داود عبد السيد .. الغربة تحاصر آبطالي !
حوار: محمد كمال
يعتبر داود عبدالسيد واحدا من أهم المخرجين في مصر،
أفلامه لها طابع خاص يفضل ألا يقوم بتفسيرها تاركا للجمهور حرية التفكير
والخروج بما يقصده حسب وجهة نظرهم، في فيلمه الأخير »رسائل البحر«
قدم قصة حب معقدة جمعت بين »يحيي« الذي يعاني من اضطراب في التحدث وفتاة
الليل »نورا« وشخصيات أخري تعاني من المرض والوحدة
والاغتراب مغلفة بمجموعة من الرسائل.
كان من المقرر أن يقوم ببطولة هذا الفيلم الراحل
»أحمد زكي« لكن القدر شاء أن يلعب دوره »آسر ياسين«،
ومع داود عبدالسيد ورسائله كان هذا الحوار!
·
هل حدثت أي تغييرات في السيناريو بعد وفاة
»أحمد زكي« واختيار »آسر ياسين«؟
اطلاقا لم يتغير ولا حرف في السيناريو فهو كما هو منذ أن كتبته حتي
الآن والتغيرات التي حدثت فيه كانت بسيطة متعلقة بفرق التوقيت فقط أما دور
يحيي لم يتغير فيه شيء.
·
لكن يوجد فرق في السن بين زكي وآسر وهو الفرق الذي يمكن أن يستدعي بعض التغييرات؟
هذا صحيح ولكن اذا كان أحمد زكي هو الذي سيقوم بالدور كنت وقتها
سأراعي فرق السن أو أنزل بالسن شوية لأنك عندما يكون عندك ممثل لديه موهبة
الراحل أحمد زكي تتعدد الاختيارات وتصبح عندي مرونة في مسألة السن كما أريد
ولكن دون مبالغة فلا يمكن أن يقوم زكي بدور شاب في الجامعة ولكن يمكن أن
أنزل بالعمر قليلا.
·
هل تري أن آسر نجح في اداء الدور مثلما كنت تتخيله ؟
آسر قدم دورا عبقريا، بعد وفاة
»أحمد زكي« كنت أبحث عن ممثل يمكن أن يقدم هذا الدور ورأيت أن آسر ممثل
يمتلك موهبة وخطواته ثابتة حتي الآن وقدم أدوارا في أفلام أخري تألق فيها
فبرغم صعوبة دور »يحيي« إلا انه نجح في تقديمه وكان متحمسا جدا جدا لأداء
هذا الدور واجتهد كثيرا فيه.
·
الم تخشي من ان
يوضع في مقارنة مع احمد زكي ؟
المقارنة غير واردة علي الاطلاق لأن زكي لم يقدم هذا الدور
أصلا والمقارنة سيكون فيها ظلم لآسر وأريد أن أشيد أيضا بالمجهود الكبير
الذي بذله جميع الممثلين بسمة ومحمد لطفي وأشكر صلاح عبدالله علي مشاركته
المميزة.
·
كان يحيي يشعر بالحرية عندما
يكون بمفرده هل تري أن الانسان يجب أن يكون وحيدا ليصبح حرا؟
يحيي قال هذا في الفيلم »لما
بقيت وحيد بقيت حر« الفكرة انك وانت بمفردك لا تكن عليك أي ضغوط فالوحدة
تجعلك أكثر حرية وهذا صحيح وكان يحيي يجد صعوبة في التحدث عندما يكون
مضغوطا ولكن بمفرده ليس هناك أي ضغوط تفرض عليه وهذا نوع موجود من البشر
فأنا أري أننا جميعا لدينا احساس بالوحدة من الممكن أن تكون جالسا في وسط
كثير من الناس ولكن تشعر بوحدة.
·
لكنه ترك القاهرة حتي لا يصبح وحيدا ورغم ذلك شعر
بالوحدة في الاسكندرية أيضا؟
هذا صحيح ولكن يحيي ترك القاهرة بعد وفاة والدته وحتي لا يمكث في فيلا
كبيرة بمفرده فضل أن يسافر الي الاسكندرية في شقة العائلة هناك ويري انها
صغيرة عليه بدلا من الفيلا وأيضا لوجود عائلة فرانشيسكا جيرانهم القدامي
الذين يرتبط معهم بعلاقات اجتماعية وهم علي دراية كاملة به وبحالته كما أن
الوحدة التي شعر بها في الاسكندرية جعلته يقوم بعمل جسور مع الآخرين فهو لم
يكن سعيدا وراضيا أو مكتفيا بوحدته بل هذه الوحدة دفعته للاتصال بالآخرين.
·
هذة هي المرة الثانية التي
يحمل فيها بطل احد أفلامك اسم يحيي بعد »أرض الخوف«فهل تم هذا الامر بالصدفة أم أنك
قصدت به دلالات محددة؟
هذا مجرد اسم فأنت أحيانا تحب أسماء من الممكن أن تكون مرتبطة بك
شخصيا أو أي شيء أنا عن نفسي أحب أسماء أحمد ويحيي فهو مجرد اسم أحبه ولا
يوحي بشيء.
·
أري أن شخصية يحيي التي قدمتها بها مزج بين قصة
سيدنا موسي الذي كان عنده اضطراب في الكلام وسيدنا يحيي الذي نزل علي قوم
كانوا يرفضونه؟
بصراحة ليست مقصودة أنا أعرف هذه المعلومة ولكنها في الفيلم ليست
مقصودة بهذا المعني ولكن اذا كانت هي قراءتك فأنا أحترمها ولا أستطيع أن
أحجر عليها كما انني لا أحب أن أقول اذا كانت مقصودة أو لا لأني أحب أن
يفكر الجمهور ويناقش ويفهم ما أريد أن أقوله حسب رؤيته وتفكيره فلا أحب أن
أحجر علي آراء الجمهور.
·
وهل
ينطبق الامر نفسه علي اسم قابيل؟
هذا الاسم أنا أقصده وأقصد الدلالة التي تشير اليها فقابيل هو الذي
قتل شقيقه لهذا اخترت هذا الاسم.
·
هل تثق في أن الجمهور
سيفهم ما تقصده خصوصا أن الفيلم مليء بالدلالات؟
اختلف معك فيما يتعلق بوجود الدلالات فأنا أري أن فكرة الفيلم بسيطة
جدا فهو شخص أصبح وحيدا في الحياة يقرر السفر الي الاسكندرية حتي لا يشعر
بالوحدة باحثا عن مجتمع جديد وحياة لا يشعر فيها بالوحدة وفي الاسكندرية
يتقابل مع بعض الأشخاص الذين عندهم بعض المشاكل وحتي لو الجمهور لم يصل له
ما أريد أن أقول يكفي أنه سيشاهد حكاية بسيطة وصورة وايقاع مميزان وعناصر
فنية اذا وصل لشيء منها في الفيلم سيكون جيدا.
·
متي يستطيع يحيي أن يفهم المكتوب
في الرسالة؟
انت من مواليد ٣٨ في مصر في القاهرة في أحد الأحياء والدك
فلان ووالدتك فلانة هل تري ان لك دخل في كل هذا،
الانسان لا يتدخل في كل هذه الأشياء ويحيي نفس الشيء من الممكن ألا يفهم
الرسالة مطلقا فقد كان هناك بعض الرسالات يجب أن يستوعبها الانسان حتي يفهم
الرسالة.
·
هل تشعر بالوحدة والغربة اللتين شعر بهما يحيي؟
لا أعرف اذا كان يوجد تشابه بيني وبين يحيي لأن المشاعر تكون نسبية من
الممكن أن أشعر بالغربة ولكن ليست
غربة المكان بل غربة التغيرات التي حدثت في المجتمع وأكرر أن الشعور
بالغربة مسألة نسبية فالانسان مثلا عندما يتقدم به العمر يشعر بالغربة.
·
لماذا اخترت الاسكندرية تحديدا؟
الاسكندرية هي المدينة الثانية في مصر أي شخص
يحب أن يسافر يقول »هروح اسكندرية« بالرغم من انه الآن يوجد شرم الشيخ
والغردقة لكن مازالت الاسكندرية تحتفظ بخصوصيتها ومكانتها عند الشعب المصري
وهي مدينة كبيرة كما أن معظم الطبقات المتوسطة وفوق المتوسطة عادة ما
يمتلكون شققا في الاسكندرية بجانب بيوتهم الأساسية فيجب أن تكون الاختيارات
واقعية من الناحية الفنية وأنا أري أن الاسكندرية اختيار واقعي ومناسب جدا
للدراما.
·
في المشهد الأول للاسكندرية ظلت الكاميرا ثابتة
لفترة علي أحد المباني القديمة هل هذه هي الصورة التي تريد أن تري عليها
الاسكندرية؟
بالتأكيد نفسي تكون أحلي وأحلي من الصورة التي ظهرت في الفيلم لأن
الاسكندرية كانت بها حضارات وثقافات كثيرة.
·
ماذا عن الصعوبات التي واجهتها أثناء التصوير في
النوة والبرد القارص؟
لقد قمنا بالتصوير في ظروف مناخية صعبة ولكننا كنا مستعدين وقمنا
باتخاذ احتياطاتنا وكنت أخشي أن يصاب أحد من فريق العمل بدور برد أو التهاب
رئوي ولأننا كنا نقوم بالتصوير يوم كامل لكن الضرورة الدرامية هي التي كانت
تتطلب أن نقوم بالتصوير أثناء النوة التي كانت أصعب المشاهد حيث يتطلب
الأمر التغلب علي الظروف المناخية مع المجهود البدني.
·
ما تعليقك علي لافتة للكبار فقط؟ وهل هذا سيؤثر
علي الفيلم جماهيريا؟
وضع الفيلم »للكبار فقط«
تكون وجهة نظر الرقابة لا أتدخل فيها لأن هذا الجهاز له وجهة نظره والمشكلة
ليست فيهم بل في الجمهور الذي يضع حاجزا بينه وبين الأفلام التي تكون
للكبار فقط مع أن هذا التصنيف موجود في العالم كله.
·
هل يمكن أن يؤثر البشر علي شخص ويجعلونه يلعب دورا غير دوره مثلما حدث مع نورا؟
بالطبع فنورا كانت فتاة متزوجة وتقوم بعمل علاقة
غير شرعية وهذا لا يجعلها مطالبة بشيء معين وتكون حرة وفي الحياة عامة
أحيانا يتحدث معي أحد علي أني مدير شركة ثم أجد أن كل الأشخاص يقولون لي
نفس الشيء فاضطر أن ألعب هذا الدور وأصبح المدير بالفعل.
·
هل كانت نورا
قاسية علي نفسها؟
لها الحق فما الذي يجعلها توافق أن تتزوج من شخص يأتي لها مرة
واحدة في الاسبوع وما حدث بينها وبين يحيي جعلها تتجاوب مع شيء في داخلها
فقد بدأت تنظر الي نفسها علي أنها مومس نتيجة طبيعة العلاقة التي بينها
وبين زوجها وأنا وجهة نظري أن الانسان أحيانا يقسو علي نفسه حتي يصل لوضع أفضل.
·
ربطت اجراء قابيل للعملية بفقدان الذاكرة وقام هو
بتحديد مصيره ، فهل كنت ستختار نفس الحل لوجدت نفسك مكانه؟
كنت سأقوم باختيار نفس الشيء الذي قام به قابيل سأقوم بإجراء العملية
واستعين بشخص يقوم بتلقيني ويذكرني مثلما استعان قابيل ببيسة.
·
ما الذي يحدث اذا اختفت الذاكرة من حياتنا؟
الذاكرة مهمة جدا وهي التي تميز الانسان عن باقي الكائنات فالانسان
يعرف ما الذي حدث منذ ٠١ آلاف سنة فالذاكرة هي تاريخ الانسان و
البشرية ونحن كمصريين عندنا وعي بالتاريخ ولكن هناك تقصير في الحفاظ عليه.
·
الحاج »هاشم«
يمثل التيار الرأسمالي هلي أصبحت الرأسمالية جاهلة؟
هذا نموذج يمثل جزءا من الرأسماليين الذين لا يقدرون قيمة الأشياء كل
ما يهمهم هو تحقيق المنفعة وجلب الأموال فهو يريد
أن يقوم بهدم منزل قديم لبناء مشروع تجاري ضخم ويقوم باصطياد الأسماك عن
طريق الديناميت وهي طريقة غير شرعية ولكني أكرر أن هذا مجرد نموذج وليس شرطا أن يكون هو
القاعدة فيوجد أشخاص رأسماليين شديدي الاحترام ويقدمون علي خدمة البلد ولكن
أحيانا يحدث تجاوز أو اختراق للقوانين واللوائح وأنا قدمت نموذجا شخصيا.
·
ما رأيك في توقيت عرض الفيلم؟
أري أنه موعد مناسب جدا لأن الفيلم الجيد يحقق النجاح في أي توقيت.
·
عادة ما توصف افلامك بأنها
» افلام مهرجانات فهل هناك ترتيبات مؤكدة للمشاركة في هذه الفعاليات ؟
حتي الآن الصورة غير واضحة فنحن الآن نقوم بعمل خريطة للمهرجانات
التي يمكن ان يشارك فيها الفيلم سواء في المسابقة الرسمية أوفي الاحتفاليات
المختلفة فلدينا برلين وكان وفينسيا ولكن حتي الآن لا يوجد أمر مؤكد.
·
جميع أفلامك جمعت بينك وبين الموسيقار
»راجح داود« ومهندس الديكور »أنسي أبوسيف« هل تستريح في العمل معهم؟
جدا جدا فهم زملاء مشوار وأنا أثق في قدراتهم وأثق في أنهم سيقدمون ما
أريده فنحن علي درجة كبيرة من التفاهم وشغلنا معا
»يشهد« وأري كلا منهما نجح في مكانه ويقدمان أعمالا مميزة معي وبصراحة مع
غيري أيضا وعن نفسي أستريح جدا في التعاون معهما.
·
ومدير التصوير
»أحمد المرسي« أول مرة تتعاون معه؟
»أحمد المرسي« مصور أكثر من رائع وهذه المرة الأولي التي
أتعاون معه كمدير تصوير وأدهشتني قدرته وموهبته في التصوير وتوظيف الألوان
وأتمني أن يستمر علي نفس المستوي في عمله بشكل عام وهو أيضا تحمل معنا
معاناة التصوير في الاسكندرية في الشتاء الشديد والنوة..
·
ماذا عن فيلم
»أوضتين وصالة«؟
لا أعرف عنه شيئا فقد قرأت هذا الخبر علي الانترنت وموقع الفيس بوك
وأنا ليس لدي علم به.
·
الفرق بين
»مواطن ومخبر وحرامي« و»رسائل البحر« ثمان سنوات هل نتوقع أن يكون الفيلم القادم
عام 2018؟
يقول ضاحكا.. ادعي بس أكون خلصته في
الوقت ده.
أخبار النجوم المصرية في
18/02/2010 |