نور الدين صايل:
ما يجذب النجوم الى مراكش
أقوى من المال
مراكش - فيكي حبيب
أسّس، أو على الأقل، ساهم في تأسيس قواعد كثيرة للنشاط السينمائي في
المغرب. من حركة نوادي السينما الى الحركة النقدية الى ارتباط السينما
بالتلفزيون، وصولاً الى إعادة إحياء الإنتاج والمهرجانات السينمائية.
نور الدين صايل حالة على حدة في الحياة الثقافية المغربية. حتى
أعداؤه، وهم كثر منذ تسلم مقدرات المركز الوطني للسينما، يعترفون له بكل
هذا، وإن كانوا يأخذون عليه الكثير من الأمور. هذا يجعل صايل في حروب
دائمة. لكنه، كما يقول، لا يعبأ كثيراً بهذه الحروب. همه الأساس أن ينهض
بالسينما المغربية وأن يكرّس نجاح المهرجانات في بلده، وفي مقدمها مهرجان
مراكش الذي إذ ورثه قبل سنوات عن مؤسسيه الفرنسيين، أدخل إليه أبعاداً
عربية سرعان ما تضاءلت... وربما بسبب أموال المهرجانات العربية الأخرى
وتضارب المواعيد.
في دورة هذا العام من «مراكش» التي انتهت قبل أيام، ثارت في وجه نور
الدين صايل أسئلة ومآخذ وانتقادات. واعتبر كثر أن الدورة هذه أتت أضعف من
سابقاتها. وشجب آخرون الغياب العربي، واستنكر فريق ثالث اختيار الفيلم
المغربي الذي شارك في المسابقة... كل هذا حملناه الى نور الدين صايل،
طالبين منه ان يزاوج في ردوده بين تاريخه كناقد، وحاضره كمسؤول رسمي
وفني... والحصيلة هنا:
·
أطفأ «المهرجان الدولي للفيلم
بمراكش» شمعته العاشرة في احتفال ضمّ نجوماً كباراً في عالم الفن السابع.
ما الذي حققه المهرجان خلال تلك السنوات؟ وهل أنتم راضون عن مسيرته؟
- أظن أن مهرجان مراكش حقق الى الآن بعض المكتسبات التي لن يتراجع
عنها. على رأس اللائحة أفلام ذات مستوى عالٍ للمسابقة. ولا شك في أن
الاختيارات تتحسن سنة بعد سنة. وتبقى المرجعية الأساسية لانتقاء هذه
الأفلام بحسب قيمتها الفنية. أي مرجعية سينمائية خالصة. فنحن نبتعد كل
البعد من كل ما له علاقة بالتوازنات الجغرافية والسياسية. خصوصاً ان مراكش
مهرجان دولي وليس مهرجاناً إقليمياً أو قارّياً. من هنا، فإن طموحنا اكبر
من المناطقية، وهو يتبلور من خلال قدرتنا على اختيار منطقي مدروس للأفلام
في المسابقة.
·
قد يفهم من جوابك وكأنك تردّ
ضمنياً على جميع الذين انتقدوا غياب الأفلام العربية عن هذه الدورة.
- في الدورة الماضية، اخترنا فيلماً عربياً جيداً هو «هليوبوليس» (من
مصر) ليشارك في المسابقة، من دون ان نثير ضجة من حوله. أما هذه السنة، فمن
بين التسعة أو العشرة أفلام التي شاهدناها من عدد من البلدان العربية، لم
نجد فيلماً عربياً واحداً قادراً على منافسة الأفلام الـ15 التي اخترناها
للمسابقة. وبصراحة لا أدري لِمَ يثير هذا الأمر استنكار بعضهم ولا يستنكرون
مثلاً غياب السينما الفرنسية عن المسابقة على رغم أننا نكرّمها في هذه
الدورة.
غياب عربي
·
لكنّ غياب السينما العربية لا
ينحصر فقط في أفلام المسابقة، إنما يطاول البرامج الأخرى الموازية.
- اعتدنا في الدورات الماضية ان يضمّ برنامج «نبضة قلب» أفلاماً
عربية. لكن، الاحتفاء بالسينما الفرنسية حال دون إدراج هذا البرنامج خلال
هذا الموسم، بعدما طلبنا من مخرجين كبار مثل مارتن سكورسيزي وفرانسيس فورد
كوبولا والأخوان داردن أن يختار كل منهم فيلماً من الأفلام المهمة في تاريخ
السينما الفرنسية لنعرضه على الجمهور المراكشي. عموماً، التوازنات لا
تهمنا. ولا يهمنا ان يكون لدينا شبه مسابقة سنوية للفيلم العربي. بالنسبة
إلينا لا تهمّ جنسية الفيلم. فالأهمية هي للقيمة الفنية التي يقدمها.
بالتالي، لا وجود عندنا لسينما نعتبرها درجة ثانية. وحين نختار فيلماً
عربياً أو أفريقياً عليه أن يكون قادراً على منافسة الفيلم الأميركي أو
البولوني أو المكسيكي أو الفرنسي.
·
هل تغمز هنا من قناة المهرجانات
العربية التي أخذت تتكاثر أخيراً، وتتنافس على استقطاب الأفلام العربية؟
وما رأيك بالمهرجانات الخليجية تحديداً، خصوصاً انها تقام في بلاد لا وجود
للسينما فيها؟
- أحترم كل المهرجانات. وأرى أنها كلما كثرت في العالم العربي، كان في
ذلك منفعة للثقافة السينمائية للبلد الذي ينظمها. كما انها، على المدى
المتوسط أو البعيد، ستكون في مصلحة الصورة والصوت الخاصين بهذه البلدان،
حتى وان كانت اليوم غير قادرة على الوصول الى صناعة سينمائية، لكن الحال
سيتبدل مع مرور الوقت. ثم ان الهدف المتوخى من كل المهرجانات هو في قدرتها
على خلق صورة حقيقية للبلد الذي ينظم مهرجاناً دولياً.
·
هدف سياحي إذاً؟
- كلا، نحن في المغرب أصبحنا ننتج الآن ما معدله 17 فيلماً في السنة.
ومن المتوقع ان يصل الإنتاج العام المقبل الى 20 فيلماً روائياً طويلاً
وأكثر من مئة فيلم قصير. هدفنا ان نستعمل الثقافة السينمائية والمهرجانات
الكبرى لخدمة الإنتاج السينمائي وفتح عيون الناس على ما يحدث من حولهم.
فالسينما لا تنحصر بالسينما الوطنية والمحلية. السينما أضحت متناً أساسياً
في صنع العلاقات بين الناس وتوطيدها. من هنا، إذا كانت الدول التي تنظم
مهرجانات دولية لديها طموح في ان تجعل العلاقات حقيقية بين الناس بواسطة
الفيلم، ثم تدفع الناس للتعبير الفني الحرّ حول كل القضايا التي تهمّ
البلد، تكون هذه المهرجانات قد صنعت الكثير. وفي رأيي إن المآل الطبيعي
للدول التي تنظم مهرجانات هو في تحولها الى إنتاج الأفلام. ففي المغرب نحن
ننتج أفلاماً، ونتعامل مع المهرجانات وكأنها تكملة لإنتاجاتنا والعكس صحيح.
هذه هي الجدلية التي تجعل مهرجان مراكش ذا أهمية قصوى بالنسبة الى المغرب
والمنطقة، بما انه أهم مهرجان في المنطقة. من هنا طموح المهرجان ان يدخل
الى المستوى العالمي. وهذا لا يتحقق إلا إذا كان لدينا انتماء وطني إقليمي
قوي. فكلما كنت منغمسة في بلدك وصلت بسرعة أكبر الى الكونية.
·
يتعارض هذا الكلام وما يقال عن
الانتماء الفرنسي للمهرجان؟
- لا يمكن إنكار ان انطلاقة المهرجان كانت بمساعدة الفرنسيين. كما
أنني لا آخذ هذه المسألة بكيفية عصبية، ولا أشعر بأي مركَّب نقص بالنسبة
الى الفرنسيين الذين كانوا في بداية المهرجان ولا بالنسبة الى الذين
اخترناهم ليعملوا معنا ابتداء من الدورة الرابعة. أشبّه ذلك بفريق كرة قدم
محلي يختار في صفوفه لاعباً إنكليزياً لأنه قادر على تحقيق الأهداف للفريق.
فمثلاً، عندما يشتري ريال مدريد لاعباً مثل زين الدين زيدان، تصبح عملية
الجنسية عاملاً ثانوياً. بما ان القيمة المضافة للاعب هي التي تمنحه
مكانته. نحن اخترنا المدير الفني للمهرجان برينو بارد معنا ابتداء من
الدورة الرابعة، أي قبل موت توسكان دي بلانتيه، وهو صاحب تجربة كبيرة في
هذا المجال، وأتى بفريق عمله لاختيار الأفلام والتنظيم. ولكن هذا لا يعني
أنهم يقومون بكل أعمال المهرجان. وأؤكد ان 90 في المئة من الناس والأفكار
والاستثمار من المغرب. ويبقى 10 في المئة من الخارج، ونحن بحاجة إليهم
لتجربتهم في التخطيط وتنظيم حيثيات دقيقة جداً.
قضية الهوية
·
هنا يطرح سؤال الهوية: أهي
فرنسية أم عربية؟
- المهرجان مهرجان دولي، ومرجعيته مرجعية القارة السينمائية. إذا
احتفظنا بهذه الهوية سننجح في الانتقال الى مستوى المهرجان الدولي الذي
سيُحترم من طرف المهنيين والنقاد. طبعاً، 10 سنوات ليست كافية لتحقيق كل
أهدافنا، خصوصاً إذا عرفنا ان المهرجانات الكبرى لها تاريخ يتعدى الـ50
سنة. أما نحن فتطورنا خلال السنوات العشر. ونريد ألا نحيد عن هذا الدرب.
فبالنسبة إلينا اختيار أفلام المسابقة مكسب لا رجوع عنه، وقيمة لجان
التحكيم لا جدال فيها، خصوصاً في ما خصّ رئيس اللجنة، من جون مالكوفيتش في
هذه الدورة الى عباس كياروستامي ورومان بولانسكي وميلوش فورمان في دورات
سابقة. النقطة الثالثة التي لا نتراجع عنها هي تكريم دول أساسية في الثقافة
السينمائية. كرمنا مثلاً إيطاليا وبريطانيا وإسبانيا وكوريا الجنوبية ومصر.
وأظن ان أحسن تكريم للسينما المصرية كان ذلك الذي خصها به مهرجان مراكش.
أما هذه السنة فكرّمنا فرنسا. ولهذا التكريم رمزيته في العيد العاشر كونه
يشكل اعترافاً بهذا البلد كمهد للسينما العالمية. وفي مجال التكريمات
أيضاً، نحتفظ بتكريم أشخاص من العيار الثقيل في ميدان السينما. هذه الأبعاد
الأربعة نضيف إليها عنصر التجريب كل سنة. فمثلاً منذ ثلاث سنوات حين جرّبنا
برنامج «سينما المكفوفين»، وحقق نجاحاً، أعدنا الكرة في السنوات التالية.
وفي هذه الدورة جرّبنا فكرة البحث عن الأفلام الأولى التي تنبثق من مدارس
التكوين. وأرى اننا نجحنا فيها، لذا من الممكن ان نواصل هذا المشروع في
الدورة المقبلة. باختصار نسعى كل سنة الى التفكير بأمور جديدة وإثارة
الاهتمام حول بعض الحيثيات، وتحسين كل ما هو تنظيمي. ومن ثم نبدأ في اختيار
الأفلام ابتداء من شباط (فبراير). هناك عشق لكل ما نفعله، ويتجلى هذا بوضوح
في كل تفاصيل المهرجان.
·
في مقابل استقطاب هذه الدورة
أسماء كبيرة في عالم السينما مثل سكورسيزي وكوبولا وكيانو ريفز وايفا
مانديس وماريون كوتيار وكاترين دونوف وسواهم من النجوم، بدا وكأن هناك
خللاً في ما خصّ الشق السينمائي، أي أن أفلام المسابقة لم تكن بالمستوى
المطلوب؟
- وهل رأيت أفلاماً أخرى كان يمكن ان نختارها ولم نفعل؟ عموماً،
المهرجانات السينمائية كثيرة، والجميع يريد أن يعثر على النادر والجيد.
وبما اننا نصل في مرحلة نهاية السنة، بعد أن تكون الأفلام الجيدة قد جالت
على المهرجانات، تصبح الصعوبة اكبر. ومع هذا، أرى ان مسابقتنا بمستوى عالٍ.
·
إذاً، يلعب توقيت مهرجان مراكش
ضده، بما انه يأتي قبل مهرجان برلين وبعد عدد كبير من المهرجانات العربية،
بمعنى ان الأفلام الجديدة تفضل ان تنتظر حظوظ العرض في المهرجان الألماني،
والأفلام الأقدم التي سبق وعرضت في المهرجانات الأخرى. أمام هذا الواقع،
لماذا لا تغيرون الموعد؟
- هذه واحدة من الصعوبات التي نعيشها. ولكن لو أخذت اي شهر من السنة،
ستواجهين الصعوبة ذاتها لكثرة المهرجانات السينمائية. في البداية، حاولنا
ان نحدد موعد المهرجان في أيلول (سبتمبر)، ولكن، بعد دراسة، وجدنا ان أفضل
الشهور لإقامة المهرجانات لوجيستياً، تكون إما في بداية كانون الأول
(ديسمبر)، وإما في نهاية شباط (فبراير). ففي هاتين الفترتين تكون حجوزات
الفنادق والطائرات نسبياً في متناولنا. وقد اخترنا كانون الأول لأن له
الأسبقية من الناحية المالية.
·
ولكن، ماذا عن تقاطع أيام
المهرجان المراكشي مع مهرجان القاهرة السينمائي الدولي؟
- ولم لا، خصوصاً اننا لم نعرض في هذه الدورة أي فيلم عربي، كما أننا
لا نتنافس مع القاهرة، إنما نتنافس مع أنفسنا ومع القيمة المضافة التي نريد
ان نعطيها للسينما كمبدأ وكإنتاج. المشكلة الوحيدة في الأمر، تكمن في كوني
شخصياً لم أعد قادراً على حضور مهرجان أحبه مثل مهرجان القاهرة الذي فتح
الطريق أمام كل المهرجانات العربية. ولكن في الحياة هناك اختيارات. ونحن
اخترنا ان نصنع مهرجاناً دولياً من عيار محترم بأفلام لها قيمة ومناقشات
ثرية.
·
انتقد كثر اختيار فيلم «أيام
الوهم» في المسابقة معتبرين ان أفلاماً أخرى كان الأجدى بها ان تمثل
المغرب. ما رأيك؟
- شاهدنا 9 أو 10 أفلام، منها ثلاثة لم تكن جاهزة بعد. ووقعت عملية
الاختيار على هذا الفيلم بالذات لأنه فيلم أول لمخرجه ويتضمن أسلوباً خاصاً
يتجه نحو الفانتازيا. وكان لا بد أن نحيي المخرج طلال السلهمي لخروجه من
ميدان القضايا الاجتماعية الاقتصادية والفقر والبعد الواقعي ليقدم جديداً
في السينما العربية.
·
ولكن واضح ان الفيلم يستنسخ
أفلاماً معروفة في السينما الأميركية؟
- قد تعتبرينها استنساخاً، أما أنا فأقول انها تنمّ عن ثقافة سينمائية
حقيقية وطموح. صحيح في الفيلم هفوات، لكنه فتح الباب أمام أمور لا نراها في
السينما العربية. ثم ان إدارة الممثلين تدلّ على موهبة المخرج الذي لم
يتجاوز السابعة والعشرين من عمره. من هنا فضلنا ان ندعم شاباً صغير السن،
ونفتح أمامه الأبواب. خصوصاً ان الأفلام العربية التي رأيناها لم تخرج عن
الإطار الكلاسيكي المعروف.
·
يقال ان الاختيار وقع عليه لأنه
من إنتاج التلفزيون؟
- أبداً، لا علاقة لهذا الأمر باختيار الفيلم في المسابقة. وأؤكد انه
حين اخترته لم يكن الـ “اس. ان. أر. تي” - شركة نبيل عيوش المهتمة بالإنتاج
المشترك بين السينما والتلفزيون - على علم. إن أخطأنا في الاختيار فنحن
نتحمل المسؤولية، وفي النهاية لكل شخص الحرية في تقويم اختياراتنا.
·
هل تخاف على مهرجان مراكش من
الموازنات الضخمة التي ترصد لعدد من المهرجانات العربية التي تشتري الأفلام
وتدفع لاستقطاب النجوم؟
- سمعتنا اننا لا ندفع أي مال للأفلام التي نعرضها ولا للنجوم الذين
يأتون الى مراكش. وهذا في اعتقادي أقوى من المال. باختصار السينما هي
الهوية الوحيدة التي نؤمن بها ونناضل من اجلها. من هنا، فإن كل من يحب هذا
الفن لن يتردد في المجيء إلينا.
الحياة اللندنية في
17/12/2010
# # # #
اختتام فعاليات الدورة العاشرة للفيلم
الدولي بمراكش:
الفيلم الكوري الجنوبي 'مذكرات ميوزن' يتوج بالجائزة الكبرى
للمهرجان
سعيد فردي
بحضور العديد من نجوم وصناع السينما العالمية
وشخصيات من عوالم الثقافة والفن والإعلام، أسدل كما هو معلوم،
مساء يوم السبت 11
ديسمبر 2010 بقصر المؤتمرات الستار على الدورة العاشرة من المهرجان الدولي
للفيلم
بمراكش، بتتويج الأفلام الفائزة بنجمات المهرجان، وأعلن رئيس لجنة تحكيم
الدورة،
الممثل الأمريكي جون مالكوفيتش عن جوائز المهرجان، حيث توج
بالجائزة الكبرى 'النجمة
الذهبية' الفيلم الكوري الجنوبي 'مذكرات ميوزن' للمخرج بارك جونغبوم، فيما
عادت
جائزة لجنة التحكيم للمهرجان مناصفة للفيلم المكسيكي 'غيوم' للمخرج
أليخاندرو كاربر
بيسيكي وفيلم 'ما وراء السهوب' للمخرجة البلجيكية فانيا دالكا نتارا، أما
جائزة
أحسن أداء فكانت من نصيب فريقي عمل الفيلم الأسترالي 'مملكة
الحيوان للمخرج ديفيد
ميشود وفيلم 'عندما نرحل' للمخرجة النمساوية فيو ألاداك.
لجنة تحكيم
المهرجان قادها الكبير جون مالكوفيتش
إلى جانب ترؤسها من قبل الممثل
الأمريكي الكبير جون مالكوفيتش، تكونت لجنة تحكيم هذه الدورة
من الممثل والمخرج
وكاتب السيناريو المغربي فوزي بنسعيدي، والممثل والمنتج وكاتب السيناريو
غابرييل
بيرن من إيرلندا، والممثلة ماغي تشونغ من هونغ كونغ، والممثل والمنتج
والمخرج كايل
كارسيا برنال من المكسيك، والمخرج الفرنسي وكاتب السيناريو بونوا جاكو،
والممثلة
إيفا منديس من الولايات المتحدة الأمريكية، والممثل الإيطالي ريكاردو
سكمارتشيو
والمصرية يسرا.
وفي كلمة له بالمناسبة، قال النجم العالمي جون مالكوفيتش رئيس
لجنة تحكيم هذه الدورة، إن ملاحظات أعضاء اللجنة تميزت بالجودة، وتم احترام
مجموعة
من المعايير لاختيار الأعمال الفائزة، ومن بينها أن تكون
الحكايات جديرة بالسرد،
وأن تعكس الملائمة الاجتماعية في اختيار المواضيع، وأن تجسد المقاصد التي
يروم
المخرج إيصالها للمشاهد، فضلا عن التحكم في التقنيات السينمائية.
'
مذكرات
ميوزن' الفائز بالنجمة الذهبية
يحكي فيلم 'مذكرات ميوزن'، الفائز بالنجمة
الذهبية، قصة شاب يدعى جيون يجد صعوبة كبيرة في الحصول على عمل
ونسج علاقات مع
محيطه بسبب بطاقة هوية تكشف عن أصله الكوري الشمالي، وبالرغم من سجل سوابقه
النظيف
وكونه ليس عاملا مهاجرا فإنه يعاني من التمييز العنصري ويعتبر نفسه مهمشا
في
المجتمع الرأسمالي لكوريا الجنوبية.
ناقد فني من
المغرب
fardyprema@gmail.com
القدس العربي في
15/12/2010
# # # #
"الحافة"
و"وراء السهوب" بمراكش:
نقد الستالينية
مراكش: قيس قاسم
الروسي "الحافة" والبلجيكي "ما وراء السهوب" أشتركا
في تناولهما لمرحلة الستالينية وممارساتها خلال الحرب العالمية الثانية.
وبقدر
مختلف سعى الفيلمان لقراءة نقدية لمرحلة مهمة من تاريخ أوربا شهدت صعود
النازية
وشنها حربا عالمية، خرجت منها مهزومة، في المقابل تعزز موقع الاتحاد
السوفيتي
،المنتصر، وتعززت معه هيمنة ستالينية على
مستوى الحياة الداخلية وسياسته الخارجية.
والفيلمان أشتركا في اتخاذهما مناطق النفي
القسري مكانا لتفاعل أحداثهما الدرامية،
فكانت سيبيريا موقعا جديدا للمعتقلين الروس في المانيا، والذين
رحلوا بعد تحرير
الجيش الأحمر لهم إثر زحفه على الرايخشتاع في قلب برلين. وبدلا من معاملتهم
كضحايا
للنازية وجهت لهم تهم الخيانة الوطنية والتعاون مع العدو بشكل تعسفي، ودون
إدانة
قضائية، فرحلوا، تحت ذريعة اعادة تأهيلهم سياسيا الى سيبيريا،
ذلك المنفى الذي
اعتادت السلطات الروسية على مدى تاريخها ارسال المعارضين لها اليه، لينساهم
الناس
ويموتوا هناك في الأصقاع البعيدة والمتجمدة، التي ظل الوصول اليها يوصف
أدبيا
بالرحيل الى حافة العالم حيث لاشيء بعدها وهنا يكمن الترميز في
عنوان الفيلم "الحافة".
حالة المنفيين نفسها تحمل مفارقة صارخة في داخلها، فبدلا من الاحتفاء
بعودة أبناء البلد الذين اعتقلهم هتلر بالإكراه، عاد الروس بدورهم
ليعاملومهم بمثل
ما عاملتهم به النازية فقامت بإعتقال الكثير منهم، وجلهم من
النساء، ثم رحلتهم الى
هناك، مثلما رحل الكثير من السياسيين والمدافعين عن روسيا وأبطالها، وهنا
تتجلى
المفارقة السياسية بكل أبعادها. ف "إنيات" (الممثل فلاديمير ماشكوف) عامل
السكك
والميكانيكي البارع قد "نقل" الى قرية التأهيل السياسي ليس بوصفه من أسيرى
روسيا
عند الألمان ولا لكونه متخاذلا، بل على العكس من هذا، كان من بين الجنود
الشجعان
الذين دافعوا عن البلاد، ولكنه نفي الى هناك لأنه عارض سياسة
ستالين وديكتاتوريته.
في القرية التأهلية اشتغل ألكسي يوشيتل على شريطه بإسلوب فيه الحركة كانت
واضحة الى
جانب وجود عناصر المدرسة الروسية الواقعية الحريصة على نقل تفاصيل المشهد،
ليصل
أحيانا الى حد مطابقته للواقع، ولهذا ف"الحافة" يتوزع على أكثر
من مستوى خطابي
بصري، يميل ثقل كل مستوى منها حسب المشهد الواحد، فحين تكون هناك الحركة
نجد المشهد
قد أخذ بعدا كوميديا وحين يغلب السرد السياسي، يغلب معه الايقاع البطيء
وعلى هذا
المنوال بقينا نتابع عمل ألكسي يوشيتل، المكتوب بطريقة جيدة
لكون حكايته مركبة
وأبطاله يتفاعلون مع تفاصيلها بشكل فعال. ومع غلبة الحضور النسائي - حيث
أكثر
المنفيين الى هذة القرية من النساء- فأن وصول "انياب" وبوجوده ظهرت
التناقضات
السياسية والقومية على السطح وكشف المأزق الذي عاشته البلاد وآثار ما تركته
الحرب
على ناسها. فالنساء كن يعشن في مستوى حياتي بائس، فكل شيء
معتمد على وجود قاطرة
واحدة، وبضع عربات كانت تنقل لهن الأطعمة القليلة وعليها يتوقف مصيرهن.
مجيء "البطل المنفي" خلق معادلة جديدة داخل "المجتمع
النائي" من خلال علاقته الندية بالضابط المشرف وإحساسه بالتفوق الوطني
إزاء النساء الموجودات وهن بالطبع روسيات، رغم أن الجميع
منفيون، ولهذا نشأت علاقات
انسانية مع كل هذا التشابك والتنافر، ذهب الفيلم بعيدا في تجسيدها عندما
قدم لنا،
وفي منتصفه، شابة ألمانية كانت تسكن قبل الحرب مع أهلها هناك وحين نشبت
اضطرت
للهروب الى الغابات المحيطة بالمعسكر. وجودها هناك لأكثر من
أربعة أعوام جعلها
كائنا منعزلا وحشيا وحين التقاها "انياب" بدأت ملامح علاقة انسانية تتشكل،
فتعاونا
سوية لتصليح قاطرة كانت مهمولة وسط الغابة، ثم تطور الأمر لدرجة قرر فيها
البطل
الروسي مساعدتها، وهي الألمانية (الممثلة أونيوركا ستريشل)
للخروج من هذا المنفى.
في "الحافة" يطرح يوشيتيل موقفا نقديا أزاء السياسة الستالينية التي قسمت
البشر وفق
موقفهم السياسي، وكيف انه استغل النزعة القومية الروسية المنتشية بالنصر
الى وسيلة
للإنتقام من المعارضين له سياسيا. من تلك المنطقة وعلى صغر المجتمع الطاريء
فيها
أستطاع "الحافة" الوصول الى مكامن صراع استمر لعقود وسمي
بالحرب الباردة. فمن تلك
الممارسات ظهرت الفردية السياسية والدغوماتية. وعلى المستوى الإنساني أخذ
"الحافة"
تفاصيل صغيرة وبنى عليها موقفا. فالمنفية الروسية صوفيا (يوليا بيريسيلد)
وفي لحظة
خروجها من السجون الألمانية وجدت طفلا وسط الدمار فأخذته معها.
لقد قالت عنه انه
"غنيمة حرب" ولكن مع الوقت صار ابنا حقيقيا لها الألمانية فيما صارت
ترى في الروسي
بطلها المتخيل، والناس تعارضوا فيما بينهم ولكن الاحساس بالعدالة كان كافيا
ليوحدهم، وفي ذات الوقت أو بدرجة قريبة كان الانتماء القومي يوحد الجميع ضد
الشابة
الألمانية. "الحافة" وعلى تباين مستوى معالجته يبقى فيلما مهما
جيد الصنعة مس
موضوعا حساسا كما فعل مثله "وراء السهوب".
حكاية المنفيين
البولونيين
أخذت المخرجة البلجيكية فانيا دالكانتارا في فيلمها "وراء
السهوب" البولونية نينا (الممثلة أنيشكا كروكوفسكا) نموذجا لألاف من
المبعدين
البولونيين، الذين عارضوا الوجود الروسي على أرضهم، فكان مصيرهم النفي الى
سيبيريا.
لقد عاشت نينا حياة هانئة مع مولودها
الجديد وزوجها الضابط البولوني، ولكن ومع وصول
الروس تغير كل شيء، لقد وجدت نفسها فجأة بعيدة عن وطنها وحيدة
ليس معها سوى طفلها
الرضيع منفية في احدى التعاونيات الزراعية في الأرض المتجمدة المتاخمة
لأراضي
كازاخستان حيث البدو الرحل هم كل ما يصل الى تلك القرية النائية الغارقة
أكواخها في
محيط من الثلوج. من خلال وجودها وبقية النساء المنفيات نقل لنا "وراء
السهوب"
الأهوال التي كان تعرض لها المنفيين الى سيبيريا من الشعوب غير الروسية.
اعتمد
العمل كثيرا على أداء بطلته، وظل محصورا بها، وبحركتها الضيقة التي
تجاوزتها لفترة
وجيزة هي فترة ذهابها للحصول على دواء لإبنها المريض بمساعدة
الكازاخستانيين، الذين
كانوا أرحم كثيرا من الجنود ومراقبي المعسكر.
في مناخ درامي وكثير الحساسية جرت أحداث الفيلم بل
وطبع به، لدرجة بدا فيه قريبا في بنائه الى الميلودرامات السينمائية، مع
ضعف في
مستوى الحوار والسيناريو، لكونه اعتمد بشكل كبير على المباشرية
في نقده للتجربة دون
الاعتماد على جودة الصنعة، طبعا باستثناء أداء بطلته. وعلى مستوى القراءة
التاريخية
لم ينقب الفيلم في تفاصيل العلاقة التي ربطت الروس بالبولونيين وبذات القدر
ما
تركته هذة الاجراءات التعسفية على المجتمعات "المحررة" وربما
المشهد الأخير الذي
جمع نينا بزوجها قد أدى جزءا من هذة الوظيفة الدرامية حين ظهر
الإثنان وكأنهما
غريبان عن بعضهما بعدما فرقهما الزمن طويلا وأضاع منهم وليدهم الرضيع.
الفيلمان في
النهاية توافق عرضهما في المسابقة الرسمية لمهرجان مراكش الدولي وتقارب
موضوعيهما
ولكن درجة ومستوى المعالجة له جاءت مختلفة وبدرجة كبيرة.
الجزيرة الوثائقية في
15/12/2010
# # # #
جوائز مهرجان مراكش " تعكس" تشكيلة لجنة التحكيم
أحمد بوغابة – مراكش
(المغرب)
لم يتوقع كثير من المتتبعين للمهرجان الدولي للفيلم
بمراكش فوز فيلم كوريا الجنوبية "مذكرات ميزون" للمخرج بارك جونكبوم
بالجائزة
الكبرى "النجمة الذهبية"، بل هناك من كان قد استبعده بصفة نهائية فإذا به
يستحوذ
على لجنة التحكيم الرسمية، فيما تقبلوا – إلى حد ما - باقي النتائج التي
كانت على
الشكل التالي:
جائزة التحكيم: مناصفة بين الفيلم المكسيكي "غيوم" للمخرج
أليخاندرو كربر بيسسكي والفيلم المتعدد الجنسيات (بولونيا وبلجيكا وروسيا)
"ما وراء
السهوب" للمخرجة فانيا دالكانترا.
جائزة التشخيص: كانت بدورها مناصفة بين جميع
الممثلين (رجالا ونساء) المشاركين في الفيلمين "مملكة الحيوان"
الأسترالي و"عندما
نرحل" الألماني.
لم تكن هذه النتائج غريبة، إذا أخذنا بعين الاعتبار تشكيلة لجنة
التحكيم التي ترأسها الممثل والمخرج جون مالكوفيتش والتي استبعدت بعض
الأفلام التي
تم إخراجها ببعد تلفزيوني حيث تأطيرها واضحا بهذا العمق في الرؤية الفنية.
نذكر على
سبيل المثال لا الحصر الفيلم الإيطالي "حياة هادئة" رغم الأداء
الجيد للممثلين فيه.
كما استبعدت اللجنة، أيضا، الأفلام التي حظيت بإنتاج ضخم كالفيلم الروسي
"الحافة"
ليغلق الدائرة على الأفلام التي يمكن وصفها بأفلام المؤلفين فمنحها النجمة
الذهبية
وجائزته الخاصة. إنها السينما التي يدور في إطارها رئيس اللجنة وأعضاء
آخرين من
بينهم الممثل والمخرج المغربي فوزي بن السعيدي والمخرج الفرنسي
بونوا جاكو والممثل
الإيرلندي كابرييل بيرن.
إن خصوصية المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، الذي يعتمد
على الأفلام الأولى والثانية للمخرجين، تفرض على لجنة التحكيم أن تكون
نتائجها صدى
لهذا الاختيار السينمائي بنتائج تكب في نفس الإطار وهو ما تحقق في الدورة
العاشرة.
إن الأفلام الأولى تكون عادة مشحونة بالبحث في أشكال السرد عبر لغة
سينمائية تعتمد
على أدوات غير تقليدية، أو إعادة اللغة السائدة بتركيب جديد يجعلها متميزة
بإبداعها.
وبالتالي فإن التوجه العام لأعضاء لجنة التحكيم في أعمالهم الشخصية لا
يمكن إلا أن يسفر على النتيجة نفسها ولا ينبغي اعتبارها خارج المألوف أو
أنها غير
منتظرة.
• سينما
المؤلف/الممثل
إذا تجرأنا للقيام بتقييم سريع وبعجالة للأفلام
المشاركة في المسابقة الرسمية فإن ما يميز أغلبها، في نظرنا
طبعا، هو الحضور القوي
للتشخيص بحيث جل الأفلام اعتمدت على الممثلين أساسا لإيصال تلك الروح
الدفينة فيها
وهذا ما وضع اللجنة أمام امتحان عسير لاختيار أفضلهم فارتأت أن تكرم الجميع
بمنح
جائزة جماعية للتشخيص.
حتى الأفلام التي عُرضت خارج المسابقة، سواء يوم الافتتاح
أو الاختتام أو إبان تكريم بعض الأسماء السينمائية، لم تخرج عن هذا الإطار
التي
يجتمع فيها السينمائي المؤلف بالممثل الجاد فتكون النتيجة تحفة
على الشاشة.
مثل
جميع المهرجانات في العالم، يسود النقاش بين الحضور حول الأفلام المعروضة
التي
تتعارض حولها الآراء، انطلاقا من اختلاف المراجع والقدرة على التحليل
السينمائي
ومدى استيعاب خصوصية كل فيلم على حدة وليس النظر إليها جميعها
بعين واحدة. فقد عرفت
الفضاءات المحيطة لقصر المؤتمرات - كمركز للعروض السينمائية - نقاشات
ثنائية أو
جماعية، مُنظمة أو ارتجالية أو عفوية أو استفزازية، كلها تحاول أن تدافع
وتقنع
الآخر بوجهة نظرها وسدادة موقفها في هذا الفيلم أو ذاك.
وقد
كان الفيلم المغربي المشارك في المسابقة
الرسمية بعنوان "أيام الوهم" للمخرج الشاب طلال السلهامي أكثر الأفلام
تداولا في
هذه النقاشات، ككل سنة، حيث تم سل جميع أنواع الأسلحة لاغتياله في الوقت
الذي يريد
صاحبه تقديم رؤيته السينمائية الخاصة التي يزاوج فيها بين
المحلي والعالمي في الشكل
والمضمون للخروج بالإنتاج المغربي من حدوده الضيقة. لم تناقش جل الآراء
الفيلم
المغربي من داخله بقدر ما طافت حوله تبحث عن ثغرات ونواقص وعن هوية مفترضة
في عقول
أصحابها إذ أنها تُسقط عليه أفكارها المسبقة وليس العمل على
اكتشاف مكوناته
السينمائية من عمق كتابته. الأخطر في الأمر، أن تلك الأحكام السريعة تخرج
من أفواه
السينمائيين (كلهم مغاربة) ومن يلبس صفة "الناقد السينمائي" (؟!؟!؟!)
ليتبين جليا
أن الهدف هو النيل منه أكثر من اهتمامها بالمنتوج في ذاته.
إذا لم يتمكن
الفيلم المغربي من إقناع لجنة التحكيم لنزع أحد جوائزه فإن المسابقة الخاصة
بأفلام
المدارس (قصيرة) كانت فقرة متميزة، التي تنبئ بجيل جديد من السينمائيين،
بحيث ترك
انطباعا جيدا عند المتتبعين. لقد فازت الطالبة/المخرجة/ الشابة
محاسن الحشادي من
المدرسة العليا للفنون البصرية بمراكش بالجائزة عن فيلمها "غفوة" (أنظر نصا
سابقا
نشرناه في موقع الجزيرة الوثائقية حول خصوصيات الجائزة ورهاناتها).
• "جائزة
الجمهور" المُفترضة
اعتمد المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، بدوره، على
النجوم والأسماء اللامعة للمبدعين الكبار فكان المخرج الأمريكي فرنسيس فورد
كوبولا
شعلتهم المضيئة بلا منازع، الذي شارك على هامش المسابقة بفيلمه
الأخير "تيترو" (إنتاج
سنة 2009) وكتب له السيناريو وهو منتجه أيضا. أعتبر هذا الفيلم من أفضل ما
عرضه المهرجان على الإطلاق، تحفة العين والعقل والفن بكل محتوياته إذ أن
الدقة
الإبداعية فيه في منتهى الكمال حيث اعتنى بالتفاصيل في
جزئياتها حتى لا تزعج بعض
العثرات كنه الفيلم. إن الفرجة كانت ممتعة ومفيدة ومريحة في ذات الآن. لكن،
لم
يبرمجه المهرجان في عروض أخرى فتركنا أمام العرض الوحيد نتشوق لإعادته
مرارا لو
اقتضى الحال وبدون ملل. يستمد الفيلم قوته من مخرجه الذي أكد
خلال الحديث معه أنه
ينبغي الاستقلال المالي للتخلص من ضغوط الإنتاج حتى تبدع بحرية. ونعلم جيدا
ما
يقصده هذا المبدع بحكم أن سلطة المال في الإنتاج السينمائي الأمريكي بمثابة
سيف
دمقلس الذي يغتال عديد من الأفلام الجميلة.
فلو كان المهرجان الدولي للفيلم
بمراكش يخصص جائزة للجمهور لقدمها لفيلم "تيترو" حتى ولو لم
يشارك في المسابقة.
وإذا أجرى المنظمون استفتاء حول نجم المهرجان سيحتل المرتبة الأولى فرنسيس
فورد
كوبولا دون غيره. إن صورة كوبولا تنعكس جليا في الفيلم والعكس صحيح أيضا
فهما معا
وجهان لعملة فنية واحدة إذ يصعب الفصل بينهما وإلا سيكون فصلا
تعسفيا خاصة وأن "العراب"
تجاوز كثيرا في فيلمه هذا الجوانب التجارية التي مست أفلامه السابقة
لينغمس أكثر في السينما الأمريكية الكلاسيكية حيث يذكرنا فيلمه "تيترو"
بالأفلام
الرائدة ذات البعد الاجتماعي بطعم سياسي
مُؤطرة فنيا ويتبناها ممثلون أكفاء.
عرض المهرجان أكثر من 133 فيلما في مختلف الفضاءات الموزعة بين قصر
المؤتمرات
كمركز للمهرجان حيث يحتوي القصر على قاعتين الرئيسيتين، إلى جانب قاعة "الكوليزي"
بوسط المدينة الجديدة والتي منها انطلق المهرجان في دوراته الأولى، فضلا عن
ساحة
جامع الفنا الشهيرة بالمدينة العتيقة. وقد انضم إلى الحفل
المركب السينمائي
ميكاراما الموجود خارج المدينة.
• نقط
ضعف في المهرجان
تتركز نقط ضعف المهرجان في كثرة الأسماء المُكرمة-
في كل دورة- مما يفقد هذه الفقرة نكهتها إذ
ينسى الحضور بسرعة الأسماء لأن كل إسم
يمحي سابقه بل أحيانا يتم تكريم إسمين في نفس الوقت وبشكل عابر
وسريع وكأن المهرجان
يريد التخلص منهم عوض أن يختار إسمين أساسين فقط (واحد مغربي وآخر أجنبي)
ليكون
لهذا الحفل موقعه ويرسخ المكرمين. كما يمكن لإدارة المهرجان أن تبدع بدورها
في
أشكال الحفل مادامت تشتغل في الفن الذي يعتمد الخيال إذ ينبغي
للمخيلة أن تؤدي
واجبها الإبداعي المستمر. استدعاء "النجوم" لا يعني بالضرورة تكريمها بل
يمكنها أن
تشارك في أنشطة موازية قد يكون إشعاعها أهم وفي ذات الوقت تتسلم تذكار
المهرجان.
كما ينبغي أن تفكر الإدارة المنظمة في فتح عدة أبواب لولوج القصر وليس
اقتصارها
على الباب المركزي للنجوم (على السجاد الأحمر) وباب آخر يلجه العامة
والمدعوون
ورجال ونساء الإعلام فيحصل الازدحام ويسبب في الإثارة والاشمئزاز تترتب عنه
أحيانا
ممارسات انفعالية، علما أن قصر المؤتمرات يتوفر على مداخل كثيرة وبذلك ستمص
غضب
الكثيرين.
كما أن البيانات التي كانت تعممها مؤسسة المهرجان حول خصوصية
الاحتفال بالعقد الأول لم تكن في مستوى الطموحات المنتظرة وكأنها دورة
عادية بنفس
الهيكل في البرمجة والتنشيط. فهل ذلك يعني أن التغيير قادم في
الدورات المقبلة؟؟
لابد من وقفة لتثمين الإيجابيات والتغلب على السلبيات كما حصل منذ خمس
سنوات ليجدد
المهرجان - عبر مؤسسته - بعضا من ثوبه. تتطلب مثل هذه المهرجانات الكبيرة
الاشتغال
اليومي على مختلف أجزائه. لقد ظهر جليا أن إضافة فقرة جديدة
(في السنة الحالية)
خاصة بأفلام المدارس السينمائية أعطت له دفعة أخرى تجاوزت الروتينية نفس
الشيء حين
برمجت عروضا للمكفوفين قبل ثلاث سنوات.
وينبغي أيضا إخضاع أفراد القسم العربي
الخاص بالصحافة العربية والمغربية لتمرين جديد حول السلوك
الحضاري في التعامل
بتجاوز المحسوبية و"الشلة" وأن موقعها جد حساس في التواصل إذ أن كل هفوة
تسيء
للمهرجان ومؤسسته التي يترأسها الأمير مولاي رشيد لما لها من رمزية سياسية
ومعنوية
وأن المهرجان يُقام تحت الرعاية الملكية المباشرة. إن هذا
القسم يحتاج لإعادة
التكوين الصحفي وفي التواصل وفي التنظيم، وعلى أفراده أن يتعلموا بأنهم في
مهمة
وليس موقعهم امتياز شخصي.
الجزيرة الوثائقية في
15/12/2010 |