محمد
هنيدي يعد من أهم نجوم الكوميديا في السينما المصرية, بل ينسب له الفضل
في عودة جمهور السينما إلي دور العرض, والطفرة الإنتاجية التي تشهدها
السينما الحالية, بعد بطولته لفيلم' إسماعيلية رايح جاي', الذي عرض
عام1997, ثم بطولته لمجموعة من الأفلام التي حققت إيرادات مرتفعة وخلقت
حالة انتعاشية في السينما المصرية ومنها'صعيدي في الجامعة الأمريكية'
و'همام في أمستردام', عاد هنيدي بقوة بعد أن راهن البعض علي ابتعاده عن
السينما, واستطاع في هذا الموسم المنافسة بقوة وتصدر أعلي الإيرادات
متخطيا الـ10 ملايين جنيه.
هنيدي
يعود لجمهوره بفيلم' رمضان مبروك أبو العلمين حموده' الذي جاءت فكرته
بعد لقائه بالكاتب يوسف معاطي, وهو ما يصفه هنيدي بأنه' لقاء نصيب',
حيث التقي بمعاطي في أحد مهرجانات المسرح, ودارت بينهم دردشة سريعة أخبره
خلالها هنيدي برغبته في تجسيد دور الفلاح في السينما بعدما قدم دور الصعيدي
في أفلام سابقة, وفوجئ بأن معاطي يقول له' الفكرة موجودة.. فلاح مدرس
لغة عربية', ومن هنا ظهرت البداية الأولي لفكرة الفيلم وطلب منه هنيدي أن
يجلس مع المخرج وائل إحسان' زميل الدكة' في معهد السينما قسم إنتاج
للإعداد للفيلم.
هنيدي جسد
في الفيلم دور مدرس لغة عربية جاء من مدرسة في إحدي القري وهي ميت بدر
حلاوة' إلي القاهرة, مستعرضا في عدة مشاهد مشاكل التعليم خصوصا حينما
نجد تناقضا وفجوة بين الطلبة الفقراء المعدومين والطلبة المرفهين في مدرسة
من نوعية(7 ستارز), ومنهم أبناء وزراء ورجال أعمال كبار, ويوضح هنيدي
أن' رمضان' مدرس يخاف علي مهنته ويحترمها لدرجة أنه يذهب إلي أحد
التلاميذ ليعاقبه في منزله, مشيرا إلي أن العقاب لا يصل لحد الضرب
وإصابته بعاهة مستديمة كما نسمع حاليا عن الكوارث التي تحدث في المدارس
ووصفها' بالمهاذل الإنسانية', والتي وصلت إلي حد وفاة أحد الطلاب,
قائلا:' للأسف لم نستطع إلقاء الضوء وإلإشارة إلي ذلك لأننا كنا انتهينا
من تصوير الفيلم بعد انتشار تلك الأخبار في الصحف ووسائل الإعلام'.
ويضحك
هنيدي متذكرا أنه تعرض للضرب في سنوات دراسته قائلا' الموضوع كله كان
مدتين علي الرجل وخلاص', لم تصل الحكاية في وقتنا إلي حد التشويه
والموت, وأكد أن هجوم البعض علي الفيلم بحجة أنه يسئ لمدرس اللغة العربية
وانعفال بعض نواب مجلس الشعب كلام غريب ومدهش خصوصا أنه يقدم فيلما
كوميديا, ومن الطبيعي أن يحمل الفيلم جانبا من المبالغات الدرامية.
اللهجة
الفلاحي مثلت صعوبة شديدة لهنيدي, ورغم ذلك نجح في اتقانها ولم يدربه
عليها أحد, حيث أتقن اللهجة من المكالمات التليفونية التي دارت بينه وبين
يوسف معاطي طوال فترة التحضير للعمل, حيث كان الاثنان يتحدثان باللهجة
الفلاحي طوال المكالمة التي يبدأها معاطي قائلا:' سلامه عليكوا ياأستاذ
رمضان'.
رسالة
واضحة أعلنها هنيدي'مبروك' حول مسألة الدروس الخصوصية حيث يقول لزميله
في المدرسة إن الأستاذ لا يتبقي له كرامه عندما يجلس في منزل الطالب ويتم
تقديم الشاي والكيك له, في سخرية شديدة مما يحدث حاليا.
يمثل
الفيلم عودة للفنانة ليلي طاهر مرة أخري للسينما, حيث أوضح هنيدي أن
ترشيحها جاء من يوسف معاطي, وسعد هنيدي بذلك الترشيح حيث يقول عنها إنها
فنانة ملتزمة جدا وصاحبة أداء متميز, بينما جاء اختيار باقي الأبطال
بالتشاور بين الثلاثة' هنيدي ومعاطي وإحسان' وكانت للأخير' كلمة
الفصل' الذي اختار' سيرين عبد النور', كما أشاد بالوجوه الجديدة في
العمل طارق الإبياري ابن أحمد الإبياري الذي يدرس مسرح في الجامعة
الأمريكية, وعمر مصطفي متولي ابن الفنان الراحل مصطفي متولي, وأمير
المصري الذي يعيش في إنجلترا وقدم هناك عدة تجارب مسرحية.
وحول كثرة
عدد الفنانات اللبنانيات في السينما المصرية حاليا, أكد هنيدي أن هناك
مبررا دراميا في فيلمه لوجود ممثلة لبنانية حيث إن السياق الدرامي يتطلب
مطربة لبنانية, تظهر أزمتها بعد انتهاء فترة إقامتها, كما أشار إلي
أننا نفتقر إلي استمرار الوجوه السينمائية الشابة التي تظهر كل يوم, حيث
لا تستكمل الطريق,أو لا تسير علي نفس الخطي وتتعثر في مشوارها الفني.
طوال
التحضير للفيلم اعتاد هنيدي ارتداء' عبايته' والنزول من بيته ليلا في
عز الشتاء لكي يذهب إلي معاطي في منزله, ليجلسا معا يتخيلان شكل'
رمضان' وبيئته وتركيبته, وملابسه المميزة واختارا معا' البدل
السفاري' التي يظهر بها في الفيلم, كما أن هنيدي أطلق شاربه بالفعل لأن
معاطي أخبره بإعجاب يحيي الفخراني بالشخصية ونقل له نصحيته بإطلاق شاربه,
كما رسما معا تفاصيل الشخصية ومنها الشعر' المكتكت' والنظارة,
ليتناسب مع الحبكة الدرامية الرائعة التي صاغها معاطي بإحساسه الكوميدي
العالي.
وأثناء
التصوير اعتادت زوجة صاحب الأرض التي كانوا يصورون بها أحداث الفيلم في
الريف تقديم الوجبات لهم,' كانت تقدم لنا محشي وبط' مما أضفي علي
كواليس العمل جوا من الود والحب, بين الجميع خصوصا أن طبيعة المكان نفسها
رائعة وتجد من حولك كل شئ طبيبعيا' حشائش خضراء, وسماء مكشوفة,
وقطعان من البقر, ويضحك هنيدي قائلا:' أنا وزني زاد النص في
التصوير'.
هنيدي لم
يستطع التوقف عن الضحك مع رمضان في عز أزماته, حتي يأتي مشهد لابد وأن
تبكي عليه, فالفيلم به لمحات إنسانية ويناقش قضايا مهمة, في إطار
كوميدي بعيدا عن الافتعال, كما أوضح هنيدي أن اسم الفيلم مناسب له تماما
وليس طويلا,ووضعه يوسف معاطي منذ البداية, ولمس فريق العمل أن الاسم
يعلق في الأذهان, خصوصا أن' رمضان' لم يقل أبدا اسمه منفردا, بل
هو'رمضان مبروك أبو العلمين حمودة.. مدرس أول لغة عربية.. ورئيس
جماعة الخطابة'.
وحول عرض
فيلمه في موسم العيد للمرة الأولي له, لفت هنيدي النظر إلي أنه لا يكترث
في الوقت الحالي بتوقيت عرض الفيلم, خصوصا أن موسم الصيف سيفقد بريقه
السينمائي والصيف المقبل يعد آخر المواسم المميزة له, حيث سيصبح العام
بالكامل موسمين. لذلك من الأفضل أن تتم إعادة إحياء مواسم سينمائية كانت
قد اختفت مثل موسم عيد الأضحي وإجازة منتصف العام, وأكد هنيدي سعادته
بالتعاون مع شركة جودنيوز والتي رصدت له إمكانات كبيرة.
الأهرام العربي في
10
يناير 2009 |