منذ فترة
قصيرة صار ينظر للخيول في الأعمال الدرامية العربية على أنها عنصر رئيسي في
عملية الصراع التي يتبناها العمل، وفق أحداث يميل عليها غالباً الحضور
التاريخي او الفانتازي.
وصار هناك
اهتمام بحركة المعارك، سيما أن المشاهد صار يمتعض للأسلوب الفني والإخراجي
البدائي، الذي كانت تدار من خلاله معارك هزيلة تفتقد لأبسط مقومات
المصداقية والواقعية، وكان يقال من باب السخرية أن المسلمين لو أداروا
حروبهم بهذه الطريقة، لما حققوا النصر ولما انتشر الإسلام في بضع مناطق
صغيرة.لذا، كان لابد من أن يكون هناك اعتماد على تحقيق عنصر الإقناع بذلك،
أمام تقنيات حديثة وقصص واقعية ورغبات الجمهور في مشاهدة تصورات إخراجية
جديدة.ولا نبالغ إذا قلنا أن المخرج السوري حاتم علي، نجح في إدخال أسلوب
جديد في الدراما التاريخية، يتمثل في قيادة المعارك التي قدمها في مسلسل
«الزير سالم» و«صلاح الدين الأيوبي» ، بحيث حقق إدهاشاً في طريقة تناوله
حركة الفرس وضربة الرمح وصوت السيف وما إلى ذلك..
وهذا ما
فعله لاحقاً في تنفيذ معارك ضارية بمساعدة تقنيات ضخمة في مسلسل «صراع على
الرمال» المأخوذ من خيال وأشعار صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم
نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وبخيول استثنائية تم
استخدامها من إسطبلات خاصة في اسبانيا.
وتميزت
أربعة خيول من الحجم الثقيل من بين الخيول المشاركة في معارك «صراع على
الرمال»، العمل الذي قدم حصريا عبر تلفزيون دبي.. أربعة خيول لها تاريخ هام
مع السينما العالمية، واستطاعت ان تلمع في سماء الفن السابع،نتيجة الخبرة
التي اكتسبتها والتدريبات الهائلة التي تجريها يومياً، ناهيك عن الاهتمام
بها.
وكان لا
بد لريكاردو كروز مدرب هذه الخيول وصاحب إسطبلات تضم حوالي 400 حصان من
القول :«إن خيولي الأربعة هذه لا تقدر بثمن، وأنا لا أدفع بها في أي عمل،
ولكن المناخ الإنتاجي الاستثنائي في مسلسل «صراع على الرمال»، قادني لأن
أدفع بها، مع طاقم فني مدرب على التصوير، وبقيادة مخرج يعي أبعاد العمل
الدرامي.
وفي
المقابل، كان على «دايمون» و«برونسو ميديو» و«تانغو» و«كاميرون».. وهي
أسماء الأحصنة الأهم التي شاركت في معارك عالمية وخاض بها ممثلون من طراز
رفيع أفلاماً كبيرة ، مثل توم كروز وراسل كرو، ان تقف للمرة الأولى في
مسلسل عربي يرصد سيرة الحياة والحرب.
وتقدم
نتائج هامة تابعها المشاهد العربي خلال عرض العمل في ليالي شهر رمضان
الماضي، وأضافت إلى تاريخ الأعمال الدرامية العربية حضوراً فاعلاً وكبيراً،
حينما سيتابع المتفرج صيغاً مختلفة في تنفيذ المعارك، وإمكانية أن تجاري
الأعمال الدرامية العربية تجارب السينما العالمية بكثير من الإمتاع
والفائدة.
خيول
الدراما شريكة في البطولة ذات مواصفات وألوان مفضلة
عمان -
محمد ابو رحمة
للخيول
هيبة كما عرفها العرب منذ «كر حصان امرئ القيس وفره»، ولها سطوة القوة
والجمال الحر في تضاريس الصراع المتلفز منذ حط السيل خيول القصائد «كجلمود
صخر من عل».. ولها شخصية الأبطال في فعل تعيشه حقيقة لا تمثيلاً على حذر
كأنها الريح تحت فرسان ذاهبين لعشقهم أو حتفهم في المسلسلات.
وما ان
اخترع الإنسان الآلة حتى قيل «انتهى عصر الخيول»، فصارت مقياسا لقوة
المحركات، وما ان تقدمت البشرية إلى السرعة، حتى برزت كأجمل أبطال السباقات
، ثم ها هي تتقدم لتصير ركناً أساسياً في لائحة طويلة من الأعمال في
السينما والتلفزيون.
ومع أن
تجربة الاشتراك في لعب أدوار استثنائية في حياة الشخصيات ليست جديدة على
الخيول العربية، منذ أوشك حصان عنترة على النطق كالبشر فقال في وصفه:
«لو كان
يدري ما المحاورة اشتكى ... ولكان لو علم الكلام مكلمي» فهل برع المخرجون
العرب في تصوير خيولهم كما برع الشعراء من قبل وكيف تعامل أصحاب مزارع
الخيول مع تنامي الطلب على الخيول في مجال الدراما.. وما حقيقة ما يتردد عن
إساءة معاملة الخيول من قبل القائمين على تنفيذ الأعمال الدرامية؟
حول هذا
الموضوع تحدث سنان نشاشيبي وهو فارس أردني للحواس الخمس قائلاً : لا بد من
الاعتراف بأنه في الفترة الماضية، كان هناك ضعف لمسه المتابعون للدراما في
حركات الخيول واختيارات بعض المخرجين لكيفية تقديمها خلال أعمال كثيرة.
وهو أمر
لا يتعلق فقط بخبرات المخرج بل أيضا بخبرات وقدرات القائمين على تنفيذ رؤية
المخرج وتدريب الخيول على الحركات المطلوبة خصوصا تصميم المعارك وهي أصعب
ما يمكن تدريب الحصان عليه، فالحصان كما هو معروف من أكثر الحيوانات حساسية
وذكاء، وتكيفه مع من يتعاملون معه مسألة ليست سهلة.
أما فيما
يتعلق بما اذا كان المخرج العربي قد نجح في تصوير الحصان كما فعل الشاعر
فلا بد من القول إن القيمة الأدبية والتاريخية للقصائد التي حفظت عبر الزمن
تشكل تحدياً غير عادي أمام المخرج المعاصر، وان كانت هناك بالطبع فوارق
معروفة بين التصوير بالكلمات والتصوير بالكاميرا ،.
وهناك
مخرجون قدموا الحصان بصورة علقت في ذاكرة الجمهور كالمخرج العربي الراحل
مصطفى العقاد في فيلميه الملحميين عمر المختار والرسالة الذي استعان فيهما
المخرج بخبرات عالمية، وحققا نجاحاً كبيراً.
غير أن
ذلك لا ينفي حقيقة وجود أعمال عرضت أخيراً، وقدم فيها الحصان بصورة لا تليق
بجماله وذكائه وامكاناته في الأداء.
وحول ما
يثار بين الحين والآخر من أقاويل عن الإساءة للخيول وراء الكاميرا وخلال
عمليات التدريب أو النقل قال سنان : هناك التباس يقع فيه الكثيرون ممن لا
يتابعون الأمور عن قرب.
ولا
يتواجدون في مواقع التصوير فأي إشاعة عن اساءة معاملة تتعرض لها الخيول،
يسارع البعض الى الصاقها بالجهة المنتجة أو بالمخرج، وهو أمر مخالف للحقيقة
والمنطق، فالمنتج لا يتعامل مباشرة مع الخيول، بل من مصلحته المباشرة أن
تكون الخيول في أحسن حال، وكذلك المخرج..
وواقع
الحال انه في الحقبة الماضية من تجربة الدراما الأردنية مع الخيول، كان بعض
المنتجين يتعامل مع متعهدين منفردين يقومون بتأمين الخيول والفرسان من خلال
علاقتهم بأصحاب مزارع الخيول، ووفق طريقة لم تخل من الارتجال والفوضى.
وكان
التفاهم يقضي بأن يستلم المخرج الخيول جاهزة أمام الكاميرا، بينما كان بعض
المتعهدين يقومون بنقل تلك الخيول بشكل لا يراعي سلامتها أو جمالها، وفي
ظروف تترك فيها الخيول في الشمس الحارقة من دون طعام أو ماء، وبهدف تحيق
الربح المادي بأي ثمن.
هذه
المشكلات ربما هي التي دفعت إدارة المركز العربي، وحفاظاً على الحصان
كحيوان نبيل وعامل مهم من عوامل إنجاح أي عمل تاريخي إلى اتخاذ قرار بتأسيس
شركة الفرسان كشركة شقيقة للمركز العربي ومنبثقة عنه، مهمتها تأمين الخيول
للأعمال التي ينتجها المركز، وأية شركات إنتاج أخرى.
وهناك
ثمانون رأساً من الخيل يتم الاعتناء بها على مدار الساعة، وتتوفر لها كافة
مستلزماتها من سروج وحظائر وعناية طبية،وهو أمر ساعد المركز على تجنب كافة
الإشكالات السابقة التي يمكن أن تضطره للتعامل مع متعهدين منفردين.
وحول
الموضوع ذاته، التقينا أحمد نصار المدير المالي والإداري في شركة الفرسان
للخيول ومستلزماتها، حيث أشار إلى أن دوره في العملية يبدأ بتلقي طلب لعدد
الخيول ونوعها وألوانها وكذلك عدد الخيالة والمواقع المفترض نقلها اليها،
وهي عملية تتم بشكل مدروس يراعي حاجات الخيول، فتم إعداد مستوعبات خاصة،
وحظائر متنقلة، ومغطاة بشكل يحول دون تعرض الخيول للعوامل الجوية المختلفة
كالبرد الشديد والحر، الى جانب تلبية احتياجاتها الدائمة من أعلاف ونجارة
وتفقد حالتها الصحية .
وحول
الألوان الأكثر طلباً من المخرجين، أكد نصار أن الألوان الأساسية هي الأسود
والقرميدي والأشقر .
وأوضح
نصار أن الخيالة الذين يشتركون في الأعمال كفرسان، هم من أبناء البادية
التي يعتبر ركوب الخيل من عاداتهم الأصيلة، التي يتقنونها منذ طفولتهم وهم
بالفطرة قادرون على التعامل مع الخيول من دون إساءة، وأشار نصار إلى أنه
لاحظ حرصهم من دون توصية من أحد على رعاية الحصان حتى انتهاء دورهم معه.
البيان الإماراتية في
29 ديسمبر 2008 |