رغم تواجد عديد النجوم العرب بالنزل الذي يحتضن الضيوف والمشاركين
بالدورة 24 لأيام قرطاج السينمائية، إلا أن الضيفة التونسية والنجمة
العربية درّة زروق خطفت الاضواء، الى درجة أن اجراء حوار معها تطلّب ساعات
من الانتظار.
اقبال اعلامي، كما جاء على لسان درّة زروق، اضطرّها للتخلي عن مشاهدة
بعض الافلام.
ورغم أن «درّة»، كما يناديها جمهورها في مصر، كانت ضيفة بالدورة 24
لأيام قرطاج السينمائية، فإنها لم تكن «ديبلوماسية» في إبداء رأيها بخصوص
التنظيم وخاصة في حفل الافتتاح، التفاصيل تقرؤونها في الحوار التالي:
·
حضرت «الأيام» في أكثر من دورة
وحضرت تظاهرات مشابهة في عديد الدول، فما رأيك في التنظيم بهذه الدورة؟
في البداية أشكر المهرجان على استضافتي في دورته الرابعة والعشرين،
لكن آلمني ما حدث في الافتتاح، لأنني كتونسية أبحث دائما على أن أكون فخورة
ببلادي في مثل هذه التظاهرات، وأرنو دائما لأن تكون تظاهراتنا مشرّفة،
والحال أنني فخورة على الدوام بتونس ولكن للأسف الشديد ولأسباب لا نعلمها،
هناك مشاكل تنظيمية، ربما ولا أريد أن أكون قاسية معهم، لكن في سنة 2012
إما أن ننجز مهرجانا مشرّفا وإما فلا، لأن المشاكل التقنية والتنظيمية
تجاوزها الزمن، وأيام قرطاج السينمائية يجب ان تتحسّن لا أن تتراجع.
·
من أيام قرطاج السينمائية ستحطين
الرحال بمهرجان القاهرة السينمائي كمشاركة في فيلمين أحدهما تونسي والآخر
مصري، لأي منهما ستنحازين؟
أجل فقد كنت ضيفة في الدورة الماضية لمهرجان القاهرة السينمائي وهذه
السنة سأكون حاضرة كمشاركة في فيلمين هما «مصورّ قتيل» للمخرج كريم عدل
(مصر) وفيلم «باب الفلّة» للمخرج مصلح كريّم اللذان يشاركان في المسابقة
العربية للمهرجان، وشخصيا، أنا فخورة أن فيلما تونسيا سيوجد في مسابقة هذا
المهرجان وأتمنى له النجاح لأن في نجاحه نجاحا للفن والسينما في تونس، فضلا
على أن الجمهور المصري لم يشاهدني في أعمال تونسية.
ومن جهة أخرى أشجّع الفيلم المصري وأتمنى له النجاح، فأنا أصبحت نجمة
في مصر أين احتضنوني، وردّ الجميل واجب لكن بشكل عام ليست المهرجانات
والجوائز هي الأهم، بل المهم نجاح الأفلام جماهيريا.
·
مقارنة بمصر هل يمكن القول إن
اشكالية السينما التونسية تتمثل في غياب صناعة السينما؟
أجل، فالسينما في مصر صناعة، وهناك تركيز كبير على السينما التجارية،
واختلف مع من يذهب الى أن الفيلم التجاري لا يصلح اطلاقا، لأنه ثمّة أفلام
تجاريةناجحة على مستوى الايرادات العالية وناجحة أيضا على مستوى المضامين
الهادفة وهذا موجود حتى في السينما الامريكية، وعدّة أفلام تجارية توّجت في
مسابقات عالمية، إلا أن الاشكال في تحقيق تلك المعادلة الصعبة، والمتمثلة
في الجمع بين البعد التجاري الذي يجلب الجمهور، ويكون جيدا ومميّزا تقنيا
وفنيا، وهادفا أو يحمل رسالة في مضمونه.
·
إذن في تونس لن تتحسن السينما ما
دامت لم تصبح صناعة؟
في تونس ليس لدينا صناعة سينما، فضلا على أن عدد القاعات قليل وليس
لدينا الطاقة (المادية) لإنتاج عدد كبير من الأفلام والاقبال الجماهيري ليس
كبيرا في الأيام العادية أي خارج اطار المهرجانات، بينما في مصر السينما
صناعة وكل سنة تفتح قاعة سينما جديدة، في حين أنه في بلادنا كل سنة تغلق
قاعة سينما.
·
حدّثينا عن أعمالك الجديدة ومنها
«فارس الأحلام»؟
(ضاحكة) لديّ عدة أعمال جديدة، ومنها فيلم «فارس أحلام رومنسي» للمخرج
عطية أمين عن سيناريو للدكتور محمد رفعت (درّة الشخصية الرئيسية في
الفيلم). كما سأجسّد دور بطولة مطلقة في مسلسل «عصر الحريم» للمخرجة إيناس
الدغيدي، وهو فيلم قصّته مقتبسة من عهد المماليك وتحديدا عهد الخديوي
اسماعيل في مصر أي العهد الذي يقابله عهد البايات في تونس.
ولي كذلك دور بطولة في مسلسل «بدون ذكر أسماء» الى جانب الممثلين أحمد
الفيشاوي وهيثم أحمد زكي، وهذا العمل من تأليف وحيد حامد.
وأما في تونس فلي مشروع فيلم مع المخرج السينمائي مختار العجيمي، هذا
بالاضافة الى عدّة أعمال في مصر اعتذرت عن المشاركة فيها.
·
بعد أن أصبحت إمكانية الدخول إلى
غزة واردة، هل فكرت في زيارة الأراضي المحتلة؟
الدخول إلى غزة مازال صعبا، يجب أن يكون عبر بعثات منظمة لكن حتى وإن
زرتها ماذا سأضيف؟! فما نراه هذه الأيام مؤلم جدا، والقضية الفلسطينية ستظل
جرحا عميقا داخل كل مواطن عربي، لأن الإحساس بالعجز فظيع حقيقة.
بيد أنني أتمنى زيارة غزة والضفة الغربية والقدس رغم أن زيارة القدس
أصعب.
·
قمت بزيارات من هذا النوع سابقا،
أليس كذلك؟
تقريبا وذلك أثناء تحضيري لرسالة الماجيستير في العلوم السياسية حيث
كنت أقوم بزيارات للمخيّمات في لبنان، والبحث كان فيه جزء ميداني كبير، في
تلك الأيام كنت أساعد الأطفال تطوعا وهذا واقع لم أشأ التصريح به أو الحديث
عنه في وسائل الاعلام لأنني قمت به تطوعا وهو جانب إنساني لا ينتظر شكورا،
كما أن ذلك كان قبل أن أصبح معروفة.
·
وما رأيك في ما يحدث حاليا
بالعالم العربي؟
كوارث في سوريا وفي غزة وحوادث في مصر على غرار حادث القطار والحافلة
في أسيوط الذي أودى بحياة 50 طفلا وهذا الحادث حرك الشارع المصري وعادت
المظاهرات إلى ميدان التحرير خاصة وأن عديد المطالب لم تتحقق والشعب المصري
غير راض عن أداء الحكومة، كما هو الشأن في تونس فالثورات قامت لأجل الكرامة
لكننا مازلنا لم نصل إلى الكرامة بعد في العالم العربي بيد أنه لا يمكن
تقييم هذه التجارب لأننا نعيش مخاضا لا يخلو من الغليان، إذن نحن في فترة
إنتقالية تتطلب وقتا، لكن المشكل أن كل ذلك يصير على حساب الشعوب والطبقات
الكادحة والذين ضحوا قبل الثورة وصنعوا الثورات لا يزالوا اليوم ضحايا بعد
الثورات.
والمطلوب اليوم تشجيع الاستثمارات في تونس لأننا بلد سياحي وثقافي
ولسنا بلدا مصنعا ولا نملك ثروات طبيعية سلاحنا العلم والثقافة ولا شيء
غيرهما.
·
لنبتعد عن الكوارث والحروب
ولنتحدث قليلا عن الأناقة والجمال: كنت أنيقة في حفل الافتتاح من صمم
فستاتك خصيصا للمهرجان؟
(ضاحكة) نعم الفستان الأسود الذي حضرت به حفل الافتتاح من تصميم أحمد
تلفيت، وكان باقتراح منه، وأنا دائما أهتم بأناقتي وأتعامل مع عديد
المصممين لأنني حريصة جدا على مظهري حتى في الأعمال التي أشارك فيها
فالأناقة والجمال من أسباب نجاح الفنان لكن الأهم «القبول» وأنا أريد أكون
كالنجمة يسرى مثلا فهي أنيقة على الدوام وكأنها في ريعان شبابها، لذلك أصعب
شيء ليس الوصول إلى النجاح والشهرة وإنما المحافظة عليهما لا مجرد نجوم
كالفقاقيع فطموحي أن تكون هناك استمرارية في النجاح.
·
الأناقة والجمال، ليسا بالضرورة
مفتاحا للزواج؟
(ضاحكة) كما يقولون في مصر «الزواج قسمة ونصيب» وأنا أعطيت الأولوية
لعملي لذلك تأخر زواجي نسبيا لكن الاستقرار مهم ويجب أن يكون.
·
انتهى المكتوب مع قيس مختار؟
أجل كنت سأرتبط بقيس مختار الذي أكن له كل الاحترام لكن لم يكتب
المكتوب.
·
من هي درّة زرّوق ؟
درّة زرّوق ممثلة تونسية متحصلة على شهادة الماجيستير في العلوم
السياسية، بدايتها مع الفن كانت من خلال مشاركتها في مسرحية «مجنون»
للمسرحي توفيق الجبالي، ثم بدأت مسيرتها الفنية في اتجاه النجومية من خلال
الأعمال الدرامية والسينمائية التونسية، فكانت من نجوم مسلسلات «شرع الحب»
و«حسابات وعقابات» و«مكتوب» وأفلام «خرمة» و«نادي وسارة» و«دار الناس»
و«آخر فيلم» و«سينيشيتا» لتحط الرحال بالتوازي مع آخر هذه الاعمال بهوليوود
الشرق، هناك في ظرف سنة خطفت اليها الأنظار وأصبحت احدى أبرز نجوم الشاشة
في مصر. فمن «تك تك بوم» الى «سامي أوكسيد الكربون» الى «هي فوضى؟..» ومنها
الى «جنينة الاسماك» و«الأولة في الغرام» و«الحب كده» و«كلاشنكوف» و«ليلة
البيبي دول» و«المسافر» و«بابا» وآخرها «مصور قتيل» أثبتت النجمة التونسية
درة زرّوق أنها ممثلة سينمائية من الطراز الرفيع وأكدت معدنها الابداعي
والثقافي في الأعمال الدرامية المصرية من خلال مشاركاتها في مسلسلات «زي
الورد»، و«شريف ونص» و«خاص جدا» و«العار» و«الريان» و«آدم» و«لحظات حرجة»
و«الزوجة الرابعة»...
كما شاركت في أفلام عالمية، نجاح في الواقع كان نتيجة ثقافة كبيرة
لهذه الممثلة التونسية، فضلا عن موهبتها في مجال التمثيل التي تدعمت بخبرة
السنوات، لتصبح اليوم جميلة جميلات الشاشة المصرية والعربية ونجمة يقرأ لها
حساب في المحافل السينمائية والدرامية العربية.
شريط «يامنعاش» لهند بوجمعة :
رحلــة البحـث عـن الـدفء الإنسانــي
نور الدين بالطيب / تونس ـ (الشروق)
«يا منعاش» شريط يقف في مسافة بين الروائي والوثائقي ، فيلم موجع
ومؤلم وحزين إنه رحلة في قاع المجتمع التونسي. محاصرة نوادي السينما
وانحسار مساحات حرية التعبير قبل 14 جانفي لم تمنع مجموعة من السينمائيين
الشباب من حفر مسالك ودروب في أرض وعرة.
وفي الدورة الرابعة والعشرين لأيام قرطاج السينمائية نكتشف مجموعة من
الأعمال التي رصدت لحظات الانفجار الذي هز تونس والذي أدى إلى المسار
الانتقالي الذي لا أحد يعرف إلى أين سيقودنا.
هند بوجمعة واحدة من هؤلاء الشباب، في ليلة 14 جانفي وبعد فرار الرئيس
الأسبق بدأت في تنفيذ شريطها من خلال تتبع خطى امرأة فقيرة في الأربعين
مطلقة أم لأربعة أبناء تحلم بالعثور على مسكن يأويها مثل عشرات العائلات
الفقيرة التي زحفت على المساكن المهجورة وعلى مساكن السنيت وسيرولس.
هكذا تبدأ الحكاية ونتابع رحلة عائدة مع ابنها فوزي في رحلتهما للبحث
عن مأوى بعد سنوات من التهميش والعذاب، في هذه الرحلة بين المنازل المهجورة
ومقرات التجمع المنحل والأقبية نكتشف حكاية عائدة مع الحياة منذ ان كانت
طفلة عندما كان صديق والدها يتحرش بها دون ان يحرك الوالد المشغول في نبيذه
ساكنا ولا والدتها التي كانت مضطرة لقبول هدايا صديق العائلة كحل للفقر
والحرمان...
تسلم عائدة نفسها لحبيبها فتنجب منه «فوزي» في «الحرام» كما تقول
لتتزوج بعد ذلك من حبيبها وتنجب منه ثلاثة أبناء وبعد الطلاق تسلم الأبناء
الثلاثة الى قرية قمرت وتواجه مصيرها وحدها مع ابنها فوزي.
تعثر عائدة على عمل في مقهى وتتسوغ غرفة مع الجيران وتحاول ان ترتاح
لحياتها الجديدة لكنها تدخل السجن بعد ان اتهمتها السيدة التي تعمل في
بيتها بالسرقة كما يصبح ابنها لصا محترفا.
خطان متوازيان
عمدت هند بوجمعة في كتابتها لهذا الشريط الى اعتماد خطين متوازيين في
السرد الخط الأول لعائدة وحكايتها الحزينة والخط الثاني رصدت من خلاله
التحولات السياسية في تونس خلال عام مرورا بالمحطة الكبرى الانتخابات التي
قادت الترويكا للحكم.
بعد عام من الثورة تكتشف عائدة أنه لا شيء تغير في تونس فهي لم تعثر
على مسكن ولم تغادر الفقر ولا التهميش كما لم ينته الظلم إذ مازال يزج
بالناس ظلما في السجون كما تقول في حديثها مع السجينات وهذا الموقف يعكس
تصور الفئات الفقيرة والمهمشة التي تعيش في القاع من الثورة وما تحقق في
تونس.
هذا الشريط يزعج كل الذين باعوا الأوهام للفقراء في حملاتهم
الانتخابية عندما وعدوهم بتحقيق الجنة على الأرض وبنهاية كابوس الفقر
والتهميش، فعائدة ليست أكثر من نموذج لآلاف التونسيين الذي لا يملكون مسكنا
ولا عملا والذين لم يحالفهم الحظ في «حياة نظيفة» فغرقوا في الحضيض دون ان
يختاروا ذلك إنه القدر الإنساني!
شاعرية
هذا الشريط الذي اشترك في إنتاجه الحبيب عطية ودرة بوشوشة حاز على
جوائز عالمية وسيعرض قريبا في القاعات، وهو شريط موجع يقدم لنا صورة لا
نريد أن نصدقها عن تونسيين يحلمون فقط ببيت صغير ونظيف وعمل حتى وإن كان
بسيطا المهم يقيهم ذل الحاجة تونسيون يعيشون في الاحياء الشعبية وكانوا
حطبا للحراك الشعبي الذي عاشته تونس قبل الثورة وبعدها لكنهم لم يجنوا شيئا
سواء مزيد من الحرمان ومزيد من الفقر والتهميش.
الشريط لم يخلو من مسحة شعرية واضحة وخاصة في مشهد عائدة مع أبنائها
الأربعة على شاطئ البحر ومشهد القبلات الظامئة بين الأم وأبنائها.
ولعل السؤال الذي يطرحه الشريط يجد صدى كبيرا لدى شرائح واسعة من
المجتمع التونسي مع اقتراب الذكرى الثانية للثورة وهو ماذا تغير في تونس
مادام الفقراء يزدادون فقرا والأثرياء يزدادون ثراء وقد ارتفع عدد أصحاب
المليارات بعد الثورة؟
عــودة الحيــاة الـى شــارع بورقيبة
محسن عبد الرحمان
سألني أحد السينمائيين الأفارقة منذ يومين ونحن نمر أمام قاعة سينما
أفريكار التي أغلقت أبوابها منذ أكثر من عام عن سبب غلق هذه القاعة التي
تربطه بها ذكريات جميلة كما يقول تعود الى الثمانينات من القرن الماضي حين
كان يحضر فعاليات أيام قرطاج السينمائية ولم يكن الضيف على اطلاع كبير عما
يحدث في تونس منذ 14 جانفي 2011 وخصوصا على الصعيد السياسي والاجتماعي الا
انه كان عارفا بأدق تفاصيل الحادثة التي جدّت في قاعة سينما أفريكار خلال
شهر جوان من العام الماضي حتى أنه لم يخف تخوّفه على الابداع والمبدعين في
تونس أمام تنامي التيارات الدينية المتشددة، مشيرا الى ما تعرّض اليه
المخرج السينمائي نوري بوزيد من اعتداء بالعنف وتهديد بالقتل. كما لم يخف
الضيف حزنه على تونس كما يقول. تونس التي كانت دوما في نظره أرض فرح وتسامح
وابداع. فهي التي أبدعت على حد تعبيره، أيام قرطاج السينمائية لما كان
العرب والأفارقة يفتقرون لمهرجان سينمائي يجمع شملهم.
وربما لأول مرة منذ 14 جانفي 2011 تعود الحياة بفضل أيام قرطاج
السينمائية الى شارع الحبيب بورقيبة وخصوصا خلال الليل حتى ان السامرون من
أحباء الفن السابع أصبحوا يسهرون الى غاية منتصف الليل مستمتعين بآخر عروض
المهرجان في القاعات. كما اختفت من الشارع مظاهر العنف والبؤس والحزن
والاعلام السوداء والقمصان واللحي الشعثاء والشعارات السياسية الركيكة
والقبيحة لتحل محلها أفيشات السينما الجميلة وصور النجوم معانقة جذوع الشجر
الممتدة على كامل الشارع... كل ذلك بفضل مهرجان أيام قرطاج السينمائية الذي
جاء ليبعث الحياة في شارع بورقيبة وإزالة الغمامة السوداء التي خيمت عليه
طويلا وكادت تفقده روحه التونسية الصرفة
ورشة المشاريع :
70 ألف دينــار لدعم أفضـل السيناريوهــات
المنصف بن عمر/ تونس ـ الشروق
على عكس المهرجانات السينمائية في البلدان العربية والافريقية وحتى
العالمية فإن أيام قرطاج السينمائية هي التظاهرة الوحيدة التي يشتمل برنامج
فعالياتها عديد التظاهرات الموازية ذات المردودية بالنسبة للسينمائيين
العرب والأفارقة باعتبارها تظاهرة عربية وافريقية.
من الفعاليات المهمة والتي تعتبر من الاضافات لأيام قرطاج السينمائية،
تظاهرة «ورشة المشاريع» التي يقبل عليها المخرجون الشبان بالخصوص لتمويل
مشاريعهم باعتبار ان برنامج ورشة المشاريع يرصد مجموعة من المنح تتراوح بين
10 آلاف أورو و5 آلاف دولار.
مشاريع
«ورشة المشاريع» لأيام قرطاج السينمائية في هذه الدورة انطلقت صباح
أمس الخميس 22 نوفمبر 2012 وتتواصل اليوم الجمعة 23 من ذات الشهر بقاعة ابن
خلدون بنزل تونيزيا بالاص، تحت اشراف المخرج ابراهيم اللطيف.
12 فيلما ترشحت للفوز بأربع منح، وهي فيلم «قهوة باردة» لتوفيق خربش
من لبنان و«شد مشومك» لمجدي لخضر من تونس، وشريط «نزيلات جناح (2)» اخراج
محمد نظيف من المغرب، وفيلم «بنتي» لليلى بوزيد من تونس، و«أسطول صغير
وغزة» للطفي عاشور من تونس.
ثلاثة أفلام تونسية أخرى مرشحة في ورشة المشاريع وهي «ليبيرو» لمهدي
هميلي و«زمان الآخرين» لإسماعيل وعلي حسونة، و«زهرة من حلب / مدى» لرضا
الباهي.
الى جانب كل هذه الافلام نجد شريط «سرد» لفراس خوري من فلسطين و«ميرادور»
لسريل ماسو من الكامرون وشريط «باكيتالاي» للمخرج آداما سالي من بوركينا
فاسو وفيلم «الزيتونة الحمراء» لكريم بن صالح من الجزائر.
منح
كل هذه المشاريع ستقدم أمام لجنة تحكيم دولية لاختيار الفائزين
بالمنح، وتتركب اللجنة من السيدة ادريان فريجاك من فرنسا (رئيس اللجنة)
وعضوية السادة نديم شيخ روحا ومحمد كرو من تونس، وديدي بوجار من المغرب،
وباسكال جود الفيتش من فرنسا.
أما المنح التي سترصد للفائزين فهي منحة من منظمة الألكسو بقيمة 10
آلاف دولار، ومنحة المنظمة الدولية للفرنكوفونية بقيمة 10 آلاف أورو، ومنحة
المعهد الفرنسي بتونس بقيمة 10 آلاف أورو، ومنحة من قناة
TV5 بقيمة 5 آلاف أورو.
للتاريخ نشير الى ان ورشة المشاريع لأيام قرطاج السينمائية تحتفل هذا
العام بدورتها العاشرة، وقد استقبلت على امتداد هذه السنوات أكثر من 500
مشروع عربي وافريقي تم اختيار حوالي خمسين سيناريو أنجز منها عشرون فيلما
تلقوا دعما من ورشة المشاريع لأيام قرطاج السينمائية.
قائمة الفائزين بمنح ورشة المشاريع سيتم الاعلان عنها في حفل اختتام
أيام قرطاج السينمائية.
المسابقة الرسمية للأفلام الطويلة :
الوجه الآخر للحرب في افريقيا
محسن بن أحمد
لئن مازالت السينما في أنغولا تتلمّس طريقها لأجل مكان تحت شمس
الابداع الافريقي السينمائي بدرجة أولى، فإن ذلك مثّل حافزا لدى جمهور هام
لحضور عرض فيلم «كل شيء هنا على ما يرام» للمخرجة بوكاس باسكوال وهو فيلم
ضمن المسابقة الرسمية للأفلام الطويلة.
وما يلفت الانتباه ان هذا الفيلم هو العمل السينمائي الأول في مسيرة
المخرجة بوكاس باسكوال التي انطلقت رحلتها مع السينما بقضاء فترة دراسية
بالمعهد الحر للسينما الفرنسية لتنضم بداية من 2002 الى المجموعة الفنية
للمدينة الدولية للفنون وقد شاركت في عدة معارض للفن المعاصر... وفي 2003
قدمت أول شريط وثائقي في رصيدها ثم في 2011 كان «كل شيء هنا على ما يرام»
أول فيلم روائي في رصيدها.
الفيلم الذي يمتد على 94 دقيقة يقدم قصة شقيقتين هربتا من جحيم الحرب
في أنغولا في فترة ثمانينات القرن الماضي (ألدا وماريا) الى لشبونة .. وقد
كان عليهما ان تتدبرا الأمر وهما تتواجدان في مدينة غريبة عليهما وتفتقدان
الى المال..
الأمل الوحيد الذي كان يربطهما ببلدهما هي الأم التي بقيت في أنغولا...
وقد حرصت الشقيقتان على التواجد يوميا قرب أحد أجهزة الهاتف لأجل بارق أمل
يوحي بعودة الهدوء الى أنغولا وبالتالي تحديد موعد عودتهما الى الوطن.
... في الأثناء تنغمس الشقيقتان في عالم غريب عليهما بالانضمام الى
العديد من الأنغوليات الهاربات أيضا من جحيم الحرب هناك... ليولد مجتمع
جديد فيه من الدمار النفسي والخراب الشيء الكثير... عالم متناقض... فيه
حرمان وكبت وجوع وفقر..
لقد عملت المخرجة بوكاس باسكوال الى التوقف عند معاناة الأنغوليين من
حرب مفروضة عليهم.. عملت على متابعة بعض التفاصيل والغوص في حجم المعاناة
بكل لغة سينمائية بسيطة... هي الوجه الآخر للحرب في إفريقيا.
الشروق التونسية في
23/11/2012
المخرج المالي ابراهيما توري :
أيـــام قرطـاج السينمائيــة حققـت حلمــي
أجرى الحوار: محسن بن أحمد
تشارك مالي في المسابقة الرسمية للأفلام الطويلة بفيلم «خيوط
العنكبوت» للمخرج ابراهيما توري الذي كشف في هذا الحوار معه عن العديد من
هواجسه الفنية مؤكدا انه حقق حلمه الذي كان يتمناه وانتظره منذ سنوات
بالمشاركة في هذه التظاهرة.
·
ابراهيما توري، من يكون؟
من مواليد مدينة سان في مالي... بدأت مسيرتي السينمائية كمساعد مخرج
في عديد الأفلام منذ 1985.. ويعدّ «نسيج العنكبوت» الذي يشارك في المسابقة
الرسمية لأيام قرطاج السينمائية أول فيلم روائي طويل في مسيرتي.
·
هذا يعني انها المرة الأولى التي
تزور فيها تونس؟
فعلا... انها المرة الأولى التي تطأ فيها قدماي هذه الربوع العربية
الافريقية الجميلة.
·
وماذا عن المشاركة في أيام قرطاج
السينمائية؟
ما يمكن التأكيد عليه في هذا المجال هو أنني حققت الحلم الذي كان
يراودني منذ اقتحامي تجربة الاخراج السينمائي بأن أكون حاضرا ومشاركا في
هذه التظاهرة العربية والافريقية العريقة... لقد هاتفت السيد محمد المديوني
مدير أيام قرطاج السينمائية لأقول له شكرا لقد حققت لي الحلم الذي كنت
أتمناه... المشاركة في المسابقة الرسمية لأيام قرطاج السينمائية.
·
«نسيج
العنكبوت» كيف تقدمه؟
يقدم الفيلم قصة مريم ذات الـ 17 سنة ترفض الزواج بشيخ يفرضه عليها
والدها. يورو شاب له اهتمامات سياسية معارض للنظام الحاكم في مالي يلتقي
مريم لتنشأ قصة حبّ بينهما... يناضلان من أجل انقاذ هذا الحب..
·
إنها قصة «روميو وجوليات» برؤية
افريقية... أليس كذلك؟
قد يكون الأمر كذلك على اعتبار ان الحبّ لا حدود له... فمثال «روميو
وجوليات» موجود في كامل أنحاء العالم... و«خيوط العنكبوت» توقف أيضا عند
الوضع السياسي في مالي... وهو وضع مليء بالمتناقضات والصراعات وفترة الحكم
الدكتاتورية في مالي على امتداد سبعينات القرن الماضي.
·
كيف هو حال السينما في مالي
اليوم؟
السينما في مالي تعاني، شأنها شأن عديد الدول الافريقية من ظاهرة ندرة
قاعات عروض الأفلام.. إن السينما في مالي تعاني من طوفان غلق القاعات...
لكن في المقابل هناك محاولات جادة حتى يعود الفن السابع الى الواجهة ضمن
الاهتمامات الثقافية في مالي.
·
من هذا المنطلق... لا يمكن
الحديث عن صناعة سينمائية في مالي؟
ليست موجودة أصلا... فإنجاز فيلم سينمائي في مالي شبيه بنزول المطر في
الصحراء..
ومن ينجح في إتمام عمل سينمائي يعني انه حقق معجزة على اعتبار ان مالي
تفتقر الى سياسة واضحة وعلى أسس ثابتة للمساعدة على الانتاج السينمائي.
·
والحل؟
إننا نناضل بجدية لأجل أن تكون لبلدنا مالي سينما خاصة به... إننا
نحلم لأجل تحويل ما نريده وما نتمناه الى حقيقة.
·
أنت متفائل؟
رغم الصعوبات... ليس لي سوى التفاؤل لكسب الرهان.
·
ماذا يمثل سليمان سيسي بالنسبة
الى السينمائيين في مالي؟
هو القدوة.. وهو المثل الأعلى الذي نسير على هديه لأجل تأسيس وتأثيث
سينما مالية خاصة بها تحمل أحلامنا وطموحاتنا وآمالنا وتحقق أهدافنا
النبيلة.
·
وماذا تعرف عن السينما في تونس؟
أعرف النوري بوزيد والناصر خمير ومحمد الزرن مازلت تلميذا في بداية
الطريق أمام هؤلاء المبدعين الكبار.
·
وتونس كيف بدت لك؟
جميلة بهذه الأيام التي كشفت لي ما يتوفّر عليه الشعب التونسي من
ثقافة عالية وحبّ عميق للسينما.
المسابقة الرسمية للأفلام الطويلة :
فيلم «عطور الجزائر» لرشيد بلحاج - العشريـــة الســوداء
محسن بن أحمد
سجل الفيلم الجزائري «عطور الجزائر» للمخرج رشيد بلحاج حضوره في
المسابقة الرسمية للأفلام الطويلة لأيام قرطاج السينمائية عشية السبت وسط
حضور جماهيري هام جاء لتجديد العهد مع السينما الجزائرية التي ولدت من رحم
ثورة التحرير...
عطور الجزائر جمع بين عدد من الممثلين الجزائريين : شافية بوذراع سيد
أحمد أقومي، ريم تكوش (الحائزة على جائزة أفضل ممثلة واعدة في دورة أيام
قرطاج السينمائية دورة 2008) أحمد بن عيسى ويوسف مزياني وعديلة بن ديمارد...
إلى جانب الممثلة الايطالية مونيكا فريتور...
هذا العمل السينمائي الجديد في مسيرة رشيد بلحاج سعى فيه المخرج إلى
العودة للماضي برؤية الحاضر...عاد رشيد بلحاج في «عطور الجزائر» إلى
العشرية السوداء التي عاشتها الجزائر... عشرية القتل والهدم والأفكار
المتشددة وما عرفته الجزائر من متغيّرات على الصعيد الاجتماعي الجزائري.
هي الجزائر الأمة تظهر وتتراءى للمشاهد من خلال أسرة بن سعدي الذي
يفقد ابنته كريمة بالفرار إلى باريس خوفا من بطشه وجبروته لتمارس مهنة
التصوير الفوتوغرافي وتكسب شهرة كبيرة... كريمة ترفض الجزائر لأنها عنوان
الارهاب والعنف وقتل الأبرياء وكبت الحريات في تلك السنوات... إلا أنها
تعود إليها مكرهة استجابة لإلحاح أمها التي تطلب منها المساعدة بعد صدور
حكم الاعدام في حق شقيقها مراد المتشدد الديني.
تحطّ كريمة الرحال بالجزائر بعد غياب دام عشرين سنة... وتعود معها
الذكريات المؤلمة مع الأب المتغطرس الذي يحتقر الجيل الجزائري الجديد ويرى
فيه عدم القدرة على إنجاز ما قدمه جيله أثناء حرب التحرير... جيل حسب هذا
الأب المتغطرس لا يملك الامكانيات للدفاع عن الجزائر.. تعود كريمة التي
أعلنت القطيعة مع اللغة العربية إلى لحظات الألم والقسوة التي كان يمارسها
الأب في حقها وحق شقيقها مراد...وهي ذكريات ألم ودموع بطلها الأب المتعجرف
الذي نجده مريضا في غرفة الانعاش وترفض كريمة زيارته.. تكتشف كريمة مجتمعا
جزائريا متغيرا مختلفا...مؤلما...بنات صغيرات يرتدين الحجاب منهن إبنة
شقيقها المسجون مراد وزوجته سامية... وتعيش لحظات رعب وهي تشاهد عملية
اقتحام المتشددين لحفل عائلي... فيكفّرون الجميع ويهشمون الآلات
الموسيقية... تنجح كريمة في الحصول على تصريح لزيارة أخيها في السجن
بمساعدة عمها... سجن وسط الصحراء...تصعقها أصوات التعذيب وهي تصعد مدارج
السجن...يصدمها موقف شقيقها الذي يرفض النظر إليها بل لم يقف الأمر عند هذا
الحد فهو يقدم لها قناعاته التي تصب كلها في إتجاه الجهاد المقدس..
...تتواصل الصور أكثر ألما ومأساة بمقتل سامية...فاجعة في حياة كريمة
التي تحتضن مولودتها لتشارك في تسجيل مظاهرة نسائية ضخمة تنادي بالحرية
وتندد بالارهاب.
«عطور الجزائر» إدانة للإرهاب وفضح لممارسات المتشددين والمتسترين
لتنفيذ عمليات إجرامية بشعة في حق الانسان العربي بصفة عامة...وانتصار
للجزائر الجديدة... جزائر الحرية والفكر المستنير...
عطب فني
متعة متابعة مختلف تفاصيل «عطور الجزائر» نغصّها عطب فني طرأ على جهاز
البث مما أحدث تململا لدى الحضور الذي تسلح بالصبر حتى تم تجاوز هذا
العارض... وما يلفت الانتباه أنه في ذات الوقت تم إلغاء عرض فيلم «مانموتش»
للنوري بوزيد لذات السبب!!؟
وثائقي «في المقلوب» لأشرف لعمار :
اللهث وراء حلم مستحيل دون يأس
وسام المختار
من الأفلام الوثائقية التي شدّت الجمهور في هذه الدورة من أيام قرطاج
السينمائية، الشريط الوثائقي «في المقلوب» للمخرج السينمائي أشرف لعمار.
«في المقلوب» انطلق تصويره قبل الثورة التونسية كما ان المخرج اختار
الابتعاد عن الثورة وكل ما يمكن ان يرتبط بها من أحداث وفضل مواصلة طرحه
لموضوع كان من المحرّمات أو من المواضيع المسكوت عنها.
«في المقلوب» فيلم وثائقي مدّته 52 دقيقة، أنتج في سنة 2012 مدير
تصويره علي بن عبد الله ويحكي هذا الفيلم عن نوع من أنواع القمار، وهو
المراهنة على الخيول أو ما يطلق عليه «التيارسي».
وهذا الموضوع لأول مرة يقع التطرق له في السينما التونسية.
لذلك صرّح عديد الحاضرين من جمهور أيام قرطاج السينمائية في عرضي هذا
الفيلم الأولين بقاعتي أميلكار وABC
بأنهم لأول مرة يكتشفون خفايا وأسرار وحقيقة هذا النوع من القمار.
وتجدر الإشارة الى أن «في المقلوب» حاول الإلمام بآراء وتصوّرات مختلف
مرتادي «التيارسي» بطريقة محايدة دون أن يدخل في التحليل والتحريم، تاركا
المجال مفتوحا أمام المشاهد كي يفكّر في الموضوع ويحكم بعقله دون تأثيرات
جانبية.
«في المقلوب»
عنوان الفيلم في حد ذاته كان مبهما بالنسبة الى الجمهور لكن هذا
العنوان، كما اتضح خلال مشاهدة الفيلم وحسب تصريح المخرج أشرف لعمار هو
مجرد عبارة متداولة لدى الناس الذين يمارسون هذا النوع من القمار.
كما يقول مخرج «في المقلوب» ان فيلمه كان توثيقيا وإنه اكتشف أثناء
التصوير أن كل الشرائح تمارس هذه اللعبة، اي لا فرق بين غني وفقير ومتوسط
الحالة الاجتماعية ولا فرق ايضا بين رجل وإمرأة وكذلك تجد أصحاب الاحتياجات
الخصوصية وغيرها من النماذج الموجودة بمجتمعنا..
أمل مستحيل
أما بخصوص الرسالة غير المعلنة للفيلم والرمزية فتتمثل في أن ممارسي
لعبة «التيارسي» يلهثون وراء حلم لا يتحقق ولكنهم لا ييأسون من اللعب يوميا
رسالة رمزية دعّمها المخرج بمشهد الحصان الذي ولد أمام الكاميرا وكيف كان
يحاول السير فيسقط ثم يحاول الوقوف مجددا، تماما كممارسي لعبة «التيارسي»
يخسرون ولكنهم لاييأسون.
وكأنهم واثقون من المستحيل حدّ الفخر بما يمارسون حتى يكاد الواحد
منهم ينطق (مع المعذرة لأبي الطيب المتنبي):
الخيل والليل والورقة تعرفني والأمل والقمار والمقهى والقلم
فهذه الفئة من المجتمع (التي تمارس لعبة «التيارسي») كانت في الظلام
مسكوت عنها، وكأنها الإرادة السياسية «فليلعبوا ما دمنا نلعب» لذلك يطرح
الفيلم في مضامينه البعيدة تساؤلات وجودية تمرّ كالخيط يراه العقل ولا
تلمحه العين على الشاشة.
أيام قرطاج السينمائية وقاعات السينما :
الوداع الأخير
!
نجوى الحيدري/ تونس ـ الشروق
ما من مواكب لأيام قرطاج السينمائية في هذه الدورة الحالية إلا وتساءل
عن مدى قدرة استيعاب هذه القاعات لتظاهرة دولية وأدرك جيدا حجم المشاكل
التقنية والفنية التي تعاني منها قاعات العروض حيث سجلت أعطاب وإخلالات
بالجملة.
لئن شهدت قاعات السينما في تونس تراجعا من حيث العدد في السنوات
الماضية فإن ما تبقى منها يعاني من مشاكل لا يمكن حصرها وقد أثبتت الدورة
الحالية من أيام قرطاج السينمائية عدم قدرة هذه القاعات على استيعاب تظاهرة
دولية انطلاقا من سهرة الافتتاح التي احتضنتها قاعة الكوليزي بالعاصمة حين
حضر العطب الصوتي بامتياز الى جانب الحرارة التي أجبرت البعض على مغادرة
القاعة قبل انتهاء السهرة.
أعطاب بالجملة
لن نبالغ حين نصف بعض القاعات بسوق الخضار غير المهيئ لكثرة وحدّة
الأوساخ الملتصقة بالسجاد وبالكراسي حتى أنك لا تستطيع الجلوس عليه خشية من
ان تلتصق بك بقايا تلك الأوساخ او البعض من تلك الكراسي المهترئة التي بدأت
«بطونها» تظهر.
لا شيء يغريك لمتابعة عرض الى حين ينتهي، فكل الظروف تجبرك على مغادرة
المكان دون رجعة، مكيّفات معطّبة، ولعل أهم عطب تميزت به هذه الدورة مشكل
الصوت الذي ينقطع أحيانا ثم يعود ليحدث ضجة تتصدّع لها الآذان، هذا المشكل
الذي تعاني منه تقريبا جل التظاهرات الثقافية التونسية وحتى أكبرها وأهمها
ولعل مهرجان قرطاج الدولي خير دليل على ذلك.
والغريب ان هذه الدورة الحالية لأيام قرطاج السينمائية حظيت باهتمام
وزارة الثقافة التي كانت قد تحدثت عن هذه التظاهرة في مناسبات عدة (على
لسان وزير الثقافة) على اعتبار أنها ستوليها اهتماما كبيرا حتى تكون متميزة
ومختلفة على سابقاتها لكن الواضح ان هذا الاهتمام لم يدخل حيز التنفيذ.
فكان من المفروض ان تهتم الوزارة بقاعات العروض وتهيئها تقنيا وجماليا
لاحتضان مثل هذه التظاهرة الدولية، حتى لا يقع جمهور المهرجان في مثل هذه
الاحراجات التي تعدت الأعطاب فيها تقنيات الصوت لتشمل ايضا الصورة التي
تنقطع كلما يحلو لها ذلك ليخيّم الظلام على القاعة دون انذار مسبق.
إلغاء عروض لأسباب تقنية
ولهذه الأسباب التقنية تم إلغاء مجموعة من العروض من بعض القاعات
لعجزها عن عرض الافلام المبرمجة.
كما تم الاعلان ايضا عن تأجيل عرض فيلم النوري بوزيد «مانموتوش» لأن
القاعة المبرمجة لاحتضان العرض غير مهيئة بالتقنيات السينمائية الجديدة.
الأعطاب التقنية التي لزمت هذه الدورة الحالية من أيام قرطاج
السينمائية لا تليق بتظاهرة دولية لطالما أعطت الصورة المشرّفة للثقافة في
تونس وهو ما يطرح أكثر من سؤال ولعل أبرزها هل ان القاعات السينمائية
التونسية مازالت قادرة على استيعاب مثل هذه التظاهرات؟ وهل أن وزارة
الثقافة مازالت تؤمن بالسينما والسينمائيين في تونس أو أنها عادة لا تريد
قطعها فحسب؟
وإن كان هناك ـ وحسب ما لاحظنا ـ عدد كبير من المشرفين والمسؤولين على
هذه التظاهرة وهم يتقاضون أجورهم فما هي إذن مهامهم والمسائل التنظيمية
تكاد تكون منعدمة في هذه الدورة؟!
أيام قرطاج السينمائية في دورتها الحالية لمن لم يتابع عروضها ويوم
افتتاحها فهي شبيهة بالمجلس التأسيسي وأعضائه عشرات المسؤولين والمنظمين في
المقابل غياب تام للتنظيم.
لتبقى مشاكل بالجملة في انتظار الحلول الجذرية والسريعة.
سوق الأفلام :
فضاء للتعريف وترويــج الإنتــاج السينمائـــــي
التونســــي
محسن بن أحمد
وسط حضور محتشم، تم صباح أمس افتتاح سوق الأفلام الذي تشرف على تنظيمه
الغرفة النقابية لمنتجي الأفلام وفي تصريح لـ«الشروق» كشفت السيدة نجوى
سلامة نائبة رئيس الغرفة النقابية لمنتجي الأفلام أن هذه السوق التي تتواصل
حتى يوم غد الجمعة اختارت الاهتمام بالانتاجات من أفلام قصيرة ووثائقية
تونسية على اعتبار أن مثل هذه الانتاجات تعاني من اللامبالاة وعدم الاهتمام
فهي انتاجات تعيش قلة الاقبال عليها من المهرجانات المختصة والقنوات
التلفزيونية... وتمثل هذه السوق فرصة للتعريف بها ومدّ جسور التواصل بين
المنتجين والموزّعين للانتاج المشترك والتبادل لهذه الانتاجات وجوابا عن
سؤال حول ما اذا كانت هذه السوق مقتصرة على الانتاج التونسي قالت السيدة
نجوى سلامة: إن هذه السوق تسجل حضور الانتاج المغاربي من خلال حضور الأفلام
الجزائرية والمغربية بمختلف الأصناف مع الإشارة ان هذه السوق سجلت حضور بعض
الأفلام التونسية الطويلة الجديدة على غرار : «آخر ديسمبر» لمعز كمون
و«حكايات تونسية» لندى المازني حفيظ و«مانموتش» للنوري بوزيد و«خميس عشية»
لمحمد دمق.
وبالعودة الى الأفلام القصيرة التونسية التي سجلت حضورها في هذه السوق
نذكر على سبيل المثال «خط منكسر» لمنير بعزيز وعبيد غبنطن و«ذاكرة النسيان»
لرمزي البجاوي و«7، 6، 5، 3، 2، 1» لبلال البالي.
الشروق التونسية في
22/11/2012 |