حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

نزهة صيفية في أفلام الموسم

محمد رُضا

 

الصيف، يقولون لك في هوليوود، هو الموسم الذي يرفع الفيلم او يهوى به. موسم يتم فيه حشد الأفلام التي تتوجّـه إلى كل الفئات معاً، أو- على الأقل- للفئة الأكبر حجماً من المشاهدين وهي فئة الباحثين عن الترفيه الكبير.

وهو موسم مبتكر.

إلى منتصف السبعينات، كانت صالات السينما- عصر ما قبل المولات- تكتفي بعروض مكررة لأفلام سابقة تمّ إطلاقها في العام ذاته او في الأعوام السابقة. وهذا التقليد كان له سبب: في ذلك الفصل الحار، جرى الاعتبار، فإن همّ الناس هو الرحلات والسياحة والبحر. أما الاختباء وسط جدران صالة معتّـمة فإن هذا ليس وارداً. ولم يكن الأمر وقفاً على هوليوود. المفهوم ذاته كان مطبّقـاً من بيروت إلى باريس ومن بغداد وتونس إلى ريو دي جينيرو وجوهانسبيرغ.

في العام 1975 حدث طارئ جديد، اسمه ستيفن سبيلبرغ، بتغيير المعادلة. فكك الرموز المتداولة وحث شركة يونيفرسال على إطلاق فيلم معاد للسياحة وللبحر عنوانه Jaws (وسمّي عندنا بـ "الفك المفترس") في عز الصيف. وبالفعل قامت الشركة بدفعه إلى صالات السينما في العشرين من حزيران/ يونيو من ذلك العام وتجاوبت معها البرازيل والأرجنتين فعرضته الأولى في السابع من تموز/ يوليو والثانية في الحادي والثلاثين من ذلك الشهر. لكن دول العالم الأخرى انتظرت موعد الفصل الشتوي وعرضته البرتغال في الثاني والعشرين من تشرين الأول/ أكتوبر 1975 ثم كرّت المسبحة لتشمل استراليا واليابان وبريطانيا والسويد وإسبانيا وهونغ كونغ والدنمارك وذلك في الأسابيع الممتدة من اكتوبر إلى كانون الأول/ ديسمبر من ذلك العام. أما فرنسا فعرضته في الأول من الشهر الأول من العام التالي.

في لبنان لم يكن سهلاً عرضه لا في الصيف ولا بعده إذ اندلعت الحرب الأهلية في ذلك الحين ولم يصل الفيلم ولا سمكة القرش التي فيه إلى الشواطئ اللبنانية بل وصلت رصاصات القتل إلى صالات السينما أولاً كونها ترمز إلى لقاء الأديان والناس إذ يدخل المسلم او المسيحي إليها فينصهر فيها لساعتين قبل أن يعود إلى ما كان عليه.

بالنسبة لي، أنا الذي اعتبرت أن الهرب هو "ثلثي المراجل" كما يقول المثل، شاهدته على متن البارجة الحربية الأميركية التي أجلتني مع رعايا أجانب بعدما تسللت إليها بواسطة صديق أرمني كان يعمل في مركز "جون ف. كندي" الذي تم تدميره أيضاً على أساس أن الوطنية تعني الانغلاق على الذات. في الليلة الأولى من ليلتين على متن البارجة التي غادرتها في أثينا تم عرض هذا الفيلم أمام جنود البحرية. وبينما كانوا يستمتعون بحرب البشر ضد السمكة المفترسة، كنت صامتاً في ركني "المدني" بينما لم يأبه معظم الغربيين الهاربين من أتون الحرب المبكر للفيلم وفضّلوا النوم باكرين.

المهم هو أن نجاح الفيلم في الصالات الأميركية الذي كان مفاجئاً، غيّر طريقة تعامل هوليوود مع الصيف وذلك تبعاً لاستجابة الجمهور الكبير لفيلم يحذّرهم من مغبّـة النزول إلى الشواطئ لأنه ليس معروفاً متى تخرج سمكة قرش باحثة عن غداء او عشاء. الحقيقة أن أحد أسباب تحفّظي على الفيلم يكمن في أنه دفع، برسالته تلك، العديد من الصيادين للبحث عن أسماك القرش وقتلها على سبيل إثبات أن الرجل ذي العقل الفارغ أفضل من السمكة حتى ولو لم تهاجمه. والعديد من أسماك القرش لا تهاجم عبثاً ولم يتم تسجيل أن سمكة قرش واحدة في ذلك العام وفي العام الذي تلاه هاجمت سابحاً على الشواطئ الأميركية، سواء أشاهدت سمكة القرش الفيلم المعادي لها أو لم تشاهده..!

منذ ذلك الحين والصيف هو مكَـب الإنتاجات الكبيرة والأمر يحتاج إلى كتاب، وليس إلى مقالة لاستعراض فصول الصيف من ذلك التاريخ وإلى اليوم وما عرضته. الأجدى إذاً النظر إلى ما تم عرضه فعلاً هذا الصيف وكيف تم استقباله وتصنيفه.

كبداية، ونظراً لنجاح مواسم الصيف تم توسيع رقعة الفصل ليبدأ من الربيع، ففي أيار/ مايو من كل عام ينطلق السباق وهذا ما حدث هذا العام. الشهر المذكور شهد عروض أربعة أفلام جماهيرية القصد والنيّـة هي فيلم الكوميكس «المنتقمون» The Avengers [إخراج جوس ويدون مع روبرت داوني جونيور ومجموعة كبيرة من الأصحاب]، «ظلال داكنة» [لتيم بيرتون مع جوني دب]، «سفينة قتال» او Battleship [بيتر بيرغ- تايلور كيتش] ثم «رجال في الأسود 3» [باري سوننفيلد وبطولة ول سميث، تومي لي جونز وجوش برولين].

أفضل هذه الأفلام هو «المنتقمون» وهو أكثرها رواجاً إذ جمع عالمياً بليون و450 مليون دولار. بينما تبوّأ «رجال في الأسود 3» 608 ملايين دولار، وسجل «سفينة قتال» 302 مليوناً وتبعه «ظلال داكنة» بـ236 مليون دولار.

في الشهر التالي، توسّم «بيرانا 3DD» (إخراج جون غولاغر) إذهال المشاهدين بحكاية مائية أخرى. لم يكن شريره الأول، وهو سمكة البيرانا المفترسة، بحجم سمكة القرش لكنها كانت، حسب الفيلم، أكثر فتكاً منها وذلك على الصعيد البصري فقط أما من حيث الإقبال فكان أشبه بسمك السردين إذ جمع أقل مما تكلّـف (إيراداته الأميركية لم تصل إلى نصف مليون دولار). الأكبر حجماً منه كان «سنو وايت والصياد» حيث تشارليز ثيرون لا تكتفي بجمالها بل تريد الإستيلاء على جمال غيرها. الفيلم من إخراج روبرت ساندرز أنجز إيراداً محترماً خارج الولايات المتحدة (316 مليوناً) أما داخل أميركا فإنه زحف ليسجل 62 مليون دولار أي ثلث كلفته.

الأقوى شأناً كان «برومثيوس» لريدلي سكوت، لكن بشكل نسبي. الفيلم الذي تكلّـف 130 مليون دولار لصنعه أنجز بجهد، وبفضل السوق الخارجية،303 ملايين دولار. وكان أقل قيمة فنية مما كان منتظراً منه. لكن الجمهور لم يتوجّـه بعيداً عنه بسبب تلك القيمة، بل لأن السوق كان مكتظاً بأفلام أخرى من بينها تحويل الرئيس الأميركي إبراهام لينكولن إلى صياد مصاصي دماء في فيلم يحمل العنوان ذاته حققه الروسي تيمور بكمامبيتوف، ومنها أيضاً مهزلة موسيقية بعنوان «عصر الروك» نفّذه واحد باسم أدام شانكمان ثم منها فيلمي أنيماشن كل منهما يحاول أن يبز منافسه لكن لم يكن من بينهما ما يستحق عناء اصطحاب الصغار إليه: "مدغشقر 3"، "شجاعة".

أفضل أفلام الشهر كانت «بل آمي» [دكلان دونللان ونك أورمرود] الذي لم ينل ثقة غالبية النقاد الأجانب و«إلى روما مع الحب» [وودي ألن]. الذي فعل العكس.

بالوصول إلى شهر تموز/ يوليو فإن أول المتزحلقين صوب هاوية الخسارة كان فيلم أوليفر ستون «متوحشون» وكان يستحق ذلك. على كل حال لم يكن أحد ينتظر منه أن يشق غباراً، والانتباه كان مشدوداً صوب فيلمين «سبايدر مان المذهل» [مارك وب] وهذا سجل حتى الآن 305 مليون دولار عالمياً، و«صعود الفارس الداكن» [كريستوفر نولان] الذي سيتبوأ بلا ريب إيرادات الصيف وبل ربما العام بأسره إذ هو جمع حين انطلق 161 مليون دولار أميركياً وقرابة 200 مليون دولار عالمياً وآخر أرقامه تتجاوز الـ 600 مليون بقليل ولا يزال في أسبوع عرضه الثالث.

كون معظم بقاع العالم العربي منيعة عن التأثير سلباً او إيجاباً على نتائج موسم الصيف، يجعلها بمنأى عن البحث عمّـا جلب النجاح الأكبر بين ما تم ذكره. لكن مدن العالم العربي منيعة عن التأثير بالسلب او الإيجاب لكل فصول السنة ما يجعلها تماماً خارج الاعتبار. لكن بقي من الصيف شهر واحد تزيّنه ثلاثة أفلام رئيسية ونحو خمسة عشر فيلماً جانبية. الأفلام الرئيسية هي «المستهلكون 2» The Expendables 2 الذي يقوده سلفستر ستالون إخراجاً وتمثيلاً، و«بورن 4» [بول غرينغراس] وهو جزء من مسلسل تم تجربته ثلاث مرّات من قبل بنجاح، و«توتال ريكول» [لن وايزمان] وهو إعادة صنع وليس إعادة عرض، للفيلم الذي مثّله أرنولد شوارتزنيغر وتم عرضه -في صيف- 1990

الجزيرة الوثائقية في

02/08/2012

 

مُكوّنات السينما الهندية الجماهيرية..

صلاح سرميني - باريس  

مع أكثر من 1000 فيلم يُصوّر في العام، تُعتبر الهند أول بلدٍ مُنتجٍ للسينما في العالم، ومع ذلك، يعتقد معظم الغربيّون بأنّ الأفلام التي يُقال عنها (هندية) ـ بسبب اللغة المُستخدمة في حواراتها ـ كاريكاتورية، ذات ذوقٍ ردئٍ، وغير قابلة للتصدير.

من يرغب بمُشاهدة هذه الأفلام الخارجة عن المألوف بأحداثها التي لا تنتهي أبداً، وعُقدها الساذجة، والسطحية، ووصلاتها الموسيقية المُنبثقة من الفراغ ؟

مَنْ ؟

جزءٌ كبيرٌ من البشر.

تصوروا !..

إذاً، دعونا نتجوّل في هذا العالم الذي يطفح بالألوان، والابتسامة الصفراء على الشفاه،,..

وأهلاً، وسهلاً بكم في (بوليوود).

فلورانس كافيه*

في فيلم (Yeh Vaada Raha) من إنتاج عام 1982 لمُخرجه (كابيل كابور)، "فيكرام" (ريشي كابور)، وريث عائلة غنية، و"سونيتا" (بونام ديللون) فتاةٌ يتيمةٌ، وفقيرةٌ ترغب بأن تصبح مغنية، وقد تخيّر السيناريو بأن يلتقيا بسرعةٍ مع بداية المشهد الأول بالتحديد، في المعبد، كان الاثنان يقفان مباشرةً أمام المعبود "كريشنا"، وحالما يتطلع "فيكرام" إلى وجهها، يسحرهُ جمالها، رقتها، وتعبّدها، فيستدير، وتتوّجه صلواته نحوها، وبعد تلك اللحظات التمهيدية، يفترقان.

صورتها لا تُبارح مخيلته، يبحث عنها في القرية التي يقضي فيها إجازته حتى يجدها، في البداية، تتمنّع حتى تقع في حبه، ويعودان إلى المعبد مرةً أخرى، ويربطا في أحد أعمدته العقد الذي أعجبها، وأهداه لها، ويتعاهدان بأن يجتمع جسديهما، وروحيهما إلى الأبد.

تمتنع أمه (راخي غولزار) عن مباركة زواجهما، ولكنهما يقرران الزواج، وفي طريقهما إلى المعبد لإجراء الطقوس التقليدية، يتعرضان لحادثةٍ مؤلمة، ينجو منها "فيكرام"، ويتشوّه وجه "سونيتا" تماماً، وكي تُبعده أمه عنها، تُخبره بأنها ماتت، ولكنّ أحد الجراحين البارعين، الدكتور "ميهرا" (شامي كابور) يُجري لها عملياتٍ متتالية، ويُعيد لها وجهاً أخر ليس أقلّ حلاوةً من سابقه، تطلب منه بأن يتبناها، تتخيّر "قوسم" اسما لها، وتعيش معه حياةً جديدةً (تقوم بالدور "تينا مونيم"). ومن أجل هذه التفصيلة بالتحديد، يتحججّ السيناريو بأنّ الطبيب لم يعثر على صورةٍ قديمة لها، والحقيقة، بدون تلك الحجة، لن يكون للحادثة معنى، وضرورة في سياق الأحداث.

عموماً، في السينما الهندية، يجب أن تكون الانقلابات الدرامية عظيمة، وإلاَ فقدت مذاقها الحارق.

بعد الحادثة، وفي إحدى المرات، يلتقي "فيكرام" بـ "قوسم"، ويشعر بأنها "سونيتا" التي أحبها، ويحبها دائماً، هي تمتلك نفس الصوت الشجيّ الحاني الذي كان يسمعه في لقاءاتهما العشقية، وفي اللحظات الأخيرة من الفيلم، تعترف له بالحقيقة، ولكنها لا تريد الوقوف في طريق زواجه من "ريتا"(ساريكا) ابنة رجل أعمالٍ ثريّ، اختارتها له أمه كي تُنقذ تجارتها من الإفلاس، أو تعمّدت هذا الزواج المُرتب كي تدعم موقعها التجاري.

تعود "سونيتا" إلى المعبد كي تفكّ العقد من العمود، وتتخلص من وعدها السابق، هناك، كان "فيكرام" ينتظرها، ويمنعها، ويكررا معاً نفس الأمنيات عند لقائهما الأول.

"فيكرام" يتيم الأبّ، تولت أمه الصارمة أعمال والده، وفي اللحظة التي يلتقي بـ"سونيتا" كي يُهديها العقد، كانت تصلي أمام تمثاليّ المعبود "كريشنا"، ومعشوقته، ولا تتورّع القول بأنها تعتبرهما بمثابة والديها، فهي يتيمة الأب، والأم أيضاً، وفي سياق الأحداث فيما بعد، سوف نفهم أسباب معارضة الأم من زواج ابنها "فيكرام"، فقد كان والد "سونيتا" مجرماً، وتركتها أمها في ملجأ للأيتام.

في هذا الفيلم، تبدأ الأحداث في المعبد، وتنتهي نهايةً سعيدةً فيه، "فيكرام"، و"سونيتا"... شخصان مؤمنان، وفي هذا المكان المُقدس بدأت قصة حبهما، وتشكلت الأحاسيس الأولى بينهما، وكان المعبد ملاذهما.

يتجسّد الجانب الدينيّ بوضوح، وتنضح علاقة الحب بين العاشقين بقدسيةٍ روحانية.

في نهاية الفيلم، عندما تركض "سونيتا" كي تدخل إلى المعبد، وتفكّ العقد من مكانه، وتتخلص من وعدها، يلحقها "فيكرام"، وتعترضه قطعة حديدية تمزق ملابسه، وتجرحه، وسرعان ما يضع يده المُلطخة بقطرات الدم على جبين حبيبته، وهي علامة الزواج المُقدسة، والتي لا رجعة فيها.

وكعادة الكثير من الأفلام الهندية الجماهيرية، الفيلم مقتبسٌ عن فيلم أمريكيّ بعنوان (The Promise) من إنتاج عام 1979 لمخرجه (جيلبرت كيتيس)، تمّ ترشيحه لجوائز الأوسكار عام 1980، وحصل على جائزة أفضل موسيقى، وأغاني.

في السينما العربية، لن يستسيغ المتفرج بأن يستدير "فيكرام"، ويتوجه بصلواته نحو "سونيتا"، وكأنها أصبحت الإله المعبود، وباعتقادي، لا يحتوي تراثنا السينمائي العربيّ على فيلم تنشأ علاقة حب بين عاشقين في جامعٍ، أو كنيسة.

وفي الوقت الذي نعرف بأنّ بعض الممثلين، مثل (شاروخ خان)، و(أميتاب باتشان)، وغيرهما قاموا بأدوارٍ مزدوجة في بعض الأفلام، فإنه من النادر أن نعثر على ممثلتيّن مختلفتين تؤديان نفس الدور كما ظهر في الفيلم، حيث يتبادل ممثلتان دور شخصية واحدة : "سونيتا" (بونام ديللون) قبل الحادثة، و"قويسم" (تينا مونيم) بعد الحادثة، ومع أنّ (بونام) تحظى بحضورٍ أفضل على الشاشة، تؤدي (تينا) الأجزاء الأصعب في الفيلم .

ومن يعرف (شامي كابور) شاباً وسيماً، متدفقا بالحياة في قائمةٍ طويلة من أفلامه، سوف يحزن كثيراً عندما يجده في دورٍ ثاني، وقد تقدم به العمر، وتضخم جسده، ولكنه يؤدي دوراً إنسانياً، طبيباً، ورجلاً حكيماً يُعوّض "سونيتا" عن فقدانها لأبيها.

وكعادة السينما الهندية الجماهيرية، يرتكز الفيلم جوهرياً على آلياتٍ درامية نمطية، تتكرر من فيلمٍ إلى آخر، ولكنها تحتفظ بجاذبيّتها بفضل تنويعاتها، ومذاقاتها المُختلفة.

ومن بين هذه الآليات/التوابل السينمائية الهندية :

ـ "فيكرام" يقضي عطلته في القرية التي تسكن فيها "سونيتا"، وهي فرصةُ للسفر، والتصوير في مناظر طبيعية خلابة (السينما الهندية تعشق السفر).

ـ اللقاء في المعبد سوف يغلف أحداث الفيلم بأجواءٍ روحانية، بدون أن تصبح دينيةً خالصة، ومتشددة.

ـ الخجل، المُراوغة المُحببة، وتأجيل الإفصاح عن المشاعر الحقيقية هي من السمات اللطيفة للمرأة الهندية.

ـ ربط العقد في أحد أعمدة المعبد مرجعية دينية تعفي العاشقان من حواراتٍ طويلة عن الإخلاص، الوفاء، والحبّ الأبديّ.

ـ هناك دائماً عقبةٌ ما تمنع من زواج العاشقيّن، وتتضح في الفيلم من خلال والدة "فيكرام"، ولا تكشف عن الأسباب إلأّ في المشاهد الأخيرة، حيث تخبر إبنها، بأنّ والد "سونيتا" كان مجرماً، وقد تربت في ملجأ للأيتام.

ـ تلجأ الأفلام الهندية الجماهيرية إلى إيجاد حالة من التوازن العائليّ بين العاشقيّن، فإذا كان "فيكرام" يتيم الأب، فإنّ "سونيتا" يتمة الأب، والأم معاً، وهذه الوضعية تُزيد من جرعة تعاطف المتفرج مع الشخصيتيّن، هناك جانبٌ عاطفي ناقصٌ في محيطهما العائلي، ويجب أن تكون النهاية سعيدة بأيّ ثمن كي يجتمع العاشقان عن طريق الزواج، ويبدآن في تكوين أسرة جديدة، حيث لا يستطيع أبطال السينما الهندية العيش منفردين بعيداً عن عائلاتهم.

ـ انقلاب دراميّ، وغالباً انقلابات متتالية، حادثةٌ فظيعةُ تفرق بين العاشقيّن، وسوف تنجو "سونيتا" بأعجوبةٍ، وتلتقي بطبيبٍ جراح يتبناها، ويُعيد إليها وجهها المُشوّه، ولكنّ "فيكرام" لم يحب وجهها القديم فقط، وإنما أحبها روحاً، وجسداً.

ـ التضحية تيمةُ مقدسةٌ في السينمات الهندية، "سونيتا" بعد الحادثة، وتغيير وجهها لا تريد أن تقف عائقاً أمام زواج "فيكرام" من فتاةٍ أخرى ابنة أحد الأثرياء، ذاك الزواج المُرتب من طرف الأم، ولكنّ الحب أقوى دائماً، ويجب أن لا تُلطخه الإغراءات المادية.

ـ يحافظ الفيلم على حضور المرجعيات الدينية عند شخصيات الفيلم، "سونيتا"، و"فيكرام" بالتحديد، ولهذا تعود سونيتا" إلى المعبد كي تفكّ العقد من العمود، وتُريح ضميرها، وتحرر نفسها من الوعد الذي تبادلته مع "فيكرام".

ـ قانون الصدفة يفرض نفسه دائماً، في تلك اللحظة، وقبل أن تفكّ العقد، يصل "فيكرام"، وتجرحه قطعة حديدية، وعندما يضع نقطة دم حمراء على جبينها، فقد أصبحت زوجته شرعاً وُفق الطقوس البوذية .

خلال تلك الأحداث، كان تمثال "كريشنا" الصامت شاهداً على قصة الحب العظيمة بين العاشقيّن، وهو الذي يُبارك نهايتها السعيدة.

ـ يستند الفيلم على تيمةٍ متكررة، علاقة الحب المُستحيلة/المُمكنة بين أشخاصٍ من طبقاتٍ اجتماعية مختلفة، تتباين مقادير توابلها، وتتنوّع من فيلمٍ إلى آخر، ويتضح الاختلاف في هذا الفيلم عن طريق الأسباب التي تجعل "فيكرام" يحب "سونيتا" في وجهين مختلفين، وحده الطبيب، الفيلسوف، الأب يمنح إجابةً عن هذا التساؤل :

ـ عندما نحبّ، فإننا لا نحبّ وجه الشخص نفسه، ولكن، قبل كلّ شيء روحه.

بينما ـ على العكس ـ تعتقد "سونيتا" بأنها، مع وجهها الجديد، سوف تبدأ حياةَ أخرى، خاصةَ، وأنها كانت في الجزء الأول من الفيلم فلاحة بسيطة تعيش في قريةٍ، وأصبحت في الجزء الثاني فتاةً مدينيّة تعيش في المدينة، وقد احتفظ الأسلوب الإخراجيّ بقواسم مشتركة بين سلوكيات، وتصرفات الشخصيتين، "سونيتا"، و"قوسم"، كي لا يعتقد المتفرج بأنهما شخصيتان منفصلتان، ومتعارضتان، حتى أنه جعلهما يتحدثان بصوتٍ واحدٍ عن طريق الدوبلاج الذي أدته ممثلةُ أخرى، هي (جايا بادوري باتشان) زوجة العظيم (أميتاب باتشان).

هامش :

* هذه الفقرة التمهيدية/المقدمة هي جزءُ من تحقيقٍ نُشر عام 2002 في موقع http://www.routard.com تحت عنوان (كان ياما كان بوليوود)، وهو يُعبّر عن وجهة نظر الصحفية الفرنسية (فلورانس كافيه) المُهتمّة بالسياحة، والسفر، وقد استعارت العنوان من اسم كتاب المصور الفوتوغرافي (جوناتان تورغوفنيك)، والذي يضع القارئ في قلب هذه الثقافة السينمائية المُتفرّدة، ويرصد شعباً مُولعاً بسينماه, وفي أربع فصولٍ، ومئاتٍ من الصور، يكشف عن كواليس الصناعة البوليوودية، ويُسجل تأثيرها على المجتمع الهندي، وقد قام بكتابة المقدمة (نسرين كبير) المُتخصصة بالسينما الهندية، ويُعتبر هذا الكتاب مدخلاً جيداً لعالم بوليوود.

* يمكن الإطلاع أيضاً على موضوعاتِ أخرى تتعلق بالسينمات الهندية :

ـ المحبوب: يُعيد الاعتبار للسينما الهندية الجماهيرية

http://doc.aljazeera.net/cinema/2010/03/2010371118898633.html

ـ أميتاب باتشان شاهنشاه السينما الهندية

http://doc.aljazeera.net/followup/2010/05/2010517951592801.html

ـ السينما الهندية من الشمال إلى الجنوب

http://doc.aljazeera.net/followup/2010/10/2010101191835767399.html
عوالم المخرج البنغالي ساتياجيت راي

http://doc.aljazeera.net/followup/2010/11/2010118113759418503.html
موسيقى، أصواتٌ، إيماءاتٌ، وممثلون

http://doc.aljazeera.net/followup/2010/12/2010121825898152.html
السينما الهندية من الشمال إلى الجنوب (2)

http://doc.aljazeera.net/followup/2010/12/2010122865212711298.html
جاذبية السينمات الهندية

http://doc.aljazeera.net/cinema/2011/07/201171265146462708.html
بوليوود أشهر قصة حبٍّ رُويت تطوّر حضور السينما الهندية في فرنسا

http://doc.aljazeera.net/followup/2011/08/20118284618295803.html
وظائف الأغاني في السينما الهندية

http://doc.aljazeera.net/cinema/2011/08/20118167337530684.html
"
ريتو بارغنو غوش" يتحدث عن أجيال السينما البنغالية

http://doc.aljazeera.net/cinema/2012/03/201232074834856146.html

الجزيرة الوثائقية في

02/08/2012

 

جديدنا في رمضان:

الزعيم الوسداني اسماعيل الازهري

عمر مجاهد  

يوثق هذا الفيلم لواحدة من أهم فترات السودان الحديث عبر توثيقه لحياة وأعمال شخص محوري في هذه الفترة هو الرئيس السوداني الأسبق اسماعيل الازهري.

عمليا ينطلق هذا الفيلم من العام 1898 مع انطلاق حملة مصرية بريطانية كبيرة بغرض استعادة احتلال السودان، ونتابع في الأثناء لقطات نادرة للسودان القديم بعضها ربما يكون غير لم يعرض من قبل.

ثم نتابع سيرة بطل فيلمنا اسماعيل الازهري الذي ولد عام 1900 في بيت علم عريق ونتتبع خطواته الحياتية التي وصلت للالتحاق بكلية جورن الشهيرة ثم تعيينه مدرسا في بعض مدن السودان ثم سفره لبيروت في بعثة للدولة حيث درس الرياضيات واطلع على العالم الخارجي وزاد من خبراته وتجاربه في الحياة قبل ان يعود مجددا للسودان ويعين استاذا في كلية جوردن التي تخرج منها سابقا.

هنا بدأ الازهري يلعب دوره الوطني عبر محاضراته ونشاطاته الثقافية العامة، وكان الازهري من أول المنادين بضرورة مناقشة كيفية تقرير مصير السودان المستقبلي في ظل الاحداث التي يمر بها آنذاك.بعد ذلك تصدى الأزهري لقيادة العمل الوطني السياسي، وانطلق في رحلة شهيرة لمصر ثم إلى الأمم المتحدة لعرض قضية بلاده.

كما تناول الفيلم علاقة السودان بمصر والمناداة بالاتحاد معها ومناقشة ذلك من حيث هو تكتيك أم سياسة استراتيجية ثابتة

ومن هنا يرجع بنا الفيلم في سرد سريع لأحداث مصر نفسها في تلك الفترة باعتبارها اكثر البلدان تأثيرا في السودان، ثم تأتي أزمة إزاحة محمد نجيب وأثرها في تلك الدعوة وفي فكر الازهري، قبل أن نعود للسودان ونتابع تحقق الاستقلال في عام 1955، والانقلاب العسكري الأول في تاريخه الذي حدث في عام 1958، أي بعد ثلاث سنوات من الاستقلال.

نستمع في الفيلم إلى بيان الفريق ابراهيم عبود قائد الانقلاب وهو وثيقة مهمة، ونتابع تأثير ذلك على الازهري الذي اوقف نشاطه السياسي بعد ذاك الانقلاب ثم عواد مجددا للعمل السياسي فيما يعرف بالمرحلة الديمقراطية الثانية بالسودان.

في هذه المرحلة تولى رئاسة السودان عام 1965، ونتابع دوره المهم في مؤتمر الخرطوم الذي اشتهر بمؤتمر اللاءات الثلاث الشهيرة: لا صلح لا اعتراف لا تفاوض مع اسرائيل.

تم اعتقال الازهري في الانقلاب الثاني الذي قاده جعفر نميري وسجن وتم عزله عن الحياة العامة. لكن الى اليوم عندما يتم الاحتفال بعيد استقلال السودان، يتوافد الناس على بيت الازهري ليتم احياء المناسبة هناك عرفانا بدور هذا الرجل الكبير.

في الفيلم تتحدث ابنة الازهري السيدة جلاء، وايضا الكثير من الذين رافقوا الراحل او تتلمذوا على يديه، ليسلطوا الضوء على وقفات وخطوات وسيرة سياسية وانسانية تستحق الوقوف عندها واستجلاء مواطن كثيرة مليئة بالدروس والعبر والاشخاص الذين اعطوا بلا شروط...

الجزيرة الوثائقية في

02/08/2012

 

 

توفيق الدقن… ألوووووو يا همبكة

كتب: القاهرة - مصطفى ياسين  

هو تركيبة فنية لم تتكرر، أول شرير على شاشة السينما يجعلك تضحك من قلبك، خفة دمه وبساطة أدائه وعمق موهبته… كلها عوامل منحته مكانة بين النجوم الكبار أصحاب البصمة المميزة في أدوارهم.

إنه توفيق أمين محمد الدقن.

توفيق أمين محمد الدقن من مواليد 1923 ببركة السبع في محافظة المنوفية، رصيده400 فيلم و150 مسرحية و400 تمثيلية إذاعية و50 مسلسلا تلفزيونياً، نال 40 جائزة فنية بالإضافة إلى وسامي «العلوم» و{الجدارة والاستحقاق».

هو صاحب أشهر الإفيهات التي ما زلنا نردّدها من بينها: «يا دانس، يااه يا اه، الووو يا أمم، أحلى م الشرف ما فيش».

كاتب مخالفات

في قويسنا التحق الطفل توفيق بمدرسة المساعي المشكورة الابتدائية، بعد عامين انتقل والده إلى نيابة المنيا فانتقلت الأسرة معه، كانت هوايته الوحيدة كرة القدم وظل حتى التوجيهية يحتقر الفن وينظر إلى الممثل على أنه مشخصاتي أو دجال، وفجأة تغير رأيه.

بدأت القصة عام 1942 عندما فاز فريق المنيا الثانوية بكأس دوري المدارس، فكافأه مدير الإقليم بدعوته إلى حضور مسرحية تقدّمها فرقة روحية خالد.

خلال العرض لاحظت روحية الدقن وعرضت عليه مشاركتها في دور صغير فوافق، بعد أدائه أثنت عليه وتوقعت له مستقبلا في مجال التمثيل، ونصحته بالالتحاق بمعهد التمثيل الذي أسسه زكي طليمات.

بعد تخرجه عُيّن كاتب مخالفات في نيابة المنيا، إلا أن حب الكرة لم يبارحه، فسافر إلى القاهرة وانخرط في نادي الزمالك وانضم إلى نادي السكة الحديد، إلا أنه ما لبث أن قدّم استقالته من النيابة عندما قرأ بالمصادفة إعلاناً عن افتتاح المعهد العالي لفن التمثيل والموسيقى، فحلق شاربه ليبدو أصغر من سنه وقدّم أمام لجنة الامتحان مشهداً لأنور وجدي وهو سكران ويحاول إغواء فتاة صغيرة، لكنه رسب، ما شكّل صدمة كبيرة له، وبعد أربع سنوات استلم برقية من زكي طليمات يطلب منه الحضور إلى مسرح الأزبكية ومعه ست صور، فذهب وأجرى الاختبار للمرة الثانية ونجح.

خباي اليهودي

شكل دور المعلم سلطان في المسلسل الإذاعي «سمارة» نقطة تحوّل في حياته، الطريف وقتها أنه لم يكن يمتلك جهاز راديو ليسمع نفسه، فكان يقف عند دكان لبيع السجائر في شارع علوي ليستمع إلى الحلقات.

بعد ذلك كوّن توفيق الدقن مع مجموعة من خريجي المعهد «فرقة المسرح الحرّ» التي قدمت عروضاً عدة ثم توقفت، فانضمّ إلى فرقة إسماعيل ياسين إلى أن فتحت له السينما أبوابها.

كان أول أفلامه «ظهور الإسلام» الذي جسد فيه شخصية خباب اليهودي، من ثم شارك في فيلمين: «درب المهابيل» و{صراع في الميناء» الذي أدى فيه دور رجل في الستين من عمره، على رغم أنه كان شاباً، بعدما اختاره المخرج يوسف شاهين على أثر رفض حسين رياض الدور.

ومن أفلامه التي حقق فيها نجاحاً: «سر طاقية الإخفاء، نداء العشاق، إسماعيل ياسين في السجن، بنت الحتة، مراتي مدير عام، المشاغبون، الناس اللي جوه، الغشاش، الشيطان والخريف، صور ممنوعة، ذات الوجهين، امرأة ورجل، الغفران، سبع الليل، امرأة من القاهرة، ملف في الآداب، خان الخليلي، أمير الدهاء، أدهم الشرقاوي».

وعلى رغم شهرته في أدوار الشر إلا أنه كان هادئاً ومنظماً ومرحاً عكس أدواره تماماً، وكانت طبيعته المسالمة وراء زواجه بشكل تقليدي من نوال الرخاوي، حفيدة خال والده المستشار محمود بك ضيف وابنة عمته في آن، فأنجبت له ولدين وبنتاً.

تلميذ قاتل

كان توفيق يردد أنه «بدل فاقد» لأنه كان يحمل اسم شقيقه الذي ولد قبله بسنة ومات قبل ولادته، وكان يغيظه أن يناديه أحد قائلاً: يا تيفة.

اعترف أنه سرق عبارتي «الوو يا همبكة» و{الوو يا أمم» من المطرب محمد عبد المطلب الذي كان يقول له: «الوو يا أمم.. الوو يا همبكة» كلّما قابله أثناء رحلة قاماً بها سوياً إلى الجزائر، بعدها أصبح توفيق يردد هاتين العبارتين كأنه صاحبهما.

من الأمور الطريفة في حياته اتهامه بجريمة قتل وهو تلميذ في الابتدائية، بعدما أغرم ببنت الجيران مارغريت التي أوهمته هو وأصحابه بأنه فتى أحلامها، إلى أن اكتشف الجميع أنها خدعتهم، فنشبت بينهم معركة أصيب فيها أحدهم بسكين في ظهره، فقبضت الشرطة على الطلاب إلى أن اكتُشف المجرم الحقيقي ونجا الشرير الصغير من التهمة.

في 26 نوفمبر 1988 دخل الدقن مستشفى المقاولون العرب بعد إصابته بفشل كلوي، وبعد غيبوبة أمتدت 22 يوماً لفظ أنفاسه الأخيرة، مودعاً الدنيا.

الجريدة الكويتية في

02/08/2012

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)