شهد
عام2008 خطوة أخري للامام في اتجاه استرداد صناعة السينما في مصر
لقوتها, ولعل الارقام تؤكد ذلك حيث ارتفع عدد الافلام التي تم انتاجها من
ناحية, وزادت صالات العرض ـ في القاهرة والاسكندرية فقط ـ من ناحية
أخري, ولم تقف بلاتوهات الاستوديوهات عن العمل طوال العام.. ولكن ظل
المستوي الفكري والفني للمنتج السينمائي ضعيفا وبلا تطور يذكر, ولم يظهر
فيلم واحد يمكن ان تتفق عليه الآراء, أيضا كان الوجود المصري في
المهرجانات شرفيا بحكم السمعة القديمة والريادة.
نستطيع ان
نحصر حالة انتاج نشطة من خلال زيادة عدد الافلام من40 فيلما الي47
فيلما, وانتاج فيلمين بتكلفة تزيد علي40 مليون جنيه.. كما يظهر نفس
الامر في الاقبال الجماهيري, وزيادة عدد الافلام المعروضة فقد كانت في
العام الماضي141 فيلما مصريا وأجنبيا, بينما ارتفعت هذا العام إلي186
فيلما, ولاول مرة تعرض تجاريا أربعة أفلام عربية, ثلاثة منها تحمل
الجنسية اللبنانية: سكر بنات وبحر النجوم ودخان بلا نار وفيلم سعودي
مناحي.. وقد ارتفعت الايرادات من285 مليون جنيه إلي335 مليونا(
بزيادة50 مليون جنيه, وكان نصيب السينما المصرية من الزيادة15 مليون
جنيه فقط).
من قراءة
هذه الارقام نري ان عرض الفيلم الاجنبي في مصر شهد زيادة كبيرة في المعروض
والايرادات, كما ان سوق السينما عرفت لاول مرة تجاريا عرض نحو7 أفلام
اوروبية, وعربية ـ اوروبية مشتركة.. ولكن هذه الايجابية لا نراها
بالنسبة للفيلم المصري رغم زيادة عن الافلام, ربما لان المحطات الفضائية
العربية كانت لاعبا اساسيا في التمويل, وقد حرصت علي المشاركة في الافلام
الاستهلاكية التي تعتمد بشكل اساسي علي اسماء النجوم.
ربما يرجع
عدم ظهور أفلام متميزة فنيا وفكريا خلال العام لسبيين كلاهما يحتاج إلي
الرصد والتحليل, الأول عدم وجود جهات انتاجية تتبني المشروعات السينمائية
المهمة والتي تحمل رؤية واسلوب مخرجيها, والثاني هذا التربص الرقابي الذي
يجيز في لمح البصر الافلام الاستهلاكية, ويرفض أو يؤجل أو يتدخل بشكل
مباشر في الحذف من السيناريو قبل الموافقة علي تصويره.. ولم تكن ازمة
الرقابة مع فيلم عين شمس الذي تم تصويره دون موافقة الرقابة علي السيناريو
سوي تحذير وانذار لكل من تسول له نفسه ان يبدع دون رغبتها او مراقبتها!.
اذا
اتجهنا إلي دور العرض نجد أنه تمت اقامة ما يقرب من20 صالة جديدة, ومن
بين هذه الصالات اقامة ثلاث صالاتVIP
تكون سعر التذكرة فيهما بـ100 جنيه, وهي صالات حققت رواجا!.. وفي
المقابل تم تجديد سينما صيفي بوسط القاهرة( النصر), ليعود عرض فيلمين
في حفلة واحدة مقابل12 جنيها للتذكرة,
انخفض عدد
الأفلام الكوميدية وتراجع إلي أقل من النصف, وانخفضت شعبية محمد سعد,
وكانت ظاهرة احمد مكي اتش دبور الذي قفز للمركز الثالث في الايرادات,
وعاد محمد هنيدي نجما جماهيريا بفيلم رمضان مبروك.. ولم تظهر أي أفلام
لاثنين من نجوم الايرادات: احمد السقا وكريم عبدالعزيز.. وظهرت مشاركة
حقيقية لنجوم الجيل السابق في الأفلام: محمود ياسين ونورالشريف ومحمود
عبدالعزيز ومحمود حميدة.. وكانت نصف الأفلام علي الاقل تلعب فيها دور
البطلة ممثلة لبنانية او تونسية أو مغربية.. وظهر11 مخرجا جديدا..
واستمرت حالة الاحتكار في الانتاج وامتلاك صالات العرض بين شركتي الثلاثي
والعربية.. وكان لقاء عادل امام وعمر الشريف في حسن ومرقص هو مفاجأة
العام.. وظهور عدد كبير من الأفلام المقتبسة!
هناك
توقعات بان يكون عام2009 أفضل بعد ان بدأ تصوير أفلام جديدة لمخرجين كبار
مثل داود عبدالسيد ومحمد خان ويسري نصر الله ومسافر احمد ماهر.. ورغبة
المحطات الفضائية في انتاج30 فيلما جديدا باسلوب الديجيتال ثم تحويلها
إلي شرائط سينمائية من خلال ممثلين ومخرجين جدد.. ولكن الظاهرة التي لم
تتضح بعد هي مسألة احتكار النجوم بين ثلاث شركات كبري: الثلاثي والعربية
وجود نيوز وهذه الاخيرة رفعت اسعار النجوم رغم تراجع اسماء بعضهم تجاريا
ليكون لها الكلمة العليا!.
بكل تأكيد
سوف تكون سينما2009 مختلفة, وتحمل درجة عالية من الصراع بين النجوم
والشركات, والشباب الجديد الذي بدأ يضع لمساته ويعلن وجوده من خلال أفلام
الديجيتال سواء الطويلة أو القصيرة.
كانت هذه
قراءة سريعة في أهم اوراق سينما2008 كصناعة وفن.
الأهرام اليومي في 1
يناير 2009 |