تعرف على صاحب "سينماتك"  وعلى كل ما كتبه في السينما

Our Logo

  حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

فيلم 'رامي الاعتصامي'

أحمد عيد يقود حملة على 'الفيس بوك' لتغيير النشيد الوطني!

يجسد الفنان القدير أحمد راتب دور رئيس الوزراء في فيلم 'رامي الاعتصامي'، وهو فيلم كوميدي- كما صنفه صناعه، وهو ليس كذلك، ويحاول من خلاله أحمد عيد فرض اسمه في الساحة الكوميدية، التي يسيطر عليها عادل إمام ومحمد هنيدي وأحمد حلمي وآخرون. بيد أن تجربته مع فتحي عبد الوهاب وأحمد رزق في 'فيلم ثقافي'، أفضل بكثير من فيلمه الأخير، كما أن الأعمال الجماعية تكون ذات ألق خاص، حيث يتنافس كل أبطاله الشباب في إبراز قدراتهم التمثيلية، مثلما حدث في 'سهر الليالي'.

وكعادة أفلام نجوم الكوميديا الشباب يحضر جيل الآباء مثل سامي مغاوري وحسن طرابيك، الذي يجسد شخصية رجل الأعمال، والد رامي. ويكرس صورة الشباب الارستقراطي اللاهي، الغارق في دخان الحشيش وأجواء الكباريهات.. حين ضبط الأب ابنه رامي مع أصدقائه، وسأله عن رائحة الدخان، أخبره بأنه 'بخور مغربي'(؟)، وليت السيد الكاتب يشرح لنا المقصود من هذه النكتة السمجة.. إنه وأمثاله من الكتاب الشباب يسيئون إلى الكوميديا-أولا وأخيرا- باستسهالهم لها. وللأسف، فالسينما المصرية صارت تتعمد إقحام المشاهِد في فضاءات هز البطون و المجون. ويحق لنا أن نتساءل : ألا يمكن صناعة فيلم سينمائي نظيف، أو بمعنى آخر : فيلم عائلي؟

وكل هذه الجعجعة، فقط لكي يثير صديقنا رامي (أحمد عيد) انتباه الفتاة التي يحبها، وتتجاهله، في حين يستحوذ المطرب على كل المعجبات في النادي.

وكما نتحدث عن علامات قيام الساعة، يمكننا الحديث عن علامات انحطاط السينما المصرية، وهو تواجد المطرب الشعبي ريكو، (وأدواره تشبه الشخصيات التي يؤديها محمد سعد)، حيث يؤدي ريكو دور نشال (يدعى كاكا) في الفيلم الذي يتاجر بمعاناة البسطاء، ويشوهها، والذي يتقدم ليخطب من يحب في الشارع. ولا نقبل أن تكون الكوميديا مبررا للإساءة إلى البسطاء، مثلما يظهر في مشهد موازٍ للخطوبة عجوز يكاد يموت وهو يسعل.. ما فائدة وجود هذا العجوز في السياق الدرامي والسيكولوجي؟

يسمع رامي كلمة اعتصام في برنامج 'على الهواء'، يؤدي دور مقدمه الإعلامي تامر أمين.

وبعد الفاصل، تظهر على الشاشة عبارة 'ثورة الفيس بوك'. السيد رامي الاعتصامي يريد أن يغير النشيد الوطني، فقط لأنه لا يتلاءم مع عزف الغيتار، ومعارفه ضحلة.

ثمة تسطيح لا يغتفر للأفكار الكبرى، ولمن يتذرعون بالكوميديا للدفاع عن الفيلم، نخبرهم بأن دريد لحام قدم كوميديا سياسية راقية، وليس بنفس سذاجة صناع الفيلم. يرتجف رامي حين يعلم أن البرنامج سيتلقى اتصالا من رئيس الوزراء، حيث يعنفه الفنان أحمد راتب بطريقة دبلوماسية، ثم يدعوه إلى الصمت، و يقرر رامي الاعتصام، في تقليد ببغائي لضيف البرنامج السابق، المدافع عن حقوق العمال.

و فجأة، يجد رامي نفسه فوق أكتاف الشباب المتجمهر أمام مكتب رئيس الوزراء. ويحاصر المكان بقوات الأمن المركزي، وحتى النادي يبدو خاليا، بسبب مؤازرة الشباب لرامي. بصراحة، فكرة الفيلم تبدو وكأنها مفصلة على المقاس، وكنت أحبذ أن يجسد شخصية رامي تامر حسني، لأنه يهوى فكرة استمالة المراهقات، وهلم سخافات.

بيد أن صديقنا رامي ينفض من حوله المؤيدون، فتبدأ عمليات ابتزازه، منهم من يطلب المخدرات. إنهم شباب ارستقراطيون، لا يفكرون في الثورة أو التغيير، ولنتحمل ثقل ظل الفيلم، ولأن لقصص الحب دورا رئيسا في الأفلام المصرية، فالفتاة حين تسمع كلام رامي عنها في التلفزيون، وهو يصرح بأنه قام بكل شيء فقط، ليثير انتباهها، فتفرح، (يا للرومانسية!)، وتصارح المطرب بأنه لا تحبه، وتهجره.

عند لقائه بمدير مكتب رئيس الوزراء (سامي مغاوري)، يخبره بطلب جديد، وبعد طول تفكير، وهو أنهم يريدون تغيير العلم. وبعد الانكسار وخيبة الأمل تشرق شمس المحبوبة، بعد أن هجرت المطرب التافه (هكذا سيبدو لها)، ورامي حزين لوجود انقلاب في الصفوف، وهي من ستوحدها. ونشاهد الاعتصاميين غارقين في الاستمتاع بوقتهم، ومن المشاهد التي لا تحتمل سخافتها ظهور رجلي أمن، يتأمل أحدهما البنات، والآخر يبدو وفيا لحبيبته، وهو يخرج صورته من جيبه. للأسف، السينما المصرية وكذلك التلفزيون يتعمدان تشويه صورة الرجل الصعيدي أوالبدوي، فهل يجهل صانعو أفلام المقاولات محمد مستجاب، وأمل دنقل، يحيى الطاهر عبدالله، عبد الرحمن الأبنودي، يوسف القعيد، وغيرهم كثير من المبدعين الكبار؟

ويتم إقحام العشوائيين والأمريكيين والإسلاميين في ساحة الاعتصام بشكل ساذج، يفتقد العمق والإقناع، مما يجعلنا نتغاضى عن بقية الأحداث. باختصار، إنه فيلم مخيب للآمال، سقط في فخ التسطيح، ويحق لنا - الآن- أن نتساءل مستنكرين مع الناقدة ماجدة خير الله: 'لماذا تحقق أسخف الأفلام.. أعلى الايرادات؟ !'.

إنها المرة الوحيدة التي أحس فيها بالندم على متابعة فيلم سينمائي مصري، فاختيار أحمد عيد - هذه المرة- لم يكن موفقا، ونتمنى ألا يكون سببه... اللهاث خلف بطولة الأدوار الأولى.

' كاتب من المغرب

القدس العربي في 1 يناير 2009

 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2009)