أنا
الشحات الفيلسوف الذي قال للملك »لا«.. هكذا بدأ
دريد لحام الممثل العربي السوري حديثه معي عن دوره الجديد في الفيلم السوري
المصري
»هالة
والملك« المأخوذ عن مسرحية للأخوين رحباني التي قدمت منذ أكثر من
٥٢
عاما.. وكانت حلم دريد لحام والمنتج نادر الاتاسي الذي انتج معظم افلامه..
منذ
ذلك الوقت اي من حوالي ربع قرن تحويلها إلي فيلم سينمائي وبينما نحن جالسان علي
رصيف احد المقاهي في لوس انجلوس.. راودت المنتج الكبير اعادة التفكير في هذا
الفيلم... واشتري نادر حقوق المسرحية لتحويلها إلي فيلم
سينمائي مشترك مع مصر..
بطولته مع الممثلة الشابة ميريام فارس..
وتحقق حلمهما هذا العام.. والفيلم
يحكي عن الصدق والكذب..
وكيف ان الملك يتأثر بالكلام الكاذب من حاشيته ويصدقه
إلي ان جاء شخص يقول له
»لا«.
أما هذا
الشخص فهو شخصية الشحات التي اؤديها..
الذي يصارح
الملك بالحقيقة.. وهي حكاية تحكي أكثر من انها قصة.. فالملك يريد ان
يتزوج..
احضروا له احد العرافين ليقول له انه سيلتقي بأميرة في ساحة المدينة..
سيحبها
ويتزوجها.. وفي الجانب الآخر هناك فتاة فقيرة جميلة تقف في الساحة لتبيع
»الماسكات«
التي صنعتها هي وأبوها في عيد »الهالوين« من أجل كسب قوتها
اليومي.. يقدمون »لإلة« ثوب الأميرة لترتديه..
وحينما يصل الملك والحاشية
إلي الساحة ينبهر بها يحبها ويريد ان يتزوجها..
لكن الفتاة تحب هذا الرجل الغلبان
الشحات
ولا تريد ان تتزوج الملك..
·
ولكن كيف تستعد للدور؟
-
اخذت
ابحث عن شبينة اتعلم منه كيف يأكل وكيف يتصرف..
والشحات في هذا الفيلم شايف حاله
..
الحسنة
يطلبها بغضب وليس باستجداد.. يطلب الحسنة ورأسه مرفوعة.. وحين يعد
الفلوس آخر اليوم ويجدها قليلة يلقي بها في الشارع..
هذا الشحات الذي قال الحقيقة
للملك وهي
ان الفتاة ليست أميرته.. لكنها فتاة غلبانة تحب رجلا آخر وتريد
الزواج به..
ليكتشف الملك ان الشحات صادق في كلامه.
يشترك معي
في ادوار
البطولة الممثل اللبناني الكبير »چورچ خباز« في دور الملك وميريام فارس
بدور
هاله.
والفيلم
استعراض غنائي تغني فيه ميريام الذي تقوم بالبطولة
المطلقة
لأول مرة ويشارك في الفيلم
٠٧ راقصا
وراقصة.
يقول دريد
عن ميريام فارس ..
لها صوت جميل.. وحضور قوي .. والاهم انها فنانة مريحة جدا ومطيعة.. والأجمل
من ذلك انها متواضعة جدا.
والفيلم
من اخراج حاتم علي مخرج مسلسل الملك
فاروق.. وهو مخرج قدير.. مثقف جدا.. ومهذب جدا.. يهتم بكل التفاصيل..
ويصور بكاميرا واحدة.. وهو يعلم شغلي جيدا في كل الأعمال التي
قدمتها..
والفيلم
علي مستوي كبير من التقنيات.. صورناه في استديو الفارس
الذهبي.. في مدينة صنعناها واطلقتنا عليها اسم »سيلينيا«
وهو اسم من
الخيال.. وجندنا له أحسن الفنيين فاحضرنا ديكورست من لبنان
وخبيره ماكياچ
عالمية..
وأنا سعيد
بهذه الخلطة السورية المصرية.. ويجب ان تتعمق بالتأكيد
لفتح الحدود السورية المصرية الثقافية علي الاقل بين البلدين.. وهذا يؤثر
علي فتح
الحدود السياسية.
هموم
المواطن العربي بعد هزيمة
٥ يونيو
ودريد
لحام هو
الممثل
الكوميدي العربي الوحيد الذي تناول في كل أعماله وبعد هزيمه
٥ يونيو.
هموم المواطن العربي.. فقد نجح منذ بداياته كممثل كوميدي في ان يقوم
الكوميديا
الانسانية... وكانت أهم شخصياته التي حققت له شهرته ونجاحه هي شخصية.. »غوار
الطوشي«..
ولم يكن
يتخيل ابدا ان تحدث قطيعة بينه وبين هذه الشخصية التي لم
يكن يذكر اسمه الا باسمها ذلك الرجل البسيط الذي تضعه الظروف في مواقف
صعبة.. لكن
دريد اتخذ قرارا بأن ينهي علاقته بهذه الشخصية ليدخل مرحلة اخري من حياته
بعد هزيمة ٥
يونيو عام ٧٦٩١.. ففي اربع ساعات ضاعت احلامنا.. وخلفت في وجداننا وعقولنا
شرخا كبيرا فاهتزت ثقتنا بأنفسنا بل بالعروبة التي كبرنا وعشنا
نتغني بها..
وبعد
الهزيمة تدهور المسرح الذي أصبح خاليا من الجمهور والممثلين..
عروض بلا روح وبلا
حرارة.
وكانت أول
صرخة في الكوميديا الوطنية في عام
٩٦٩١
حين كونا مسرح
اسميناه »مسرح الشوك« الذي يبدو هدفه من اسمه.. عرض القضايا السياسية
والاجتماعية وبدأ ارتباطي بالكاتب الكبير محمد الماغوط..
عام ٣٧٩١.. ومرحلة
فنية اخري من حياتي حين وقعت حرب رمضان
(٦ أكتوبر) واستعدنا تماسكنا وبدأنا
نستأصل الهزيمة في داخلنا..
وعبرنا عن تلك الظروف في »خيمة تشرين« حاولنا
فيها ان نصل إلي اسباب الهزيمة وحتي نصر
٣٧٩١...
وبدأنا نلتزم بالوطن والبيئة ان
الذي يشغلي دائما هو علاقة الانسان بوطنه هل نفخر بالوطن لانه مساحات..
فالوطن
يصير لا يكون شامخا الا بالانسان.. والهجرة خارج الوطن هي الغربة..
لكن الغربة
داخل الوطن قهر.. وعشنا مهجرين في اوطاننا.. لم تكن هذه الأعمال سياسية..
لكنها لتحقيق الذات للتعبير عن الواقع..
وكانت مسرحية »غربة« قدمت بعد ذلك
فيلم »افلام الحدود«.. اي الحدود بين الوطن والواحد
.. الوطن العربي.. ثم
»التقرير«..
ثم »الكفرون« له وعن المسرحيات قدمنا »كاسك ياوطن«.. و
»رقائق
النعمان« كل هذه المسرحيات ليست مسيسة لكنها حديث عن اخطاء النظام
العربي.. وبعض الذين لا يفهمون المسئولية كما يجب..
انا لا أجلس علي
الطاولة
لا فكر في عمل فالعمل يبقي حيا اذا كان نابعا من الناس.. فالمهم سيدتي ان
العمل يعمل نفسه.. ليتحول المتفرج إلي متفاعل وصاحب علامة.
لو اتحد
العرب
لتغير مجري التاريخ
·
المواطن العربي..
والمقاومة.. والعلاقات
الانسانية تأخذ الكثير من تفكيرك؟
-
قال احد
المفكرين العرب السوريين »انطون
سعاده«.. الذي رحل او اغتيل »انتم يا عرب فيكم قوة لو اجتمعت لغيرت مجري
التاريخ«.
لكن للأسف
من الصعب جدا ان يتحد الاشقاء
ورحم الله سعد ونوس الذي
قال »نحن محكومون بالامل«.. ويجب ان نحلم بهذا الامل.. فالخلافات بين
الاشقاء
والسياسيين العرب لاتزال هي
المشكلة ليت السياسيون تيعلموا المشكلة من
الساسة.. »ان مابقي من بلاد الغرب أوطاني«.
وحصلت علي
هذه
الوثيقة
وانتقلنا
الي موضوع آخر حين قلت له:
·
باستثناء النجم العربي
الكبير دريد لحام المهموم دائما
بالمواطن العربي.. والذي حقق فيلمه »الحدود«
نجاحا كبيرا حين عرض في القاهرة وحمله الجمهور علي الأعناق. فان اي فنان
عربي
لايشتهر الا بأعماله في مصر؟
فبالرغم
النجاح الذي حققه الممثل الكبير جمال
سليمان.. فانه لم يحقق الشهرة الا من خلال المسلسل المصري »حدائق الشيطان«
يرد دريد بابتسامة قائلا:
-
سيدتي..
اي فنان عربي لايشعر بذاته الا
بوثيقة اعتراف من مصر..
وقد حصلت علي هذا الشرف.. وفي كل زيارة لمصر اشعر بأنها
اولي
زياراتي فهناك شوق دائم وحنين متجدد.. فالقاهرة لها مكانة خاصة في القلوب..
واحرص دائما علي حضور مهرجانها كل عام واصبحت صديقا له..
وانا مع كثرة
المهرجانات الفنية..
فيجب ان يكون هناك تناغم ثقافي وأخلاقي وهذا الثناغم تخلقه
اللقاءات العربية..
فكلما قللنا من المؤتمرات السياسية وأكثرنا من المؤتمرات
الفنية سيكون هذا افضل..
ففي المهرجانات الفنية يسبقنا الوفاق.. بينما في
المؤتمرات السياسية يسبقنا الخلاف الي القاعة..
التي أري ان الوحدة العربية اليوم
ابعد ما يكون عن تحقيقها فيما مضي.. لذلك يجب ان أحلم.
·
وما الذي
يشغلك الآن؟
-
مشغول
بمرحلة مهمة كثيرا وهي مرحلة الوحدة بين مصر وسوريا من
عام ٨٥٩١ وحتي عام ١٦٩١.. فقد كنا نري مصريين في سوريا وسوريين في مصر..
ومن
خلال ذلك ممكن ان اؤدي شخصية سورية..
وانا فخور بان يرشحوني ان اعمل عملا مسرحيا
مشتركا
بين مصر وسوريا.. وان اعيش في شخصيتي كدريد لحام.. بنفس اللهجة وخاصة في
هذه المرحلة.
·
مشروع وطن في السماء..
الذي كان مفروضا أن تمثله مع
عادل امام الا يزال محل تفكيرك؟
-
مؤسسة
السينما تطالبني بهذا.. ولكني احب
السلحفاة.. ان اعمل علي نار هادئة.
اكتشفت أن
ما في نوايا حسنة
آخر ماكان
يتوقعه
دريد لحام ان يكون سفيرا متجولا للنوايا الحسنة.. تابعا لاتفاقية حقوق
الطفل في الشرق الاوسط.. ودريد كان يستحق فعلا هذا اللقب لاهتمامه بحقوق
الطفل
وذلك يرجع لمعاناته ايام طفولته..
فقد كان
طفلا ينتمي لعائلة كبيرة العدد..
فقيرة المورد.. فبدأ عمله وهو لايزال طفلا عمره ٧ سنوات عند حداد في نفخ
الاطارات.. كان يعمل بالنهار ويذاكر بالليل.
وقد صقلته
هذه الفترة من طفولته
ليهتم بأحوال الطفل قبل الحصول علي لقب سفير النوايا الحسنة..
كما قدم فيلما عن
الأطفال الصغار الذين يعملون اعمالا متدنية لإعالة ابائهم وهو الفيلم الذي
اطلق
عليه »الآباء الصغار«.. ايضا قدم مسرحية العصفورة الصغيرة
»للأطفال«
وأساله:
·
امازلت سفيرا للنوايا الحسنة؟
-
لم أعد..
فقد اكتشفت
ان
مافي نوايا حسنة.. النوايا الحسنة موجودة للدعاية فقط.. وقد استبعدت حينما
صرحت في جنوب لبنان بأنني مع المقاومة.
·
ما هي اتعس لحظات في
حياتك؟
-
أنا لم
احس بالتعاسة ولكن احس بالآلم حين أري نظرة سؤال وعتاب..
ودموع في عين طفل.
اذكر ان
ابي ضربني علقة ساخنة حينما صعدت إلي شجرة وانا
طفل.. لكن كلما اتذكر ذلك اضحك فالمعاناة علمتني واصقلتني.
·
ما رأيك
في
الجيل الجديد من الممثلين؟
-
جيل يفكر
وخريج معاهد وفرصتهم اكبر من نجوم
الجيل
القديم.. فالنجوم تصنع السينما.. والسينما هي التي تحقق النجومية وليس
التليفزيون الذي دخل كل بيت.
·
كيف تعيش حياتك الآن في هذا العمر؟
-
هناك أطفال ، وشيوخ مازالوا شبابا .. لانهم يحبون الحياة وأنا من النوع
الاخير،
احب حياتي العائلية.. وأكون سعيدا حينما امضي الوقت مع اولادي واحفادي
وزوجتي.. فالوطن السليم في العائلة السليمة. وهو الحجر الاساسي في بناء
الوطن.
هالة
زوجتي احيانا وصديقتي
احيانا
وحبيبتي دائما!
وعن
العائلة يتحدث دريد بحب فأسعد أوقاته كما يقول التي يمضيها مع
احفاده وهم سبعة..
وذلك حينما يدعي أولادي علي العشاء ويتركوا الأطفال ليبيتوا عند جدهم الذي
يقول..
ان
دريد الصغير يتكلم في السياسة احيانا فهو يقول لي امريكا صارت مع اسرائيل
ضدنا«.
·
وعن زوجتك هالة؟
- »هالة«
تحملت الكثير.. تحملت سنين
الضنك وصبرت معي كثيرا..
لم تكن يعنيها اللبس الذي تفخر به الكثيرات.. اللاتي
لا يرتدون الا السنية من باريس لكن زوجتي لا تلبس الا الصناعة
السورية.
ان
الغيرة تنبع من الحب لكن يجب الا تكون
غيرة عمياء تهدم معها مابناه الرجل
والمرأة.. وزوجتي كانت عاقلة جدا لدرجة ما هدمت معها مابنيناه.. والرجل عادة
وفي مجال الفن يتعرض للكثير من المواقف والشائعات وانا تعرضت للكثير من هذه
الشائعات.. لكن المشكلة ان نصف هذه الشائعات كان صحيحا وبتجاوزها هذه
المشكلة
وصبرها علي ان يكبر الاولاد في بيئة صحيحة لم يحسوا بأي مشكلة فحينما أخطأ
كلينتون
او لونسكي كانت فضيحة اقاموا الدنيا واقعدوها وانا زوجتي صبرت
علي مائة
لونسكي.
ان زوجتي
هالة صديقتي احيانا وزوجتي احيانا لكنها حبيبتي دائما.
أخبار النجوم المصرية في
15
يناير 2009 |