نخشي
الندم علي ما قد فات ونخاف أشد الخوف مما هو آت ونضيق بما نحن فيه والليل
يطول ونحن ننتظر الصباح.. بما يحمله من أمل وحتي ألم.. و«نحلم ببكرة واللي
هايجيبه معاه نندم عليه في الضلمة وبنسمع نداه». كلمات نزعم أنها قد تعبر
عن مشاعرنا اليوم وسط أحداث مختلفة .
لا يمكنني
أن أجلس أمام أسامة أنور عكاشة ولا أتحدث في السياسة خاصة أن الأحداث التي
تمر بها كل المنطقة العربية تفرض علينا أن تكون بداية حوارنا عن «فلسطين»
الجرح الدامي في قلوبنا جميعا..
·
أريد أن أسألك عن وجعك الذي قد أراه الآن في
عينيك؟.
فلسطين
نزيف دائم لا ينتهي وكل الأطراف مسئولة عما يحدث مسئولية كاملة بما فيها
الفلسطينيون أنفهسم هو جرح ساهم في شقه كل الفصائل المعنية كل الأراضي
والشعوب والدول المحيطة بفلسطين وما حدث اليوم توقعته بحذافيره منذ أن قرر
ذلك الشارون الانسحاب من غزة وكانت مراميه وأهدافه واضحة للجميع والقصد كان
الوقيعة بين الفلسطينيين وبعضهم وأيضا الدول الأخري، فبدأوا «يتخانقوا» علي
من الذي يحكم وهذا يذكرنا بالمثل الإنجليزي الذي يقول «يبيع جلد الدب قبل
فروه»، انتظروا إعلان الدولة ثم اتخانقوا زي ما انتوا عايزين فنحن ننزف
بأيدينا وفي الوقت نفسه نعلم جيدا أن إسرائيل تتحين الفرص ولكننا بادلنا
بما لسنا قادرين عليه وقدمنا لها الحجة أمام الرأي العام وقذفنا المستعمرات
لنستفزها وبدأت المحرقة وآلة الاحتلال الجهنمية تحصد في أرواح الفلسطينيين
والمشهد بأكمله «يخذق عيوننا جميعا» ويجعلنا نقول «مفيش فايدة».
·
هل معني كلامك أن السبب الرئيسي والمسئول عما
يحدث في فلسطين الآن «حماس»..؟
حماس قدمت
لهم الحُجة فقط ولكن جميع الدول العربية مسئولة مسئولية قديمة وهم لم
يفعلوا إلا ما يفعلونه في كل مرة وهو «الفرجة المشلولة» وإلقاء اللوم علي
الآخرين وشعوبنا العربية اكتفت بالتظاهر وسب الاحتلال وقذف الأمريكان
بالأحذية والخلافات العربية العربية دائما أمامنا فنحن ننشغل بمقاتلة بعضنا
البعض مصر وسوريا والسعودية وسوريا والأردن وسوريا وكأن سوريا والسوريين هم
الفصيل الشعبي الوحيد المدافع عن فلسطين هكذا بدت الصورة وكأن الجميع اتفق
أن «الأفضل» لنا جميعا انقراض الجيش الفلسطيني تحت الحملة الموجهة للغزاوية
«علشان الجميع يرتاح عن هذا الصداع» وإذا كانت حماس مستهدفة اليوم فغدا
الدور علي فتح فوفقا لمعتقدات الإسرائيليين ألا يكون في أرض فلسطين إلا
اليهود ونحن نعرف ذلك جيدا ونردده كل يوم 10 مرات وبالرغم من ذلك لا نضع
هذا في اعتبارنا.
نقرأ له
الفاتحة
·
قضية فلسطين وما يحدث يجعلني أتذكر مصطلح
«القومية العربية» وأيام عبدالناصر.. حضرتك هاجمت هنا المصطلح وفتحت عليك
نيران خاصة من الناصريين.. ألا تري أن الحل الآن هو القومية العربية أم
لاتزال علي رأيك أنه كان حلما..؟
**مصطلح
القومية العربية نقرأ له الفاتحة هات دليلا أو محكا واحدا أثبت فيه المصطلح
أنه واقعي وحقيقي فهو شعار لا يحقق علي أرض الواقع أقول هذا وأنا أنزف من
داخلي مثل كل الناس كان في حلم «أدشدش» وكل حدث يحدث الآن يؤكد ذلك.
قبل
عبدالناصر
·
وماذا عن ارتباطه بفترة عبدالناصر والكرامة
العربية؟
** دعوة
القومية العربية كانت قبل عبدالناصر وهو لم يخترعها ولكن زورت باسمه ولم
تكن حلم العرب لكن حلم الجواسيس البريطانيين وهو في رأيي تم توريطه في هذا
الشعار لأن هذا المصطلح لم يبين كرامة وقتها وأي شعار أرفعه وقيمته ضعيفة
لا يكون منه فائدة الحل في رأيي أن أقوي وأصبح قويا بما يؤهلني أن أرفع
رأسي وحينها أختار طريقي ولكننا للأسف الشديد نردده في حالة ضعف مهين ونحن
بذلك نعبث.
·
البعض يري أن العرب لا يستطيعون أو غير
قادرين علي التلويح حتي بقطع العلاقات مع الكيان الصهيوني.. فما رأيك؟
** العرب
فرطوا في أوراقهم جميعها منها المقاطعة ورفض الاعتراف بإسرائيل وهي أوراق
مهمة تخلينا عنها ببساطة عندما فرط فيها السادات وألقاها في أيدي الأمريكان
قائلا: إن جميع الأوراق في أيديهم وهو يسلمها لهم وحتي نستعيد هذه الأوراق
نحتاج إلي قوة غير موجودة للأسف وهي حرب ثانية.
دفء
الأمريكان
·
نحن نعشق العودة إلي الماضي وهذا يجعلنا
دائمي الاستعانة بكلمات منه تخاطب حاضرنا الأليم.. مقولة جمال عبدالناصر
«ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة» ألا تراها مناسبة لوقتنا؟
** هي
مقولة مهمة ولكن يجب ألا نأخذ الكلام بعيدا عن سياقه.. عبدالناصر قال هذا
في مرحلة تحرير الأرض في مرحلة الصمود والدفاع النشط فما أخذ بالقوة لا
نرده إلا بالقوة ولكن «هل لدي القوة لأسترد بها ما ضاع؟».
نتحدث عن
الواقع فنجد إسرائيل مدعومة عسكريا من جميع قوي الغرب وليست الولايات
المتحدة فقط لذلك نحتاج إلي قوة كافية وهي لن تأتي إلا إذا انتفض العرب من
ضعفهم وبناء قوة رادعة هل النية موجودة أصلا لدي العرب؟ فللأسف العرب
«يرغبون في أن يختبئوا في الشقوق وينعموا بدفء الأمريكان».
·
حزب الله - إيران - سوريا ونظرية المؤامرة
التي نتحدث عنها دائما مرتبطة بالأسماء السابقة.. خاصة في مصر ما رأيك
فيها؟
** هذا
يذكرني بالمقولة الآتية: «أنه عندما تأتي الخيبة تأتي من وسع» فحزب الله قد
نجده الظاهرة الإيجابية الوحيدة في عالمنا العربي وما فعله حسن نصرالله في
مقاومته للإسرائيليين وبالرغم من ذلك نهاجمه دائما هو حاول إنقاذ كرامتهم
وهم يتهمونه بالمد الشيعي في حالة عداء كونتها أمريكا لدي العرب كونتها
«بالأمر» تخيفهم قائلة «اوعي الشيعة في الطريق» وهما الشيعة مين؟ دول
مسلمين يختلفون فقط في المذهب وهو لا ينفي عنهم صفة الإسلام وأنا أري أن
الشيخ حسن علامة من علامات اليقظة والانتباه سواء كان السيد حسن نصرالله
الشيعي أو الشيخ حسن السني.
إيران..
عكس التيار
أما عن
إيران فهي تسير عكس التيار فالمفترض من وجهة النظر الأمريكية أن تصبح دولة
مستأنسة زي ماليزيا مثلا ولكنها أرادت أن تكون دولة إسلامية قوية تبرز قوة
الإسلام لذلك يحاولون ضربها أو التخلص منها حتي لا يتبعها الآخرون وجاء
الادعاء بوجود سلاح نووي في إيران وهذه النغمة موجودة منذ الخُوميني ومن
وقتها إلي الآن الهجوم علي إيران يأخذ نغمة شكل والدول العربية بالطبع
تتبعهم مثلما نتبع القائد أو الريس أو «المعلم» في البيت الأبيض يقودهم،
فيقادون فلا توجد دولة تختار بحق «ومن يبيع إرادته مرة يدمن البيع».
حماس لعبت
لعبة خطيرة جدا ففي بدايتها الإسرائيليون «فوتوا لها» حتي تتوازن القوة مع
فتح ونري قوة مناهضة لمنظمة التحرير ووجدت ضالتها في حماس التي اندفعت عن
غير وعي واستخدموها لدق إسفين في ظهر المقاومة الفلسطينية ثم داعبهم حلم
الإخوان المسلمين وهو السيطرة علي الحكم مع الاستخدام العلني للسلاح في وجه
السلطة بحجة الانتخابات الأخيرة وطرد منظمات فتح واستقلوا بغزة وعملوها
«دولة حماس» وكأن الوطن الفلسطيني ناقص تقسيم.
ضواحي
شيكاغو
·
قلت في أحد أحاديثك الصحفية.. إن مصر عيانة
«مريضة» فماذا كنت تعني؟
** مصر
للأسف الآن ليست في أحسن أحوالها بها مظاهر من التردي والانحدار التي نجدها
عمت كل المجالات، نحن نعرف جميعا أن أي جسد يمرض تظهر عليه أعراض المرض من
طفح جلدي أو دمامل «مصر النهاردة كده» الفساد في كل شيء لا يوجد هدف ولا
توجد بوصلة تحدد الاتجاه هناك انهيار في التعليم والاقتصاد وانهيار قيمي
حتي الجرائم غريبة لم نرها من قبل تحمل عنفا لأقصي درجة حتي إننا كدنا
نتصور أن ضواحي مصر مثل ضواحي شيكاغو ولكن كل ذلك قد يكون وسيلة للقضاء علي
نظام لا يمكنه أن يحمي البلد.
عقد قديمة
·
أحداث غزة حملت معها ملامح عنف ضد مصر من
الدول العربية المحيطة والتي قد تكون الأولي من نوعها.. ما رأيك؟
** ما
يحدث من الهجوم علي مصر هو تنفيس عقد قديمة لا أفرقها عن حادثة جلد الأطباء
المصريين في السعودية هذا بجانب ضعف الدور المصري فرخصها في عيون من كان
يعتبرها «عقدته» طوال العمر من الجهات العربية المتعصبة للإقليم لذلك
فعندما تضعف مصر في أي مجال تجد نوعا من الشماتة ويتجرأ عليها كل من كان
وما يحدث الآن هو انتهاز ضعف النظام المصري وهامشية دوره فمصر طول عمرها
تقودهم كلهم وعندما يجدون الشقيقة الكبري ضعيفة بل وأضعف من أي كيان فيهم
يهاجمونها من باب ضروريات الواقع.
·
إذن من أين يبدأ الإصلاح من وجهة نظرك؟
** تبدأ
حركة الإصلاح الحقيقي بكلمة الحرية.. الديمقراطية ونترك لشعبها تقرير مصيره
لا يوجد حاكم يفرض عليها للأبد.. لا يتخلص شعب من أوجاعه إلا إذا نعم
بالحرية والديمقراطية الحقة.
نكتة لم
أفهمها
·
تخرج علينا حكومتنا المبجلة كل يوم بما هو
جديد وآخرها فكرة الصكوك.. ما تعليقك عليها؟
** فكرة
الصكوك نكتة لم أفهمها بعد لأضحك عليها.. الحكومة تستغل فقر الناس
والرأسماليون يبيعون الأصول للأثرياء كأنهم هايروحوا اسكندرية.. عن طريق
أسوان.
·
هل بالفعل حدث أنك تعرضت للتهديد بالقتل في
الفترات الأخيرة..؟
** بعض
الناس يتابعون هذه الأشياء بشكل كبير ويتحدثون عن هذه التهديدات، نعم حدث
في قضية عمرو بن العاص وتصريحاتي حوله أهدروا دمي والحكومة حاولت فرض حراسة
علي ولكنني رفضت.
·
ما رأيك في الجماعات الإسلامية.. الآن؟ هل
تراها ظاهرة ولها حق؟
-
الجماعات الإسلامية انكمشت بعد الضربات الأمنية التي وجهت لهم لكنهم يظهرون
في الإعلام والقنوات الفضائية بشكل كبير ويساعدهم ضعف المؤسسة الدينية
الرسمية ولم يعدوا قادة مقنعين ولا مشايخ أزهر عظاماً كما كنا نسمع ونعرف
أصبحوا أقرب إلي التشكيل الحكومي.
أفلام
احتفالية
·
ما حقيقة وجود فيلم عن حرب أكتوبر.. منذ
سنوات يكتبه أسامة أنور عكاشة.. ثم اختفي المشروع؟
** توقفت
عن كتابته لأنه في ظل سلطة موجودة تابعة في الأساس لمن كانوا في الجيش وقت
الحرب أو قادوا الحرب فلن أكتب بحرية ونحن لسنا ناقصين أفلااًم احتفالية،
وهدفي الأساسي كان تقديم معالجة فنية حقيقية لحرب أكتوبر لا أرغب في رصد
البطل ولكن مصر في حالة الحرب الأسر والناس وأولادهم علي الجبهة لمدة 6
سنوات لذلك لم أرغب في كتابته الآن.
الأهالي المصرية في
14
يناير 2009 |