من
عروض مهرجان الخليج السينمائي
صور قاتمة لعنف العراق في فيلم "نقطة البداية"
محمد موسى من دبي
يقدم فيلم نقطة البداية للمخرج
الكردي العراقي شوكت امين كوركي والذي عرض مساء الامس ضمن المسابقة الرسمية
للافلام
الطويلة في الدورة الثالثة لمهرجان الخليج السينمائي ، صورة معتمة لواحدة
من اغنى
مدن العالم بالثروات المعدنية ، فالفيلم الذي يقدم قصة حديثة لمجموعة من
الاكراد
والعرب والتركمان من مدينة كركوك العراقية ، يكشف انعاكسات الوضع الامني
المتردي في
المدينة المتنازع عليها ، على حياة ابطال الفيلم ، والذين لجئوا لاسباب
مختلفة الى
احدى ملاعب كرة القدم في المدينة ، وبنوا بيوتهم هناك ،وتحت منصات
المتفجرين.
وكشف مخرج الفيلم وضمن حواره مع
الجمهور ، والذي اعقب عرض الفيلم ، ان معظم الذين لعبوا الادوار في الفيلم
، هم من
الذين كان يسكنون الملعب بالفعل ، وانه تعرف على المكان بالصدفة ،واثناء
زيارته
للمدينة ، ليقرر بعدها كتابة قصة وتحويلها للسينما .
وتحدث المخرج ، عن الصعوبات
الكبيرة التي واجهت اخراج الفيلم ، منها صعوبة التصوير في مدينة كركوك،
خاصة مع
الوضع الامني الهش في المدينة ، وكشف ان اصوات الانفجارات والتي ككانت تسمع
في بعض
مشاهد الفيلم ، كانت في اغلبها اصوات انفجارات حقيقية ، وان فريق العمل
تلقى
تهديدات من جماعات ارهابية لمنعهم من اكمال الفيلم.
وعلى الرغم من الطابع الماسوي
لقصة الفيلم ، الا انه لم يخلو من لحظات الكوميديا الكثيرة ، والتي قدمتها
بعض
الشخصيات في الفيلم ، والذي يرافق محاولات شاب من الذين سكنوا الملعب
بالتقريب بين
الموجودين هناك ، وذلك بتنظيم بطولة لكرة القدم ، تضم كل الطوائف الاثنية
في
المدينة.
ويبدأ "نقطة البداية" ، مع يوم
مبارة نهائي بطولة كاس اسيا الاخيرة ، وهي المبارة التي فاز فيها الفريق
العراقي ،
اذا يقرر بطل الفيلم الشاب ، عرض المبارة في ساحة الملعب ، وعلى شاشة تشبه
الشاشة
السينمائية . وتظهر تلك المشاهد الانقسامات التي خلفها الوضع الامني في
العراق ،
وبعد حرب 2003 بين العراقيين من الطوائف المختلفة ، فالجمهور منقسم على
هوية
المنتخب العراقي الوطني ، وهوية الألعبين في ذلك الفريق ، وعلى تشجيع
الفريق
بالمطلق ، والذي يحمل اسمه وعلمه ، تذكير ببعض التاريخ الدموي للبلد.
و يقدم الفيلم والى جانب القصة
الاساسية في الفيلم ، عن سكان الملعب الرياضي ، قصة صغيرة اخرى شديدة
التاثير عن
صبي يعيش في الملعب ، تراوده الرغبات بالانتحار ، بعد ان فقد ساقة في
انفجار لغم
قريب على الملعب.
وللمخرج شوكت امين كوركي فيلم "عبور الغبار ، والذي عرض
في عام 2006 ، في عدة مهرجانات سينمائية عالمية وحصل على بعض جوائزها ،
ويقدم
الفيلم قصة تعقب سقوط النظام العراقي السابق ، والتحديات التي يواجها
مقاتلين
كرديين في طريقهم لاداء مهمة للتنظيم الذي ينتمون اليه.
موقع "شريط" في
11/04/2010
####
فيلم ”80-82“ في
مهرجان الخليج السينمائي الثالث في دبي
كريم النجار
بدعوة من مهرجان الخليج السينمائي الثالث الذي سيختتم يوم
غد الأربعاء، شارك الفنان السينمائي حميد حداد المقيم في هولندا بفيلمه
الوثائقي
المعنون (80-82)، والذي يسلط الضوء عبره عن مشكلة العراقيين "التبعية
والفيلية"
الذين هجرهم النظام الدكتاتوري السابق إلى إيران، بحجة تبعيتهم الفارسية،
والتي
جاءت مباشرة بعد الحرب العراقية الإيرانية التي أفتعلها النظام وأغرق
العراق
بأتونها المشتعل لمدة ثمانية أعوام، حيث جرت المأساة واستمرت
من يومها وحتى
الآن.
يعالج فيلم المخرج حميد حداد بمنطق الوثيقة التي لا يدحضها شئ، ويتتبع
بسلسلة تصويرية حاذقة شكل هذه الهجرة التعسفية التي لا يماثلها في التاريخ
سوى
محرقة النازيين وأضطهادهم لقسم من الشعب الالماني والاوروبي المتمثل
باليهود،
وغيرهم من المعارضين السياسيين.
تنقلنا الكاميرا في البدء إلى الطريق الجبلي
الوعر الواصل إلى الحدود الايرانية وحركة الشاحنات الصاخبة، في
دلالة على المفاجآت
القادمة التي ستعصف بآلاف المساكين من العراقيين الذين شاء الحظ أنهم
يمتلكون وثائق
تبعية ايرانية، والغالبية منهم لا علاقة لهم بايران، بل هو قانون الأحوال
المدنية
الذي وزع العراقيين بين التبعية العثمانية والفارسية، تلك الامبراطوريتين
اللتان
تناوبتا احتلال العراق، واعتبرتاه جزءا من غنائمهما ورعاياهما.
تتخطى بعدها
الكامرا لتنقلنا إلى الاجواء الحقيقية التي آوت العراقيين في الاهواز
وشيراز وطهران
ودولة آباد، والقسم الكبير منهم شاء الحظ وأنعدام فرص العمل والإنسجام في
ايران،
لينتقل إلى دول عربية واوربية أخرى حاملا معه همومه وأوجاع
حقوقه المهدورة وصور
أبنائه الشباب الذين غيبتهم سجون النظام المباد وأطبق التراب على جثثهم بعد
سنوات
من التعذيب في سجون نقرة السلمان وغيرها من سجون العراق السرية المنتشرة
على وسع
أراضيه ومدنه، مدعومة ببعض الصور ومقاطع من تصوير وثائقي فديوي
شخصي أرشف لتلك
المعسكرات التي ضمت اللاجئين وأوضاعهم الصعبة والمزرية التي عاشوها، بعد أن
كانوا
احرارا في وطنهم وبيوتهم وأعمالهم في مدن العراق المختلفة. ولأجل أن يعطي
للصورة
الموثقة أهميتها وحقيقتها الدامغة لجأ المخرج للالتقاء ببعض
الاشخاص والعوائل
المهجرة ليحكوا مأساتهم بأنفسهم، وباثبات عراقيتهم الأصيلة من خلال وثائقهم
القانونية القديمة واشغالهم الوظائف والأعمال الرسمية في الدولة العراقية،
وخدمتهم
في الجيش والشرطة العراقية كذلك.
كما يستعرض الفيلم لقطات من داخل المدن
العراقية (الكاظمية ومدينة كربلاء والنجف) ليلتقي كذلك ببعض
المهجرين العائدين بعد
تغيير النظام واستمرار معاناتهم لنيل حقوقهم الاعتبارية والوظيفية
والعقارية التي
صادرها نظام البعث.
يعد هذا الفيلم وثيقة دامغة لفئة مضطهدة من الشعب العراقي،
ولفترة قاسية جدا أهدرت فيها كرامة الإنسان على مذبح أحلام الدكتاتور
وجنونه. وصور
الفيلم في ايران والعراق وهولندا ومدته (50 دقيقة) بمجهود
وانتاج شخصي محدود
الامكانيات المادية من قبل المخرج حميد حداد، سوى بعض المساعدة والمساهمة
البسيطة
من شخص هولندي متعاطف مع هذه القضية الإنسانية الكبيرة، وقد أستعرض الفيلم
العديد
من الوثائق والأدلة القانونية على هذا الانتهاك الفاضح للكرامة
والتصفية
العرقية.
ومن أفلام المخرج حميد حداد نذكر الفيلمين الوثائقيين (ليلة بيضاء) و (بورتريت الغائب) وكذلك سيناريو فيلم (الخوف
من الضحية) و (ثيو فان كوخ) اللذان
يسعى للتفاهم مع جهة إنتاجية لإخراجهما.
يذكر أن الدورة السابقة عام 2009
لمهرجان الخليج السينمائي، أحتضن العديد من الأفلام الطويلة
والوثائقية لمخرجين
عراقيين فازوا بعدة جوائز من هذا المهرجان، ونذكر منهم الأفلام التالية:
الفيلم (فجر
العالم) للمخرج عباس فاضل، ومدته (97 دقيقة).
الفيلم الوثائقي (جبر ألوان)
ومدته (45) للمخرج قيس الزبيدي.
الفيلم الوثائقي (حياة ما بعد السقوط) ومدته
(100
دقيقة) للمخرج قاسم عبد.
والفيلم الوثائقي (مواطنو المنطقة الحمراء) ومدته (57
دقيقة) للمخرج مناف شاكر.
الصباح الجديد
العراقية في
12/04/2010
####
الفيلم
التونسي "تنديد" في "تقاطعات" مهرجان الخليج السينمائي الثالث
محسن الهذيلي
فيلم "تنديد" هو للمخرج التونسي وليد مطر، كتبه مع ليلى بوزيد وأنتجه
سعيد حميش، المصور هو نبيل سعيدي، أما المونتاج فهو لآرثر لي فول.
عرض الفيلم في مهرجان الخليج السينمائي الثالث ضمن قسم "تقاطعات" (Intersections)،
وهو يصور من خلال حياة القهوة (التي رُمز بها إلى المجتمع التونسي) في إحدى
الأحياء الشعبية في العاصمة التونسية، تقلب اهتمامات ومشاعر الناس
وارتباطها وتأثرها بما تعكسه التلفزة من أحداث في العالم.
وفي إشارة إلى غياب الوعي السياسي الحقيقي لدى عموم الناس يشير الفيلم
إلى ارتباط هؤلاء بالقضايا السياسية أو القومية، مثل قضية فلسطين، بشكل
موسمي وحين الحروب الشاملة بين إسرائيل والعرب أو الفلسطينيين، فقيام
التلفزة بنقل البطولات الأولمبية يمكنه أن يغيب كل إحساس واهتمام لدى الشعب
بهذه القضايا السياسية القومية، بل يمكن لنقل إحدى مباريات الفريق الوطني
التونسي لكرة القدم أن تشغل الناس حتى عن واجباتهم الدينية، بحيث تصبح
مشاهدة تلك المقابلة حدثا تقدم قيمته وأهمية متابعته من الأول إلى الآخر
على "أداء الصلاة في وقتها".
أثناء سرد هذه الحكاية لم يبتعد الفيلم عن محاولة إقامة بعض المقارنات
والتقسيمات والتصنيفات داخل المجتمع التونسي والحكم عليها، فبالرغم من
تلميحه إلى أن عموم الناس إنما يعيشون دون فلسفة اجتماعية أو سياسية
وينعقون مع كل ناعق، فإنه لم يتوانى عن تقسيم المجتمع أو رواد القهوة، بين
شباب هربوا من إحساسهم بالبطالة فأثثوا وقتهم الضائع بمكوثهم في القهوة
متابعين الوقائع الرياضية والسياسية العامة، وبين شيوخ يعيشون فترة ما بعد
الخدمة يقضون وقتهم في القهوة مثل غيرهم يشاهدون التلفزة ويتبادولون الآراء
حول الأحداث والوقائع التي تنقلها.
بالنسبة للشباب، يقسمهم الفيلم على ما يبدو إلى شبان ذوي عواطف دينية
ولكن قشرية بالأساس، وهذه ربما تكون فيها إشارة إلى الظاهرة الإسلامية في
تونس (يرى الفيلم أن القشرية والمزاجية إنما هي الصفة الغالبة على وعي كل
الأفراد المكونين للمجتمع التونسي ومقاربتهم لكل شيء في حياتهم) ثم إلى فئة
أخرى من الشباب ربما تكون دون أي اهتمامات سياسية أو ربما تأطر هذه الأخيرة
إن وجدت، نظرة إلى الأشياء أكثر عقلانية وواقعية من الفئة الأولى.
كل هذا نراه في الفيلم من خلال اهتمام كل تلك الفئات أو الأصناف من
المجتمع التونسي بقضايا سياسية أو دينية عامة، ونقول "عامة" لأننا لم نلاحظ
في الفيلم انتقادا من لدن هؤلاء الشباب لواقعهم السياسي في بلادهم، رغم أنه
ربما يكون السبب الرئيسي، في الواقع، الذي يقف وراء ظهور عديد الفئات
السياسية -وحتى الدينية- الإحتجاجية. المخرج اختار عدم خوض أبطاله في مسألة
السياسة الداخلية، ولو أنه أشار إليها في الفيلم من خلال تصوير تدهور
الخدمات البلدية في البلاد، حيث رأينا أنه بعد أن كانت هناك حاويات للزبالة
وشاحنات مختصة في إفراغها يوميا ولو مع إسقاط نصفها في الشارع، أصبح هناك
شاحنة غير مختصة ورجل مسن يقوم بنفسه وبشكل يدوي برفع الزبالة من الشارع،
هذا الشيخ المسن خير على كل حال التريث قليلا في المقهى قبل الانهماك في
عمله الذي يبدو أنه سوف يأخذ وقتا طويلا قبل انجازه، ولعل في هذا رمزية قصد
بها الفيلم انهيار المؤسسات الخدمية في البلاد وارتباطها بالمبادرات
والأعمال الفردية وليس المؤسسية، وخاصة في الأحياء الشعبية.
فنيا انحصر تصوير كل مشاهد الفيلم حول فضاء القهوة، داخله أو في مداه
الخارجي المباشر، ورغم هذا الاختصار فقد نجح الفيلم في تصوير كل الأفكار
التي ذكرنا بوضوح كاف، بالنسبة للكاميرا ربما كانت ثابتة في جل اللقطات،
إلا في لقطة واحدة حيث تحركت قليلا وعلى استحياء، حين تصوير قدوم شاحنة
الزبالة القديمة ونزول ذلك العامل الشيخ منها وإلقائه نظرة على البقايا.
على مستوى الصوت لم يعتمد الفيلم مثل كثير من الأفلام التونسية على
الموسيقى التصويرية بل اعتمد كلية على صوت المكان من خلال المؤثرات
الصوتية، ففي الداخل كانت هناك الأصوات التي نجدها في المقاهي عموما حيث
صوت بث بعض المباريات أو نقل بعض الأحداث السياسية وتفاعل الجمهور معها،
أما في الخارج فقد غلب صوت بعض محركات الشاحنات على صوت الفيلم، في إحدى
المشاهد على البقايا رأينا القط الشوارع وسمعنا صوته، في آخر الفيلم كان
الصوت الذي أحدثه ذلك الصبي الراجع من المدرسة وقد أخذ مكان السائق على
الشاحنة وهو يقلد بفمه صوت المحرك هو صوت نهاية الفيلم حتى أثناء الجينيريك.
على مستوى الحوار كان الفيلم جيدا وقريبا جدا من الواقع وذلك من خلال
تماشيه مع وعي واهتمامات كل فئة من أولئك المتخاطبين المختلفين، وفي هذا
الإطار نشير إلى جمالية عدم المبالغة في طرح القضايا من خلال إطالة الحوار.
على مستوى الديكور فقد كانت القهوة محتوية على كل ما يأثث القهوة
التونسية عموما وخاصة فيما يتعلق بالوجوه التي كانت تنتمي إلى كل الأعمار
البالغة في المجتمع، على مستوى نفس الجمهور كان لصفات وجوه الشخصيات
وسنحاتهم وكذلك مسألة عدم انتباههم إلى مظهرهم وإرسال بعض الشيوخ منهم
لذقونهم وعدم حلقها وكذلك بالنسبة لشكل ملبس بعض الشباب مثل ذلك الذي كان
يتقمص زي فريق كرة القدم الإيطالي "إي سي ميلن"، كل هذا كان له دور مهم في
إعطاء لمحة عن شكل ومظهر الفئات المتواجدة في القهوة وحالتهم الاقتصادية
والإجتماعية والنفسية. على مستوى الوجوه أيضا اختار المخرج لأسباب
أيديولوجية بالتأكيد أن يكون أقبحها وجها وجه شخصية المدعي التكلم باسم
الدين.
كي ننهي مع الحوار نشير في الختام إلى اللغة الحوارية الجديدة التي
بدأت تغزو، في الفترة الأخيرة، العديد من الأفلام السينمائية المغاربية
وخاصة المغربية منها والتي تعتمد كلمات نابية وسوقية جدا أحيانا، في فيلم
وليد مطر كان استعمال هذا النوع من اللغة المستعملة فعلا لدى بعض الفئات في
المجتمع التونسي منحصرا في شخصية صاحب القهوة ومرتبط بمشهد واحد.
في الختام نقول أن فيلم وليد مطر، ورغم بساطة فكرته ومحدودية إطاره
المشهدي بالنسبة لحياة الناس في المجتمع التونسي، قد نجح في تصوير الواقع
الاجتماعي والنفسي لفئات غير قليلة من هذا المجتمع. وربما كان لاختيار فضاء
القهوة الحيوي والمحوري في حياة أغلب الفئات في المجتمع التونسي وخاصة
المهمشين منهم، وهم كثر، والأداء التمثيلي التلقائي والحرفي الذي اضطلع به
جل ممثلي الفيلم دورا كبيرا في المساهمة في نجاح فيلم "التنديد".
موقع ـ
Visionary FX في
11/04/2010 |