كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

هند رستم:

«هنومة» الباحثة عن الحرية أو سرابها

كتب إبراهيم العريس

عن رحيل ملكة الإغراء في السينما

هند رستم

   
 
 
 
 
 
 

... وكأنها، قبل أن تموت، انتظرت تغييراً في مصر يعيد بلدها الحبيب هذا الى ما كانت تتصور أنه العصر الذهبي، العصر الذي شهد ذروة تألقها بوصفها فنانة لا توجَد ويوجَد فنّها الا مترافقاً مع الحرية. هذه الحرية، التي مكَّنتها من أن تلعب أدواراً في أفلام ذلك العصر المدهش في تاريخ مصر، تعكس توقاً مصرياً عاماً الى دخول العصر وجعل الفن أداة للانعتاق. ولسنا نعني هنا انعتاقاً سياسياً يمكن ان يقال كشعار ويمارس ما هو عكسه تماماً، بل هو انعتاق اجتماعي كان من شأنه آنذاك ان ينهي حقبة كانت تَحُول، بين أمور كثيرة أخرى، بين بنات مصر ولعبهنّ على الشاشة أدواراً تشاكس المحظورات. قبل هند رستم وبعض «الآمازونيات» الأخريات، من ذوات الجذور التركية على أي حال، لم يكن لفتاة مصرية ان ترضى بأن تلقب ملكة إغراء، لكن هند قبلت... بل اكثر من هذا: هي قبلت بأن يكون اولُ ظهور شعبيّ كبير وواعد لها عبر ملصقات انتشرت في شوارع المدن العربية تحمل صورتها المرسومة بأسلوب «الكيتش» وتعلوها عبارة تقول: هذه المرأة خانت زوجها! لم يكن هيّناً ان تبدأ ممثلة مسارها الفني على هذا النحو، لكنّ هند رستم فعلتها، بل ظلت طوال حياتها مندهشة أمام دهشة الناس الدائمة لما فعلت!

كان الملصق لفيلم «اعترافات زوجة» الذي عُرض أواسط خمسينات القرن العشرين، فهل نقول إنه خلق من حول الفنانة الشابة (كانت بالكاد تجاوزت العشرين في ذلك الحين) سوءَ تفاهم جعلها بسرعة «مارلين مونرو الشرق»؟ بالتأكيد، لكنه سوء التفاهم الذي أعطاها شعبية مدهشة، وإن كانت اول الأمر على حساب أدائها الفني الذي لم يُلحظ في شكل واضح إلا لاحقاً... بل بعد سنوات عديدة من قنبلة الأداء التي لن تُنسى أبداً، والتي حملت اسم «هنومة» في رائعة يوسف شاهين «باب الحديد».

اليوم لو سألنا أيَّ ناقد ومؤرخ للسينما العربية عن أفضل عشرة أداءات في تاريخ هذه السينما، ستكون هند رستم «هنومة» في مكان متقدم بين المجموعة. لكن هذا لن يُلحظ إلا لاحقاً، كما قلنا، حين انتهت «لعنة» ذلك الفيلم وصار من الكلاسيكيات الكبرى في تاريخ السينما العالمية. وفي ضوء هذا الواقع الجديد نفسه، سيعود كثر للبحث عن هند رستم في أدوار صغيرة عابرة (كومبارس تقريباً) في أفلام شعبية سابقة على «اعترافات زوجة» أو «باب الحديد»، والمدهش في ذلك البحث ان حضور هند ولو في أدوار عابرة، عاد يلحّ بقوة مثل ضوء قمر كانت الغيوم حجبته. وأيّاً يكن الأمر هنا، فإن هند، التي منذ نالت اللقب «الإغرائي» أواسط الخمسينات، صارت هي تَعتبر اللقب طُعم صيّاد تُجتذب الفريسة به لاكتشاف ما في خلفه من عمق إنساني وتوق الى الحرية، شرط ان يكون الصياد نفسه مبدعاً حقيقياً. ولا ريب أن تلك الفنانة الاستثنائية، والتي لم يعمّر حضورها على الشاشة اكثر من عشرين سنة اخرى (إذ اعتزلت نهائياً العام 1979 وكانت لا تزال دون الخمسين من العمر، رافضة ان تقاسم معجبيها كهولتها وشيخوختها بعدما قاسمتهم شبابها وأداءها في اكثر من سبعين فيلماً)، عرفت كيف تعطي افضل ما لديها، مع «الصلصة» الشكلية الخارجية أو من دونها، حين كانت تمثّل تحت إدارة مبدعين من طينة حسن الإمام أو عز الدين ذو الفقار أو احمد ضياء الدين وغيرهم، من الذين على خطى يوسف شاهين الذي خلّدها شكلاً وأداء وأنثوية، إذ جعلها أنثاه المشتهاة والمستحيلة في «باب الحديد»... أي حين صارت حضوراً مشعّاً وامرأة حرة في أفلام لا تُنسى، مثل «ردّ قلبي» و «شفيقة القبطية» و «الراهبة» و «الخروج من الجنة» و «حياتي عذاب» الذي كان عملها الأخير قبل الاعتزال.

في كل هذه الأفلام وغيرها، بدت هند رستم كما هي في حقيقتها: امرأة تتطلع الى الحرية... حريتها وحرية المجتمع الذي تعيش فيه... المجتمع الذي ما رحلت تاركته قبل يومين إلا - كما يخيّل إلينا - بعدما اطمأنت، إنْ عن خطأ أو عن صواب، الى انه استعاد من زمن الذهب قسطاً من حريته يكفيه كي يعيش من دونها.

 

الحياة اللندنية في

10.08.2011

 
 
 
 
 

هند رستم ... من دور صامت إلى نجمة شباك

القاهرة - نيرمين سامي 

71 فيلما بدأتها بـ «غزل البنات» عام 1949 ليكون آخرها «حياتي عذاب» عام 1979، هي محصلة أعمال الفنانة الراحلة هند رستم التي وافتها المنية عن عمر يناهز الـ 82 إثر أزمة قلبية. بعد سنوات من العطاء السينمائي، فضلت هند الاعتزال في قمة مجدها، وهي تعَدّ واحدة من أهم الفنانات في تاريخ السينما العربية حيث اشتهرت بتقديم أدوار الإغراء في السينما المصرية، وأطلق عليها لقب «مارلين مونرو الشرق» لشبهها بنجمة الإغراء العالمية مارلين مونرو. تزوجت هند رستم مرتين، الأولى من المخرج حسن رضا، الذي تزوجها في بداية مشوارها الفني وساعدها كثيراً، وأنجبت منه ابنتها «بسنت»، والثانية من الدكتور محمد فياض الذي رافقته حتى وفاته. في المقابل، لم تُقْدِم هند على تجربة الدراما التلفزيونية لكنها ندمت على الأمر بعد ذلك، إذ كان من المفترض أن تقدم عملاً درامياً لكنها اختلفت على الأجر.

ولدت هند رستم في 11 تشرين الثاني (نوفمبر) 1929 في حي محرم بك في مدينة الإسكندرية لأم مصرية وأب من أصل تركي كان يعمل ضابط شرطة. وظهرت في السينما لأول مرة في فيلم «غزل البنات» ضمن المجاميع التي رافقت المطربة ليلى مراد في أغنية «اتمخطري يا خيل» لمدة دقيقتين فقط. عشقت هند السينما المصرية منذ الصغر وكانت تذهب إلى دور العرض السينمائية برفقة صديقاتها، حيث كانت توفر مصروفها الشخصي لدخول السينما التي كانت لا تزال في بدايتها وتواجه انتقادات من العائلات المحافظة. وهي حين بدأت تظهر رغبة في دخول العمل السينمائي رفض والدها ضابط الشرطة عملها في السينما، في حين تحمست والدتها وساعدتها على دخول مجال السينما بعد انفصالها عن والدها. عاشت هند برفقة والدتها التي كانت ميسورة الحال، والمصادفة كانت وراء دخول هند إلى مجال السينما، إذ كانت تشاهد أحد الأفلام في سينما كوزمس عماد الدين، فتعرفت الى صبية كانت تجلس الى جوارها، وسرعان ما دعتها هذه الى مرافقتها الى مكتب التمثيل كان أعلن عن حاجته إلى فتيات للتمثيل، وعندما ذهبت التقت عز الدين ذو الفقار وكان وقتها مساعد مخرج، وظن أنها ليست مصرية، خصوصاً أن غالبية البنات الموجودات لديه في ذلك الوقت لم يكن مصريات، وسألها هل تجيد العربية فردت بالتأكيد، وقدمها للمخرج الذي أسند إليها مشهداً في «غزل البنات». وذهبت هند لتصوير المشهد في استوديو جلال، وبعد التصوير سألها المخرج هل هذه هي أول مرة تقف فيها أمام الكاميرا؟ قالت: نعم، فسألها ألم تخافي؟ فقالت: «ممّ أخاف. هذه الكاميرا مجرد قطعة حديد». وكانت تلك بدايتها الحقيقية، لتشترك بعد ذلك في العديد من الأفلام بأدوار صغيرة. ويعَدّ المنتج حسن رمزي والمخرج حسن الإمام مكتشفَيْ هند رستم، إذ أرسلها حسن رمزي إلى المخرج حسن الإمام مع توصية كي يأخذها لدور في أحد أفلامه، لكن الإمام اتفق مع الفنانة زهرة العلا وأعطاها دوراً آخر، وكان أول مشهد لها عبارة عن رقصة تشبه ما في الأفلام الأجنبية لتدهش الإمام بأدائها، ليمنحها بعد ذلك فرصة الدور الثاني في فيلم «بنات الليل»، الذي حقق نجاحاً كبيراً، دفع بها لبطولة فيلم «الجسد» عام 1955.

ومن أهم أفلامها الى ما ذكرنا: «بابا أمين» ، «انتصار الإسلام»، «حب في الظلام»، «اللقاء الأخير»، «بنات حواء»، «الستات مبيعرفوش يكدبو»، «أنت حبيبي»، «ابن حميدو»، «لا أنام»، «ردّ قلبي»، «إسماعيل ياسين في مسشفي المجانين»، «توحة»، «باب الحديد» للمخرج يوسف شاهين، الذي نافس على جائزة الدب الذهبي في مهرجان برلين السينمائي عام 1958، «بين السماء والأرض»، «صراع في النيل»، و «شفيقة القبطية»... واذا كان كثر يعتقدون أن هند رستم لم تقدم غير أدوار الإغراء، فإنها في الحقيقة قدمت أفلاماً عديدة تحمل مضموناً تراجيدياً وإنسانياً في غاية الأهمية، مثل فيلم «الوديعة»، الذي قدمت فيه دور امرأة قعيدة كل علاقتها بالعالم من خلال التليفون، وفيلم «شفيقة القبطية»، الذي يحكي حياة فتاة مسيحية تختار طريق الملذات ثم تتوب، كما قدمت الأفلام الكوميدية، مثل فيلم «بين السما والأرض» لصلاح ابو سيف. وكان آخر ظهور لرستم بعد فترة انقطاع طويلة عن اللقاءات التلفزيونية عبر برنامج «مصر النهاردة»، الذي كان يذاع على القناة الثانية الأرضية والفضائية المصرية مع الإعلامي محمود سعد، وكانت طلبت منه في البداية أن يكون اللقاء بالصوت فقط، فوافق لكن عندما ذهبت الى البلاتوه قررت الظهور صوتاً وصورة.

 

الحياة اللندنية في

12.08.2011

 
 
 
 
 

صاحبة أفلام «باب الحديد» و« صراع في النيل» و«إشاعة حب»

رحيل هند رستم.. «مارلين مونرو الشرق» بعد رحلة فنية خصبة

القاهرة: منى مدكور 

بعد رحلة عطاء أثرت من خلالها الشاشة الفضية بالكثير من الأفلام المهمة والمتميزة، وعن عمر يناهز 82 عاما، وصراع مع أمراض القلب، طوت هند رستم المعروفة بـ«مارلين مونرو الشرق» صفحتها مع الحياة، تاركة نموذجا لإنسانة وفنانة يحتذى به، عرفت كيف تبكي بشكل واقعي، وكيف تنتزع الضحكات والتصفيق وإعجاب الجمهور في الكثير من المواقف الإنسانية البسيطة والمعقدة التي طالما جسدتها في مشوارها مع السينما.

«رحلت في سلام وسكينة تامة».. خمس كلمات موجزة تحدث بها محمد نصير (34) عاما – الحفيد الوحيد للفنانة الراحلة هند رستم من ابنتها الوحيدة «بسنت». وأردف قائلا: كانت «كالنسمة.. حين تجلس معها يمر الوقت بلا تعب أو معاناة».

وقال نصير لـ« لـ«الشرق الأوسط»: «لقد مر كل شيء بسرعة وهدوء شديد، لقد عانت فجأة من بعض أعراض التعب في القلب وأدخلت المستشفى وشخصت الحالة بأنها التهاب في الشعب الهوائية وارتفاع في درجة الحرارة وتم معالجتها، واستقرت الحالة، ولكن مع كبر السن تدهورت حالتها الصحية مرة أخرى، خاصة أنها أجرت من قبل عملية قلب مفتوح، أعقبها تركيب دعامات للقلب».

يضيف نصير: هند رستم كانت في اليومين السابقين للوفاة توصي كثيرا كل من حولها على أولادي (أبناء حفيدها) وأن نأخذ بالنا من بعضنا ونظل مترابطين أسريا كما كانت وهي معنا.

ويذكر الحفيد أنها كانت تستقبل شهر رمضان كل عام بحفاوة كبيرة، ولظروفها الصحية المعقدة لم تكن تستطيع الصيام في أواخر سنوات عمرها، لهذا كانت تصر على أن تتكفل بإفطار عدد معين من الصائمين تعويضا عن عدم قدرتها على الصوم، وقد فعلت هذا العام، وحرصت كعادتها كل عام، أن يكون إفطار الصائمين على مدى الثلاثين يوما، وبشكل لائق وكريم.

وكان لافتا غياب عدد من النجوم عن وداع هند رستم لمثواها الأخير، وهي الفنانة التي شاركت غالبية نجوم الوسط الفني في أعمال سينمائية لها قيمتها الكبيرة. واقتصرت الجنازة على كوكبة صغيرة من الوسط الفني من بينهم نادية لطفي، وإلهام شاهين، وسمير صبري، وأشرف عبد الغفور، وطارق النهري، ومحمد أبو داود، وحلمي فودة، والماكيير محمد عشوب، والمنتج محسن علم الدين.

ونفى نصير أن تكون عائلة هند رستم أصابتها صدمة من قلة عدد الفنانين الذين شاركوا في جنازتها، قائلا: «لم تحدث لنا صدمة من ذلك بالمرة، فهند رستم اعتزلت العمل الفني منذ سنوات طويلة جدا قاربت الثلاثين عاما وهي بطبيعتها لم تكن ذات علاقات واسعة كما يتخيل البعض، وبعد اعتزالها الفن أصبحت علاقتها بالفنانين والوسط الفني عامة قليلة جدا جدا، ويكاد يقتصر عددها على أصابع اليد الواحدة، فعندما تفرغت للمنزل ولكي تكون بعيدة عن الأضواء لم تتراجع عن هذا القرار». وأضاف حفيد الفنانة الراحلة قائلا: «لقد كانت وصية هند رستم قبل الوفاة أن تكون الجنازة من مسجد السيدة نفسية تحديدا وأن تدفن في مدافن آل رستم في مقابر الغفير وهذا ما فعلناه تماما».

هذا، وكان خبر وفاة هند رستم قد مثل صدمة كبيرة للوسط الفني مساء أمس، خاصة أولئك الذين اشتركوا معها في بطولة أفلامها، حيث قال الفنان حسن يوسف «لـ«الشرق الأوسط»: أنا «حزين للغاية على رحيلها ولكنها سنة الحياة والموت علينا حق وفراق الذين نحبهم أمر جلل ويحزن القلب، وأسأل الله أن يكرمها في مثواها الأخير بفضل هذا الشهر الكريم، فقد توفيت في أيام كريمة، أيام الرحمة والمغفرة وأدعو كل محبيها ومعجبيها أن يدعوا لها بالرحمة، فلقد كانت إنسانة عظيمة ونبيلة الخلق ووفية لزملائها وأهلها».

أما الفنانة نادية الجندي، فلم تتمالك نفسها من كثرة البكاء على رحيل هند رستم وقالت بصوت متحشرج: «أدعو لها بالمغفرة والرحمة وأن يتقبلها الله قبولا حسنا في هذا الشهر الكريم، فلقد كانت أعظم إنسانة ممكن أن تقابلها في حياتك، كانت سيدة من طراز فريد وفنانة من نوع خاص ولا أنسى لها الكثير من المواقف الإنسانية، وشهادتها في حقي في أحد أعمالي الفنية الأخيرة (مسلسل الملكة نازلي) كانت وساما على صدري لا يمكن أن أنساه أبدا، وكأني حصلت على جائزة دولية».

بينما أشار رمسيس نجيب، شيخ المصورين السينمائيين ورفيق درب المخرج الراحل يوسف شاهين على مدار 40 عاما: «لقد خسرنا خسارة كبيرة بوفاتها والفن المصري لا ينسى لها أبدا الكثير من الأدوار السينمائية الخالدة ولا يمكن أحد أن يعوض مكانتها وكل من كان يحاول تقليدها يخسر الرهان، ولقد كانت فنانة ملتزمة وقادرة على أداء أدوارها بحرفية عالية وبراعة. إن تاريخها الفني سيظل شاهدا على قدرتها على الإبداع».

ورغم اعتزال هند التمثيل فما زال لها حضور ملحوظ في الكثير من الأدوار المتنوعة التي قدمتها وبلغ عددها 74 فيلما، مثل أفلام «سيد درويش» و«الراهبة» و«الزوج العازب» و«تفاحة آدم» و«الخروج من الجنة» و«شفيقة القبطية» و«ملكة الليل» و«كلمة شرف». كما تضمنت قائمة أفضل 100 فيلم مصري في القرن العشرين بمناسبة مئوية السينما عام 1996 أربعة أفلام لهند رستم تعد من كلاسيكيات السينما العربية، هي: «رد قلبي» لعز الدين ذو الفقار، و«باب الحديد» ليوسف شاهين، و«بين السماء والأرض» لصلاح أبو سيف، و«صراع في النيل» لعاطف سالم، وهي واحدة من الممثلات القليلات اللاتي ظهرن بشخصياتهن الحقيقية في بعض الأفلام ومنها فيلم «إشاعة حب»، لمخرجه فطين عبد الوهاب.

أما آخر تكريم فني لها فكان من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي عام 1993.

واشتهرت رستم التي ولدت في حي محرم بك بالإسكندرية، في 11 نوفمبر (تشرين الثاني) 1929 بأدوار الإغراء في السينما المصرية في الخمسينات، وعرفت «بملكة الإغراء» وأطلق عليها النقاد اسم «مارلين مونرو الشرق»، لشبهها الظاهر بمارلين مونرو بشعرها الأشقر، فيما كان أول ظهور فني لها عام 1949 في أغنية «اتمخطري يا خيل» لمدة دقيقتين كـ«كومبارس» تركب حصانا خلف ليلى مراد في فيلم «غزل البنات» مع نجيب الريحاني وليلى مراد ويوسف وهبي، ثم توالت بعد ذلك الأدوار الصغيرة حتى التقت بالمخرج حسن رضا الذي تزوجها وأنجبت منه ابنتها الوحيدة «بسنت»، وبدأت رحلة النجومية في السينما. هذا ولم تشارك هند رستم في أعمال درامية تلفزيونية وعرض آخر أفلامها «حياتي عذاب» 1979. تزوجت هند رستم للمرة الثانية من الدكتور محمد فياض، أستاذ النساء والولادة الشهير. وذلك بعد طلاقها من المخرج حسن رضا.

 

الشرق الأوسط في

10.08.2011

 
 
 
 
 

قضت 10 ساعات في العناية الفائقة ورحلت عن الدنيا

قلب هند رستم توقف ألماً

القاهرة - “الخليج”:  

توفيت مساء أمس الأول، الفنانة المعتزلة هند رستم عن عمر يناهز 82 عاماً، بعد تعرضها لآلام حادة مفاجئة في القلب احتاجت إلى نقلها على الفور إلى الرعاية المركزة في أحد مستشفيات القاهرة، غير أنها فارقت الحياة بعد عشر ساعات من دخولها غرفة الرعاية الفائقة .

الفنانة الراحلة اعتزلت الفن قبل 32 سنة بعد أن قدمت آخر أفلامها “حياتي عذاب”، بعده ابتعدت عن الفن والأضواء وفضلت أن تعيش لزوجها الطبيب المعروف الدكتور محمد فياض، وابنتها بسنت، وأحفادها، واختارت أن تجلس في مقاعد المتفرجين .

ولدت الفنانة الراحلة في حي محرم بك بمدينة الإسكندرية لأب من أصل تركي وأم مصرية وكان أبوها ضابطا في الشرطة، وجاء أول ظهور فني لها في مشهدين فقط في دور فتاة “معتوهة” في فيلم “الستات ميعرفوش يكدبوا” للمخرج محمد عبدالجواد، حيث كانت البطولة لشادية وإسماعيل ياسين وشكري سرحان، وقبل أن تصبح كومبارس ناطقاً كانت مجرد كومبارس صامت، حيث ساقتها الصدفة إلى مكتب شركة الأفلام المتحدة عام 1946 لتشارك بعد ذلك بدور صغير مع الفنان يحيى شاهين في فيلم “أزهار وأشواك” عام ،1947 وفي عام 1949 ظهرت خلال فيلم “غزل البنات” ككومبارس أيضاً لمدة دقيقتين أثناء تصوير أغنية “اتمختري يا خيل” للفنانة ليلى مراد، ثم توالت بعد ذلك الأدوار الصغيرة حتى التقت المخرج حسن رضا وتزوجت منه وأنجبت ابنتها بسنت وبدأت رحلة النجومية في السينما، حيث كانت تؤدي بعض الرقصات، إلى جانب التمثيل، غير أن قدرتها كممثلة ظهرت على يد المخرج حسن الإمام الذي قدمها في فيلم “الملاك الظالم” عام 1954 في مشهد وحيد، ويبدو أن مخرج الروائع حسن الإمام كان قد انتبه إلى موهبة وإمكانات هذه الفنانة المتفردة، ففاجأها بأن كتب لها خصيصاً فيلم “بنات الليل” الذي عرض 1955 وشاركها بطولته كمال الشناوي .

أغرى نجاح الفيلم مخرج الروائع حسن الإمام لإنتاج فيلمين آخرين لهذه النجمة التي اخترقت قلوب المشاهدين، فأنتج وأخرج لها فيلم “الجسد” ثم “اعترافات زوجة” .

في هذين الفيلمين لم تعتمد هند مناطق الإثارة في التمثيل بل قدمت نفسها بوصفها ممثلة تمتلك كل مواهب وطاقات وإمكانات النجمات الكبيرات على مستوى السينما المصرية بل والعالمية .

أصبحت هند منذ ذلك التاريخ منافسة قوية لجميلات السينما المصرية فاتن حمامة وشادية وماجدة، بل أصبحت منافسة لكل النجوم في تحقيقها أعلى إيرادات شباك التذاكر، وأصبح المنتجون يسعون لكسب ودها، اعترافا منهم بأنها علامة مسجلة للنجاح والجودة، والكسب أيضا، فقدمها حسن الإمام في عشرة أفلام شبه متتالية لعل أهمها على المستوى النقدي فيلما “شفيقة القبطية” الذي قدمته عام ،1963 و”الراهبة” عام 1965 .

في تاريخ حياتها لم تمثل هند رستم للمسرح، ولكنها قدمت مع إسماعيل ياسين العديد من الأفلام الكوميدية أهمها “ابن حميدو” عام 1957 للمخرج فطين عبدالوهاب، ثم توهجت مع “صلاح أبو سيف” في “لا أنام” عام 1957 .

وصلت هند رستم إلى مرحلة النضج الفني في “صراع في النيل” عام ،1959 واستطاعت أن تعبر عن مشاعر الأنثى ولهيبها بالعواطف من دون التعري، وهذا ما فعلته أيضاً في “رجل بلا قلب” عام 1960 أمام يحيى شاهين وأيضاً في مشاهد قليلة من فيلم “إشاعة حب” في نفس العام للمخرج فطين عبدالوهاب، ونجحت هند في أن تتميز وأن تبدو النجمة التي تهافت عليها الجميع لتكون بحق نموذج الفنانة الموهوبة في السينما المصرية ما شكل حالة خاصة في الأداء، فرغم أن أدوار البطولة الأولى كانت إغراء مثل فيلم “الجسد” فإنها لم تلبث أن غيرت من هويتها في أفلام مثل “باب الحديد” و”امرأة على الهامش”، إضافة إلى أدوارها الكوميدية .

استفاد حسن الإمام من مواهبها وقدمها في أحسن أدوارها كما لمعت في دور قصير في “كلمة شرف”، كما ظهرت موهبتها التمثيلية من خلال فيلم “الخروج من الجنة” مع الفنان فريد الأطرش، حيث قامت بالتمثيل فقط في الفيلم من دون أداء أي استعراضات وحصلت على العديد من الجوائز عن أفلامها خاصة “الجبان والحب” عام 1975 . وصارت هند رستم أشهر وأهم نجمة إغراء في عالم السينما المصرية، وتزوجت أيضا من الطبيب المعروف الدكتور محمد فياض .

اشتهرت بألقاب: “ملكة الإغراء”، “مارلين مونرو الشرق”، وفي أواخر السبعينيات قررت هند رستم اعتزال العمل الفني، بعد أن قدمت ما يقرب من مائة فيلم، منها “ابن حميدو، والجسد، نساء في حياتي، وبين السما والأرض، ساحر النساء، الراهبة، وشفيقة القبطية”، وغيرها العديد من الأفلام التي أصبحت من كلاسيكيات السينما المصرية . وعلى الرغم من اعتزال الفنانة المصرية قبل ثلاثة عقود ورفضها الظهور في وسائل الإعلام، فإنها خلال السنوات الثلاث الأخيرة وافقت على الظهور في حوار تلفزيوني مع الإعلامي محمود سعد من خلال برنامج “مصر النهاردة”، كما أدلت بعدة حوارات لعدد من الصحف .

كانت الراحلة في كل لقاءاتها التي أجرتها مؤخراً تؤكد عدم ندمها اعتزالها الفن طوال هذه السنوات، رغم الإغراءات العديدة لمحاولة إعادتها للكاميرا من جديد، حيث عرض عليها القيام ببطولة مسلسل “عائلة شلش” أمام الراحل صلاح ذو الفقار، الذي قامت ببطولته فيما بعد الفنانة ليلى طاهر، ولكنها رفضت، رغم إعجابها بالسيناريو، رفضت لأنهم عرضوا عليها أجراً في ذلك الوقت ستة آلاف جنيه في الحلقة الواحدة، في حين كانت الفنانة فاتن حمامة تتقاضى أجراً عشرة آلاف جنيه في الحلقة، فرفضت هند، ليس من أجل الفلوس، ولكن من أجل التقدير، وفضلت البقاء بين أسرتها على أن تعود بلا تقدير لمشوارها وتاريخها، فكانت تقول: “أسرتي هي كل شيء في حياتي ابنتي هي زهرة عمري وحفيدي هو شيء مهم في حياتي أما زوجي فهو أشياء كثيرة لا أستطيع الاستغناء عنها وفي النهاية إحساس أنني انتمي لهذه الأسرة هو إحساس بالأمان والحب . فأنا دائما أشعر بالسعادة والفخر لأنني اخترت الطريق الصح والحياة الطبيعية منذ أن قررت الارتباط بالدكتور فياض قررت الاعتزال والتوقف والتفرغ للمنزل، وعلى فكرة ده الصح لأن الست في النهاية من غير راجل ولا حاجة .

فأنا والحمد لله سعيدة في حياتي، ولم أتصور يوما أنني ضحيت كثيراً، فالأسرة أهم من النجومية ولم أتصور نفسي وقد سرقني الزمن مثل كثير من النجمات ثم أكتشف في النهاية أنني من دون منزل وأسرة، وقتها لن تنفعني النجومية في شيء بل سأجد نفسي وحيدة” .

رحم الله الفنانة الجميلة . . واحدة من فنانات الزمن الجميل .

 

الخليج الإماراتية في

10.08.2011

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004