كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

بعد أزمة جهاز السينما: رئيس الجهاز:

معلومات وزيرة الإعلام قديمة ومدينة الإنتاج أعادته للصوت والضوء منذ عام

كتبت -آية رفعت

 

أكد د.سمير فرج رئيس جهاز السينما أن تصريحات وزيرة الإعلام د.درية شرف الدين حول ضرورة استعادة وزارة الثقافة الجهاز من مدينة الإنتاج الإعلامى تؤكد أن معلوماتها قديمة وعدم معرفتها بتطور أحوال الجهاز حيث تم سحب الجهاز من سيطرة مدينة الإنتاج خلال العام الماضى وعودته مرة أخرى لشركة الصوت والضوء التى كانت تديره من قبل. وأضاف أن الجهاز ينتظر قرار وزارة الثقافة خلال أيام حول حل مشاكله واستعادته مرة أخرى تحت سيطرتها، وذلك بعد مرور عدد من السنوات التى تناقل فيها استودهات ومعامل جهاز السينما للاستغلال من أكثر من مؤسسة، ما أوقف الإنتاج السينمائى به وتم تحويله إلى أماكن للتأجير بمبالغ زاهدة. وقد قال فرج فى بداية حديثه إن مشاكل جهاز السينما بدأت منذ عرض وزارة الثقافة استوديوهات المدينة والنحاس ومعمل السينما للإيجار لاحدى الشركات وقبول عرض شركة الصوت والضوء فى منتصف التسعينيات من القرن الماضى بشرط تطبيق الشركة المستأجرة قوانين الإنتاج السينمائى بشكل مستمر، ولكن ما حدت أن الشركة ظلت لسنوات تقوم بتأجير الاستوديوهات دون العمل ببنود العقد الإنتاجية.

وأضاف فرج قائلًا: «عندما بدأت الأجور تنخفض والإيجار يزيد قررت شركة صوت القاهرة عرض الاستوديوهات مرة أخرى للإيجار وقد حصلت عليها مدينة الإنتاج الإعلامى وتم تسميتها بجهاز السينما وألقت الشركة مسئولية الإنتاج على عاتق المدينة مقابل ايجار كبير يصل إلى 5 ملايين بالنسبة. وبالتالى المدينة أصبحت تخسر بسبب تأجيرها للجهاز باستوديوهاته وأدواته بمبالغ زهيدة للأعمال بينما تدفع إيجارًا مرتفعًا، والمستفيد من القصة ماديا هى شركة الصوت والضوء، والإنتاج أصبح شبه متوقف».

ومن جانبه أكد فرج أن ديون المدينة بسبب الجهاز وحده وصلت إلى 5 ملايين فى العام الأول فقاموا بالاجتماع مع شركة الصوت والضوء ومطالبتهم بتخفيض الإيجار وبالفعل استطاعوا أن يخفضوه للنصف ولكنهم قاموا برفع رواتب وأجور العاملين بالجهاز للضعف ما جعل المشكلة تستمر وتتفاقم إلى أن وصلت خسائر الجهاز فى عام 2011 إلى 21 مليونًا و700ألف وحاول منذ توليه المنصب فى منتصف 2012 أن يقلل الديون وأن يعيد الإنتاج للجهاز لكن دون جدوى وظلت الخسائر مستمرة، إلى أن قررت مدينة الانتاج رفع يدها عن الجهاز وإعادة أصول الاستوديوهات والمعامل لصوت القاهرة مرة أخرى خلال العام الماضى.

وعن استعادة وزارة الثقافة محتويات الجهاز قال فرج: «تقوم شركة الصوت والضوء حاليًا بتأجير الاستوديوهات والمعامل والانتفاع منها دون وجود عمل جديد للإنتاج أو للحفاظ على هذه الكيانات حتى إن الموظفين يحصلون على عدد أيام إجازات ورواتب وحوافز غير مقبولة. وعلى وزارة الثقافة نفسها أن تطالب باستعادة أصولها الأولى للحفاظ عليها وهذا كان رأيى قبل تولى منصب رئيس الجهاز بفترة كبيرة وأسعى لتحقيقه. ولكن من الواضح أن المشاكل والديون المالية بين المدينة وشركة الصوت والضوء القائمة حتى الان تجعل الوزارة تتراجع فى النظر لاسترداد الاستوديوهات ولو أن الديون يتم دفعها على دفعات والباقى توجد به دعاوى قضائية تنظر فى المحاكم. ولن تستغنى شركة الصوت والضوء عن هذه الأصول طالما هى مستفيدة منها ويجب على الوزارة التحرك لاستردادها».

وأضاف فرج أن وزير الثقافة كان قد شكل لجنة من مجموعة من المثقفين والسينمائيين للبت فى أمر استعادة الجهاز مرة أخرى للوزارة والنظر فى الأمور الإدارية والمالية ودراسة أبعادها، وكان ذلك منذ ما يقرب من شهر بناء على طلب من رئيس الوزراء المهندس إبراهيم محلب الذى أوصى بضرورة استعادة الوزارة أصولها الفنية والثقافية للاهتمام بالإنتاج الفنى. وأكد فرج أنه حاليًا يعمل فى حدود الإمكانات المسموحة بتطوير الجهاز، حيث إنه يقوم بتطوير سينما فاميلى والإعداد لأكبر وأحدث استوديو ميكساج فى مصر والذى سيحدث طفرة فى عالم الصوتيات بالاضافة إلى محاولات للحصول علي كاميرتين حديثتين من أجل البدء فى إنتاج أعمال سينمائية بإمكانات ناجحة.

ومن جانبه قال خالد عبدالجليل مستشار وزير الثقافة لشئون الإنتاج الثقافى إنه سيقوم بعقد اجتماع مع اللجنة التى شكلها وزير الثقافة للنظر فى أمر قضية استعادة جهاز السينما مرة أخرى وذلك خلال أيام، والتى تتكون من أعضاء من الجهاز ومن شركة الصوت والضوء وممثلين عن وزارات الثقافة والاستثمار والتخطيط والتعاون الدولى وممثلين عن غرفة صناعة السينما وغيرها من الهيئات المختصة بالسينما وبالأزمة القائمة. وأضاف قائلا: «هذه اللجنة تم تشكيلها بناء على تصريح محلب بالنظر فى أصول وزارة الثقافة فى اجتماعه مع أهل الفن والثقافة حيث سيتم النظر فى القضايا المالية والمشاكل التى تلحق الجهاز وسيتم وضع توصيات برؤية اللجنة حول موقف هذه الأصول خلال الأيام القليلة الماضية».

روز اليوسف اليومية في

07.05.2014

 
 

اكتشاف أمريكا وغزو الفضاء الخارجي:

التحضير لفيلم جديد حول كريستوفر كولومبوس

عمان ـ “راي اليوم” ـ مهند النابلسي

في  الذكرى الخمسمائة لاكتشاف  أمريكا، تم  انتاج  فيلمين  سينمائيين، ولكنهما  واجها  فشلا  تجاريا  ونقديا  لافتا،  الاول  من  اخراج  ريدلي  سكوت وبطولة  النجم  الفرنسي  جيرارد ديبراو  في  دور  كولومبوس، وسيجوري ويفر  في  دور  الملكة  ايزابيلا، مقابل جورج  كورافيس بنفس  الدور  في  فيلم  “الاكتشاف” الثاني، وراشيل  وارد في  دور  ايزابيلا،  فيما  اعطيت  الأدوار  المساندة لكل  من  مارلون  براندو، توم  سيليك،  كاترين ريتا جونز وبينيو  ديلتورو،  واخراج جون  جلين، وكلا  الفيلمين تعرضا  لتفاصيل  وملابسات ومؤامرات  المغامرة  الكبرى، والآن  بعد  مضي  حوالي العشرين  عاما يفكر  جديا  في  اعادة  انتاج  هذه  الملحمة التاريخية،  بنفس  جديد وبمواكبة  أحدث  المؤثرات  التقنية والصوتية ومن ضمنها تقنية  الثلاثة دي (البطيئة  الحركة والابهارية )، فهل  سينجح البليونير  الأمريكي ريتشارد برانسون هذه المرة  في  هذه  المحاولة  الثالثة ؟ وخاصة  وان  انتاج هذا  الفيلم  يتزامن  مع  تدشينه لأول  شركة رائدة  للرحلات  الفضائية التجارية، وهل  سيساعد  الانتاج  الضخم   مع  عناصر  الابهار في  اطلاق  عمل  يثير  الدهشة؟

نجاته من  استجواب  الأكليروس !

في طريق  عودته  من  متاهة  بحرية، يواجه كولومبوس  الأتراك  باحتقار  تام  حيث  يقول : هؤلاء  الهراطقة يعتبرون نبلاء  في  الارض  المقدسة ، كما يحذر  فتاة  تركية  من  الاوروبيين  والشياطين ! كولومبوس  يحلم بتكرار  تجربة ماركو بولو حيث  الذهب  والحرير .. ثم يحاول  كولومبوس اقناع  ملك  البرتعال بتمويل  الرحلة  الجديدة  فيفشل، وليس  في  جعبته  سوى خبرة  بحرية  فاشلة استمرت  ست  سنوات وخريطة  بحرية  تقوده  في  بحر  الظلمات . اما  الأكليروس  فلا تعجبهم شخصية كولومبوس المتمردة والتواقة  للاكتشاف  والبحث والمغامرة،  فيتعرض  لاستجوابهم في  دهاليز  واقبية محاكم  التفتيش  المرعبة،  ويواجه  برباطة جأش  استجوابا  سريا يتحدث عن  توبة أرواح المسيحيين  الساقطة… وعن  الهرطقة التي  تصيب  الأبرياء …وعن  طريق  للعودة  مليء بالآلآم  !… ويرفض  الاعتراف لأنه “استجواب اتهامي”،  ثم  ينجو من  براثنهم عندما  يقول  لهم: اني  ابحث عن  العودة  بطريقتي  الخاصة، متحديا  جبروت  الكنيسة: ” فالمحيط  الذي  لا  يمكن عبوره   يمكن  عبوره، فقد  عثرنا  على  احياء  في  مناطق يدعى  انها  بدون  احياء ! “  ثم  يواجه الأكليروس بمعرفته  الجيدة  للجغرافيا  والكتاب  المقدس …. والقصد  من  رحلته كما  يشرحه  لهم هو : ” ايصال  رسالة المحبة (واية محبة !)  كما  اوصلها البرتغاليون عبر  افريقيا “، هكذا  ينجو  من  بطشهم،  وتتزامن  الأحداث،  فاسبانيا أصبحت  مسيحية  بعد  ان  سقطت  الأندلس،  وتمت الموافقة  على  طرد  جميع  اليهود  من  اسبانيا،  وكل  من  يبقى  عليه  اعتناق المسيحية  والا  اصبح  مهرطقا !  والملكة  ايزابيلا  تصرخ فرحة  في  وجهه ” الله  اكبر ! “  ويبدو  ان  طموحات  كولومبوس  كبيرة  :  فهو  يريد  ان  يسمى ادميرال  المحيط، كما  يريد  عشر  العوائد  بدون  اقتطاع  الضرائب،  كما  يبدو  سخيا  لحد  ما  وهو  يعرض  ان  يتبرع  بنصف  حصته فيما  بعد  لتمويل حملة  صليبية  ضد  تركيا  تقودها  الملكة  ايزابيلا ! ولكن  عرضه  الطموح  لم  يقبل   بعد،  قيقال  له :  اذهب  لفرنسا  او  لجنوا مسقط  راسك  او  عدل  في  طلبك ….هكذا  ينجح  اخيرا، بعد  مثابرة  ودأب، وستصبح  الملكة  اكثر  المتحمسين  لمغامرته، وتهديه  سلسلة  عنق  بصليب  لتصبح  فال  خير وتمنحه  القوة  عند  الملمات!

محاولة  الامساك  بالشمس !

كولومبوس الايطالي  الأصل ،  يظهر  بالغ  التصميم  والشجاعة، ويبدو  ان  لا  احد  بقادر  على  الوقوف امام  تصميمه  للقيام  برحلته ….وتبدأ  الترتيبات  لرحلته،  فيما  هناك  نقص  في  عدد  البحارة  اللازمين  لانجاح  الرحلة، حيث  يتم  تعويضه بواسطة  السجناء  الخطرين اصحاب  السوابق  الاجرامية !  وبقدر  ما  تحيط  الرحلة تمنيات  البركة  والنجاح،  بقدر  ما  تحيطها  النوايا  السيئة الخبيثة  :  فالبرتغال جندت  ورشت  بحارا  ليقوم بثقب  السفينة واغراقها، كما  ان  كبير  اساقفة  الأكليروس  لا  يخفي  استياءه  الشديد وما  زال  عند  تصميمه  عل  افشال  الرحلة، حيث  يقول  : ” اذا  كان  الله عادلا،  فلن  يعود  أبدا ،  وستعود  اسبانيا  للايمان ” ! كما  يبدو  ان  كولومبوس   هو  المتفائل  الوحيد ضمن  فريقه : ” اننا  نطارد  الشمس طوال  حياتنا والآن  اشعر  أني  امسك  بها !” ……وبعد  رحلة  شاقة تبدو  اليابسة  فيها بعيدة  المنال،  يبدأ  اليأس والارهاق  يدب  في  نفوس  البحارة : ” لا  يوجد  سوى  موتنا،  من  اجل  جشع رجل  من  جنوا ” ،  كما  يبدو أنهم  اصبحوا  تائهين  في  بحر  الظلمات  الذي  يبدو  بلا  نهاية … ثم  حدث  تمرد  وعصيان،  وما  زال  كولومبوس  “الحديدي  الارادة”  متفائلا ومراهنا  : ” ثلاثة  ايام اخرى،  واذا  لم  تشاهدوا الشاطىء سيتدحرج  رأسي  مقطوعا  على  سطح  السفينة“!

الامعان  في  القتل  حتى  الارهاق!

راهن  بشجاعة  على  قطع  رأسه، وحلق  رقبته وخلع السلسلة ” الملكية ” ووضع  رأسه برباطة  جأش  نادرة  منتظرا  حد  السيف (نموذج  مذهل  للقيادة  لا  نجده  تأكيدا  في  زعماؤنا  وقادتنا  العرب  !)، ولكنهم  في  آخر  لحظة شاهدوا  نور الارشاد  على  الشاطىء  البكر  للعالم  الجديد…اذن  هي  اليابسة : “باسم الله  واسبانيا، شكرا  للملائكة  القديسين “  أول  الكلمات التي  تفوه  بها  كولومبوس  وصحبه  عندما  وطئوا  شواطىء  العالم  الجديد،  وركعوا  على  الرمال : أصبحت  الآن  أدميرال  المحيط..فهؤلاء  هم  الهنود..ويعتقدون  أننا  آلهة ! الالهة كما  في  افريقيا  لها  وظيفة  وهيبة ومقام، انها  الوظيفة  الاستعمارية  المعهودة   : اعلن هذه  الاراضي تابعة  لفريديناند  وايزابيلا  من  اسبانيا  واسميها  سان  سلفادور !  وعندما يعجز  خبير  اللغات   المرافق  عن  التفاهم  والتحدث  مع  الهنود،  يقول  له  كولومبوس “اذا  تكلم البرتغاليون  مع  الأفارقة، فسيتكلم الاسبان  مع  الهنود  (منافسة  وغيرة  استعمارية)”.  ثم  وجدوا  حلية  على  انف  هندي،  وتبين  انها  مصنوعة  من  ذهب،  اذن يوجد ذهب  على  سطح  الجزيرة! (لنقارن  ذلك  بالصراع  الاستعماري  الوحشي   للاستيلاء  على  مصادر  الطاقة  والنفط  والمعادن). ثم  أذاقوا  الهنود  المساكين  طعم  النبيذ  الاسباني  المعتق   واعطوهم  خنجرا  هدية  لملكهم كبادرة لحسن  النوايا (ليكشفوا  عن  أنيابهم  الاستعمارية-الوحشية وينكلوا  بهم  فيما  بعد!)، وهكذا  انتهى الأمر  ببساطة واصبح  العالم  الجديد  ملكا  لاسبانيا ،  ثم  جمعوا  الذهب،  واعدوا  انفسهم  لرحلة  العودة، وبحث  كولومبوس  عن  ستة  هنود  حمر لاصطحابهم  معه  في  رحلة  العودة  بعد تنصيرهم،  بعد  ان  قال  لهم  بصراحة  ” كل  من  لا  يتحول  لمسيحي يصبح  عبدا،  فاسبانيا  بحاجة  للاثنين معا !   لقد  اوحى لي الله  للقيام  بهذه  الرحلة ” ( لنتذكر  حروب  امريكا  الصليبية  ضد  افغانستان  والعراق ! وكيف  ادعى  جورج  بوش     أنها  مطلب  الهي  مقدس  ايضا ! )…اما  كولومبوس  فلم  يشأ  ان  يلوث  نفسه  بدماء  هؤلاء  الهنود ” الهمج ” ربما  للحفاظ  على نقاء  سمعته كمكتشف  مغامر صاحب  رؤيا ،  فترك  المهمة  وراءه على  ارض  الجزيرة  لبحارة  من  عتاة  المجرمين السابقين،  فأمعنوا  في  اغتصاب  النساء  الهنديات،  كما  امعنوا  في  قتل  السكان  المحليين   حتى  اصابهم  الارهاق وأزكمت  الانوف  روائح  الدماء  والجثث !

ولد  وفي  رأسه  بوصلة!

قبيل  وصول  السفينة لشاطىء اسبانيا في  طريق  العودة،   لفظ  أعز اصقاءه انفاسه بين  يديه قائلا : ” لقد  شاهدتك تبحر مع  الرياح، السر هو حيث  توجد  الرياح، هذا  هو  سرك  الدفين..لا  تدع  الأكليروس  يقيدونك  بالسلاسل، اذهب والعب  دور  نصرك  … ليكن  الله  معك “، وقال  معجبون  يصفون  كولومبوس  :  لقد  ولد وفي  رأسه  بوصلة! أما  المشهد الأخير في  الفيلم فهو  بالغ  الدلالة، حيث يقول  الملك “علمت  بانه  سينجح .. وأنه  سوف  يعيد  الثروة  والشرف  لأهل  جنوا “، وتقول  الملكة : وكذلك  لاسبانيا. ثم  يقول كولومبوس موجها  كلامه ضمنيا  لكبير  اساقفة الأكليروس  ” لقد  أوصلت  بركة الله عبر  المحيط، وجلبت  ارواحا مسيحية جديدة  للمملكة“،  فيقاطعه كبير  الأساقفة الذي  يبدو  منزعجا  من  نجاح  رحلته  : الآن  اعلنت  نفسك  رسولا ،  فالله  هو  الذي  قادك  لما  فعلته، ثم  يقول  الملك  لكولومبوس  : ” اركع  امامي ….الان  اسميك..ادميرال المحيط  ونائب  الملك  في  الهند،  لقد  حصلت  على  الاحترام  والاعجاب  فأين  ذهبي  ؟! “، و يأخذ  صناديق  الذهب  ويغادر، ثم  يغادر  كبير  الأساقفة  الذي  لا  ينسى  ان  يوجه  نظرات  استياء  نافذة  تخترق  كولومبوس ،  وتبقى  الملكة  البالغة  الاعجاب  بكولومبوس  ورحلته،  وتقول  باندهاش ودلال  ” أرني  العالم  الجديد  “،  فيعرض  امامها خريطة  بحرية  قائلا  :” انه  عالمك  الجديد ! “،  ولا  ينسى  “كاتب  السيناريو” الشاب الذي  رافق  كولومبوس  في  رحلته وأبدى  قدرا  كبيرا  من  الذكاء  والفطنة، حيث  يوجه  هذا  الشاب  نظرات اعجاب  ووفاء  واضحة  لسيده  الذي  أنقذه  باصطحابه  له  من  العقاب  والعذاب  المخصص للمتمردين  للهراطقة.

كارثة  قومية للهنود الحمر !

لقد  واكبت حدث  الاكتشاف والرحلة  التاريخية هالة  من  الهيبة الزاخرة بالأقاويل، وقد  دار  سجال منذ مدة  حول  دور  مزعوم  محوري  للرحالة  العرب  في  مغامرة  الاكتشاف  نظرا  لخبرات  العرب  المتميزة  في  الجغرافيا  البحرية ،  وربما  تم  اخفاء  هذه الحقائق  بقصد  هنا، ولكن  يجب  الاعتراف  بحيادية  الرؤيا  التي  طرحت  في  هذا  الشريط ، حيث  يظهر حدث  الاكتشاف والظروف  التي  واكبته بلا  هالة  مزيفة  من  العظمة  المزيفة التي  تصاحب  عادة  شخصيات  الغزو  والاكتشاف ،  فرؤيا  جون  غلين  تتحدث  هنا  عن  طموحات  رجل  شجاع  ومغامر  وقائد نموذجي من  الطراز  الأول ، كما  تشير  لبدايات  النظرة  الاستعمارية  الحديثة،  ولكن  للهنود  الحمر  أًصحاب  الأرض  الحقيقيين  رأي  آخر،  فقد  احتفلوا  بذكرى  اسطورة الاكتشاف  بطلبهم  الملح  للعودة  لاراضيهم  المغتصبة  والحصول  على  استقلالهم  الذاتي ….ولكن  بعد  فوات  الآوان،  فهذا  الاكتشاف  الذي  غير مجرى  التاريخ  وربما  الحضارة  البشرية  ، يعتبر  كارثة  قومية  للهنود  في  الأمريكتين  فالبؤس  والعزلة  والاهمال  التام  أصبح  قدر حوالي  خمس  وأربعين  مليون انسان  هندي  احمر ،  يعيش  أربعون مليونا  منهم  في  امريكا  اللاتينية  وثلاثة  ملايين في  الولايات  المتحدة ومليونين في  كندا، حيث يرزح  خمس  وستون  ( بالمئة ) منهم تحت  خط  الفقر ..ويعانون  من  أعلى  نسب  الانتحار والادمان  على الكحول و المخدرات،  وبالتالي  فانه  عكس  ادعاء  فوكوياما  في  ” نهاية  التاريخ  ” فقد  كشف  هذا  العمل  الفني  الجدير  بالتقدير على  أن  وصول  المهاجرين  الأوروبيين  الى  الأمريكتين  كان  عملا  بربريا  بالغ  القسوة  والوحشية، عكس  غزو  العرب  لاسبانيا  الذي  وصفه  غارودي  بالغزو  الحضاري  الانساني!

وبعد  أن  بدأت  وكالة  الفضاء  الأمريكية (الناسا) مشروعا  طموحا  للبحث  عن  حضارات  ذكية  في  الفضاء  الخارجي ،  ومع  تزامن  ذلك  مع  الذكرى  الخمسين لبداية  عصر  الفضاء  الأمريكي، وتحضير  الروس  لرحلة  مأهولة  للقمر  قريبا  …ماذا  ستقتبس  مشاريع  اكتشاف  الفضاء والتنافس  الدولي من  رحلة  كولومبوس  التاريخية هذه :  روح  التعاون  الانساني  والاكتشاف  والمغامرة  والبحث  عن  آفاق رحبة  جديدة  للحضارة  الانسانية، ام روح  التنافس  الاستعماري  وعسكرة  الفضاء والهيمنة  والاستغلال الأناني للموارد ! وهل  سينجح  الشريط  الجديد  المتوقع ام  سيلاقي منتجه و مخرجه مصير  جون  جلين  الذي  خرج  نهائيا  من  عالم  السينما؟ وللمفارقة  فرائد  الفضاء  الأمريكي  الأول  كان  اسمه  أيضا  جون جلين!

كاتب  وباحث  وناقد  سينمائي

Mmman98@hotmail.com

رأي اليوم الإلكترونية في

08.05.2014

 
 

تأملات في سينما الزمن الجميل أوراق عن أفلام ونجوم ذهبية!

محمود عبد الشكور 

(1)

أعتبرت دوما فيلم "على من نطلق الرصاص" حالة ناضجة تماما لما نطلق عليه الفيلم السياسى، إذ يطرح الفيلم الذى كتبه رأفت الميهى وأخرجه كمال الشيخ فكرتين جريئتين تماما، وفى وقت مبكر جدا (منتصف السبعينات من القرن العشرين)،الفكرة الأولى هى نهاية حلم ما يسمى بالتجربة الإشتراكية الناصرية، ما نراه من علاقات هو مجتمع آخر تماما، يقوم فيه الأقوى والأكثر سلطة (جميل راتب) بقتل الأضعف (مجدى وهبة)، وانتزاع خطيبته، والإقتران بها (سعاد حسنى)، بل إنه يقتل المئات ببناء مساكن شعبية غير مطابقة للمواصفات، حالة متكاملة للفساد (تكررت فيما بعد فى أفلام الإنفتاح) يكاد تقول إن المجتمع تحول الى غابة للأغنى والأقوى، طرح كهذا وقتها كان خطيرا وتنبؤيا إذا جاز التعبير.

أما الفكرة الثانية الأكثر خطورة، فهى أن الفساد من أعلى سيؤدى الى العنف والإرهاب من أسفل ( محمود ياسين لا يجد حلا سوى محاولة قتل جميل راتب، ويدفع محمود ياسين حياته ثمنا لذلك)، والمذهل أن هذه الفكرة تحققت فيما بعد، إذ أدى انتشار الفساد الى تغذية بؤر العنف الإرهابى الذى ارتدى قناع الدين، وقد ناقش وحيد حامد هذه المأساة، وقدم لها تحليلا بارعا وعميقا فى فيلم "طيور الظلام" وفيلم "دم الغزال"، ولكن أصل الفكرة تجده عند الميهى فى "على من نطلق الرصاص": الفساد هو أفضل بيئة لظهور الإرهاب.

أهمية هذا الفيلم لا تتوقف عند افكاره الخطيرة، ولكنها تمتد أيضا الى المعالجة الدرامية البوليسية المحكمة، التى حققت هدفين مزدوجين: التشويق، وإخفاء المضمون السياسى، كما أن تميز الفيلم يمتد الى الأدوار غير التقليدية التى لعبها محمود ياسين وسعاد حسنى، الأول مناضل يائس والثانية زوجة مخدوعة تعيد اكتشاف زوجها المجرم، وبدلا من أن تقتله فى النهاية، تتركه وتغادر المستشفى، لأن ذلك يؤرق المشاهد، ثم تظهر لمبة الإسعاف الحمراء لتغلق القوس بعد أن افتتحت الفيلم: احذروا من زمن الحيتان القادم، واحذروا من العنف المضاد، طبعا لم يحذر أحد فتحقق ما تنبأ به الفيلم، وبصورة أكثر رعبا وكابوسية.

(2)

يمثل فيلم "قلب الليل" لعاطف الطيب، إحدى أكثر المحاولات طموحا لتقديم أفكار نجيب محفوظ الفلسفية من خلال فن السينما، حاول السيناريست محسن زايد أن يعكس فكرة الرواية التى تحمل نفس الاسم، جعفر الراوى (نور الشريف) لا يمثل شخصية عادية، إنه معادل الإنسان المتمرد على واقعه،  يقوم الجد (يؤدى دوره هنا ببراعة فريد شوقى) بطرد حفيده المتمرد من جنته، الطرد من البيت الكبير هو مجاز محفوظ الأشهر والمتكرر للتعبير عن بدء  مأزق الوجود الإنسانى، الاختيار أدى الى الطرد، الآن على جعفر أن يدخل فى مرحلة التيه العظيم: ما بين مروانة راعية الغنم (هالة صدقى) التى تمثل الجسد والغريزة، وهدى هانم (محسنة توفيق) التى تمثل العقل  ، يستمر تخبط جعفر الوجودى، تنويعة جديدة على حيرة سيد الرحيمى الوجودية بين جسد شادية وقلب سعاد حسنى (راجع فيلم الطريق)، ومثلما ينتهى سيد الى القتل بعد أن ضل الطريق، فإن جعفر حفيد الجد المتصوف يقتل أيضا، بل إن الفيلم يحوّله الى ملتاث، اختلطت فى عقله كل النظم والأفكار الحالمة عبثا بحياة عادلة ومتوازنة، ربما كانت مشكلة جعفر أنه لم يكتشف أن مأزق الإنسان فى داخله، فى حيرته بين العقل والغريزة، بين قدره وحريته، وبين قدرته ورغباته، وهو مأزق يستعصى على الحل، رغم جسارة جعفر العظيمة، بحثا عن ضوء فى قلب ليل الوجود البهيم.

يدهشنا أن محسن زايد وكل أبطال الفيلم ومخرجه استوعبوا مغزى رواية محفوظ الصعبة، يمكنك مثلا أن تلاحظ هيئة وحركة وإضاءة الجد غير الواقعية فى كل مشاهده القليلة، لاحظ تلك المسافة التى تفصله دوما أثناء الحوار مع حفيده المطرود من الجنة، انظر الى لحيته البيضاء المهيبة وكلماته التى تصاغ فى صورة أوامر محددة، الفكرة صعبة، ولكن الفيلم نجح على الأقل فى أن يجعل مشاهده قلقا، لا يستطيع أن يستريح، قلق جعفر ينتقل الى المتفرج، حتى لو لم يفهمه، الطيب ينتقل هنا الى ما يمكن ان نطلق عليه "الواقعية الرمزية"، ويقدمها بمستوى إحترافى شديد الوعى والطموح، كل الممثلين كانوا فى أفضل حالاتهم، الإضاءة أوحت بعالم آخر مواز فى البيت الكبير، الديكور ايضا كان مميزا ومعبرا سواء فى أماكن مروانة أو فى قصر هدى، حتى  الأفيش كان رائعا ومستوعبا لمعنى الحكاية: جعفر فى صرخة وجودية لا تنتهى على خلفية سوداء،  وكأنه يصرخ فى الجد الذى يحتل أعلى الأفيش،وأسفل جعفر وجوه ضاعفت من حيرته، لقد هبط الإنسان مطرودا على الأرض، ليواجه بمفرده ليل الحيرة والشر، وليس أمامه إلا أن يستمر حتى النهاية، هذا هو معنى الفيلم الهام الذى يستحق مكانة أعلى بكثير مما وضعه فيها شباك التذاكر، أو حتى آراء بعض النقاد. لو كانت هناك خمسة أفلام فقط هى الأفضل فى مسيرة المخرج عاطف الطيب، فلابد أن يكون من بينها "قلب الليل".

(3)

تمتلك مارى منيب حضورا سينمائيا ومسرحيا مكتسحا أعطاها الفرصة لكى تحوّل شخصية الحماة الى نموذج كاريكاتورى مسجّل باسمها، لم تكن أول من لعبت الشخصية فى السينما، فقد سبقتها مثلا زكية إبراهيم التى تخصصت فى دور حماة عثمان عبد الباسط فى أفلام على الكسار، ورغم أن الشخصية كوميدية، إلا أن ملامح زكية الصارمة، وكثيراً من الحدة فى الأداء، جعلا الحماة المضحكة أكثر ارتباطا بأداء مارى منيب، بل إن وجود كلمة حماة فى عنوان أى فيلم يعنى أنه من بطولة مارى منيب: (حماتى قنبلة ذرية)، (حماتى ملاك)، (الحموات الفاتنات).تمتلك مارى قدرة طبيعية على الإرتجال، دعمتها من خلال مشاركتها فى فرقة على الكسار، ثم فى فرقة نجيب الريحانى، بالفطرة وحدها تقدم ما يقترب من العرض المنفرد: استخدام الصوت، وتقطيع الجمل، والضغط على كلمات معينة، وحركة الأيدى والأصابع، والطريقة التى تمشى بها، أو تستخدم بها جسدها البدين، كل ذلك يتم بصورة تلقائية، ثم يأتى التوقيت الذى يلقى به "الإفيه" حتى يحقق تأثيره الضاحك، خبرة مسرحية أضيفت الى موهبة خارقة صنعا معا ظاهرة مارى منيب.

شخصية الحماة كما جسدتها مارى منيب تسبب الكوارث، لكنك لو تأملت قليلا لأدركت أنك أمام إنسانة تعانى من الوحدة، لم تعش حياتها، لا مانع أن تتصرف بطريقة متصابية للحصول على عريس، رغم أنها أقسمت على عدم الزواج بعد وفاة المرحوم، تلك التفصيلات الإنسانية الصغيرة هى التى جعلت الحماة أكثر قربا من المتفرج، الضحك ينبع بالأساس لأن الحماة أقرب من أن تكون الى طفلة كبيرة تحاول أن تكايد أو تغيظ زوجة ابنها، يختلف هذا النموذج جذريا عن الحموات الشريرات الصريحات كما قدمت أدوارهن علوية جميل مثلا أو دولت أبيض .

لا يمكن أن تكره الحماة مارى منيب لأنها بصورتها وشكلها وتصرفاتها شخصية كارتونية بامتياز، وجديرة بأن تكون إحدى بطلات القصص المصورة (الكوميكس).

(4)

يذكّرنى فيلم "الخيط الرفيع" بالأفلام الفرنسية التى لا تقوم على حبكة تقليدية، بقدر ما تعتمد على رسم شخصيات وتقديم تفصيلات صغيرة عن مشاعر إنسانية، ليس غريبا أن يتحقق ذلك فى سيناريو كتبه يوسف فرنسيس، المتابع الجيد للسينما الفرنسية وأفلامها، ولكن قصة إحسان عبد القدوس، والحساسية العالية التى يمتلكها هنرى بركات فى إدارة ممثليه، ساهمتا أيضاً فى تقديم دراما متقنة، تقف على حدود الخط الفاصل بين رومانتيكية عذبة، وواقعية جريئة، يضاف الى كل ذلك بالطبع، عودة فاتن حمامة الى السينما بهذا الفيلم المختلف، بعد سنوات من الغياب خارج مصر (مع زوجها عمر الشريف فى باريس و لتصوير أفلام فى بيروت).Top of Form

المسافة هائلة بين شخصية منى التى لعبتها فاتن فى "الخيط الرفيع"، والشخصية المستكينة التى لعبتها مثلا فى فيلم "حكاية العمر كله"، منى امرأة قوية الشخصية، دفعها فقرها الى بيع نفسها لأحد الأثرياء (صلاح نظمى)، امتلكها مثل سلعة، الآن عندما تقع فى حب شاب (محمود ياسين)، لن تستطيع منى أن تكتشف الخيط الرفيع بين الحب والتملك (تماما مثل صديقها الثرى)، ستمارس مع الشاب لعبة الإستحواذ، وخصوصا أنه يعتبر أن تنازلها من أجله، لا يجعلها جديرة بأن تكون زوجته، رغم أنها هى التى حققت له النجاح، شخصية الشاب ضبابية قليلا، فهو مزيج بين الرجل الإنتهازى، والإنسان الذى يرفض القيود، عندما تمزق منى ملابسه، وتشتمه فى المشهد الأخير، تعبر فاتن ببراعة عن لحظتين فى منتهى التناقض: امرأة ضعيفة وحيدة تثير التعاطف تخلى عنها رجلها، وسيدة قوية صارمة قررت أن تحطم اللعبة التى اشترتها.

لم تقدم السينما المصرية كثيرا هذه النوعية من الأفلام التى لايمكن حكايتها، لأنها ببساطة عبارة عن مشاعر وتفاصيل مضطربة ومتناقضة، ولا يمكن أن تصل إليك إلا بمشاهدتها، لم تكن المشكلة فى أن تحب منى شابا، كانت المشكلة فى خيوط رفيعة سقطت بين أدوار الحبيبة والعشيقة والزوجة، وخيوطا أخرى تاهت بين صورة المرأة أمام نفسها، وصورتها أمام المجتمع، وليس هناك مثل هنرى بركات من يستطيع أن يقدم ذلك بنعومة مدوية إذا جاز التعبير، فقد أثار الفيلم جدلا هائلا بعلاقاته الغريبة، وبحواره الجريء، وبجملة السباب الأخيرة التى أطلقتها فاتن، ولكنه كان نقطة تحول هائلة فى أدوارها خلال سنوات السبعينات بالتحديد.

(5)

من المفارقات أن حلم عبد السلام النابلسى القديم هو أن يقدم تراجيديات تشبه تراجيديات مسرح رمسيس وبطله/ مثله الأعلى يوسف وهبى، ولكنه بدا باهتا تماما سواء فى الأدوار الجادة، أو فى ادوار الشر السينمائية الأولى (دوره فى فيلم العزيمة مثلا)، ولم يكتشف نفسه، ويكتشفه الجمهور، إلا بعد تبلورت شخصية الإرستقراطى الكاذب على يديه: شخص متأفف طوال الوقت، ناقم على الظروف التى لم تضعه فى مكانه، رغم ما نراه من تواضع مواهبه، الشخصية تعيش فى عالم خيالى تقريبا، ومن خلال بعض السيناريوهات الذكية، اصبحت الشخصية أفضل صديق للبطل، تحقق التوازن الكوميدى مع الرومانسية الغنائية، وتزيد من تقديرنا للبطل نفسه لأنه متواضع وعاقل وواقعى، بينما صديقه خيالى و"لاسع"، لا أتفق مع الراحل محمود السعدنى الذى كان يرى أن النابلسى ممثل مفتعل الأداء، الحقيقة أنه كان يؤدى "شخصية مفتعلة"، وليس هو "الممثل المفتعل"، والفارق كبير جدا، بل إن أحد اسباب نجاح النابلسى أنه كان يصدّق افتعاله، ومؤمن بأن الشخصية التى يلعبها مهضومة الحق، ومغبونة التقدير.Top of Form

أدوات النابلسى فى الأداء لا تخلو من الإرتجال، من النادر أن يحفظ الحوار المكتوب، كان يفهم المعنى فقط، ثم يقوله بطريقته التى تمزج المصرى بالشامى، والعامى بالفصيح، كما كان يختار ملابسه وقمصانه، ويحدد إيقاع الجملة ببطء مع حركة الرأس المتعالية، لم يتغير ذلك أبدا، ولكن الشخصية أخذت حياتها الخاصة، يقال أنه كان شخصيا لديه هذا الطبع المتأفف، لدرجة أنه عندما كان مفلسا، وكثيرا ما كان كذلك فى بداية حياته الفنية، اختار أن يسكن على سطوح بناية فى الزمالك، حتى يقول لكل من يسأله إنه يعيش فى الحى الراقى.

تتنوع المهنة (سائق تاكسى، مدرس ابتدائى، صاحب محل عصافير، مخبر سرى، مصور صحفى)، ولا يتغير الأسلوب المتعالى  فى الكلام، اختفت الشخصية مع وفاة النابلسى، استلهم محى اسماعيل حركاتها فى دور الشاب المتزمت فى "خللى بالك من زوزو"، واستلهم محمد أبو الحسن بعض أدواتها فى القليل من أدواره، ولكن محمد صبحى بعثها بإضافات كثيرة مختلفة عندما قدم شخصية على بيه مظهر المقتبسة أصلا من المسرحية الأمريكية الشهيرة "عاشق المظاهر"، ولكن ظل الصك الأصلى الأول للشخصية مرتبطا بالظريف عبد السلام النابلسى.

(6)

أعلن فيلم "زوجتى والكلب" عن مولد مخرج من أهم مخرجى السينما المصرية هو سعيد مرزوق، ومازال هذا الفيلم يحتل مكانه عن جدارة  حتى اليوم فى قائمة أفضل أفلامها على مرّ العصور، يرجع ذلك فى رأيى الى تعبيره البصرى الفذ عن مشاعر داخلية، بل إنك يمكن أن تلخص "زوجتى والكلب" فى عبارة واحدة مكثفة بأنه "دراسة بصرية بالأبيض والأسود ودرجات الرمادى عن الشك"، هواجس لا فكاك منها تمكنت من رجل له مغامرات نسائية سابقة فى عروسه التى غادرها الى العمل فى فنار بعيد، لاشئ آخر فى الفيلم سوى هذه العذاب الداخلى فى عقل مرسى (محمود مرسى)، والتفنن البصرى فى تجسيده بصورة عبد العزيز فهمى، ورؤية سعيد مرزوق (هو أصلا فنان تشكيلى).

المعالجة السينمائية إذن هى سبب تميز الفيلم، وليس موضوعه الذى يمكن علاجه بصورة تقليدية، فتنشأ ميلودراما مزعجة، وعندما نقول معالجة "سينمائية" فإن التعبير هنا حرفى وليس مجازيا، بمعنى أن هذا الفيلم "مكتوب بالصورة" وليس بالحوار مثل معظم الأفلام المصرية، واستخدمت فيه كل إمكانيات السينما فى مزيج مذهل الى درجة أنك تستطيع أن تستغنى عن جمل الحوار القليلة، ويمكنك أن تغلق مفتاح الصوت، فتصل إليك معاناة وأزمة البطل عبر الصورة كاملة، بينما من المستحيل أن تغمض عينيك عن لقطة واحدة، وإلا فاتك تفسير مأزق الشك والحيرة، الصعوبة أيضا فى هى أن الكاميرا تعجز عن التعبير عن المشاعر الداخلية، ما لم تتحول  هذه المشاعر الى حركة أو فعل يمكن إلتقاطه، فما بالك بفيلم يدور داخل هواجس وذهن رجل مريض بالشك، ومع ذلك، فالتصرفات البصرية متنوعة: استغل مرزوق كل مفردات وعناصر الصورة، فبدا كل كادر مثل لوحة شديدة الثراء، لاحظ مثلا استغلال الكلوب فى حجرة الفنار، واستخدام السلالم الملتوية صعودا وهبوطا، واستغلال دخول وخروج الكلب من والى الكادر فى لحظات معينة، مع تنويعات لا نهائية فى أحجام وزوايا اللقطات، وعند كل تغيير تقول الصورة معان مختلفة، كما تلاعب السيناريو كيفما شاء بوجهات النظر الذاتية المتعارضة، ولا يقل شريط الصوت ثراء عن الصورة، ليس فقط باستغلال الموسيقى، ولكن ايضا بتوظيف الصمت والمؤثرات الصوتية، كل مشهد تقريبا يحتاج الى تحليل جماليات السينما فيه، بل إن الفيلم بأكمله يمكن تدريسه لطلاب معاهد السينما، كنموذج لتطبيق معظم القواعد النظرية، مع هامش واسع من الإبتكار الخلاّق.

فى مشهد النهاية، تتوالى لقطات قصيرة تعبر عن تشوش ذهنى لا فكاك منه، المشكلة إذن داخل الريس مرسى وليست فى زوجته، وأطراف اللعبة الثلاثة (محمود مرسى وسعاد حسنى ونور الشريف) ينجحون فى خلق الصراع، الذى نستطيع أن نصفه بأنه وهمى، تبلورت فى الفيلم كل ملامح عالم سعيد مرزوق، وأبرزه الدور المحورى للمرأة، إنها عمود كل فيلم من أفلامه، هى بؤرة الدراما وقلب الصراع، أما من حيث الشكل، فإن مرزوق يعتنى عناية كاملة بالتكوين (أحجام ومواضع الأشياء والأشخاص داخل الكادر)، مما يجعل صورته تقول أضعاف ما يقوله الحوار، لا مثيل لعين مخرج مثل سعيد مرزوق سواء فى أفلامه القصيرة العظيمة ( مثل طبول وأغنية الموت)، أو فى أفلامه الطويلة التى دخلت تاريخ السينما مثل زوجتى والكلب والخوف وأريد حلا والمذنبون.

عين على السينما في

08.05.2014

 
 

الفيلم الثاني عن سيرة الفنانة الفرنسية في مصحة نفسية

«كاميل كلوديل 1915».. حـب ونحت

علا الشيخ ــ دبي 

من يشاهد الفيلم الفرنسي «كاميل كلوديل 1915» دون أن يعلم القصة الحقيقية لبطلة الحكاية، يشعر أنه عالق في مكان يمزج بين السكون وصوت المجانين، وبين محاولة التحرر وجلد الذات، بين غياب العدالة وانتصار الظلم. لكن المشاهد يعي بعد ذلك أنه أمام قصة النحاتة الفرنسية كاميل كلوديل التي قوبلت بخيانة من تحبه، فغارت وثارت وحطمت كل منحوتاتها، واتهمها حبيبها واستاذها النحات الفرنسي، أوغست رودان، الذي يكبرها بربع قرن بالجنون، إذ توافق عائلتها المتعصبة دينياً لكاثوليكيتها أن تودعها مصحة للمرضى العقليين، حيث تخلى عنها رودان ولم يتزوجها، على الرغم من علاقة الحب والنحت التي جمعت بينهما، كما لم يساندها أخوها الشاعر والمسرحي والدبلوماسي بول كلوديل الذي كتب عنها كثيراً من القصائد.

قصة كاميل ورودان شهيرة في تاريخ الفن، لكنها لا تظهر عملياً في الفيلم، فقد اراد مخرج العمل برونو دومونت، صاحب فيلم «حياة المسيح»، أن يسلط الضوء على المكان الذي عاشت فيه كاميل 30 عاماً، وهي تحلم فقط في العودة الى باريس، داعية عبر رسائل شقيقها الشاعر بول كلوديل أن يخرجها من كل هذه العتمة، لكن كل تلك المطالبات جرت من دون رد، كما أن زياراته لها لم يتعدَ عددها أصابع اليد طوال هذه السنوات المليئة بأصوات ونحيب من فقدوا عقولهم.

الفيلم الذي عرض وشارك في مهرجان برلين السينمائي العام الماضي، ويعرض حالياً ضمن خدمة «الفيديو» التي تقدمها احدى شركات الاتصال في الدولة، من بطولة جولييت بينوش وجون لاكفينسينت، يحاول أن يدخلك مكاناً بعيداً عن المدينة وصخبها، وقريباً من صخب المجانين العالقين بين جدران مبنى كبير أشبه بكنيسة. ويقوم على إدارة المكان راهبات ورهبان. وفي المكان قليل من الخضرة وكثير من الأغصان اليابسة، وصخور متناثرة تعرقل مشي النزلاء.

صمت لا يكسره سوى ضحكة فجائية من مريضة أو صوت صراخ أو وقت الطعام وصوت الملاعق على الطاولات والصحون. كل الأيام تشبه بعضها في هذا المكان الذي لا يبث سوى طاقة سلبية لمجرد رؤيته. مكان لا يشبه رقة كاميل، التي تظهر في المشهد الأول أثناء محاولة الراهبات جرها الى الحمام لتغسيلها، مع بقايا طين علقت تحت أظافر يديها، أثناء أخذها حفنة من الطين لتصنع منحوتة، لكنها تتوقف عن ذلك وتُلقي بها أرضاً وتنهار باكية.

هذا المكان لم يعزل كاميل فقط عن العالم وعن مدينتها الحبيبة باريس، بل عزلها عن نفسها وعن إبداعها وألوانها رغم محاولتها البائسة في رسم شجرة. مكان لا وجوه فيه ولا حكايات ولا مناظر خلابة، فالحاجز بينها وبين العالم الخارجي لم يقتصر على سور ضخم ليصعب تسلقه لأي أحد يحاول الهرب مثلاً، بل حاجز لكل ما له علاقة بالرائحة والمشهد والأصوات التي يحتاجها كل فنان ليرسم.

أغلب المشاهد صامتة، لا صوت فيها سوى الصراخ والكلمات غير المفهومة من قبل النزلاء المجانين. تحاول كاميل كل جهدها الاقتراب منهم، لكنها وفي لحظة تنهار. هي عاقلة، وما حدث يوماً معها كان مجرد رد فعل على خيانة شخص لها كانت تحبه، وتقول: «من خانني يستطيع ببساطة أن يسرق أعمالي وينسبها له، لذلك حطمت منحوتاتي».

النحات الشهير رودان، الذي يعد أحد رواد النحت في القرن الـ19، لم يرضَ أن يتهم بأنه سارق لأعمال الفنانة كاميل أو حتى أفكارها، فاتهمها بالجنون، وهذا ما كانت تقوله لشقيقها الشاعر بول الذي لم ينصت لها، مع أنه كتب عنها أجمل قصائده.

الكاميرا لم تغادر المكان، سوى في مشاهد قليلة خارجية، تعتمد الراهبات على كاميل كثيراً لمساعدتهن في الاعتناء بالمرضى، فتلبي النداء، لكن لا يرتسم على وجهها الرضا. تحاول مشاركتهم غرفة الطعام، مع أنها تصنع طعامها بنفسها وتحت إشرافها، إذ تعتقد أن أحداً ما ربما يسعى لدس سم في طعامها في أي لحظة. تسلق البطاطا وتأكلها لأن وقت الطعام قد حان، فهي مقيدة بالوقت وبالنظام الذي لا يمكن أن يتناسب مع شغفها الذي قتلته جدران الكنيسة الباردة.

الممثلون الذين أدوا دور المجانين يستحقون التقدير، لدرجة انك تشعر أنهم مجانين فعلاً، فردود أفعالهم اللاإرادية، وتعابير وجوههم، وضحكاتهم والأصوات التي تصدر عنهم في كل وقت، واستطاعوا بكل تأنٍ يشبه ايقاع الحياة البطيئة في المكان أن يسلبوا قدرة كاميل للعودة على تشكيل صلصال من طرف الأرض الموازي لشباك غرفتها. وتدرك أن قرب الأشياء المتاحة لا يعني أنها قادرة على منحك الجمال اذا كنت لا تستطيع أن تشمها، فكانت تقترب من الطين تمسكه تحاول شمه، فلا تشعر بشيء فتلقيه جانباً، وتبكي.

باريس حلمها، لا تريد سوى قضاء أيامها في غرفتها الى جانب والدتها التي لم تسأل عنها يوماً، هكذا أرادت وتمنت كاميل، خصوصاً بعد أن أخبرها الطبيب في الكنيسة أن شقيقها بول سيأتي لزيارتها، فعادت الابتسامة الى وجهها، واختلفت خطوات مشيتها، وفتحت ذراعيها للحياة وللحلم على أمل أن تعود مع شقيقها هذه المرة.

يومان يعيشهما المتفرج مع كاميل قبل موعد زيارة شقيقها، يلاحظ التغييرات على حياتها، تهم في كتابة الرسائل أكثر، تبتسم أكثر، تتوسل، تستجدي، ترافق المرضى في نزهاتهم، تعيش الأمل، لكن في الوقت نفسه يشعر المشاهد أن ثمة عدم ثقة، فكل شيء محاولة جاهدة منها لتظهر أن حلمها في العودة الى باريس سيتحقق.

تنتقل الكاميرا الى مشهد آخر، هذه المرة الى بول، الشاعر المسرحي المشهور في فرنسا، يركن سيارته جانباً، ويصلي، ليقترب من الله، ويحبه، لكن هذا الحب والايمان لم يجعلاه يأخذ بيد شقيقته الى بر الأمان. وظهر بأنه يرتدي غطاء دينياً لاخفاء الحقيقة العارية، عريه من المبادئ، والصدق، والإيمان الذي يتحدث عنه. في لحظات معينة تشعر أن كاميل باتت متسقة مع المكان، لكن هذا الشعور لا يطول، خصوصاًعندما تغضب من المرضى ليبتعدوا عن طريقها، فهي لا تشبههم، هي عشقت ببساطة وقتلت منحوتاتها لأجل هذا العشق. رد فعلها الغاضب جعل الدين والحب والقانون تقف ضدها، ولم ينصفها أحد، وعاشت على أمل أن تعود الى غرفتها في باريس، فهي تخاف حسب إحدى رسائلها أن تموت في العتمة. يصل شقيقها بول، أخيراً، ببرود، فتهرع اليه في كامل خفتها، وعناقيد من ورق الشجر تزين شعرها، تحضنها وتناديه «أخي بول الصغير»، لكنه لا يبادلها الدفء نفسه، ويتلو عليها شيئاً من الانجيل، لا تناسب موقفه معها، ترجوه أن يعيدها معه، «سئمت برودة المكان، لا حطب يكفي ليدفئ جسدي النحيل، وروحي التي تريد أن تحلق الى الضوء، اشتقت الى أمي، الى غرفتي والإطلالة منها على الشارع، على الحياة، أعدني أرجوك». هكذا تتوسل شقيقها، لكنه يرفض هذا النداء، ولا يبادر ولا بتربيتة خفيفة على كتفها، بل يظل يعاتبها، ويقول لها إن هذا مصيرها كي تكفّر عن ذنوبها. يغادرها، فتصمت ولا تتحرك. يلتقي مع طبيبها الذي يؤكد له أن شقيقته جاهزة للرحيل، فيرفض نصيحته، ويمضي.

ومع مشهد النهاية تتلخص حكاية كاميل، حيث تركز اللقطة على وجهها الخالي تماماً من أي تعابير، تنظر الى اللامكان، لا حركة في بؤبؤَي عينيها، جمود لا يشبه سوى جمود المبنى الذي يبدو أنه المكان الوحيد الذي يقبل بها.

30 عاماً وهي تناجي الأمل، ولم ينصفها القانون ولا الحب ولا حضن الأم. خافت أن تموت في العتمة، وماتت بالفعل في العتمة، ويقال إنها دفنت هناك ايضاً، فلم تنل حق دفنها في مدينتها باريس التي تحب. ماتت غريبة، كما يموت كثير من الغرباء عن أرضهم.

ويُعد فيلم «كاميل كلوديل 1915» الفيلم الثاني الذي يتناول سيرة النحاتة الفرنسية كاميل مع رائد النحت أوغست رودان، بعد فيلم «كاميل كلوديل» عام 1988 للمخرج برونو نيوتن.

للإطلاع على الموضوع كاملا يرجى الضغط على هذا الرابط.

الإمارات اليوم في

08.05.2014

 
 

من توقيع علي مصطفى ونجوم الغانم ووليد الشحي

3 أفلام إماراتية طويلة تبشر بحراك سينمائي جديد 

يبدو ان حصاد الحراك الذي قامت به المهرجانات والمؤسسات السينمائية في دولة الامارات العربية المتحدة يلوح يترجم الى افلام ونتاجات سينمائية واشتغال حقيقي من اجل ترسيخ السينما الاماراتية التي تبدو الاكثر نشاطا وحضورا هذه الايام حيث يبدو أن الموسم السينمائي الإماراتي هذا العام، سيكون مبشراً من ناحية الإنتاج، وخلع عباءة الأفلام القصيرة التي اعتاد صناع السينما الإماراتية على ارتدائها. ففي الآونة الأخيرة شهدت الساحة السينمائية الإماراتية انطلاق 3 عدسات لتصوير أحداث فيلمين روائيين طويلين وآخر وثائقي، لتسجل هذه الكاميرات نقطة تحول بارزة في تاريخ السينما الإماراتية التي لم تشهد من قبل تصوير 3 أفلام طويلة في آن واحد.

فقد انتهى المخرج وليد الشحي من تصوير فيلمه «دلافين»، في الحين ذاته لاتزال كاميرا المخرج علي مصطفى تتنقل بين مواقع تصوير فيلمه «من الألف إلى الياء»، كما لاتزال المخرجة نجوم الغانم تدور بكاميراتها لإنجاز ما تبقى لها من مشاهد في فيلمها «سماء قريبة». كل هذه النتاجات تمهد لموسم سينمائي اماراتي عالي الجودة على صعيد المشاركات في المهرجانات السينمائية وايضا الاسواق السينمائية الاماراتية والعربية والدولية.

وحينما نرصد الجديد السينمائي في دولة الامارات العربية المتحدة. فان اول تلك المحطات تجعلنا نذهب الى ربوع رأس الخيمة حيث توزعت مواقع تصوير «دلافين»وهو الفيلم الذي فاز بجائزة «أي دبليو سي شافهاوزن»للمخرجين الخليجيين في دورتها الثانية التي عقدت في ديسمبر الماضي والحاصل على منحة «فيلمي»التابعة لمؤسسة وطني الإمارات، وتدور قصته التي حملت توقيع السيناريست أحمد سالمين حول شابين من أسرتين إماراتيتين، يعاني كل منهما من مجموعة هموم ومشكلات اجتماعية، ما يدفع بالشابين إلى خوض مغامرة أقرب إلى الحلم.

وضم فريق فيلم «دلافين»الذي دخل أخيراً مرحلة المونتاج، كلا من زهرة عرفات، وصلاح الملا، ومرعي الحليان، وغيرهم.

الشحي قرر في فيلمه هذا والذي يعد تجربته الأولى في الروائي الطويل، الاستعانة بمدير تصوير تايلندي محترف، نظراً لما يحمله الفيلم من مشاهد عدة تدور في عرض البحر وكذلك على اليابسة، فيما تولى أحمد حسن أحمد، مهمة تصميم المناظر والديكورات والإكسسوارات الخاصة بالفيلم، والنابعة من بيئة رأس الخيمة، والمتناسبة مع مجريات الأحداث التي تنتقل من الحارة الشعبية، إلى الجبل، وصولاً إلى ساحل البحر، وعرضه.

في المقابل، لا يزال المخرج علي مصطفى صاحب فيلم دبي دار الحي - يتنقل بكاميراته بين مواقع تصوير فيلمه «من الألف إلى الياء»، ليحط حالياً في العاصمة الأردنية عمان ومنها إلى بيروت، ومن قبلها دارت عدسته في مواقع عدة توزعت بين أبوظبي ودبي.

مصطفى اعتمد في فيلمه على سيناريو كتبه المنتج المصري محمد حفظي، ويتناول فيه حكاية مجموعة من الأصدقاء ينطلقون في رحلة من أبوظبي إلى بيروت، لإحياء ذكرى صديق فقدوه، لتبدو الرحلة عبارة عن مجموعة من المغامرات التي يواجهون فيها مشكلات، وربما اكتشافات عدة، خلال هذه الرحلة الطويلة. يذكر أن هذا الفيلم من إنتاج مشترك لـ«توفور 54»و«إيمجنيشن»، ويلعب بطولته فهد المطيري، وشادي ألفونس، وفادي الرفاعي.

ويتوقع، بحسب ما رشحت عنه الأخبار، أن يتم عرض الفيلم للمرة الأولى عالمياً في أحد المهرجانات العالمية، ليعرض بعد ذلك في مهرجان أبوظبي السينمائي، ليتم طرحه فيما بعد في الصالات التجارية داخل الدولة وخارجها.

أما المخرجة الاماراتية نجوم الغانم فلاتزال عدسة فيلمها الوثائقي «سماء قريبة»تتنقل بين صحارى ليوا والعين والظفرة وسويحان، لتلاحق شخصية فاطمة بنت علي الهاملي، لتنقل لنا تفاصيل حياتها كونها تعد أول امرأة إماراتية توجد في مزادات ومسابقات مزاينة الإبل، وحازت شهرة وتقديراً واسعين.

نجوم كادت أن تقترب من نهاية أعمال التصوير التي لم يتبق منها سوى 20% فقط، ليدخل بعدها الفيلم في مرحلة المونتاج والمكساج والموسيقى التصويرية، وتأمل الغانم أن تتمكن من إطلاق فيلمها في دورة مهرجان دبي السينمائي الدولي المقبلة، والتي ستقام في ديسمبر المقبل، علماً أن هذا الفيلم حاز دعم صندوق «إنجاز»التابع لمهرجان دبي السينمائي.

تمكن المخرجون الثلاثة من ترك بصمة واضحة في مسيرة السينما الإماراتية، عبر ما حققته أفلامهم من جوائز وإنجازات، حصدتها خلال تجوالها بين مهرجانات السينما المحلية والعالمية، فقد سبق للشحي أن فازت أفلامه وأبزرها «طوي عشبة»(2004) و«باب»(2008) و«الفيل لونه أبيض»(2012) بجوائزفيما تمكن علي مصطفى من ولوج الصالات التجارية بفيلمه «دار الحي»، أما نجوم الغانم صاحبة فيلم «حمامة»فقد اختير فيلمها الأخير «أحمر أزرق أصفر»أخيراً، للمشاركة في المسابقة الدولية في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي المقرر إقامته في نوفمبر المقبل.

هذه الاعمال السينمائية الاماراتية الجديدة ستكون بمثابة المحفز لصناع السينما في الامارات ودول مجلس التعاون الخليجي لمزيد من الحراك من اجل فعل سينمائي خليجي متميز واكثر حضورا في ذاكرة الفن السابع.

النهار الكويتية في

08.05.2014

 
 

'سينما الصندوق الأسود' مزاج مرح بين الكتاب والفن السابع

العرب/ صابر بن عامر - أبوظبي 

جناح على هامش معرض أبوظبي للكتاب يعرض 15 فيلما إماراتيا قصيرا ما بين ‏روائي ووثائقي، تُعاد في أوقات مختلفة.

“سينما الصندوق الأسود” جناح مختلف ومغاير في معرض أبوظبي الدولي للكتاب في دورته الرابعة والعشرين المنتهية فعالياته مؤخرا؛ جناح يشدّك إليه ببساطة بهرجه الجامع بين الجمالية والنجاعة، جمالية “الديكور” ونجاعة الفكرة.

أول ما يلفت الانتباه في الرواق الأسود لونا، المزهر والمحلّق فكرة، أنّ واجهته الخلفية، كتب عليها باللغتين العربية والأنكليزية جملة “اكتبها معنا، سينما”، لتجد كل مار بالجناح سواء كان مواطنا أو مقيما أو زائرا، يقتطع ورقة ويخط عليها ما يحلو له، ثم يلصقها على الواجهة: “أحبّ السينما”، “يعيش الفن السابع”، “السينما تعني الحب”، “الإمارات صانعة الأمجاد” وغيرها..

أوراق صغيرة صفراء، حمراء، وردية وخضراء.. صنعت في تراصّها العفوي مشهدية بصرية في شكل جدارية فنية حية، تقحمك طوعا في ألوان السماء السبعة، وما اللون والتركيب إلاّ الفن السابع أصلا.

مسكت قلمي واقتطعت ورقة وكتبت “من يحبّ الحياة يذهب إلى السينما”، وألصقتها كغيري من المنبهرين بهذه الفكرة في ركن من الواجهة، قبل أن تستقبلني بحفاوة سندة ريحاني إحدى المشرفات على الجناح، والتي اكتشفت صدفة، أو بالأحرى هي من اكتشفت أنني تونسي، وهي أيضا، من خلال لفظة محلية خرجت عفوا من بين شفتيّ وأنا أشكرها على حفاوة الترحيب: “يعيشك”، فقالت: أنت تونسي؟ قلت: نعم وأنت؟ فأجابت بابتسامة عريضة: “بنت بلادك”؟

أبو ظبي بلد الوافدين، حيث حدّثني صديق إماراتي تعرّفت عليه أثناء زيارتي، أنّ أبوظبي فيها ما لا يقل عن 130 جنسية، وأما دبي ففيها أكثر من 200 جنسية، وكلهم في تجانس وتسامح وتلاقح على مستوى حضاريّ قلّ ما تراه في مكان آخر.

سندة ريحاني قدمت لي الجناح بكل تفاصيله، فهو يحتوي على 42 مقعدا يعرض 15 فيلما إماراتيا قصيرا ما بين ‏روائي ووثائقي وتحريك، تُعاد في أوقات مختلفة طوال أيام المعرض التي امتدت من 30 أبريل الماضي وإلى غاية الخامس من مايو الجاري.

هذا علاوة على برنامج الورش والندوات المصاحبة كالندوة التي قدمها المخرج المصري يسري نصرالله، بعنوان “المخرج السينمائي والكتابة”، والتي تناول فيها رحلته في عالم الكتابة، وكيف يتعامل مع كُتاب السيناريو الآخرين. وقدم المخرج الإماراتي الشاب نواف الجناحي ندوة عن “السينما الإماراتية.. الخطوة الأولى” استعرض فيها تاريخ الحراك السينمائي الإماراتي ومكوّناته الآن.

نواف الجناحي: نسعى من خلال"سينما الصندوق الأسود" إلى إمكانية تطوير هذه التجربة وأساليب خلق جمهور للسينما الإماراتية

تسترسل ريحاني في استعراضها: “أما سلسلة الورش فقد أدار السيناريست الإماراتي محمد حسن أحمد ورشة “السيناريو.. الصورة أولا”، وقدم السينمائي والروائي البحريني فريد رمضان ورشة “السيناريو.. البناء السردي”، كما قدم لطفي بن الشيخ عرضا عن أساسيات التمويل الجماعي للسينما والأعمال الإبداعية عموما انطلاقا من تجربة “أفلامنا”.

وكنت قد حضرت في هذا الإطار ورشة عن “مبادئ النقد السينمائي” التي قدمها الناقد المصري أحمد شوقي، مقدّما ورشته بطريقة حكائية مع الاستعانة بشاشة العرض التي كانت تعرض أبواب مداخلته، فقط، في حين كنت أنتظر وهو المتحدّث عن السينما وحراكها وصورها وإبهارها ومدارسها، أن يستعين بالصورة أكثر من القول والكتابة، فالصورة قادرة على الوصول إلى قلب المتلقي أسرع وأنجع من أي خطاب تقني أو أكاديمي.

من المبادرات الرائدة في “سينما الصندوق الأسود” أنها تتيح لكل زائر للمعرض وفي حالة اقتنائه لكتاب متخصص في السينما من دور النشر المشاركة، حرية اختيار فيلم من قائمة العروض لمشاهدتها في الوقت الحر للسينما، وذلك بشكل يومي من الساعة الثانية ظهرا حتى الخامسة مساء بالتوقيت المحلي للإمارات.

هو سعي من إدارة المعرض والجهة المشرفة هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة للممازجة بين الكتاب والسينما، كيف لا والسينما العالمية والعربية قد احتفت بالعديد من الروايات التي خطت بين دفتي كتاب، لتأتي الكاميرا وتجعلها ناطقة متحركة وخالدة.

نواف ‏الجناحي المكلف بمشروع “سينما الصندوق الأسود” وصاحب شريطي “الدائرة” و”ظل البحر”، وبالمناسبة كنت قد شاهدت الشريط السينمائي الطويل “ظل البحر” لصاحبه الجناحي في الدورة الأخيرة لأيام قرطاج السينمائية الـ24.

شريط يحكي قصة منصور وكلثم، المراهقين (16 عاما)، في أحد أحياء رأس الخيمة الشعبية، حيث العادات والتقاليد والثقافة المحلية تجعل من التعبير عن المشاعر بحرية أمرا صعبا، الفيلم رحلة لاكتشاف الذات وسط أجواء عائلية وقيم مرتبكة.

الجناحي جمعني به أكثر من لقاء على مدار أيام المعرض السبعة، طاقة من النشاط والحيوية والإيمان بقدرة السينما الإماراتية على خلق حركة سينمائية واعدة وواثقة.

حدّثني نواف عن إمكانية تطوير هذه التجربة “الصندوق الأسود” وأساليب خلق جمهور للسينما الإماراتية وتشجيع ‏الإماراتيين على متابعة سينما بلدهم، فمشروعه القادم أن يجعل من هذا الصندوق المتنقل بين أروقة المعارض إلى صندوق قارّ بأحد المنتزهات أو الساحات الإماراتية وعبر الإمارات السبع.

سينما جيب تستجيب وتجيب عن تساؤلات واهتمامات الإماراتيين التوّاقين إلى السينما، والذي لامسته بنفسي من خلال المتابعة المكثفة للصندوق على امتداد أيام المعرض.

“سينما الصندوق الأسود” مشروع مبهر ومبشّر بصناعة سينمائية إماراتية سيكون لها عظيم الشأن في قادم السنوات، مشروع مرح ومريح في بساطته ناجع في تواصله مع المتقبل بسلاسة الصورة التي تبقى عالقة في المخيّلة لا تمحوها السنوات؛ أليست السينما ذاكرة؟

العرب اللندنية في

08.05.2014

 
 

المغرب يحتفي بجورجيا في مهرجان سينمائي

العرب/ أكادير 

الدورة الحالية لمهرجان سوس الدولي تُحدث جائزة جديدة لأفضل فيلم تربويّ بالموازاة مع الجائزة الكبرى للمهرجان.

يحتفي مهرجان سوس الدولي للفيلم القصير بالسينما الجورجية في دورته السابعة، التي ينظمها محترفُ كوميديا للإبداع الفني انطلاقا من اليوم الخميس 8 مايو وإلى غاية الـ11 منه، بمعهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة آيت ملول تحت شعار “السينما دعامة أساسية للتنمية”.

وأوضح المنظمون، أنه من المؤمل أن تتوّج هذه الدورة بتوقيع اتفاقية شراكة وتعاون مع المركز السينمائي الجورجي، إلى جانب عرض شريط قصير من جورجيا يحمل عنوان “مفترق طرق”.

وأكدوا أن ما مجموعه 45 شريطا قصيرا تم إنتاجها ما بين سنتي 2013 و2014 تمثل 19 بلدا ستتنافس على ألقاب هذه الدورة، التي تتميّز بمشاركة تسعة أفلام مغربية.

وتتكون لجنة التحكيم من المخرج العراقي الألماني نوزاد شيخاني، والناقد السينمائي المغربي الحبيب ناصري، والناقدة السينمائية الجورجية كيتيفان جانيليز، والمخرج الروسي الألمــــاني جسمين وزير، والمخرج المغربي بوشعيب المسعــودي، والمخرج المغربي أحمد منتصر.

ويتمثل جديد هذه الدورة في إحداث جائزة لأفضل فيلم تربويّ بالموازاة مع الجائزة الكبرى للمهرجان، وجائزة أفضل فيلم قصير، وجائزتي لجنة التحكيم لأفضل فيلم قصير روائي، وأفضل فيلم قصير وثائقي تسجيلي.

وبالإضافة إلى تنظيم ورشة تكوينية في مجال المهن السينمائية، يعتزم المنظمون إقامة حفل تكريمي على شرف الفنان المسرحي المغربي عبد القادر أعبابو، الذي يعدّ من أوائل من أحدثوا ناديا للسينما بالجهة.

يشار إلى أن هذه التظاهرة الفنية تنظم بشراكة مع المجلس البلدي لآيت ملول وبدعم من عدد من الفاعلين الخواصّ والمؤسساتيين، مثل مجلس جهة سوس ماسة درعة والمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية والمركز السينمائي المغربي ووزارة الثقافة المغربية وعمالة إنزكان آيت ملول.

العرب اللندنية في

08.05.2014

 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)