حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

المهرجان الدولي للفيلم بمراكش ـ 2012

زياد دويري بعد فوزه بالجائزة الكبرى في مراكش:

هذا فيلم عن الصدمة، هذا فيلم عن الحبّ، هذا فيلم عن عملية انتحارية!

مراكش ـــ هوفيك حبشيان

بعد ثمانية اعوام من الغياب، يعود زياد دويري (1963 ــ لبناني أميركي الجنسية) الى السينما بفيلم "الصدمة". ثريللر بسيكولوجي شاركت في انتاجه اربع دول (لبنان، فرنسا، قطر، مصر وبلجيكا) ورافق مراحل النضج الذي وصل اليه مخرج "بيروت الغربية"، سينمائياً وفكرياً. كان العرض الأول لـ"الصدمة" في تورونتو، أيلول الماضي، ثم كانت له محطة في سان سيباستيان (اسبانيا)، قبل ان يحطّ في مراكش، حيث فاز بجائزة "النجمة الذهب"، مساء السبت الماضي، من يدي جون بورمان. الآن، على موعد مع جمهور مهرجان دبي السينمائي ضمن تظاهرة "ليالٍ عربية"، اي خارج المسابقة الرسمية. في مراكش (30 ت2 ــ 8 ك1)، كان هناك على الأقل فيلمان عن الارهاب: احدهما "يا خيل الليل" لنبيل عيوش، والآخر شريط دويري الذي اقتسبه من رواية شهيرة للكاتب الجزائري ياسمينا خضرا. في حين قدم عيوش افلمة سينمائية باهرة عن كيفية انتقال اولاد بيوت الصفيح البيضاوية الى الايديولوجيات المنفرة، ذهب دويري الى ما بعد العملية الانتحارية، معايناً الآثار النفسية للضحية التي تبقى على قيد الحياة، أو بالاحرى بين الحياة والموت.

انها حكاية جرّاح فلسطيني من تل ابيب. أمين الجعفري هذا (اداء جيد لعلي سليمان) ينعم بصيت اجتماعي راقٍ. كم تكون صدمته كبيرة عندما يعلمونه بأن زوجته (ريموندا مسلم) نفذت عملية انتحارية في مطعم اسرائيلي ذهب ضحيتها 17 شخصاً، سيصلون قريباً الى سرير العمليات في المستشفى الذي يعمل فيه الجعفري. هذا الاكتشاف سيزجّ بالجعفري في نفق مظلم، تأكله هواجس الشك والذنب والندم: كيف عاش مع امرأة استطاعت أن تقدم على خطوة منافية تماماً لرسالته المهنية؟ مَن الذي حوّلها الى وحش بشري؟ أسئلة كثيرة تدور في عقل بطلنا المضاد، فيذهب من تل ابيب الى نابلس، حيث خلية يشك الجعفري في أنها ساهمت في الايقاع بزوجته وترحيلها الى الموت.

بنظرة عميقة للقضية التي يعالجها، يأخذنا دويري الى اقاصي الجحيم المعنوية والعاطفية. لا يتعاطى المخرج اللبناني مع المسلّمات السياسية ومعنى النضال، بل يصور التناقضات المرتبطة بلحظة سقوط رجل في الهاوية، بعد أن يبدأ بإعادة النظر في كل ما كان يؤمن به حتى الآن. بعيداً من الشعاراتية التي استثمرتها السينما لأجيال، يقدم دويري طرحاً آدمياً لن يرحب به حتماً اعداء الفردية في المجتمعات حيث الجماعة تسحق كل مَن يخرج على الطاعة. الآخرون سيتلذذون بفيلم ذي نبرة ملتبسة، حامل تناقضات وأوجه، قادر على الاقناع من خلال شكله البصري الشفاف وغير الاستعراضي. هذا كله يعيد ترتيب مكان لدويري على المنصة السينمائية الدولية، في انتظار فيلمه المقبل "رجل في الوسط"، الذي سيستعين فيه بجيرار دوبارديو.

·        ¶ أين كنت خلال السنوات الثماني الماضية؟ ماذا كنت تفعل؟

ـــ وجدتُ صعوبة كبيرة في تمويل أفلامي، وهذا شيء ليس جديداً عندي. "رجلٌ في الوسط"، انتهيتُ من تأليفه عام 2002، لكني لم أجد مَن يموله (سأعود وأعمل عليه بدءاً من شباط 2013). بعد 11 أيلول لم يعد أحد يريد انجازه. أما "الصدمة"، فانتهيت من فصول التحضير والكتابة منذ 2006. تطلب مني ست سنوات كي انجزه. تورطتُ مع شركة أميركية هي "فوكوس فيتشرز" تابعة لـ"يونيفرسال" موّلت بداية المشروع، ثم انسحبت منه ما إن بدأنا بالتحضير. رفضت الشركة اعطائي حقوق السيناريو الذي كتبته مع جويل توما. اذاً المسألة ليست كسلا البتة. هذا عائد ربما الى كوني اختار مواضيع صعبة. الآن بدأتُ اسأل نفسي: هل عليّ أن أكمل بهذه الطريقة؟ لا اريد أن يأخذ مني كل فيلم هذا القدر من الوقت.

·        ¶ لماذا تراجعت الشركة الأميركية عن تمويل "الصدمة"؟

ـــ قالوا لي: فيلمك مناصر للقضية الفلسطينية، وهذا شيء غير مقبول عند الجمهور الأميركي. النحو الذي عالجتُ فيه العملية الانتحارية لا يأخذ موقفاً معادياً من تلك العملية. بالنسبة إلى الأميركيين، وخصوصاً اليهود منهم، اي شيء مرتبط بالعمليات الانتحارية غير قابل للنقاش. انها مسألة محسومة. أما أنا، فأقول "لا"، وأشدد انه يمكن التحدث عنه...

·        ¶ هل تعتبر ما تفعله زوجة الطبيب عملاً ارهابياً، بغض النظر عن مسبباته...؟

ـــ بالتأكيد، اعتبره كذلك. لكن الفرق انني أمنحه خطوة اضافية. آتي الى تلك الجريمة ببعض الاسباب التخفيفية. اقول: "أوكي، انا موافق انها عملية ارهابية، ولكن دعونا نفهم ما هي معطيات الارهاب". أما بالنسبة إلى الأميركيين، فهذه الأسباب غير موجودة. نقطة على السطر. لا يريدون ان يسمعوا. علماً انهم أحبوا السيناريو كثيراً. اعرف الأشياء التي أزعجتهم. من تلك الأشياء، المشهد الذي نرى فيه أمين وهو يصل الى جنين، فنرى في مكان على الركام عبارة "غراوند زيرو". هذا أحالهم على 11 أيلول، وقالوا لي انني اشبه بين الحادثتين. انطلاقاً من هذه اللحظة، تخلوا عن المشروع.

·        ¶ ما الذي أعجبك في رواية ياسمينا خضرا؟

ـــ الأميركيون ("يونيفرسل بيكتشرز") هم الذين اتصلوا بي وعرضوا عليّ اقتباسها. ببساطة، أحببتُ القصة والمعضلة التي تتضمنها: انت قبالة طبيب وصل الى ذروة حياته المهنية، علماً انه من عرب اسرائيل، ليجد حياته تتدحرج في اتجاه الهاوية. كيف من الممكن ان تكون متزوجاً من امرأة اعطيتها كل شيء، وهي امرأة منفتحة، وفجأة يعلمونك بأنها نفذت عملية، انت كزوجها تجهل عنها كل شيء؟ الأمر لا يتعلق بمرض سرطان اصيبت به او حادث تعرضت له، بل بامراة فجرت نفسها وقضت اشلاء. وهذا اصعب ما يمكن ان يحصل. هذا اصعب من الخيانة.

·     ¶ نشعر انه هناك فيلمين: هناك الجزء الذي يحصل في تل ابيب والجزء الثاني الذي تدور حوادثه في نابلس. الكونتراست بالغ، حتى الألوان تتغير بين مكان وآخر. هل كان هذا مقصوداً؟

ـــ نعم، غيّرنا الألوان، كنتُ اريد ان ابرز مميزات نابلس كمدينة تاريخية قديمة. لم ارد استثمار الصورة المغلوطة لنابلس التي تقدمها كمدينة بائسة. أياً يكن الوقت الذي سيمر، لا يُمكن نابلس ان تتحول الى تل ابيب أو نيويورك؛ لديها طابعها الخاص.

·     ¶ غريب قليلاً الاّ تكون انت مَن تقدم بالمشروع، بل جاء بناء على طلب اقتباس، لكن في المقابل استطعت أن تتبنى الى هذا الحدّ، اقل تفاصيل الرواية. عموماً، المخرج ــ المؤلف هو الذي يعثر على الحكايات التي يصورها...

ــ نعم. غرقتُ في الكتاب حتى اعماقه، وهذا شيء لا يحصل كل يوم. ألهمتني الرواية. اعجبني كل ما يتعلق بالتحقيق الذي يجريه أمين كي يفهم ما حصل. اضفنا اشياء وحذفنا اشياء كثيرة اخرى. نهاية الرواية كلها تغيرت.

·        ¶ يحيلنا هذا على موضوع آخر: استياء خضرا مما فعلته بروايته. ماذا تقول؟

ـــ لم يكن سعيداً لأننا غيّرنا نهاية الرواية. هو كان متمسكاً بالنهاية التي كتبها، وهذا شيء افهمه. من الطبيعي ان يستاء كوني غيّرتُ النهاية. زوجته أحبت الفيلم كثيراً وكذلك رئيس دار النشر. أما هو فكان متردداً. لا ألومه، ولو كنتُ صاحب الرواية لكنتُ ترددتُ ربما. هذا وضع طبيعي عندما تنقل كتاباً الى الشاشة، وتمر عبر ما يسمّونه سيناريو. في الكتاب، يموت أمين اثناء قصف اسرائيلي على المكان الذي يقيم فيه الشيخ مروان. هذه نهاية وجدتها تفخيمية (Great ending). رأيتُ ان النحو الذي اختم به القصة أصعب على أمين: فهو الآن على قيد الحياة لكنه في الحين نفسه ميت. هذا رجل فقد زوجته، بات وحيداً، ولم يعد مقبولاً لا في المجتمع الاسرائيلي ولا في المجتمع الفلسطيني. والأشد سوءاً: يعيش في الذنب.

·        ¶ هناك مهاترة بدأت منذ الآن: كيف يمكن مخرجاً لبنانياً ان يصوّر بالعبرية. ما رأيك بها؟

ـــ ماذا يريد هؤلاء؟ أن آتي بممثلين مصريين يتكلمون بالعربية؟ العالم لم يعد يقبل باحتيالات كهذه. اقترح عليّ المنتج الأميركي ان اصور الفيلم كله بالانكليزية، فرفضتُ. لماذا على فلسطيني اسرائيلي ان يتكلم بالانكليزية؟

·     ¶ طرحك ليس كله عن الارهاب بوجوهه المختلفة، انما ايضاً عن ثنائية الشكّ واليقين التي تعتمل في شخصية الطبيب بعد التجربة التي يمر بها...

ـــ صحيح. يمكن الذهاب الى ابعد من ذلك ايضاً. هذا فيلم عن الثقة. فأنت على علاقة بشخص يغدرك في الصميم. هذا ما كان يهمني أكثر من القضية. كان يمكن أن تأخذ هذه الحكاية وتصورها في كولومبيا أو ايرلندا أو أميركا الشمالية. صادف أنها حصلت في فلسطين، لأن معضلة فلسطين كبيرة ولا يمكنك مقارنتها بمعضلة أخرى.

·        ¶ افلامك الثلاثة تتحدث عن شخص "مختلف" يقف وحيداً في مواجهة محيطه...

ـــ هذا متأتٍ ربما من كوني مقيماً في هذا الهامش منذ صغري. دائماً، اسير عكس التيار، وهذا الشيء دفعتُ ثمنه غالياً، حتى عندما كنتُ في الليسيه. كنتُ اراقب من بعيد. لم يكن عندي نظرة تكبرية بل نظرة تأملية. اشعر نفسي في وحدة داخلية دائمة. هناك شيء جينيّ فيَّ يحضني على مجابهة السيستام القائم. منذ صغري أشعر أن كل ما أُعطاه عليَّ ان أراجعه قبل أن آخذه.

·     ¶ الحبّ ليس المنقذ في فيلمك كما هي الحال في افلام الرومنطيقيين الكبار... للمناسبة، تصويرك للمشاهد الحميمية بين امين وزوجته فيه شيء من اسلوب تيرينس ماليك بتقطيعاته المكثفة.

ـــ ماليك أثر فيَّ كثيراً. شاهدتُ "شجرة الحياة" ثلاث مرات أو اربعاً في اسبوع واحد قبل أن اصور "الصدمة". نعم، الحب لا ينقذ هنا. يا للحسرة! عندما بدأتُ المونتاج، صرتُ أكثّر من مشاهد الحبّ. كان لديَّ نسخة فيها قدرٌ اقل من مشاهد الفلاشباك بين أمين وزوجته. وكان لديّ ايضاً نسخة فيها قدرٌ اكبر منها. في النهاية، استقر قرارنا على نسخة فيها نوع من توازن يمنح الحبّ المكان الابرز. الغريب انه في مرحلة التحضير والتصوير، لم اقارب الفيلم باعتباره قصة حبّ. هذا الجانب طغى على الفيلم اثناء المونتاج.

·        ¶ هذا فيلم ايضاً عن فلسطينيي الـ48 ووقوعهم بين دفتي الظلم...

ـــ لا اريد الاستطراد كثيراً في هذا الجانب. هناك تفاصيل أجهلها. اعرف قسطاً منها بسبب الفيلم. من خبرتي الصغيرة، اكتشفتُ ان هناك نظرة غريبة تجاههم من جانب المجتمع الاسرائيلي. أما فلسطينيو الضفة وغزة، فلا ينظرون اليهم بصفتهم تواطأوا مع الاسرائيليين، ولكن يعتبرونهم على علاقة جيدة نسبياً بالاسرائيليين. رغم ان هؤلاء يعيشون تحت الاحتلال المعنوي لاسرائيل. حاولت السياسية الاسرائيلية محو هويتهم، ولاسيما من خلال التعليم في المدارس، لكن لم ينجحوا في ذلك. وضعهم، في رأيي، أكثر حرجاً من الذين يسكنون في الضفة وغزة.

·        ¶ بعد اغترابك السينمائي عن لبنان، متى تعود للتصوير في بيروت؟

ـــ عندي حكاية اريد ان اصورها في بيروت، لكن اقولها بصراحة: لبنان لا يشجع على التصوير. لا يمكنك ان تظل تعمل في بلد يخلق لك عائقاً تلو آخر. خذ مثلاً: عندما قدمنا "الصدمة" على وزارة الثقافة اللبنانية كي ترسله الى الـ"أوسكار"، جبهنا بالرفض، مع ان الأمن العام أجاز عرض الفيلم في لبنان. مكتب الوزير غابي ليون رفضه لأنه، كما قال لي، هناك ممثلون يهود فيه. وأميل شاهين كان من الرافضين ايضاً. الكلّ في أميركا شجعني على ارساله الى الـ"أوسكار"، لأنه يبدو ان الاحتمال كان كبيراً في ان يترشح. رئيس لجنة الـ"أوسكار" قال لي حرفياً: ارسله، حظوظك عالية. الآن، فات الآوان. كان هذا أكبر طعنة في ظهري!

hauvick.habechian@annahar.com.lb

النهار اللبنانية في

10/12/2012

 

زياد دويري يفتك أول نجمة ذهبية عربية في مهرجان مراكش

كوثر الحكيري 

فاز المخرج اللبناني «زياد دويري» بجائزة النجمة الذهبية (وهي الجائزة الكبرى) في الدورة الثانية عشرة للمهرجان الدولي بمراكش، ليكون بذلك أول مخرج عربي يقتنص هذا التتويج في تاريخ المهرجان كله منذ تأسيسه إلى اليوم...

وقد رحب أصدقاء المهرجان وضيوفه في سهرة الاختتام بنتيجة لجنة التحكيم التي كانت منصفة جدا مع فيلم جميل مستوحى من رواية «الصفعة» للكاتب الجزائري «ياسمينا خضرا» الذي ذهب في ظنه أن أيام قرطاج السينمائية رفضت عرض الفيلم اللبناني فأصدر بيانا يدين فيه ذلك ويعتذر عن زيارة تونس في معرض تونس الدولي للكتاب... والحقيقة أن ما حدث كان سوء تفاهم لا أكثر لأن أيام قرطاج السينمائية لم تدع «زياد دويري» ولا فيلمه «الصفعة» لسبب بسيط وهو أنه لم يعرض إلا في مهرجان واحد وهي «تورينتو» الذي لم يحض بزيارة «كريمة» من إدارة أيام قرطاج السينمائية وغالبا لا علم لإدارتنا بهذا الفيلم أصلا...

كتب سيناريو الفيلم المستوحى من رواية «ياسمينا خضرا» المخرج «زياد دويري» رفقة زوجته «جويل توما» وغير النهاية دفاعا عن الحق الفلسطيني في التفاؤل والأمل والحياة أيضا... وهو من بطولة الفلسطيني «علي سليمان» وهو ممثل كبير من فلسطينيي 48 للأسف لا يعرفه التونسيون باستثناء قلة قليلة من الوجوه الفنية ولذلك قدم في الدورة الأخيرة لأيام قرطاج السينمائية على أنه ممثل أردني عند الإعلان عن تتويجه بجائزة أفضل ممثل عن دوره في الفيلم الأردني «الجمعة الأخيرة» للمخرج «يحيى العبد الله»...

لم أكن أتوقع هذه الجائزة

كنا تحدثنا عن فيلم «الصفعة» وحاورنا صانعه المخرج «زياد دويري» وأشرنا إلى أن رسالة الفيلم يمكن أن تقرأ بأكثر من طريقة وكان المخرج نفسه واع بأنه اختار الحياد البارد في تعاطيه مع الصراع الفلسطيني_الإسرائيلي وعليه أن يدفع ثمن ذلك، فقد رأت بعض الصحف المغربية أن عرض «الصفعة» في الدورة الثانية عشرة للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش هو شكل من أشكال التطبيع... فقد صور جزء صغير من الفيلم في «تل أبيب» مع أبطال يتحدثون العبرية والأهم أن الفيلم تجنب اللغة الخشبية والشعارات السياسوية ولم يصور الإسرائيلي كعدو جلاد فقط ولا الفلسطيني كضحية فقط بل تعاطى مع الاثنين من زاوية إنسانية يمكن أن يخطىء فيها كلاهما ويمكن أن يصيب أيضا...

يقدم الفيلم وجهة النظر الإسرائيلية بالكثير من الحياد الذي رآه كثيرا من النقاد «تعاطفا» مع الجلاد أو على الأقل مساواة بينه وبين الفلسطيني وهو ما ينكره المخرج «زياد دويري» بشدة ويقول إن أمه أرضعته القضية الفلسطينية قبل القضية اللبنانية ولا أحد يملك حق التشكيك في دفاعه عن هذه القضية، ويؤكد أن الحرص على إظهار وجهة نظر الإسرائيلي في فيلم «الصفعة» هو من باب تقوية الموقف الفلسطيني، وهذا يذكرنا بما قاله المخرج والممثل الفلسطيني الكبير «محمد بكري» عند تقديمه لفيلمه القصير «قطرة» ضمن فعاليات الدورة الأخيرة لأيام قرطاج السينمائية «أنسن عدوك تنتصر عليه»، أي كلما كان العدو إنسانا في السينما العربية انتصرنا عليه...

أثناء تسلمه للجائزة في اختتام الدورة الثانية عشرة للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش بدا المخرج اللبناني «زياد دويري» متفاجئا جدا خاصة أن لجنة التحكيم التي يرأسها الكبير «جون بورمان» تضم عضوا واحدا فقط عربيا_مغربيا، لكن متى المقترح السينمائي جيدا يفرض وجوده في أي مهرجان ومهما كانت لجنة التحكيم...

قال «زياد دويري» أثناء تسلمه للنجمة الذهبية من النجمة الهندية «بريانكا شوبرا» إنه لم يتوقع أبدا هذه الجائزة لأنه كان يعتقد أن الفيلم يأتي من مكان بعيد جدا، وقد قضى ست سنوات كاملة في تنفيذه ووجه الشكر للمنتجين والممثلين وزوجته التي شاركته كتابة السيناريو «جويل توما»، والكاتب الجزائري «ياسمينا خضرا»

هذا ونذكر بأن فيلم «الصفعة» من إنتاج قطري، فرنسي، بلجيكي، لبناني، مصري ويساهم المخرج الجزائري الكبير «رشيد بوشارب» في إنتاجه أما الطرف القطري فهو الممول الرئيسي للفيلم ولكنه رفض عرض الفيلم ضمن فعاليات الدورة الأخيرة لمهرجان تريبيكا وقال أحد المسؤولين هناك إن قطر لن تجازف بعرض الفيلم في هذه المرحلة خشية أن تسلط عليها الأضواء...

افتك إذن المخرج اللبناني «زياد دويري» أول نجمة ذهبية عربية في المهرجان الدولي للفيلم بمراكش وبمعزل عن مضمون الفيلم والأسئلة المثارة حوله والتي لن تنتهي أبدا، لا بد من الاعتراف بأن «الصفعة» فيلم جميل تقنيا، بلا أخطاء اشتغل عليه «زياد دويري» بالكثير من الاقتصاد في اللغة والتمكن من صنعته...

ونذكر بأن «زياد دويري» من مواليد سنة 1963 بلبنان وفيه عاش عشرين عاما وبعد أن عايش اجتياح أريال شارون لبيروت (1982)، غادر زياد الوطن نحو الولايات المتحدة حيث درس السينما في جامعة سان دياغو وفي لوس انجلس، ثم عمل مساعد مصور في عدد من أفلام كوانت تارنتينو ...

قدم أول أفلامه «بيروت الغربية» سنة 1998 الذي حقق نجاحا جماهيريا كبيرا وأثار جدلا سياسيا واسعا...

جوائز قليلة تعطي للمهرجان مصداقية

لم تكن سهرة اختتام الدورة الثانية عشرة للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش في قاعة «الوزراء» بقصر المؤتمرات مبهرة، ولكنها كانت منظمة وبلا أخطاء تألق خلالها ضيوف السهرة من فنانين مغاربة وأجانب على السجاد الأحمر، ومن أجمل لقطات السهرة خطوبة انتظمت على السجاد الأحمر أين فاجأ فنان مغربي زميلة له وحبيبة القلب بخاتم وضعه في إصبعها الأيسر أمام عدسات المصورين وهتافات المعجبين...

كانت إذهن سهرة بسيطة بلا أخطاء وبلا خطابات رنانة أو حضور رسمي... لم يصعد لا رئيس المهرجان ولا نائبة ولا مديرته لتلاوة كلمة الاختتام ولم يصعد أيضا وزير ثقافتهم كما يحدث عندنا في تقليد بال توارثناه جيلا بعد آخر...

والجوائز التي منحت في اختتام الدورة الثانية عشرة للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش قليلة أيضا مما يعطيها قيمة ويمنح المهرجان الكثير من المصداقية...

في ما يلي الجوائز كاملة:

جائزة الأفلام القصيرة افلام المدارس:

«حياة افضل» لطارق اليحمدي من مدرسة عبد الملك السعدي من تطوان، وهذه الجائزة دعم للجيل الجديد من السينمائيين في المغرب وتتمثل في منحة من رئيس المهرجان الأمير «مولاي رشيد» قدرها 300 ألف درهم

مسابقة الأفلام الطويلة:

جائزة أفضل ممثل: «سويرن مالينك» عن فيلم «اختطاف» من الدانمارك

جائزة أفضل ممثلة: «إلينا رينولد» عن فيلم «جمع الفطر» من استونيا

جائزة لجنة التحكيم: ذهبت مناصفة إلى فيلمي «طابور» من إيران و»اختطاف» من الدانمارك وقد أثنت لجنة التحكيم على تميز الإخراج في الفيلم الثاني

الجائزة الكبرى: وهي النجمة الذهبية وذهبت إلى المخرج اللبناني «زياد دويري» عن فيلمه «الصدمة»

 

الصريح التونسية في

10/12/2012

 

زيرو:

عن المدينة التي تأكل ابطالها

مراكش- المغرب/ رامي عبد الرازق 

ضمن عروض المسابقة الرسمية للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش في دورته الثانية عشرة شهد جمهور المدينة الحمراء العرض الأول لفيلم زيرو للمخرج المغربي نور الدين لخماري والذي يستكمل به مشروعه الذي بدأه مع"كازانيغرا" عام 2009 حيث تتخذ المدينة محورا اساسيا في رؤية الكاتب للمجتمع وتعرية الواقع الفج دون مواربة أو تجميل.

شارك في المسابقة خمسة عشر فيلما من 14 دولة حيث تشارك المغرب هذا العام بفيلمين هما "زيرو" و"يا خيل الله" للمخرج نبيل عيوش الذي سبق وان شارك في مهرجان كان خلال دورته الأخيرة بالأضافة إلى افلام من الهند "هوية" والتشيك "براعم الزهور" وفرنسا "الأسد الصغير" وكوريا الجنوبية "محتوم" وتايوان "لمسة ضوء" وايران "تابور" والمانيا "ياولد" وانجلترا "اغنية لماريون" والدنمارك "اختطاف" وكندا "شاحنة" بالأضافة إلى استونيا بفيلم مميز "جمع الفطر".

اما خارج المسابقة فقد ضم 13 فيلما اهمها "زهور الحرب" احدث افلام زانج ايمو المخرج الصيني الكبير والمكرم ضمن فعاليات الدورة ال12 و"موسم وحيد القرن"للأيراني بهمان قبادي و"رحمكِ" للفليبيني ميندوزا ايضا احد المكرمين ضمن فعاليات الدورة بالأضافة إلى الفيلم المغربي"الطريق إلى كابول" إخراج ابراهيم شكيري والذي حقق اعلى ايرادات في السينما المغربية خلال الشهور الأخيرة.

زيرو = صفر في الحياة

في فيلم نور الدين لخماري"كزانيغرا"كانت المدينة حاضرة عبر شخصيات خارجة عن القانون تتسم بالفوضوية وتمثل جانبا من العالم السفلي او القاع النفسي للمدينة وفي "زيرو" يأتي الوجه الأخر للعملة حيث ضابط شرطة ينتمي لهذا القاع النفسي ولكن من داخل المؤسسة المنوط بها تطبيق القانون والمحافظة على روحه .

اسم زيرو يعكس من عنوان الفيلم جزء كبير من ابعاد الشخصية النفسية والذهنية, ان الزيرو هو الصفر او اللاقيمة وهي اشارة معنوية ومادية لوضع الشخصية ونوعها الدرامي والحياتي انه لا بطل في مدينة لا تعترف اساسا بالأبطال, الشعور الأساسي للشخصية هو العجز وعدم جدوى وجوده في الحياة وعدم جدوى الحياة نفسها, البعد الاجتماعي للشخصية يتمثل في اب مقعد مريض يرفض أن يأخذ العلاج رغبة في الموت بعد ان كان لاعب كرة شهير ولأن الزيرو شخصية عاجة عن الفعل كحال كل لا بطل نجده يراعى والده عبر الاستجابة لكل طلباته الغير مشروعة كأن يحضر له الحشيش او يجلب له عاهرة حين تشتد به الشهوة رغم مرضه, انها علاقة حب وكره في ذات الوقت فهو رغم رعايته لأبيه يكن له حقد دفين بسبب يقينه انه كان السبب في هروب امه وهو ما يزال صغيرا.

على المستوي المهني لا يكاد يمارس زيرو عمله كشرطي بل يستغله على العكس تماما كأن يتواطئ مع العاهرة الصغيرة ميمي للنصب على الزبائن بحجة أنها قاصر هاربة وعندما يطلب منه بالفعل أن يبحث عن قاصر هاربة لا يملك العزم ولا الأرادة على البحث عنها تاركا امها تجوب الشوارع حاملة صورتها.

على المستوى النفسي هو شخص ضائع سكير يحاول نسيان فشله وشعوره بالاقيمة عبر الخمر مهوش الشعر ذو لحية فوضوية لا نكاد نراه نائما الا في لقطات قليلة داخل حوض البانيو الذي يجعلنا نشعر أن شبه كائن حي وليس انسان نائم بل ويعكس وجوده في البانيو رغبته الدفينة في تنظيف ذاته وشعوره بالدنس المستمر, الدنس النفسي.

كازانيغرا

في زيرو تبدو المدينة حاضرة في ملامح البشر والشخصيات اكثر ما هي حاضرة في الكادرات على عكس تجربة"كازانيغرا" او لنقل استكمالا لها.

الشخصيات هنا كلها شخصيات غير سوية, كائنات ليلية مشوهة وفاسدة ومُفسدة, ان الوجه الوحشي للمدن الذي لا يظهر سوى في الليل, في مدينة لخماري يبدو اليوم مجرد ليل طويل لا ينتهي, المشاهد النهارية قليلة وشاحبة وكأن النهار لا يأتيها او كأنها لا تنام وإذا نامت لا تصحو نهارا.

من اجل ابراز هذا الجانب الوحشي او انياب المدينة لدينا الشخصيات الفاسدة المتمثلة في العاهرات والقواد وراسم الوشوم ورئيس الشرطة الشرير ومساعديه ورئيسة شكبة الدعارة بل وحتى صبية الشوارع والهائمون ليلا على وجوههم, هذه هي انياب المدينة المشرعة, اما الفريسة فهي تلك الأرواح البريئة التي تأتي طلبا للحياة والرزق والمتمثلة في الفتاة القاصر القادمة من مدينة الخميسة والتي تضيع في شوارع "كازا" ولا يظهر لها أثر ونلاحظ أن لخماري لم يذكر المدينة بالأسم كما ذكرها في فيلمه السابق هناك تعمد للتجريد قليلا ربما بما يتناسب مع الواقعية الشعرية التي يتخذها اطارا لفيلمه.

اختيار المخرج لأن تكون الفتاة قاصر اختيار جيد لأنها تجسد فكرة البراءة المغتالة, فهي فراشة رقيقة تقع في يد صياد مريض يهوى حبسها وانتهاكها وهو المعادل الشعري والرمزي للفراشات الذين نجدهم في الصناديق الزجاجية لدى رسام الوشوم المريض بالمازوخية, والذي يمارس شهوته عبر اصطياد الفراشات وحبسها كي ينقل الرسومات التي على اجنحتها, او لنقل يمتصها ويعيد رسمها على اكتاف العاهرات الصغيرات في شبكة الدعارة ليتطابق الرمز في مستواه الشعري مع مدلوله في المستوى الواقعي.

الأبيض والأسود والأزرق

يحتوي الفيلم بصريا على ثلاثة ألوان اساسية هي الأبيض لون المدينة(الدار البيضاء) والذي نراه مستواه الرمزي في الجدران البيضاء لشقة زيرو وفي مشهد اقتحامه لقاعة المطعم الفاخر الذي تتخذه شبكة الدعارة واجهة لأعمالها القذرة, حيث نراه غارقا في البياض سواء على مستوى الديكور او الأثاث , أما الأسود(النيغرا) كما اطلق عليه لخماري في فيلمه السابق فنراه في ملابس زيرو والعاهرات وملابس النساء والرجال من الطبقة الكريمية التي تمثل جانبا من انياب المدينة في قاعة المطعم, كذلك نراه في الظلال الكثيفة التي تعشش بتقنية جيدة داخل شقة زيرو وفي زوايا الشوارع المظلمة وملامح الشخصيات المطفأة.

ويأتي اللون الأزرق لون الموت والبرودة متجليا في ظلال الشخصيات خاصة في مشاهد الليل حيث انعكاسها بسبب ضوء القمر او اضواء المحلات او تلك الكروما الزرقاء الخفيفة لبعض اللقطات والتي تعكس حالة البرودة والموت خاصة في المشهد الفانتازي الذي يرى فيه زيرو لحظة سكره الفتاة الصغيرة التي يبحث عنها متجسدة في وجوه كل الفتيات الائي يجوبن شوارع المدينة بدءا من المتسولة وبائعة الخضر حتى النادلة وعاهرة النواصى.

الكرسي المتحرك

في المشهد الاول من الفيلم نرى زيرو وهو يجلس على كرسي متحرك سنعرف فيما بعد أنه كرسي أبيه الذي توفى وأمامه الجدران البيضاء لشقته/مدينة/ الدار البيضا, الكرسي هنا دلالة العجز والذي يتجسد بصريا عبر السرد الأخراجي لدى لخماري من اول لقطة, شخص سليم يجلس على كرسي متحرك إذن هو عاجز عن الفعل, هو لا بطل, ثم نراه في نفس المشهد/اللقطة وهو ينهض ليقوم بتنظيف حوائط الشقة البيضاء بشكل انفعالي هيستيري ثم تنزل التيترات.

هذا المشهد يضعنا أمام رحلة البحث عن المحفز الذي دفعه لهذه الخطوة المعنوية(تنظيف الشقة) والمادية(تنظيف المدينة من شبكة الدعارة وفساد الشرطة).

اغلب مشاهد الفيلم إذن تدور عبر فلاش باك من ذاكرة زيرو وتتقاطع مع مشاهد تنظيف جدران الشقة المستمر لنكتشف المعنى المجازي المخبأ, فزيرو بعد موت أبيه الذي كان رغم قسوته اللفظية بل والبدنية في بعض الأحيان هو محطة الحب الرئيسية في حياته, ومكمن عقدته, وبعد موت الأب وضياع الحبيبة العابرة(الطبيبة الجميلة التي تصبح هي الأخرى جزء من انتهاك المدينة له وجزء من عجزه عن الفعل) بعد هذا الموت المادي والمعنوي يتجسد لزيرو مدى عجزه الكامل فيقرر تنظيف جدران الشقة كمعادل رمزي لقراره بتنظيف المدينة فيذهب كي يقتحم بيت الدعارة ويقتل كل من فيه من الفاسدين حتى يصل إلى الفتاة/الفراشة الصغيرة التي كان يبحث عنها منذ أن اوصته أمها.

والأم هنا هي جزء من قرار زيرو بالفعل لينتقل من خانة اللابطل إلى خانة البطل أي الفاعل فزيرو يعاني من حالة فقدان مزمن لأمه وقراره بمساعدة الأم والبحث عن الفتاة نابع من تكوينه النفسي والشخصي وليس قرار درامي من خارج الشخصية الغرض منه العنترية أو الوصول لذروة منذ ذرى الأكشن البوليسي فقط.

ولكنه في النهاية وبعد عملية التطهير الجزئية التي يمارسها للمدينة وبعد اطلاقه للفراشات الحبيسة سواء رمزيا بتحطين البيوت الزجاجية في بيت رسام الوشوم أو ماديا عبر افتحام بيت الدعارة وقتل القواد ورئيس الشرطة ورئيس الشبكة في النهاية عقب هذه البطولة الكاملة يتموت البطل.

يقتل زيرو على يد رسام الوشوم المريض انتقاما منه, فهذه مدينة لا تعترف بالأبطال ولا تسمح لهم بالأستمرار في قراراتهم بإزالة الأوساخ عن جدرانها واطلاق الفراشات الحبيسة, انها مدينة لا تعترف بالبطولة ولا تترك مجالا أو متسعا فيها.

ان موت زيرو هو في الحقيقة نهاية مفتوحة لمشروع المخرج في علاقته بالمدينة فالبطل الذي حاول تنظيفها مات مقتولا وقاتله المريض بالشذوذ يسير طليقا في الشوارع, فالواقعية الشعرية التي يتخذها الفيلم اطارا له لا تعترف بالنهايات السعيدة او الخاتمة المكتملة لأن الواقع لا يقدمها او يقبلها منطقه الوحشي العنيف.

إلى جانب تشكيله الألوان داخل السرد البصري استخدم المخرج الأيقاع البطئ(سلو موشن) في مشاهد حركة زيرو داخل المدينة ليلا كأنه يعاني من الكساد والبطء والجمود وكأن الوقت يمر عليه قاسيا او لا يمر, بالأضافة إلى توظيف الموسيقى المعتمدة على صولو ساكسفون يشبه ايقاعات الجاز الحزينة التي تدل على الوحدة والحيرة والعذاب الداخلي واليأس من التغير.

الملاحظة الأساسية على الحوار هي اللغة الفجة العارية البذيئة التي استخدمتها الشخصيات وهي جزء من الأطار الواقعي لمشروع لخماري وهي امتداد للغة كزانيغرا حيث لغة الشارع الكاملة التي هي جزء من عنف المدينة ووحشيتها وانيابها, لم يكن من الممكن تقديم هذه التجربة عن القاع النفسي للمدينة دون ان تكون لغتها الحوشية حاضرة وإلا بدا الأمر مفتعلا او غير متطابق بين المستوى المعنوي للفيلم والمستوى المادي, واللغة الحارقة هنا هي جزء من الواقع القاسي والحارق وليست مجرد مغازلة للجمهور الذي تثيرحماسته سماع الألفاظ الخارجة على الشاشة.

ربما كانت ازمة الفيلم الأساسية ليست في اللغة ولكن في كثرة الأحالات التي نستشعرها خلال الأحداث فهجوم البطل على بيت الدعارة يذكرنا بالمقطع الشهير لروبرت دنيرو في الفيلم الأيقوني"سائق التاكسي" لمارتن سكورسيزي خاصة مع عملية التحول من كونه شخص عاجز لا منتمي إلى فعل الأنتماء لقضية(التطهير) والهجوم على بيت الدعارة من اجل الفتاة الصغيرة.

اما موتيفة الفراشات المحتجزة في بيوت زجاجية فتذكرنا برواية جامع الفراشات والفيلم المأخوذ عنها والتي كانت تحكي فصة شاب مريض نفسيا يصطاد الفراشات ويحبسها بينما يخطف الفتيات ويغتصبهم ويقتلهم مثلما يفعل مع الفراشات.

بالأضافة إلى التشابة العام بين العوالم الخاصة بالعاهرات والضباط الفاسدين وعلب الليل وهو ما وضع الفيلم في فخ الأتهام بالأقتباس والأستلهام والنقل ولكنه يظل رغم ذلك تجربة سينمائية هامه في مشروع مخرجه وفي المستوى التقني والتكنيكي الذي وصلت إليه السينما المغربية والتي تعتبر الان رقم واحد على مستوى السينما المنتجة في المنطقة العربية على مستوى تنوع الموضوعات وقوة الأشكال والأساليب السينمائية خاصة على مستوى الفيلم الفلسفي وافلام الأكشن النفسي والواقعية الشعرية.

الجزيرة الوثائقية في

10/12/2012

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)