يوميات “كان” السينمائي الدولي
2008... ( 9 )
تميز على باقي الأفلام المتنافسة في
جوانب عدة
"الاستبدال"
الأوفر حظاً للفوز بالسعفة
الذهبية
كان
محمد رضا
ثلاثة أفلام عرضت متوالية في إطار المسابقة هي، حسب تواليها، "عشبقتان"
لجيمس كلاي و"الاستبدال" لكلينت ايستوود و"تشي" لستيفن سودربيرغ ويبقى رابع
هو "سينيدوكي، نيويورك" لتشارلي كوفمان. أفضل الثلاثة هو فيلم كلينت
ايستوود وإذا ما قارنته بالأفلام الأخرى التي شوهدت في المسابقة هو أيضاً
في جوانب عدّة أفضل منها. هذه الجوانب إذا ما أردت أن يكون "الإخراج"
بمعناه الكامل معياراً للحكم تجعله في الحقيقة أفضلها الى اليوم.
جيمس غراي يعود الى المسابقة للمرّة الثالثة. الأولى في
"الياردات" والثانية في "نملك الليل"، في العام الماضي، والثالث في إطار
هذا الفيلم العاطفي. هذا المخرج لم يفز حتى الآن بشيء وغالباً لن يفوز هذه
المرّة أيضاً. خامته تستدعي الاهتمام وموهبته تثير التأييد لكن لا خامته
ولا موهبته من القوّة والأصالة بحيث ترفعان مستوى الأعمال التي يقدّمها لما
فوق حسنات التنفيذ الأساسية. فيلمه هذا، كفيلميه السابقين، يحتوي على
القصّة ذات الفكرة المقبولة والمواقف الموحية، لكنه يخفق في جعلها ضرورية
أو التسبب بإثارة اهتمام حقيقي بينها وبين مشاهدها.
ليونارد (واكيم فينكس في ثالث لقاء مع المخرج أيضاً وهو يؤدي
هنا دوراً جديداً عليه وهو ممثل جيّد لكن عليك أن تقبله في دور عاطفي) يعود
الى بيت والدته خارج لوس أنجلوس بعدما خسر الفتاة التي كان يحبّها ويتعرّف
بعد حين وجيز الى فتاتين تقعان كل منهما في حبّه: جارته ميشيل (غوينيث
بولترو) وابنة رجل أعمال اسمها ساندرا (فانيسا شو). وبينهما عليه أن يختار
واحدة. ليس أنه اختيار سهل وإن كان فليس على رجل صعب التعامل في الوقت
ذاته. والكثير من الوقت يمضي وهو حائر بين امرأتين كل منهما لديها قدر لا
يستهان به من الرغبة في السيطرة لكن عوض أن تتحوّل المادّة هنا الى مفارقات
تدعو الى الاستمتاع تمر ثقيلة بموجب ما رسم لها من محاولة لوضع الفيلم في
إطار جدّي، لكنه في ذات الوقت إطار غير متكامل قد يرضي بعض الباحثين عن
دراما من هذا النوع، لكنه بالتأكيد سيتسبب في قيام الآخرين بشد شعورهم
غيظاً.
أفضل فيلم
فيلم كلينت ايستوود "الاستبدال" هو الخامس له في المسابقة وهو
مقتبس عن حادثة حقيقية وقعت في العام 1928 ولا تزال وثائقها محفوظة: في يوم
ما، تعود الموظّفة المجتهدة كرستين كولينز (أنجلينا جولي) الى بيتها فلا
تجد ابنها ذا العاشرة من العمر. تبحث عنه في كل مكان ولا تجده. تخبر
البوليس. يأخذ مواصفاته والمعلومات المهمّة وبعد خمسة أشهر كانت خلالها لا
تزال تواسي نفسها على مأساتها، يتّصل بها الكابتن ج.ج. جونز (جفري دونوفان)
ليخبرها أنه تم العثور على طفلها وأن عليها أن تأتي الى محطة القطارات لأنه
سيكون على متنها. الحقيقة أنها أيضاً مناسبة للصحافة المشاركة في هذا
اللقاء بين الأم وابنها لأن القضية المقدّمة الى الإعلام هي أن بوليس لوس
أنجلوس مجتهد ويعمل لخدمة المواطنين. أول ما ألقت كرستين ناظريها على الطفل
أدركت أنه ليس ابنها. وأول ما سمع الكابتن هذا التأكيد منها نفاه. ليس من
مصلحته ولا من مصلحة البوليس التراجع عن موقفه. هذا يعني أن البوليس فشل.
وفي موقف يدعو للاستغراب الفعلي يجبرها على قبول الولد على أساس أنها هي
التي على خطأ رغم احتجاجاتها. وهي احتجاجات تعود اليها حين تزوره في مكتبه
لتؤكد له أن هذا الصبي ليس ابنها. يرفض سماع حجّتها ويأمر بإرسالها الى
المصحة النفسية. لولا غوستاف (جون مالكوفيتس) وهو راعي كنيسة ومذيع في إحدى
المحطات المحلية لبقيت هناك لأنها ترفض التوقيع على ورقة تقر بأنها كانت
على خطأ وأن ذلك الصبي هو ابنها بالفعل.
خلال كل ذلك، كان التحري لستر (مايكل كَلي) في مهمّة لإلقاء
القبض على صبي هارب في مزرعة بعيدة خارج المدينة عندما يعترف له الصبي أنه
شارك في ما لا يقل عن عشرين جريمة قتل. كل ضحاياها من الأطفال.
القصّة تكبر من هذه النقطة وتثري الفيلم على أساس أنه لم يعد
فقط حول كيف تمكّنت امرأة واحدة من التصدّي للبوليس والانتصار عليه في
محاكمات لاحقة بل تحوّل وقبل إغلاق ملف المحاكمات الى عمل حول العنف
الممارس على الأولاد، موضوع كان ايستوود تعرّض إليه في فيلم "مستيك ريفر".
ليس فقط أن السيناريو (كتبه ج. مايكل ستراجينسكي) مشغول بطريقة
محترفة لا تخفي أريحتها لنقد الأوجه المختلفة التي يتعرّض الفيلم إليها
خصوصاً على صعيدي نظام البوليس الفاسد والعنف الموجّه ضد الأولاد والفساد
الإداري في الجسد الطبّي أيضاً، بل هناك الإدارة المحكمة والعلوية لمخرج
متمرّس بات كل شيء لديه سهلاً. ايستوود تخاله أخرج الفيلم بعينين مغمضتين.
يعرف كيف يرسم وينفّذ ويوصل ثم كيف يترك تأثيره في المشاهدين وبأي جرعة،
كما يجيد استخراج اداءات من ممثليه من دون أن يمنحهم المزيد من المشاهد
المتخصصة. بما هو متاح -مثلاً- لشخصية التحري لستر، تستطيع أن تقرأ في
شخصيّته كل ما تبحث عنه من معلومات. نعم هذه مهمّة الممثل الجيّد، لكنها
أيضاً مهمّة المخرج الذي لديه خبرة في المجال نفسه لا يفرضها على الآخرين
لكنه يفرضها على نفسه في عملية اختيار من يريد التعامل معهم. وكل من يمثّل
تحت إدارته هذه المرّة جديد تماماً (باستثناء حقيقة أن جون مالكوفيتش مثّل
دور الشرير الأول في فيلم "في خط النار" أمام كلينت ايستوود لكنه لم يكن
فيلماً من إخراج ايستوود).
ما يجعل من فيلم ايستوود عملاً بالغ القيمة مسائل عديدة من
بينها المادة المختارة ومن بينها الزمن المختار ثم ما يفرضه المكان والزمان
(لوس أنجلوس عشرينات القرن الماضي) من تصاميم إنتاجية وفنية عليها أن تكون
محكمة كشرط نجاح للفيلم بأسره.
لكن هذا كله في إطار المفترضات التي على أي مخرج الإلمام بها
وتأمينها وايستوود يؤمّنها بذات النفس المحترف الذي كان لمخرجين كبار آخرين
حين كان ايستوود لا يزال ممثلاً ثانوياً في الخمسينات. مخرجون مثل جون
هيوستون ودونالد سيغال وروبرت ألدريتش وسواهم.
ما هو أساسي وخاص بايستوود هو أسلوبه الرصين الذي لا يفتأ يشهد
لصالح سينما قديمة آيلة للاندثار بعد رحيل من بقي فيها. ايستوود من آخرهم،
وربما آخرهم. يعمل بشيفرة هوليوود القديمة مصرّاً على تصميم لقطات نابع من
الطريقة القديمة في الإخراج.
حقيقة أن المرء يتعلّم من الفيلم وهو يرقب كل لقطة على حدة
بالعلاقة مع السيناريو والمونتاج، كيف أن كل لقطة تبني الدراما التي في
المشهد ثم كيف أن كل دراما تبني الفصل وكل فصل يبني الفيلم، هي وحدها تمنح
الفيلم قيمة لا نجدها في معظم الأفلام الأخرى المتوفّرة في المسابقة أو
سواها.
راقب هنا حركة الكاميرا عنده وفي أي مشاهد دون أخرى يستخدمها
هكذا (كما راقب نوعية الاستخدام، حجم اللقطة، محمولة أو ثابتة الخ...) وتجد
نفسك في سلسلة من الدروس الفنية التي لا تستخدم لها الملاعق ولا الحقن أو
أي وسيلة خطابية أو إنشائية، بل قوّة الصورة ودلالاتها وما فيها.
غيفارا
فيلم ستيفن سودربيرغ "تشي" فيلم جيّد لكني لا أعتقد أنه فيلم
جيّد كفاية. وفي مشاهدتي الثانية (الأولى لم تكن كاملة) تبدّت مسائل أخرى
زادت من سلبية رأيي فيه.
طبعاً فيه حسنات كثيرة لكن فيه ما يمنع من التمادي في إطرائه
خصوصاً إذا ما كان هذا الإطراء قائماً على أرضية سياسية.
يواجه "تشي" - الفيلم مشكلة منذ البداية: هذا عمل من أربع
ساعات و.2 دقيقة لجمهور غير موجود. حين أخرج بيلا تار فيلمه الأشهر الى
اليوم "ساتانتانغو" قبل نحو اثنتي عشرة سنة، من سبع ساعات و36 دقيقة، كان
الواعز هو أسلوب فني واحد يربط الفيلم من بدايته الى آخره وتحتوي على نظرة
للحياة وبالتالي يحمل وجهة نظر فيها وفي الشخصيات المقدّمة.
فيلم سودربيرغ يخلو من وجهة النظر. يقدّم الموضوع والشخصية
الرئيسية فيه من دون الرغبة لا في الدفاع عنها ولا في مهاجمتها ولا في
إنجاز فيلم ذي موقف ما. نتيجة ذلك لا تسأل نفسك فقط عن جدوى الفيلم، بل عن
جدوى مدّة عرضه الطويلة. ليس أن فيلم بيلا تار شهد مطراً من الإيرادات،
لكنه صُمّم لذلك. أما هذا الفيلم فقد صمم وفي البال أن يضخ بعض الأرباح
تبعاً لاسمين أو ثلاثة في الفيلم: أرنستو تشي غيفارا، الممثل الذي يقوم
بتشخيصه وهو -الجيّد- بنيثو دل تورو والمخرج سودربيرغ. هذا كله لن يكفي
لعرض الفيلم بكامل صورته ومدّته الزمنية بل سيجد المنتجون أنفسهم أمام
مسألة بتر الفيلم لتحويله الى عمل من ساعتين ونصف الساعة في الأقصى لكي
يمكن له دخول حجرات العرض الأوروبية والأمريكية.
هذه ليست مسألة تجارية فقط، بل فنيّة. صحيح أن المدّة الزمنية
الطويلة تمنح المخرج قدرة على تقديم بانوراما حياة على النحو العريض وحياة
تشي غيفارا النضالية تتطلّب بالتأكيد مثل هذه البانوراما، الا أن الصحيح
أيضاً أن المرء يستطيع أن يتحدّث أفضل عن تشي غيفارا، أو أي شخص آخر، من
خلال توظيف الموضوع توظيفاً شخصياً، ربما ذاتياً وبالتأكيد ضمن وجهة نظر هي
التي تساعد على الانتقاء.
ثم تأتي حقيقة أخرى: على الرغم من الساعات الأربع والدقائق
العشرين التي يتكوّن منها الفيلم فإن هذا العمل ليس كاملاً. زاخراً
بالمشاهد المختلفة (حوارية، نقاشية، عاطفية، حربية وقتالية) نعم، لكن
التكرار فيها واضح وبما أن الفيلم ينتقل بين مشاهد القتال على أرض كوبا
ومشاهد لغيفارا خلال خطبته في الأمم المتحدة وبين مقابلة تدور معه
بالإنجليزية (المرّة الوحيدة التي نسمع الإنجليزية في هذا الفيلم. الباقي
كله بالمكسيكي) فإن بعضه يقطع بعضاً بلا ضرورة فنية، أو -بكلمات أخرى- فإن
هذه الضرورة الفنية، إذا ما وُجدت تبقى بلا بعيدة عن تأصيل ما يدور. تبقى
في حدود عرضه فقط.
المسألة هنا تزداد إثارة للضيق حين يبدأ الفيلم بالتنقل سريعاً
بين الأزمنة. من دون أن تكون حضّرت نفسك بورقة وقلم لتسجّل التواريخ ستجد
وضعك أشبه بوضع متابعي البينغ بونغ منتقلاً من العام 1955 في لحظة الى
العام 1964 في لحظة أخرى أو الى أي سنة أخرى. هذا جانب، ولكن الحسنات تكمن
في أن المخرج يعرف كيف يصوّر مشاهد صغيرة من دون أن يبدو التمثيل فيها
مسرحياً أو متقطّعاً. لدى البعض فإن وجود هذه المشاهد يفتح السبيل على قيام
الممثل الثانوي بأداء جاهز وغير تلقائي. لكن واحدة من حسنات المخرج أنه
يُدير المشاهد الصغيرة والكبيرة بفاعلية والممثلون (الكثر) تحت إدارته
تصيبهم معاملة متساوية.
التمثيل الجيّد من بينثيو دل تورو في دور السياسي الثوري الذي
انتهت حياته اغتيالاً لا علاقة له بحقيقة أن دل تورو قرأ دوراً لا يطلب منه
البرهنة على أن المحفوظ التاريخي عن تلك الشخصية حقيقي أو ذو أهمية هنا.
لذلك يبدو غيفارا هنا كما لو كان مجرّد قائد عسكري وليس محرّكاً فعلياً
للثورة اللاتينية. قائد يشغل نفسه بعمليات التنظيم والإشراف على معاقبة
المقاتلين الذين يخرجون عن النظام والقوانين الموضوعة. عن حق طبعاً فلا أحد
يوافق أن يحارب الثائر باسم مناهضة الدكتاتورية ثم يغتصب فتاة قروية تحت
اليافطة ذاتها، لكن هذا كله أراه يدخل تحت هامش من تعبئة الوقت وليس
استغلاله لخلق عمل مهم.
المفكّرة
احدى الدلالات الأكيدة على أن السوق التجاري للمهرجان لم يكن
ناجحاً هذه السنة لا تكمن في مقال مجلة فاراياتي عن الحقائب الفارغة التي
يخرج بها الزبائن من السوق فقط، بل في حجم صفحات المجلات الصادرة كيوميات
المهرجان. في العادة تطبع المجلات اليومية (وهي نحو سبعة فرنسية وإنجليزية)
نسخاً سميكة مملوءة بالإعلانات تصل الى أكثر من ..1 صفحة يومياً وذلك حتى
اليوم السابع من الأيام الاحدى عشر. بعد ذلك تقل هذه الصفحات تبعاً لتقلّص
الإعلانات التي فيها. لكن هذه المرّة صدرت سميكة وكبيرة لخمسة أيام ومنذ
اليوم السادس بدأت صفحاتها بالتقلّص حتى تحولّت الى شيء من رفع العتب.
تساءل الذين حضروا المؤتمر الصحافي لفيلم "استبدال" ما إذا
كانت نجومية كلينت إيستوود تطغى على نجومية بطلته أنجلينا جولي. ليس لأن
الثانية لم تأخذ حقّها من الاسئلة، لكن الواضح أن الاهتمام الفعلي كان من
نصيب المخرج الذي كرر لسائليه حول ما إذا كان يطمح هذه المرة لأن يفوز
بالسعفة الذهبية - كما لو أنه لم يطمح سابقاً إليها: "الفوز في الحياة مهم،
لكن الجوائز ليست كل شيء".
في آخر يوم له في "كان" أقدم الممثل جان-كلود فان دام على فعل
آخر ينم عن يأسه العميق: أخذ يرمي ثيابه التي كان يرتديها من نافذة غرفته
في الكارلتون على المصوّرين المجتمعين ومن معهم من جمهور متطفّل. وكان قبل
ذلك استعرض قواه العضلية على الشاطىء مع بعض حركات الجودو والكونغ فو كما
لو كان يدعو عقارب الساعة لأن تجاريه وتعود الى الوراء.
في عداد ما يتم اقتباسه من شخصيات كوميكس، تم الإتفاق في كان
على تحويل روايات من الرسوم الشعبية بعنوان "الهاربات" الى فيلم جديد على
غرار شخصيات سابقة عديدة آخرها حاليا "آيرون مان". المختلف أنها شخصيات
نسائية ثلاث وأكثر حداثة من غيرها التي يعود غالبها الى الأربعينات
والخمسينات والستينات.
زوايا
التاريخ
1966
أهم
الأفلام المشتركة في مسابقة دورة 1966
-
الطيور، النحل والإيطاليين: بييترو جيرمي- إيطاليا
-
رجل
وامرأة: كلود ليلوش- فرنسا
-
ألفي:
لويس غيلبرت- بريطانيا
-
للحب
وللذهب: ماريو مونيشيللي- إيطاليا
-
دكتور
زيفاغو: ديفيد لين- بريطانيا/ الولايات المتحدة
-
دقات
منتصف الليل: أورسون ولز- فرنسا
-
مورغان: كارل رايز- بريطانيا
-
رماد:
أندريه فايدا- بولندا
-
الراهبة: جاك ريفيت- فرنسا
-
من لا
أمل لهم: ميكلوش يانشكو- المجر
السعفة
الذهبية
مناصفة هذه المرّة بين "الطيور، النحل والإيطاليين" للمخرج
الكوميدي الساخر (والنيّر) بييترو جيرمي وبين الملهاة الترفيهية العاطفية
"رجل وامرأة" للمخرج المتوسّط في قيمته الإجمالية كلود ليلوش.
جائزة
لجنة التحكيم
نالها فيلم "ألفي" الذي يتحدّث عن شاب (مايكل كاين) ومتاعبه
الغرامية المفتوحة على حياة من العبث الخفيف. الفيلم الذي أعيد إنجازه في
العام الماضي مع جود لو في البطولة. الإعادة كانت بلا جدوى والأصل لم يكن
ذلك الفيلم الجيّد على أي حال.
أفضل ممثل
الدنماركي بر أوسكارسون عن فيلم "الجوع" لهنينغ كارلسون
أفضل
ممثلة
فانيسيا ردغراف حظيت بهذا الشرف عن دورها في فيلم كارل رايز
"مورغان".
أفضل مخرج
سيرغي يولكفيتش عن فيلمه البروبوغاندي "لينين في بولندا".
أوراق
ناقد
أسوأ
تنظيم للصحافة
متفقون على أن المهرجانات الرئيسية الثلاثة في العالم هي -حسب
كبر حجمها وقدرها على جذب الحضور من كل أنحاء العالم- هي كان ثم فانيسيا
وبرلين. الأخيران في المركز الثاني مناصفة. لكننا ربما لسنا، وأتكلّم عن
النقاد والمتابعين عموماً، متّفقين على أكثرها أهمية.
طبعاً، الأهمية، مثل الجمال، أمر نسبي. ما تراه مهمّاً قد يراه
غيرك أقل أهميّة أو أكثر أهميّة أو ليس مهمّاً بالمرّة، لذلك فإن التفاوت
في الآراء هنا كبير وذو دلالات. لكنني أميل الى اعتبار أن كان وفانيسيا
يشتركان في المركز الأول، وبرلين في المركز الثاني، وذلك نسبة لأهمية
الأفلام التي تعرض على شاشة كل من هذه المهرجانات العملاقة.
إذاً، وإذا ما كانت المسألة هكذا، و"كان" المهرجان الأول في
أكثر من وجه، لماذا لا تستطيع الإدارة نفض الغبار عن وجهها لكي تنظر الى ما
يحدث على صعيد العروض الصحافية، بل على صعيد الصحافة على نحو كامل؟
في الشأن الصحافي فإن برلين وفانيسيا يأتيان قبل "كان". كذلك
يفعل تورنتو وساندانس وسان فرانسيسكو ودبي وسان سابستيان ولوكارنو وكارلوفي
فاري، ولم أحضر أبوظبي وموسكو ولندن لكي أحكم عليها. أي مهرجان يصل اليه
الصحافي فيجد نفسه معاملاً باحترام هو بالنتيجة، وفي هذا الشأن بالتحديد
أفضل من المهرجان الذي يعامل الصحافيين كقطيع من الغنم.
أمام مرأى عيني قبل أيام ضربت سيّارة تابعة للمهرجان صحافياً
واقفاً يتحدّث مع شخص آخر ومضى السائق غير مكترث لمعرفة ما حدث. بعدها
بيومين جاءنا أن صحافياً من مجلة فاراياتي تعرّض لما هو أبشع: سيّارة
ليموزين تابعة للمهرجان داست على قدمه.
ومنتجة تلفزيونية عربية سمعت موظّفة مهمّتها إدخال "القطيع"
الى الصالة تطلب من صحافية تحمل بطاقة زرقاء أن "تقبر نفسها وتدخل من مكان
آخر"، لأن البطاقة الزرقاء هي من تلك المتدنية في النظام الطبقي الغريب
الذي يتعامل به المهرجان. وأحد الصحافيين العرب وجد نفسه في ملاسنة مع
موظّف إدخال حين تقدّم لدخول الصالة من دون أن يفهم السبب الذي من أجله قام
الموظّف بدفع الصحافي العربي جانباً.
أما أنا فتقدّم مني موظّف مسؤول عن "إجلاس" الناس في أماكنها
(تصوّر أن تكون هذه هي مهمّتك في الدنيا) وطلب مني تغيير مقعدي. قلت له لا
لأني أجلس عليه كل يوم. قال عليك أن تفعل ذلك والا طلبت لك الأمن. قلت له
لا أخاف لا منك ولا من الأمن. أنا أعرف أنني على حق وأنت على خطأ وسأتمسّك
بالجلوس هنا ليس لأنه مقعدي المفضّل فقط، بل لأنك قليل التهذيب.
وبقيت....
مثل هؤلاء الموظّفين في قصر المهرجانات من أرذل وأغلظ من تلتقي
بهم في حياتك المهنية. كيف يطبّقون الكياسة واللياقة والأخلاق إذا ما كانت
هذه كلها أموراً غريبة على تصرّفاتهم الفردية؟ واللوم يقع على المسؤولين،
أو كما يقول صديق لي يعمل في مجلة فاراياتي ناقداً: "لا أحد يكترث. عشرات
الشكاوى ترتفع الى الإدارة سنوياً إن لم يكن مئات... ولا أحد يتم محاسبته"
وأمريكي يكتب في "ذا هوليوود ريبورتر" يقول: هناك مئات القوانين المعقّدة
التي يحاولون ممارستها وندفع نحن ثمن أخطائهم.
وهذا كله في واد والبرمجة المرتبكة في واد. في يوم لديك فيلمان
في المسابقة وفي آخر لديك فيلم واحد أو ثلاثة. وقد تقف -كما حدث مع سينمائي
عربي- في صف على أساس أنك ستصعد الى الصالة التي جئت باكراً لأجل دخولها
فتجد نفسك وقد حوّلوك الى صالة أخرى والى صف جديد.
وهذا كله من دون أن نتوقّف عند حقيقة أن ما يسمّونه "عروض
صحافية" بالنسبة لثاني أهم الأقسام بعد المسابقة وهو قسم "نظرة ما" هو عروض
تستطيع الصحافة الدخول إليها لكنها ليست صحافية بل مملوءة بجمهور مختلط
ودائما هناك نحو 100 - 120 كرسي محجوزة عوض أن يكون هناك حد لا يتجاوز ثلث
هذا العدد أو أن يتم حجزها في عرض خاص بالجمهور مثلاً.
الخليج الإماراتية في 23
مايو 2008
|