مؤسفاً عن وفاة مارون الشهر الفائت.

أما تقلا فغالي، فتقول "كانت صباح تبقى عندي، كانت لديّ ابنة مريضة دأبت صباح على عيادتها، كانت تطلب مني حضور مسرحيّاتها رغم مرض ابنتي لإيمانها أن السعادة والفرح يقوّيان الانسان".

تسترجع روح التواضع عند الشحرورة، حين كانت تأتي للغداء والفطور وتسأل عن الجميع، مردّدة عبارة "تسلم يا حبيب قلبي".

داخل "حارة الفغالية" سكونٌ كبيرٌ، والشتاء ينهمر من دون توقف على أرض شهدت لحظات من حياة الصبوحة، وجدران سمعت صوتها، في حين أن الجميع يتذكّر تلك الصغيرة التي كانت "تعربش" على الشجرة لتؤدّي أغنية وتطرب السامعين... جانيت الفغالي "الله يرحمك"... وداعًا صباح!

 

####

 

فنانون ينعون الصبوحة ويتذكّرون تجاربهم معها

"النهار"

رحلت صباح أم لم ترحل؟ غابت عن لبنان الذي أحبّها وأحبّته أم أنها ما زالت هنا؟ خسرها الفنّ العربي أم ما زال يستفيد مما قدّمته على مدار ثلاثين عامًا؟ لا، صباح لم ترحل ولن ترحل يومًا، صباح باقية من ذاكرة اللبنانيين والعرب، صباح باقية، لأنها الأسطورة والشحرورة وابنة الوادي والجبل.

صحيح رحل جسدها لكنها باقية. توفيت عن عمر 87 عامًا صباح اليوم والسماء تبكي عاصفة! انتقلت إلى السماء إلى جوار أهلها وأحبابها الذين سبقوها، عادت إلى ضيعتها التي أحبّتها لتقبّل ترابها ويحتضنها، بعدما رسمت مسيرة طويلة بصوتها وحضورها وابتسامتها وطيبتها، من لبنان إلى مصر والعالم العربي وصولًا إلى العالم. أغلقت اليوم عينيها البراقتين على أكثر من 83 فيلمًا و27 مسرحية وأكثر من 3000 أغنية.

الياس الرحباني

يتذكّرها الفنان الياس الرحباني في حديث لـ"النهار" فيقول: "تعرّفت إلى صباح في سنّ الخامسة، كنت ألعب بأوراق صحيفة، عندما قدِم منصور ونادى عاصي وأخبراني بصورة من ألهو، فتعرّفت إلى الشحرورة من خلال الصورة. وعندما كبرت كنت ألقاها في الستديوهات، كانت متواضعة وشديدة التهذيب، كنت بـ"أول طلعتي" عندما قالت لي (للوس بدي غنية ع ذوقك)، فقدّمت لها (شفتوا بالقناطر) التي أحدثت ضجّة في وقتها".

ويتابع الرحباني والغصّة في قلبه: "لقد كتبتُ كلامًا أحتفظ به لأقوله يومًا لصباح: (صوتها مزيج من صدى أجراس القرى وصدى الوديان، يحمل لون صباح مشمس فوق السهول، يسكن في البال، وفي كلّ مرّة نسمعه يعيد إلينا صورة لبنان النخيل وانسياب الأنهار وفرح الأيام الماضية وغناء الفلاحين تحت شمس دافئة. على وجهها إشراقة التفاؤل والأمل الآتي، مناضلة وحيدة، مدى سنين طويلة تخفي آلامها وراء ضحكة تبعث الفرح للآخرين، نبيلة في التعامل، الوقت بالنسبة لها مقدّس، العمل معها متعة، كريمة والكرم حياة فانية، وعندما تساعد بيدها اليمنى لا تعلم يدها اليسرى، إنها صباح). تلك كلمات تختصر حياتها الإنسانيّة إلى أبعد الحدود، إنها ملتزمة، إنها نور للبنان، والآن خفتت الشمس، لقد قدّمت الكثير للبنان وهي لا تكافئ، الله يرحمها".

معين شريف

في السياق نفسه، لا يلفظ الفنان معين شريف اسمها من دون أن يتذكّر الكبير الذي سبقها وديع الصافي، ويقول لـ"النهار": "الحياة حديقة جميلة تتساقط زهورها تباعًا، في الأمس كانت خسارتنا كبيرة لعملاق الطرب اللبناني وديع الصافي، واليوم تتجدّد خسارتنا برحيل الشحرورة صباح. بفقدانها خسرت الساحة الفنية العربيّة عمومًا واللبنانيّة خصوصًا فصلًا مهمًّا من تاريخها الفني. للراحلة بصمات حيّة ومنجزات كبيرة في تاريخ السينما والموسيقى العربيّة، يتملكني حزن كبير لرحيلها، وأبتهل إلى الله عز وجلّ ليتغمّدها بوافر رحمته ويجعل مسكنها الجنة، وأتقدّم من أسرتها وكل محبّيها بأسمى آيات العزاء، وإن كان الموت قد غيّبها جسدًا لكنها ستبقى بيننا روحًا من خلال إرثها الفني الكبير وأعمالها الغنائيّة".

ويتابع شريف : "لا أتذكّر الصبوحة من دون أن أتذكّر الكبير وديع الصافي، وتلك العلاقة الأخويّة التي كانت تجمعهما والمحبة الكبيرة التي جمعتهما، على الدولة أن تنظر وتحمي الفنانين من الزمان الذي لا يرحم".

جورج خبّاز

أيضًا يستيقظ الفنان جورج خبّاز على اتصالنا، ليعلم بوفاة الشحرورة الصبوحة التي لم تترك فنانًا ولم تدعمه، فيقول لـ"النهار" بحرقة: "صباح رمز وطني كبير وتاريخ مشرّف للبنان، بوفاتها يغيب أمل بالحياة. إنها وعلى الرغم من الصعوبات الكثيرة التي مرّت عليها، كانت دائمة الإيمان بالحياة والتجدّد. الشحرورة مدرسة وتاريخ في الفن وحبّ الحياة. لقد خسرنا رمزًا من أهم الرموز اللبنانيّة".

ويتابع خبّاز حديثه ويتذكّر كيف كانت تأتي من تلقاء نفسها ومن دون دعوة لحضور مسرحياته ويقول: "قبل أن تتدهور صحّتها، كانت تحضر سنويًا إلى المسرح لمشاهدة الأعمال التي أقدّمها. لقد حضرت حوالى خمس من مسرحياتي. عند انتهاء العرض كنا نرحّب بها، فتصعد إلى المسرح لتغني وتهنّينا على عملنا وتحيي الجمهور. لقد كانت متواضعة، فصباح التي اعتلت مسارح العالم وقفت على مسرحنا، قالت لي كلمة لن أنساها: (إلنا زمان ما عم نشوف هالنوع من المسرح)، الله يرحمها".

 

####

 

ما لا يعرفه اللبنانيون عن صباح

المصدر: "النهار" - كلودا طانيوس

عمود من أعمدة بعلبك ستظلّ، وأبداً تغنّي لبنان، هي الشحرورة صباح، التي استفاق اللبنانيون اليوم على نبأ وفاتها. وفيما تنتشر أغنياتها وصورُها تخليداً لذكراها، تغيب عن اللبنانيين أمور لا يعرفونها عنها وعن شخصيتها وأهوائها.

عاطفية ووطنية

عاطفيةٌ تماماً تجاه أهلها ومحبّيها ومعجبيها، هكذا وصفها ابن عمّها نبيل فغالي في حديثٍ لـ"النهار"، مُخبِراً أنها كانت لبنانية مئة في المئة، عاشقة لوطنها لبنان ومغرمة بأرزه. كانت صباح متفائلةً حتى في ما يتعلّق بمسألة وفاتها، بما أنها دعت اللبنانيين أن يفرحوا وألا يبكوا بسبب موتها، عبر الاستماع إلى أغانيها وإعادة إحياء أعمالها الفنية وتذكّرِها بإيجابية ووطنية.

كريمة وأحبّت البساطة

كانت صباح مرتاحة في مسيرتها، يؤكد نسيبها لـ"النهار"، وعبّرت عن كرمٍ ملحوظ في أكثر من مرّة، فأحيت العديد من الحفلات مجّاناً، وقدّمت أحياناً من أموالها الشخصية، خدمةً للقضايا الإنسانية. "كانت كريمة جدّاً، وهو ما لا يعرفه الناس عنها"، يقول فغالي، مؤكّداً أنها كانت "تشكر الجميع وتعامل الناس بلُطفٍ مستمرّ".

كذلك، أحبّت "الصّبوحة" البساطة جدّاً، إذ فضّلت كل ما هو قروي بدل الأمور العصرية، وكانت تختار القرية على المدينة في تفضيلاتها. وانعكست بساطتها على ذوقها في الطعام، فأحبّت المنقوشة اللبنانية في الجوّ الصباحي الهادىء، وكان طبقُ المجدّرة طعامَها اللبناني المفضّل، على الرَّغم من بساطته.

قدّرت الموسيقى ورحلت بسلام

أما عن ذوقها الموسيقي، فكانت تستمع للكبيرَين محمد عبد الوهاب وأم كلثوم، "بما أنها قدّرت الموسيقى لعظمتها وتأثيرها وتعبيرها عن الإنسان". ورمزا الأغنية اللبنانية وديع الصافي وفيروز أيضاً كان لهما نصيب كبير من تفضيلِ صباح الموسيقي، فهي اعتبرَتهما "فخراً للبنان، وتمنّت أن يظلّ وطنُ الأرز متمتّعاً بهكذا مواهب يفخر بها على طول السنين"، يجيب فغالي "النهار"، مؤكداً أننا "لم نكن نتوقع في الأيام القليلة الماضية وفاتَها، لكنها رحلت بسلام، وستظلّ رمزاً لبنانياً خالداً".

 

####

 

هذه وصية صباح... وكلماتها الأخيرة

المصدر: "فايسبوك"

كانت تكفي بسمةٌ من صباح لنتأكد أنّ الأمل متاح.

الجميع عبر "فايسبوك" و"تويتر" شعر هذا الصباح بأنّه في حال وجع. من المتألمين على رحيل أسطورة لبنان، ابنة شقيقتها كلودا عقل، التي نعتها عبر "فايسبوك" وقالت: "يا احباب الصبوحة

الصبوحة اليوم راجعة على ضيعتا عالأرض اللي حبّتا وحبّتا

الصبوحة اليوم راحت عالسما عند الرب الكبير راحت عند اهلا واخوتا اللي اشتاقتلن كتير

صباح الحياة صباح الفرح صباح الابتسامة المشرقة دايما صباح الضحكة المرسومة باصعب الاوقات
بتودعكن وبتقلكن ما تبكو وما تزعلوا عليي وهيدي وصيتي الكن

قالتلي قوليلن يحطو دبكة ويرقصوا بدي ياه يوم فرح مش يوم حزن

بدي ياهن دايما فرحانين بوجودي وبرحيلي متل ما كنت دايما فرّحن

وقالتلي قلكن انه بتحبكن كتير وانو ضلوا تذكروها وحبوها دايماً

يا احباب الصبوحة

الصبوحة ما عادت موجودة معنا بجسدا في هاللحظة

الساعة 3 فجر اليوم طلعت روحا الى الخالق وهي نايمة

حتى في رحيلها كانت هنية ومتل النسمة وما زعجت حدا ولا تعبت حدا

الصبوحة رحلت بالجسد بس رح تضل موجودة بقلوبنا الى الابد

رح نشتقلك كتير كتير كتير يا حبيبتنا

يا ريت كان بايدنا نعطيكي كل لحظة من عمرنا ونخليكي معنا اكتر واكتر

بس هاي ارادة ربنا

منحبك صبوحة منحبك للأبد وما رح ننساكي ابداً ابداً

الله يرحمك يا صبوحة ويغفرلك وتكون نفسك بالسما مع الابرار والقديسين".

هذه كلمات صباح إلينا. هذه وصيتها: الفرح

 

####

 

هل نصدّق رحيل صباح؟

جورج موسى

ترى، هل ثمّة رمزية لوفاة صباح في ساعات الفجر؟ تصحو على الخبر، ولا تصدّقه أولاً. تتوقّف للحظات عند كل الشائعات التي طاولت الشحرورة في السنوات الأخيرة، وقرّبتها بخبثٍ من ساعة النهاية.

صباح رحلتْ إذاً، وفي فجر عاصف. في الآونة الاخيرة، لم يعد الكثيرون يهتمّون بالأخبار المتعلّقة بصحتّها وحتى تقصير المعنيين معها. ليس أفظع من الاعتياد على فكرة الموت الرخيص والمجّاني، فكيف الحال مع مَن كانت نموذجاً قلَّ نظيره، لمن يُحب كثيراً. لمن يعرف كيف يُحبّ الحياة كثيراً. كلا، نحن لم نعتدْ على فكرة رحيل صباح. ثمّة أشخاص، نعتقد أنهم خالدون. ثمّة وجوه يصعب أن نقرنها بفكرة الرحيل. اعتدناها قوية، حتى في ساعات الضعف. كنا نقول، أزمة مرحلية وستعود بها مشرقة كما العادة.

تتوقّف مجدداً عند الخبر. رحلتْ عن 87 عاماً. هي فقط 87 عاماً تلك السنوات التي صنعت من جانيت فغالي أسطورة؟! حياتها الغنية بالمواقف والتجارب الإنسانية، لم ينصفها كثيراً المسلسل الذي أرّخ لمحطات من سيرتها، وعُرض حتى قبل مماتها. يصعب اختصار صباح بأسطر أو بعمل فني واحد. سيرة تلك المرأة تصلح لأن تكون مجلّدات: فنّها، تقلّباتها، صوتها، رحلتها الطويلة بين القاهرة وبيروت، السينما، الأضواء، الغدر، خيانة المقرّبين والغرباء، الأم والمرأة الزواج، وحتى الصبيّة الأبديّة. وقبل كل ذلك، يأتي التصالح المخيف مع النفس، مع الماضي وكل أسراره.

طالما فضحت صباح كل الرياء الذي يحيط بنا. أسقطت قناعنا الذي نخفي خلفه ضعفاً أو سرّاً، كي لا تتزعزع صورتنا أمام الآخرين.

في كل مرّة كانت تطل على الشاشة، كانت تكشف كل شيء عن كل شيء. وكل مرة، بالمتعة نفسها والحنين نفسه... وتلك هي صباح!

"المرأة الحرّة" كما يطلقون عليها كانت تؤمن بأنَّ "مثلها مثل كل الناس" حتى ولو كانت أيقونة، فـ"أنا لستُ ملاكاً". أكثر من ذلك، مواقفها وآراؤها وزيجاتها وطلاقاتها وحتى فساتينها التي شكَّلَتْ ثروتها وثورتها، رسَمتْ لها مكانةً مختلفة، وصنعتْ منها رمزاً لإمرأة متحررّة في مجتمع ذكوري، ممنوع على نسائه التفكير حتى بالتحرّر.

لا يمكنك إلّا أن تقف مشدوداً أمام جرأة، يصعُب على الفنان – أو حتى الشخص العادي - أن "يتورَّط فيها"، كي لا يخرج من تلك الصورة النمطيّة "المثاليّة" التي يوضع فيها، أو يطمح إليها.

في مقابلاتها، كانت تقول إنَّ "قصة الحب أجمل من الحب". تشرح عذابات الطفولة. تُخبِرُك الكثير عن رُشدي أباظة التي أحبَّتْه حتى الجنون. تتوقف بحرقة عند معاناة ابنتها هويدا. تتحدّث بإسهاب عن رجالها الذين أحبّوها قليلاً وطمعوا بها كثيراً. وتذهب أبعد من ذلك، لتثير حفيظة المتزمّتين، حين تبوح بأنَّ النساء أيضاً قادرات على إقامة العلاقات، كما يفعل الرجال!

"الدلوعة" التي عاشت وسافرت وغرفت من الحياة وشغلت رجال السلطة والثروات... صباح، بحلوّها ومرّها، تعالت على كل الألسنة. حنجرتها وعطاءاتها جعلا منها فنانة لا تتكرّر. لكن عفويتها المذهلة، أمانتها لذاتها، وصدقها الصادم أحياناً... جعلت منها – بلا شك – الأسطورة.
أسطورة، ستذكرها حتماً الاجيال المقبلة، فهل تنصفها الجهات الرسمية في يوم رحيلها؟

 

النهار اللبنانية في

26.11.2014

 
 
 
 
 

سيرة حياة صباح منذ ولادتها حتى وفاتها

بيروت_ سيدتي نت

في حياة الصبوحة الكثير من المحطات التي لا يمكن اختصارها لأن في كل محطة كانت تسطر نجاحات يخلدها التاريخ، وهذه نبذة عن حياتها من صفحتها الخاصة على الفايسبوك:
ولدت جانيت جرجي فغالي المعروفة باسم صباح في العاشر من تشرين الثاني-نوفمبر عام 1927 في بلدة بدادون قرب منطقة وادي شحرور القريبة من بيروت، وهي المولودة الثالثة في أسرة جرجي فغالي بعد جولييت ولمياء. يحكى أن الأم لم تستطع أن تقاوم دموعها عندما علمت أنها ولدت بنتاً، لأن الأسرة كانت تريد صبياً، وقيل إنها امتنعت طوال يومين عن إرضاع المولودة الجديدة، و لولا حكمة عم الطفلة الشاعر الزجلي أسعد فغالي «شحرور الوادي» لما اقتنعت الأم بوجوب إرضاعها. ما لبثت أن حلّت مشكلة الأسرة بولادة شقيق صباح أنطون
.

رحيل شقيقتها أول صدمة في حياتها

والدتها كانت خفيفة الظل، مرحة، تعشق الفن، والوالد يهتم بزراعة قطعة الأرض التي يملكها في البلدة، وبسيارته الفورد العمومية التي يقودها السائق طنوس. غير أن هذا الهدوء هزه مقتل جولييت، الشقيقة الكبرى لصباح غداة إصابتها بعيار ناري وهي في العاشرة من عمرها، في إشكال وقع في بدادون، وكان سبباً لمغادرة صباح البلدة الى بيروت والإلتحاق بالمدرسة الرسمية أولا ثم بمدرسة اليسوعية، وكانت تمثل وتغني في الحفلات المدرسية وهي لم تبلغ الثانية عشرة.

ما زالت صباح تذكر عندما قصدت مع عائلتها منطقة جل الديب في ضاحية بيروت الشرقية لزيارة إحدى العائلات، قال لهم صاحب البيت: «بالقرب من منزلنا كنيسة، كل من يدخلها للمرة الأولى ويطلب أمنية معينة تتحقق». انتهزت صباح فرصة انشغال الجميع بتناول الطعام، فتسللت إلى الكنيسة بهدوء وحذر شديدين من دون أن يشعر بها أحد، وبكت وهي تصلي داعية الله أن يحقق أمنيتها الوحيدة: أن تصبح مطربة ناجحة ومعروفة.

تصف صباح تلك الحقبة قائلة: كل شيء تغير من حولي، شكل انتقالنا من القرية الى العاصمة بيروت تحوّلاً جذرياً بالنسبة إلي، فالمدارس مختلطة وكان أولاد الحي وتلامذة الصف الصبيان يلاحقونني ويعترضون طريقي أحياناً... ويتسابق الجميع لمرافقتي. كنت لا اهدأ وتتملكني حيوية دائمة، أغني أينما كنت... في المدرسة، على الطريق، في فراشي، وعندما يجبرني أهلي على الصمت أغني تحت اللحاف.

سنة أولى فن

حدث أن قررت المدرسة تقديم مسرحية «الأميرة هند»، ورشحت الراهبة المسؤولة صباح لأداء دور البطولة فيها، وكانت في الرابعة عشرة من عمرها، فراحت الراهبة تخفق لها يومياً خمس بيضات وتقول لها: «إشربي، سيفيد البيض صوتك ويجعله قوياً». صدقتها صباح وواظبت على شرب صفار البيض المخفوق، وما ضاعف من ثقتها بنفسها أن الأشخاص الذين حضروا تمارين المسرحية وشاهدوها وهي تستعدّ لأداء دور «الأميرة هند»، شجعوها، من بينهم الممثل الراحل عيسى النحاس، الذي اعتزل التمثيل بسبب تقدمه في السن وعمل بعد ذلك في تأجير الملابس للمسرحيات، أعجب بهذه الممثلة الناشئة فأحضر لها الملابس لدور الأميرة هند.

لم يتقبل والد صباح فكرة أن تقف إبنته على المسرح وتغني، إلا أنه ما لبث أن رضخ على مضض لأن المسرحية كانت تحت إشراف الراهبات، ووافقه الرأي جدها الخوري لويس وخال أمها المطران عقل وبقية أفراد العائلة .

صودف أن حضر المسرحية قيصر يونس، صهر الممثلة و المنتجة اللبنانية الأصل آسيا داغر الذائعة الصيت في مصر آنذاك، فاقترب من والدها قائلاً له: «حرام ألا تدخل ابنتك السينما».

إلى مصر

وصلت الصبية الى مصر برفقة والدها، وفي مقهى في شارع فؤاد الأول، ولد اسمها الفني «صباح»، أطلقه عليها الشاعر صالح جودت، لأن وجهها كان مشرقاً كنور الصباح، وتردد أن آسيا نشرت صورة لجانيت في مجلة «الصباح المصرية» طالبة إلى القراء اختيار إسم فني للوجه السينمائي الجديد، فكان إجماع على صباح.

أحضرت أسيا داغر كبار الملحنين للاستماع الى جانيت وإبداء رأيهم بصوتها، فكان إجماع على أن صوتها غير مكتمل المعالم، إلا أن المخرج هنري بركات وجدها صالحة للتمثيل السينمائي نظراً إلى خفة ظلها. عام 1943 ظهرت صباح في «القلب له واحد» أول فيلم لها مع أنور وجدي من إخراج بركات وغنت فيه أغنيات من ألحان رياض السنباطي وزكريا أحمد، وكان الإتفاق بأن تتقاضى 150 جنيهاً مصرياً عن الفيلم الأول، ويرتفع السعر تدريجاً.

بداية غير مشجعة

لم تبشر بداية صباح في فيلم «القلب له واحد» بنجاح كبير مستمر، كان صوتها غير ناضج وقدرتها على غناء الألحان المصرية محدودة وتكاد تكون عاجزة. لم تكن ملامحها التي ظهرت في الفيلم ملامح ممثلة جميلة أو مثيرة، كانت أشبه بملامح فتاة قروية، لا تستطيع الصمود في مدينة القاهرة. بعد فيلم «القلب له واحد» اتجهت صباح الى الأغاني الخفيفة التي تلحن بسرعة وتؤدى بسرعة ويسمعها الناس بسرعة وينسونها بسرعة، وسماها بعض النقاد في ذلك العهد «مطربة السندويش»، نجحت في هذا اللون واتخذته شعارها الفني .

مطربة السندويش

عقب الحرب العالمية الثانية تغيّرت أفكار الناس وميولهم، وبدأت مطربة «السندويش» تجنح إلى الأفول بعد النجاح والإشراق، وكادت في مرحلة أخرى أن تدخل طي النسيان لولا أنها تداركت نفسها، فغيرت لون غنائها وأطلت بالأغاني التي لحّنها لها كمال الطويل. هكذا انقلبت صباح بأغانيها من مطربة مرحة إلى مطربة حزينة، وكشفت قدرات صوتها، وبدأت منذ ذلك الحين تتحول إلى مطربة بعدما كانت أقرب الى المنولوجيست. ساعدها هذا النضوج المزدوج جسدياً وصوتياً على تقدمها كمطربة وممثلة، وأتاح لها مشاركة ناجحة في الغناء المصري، كذلك كان لها دور كبير في إدخال الأغنية اللبنانية الى القاهرة، واستطاعت عبر الأغاني الخفيفة أن تقرّب اللهجة اللبنانية الى القلوب بعد تعاونها مع رياض السنباطي وفريد الأطرش ومحمد عبد الوهاب ومحمد الموجي وبليغ حمدي.

كان صوتها يتجلى على حقيقته في الأغاني اللبنانية والمواويل الجبلية ذات الإمتدادات الصوتية حيث ينتقل صاعداً من طرفه الثقيل الى طرفه الحاد وبالعكس، ممتداً على أربعة عشر مقاماً سليماً يندر أن تتمتع بها مطربة لبنانية في هذه الأيام .

الوالد القاسي ورحيل الوالدة

ما لبثت صباح أن صارت فتاة أحلام الشباب، وارتفعت أسهمها في مصر ولبنان وتوالت بطولاتها السينمائية لتبلغ حوالى 85 فيلماً مع كبار الممثلين، من بينهم رشدي اباظة، أحمد مظهر، محمد فوزي وفريد الاطرش، ومن بين الأفلام التي شاركا في بطولتها سوياً: بلبل افندي و ازاي انساك.

عندما سافرت صباح الى القاهرة لأداء دور البطولة في فيلم «القلب له واحد»، رافقها والدها جرجي وكان شديد السيطرة عليها، يتصرف بأموالها ويوقّع العقود السينمائية عنها. وصفته صباح في إحدى اللقاءات التلفزيونية بـالقاسي، وأضافت أنه سبّب لها عقدة نفسية دفعتها إلى الزواج أكثر من مرة لتثبت لنفسها أنها امرأة مرغوبة، بعدما دأب والدها على تذكيرها بأنها ساذجة. تروي صباح أنها لم تعرف لغاية اليوم أين دفنت والدتها، إذ كانت في القاهرة عندما وقعت جريمة مروعة وذهبت الأم ضحيتها، فعادت صباح ووالدها الى بيروت عن طريق البحر، وكل ما عرفته آنذاك أنها قتلت في برمانا. القصة أن شقيق صباح شاهد والدته مع عشيقها فقتلها وهرب الى إحدى دول أميركا اللاتينية.

الزواج الأول

ما إن بلغت صباح السن القانونية (أي الثامنة عشرة)، حتى تزوجت من نجيب الشماس، الذي لم يكن أقلّ من الأب في فرض القيود عليها وحرمانها من مكاسبها، مع أنها رزقت منه بإبنها الوحيد صباح، إلا أنها لم تستطع الإستمرار في العيش معه. كان نجيب شماس في عمر والدها، قبلت به ولم تختره، عندما اختار طرابلس لإقامته لم تستطع العيش بعيداً عن العاصمة وعن القاهرة، فطلبت الطلاق لأنه منعها من السفر الى القاهرة لتصوير فيلمها «سيبوني أحب». تذكر صباح أنها ارتبطت بعلاقة صداقة مع آل فرنجية خصوصاً لميا إبنة الرئيس سليمان فرنجيه، فلجأت إليها عندما رفض نجيب شماس السماح لها برؤية إبنها (صباح) بعد انفصالهما، وساعدها الرئيس فرنجية على لقاء إبنها وكانت تقضي معه ساعات بعد طلاقها من نجيب شماس، وافقت صباح على الغناء في ملهى طانيوس في مدينة عاليه، وكانت تسعى إلى أن تكون إطلالتها بمثابة مفاجأة للناس والمهتمين بالشؤون الفنية.

رفضت اعتزال الفن فتركها الأمير

في تلك الفترة سرى خبر قصة حب ربطت بينها وبين أحد الأمراء العرب، دامت العلاقة أسابيع، تمّ بعدها الإنفصال بسبب رفض صباح اعتزال الفن، ورفض أسرة الامير زواجه من فنانة.

اعتادت صباح أن تغني، واعتاد أن يرافقها عازف الكمان أنور منسي مع الفرقة، ومن خلال اللقاءات المتتالية، كان أنور يبادل صباح الإعجاب الذي تحوّل في ما بعد الى حب وزواج ورزقت منه ابنتها هويدا، اختارت اسمها نسبة إلى أغنيتها اللبنانية «يا هويدا هويدلك». غير أن هذا الزواج انتهى بالطلاق أيضاً لأسباب، من بينها أن أنور كان يحبّ المقامرة والسهر ويهمل البيت، ويضرب صباح عندما ترفض أن تعطيه المال اللازم للمقامرة.

زيجات بالجملة

بعد طلاقها من أنور منسي، وفي أثناء وجودها في لبنان، سرت إشاعة تفيد أن صباح ستعود الى زوجها الأول، لكن ما أن عادت الى القاهرة حتى تبددت الإشاعة، لتنتشر أخرى تقول إن قصة الحبّ التي جمعت بين صباح و المذيع المصري أحمد فراج توجت بالزواج. سارع الإثنان إلى نفي الخبر لكن القصة كانت حقيقة، وتزوج الحبيبان.

سرعان ما ظهر الإختلاف بين عقليتيهما، فهي فنانة وهو متديّن. طالبها بعدم أداء أدوار ساخنة في السينما، إرتداء الملابس المحتشمة، إلغاء رقة الصوت في أغنياتها، الإبتعاد عن الغنج والدلال في تصرفاتها، عدم تقديم المشروبات الروحية لضيوفها. وكان يتنصت على مكالماتها الهاتفية ويشكّ في كل تصرفاتها. أدركت صباح أن هذا الزواج لن يدوم، فرفضت فكرة الإنجاب. بعد سنوات ثلاث تمّ الطلاق بين صباح وأحمد في ربيع 1963.

عادت صباح الى لبنان، لتستقر فيه، ووقفت على أدراج هياكل بعلبك ضمن مهرجانات بعلبك الدولية وقدمت مسرحيتي موسم العز (1960) ثم دواليب الهوا (1965)للأخوين رحباني، كذلك قدمت مع الفنان روميو لحود مسرحيتي الشلال و القلعة على أدراج هياكل بعلبك و مسرحيات اخرى مع لحود في المناطق اللبنانية وشاركت في بعض الأفلام السينمائية.

وفي مطلع مايو 1967، استيقظت بيروت على خبر زواج صباح ورشدي أباظة من دون مقدمات.

عقد الزواج في المحكمة الشرعية في صيدا في الثاني من مايو 1967، وبعد يومين سافرت صباح إلى المغرب لارتباطها بعقد مسبق لإحياء سلسلة حفلات غنائية. بعد فترة ، عادت الى بيروت وطلبت الطلاق من رشدي الذي كان غادر بيروت الى القاهرة. تردد كلام كثير حول هذا الزواج ومنه أنّ نجلها صباح كان أول المعترضين وأن مصالحها كفنانة أصيبت بأضرار، و أنها عاشت قصة حب مغ احد امراء المغرب ، و انها اكتشفت أن سامية جمال ما زالت على ذمة رشدي وعندما واجهته بهذا الخبر لم يستطع الإنكار وتمّ الإنفصال.

لم تتوقف الإشاعات عند هذا الحد، بل تردّد أن صباح تزوجت رشدي بالإكراه، لأنه كان يلفّ ويدور حول ابنتها هويدا، فلم تجد وسيلة لردعه سوى الزواج منه.

رحل رشدي أباظة وهو يردد اسمها

في برنامج «سيرة الحب» مع الكاتبة الكويتية فوزية الدريع، أكدت أنها أحبّت رشدي أباظة كثيراً لكن لأسباب تتعلق بشراهته في الشرب، لم تتحمله، أما في حالاته الطبيعية فكان يعاملها أحسن معاملة و ظل يرسل إليها الورد الأحمر بعد طلاقهما ، وأنتج بها فيلماً بعنوان "كانت ايام" شاركها بطولته .حتى انّ آخر كلمة نطق بها رشدي أباظة قبل وفاته في المستشفى كانت صباح على ما كان يروي صديفه الممثل الراحل ابراهيم خان الذي شهد تلك الواقعة .

في صيف 1970 تزوجت صباح النائب جو(يوسف) حمود، وكان مختلفاً عن الرجال الذين عرفتهم في حياتها. رضيت صباح بالقيود التي فرضها عليها جو أولاً لأنها أحبته، وثانياً لأنها كانت تشعر بأنه يحبها بإخلاص ولم يقف حائلاّ بينها وبين نشاطها الفني. كانت أول إطلالة إجتماعية لهما في حفلة أقيمت في فندق «شبرد» في بحمدون، وكانت المناسبة تقليدها وسام الإستحقاق اللبناني برتبة فارس. ضمّت الحفلة الى جانب وزير التربية جوزف أبو خاطر، الرئيس كميل شمعون، الموسيقار محمد عبد الوهاب، المخرج هنري بركات و غيرهم .

علاقتها بالرئيس شمعون

الرئيس شمعون الذي أغوى نساء كثيرات بوسامته وعينيه المشعتين. جذب إليه جميلة الغناء الشابة آنذاك، تقول: «لكنني سيدة أعرف حدودي جيداً وشخصيتي قوية والرئيس شمعون محترم واكتفى بعلاقة ضمن إطار الصداقة». تستطرد: «أعبده عبادة، إنه رجل بكلّ ما للكلمة من معنى، لطالما ساندني ووقف الى جانبي عندما كنت أحتاجه، يرفض حتى أن أقصده الى القصر بل كان يزورني في بيتي ويطلّع على ما أريد. توطّدت صداقتنا إلى درجة توسّطت فيها مرّة لديه لإطلاق سجين حكم عليه ظلماً. أما هو فكان يحضر مسرحياتي وحفلاتي كلّها ويحرص على انتظاري لتهنئتي. أذكر مرة في إحدى المسرحيات أنني اقتربت منه لتحيته فلم ينظر إلي بسبب الزحمة حوله. زعلت وحردت وجلست في الكواليس لساعتين رافضة الخروج لمصافحة أحد. وبعد ساعتين من انتهاء المسرحية أفاجأ بشخص ينبّهني الى أن الرئيس شمعون ما زال ينتظر في الصالة لكي أخرج وأصافحه وأتلقى تهانيه... نعم انتظرني الرئيس شمعون لساعتين فيما أنا زعلانة منه... لأنّه لم ينتبه لتحيتي.

أبت «الصبوحة» إلا أن يعلّق لها الرئيس شمعون وسام الأرز الوطني، (كان ترك الرئاسة) في عهد الرئيس شارل حلو الذي رفضت السلام عليه بعد حضوره افتتاح مسرحيتها ضمن مهرجانات بعلبك ، و السبب انها طلبت منه موعدا لطرح موضوع معه فلم تحصل على موعد مع رئيس الجمهورية... لكنّه منحها وساماً بوساطة زوجها آنذاك النائب جو حمّود كما تخبر. وما إن انتهت الإنتخابات النيابية سنة 1972، حتى انفصلا بصورة نهائية؟

عاشت صباح أياما صعبة بعد طلاقها من النائب جو حمود، بسبب عدم توافر أي عمل مسرحي، ولم يكن ممكناً لها أن تعدّ مسرحية جديدة بعد الإنتهاء من عرض مسرحيتها الجنون فنون.

خيبة أمل جديدة

في تلك الفترة، طلبت منها صديقتها إيفيت سرسق أن تشارك «فرقة السيغال» بغنائها خصوصاً أن الفرقة تقدّم الحفلات في كل المناطق اللبنانية. وافقت صباح لأنها وجدت نفسها أمام عمل فني متجرّد يسليها ولا يرهقها، هكذا انطلقت في هذه التجربة وتعرفت خلالها الى وسيم طبارة أحد نجوم الفرقة البارزين. لم يضيّع وسيم الوقت، فأعلن حبه، وعلى الرغم من الأسباب والأعذار التي قدمتها لتصرف عنها إهتمام وسيم وتحول دون المضي قدماً في الحب، الا أن الزواج تمّ في 18 أغسطس 1973. قالت صباح بحسب مجلة {الاسبوع العربي» العدد 1395 : {إنه ليس زواجاً عادياً أستطيع أمامه القبول أو الرفض، بل قصة حب لم استطع أنا ووسيم مقاومتها، وهذا بالطبع شعور نبيل يجعل من زواجناً صرحاً لا تزعزعه الأعاصير».

سنوات على زواجهما، وبدا أن الحب بينهما هدأ بعض الشيء، فجأة ومن دون سابق تصور وتصميم، أعلنت صباح إنهاء علاقتها بزوجها وسيم تمهيداً للطلاق، والسبب تقول صباح: «اكتشفت أخيراً أن وسيم بات يهتم بنفسه أكثر مما يهتم بي، وأن الحفلات المسرحية التي أقيمها هنا وهناك لم تعد من اختصاصي إنما من اختصاص وسيم، وأن طموحه الفني لم يعد يكفيه، بل يريد أن ينطلق انطلاقة عالمية في الاخراج». ما إن وصلت صباح إلى بيروت، آتية من لندن، حتى كان الطلاق تمّ بينها وبين وسيم. تردّد أنهما افترقا بعد خيانته لها وأنها تأثرت بهذه العلاقة وحوًلتها إلى فيلم سينمائي مع الممثل المصري حسين فهمي و كان فيلم : ليلة بكى فيها القمر.

الزواج الأخير

أما زواجها من الفنان فادي (قنطار) لبنان الذي كان يصغرها بأكثر من عشرين عاماً فانعكس عليها سلباً، تمّ الزواج في لندن بتاريخ 18 مارس 1987، وبسببه هاجمها الإعلام اللبناني يومذاك متّهماً إياها بالجنون. بعد مرور حوالى العشرين عاماً على زواجها الأخير انفصلت صباح عن فادي لبنان في عيد العشاق في فبراير من العام 2002 واعتبرت أن زواجها منه كان غلطة لن تسامح نفسها عليها.

تعتبر أن سبب زيجاتها الكثيرة احترامها لمكانتها كمطربة معروفة، ولم تكن تسمح لنفسها ولا لمكانتها بإقامة علاقة «محرمة» مع أحد عشاقها، وكانت تشترط الزواج كإطار شرعي لأي علاقة غرامية.

تعترف صباح بأنها لم تكن محبوبة من أي من أزواجها وتقول: «أحببتهم جميعاً، لكنهم اعتبروني «مدام بنك» لم يحبني أحد». كذلك اعترفت بانتهاء معظم زيجاتها بسبب خيانة بعضهم لها، مشيرة إلى أنها ساعدت الكثير منهم على ولوج عالم الأضواء ودعمتهم مادياً.

أهم إنجازاتها الفنية

ساهمت صباح في انتشار الأغنية اللبنانية ويعود إليها الفضل في انتشار الأعمال الفلكلورية اللبنانية إلى جانب فيروز و كوكلة من نجوم ذلك الزمن .لصباح حوالي 3500 أغنية من بينها أغاني المهرجانات والأفلام والمسرحيات، غنت لعمالقة العالم العربي من بينهم محمد عبد الوهاب «عالضيعة» وبليغ حمدي «يانا يانا» التي أعادت غناءها على طريقة الدويتو مع المطربة اللبنانية رلى سعد، وفريد الاطرش «يا دلع دلع» وغيرهم أمثال زكي ناصيف، الأخوين رحباني، جمال سلامة، ملحم بركات، عصام رجي، توفيق الباشا.

قدمت صباح عشرات المهرجانات والمسرحيات ضمن مهرجانات بعلبك وبيت الدين، وجبيل وغيرها، من بينها: «موسم العز»،«دواليب الهوا»، «القلعة»،«الشلال»،«فينيقيا80"، «شهر العسل»، «ست الكل»،الاسطورة ، وآخر مسرحياتها حملت عنوان «كنز الاسطورة» الى جانب زوجها السابق الفنان فادي لبنان والممثل كريم ابو شقرا وورد الخال والأمير الصغير.

تعتبر صباح أول فنانة عربية غنّت على مسرح الأولمبيا في باريس مع فرقة روميو لحود الإستعراضية منتصف الستينيات، كذلك وقفت على مسارح عالمية معروفة من بينها: «كارناغري هول» في نيويورك، «دار الأوبرا» في سيدني (أستراليا)، «قصر الفنون» في بلجيكا، «ألبرت هول» في لندن ومسارح لاس فيغاس وغيرها.

في الشهر الاخير من العام 1999 تعرّضت صباح لوعكة خطرة أوجبت دخولها المستشفى لتعاود دخولها للمرة الثانية في يناير 2000.

عاشت صباح آخر سنوات حياتها في فندق في منطقة الحازمية قرب بيروت، بعدما باعت منزلها. صرّحت أنها قامت بهذه الخطوة لأن بيتها صار كبيراً عليها، فشعرت بالوحدة وقررت تركه. ولم تتوانَ عن عقد مؤتمر صحافي لتنفي فيه الإشاعات التي تناولت خيانة عائلتها لها وسرقة كل ما تملك، و لتعلن أنها باعت منزلها لتستر المحيطين بها خصوصاً ابنتها هويدا.

 

####

 

أغلقت عينيها بهدوء ورحلت... وداعاً صبوحة

بيروت_ سيدتي نت

بعد أيام قليلة على احتفالها بعيد ميلادها الـ87 أغمضت الفنانة الكبيرة صباح عينيها بسلام ورحلت وهي نائمة.

وكانت شائعة الموت قد طاردتها للمرة الأخيرة قبل يومين، إلا أن ابنة شقيقتها كلودا سارعت إلى نفي الخبر وطمأنت الجميع إلى أن الصبوحة بخير، وإلى أنها طلبت من الممرضة هنادي إعداد طبق مجدرة لها في اليوم التالي أي الاثنين. كما قامت كلودا بنشر صورة للصبوحة وهي تتصفح الفايسبوك وتقرأ بنفسها تعليقات محبيها المطمئنة على صحتها.

رحلت الصبوحة وولداها لا يزالان في أميركا، وستقوم العائلة باستدعائهما على أن يحدد موعد الدفن لاحقاً.

وقد قامت صفحتها الخاصة على الفايسبوك بنشر النعي التالي:

احباب الصبوحة

الصبوحة اليوم راجعة على ضيعتا عالأرض اللي حبّتا وحبّتا

الصبوحة اليوم راحت عالسما عند الرب الكبير راحت عند اهلا واخوتا اللي اشتاقتلن كتير
صباح الحياة صباح الفرح صباح الابتسامة المشرقة دايما صباح الضحكة المرسومة باصعب الاوقات
بتودعكن وبتقلكن ما تبكو وما تزعلوا عليي وهيدي وصيتي الكن

قالتلي قوليلن يحطو دبكة ويرقصوا بدي ياه يوم فرح مش يوم حزن

بدي ياهن دايما فرحانين بوجودي وبرحيلي متل ما كنت دايما فرّحن

وقالتلي قلكن انه بتحبكن كتير وانو ضلوا تذكروها وحبوها دايماً

يا احباب الصبوحة

الصبوحة ما عادت موجودة معنا بجسدا في هاللحظة

الساعة 3 فجر اليوم طلعت روحا الى الخالق وهي نايمة

حتى في رحيلها كانت هنية ومتل النسمة وما زعجت حدا ولا تعبت حدا

الصبوحة رحلت بالجسد بس رح تضل موجودة بقلوبنا الى الابد

رح نشتقلك كتير كتير كتير يا حبيبتنا

يا ريت كان بايدنا نعطيكي كل لحظة من عمرنا ونخليكي معنا اكتر واكتر

بس هاي ارادة ربنا ..

منحبك صبوحة منحبك للأبد وما رح ننساكي ابداً ابداً

الله يرحمك يا صبوحة ويغفرلك وتكون نفسك بالسما مع الابرار والقديسين

منبقى نوافيكن بكل التفاصيل الخاصة بمراسم وداع الصبوحة هون على هالصفحة.. خليكن معنا ورجاء كلكن ترفعوا الصلوات هلق لراحة نفس الصبوحة .

إلى جناة الخلود يا صبوحة

 

####

 

الساعات الأخيرة في حياة الصبوحة

بيروت_ إيمان إبراهيم

كان يوم أمس الثلاثاء يوماً عادياً للصبوحة التي كانت لا تزال تقرأ تعليقات المحبين على آخر شائعة وفاة طالتها، وقامت ابنة شقيقتها كلودا التي ترافقها باستمرار بنشر صورة لها وهي تمسك الهاتف وتقرأ تعليقات المطمئنين عليها، وطمأنت كلودا المحبين إلى أن الصبوحة بخير.

في المساء شعرت الفنانة الكبيرة بضيق حاد في التنفس، فطلبت كلودا طبيبها الخاص بصورة عاجلة، وحضر الطبيب إلى الفندق حيث تقيم الصبوحة وبعد أن عاينها طمأن كلودا إلى أنها بخير وأن قلبها سليم.

وكانت الصبوحة تشعر بغثيان حاد، فبقيت كلودا إلى جانبها إلى أن تحسنت حالتها ونامت فتركتها مع ممرضتها هنادي التي دخلت لتطمئن عليها عند الثالثة فجراً، فاكتشفت أن الصبوحة رحلت.

عائلة الفنانة الكبيرة لا تزال تنتظر موعد قدوم ولديها الدكتور صباح وهويدا من أميركا لتحديد موعد جنازتها، التي يتوقع لها أن تكون واحدة من أكبر الجنازات التي شهدها لبنان.

 

####

 

وصية الصبوحة الأخيرة

بيروت_ سيدتي نت

هذه المرة لم تكن شائعة، رحلت الصبوحة وكانت تعلم أنها راحلة، فأوصت ابنة شقيقتها كلودا أن تبلغ محبيها فور رحيلها أنها لا تريد أن منهم أن يبكوها أو يعلنوا الحداد عليها، وطلبت منها أن تبلغ الجميع أنها لا تريد دموعاً بل تريد ليوم رحيلها أن يكون يوم فرح وليس حزن، وأن يفرح الناس دائماً عندما يتذكرونها لأنها كانت حريصة دوماً على إسعادهم، وأبلغت كلودا أن تطلب من الجميع أن يبقى على ذكراها وأن يستمروا بحبها لأنها ستحمل حبهم في قلبها إلى مثواها الأخير.

 

####

 

الشائعة الأخيرة كذّبتها صباح وطلبت صحن مجدّرة

بيروت_ سيدتي نت

قبل يومين من وفاتها، انتشرت شائعة وفاة الصبوحة، شائعة اعتادتها الفنانة الكبيرة لكنها هذه المرة انتشرت على نطاق واسع، ما دفع بابنة شقيقتها كلودا عقل إلى نفي الشائعة عبر الفايسبوك، من خلال صفحة الصبوحة الخاصة، وقالت إن الفنانة الكبيرة بخير وإنها طلبت صحن مجدرة لغداء اليوم التالي من ممرضتها هنادي.

وقد كتبت كلودا "تتلقى ادارة الصفحة العديد والعديد من المكالمات والاستفسارات من لبنان وخارج لبنان للإطمئنان على الصبوحة بعد الاشاعة المغرضة التي اذاعتها قناة "آسيا" التلفزيونية هذا المساء .. ويبدو انها قناة مغمورة وتريد ان تنتشر جماهيرياً فلم تجد سوى هذه الاشاعة المغرضة والاساليب الرخيصة ..

ونطمئن جميع الاحبة ان الصبوحة بخير والحمدلله وبتسلّم عليكن جميعاً وبتقلكن ما تقلقوا عليها فهي بخير وتقول لكم انها طلبت من الممرضة هنادي ان تعد لها اكلة مجدرة للغدا بكرا .. الف صحة وهنا صبوحة وخمسة بعيون الحاقدين والحاسدين والاشرار".

وربما كان صحن المجدرة آخر ما أكلته الصبوحة التي أمضت اليوم الأخير من حياتها متوعكة وهي تشعر بضيق في التنفس.

 

####

 

لبنان يودّع الصبوحة في مأتم شعبي يوم الأحد

بيروت_ سيدتي نت

لأن الصبوحة طلبت من محبيها عدم الحداد، أصدرت عائلة الفنانة الكبيرة ونقابة الفنانين اللبنانين ورقة نعوة جاء فيها أنه "وبفرح كبير نعلن رحيل الأسطورة شحرورة لبنان، التي طلبت من محبيها ألا يبكوا في يوم وداعها".

ومن المقرر أن يسجى جثمان الراحلة عند الساعة الحادية عشرة صباح الأحد 30 نوفمبر 2014 في كاتدرائية مار جرجس المارونية في وسط بيروت، ويحتفل بالصلاة لراحة نفسها في تمام الساعة الثانية من بعض الظهر في مأتم رسمي وشعبي ويوارى جثمانها الثرى في مسقط رأسها في بدادون.

وتستقبل العائلة التعازي يومي الإثنين والثلاثاء في الأول والثاني من ديسمبر في صالون كاتدرائية ما جرجس في وسط بيروت من الحادية عشرة الى السادسة مساء.

وقد تمّ تأخير موعد الجنازة لترتيب مأتم شعبي كبير، ولأسباب تتعلق بوجود قسم كبير من عائلتها خارج لبنان، فضلاً عن العاصفة الثلجية التي تضرب لبنان حالياً.

 

####

 

نجوم مصر يودّعون "الصبوحة" بالدموع

القاهرة - مروة عبد الفضيل

تحوّلت مواقع التواصل الاجتماعي إلى سرادق للعزاء، بعد رحيل "الصبوحة"، فانتشرت صورها والكلمات المليئة بالمشاعر، تعبيراً عن حزنهم الشديدعلى فراقها. فماذا كتب نجوم مصر والعالم العربي:

راندا البحيري كتبت: جميلة الله يرحمك مش عايزة أشوف حد من اللي كانوا عاملين يسألوا هتموت امتى يترحموا عليها...أترحموا عليها في سركم".

أما رانيا محمود ياسين:"لا اله إلا الله أهي صباح ماتت إنا لله وإنا إليه لراجعون".

أما الفنانة لقاء سويدان فكتبت: "وغربت شمس الصبوحة".

ونعتها الممثلة التونسية درة قائلةً: "ساعات ساعات بحب عمري وأعشق الحياة".

أما شريهان فغردت عبر "تويتر": رحلت عاشقة مصر عاشقة الفن والحياة، لكنها ستبقى بأعمالها الفنية أسطورة رائعة، سيذكرها التاريخ وأجيالنا القادمة صباح لبنان.

وودّعتها غادة إبراهيم قائلةً: وداعاً أيقونة الجمال والشياكة صباح

لم نعتبرك أبدآ لبنانية لطالما تربينا على أغانيك وحبك لمصر وحبك للحياة. عزائي لعائلة الصبوحة وللشعب المصري واللبناني وكل الوطن العربي".

 

سيدتي نت السعودية في

26.11.2014

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004