في "نصف شهر المخرجين" و"أسبوع النقاد"، "ولدوا في كان":
تاريخ نصف قرن من "المواهب"
على الرغم من الضجة الاعلامية الهائلة التي تصاحب
مهرجان " كان " السينمائي في كل دورة، وتجعله يحتل المركز الثالث في قائمة
اضخم وأبرز الاحداث الاعلامية في العالم، بعد الدورة الاوليمبية ونهائيات كأس
العالم في كرة القدم، الا ان القيمة الاساسية لهذا المهرجان
CANNES INTERNATIONAL FILM
FESTIVAL،
او "السيرك الاعلامي الكبير" كما يراه المخرج الفرنسي من اصل بولندي رومان
بولانسكي، مازالت تكمن في قدرته علي" اكتشاف" مجموعة من المواهب السينمائية
الجديدة في كل دورة، تبهرنا بابداعات السينما الفن، بعدما صارت السينما كما
يقول الاديب والشاعروالمخرج السينمائي الفرنسي الكبير جان كوكتو، "كتابة
حديثة" وحبرها الضوء..
"كان" مدينة مفتوحة
ولايقتصر الامرهنا، في مايتعلق باكتشافات "كان"
الملهمنة
REVELATIONS،
علي افلام المسابقة الرسمية للمهرجان والتظاهرة المرافقة لها " نظرة خاصة "،
التي تمثل قائمة الاختيار الرسمي
official
selectionالمعلنة فحسب، بل يشمل ايضا قوائم الافلام
الجديدة، التي تعرض في المهرجان،في اطار التظاهرات السينمائية الجانبية او
الموازية، كتظاهرتي " نصف شهر المخرجين "
la
quinzaine des realisateursو" اسبوع النقاد"
la semaine de la
critique،بحيث يمكن القول هنا بان تاريخ المهرجان الذي يفتح باب "النجومية"
علي مصراعيه لهؤلاء المحظوظين من المبدعين القادمين الجدد، وفي جعبتهم
افلامهم، الخارجة لتوها من نار الفرن- المعامل، هو عبارة عن " سلسلة " من
الاكتشافات الرائعة، ومنذ انطلاقته في سبتمبر عام 1946 ولحد الآن( توقفت دورة
المهرجان الاولي عام 1939 بسبب نشوب الحرب العالمية الثانية) للمواهب
السينمائية الجديدة الصاعدة، من مخرجين وممثلين من امثال : صوفيا لورين
وكلوديا كاردينالي وبريجيت باردو وأنوك ايميه وشارون ستون وجاك نيكلسون
وروبرت دونيرو وفرانسوا تروفو وفيرنر هيرزوج واوشيما وفرانسيس فورد كوبولا
وسبايك لي ويوسف شاهين ومحمد لخضر حامينا وكينتن ترانتينو وجورج لوكاش وستيفن
سبيلبيرج وغيرهم، وقدكانت انطلاقة المهرجان عام 1946 متميزةحقا ومنذ بدايته،
اذ ارتبطت بعرض عملين رائعين صار الان من كلاسيكيات السينما العظيمة، فقد حط
الايطالي روبرتو روسوليني في المهرجان بفيلمه العملاق " روما مدينة مفتوحة"
الذي اسس لمذهب " الواقعية الجديدة" وهبط اليه الشاعر الفرنسي جان كوكتو من
باريس وهو يحمل في حقيبته فيلمه "الحسناء والوحش " الذي شجع العديد من
الكتّاب، وبخاصة في فرنسا، علي الوقوف خلف الكاميرا، وممارسة تجربة الاخراج
في مابعد..
وعلي الرغم من ان المهرجان مازال، بل ويحرص علي
أن، يستقطب في كل دورة عددا كبيرا من نجوم السينما في العالم، وبعضهم ولد
سينمائيا هنا،الا انه ليس ابدا استعراضا للنجوم، اذ ان السؤال الذي يطرحه
المهرجان دوماهو : تري كيف تتطور السينما- كأداة تفكير- في العالم،في علاقتها
اولا بالواقع ومشكلات وتناقضات عصرنا ومجتمعاتنا، – وقد كانت السينما
دومامرآة وانعكاسا لهذا الواقع- وفي علاقتها كذلك، بالفن السابع نفسه، من جهة
اشتغال السينما علي الفن السينمائي ذاته، لكي تطوره من داخله، تطور من
اساليبه وامكانياته- كما في معمل تجريبي- في محاولةلاختراع" نظرة" جديدة في
كل فيلم.
"استعراض" النجوم لخدمة سينما المؤلف وحقوق الانسان
فالوافع ان ايةقراءة في تاريخ ذلك المهرجان الذي
نتابع اعماله منذ عام 1982 ونعتبره بمثابة " غسيل عيون " سنوي،عضوي
وضروري،تكشف عن منحه الاولوية في اهتماماته دوما للاعمال السينمائية اي (
الافلام ) قبل نجوم السينما،والاستفادة نوعا ما، من بريق الضجة الاعلامية
التي تصاحب ظهورهم وحضورهم، للدفاع عن حرية التعبير وحقوق الانسان،والتكريس
لسينما المؤلف، ولازلنا نذكر كيف تم تهريب فيلم " التصريح "
YOL التركي لايلماظ جوني في فترة الثمانينيات للمشاركة في مسابقة
المهرجان،ومخرجه في السجن، وحصول الفيلم علي سعفة " كان " الذهبية، بحضور
مخرجه أجل، بعد ان ساعد المهرجان ايضا في عملية تهريبه( ويالها من رواية
بوليسية تستحق ان تحكي حين يتسع الوقت )، وكذلك تهريب فيلم " رجل الحديد "
للبولندي فايدا وفيلم " طعم الكرز " للايراني عباس كيارستمي، مما يؤكد علي أن
الأهمية القصوي للمهرجان،تكمن اولا في " قيمة" افلام قائمة الاختيار الرسمي
التي يعتمدها كل سنة،لافلام المسابقة الرسمية، والتظاهرة المرافقة لها، ونعني
بها " نظرة خاصة"، وما يتكشف عنهما من مواهب، بالاضافة الي اكتشافات " كان "
الاخري، علي الصعيد غير الرسمي في تظاهرتي " نصف شهر المخرجين" و" اسبوع
النقاد"، ولذا اصبح " كان " بفضل عملية الاكتشاف هذه، والمتجددة دوما،
بالاضافة الي مواقفه" السياسية " من قضايا الحريات والرقابة، وعدم رضوخه
للضغوطات والتهديدات الدبلوماسية، اصبح "الفاترينة" المثالية للسينما في
العالم، باتجاهاتها وتياراتها ومواهبها الجديدة، وشاهد علي عصرنا..
ولدوا في "كان": كوبولا وكوستوريكا وستون
وتضم قائمة "اكتشافات"
REVELATIONS كان السينمائي، العديد من المخرجين والممثلين "المشهورين" حاليا،
الذين ولدوا سينمائيا في "كان"- بعد ان عرضت افلامهم اولا،اما في تظاهرة "
نصف شهر المخرجين " التي تأسست عام 1968، او تظاهرة "اسبوع النقاد" التي
تأسست عام 1962( اقدم تظاهرة موازية في المهرجان )، ونعتبرهما بمثابة " منجم"
اكتشافات " كان " الذهبي، ثم سلطت عليهم اضواء المهرجان الساطعة في ما بعد،
حين انجزوا أعمالا اكثر جرأة وطموحا وتميزا، دلفت الي مسابقة المهرجان
الرسمية، وحصد بعضها جائزة السعفة الذهبية،او نال جوائز اخري في المسابقة
الرسمية، وكان ان انطلق واشتهر هؤلاء الذين ولدوا هناو كتبت لهم " شهادات
ميلاد " سينمائية جديدة في " كان " ونذكر منهم
المخرج الامريكي فرانسيس فورد
كوبولا. من مواليد 1939. ولد في كان عام 1974 بحصوله علي جائزة احسن
فيلم(السعفة
الذهبية ) بفيلم "محادثة سرية" بطولة جين
هكمان،
وفوزه للمرة الثانية بالسعفة الذهبية عام 1979 بفيلم
apocalypse now
"القيامة الآن" بطولة مارلون براندو، الذي يعتبر الآن "تحفة" سينمائية.
*الممثل الامريكي روبرت دو نيرو. من مواليد 1944.
ولد في كان عام 1976 بعد تألقه في تمثيل دور سائق تاكسي في فيلم "سائق تاكسي"
taxi
driver للمخرج الامريكي مارتين سكورسيزي الذي حصل علي جائزة السعفة الذهبية.
*الممثلة الالمانية نستازيا كنسكي.من مواليد 1961.
ولدت في كان عام 1984 بحصول فيلمها" باريس- تكساس"
paris-texsasللالماني
فيم فندرز علي جائزة السعفة الذهبية.
*المخرج البوسني امير كوستوريكا. من مواليد 1955.
ولد في "كان" عام1985 بحصوله علي السعفة الذهبية بفيلم "ابي في رحلة عمل" ثم
حصوله علي سعفة ثانية- وهو الوحيد مع كوبولا الذي حصل علي سعفة كان مرتين-
بفيلمه "تحت الارض"
underground
عام 1995
*الممثلة الامريكية شارون ستون. من مواليد 1958.
ولدت في " كان " عام 1992 بتألقها في فيلم الافتتاح" غريزة اساسية "
basic instinctللامريكي بول فيرهوفين وكانت " نجمة " المهرجان
بلا منازع..
*المخرج الامريكي كينتين تارانتينو رئيس لجنة
التحكيم في دورة المهرجان 57 الجديدة. من مواليد 1963. ولد في "كان" عام 1995
بحصوله علي السعفة الذهبية بفيلمه " رواية بوليسية "
pulp fiction
* المخرج الفرنسي ماثيو كازوفيتس. من مواليد 1968.
ولد في "كان" عام 1995 بحصوله علي جائزة الاخراج بفيلمه
la
haine" الكراهية " الذي يحكي عن العنصرية في فرنسا ضد العرب واليهود والسود
في ضواحي العزلة الفرنسية علي هامش مدن فرنسا الكبري..
وكان العديد من هؤلاء المخرجين والممثلين وغيرهم مثل البريطاني كين لوش
والايطالي برتولوتشي والامريكي مايكل مور.. الخ، حضروا الي المهرجان وعرضوا
افلامهم،وكشفوا عن موهبتهم من قبل في التظاهرتين المذكورتين، وذلك قبل ان
يصعدوا بافلامهم الجديدة ( العمل الثاني او الثالث) في مابعد، الي دائرة
افلام المسابقة الرسمية..
"معارك حب" لبنانية في نصف شهر المخرجين
وتضم قائمة تظاهرة " نصف شهر المخرجين" 36 في "
كان " هذا العام 20 فيلما جديدا هي:
• فيلم
MAAREK HOB"
معارك حب " لدانيال عربيد ( لبنان ). فيلمها الروائي الطويل الاول بعد مجموعة
من الافلام القصيرة المتميزة.
• فيلم
A VOTBON COEUR
لبول فكيالي ( فرنسا )
• فيلم
WOMAN OF BREAKWATER"امرأة
من بريكووتر" لماريو اوهارا ( فلبين )
• فيلم
LA
BLESSURE" الجرح " لنيكولاس كلوتز ( فرنسا.بلجيكا)
• فيلم
THE TASTE OF TEA
" طعم الشاي " لايشي كاتسوهيتو ( اليابان )
• فيلم
EN ATTENDANT LE DELUGE
" في انتظار الطوفان " لداميان اودول ( فرنسا)
• فيلم
THE END OF THE RIVER
" نهاية النهر " لبهروز افخامي ( ايران )
• فيلم
THE HEART IS DECEITFUL
" القلب المخادع " لآسيا ارجنتو ( امريكا)
• فيلم
JE SUIS UN ASSASSIN"
انا سفّاح " لتوماس فانسان ( فرنسا)
• فيلم
BITTER DREAM
" حلم مر" لمحسن امير يوسوفي ( ايران )
• فيلم
MUR
" الحائط" لسيمون بيتون ( فرنسا). فيلم وثائقي طويل عن " حائط العار"
الاسرائيلي في فلسطين.
• فيلم
MASHUCA
" ماشوكا" لاندريس وود( فرنسا.اسبانيا.تشيلي)
• فيلم
MEAN CREEKلجاكوب
ارون ايتس ( امريكا)
• فيلم
LOS MURRTOS
ليساندرو الونسو ( الارجنتين )
• فيلم
LODOR DEL SANGUEرائحة
الدم" لماريو مارتون ( ايطاليا)
• فيلم
OH UOMO"
ايها الانسان " لايرفانت جيانيكيان وانجيلا ريتشي (ايطاليا)
• فيلمTARNATION
لجوناتان كوييت (امريكا)
• فيلم
THE
TUNNEL " النفق" لماندا كونيتيشو (اليابان)
• فيلم
VENUS ET FLEUR"فينوس
وفلور" لايمانويل موريه (فرنسا)
• فيلم
THE WOODSMANلنيكول
كاسل ( امريكا)
وتضم قائمة تظاهرة " أسبوع النقاد " 43، في " كان " هذا العام
7 افلام روائية طويلة هي:
• فيلم
ATASH"
عطش " لتوفيق ابو وائل ( فلسطين )
• فيلم
BRODEUSES"
المطرزة" لاليانور فوشيه ( فرنسا)
• فيلم
ORلكارين يديا ( فرنسا)
• فيلم
A CASABLANCA LES ANGES NE
VOLENT PAS" الملائكة لاتحلق في الدار البيضاء" لمحمد أصيل ( المغرب )
• فيلمCALVAIRE
لفابريس دوفيلذ ( فرنسا)
• فيلمSEEK YOU TOO
" انا ايضا ابحث عنك " لكارول لور ( فرنسا)
• فيلمTEMPORADA DE PATOS
لفرناندو ايمبيك ( المكسيك )
والجدير بالذكر هنا، ان متابعة كل هذه الاعمال
السينمائية الجديدة، ان في افلام المسابقة،والافلام علي هامش المسابقة،
بالاضافة الي افلام التظاهرتين الموازيتين، وعروض "سوق الفيلم" يجعلك تلهث
وتركض من صالة الي صالة اخري، وهكذا ينقضي النهار، ويكون الليل فجأة قد دخل،
فاذا بك تتساءل وانت تسير هنا في "كان" علي حافة البحر،وبعد ان تكون قدشبعت
من مشاهدة الافلام،لم تسكننا هذه المدن الاخري، "مدن" السينما، من صنع الخيال
والوهم وخداع البصر،بافلامها واحداثها وشخصياتها، أكثر من هذه المدن
"الواقعية" التي نعيش فيها؟! المجد اذن لروح الخيال الانساني كما يقول الشاعر
ابولينير. المجد لروح المخاطرة والمغامرة في هذه المدن الاخري من الخيالات
والاحلام والاوهام والافكار،التي تجعلنا نحن البشر ننطلق من عقالنا، لنتجاوز
الزمان والمكان، ونخترق الحدود والابعاد، لكي نحلق خفافا في الفضاء هكذا مع
الطيور السابحات، ونلف وندور، ثم نهبط من جديد علي ارضية هذا الواقع الصلدة..
|