قبل
الحديث عن جوائز الغولدن غلوب التي تم توزيعها الأحد
الماضي لابد من التأكيد على أن سنة 2008ضعيفة سينمائياً ولم يظهر فيها إلا
أفلام
قليلة يمكن وصفها بالعظيمة. ومقارنة بسيطة مع أفلام 2007ستكشف
لنا حجم الفارق بين
السنتين من ناحية الكم والنوع. طبعاً الحديث عن السينما الأمريكية تحديداً
والتي لم
تقدم هذه السنة سوى سبعة أفلام مميزة أمام طوفان من الأفلام المقبولة أو
الجيدة في
أفضل الأحوال. ولعل هذه القلة كانت سبباً رئيساً وراء دخول
أفلام ضعيفة في ترشيحات
الغولدن غلوب. لا بل وتحقيق الجائزة أيضاً. مثل ما فعل فيلم (فيكي كريستي
برشلونة-Vicky
Cristina Barcelona)
للمخرج
"وودي آلن" الذي فاز بجائزة أفضل فيلم
فئة كوميدي/موسيقى رغم عدم جدارته بها ولا بأي جائزة أخرى.
فيلم (فيكي
كريستي برشلونة) جميل ومرح وممتع وفيه حضور لذيذ لأفكار "وودي آلن"
المجنونة التي تسخر من الحب والالتزام العاطفي الدائم. لكنه لا
يستحق الجائزة بأي
حال. وهو ليس بأفضل من الفيلم الرائع (احرقها بعد القراءة-Burn
After Reading)
للإخوة
كوين المرشح معه لنفس الجائزة والذي احتوى على صنعة كوميدية ممتازة
بسيناريو
مذهل. وفيلم كهذا لا يمكن أن يخسر الجائزة أمام فيلم "وودي آلن"
مهما كانت معايير
الاختيار. هذا إذا تجاوزنا الفيلم البريطاني المرشح لنفس الجائزة؛ فيلم
(Happy-Go-Lucky)
الذي يستحق الجائزة أكثر من الاثنين.
وفوز فيلم
"فيكي كريستي برشلونة" لا يثبت الفقر السينمائي الذي تعانيه سنة
2008.بل غرابة جوائز الغولدن غلوب أيضاً. والتي اتجهت نحو الأفلام
الأضعف وتجاهلت
الأجدر. ومن ذلك فيلم (المليونير المتشرد-Slumdog Millionaire)
الذي وإن
تجاوزنا عن
فوزه بجائزة أفضل فيلم لاعتبارات جماهيرية. إلا أنه لا يمكن
قبول فوزه بالجوائز
الثلاث الأخرى وهي: أفضل سيناريو. أفضل موسيقى. وأفضل إخراج. بالنسبة
لجائزة
السيناريو. ففوزه غريب لأن قصته تم بناؤها بطريقة تقليدية قائمة على قاعدة
واحدة هي
الربط بين الماضي والحاضر انطلاقاً من الأسئلة التي تلقى على
الفتى "جمال" في
برنامج من سيربح المليون. المذيع يطرح سؤالاً والفتى يعود إلى ماضيه البائس
ليستلهم
منه الإجابة. وبهذه الطريقة البسيطة الواضحة يتم الربط بين مسارات الفيلم
دون تقديم
ما هو مدهش على مستوى البناء. وهذا يجعل السيناريو أقل
استحقاقاً للترشح فضلاً عن
الفوز. خاصة في ظل احتواء قائمة الترشيحات على سيناريوهات أقوى وأمتن مثل
فيلم
(فروست/نيكسون-Frost/Nixon).
ولا يختلف
الأمر عن جائزة الموسيقى لأن موسيقاه لم تكن متسقة مع مجرى الأحداث
وفي بعض المشاهد تكون مزعجة ومتنافرة مع معنى الصورة. وإذا
استثنينا مشهد الختام
الذي احتوى على موسيقى جميلة فعلاً. فإن القيمة النهائية لموسيقى
(المليونير
المتشرد) لا ترقى للمنافسة أمام الموسيقى التي ألفها جيمس نيوتن هاورد في
فيلم
(Defiance)
ولا لموسيقى فيلم
(Changeling)
للعجوز
النابغة كلينت إيستوود الذي -كعادته-
وضع موسيقى ممتازة من الناحية الوظيفية جاءت متوائمة مع روح القصة ومدعمة
لها.
منح هذه
الجوائز لمن لا يستحق. يفتح المجال للنظر في قائمة الترشيحات نفسها
والتي ضمت أسماء وأفلاماً لم تقدم ما يشفع لها بالترشح. ومثال
ذلك قائمة الخمسة
المرشحين لأفضل ممثل مساعد والتي رغم أن جائزتها ذهبت لمن يستحقها فعلاً
وهو الراحل
"هيث ليدغر" عن دوره المميز والمرعب في فيلم (فارس الظلام-The
Dark Knight)
إلا
أنها ضمت اسمين لم يقدما ما يؤهلهما للمنافسة وهما النجمان "توم كروز"
و"روبرت
داوني جونيور" عن دوريهما في الفيلم الكوميدي الساخر
(Tropic Thunder)
وقد ساعدهما
المكياج على الظهور بشكل مختلف ومميز لكنه تميز شكلي لم يصل إلى عمق
الأداء. ونفس
الأمر ينطبق على النجم "براد بيت" الذي احتل مكانه في قائمة أفضل ممثل
درامي وهو
الذي لم يمارس أي مهارات أدائية في فيلم (حالة بنجامين بوتن
الغريبة- The Curious Case of Benjamin Button)
مكتفياً
بالمكياج الذي تلاعب بشكله وغير هيئته من سن
الشيخوخة حتى الطفولة.
منح فيلم
(حالة بنجامين بوتن الغريبة) خمسة ترشيحات من المآخذ على الغولدن غلوب
لأنه فيلم مجوف بلا عمق ولا صراع. إنه شكل جميل. لوحة فخمة
جميلة. ولا يقدم أبعد من
حالة إنسان غريب يولد عجوزاً وبمرور الزمن يعود إلى الشباب حتى يتحول إلى
طفل صغير
ويموت. إنه إنسان ينمو بطريقة معكوسة ولا شيء أبعد من ذلك. فهل هناك دلالات
أخرى
لهذه الحالة؟. وهل هناك مغزى آخر يريد المخرج ديفيد فينشر
تقديمه؟. مغزى فكري
مثلاً؟. إن الفيلم مغلق من هذه الناحية ولا يظهر فيه سوى متابعة شخصيته
الرئيسية في
مراحلها السنية المختلفة. فهل يستحق فيلمٌ مثل هذا الترشح لجائزة أفضل
فيلم؟. في
مقابل الغياب الفادح لفيلم (فارس الظلام) والذي لم يترشح إلا
لجائزة أفضل ممثل
مساعد رغم أنه أكثر أفلام السنة تميزاً وفخامة.
هذا لا
يعني أن الغولدن غلوب كان غير منصف بالمطلق. بل هناك استثناءات. وبعض
الجوائز ذهبت لمستحقيها وأنصفت المبدعين حقاً. مثل "كيت
وينسلت" التي حصدت جائزتين
هما أفضل ممثلة درامية عن دورها في فيلم (الطريق الثوري-Revolutionary
Road)
وأفضل
ممثلة مساعدة عن فيلم (القارئة-The
Reader).
ومع
استحقاقها للجائزة الأولى إلا أن
الممثلة انجلينا جولي كانت جديرة بالجائزة أيضاً عن دورها في فيلم
(Changeling).
هي
والممثلة كريستين سكوت توماس عن دورها في فيلم
(I Have Loved You So Long).
ولعل
تميز الاثنتين هو ما دعا كيت للاعتذار منهما عند استلامها للجائزة.
كيت
وينسلت.. عروس الحفل
كيت
وينسلت هي عروس الحفل الأخير الغولدن غلوب بلامنازع، ترشحت
لجائزتين كأفضل ممثلة عن دورها الخاطف للأنظار في فيلم (الطريق الثوري
- Revolutionary Road)
وأيضاً كأفضل ممثلة بدور مساعد في فيلم (القارئ
- The Reader)،
وخطفتهما معاً بجدارة واستحقاق.
وقصة
معاناة وينسلت مع جائزتي الغولدن غلوب والأوسكار أضحت مضرباً للأمثال في
هوليوود، فهي قد ترشحت لهاتين الجائزتين خمس مرات في الماضي عن
نفس الأفلام : (Sense & Sensibility)
عام 95و(التيتانيك)
عام 97و(آيرس) عام 2001و(الإشراقة
الأبدية للعقل النقي) عام 2004وأخيراً (أطفال صغار
- Little Children)
عام 2006.
وبعد أن
انحلت العقدة والحظ السيئ بين وينسلت والغولدن غلوب، ماذا سيكون قدرها
مع الأوسكار؟
نجوم
السينما يكتسحون جوائز التلفزيون
عبدالمحسن
الضبعان
قد يبدو
الأمر غريباً أن يسيطر نجوم السينما أيضاً على جوائز
الأداء التمثيلي في المسلسلات والأعمال التلفزيونية في حفل الغولدن غلوب
الأخير،
ولكن ما قد يزيل هذه الغرابة هو أن نعرف أن المصوتين وأعضاء
هذه الجائزة هم الصحافة
الأجنبية العاملة في هوليوود والمهتمة، في المقام الأول، بالسينما. وحدها
الممثلة
تينا فاي، الكاتبة والبطلة في المسلسل التلفزيوني الكوميدي الناجح
( Rock30)، كانت
من
الفائزين ذوي الخلفية التلفزيونية، حيث بدايتها وشهرتها نبعت من هناك. أما
الباقون فكانت بداياتهم وشهرتهم قادمة من السينما وهم:
@
الممثلة
لورا ديرن عن الفيلم التلفزيوني (Recount)
أمام
كيفين سبايسي، وهي
التي بدأت مسيرتها في فيلم (ذئاب
- Foxes)
عام
1980أمام جودي فوستر، ثم اشتهرت
كونها النجمة المفضلة للمخرج السينمائي الشهير ديفيد لينش في أفلام عديدة
لعل
أشهرها (المخمل الأزرق - Blue Velvet)
عام 86م.
@
الممثل
توم ويلكنسون عن المسلسل التلفزيوني (جون آدامز
- John Adams)،
ومع أن
بداية هذا الممثل البريطاني المخضرم كانت في المسرح والتلفزيون إلا أن
شهرته جاءت
من نافذة السينما حتى أصبح من أكثر الممثلين العاملين في
هوليوود وبريطانيا، ترشح
للأوسكار مرتين عن فيلم (في غرفة النوم - In the Bedroom)
عام
2001و(مايكل كلايتون)
عام 2007م.
@
الممثل
الإيرلندي جابرييل بيرن عن مسلسل (تحت العلاج
- In Treatment)
ومن أشهر
أفلامه
(طريق ميلر
- Millerصs Crossing)
للأخوين كوين عام 90، وفيلم الغموض الشهير
(The Usual Suspects)
عام 95م.
@
إليك
بالدوين عن المسلسل الكوميدي ( Rock30)
وهو يعتبر
من القلة الذين اشتهروا
وحققوا نفس المستوى من النجاح في التلفزيون والسينما، ويتميز
بحضوره كممثل مساعد في
معظم الأفلام، وقد ترشح للأوسكار كأفضل ممثل مساعد عن فيلم
(The Cooler)
عام 2003م.
@
لورا ليني
عن مسلسل (جون آدامز) وهي من الممثلات الكبيرات في السينما
الأمريكية، ترشحت ثلاث مرات للأوسكار، ومن أهم أفلامها (ذا ترومان شو) عام
98مع جيم
كاري، وفيلم (كينسي-
Kinsey)
مع ليام
نيسون عام 2004وفيلم (الهمجيون
- The Savages)
عام 2007م.
@
بول
جياماتي عن مسلسل (جون آدامز) ويعتبر من أكثر الممثلين الناجحين في
هوليوود، من أشهر أفلامه (Sideways)
عام 2004و(
Lady in the Water)
عام
2006وترشح
للأوسكار
كأفضل ممثل مساعد في فيلم رون هاورد الشهير (سيندريللا مان) عام 2005م.
@
الممثلة
الشابة آنا باكوين عن مسلسل (دم حقيقي
- True Blood)
وأول ظهور
سينمائي لها كان في فيلم (البيانو
- The Piano)
عام 93أما
هولي هانتر وترشحت عن
دورها كأفضل ممثلة مساعدة وكان عمرها عشر سنوات، اشتهرت كممثلة في سلسلة
أفلام
(X-Men).
فيلموغرافيا: داني بويل
- Danny Boyle
عبدالمحسن
الضبعان
قلة
هم الذين يعرفون مدى الصعوبات التي واجهها البريطاني داني
بويل لكي ينتهي من فيلمه الجديد (المليونير المتشرد-
slumdog millionaire)،
واجه
شحاً في التمويل والإنتاج هذا اولاً، ثم استمر التصوير أكثر من
ستة شهور تحت ظروف
صعبة، وهو أكثر بكثير مما كان متوقعاً له، والمشاهد التي صورها في تاج محل
لم تكن
كافية لأنه منع من التصوير بعد أن كان قد بدأ به، كما ان التحكم بالممثلين
وبالطاقم
الفني في مدينة مكتظة بالسكان كمدينة مومباي الهندية لم يكن
بذلك الأمر اليسير على
الإطلاق، ولكن كل هذه الظروف والصعوبات لم تمنع أن يتوج داني بويل نجماً
لليلة
الأحد الماضي التي أعلنت فيها جوائز الغولدن غلوب، حيث اكتسح فيلمه جوائز
الفئات
الهامة كأفضل فيلم وإخراج وسيناريو وكذلك جائزة أفضل موسيقى
تصويرية.
ولد داني
بويل في مدينة مانشيستر البريطانية عام 1956، وكانت بداياته الفنية منذ
مطلع الثمانينات متنقلة بين المسرح والتلفزيون، وكان أول عمل
سينمائي له عام 1995في
فيلم الجريمة والإثارة الكوميدي (القبر الجماعي
- Shallow grave)
مع النجم
البريطاني
ايوان ماكجريغور، ويحكي الفيلم قصة ثلاثة أصدقاء، شابان وفتاة، يعيشون في
شقة واحدة ويرغبون بأن ينضم إليهم رفيق جديد، وبعد عدة مقابلات شخصية
يوافقون على
أحدهم لكنه يموت ويكتشفون أنه يملك مبلغاً كبيراً من المال.
وفي العام الذي يليه
قدم بويل الفيلم الشبابي الصارخ (ترينسبوتينغ - Trainspotting)
الذي جدد
التعاون
فيه مع نجمه المفضل ايوان ماكجريغور، بالإضافة إلى مشاركة نجوم
آخرين مثل بيتر
مولان وروبرت كارلايل في هذا الفيلم الذي أضحى علامة بارزة في السينما
البريطانية
الشابة، ويتمحور حول المخدرات والعنف، وتميز الفيلم بروعة إخراجه.
في عام
1997وللمرة الثالثة والأخيرة مع ماكجريغور، والنجمة الأمريكية كاميرون
دياز يقدم الفيلم الرومانسي الكوميدي الغريب (حياة أقل من
عادية - A Life Less Ordinary)
ويحكي قصة
شاب يحتجز أبنة رئيسة كرهينة لكنه يقع في حبها. وبعد هذه
البداية الخاطفة في السينما أخذ داني بويل استراحة مدتها ثلاث سنوات قبل أن
يخرج
فيلمه الدرامي (الشاطيء
- The Beatch)
في عام
2000الذي كان مخيباً للآمال، على
الرغم من أن بطل الفيلم كان ليوناردو دي كابريو الذي لازال في ذلك الوقت
أسير شهرة
فيلم (التايتانيك).
وفي عام
2002قدم فيلم الخيال العلمي المرعب ( 28يوماً لاحقاً
- Days Later28)
ويحكي قصة
انتشار فيروس يهدد حياة الناس، وبعد هذا النجاح الذي حققه في فيلمه
الأخير قدم في عام 2004الفيلم العائلي (ملايين-
millions)
الذي يحكي قصة صبيين
يعثران على حقيبة نقود مسروقة مليئة بالجنيهات الأسترلينية، ويتفقان على
انفاقها
قبل نهاية الأسبوع وهي عدد الأيام المتبقية التي تسبق دخول
بريطانيا ضمن مجموعة
الدول الأوروبية التي تتعامل بالعملة الجديدة، اليورو. ويظل هذا الفيلم
الممتع
جسماً غريباً على سينما داني بويل التي تمتلئ بالمشاهد المقززة والعنف،
التي عاد
لها في عام 2007في فيلم المغامرات الخيالي (شروق
- Sunshine).
من خصائص
سينما داني بويل:
-
غالباً يفتتح فيلمه بمشهد مأخوذ من منتصف الفيلم.
-
موسيقى أفلامه صاخبة، ويستخدم (Electronic Music)
بكثرة.
-
شخصيات أفلامه غالباً اسكوتلندية، ودائماً يظهر في أفلامه أي شيء يدل
على
أسكوتلندا.
-
أهم
ما يميز أسلوبه الإخراجي هو استخدامه للكاميرا المتحركة.
الرياض السعودية في
15
يناير 2009 |