حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

« يا خيل الله»:

القنابل البشرية بعيداً من التبرير أو الأحكام المسبقة أو الإدانة

إبراهيم العريس

 

خلال الساعتين اللتين يستغرقهما – تقريباً – عرض فيلم «... يا خيل الله» للمخرج المغربي نبيل عيوش (تظاهرة «نظرة ما» في الدورة الأخيرة لمهرجان «كان» السينمائي)، لا يسع المتفرج التغلب على شعور يخامره بأنه قد شاهد هذا كله من قبل. في سينما عيوش نفسه، ولكن أيضاً في عدد من الأفلام العربية الأخرى التي تتناول، في شكل أو في آخر موضوعاً مشابهاً: موضوع الإرهــاب وكــــيف يصنّع الإرهابي. ذلك ان هذا، للوهلة الأولى الموضوع الأساس للفيلم، أو لنقل بالأحرى، الموضوع الظاهر على السطح... وبالتحديد لأن المتفرج نفسه، وإذ يتذكّر من خلال هذا الفيلم، على الأقل، فيلمين سابقين أحدهما للفلسطيني هاني ابو أسعد («الجنة الآن»)، والثاني للتونسي نوري بوزيد («ماكنغ أوف»)، سيتنبه على الفور الى أن التشابه بين الأفلام الثلاثة إنما هو فقط تشابه في المسار وفي السياق العام للموضوع، وهذا بالتحديد لأن الأفلام الثلاثة معاً تتشارك في التصدي للأساليب التي تتم بها صناعة «القنابل البشرية»... أي اولئك الشبان الذين يجنّدون من جانب تنظيمات ارهابية للقيام بعمليات انتحارية تحت رداء الإسلام الذي ربما تتشارك الأفلام الثلاثة معاً، أيضاً في التأكيد ان الحقيقي منه بريء تماماً من هذه الممارسات... بيد ان هذا تفصيل يبقى ثانوياً بالتأكيد طالما ان اياً من الأفلام الثلاثة لا يريد لنفسه ان يكون سجالياً مؤدلجاً في هذا المضمار.

محاولة للفهم لا أكثر

ما تريده الأفلام الثلاثة، وكلّ على طريقته، انما هو محاولة الفهم بعيداً من اي تبرير او إدانة مطلقة أو أي حكم أخلاقي. وفي هذا الإطار المشترك يمكننا القول ان الأفلام الثلاثة معاً – على تفارت ازمان تحقيقها وتفاوت استنتاجاتها – تنتمي الى سينما عربية جديدة يمكننا ان نسمّيها سينما سن الرشد... السينما التي تقدم مواضيعها من دون أحكام مسبقة ومن دون فرض وصاية على المتفرج او على تفسير الأحداث نفسها، وأكثر من هذا: تقدّمها سينمائياً... وهذا ما يبدو مشتركاً ايضاً ولن يستغربه اي من المتفرجين الذين يتابعون سينما ابو أسعد او بوزيد او، في حالتنا هنا، نبيل عيوش. وبالنسبة الى هذا الأخير نعود الى فكرة بدأنا بها هذا الكلام لنقول ان من يعرف أفلام عيوش السابقة ولا سيما منها «علي زاوا» و«مكتوب» سيدرك بسرعة ان هذا المخرج المغربي المميز يواصل هنا سبره لعالم المهمشين في سينما تصنع بأناقة وهدوء مهما كان صخب موضوعاتها وخطورتها. وينطبق هذا الحكم هنا على «... يا خيل الله» الذي يسهل اعتباره فيلماً اوصل فيه عيوش سينماه الى ذروة لافتة... كما اوصل فيه، حتى خطابه السياسي، الى لغة تدق ناقوس الخطر من دون ان تدنو ولو للحظة من ممارسة لعبة الأسود والأبيض.

ففي هذا الفيلم الذي تمتد أحداثه نحو عشر سنوات، يحاول عيوش، مستنداً الى رواية لمواطنه الكاتب ماهي بن إبين، ان يقدم بعض «إخوة» لفتيان فيلمه «علي زاوا» وقد تأدلجوا وتقدموا في سن الشباب وتحولوا الى تلك «القنابل البشرية» الشهيرة. والحقيقة ان هذا الاختيار الذي قد يبدو هنا سينمائياً خالصاً، سرعان ما وجد ارتباطه الحتمي بما يمكن ان يكون في الوقت نفسه توثيقياً. ولعل في امكاننا هنا ان نتحدث عن رغبتين التقتا ذات لحظة: رغبة عيوش في ان يعود الى اطفال «علي زاوا» حيث راح يبحث عن موضوع جديد يقدّمهم من خلاله. ورغبة بن إبين في ان يحكي في روايته «نجوم سيدي عبد المؤمن» حكاية الفتيان الذين جنّدوا في العام 2003 لتنفيذ تفجيرات الدار البيضاء التي اوقعت عدداً من الضحايا وسجّلت بداية عصر إرهاب ما في المغرب.

والحقيقة ان عيوش حين وقعت رواية بن إبين بين يديه، أدرك من فوره انه عثر على موضوعه: إن «إخوة» اطفال علي زاوا هم انفسهم اولئك الفتيان الذين اشتغلت التنظيمات الإرهابية على تحويلهم الى «جياد الله» – وفق التعبير الجهادي الإسلامي الذي يستند اليه المتطرفون لتجنيد الشبان وتحويلهم ارهابيين -. ومن هنا، في تقديرنا، ولد الفيلم. ومع هذا، من دون ان يغرق نبيل عيوش فيلمه في أية نزعة بؤسوية – نكاد نقول انها بدت طاغية في «علي زاوا» -، اشتغل على موضوعه في شكل يجعله اشبه بمحاولة للفهم. انه هو نفسه يريد ان يفهم كيف يمكن فتياناً في عمر الزهور ان يقتلوا آخرين وينتحروا في الوقت نفسه. ومن هنا كان من الطبيعي للفيلم ان يتتبع تلك السنوات العشر من حياة بضعة فتيان هم الذين سينتهي بهم الأمر محمّلين بالمواد الناسفة متسللين الى مطعم انيق في الدار البيضاء ليفجّروه ويفجروا انفسهم. نعرف طبعاً ان التفجير حدث بالفعل. ولكن في المقابل ليس من المؤكد ان الفتية الانتحاريين عاشوا حقاً تفاصيل الحياة التي ينسبها الفيلم اليهم قبل إقدامهم على ما أقدموا عليه. فنحن في الحقيقة امام عمل روائي ينطلق – وينطلق فقط – من حقيقة عيشت بالفعل. والعمل الروائي يتمركز على اية حال حول شقيقين هما حميد وياشين من سكان ضاحية سيدي عبد المؤمن الشعبية البائسة، بل الأكثر بؤساً بين عشوائيات البؤس المحيطة بالدار البيضاء... ومع هذا، إذا كان نبيل عيوش يصور في شكل شبه تسجيلي بؤس هذه المنطقة وسكانها، فإنه لا يجعل من هذا التصوير فعل إثارة للشفقة... فالناس هنا، بعد كل شيء، يعيشون، ويعيشون بخاصة بين كرة القدم والمسلسلات التلفزيونية. انهم معتادون على فقر تنظمه ربة البيت – ام الشقيقين – ملكة على اسرتها المؤلفة من أب محبط سلبي بالكاد يقول كلمة وأخ متخلف عقلياً يراقب ما حوله بسخرية قاتلة وأخ آخر غائب مجنّد في الجيش.

كرة قدم ومسلسلات

ان الشخصية الأساسية التي يدعونا الفيلم الى تتبعها منذ البداية هي شخصية الفتى ياشين ذي الثلاثة عشر عاماً. انه كأخيه وحاميه حميد يعيش في الشارع اكثر مما يعيش في البيت. وهو كما - حال فتيان فيلم «مدينة الله» البرازيلي الذي لا يبتعد سياق فيلم عيوش عنه كثيراً - يمارس مع رفاق من عمره هواية كرة القدم مثل الملايين الحالمين من مواطنيه الفتيان... وفي اوقات الفراغ، يقوم ياشين وحميد ورفاقهما بسرقات صغيرة و«زعرنات أصغر». وإذ يستعرض الفيلم هذا امامنا لا يفوته ان يرسم ايضاً نوعاً من الفسيفساء لمصائر صغيرة وعلاقات من الصعب القول ان في امكانها في حد ذاتها ان تبرر حقاً المصير الذي سيؤول اليه هؤلاء الفتيان. كل هذه البداية تكون في اواسط تسعينات القرن الفائت، ثم كي ننتقل الى الزمن التالي للعام 2001 الذي تفجّرت فيه مع عمليات تفجيري برجي التجارة العالمية والبنتاغون في نيويورك تلك الحقبة العالمية العابقة بالإرهاب والإرهاب المضاد... سيقبض البوليس على حميد ويودعه السجن، فيما يواصل الرفاق لعب الكرة ويكبرون من دون اي مستقبل حقيقي. وستشاهد الأم مزيداً من المسلسلات المصرية والمكسيكية، بينما يتحول ياشين الى شغّيل متواضع وعاشق، ويبدو عليه انه نسي أخاه السجين وابتعد مما كان هذا قد أورثه اياه من عنف... وفي تلك الأثناء ستمضي احداث كثيرة في الأفق السياسي – ومنها رحيل الملك الحسن الثاني ومعه عهد اتسم بالقسوة والقمع -. غير ان منطقة سيدي عبد المؤمن لا تبدو على ارتباط بكل ما يحدث: انها خارج الأحداث الكبيرة وخارج العالم... وكذلك حال ياشين ورفاقه الذين اضحوا الآن مراهقين بدورهم يسعون وراء حياة خاوية رتيبة لا آفاق لها (ولسوف نكتشف بعد حين انهم حتى لا يعرفون ان ثمة في وطنهم حياة أخرى وقوماً يعيشون مرفهين، بيد اننا سنرجئ الإشارة الى هذا الى سطور لاحقة)... وعلى الأقل حتى خروج حميد من السجن. انه يعود الآن في شكل مباغت... لكنه يعود مختلفاً تماماً عما كان عليه. صار العنيف هادئاً والنزق حكيماً... بل صار الفقير مرتاحاً مالياً بعض الشيء. وسنعرف بعد قليل ان المتطرفين «مرّوا من هنا»: تعرفوا اليه في السجن، وعظوه، احتووه، اهتموا بأمره فغيّروه... قبل ان يجنّدوه. ومن ثم، قبل ان يطلبوا منه ان يجنّد آخرين إثر خروجه من السجن.

وهو يفعل هذا بعد ان تغير تماماً، ولا سيما بعد ان تحولت سلطته على أخيه وعلى الآخرين من سلطة جسدية الى سلطة روحية. ولعل هذه القلبة الموصوفة بدقة وذكاء في الفيلم، تمثل إحدى اهم نقاط القوة فيه. فنحن لسنا هنا في صدد ذلك «الإرهابي» الأرعن العنيف المتفجّر الذي اعتادت ان تقدمه لنا افلام من هذا النوع سواء أكانت عربية أو غير عربية... بل أمام نمط آخر من الفاعلين المتطرفين... وفي هذا السياق لا يفوت الفيلم ان يشير – ولو مواربة – الى انه النمط الأخطر. وفي المشاهد التالية من الفيلم سنلمس هذا لمس اليد. ذلك أن حميد سرعان ما يجنّد ياشين وبضعة رفاق آخرين... فيتم إعدادهم ايديولوجياً وتقنياً، كما يتم سدّ حاجاتهم المالية، وذلك – كما فهمنا منذ البداية – في انتظار تكليفهم بعملية انتحارية – يكون اسمها لديهم: عملية جهادية -. وهذه العملية هي بالتحديد تفجيرات الدار البيضاء التي وقعت بالفعل في العاصمة الاقتصادية للمغرب عام 2003.

التفجير المقبل

وفي انتظار التنفيذ يرينا الفيلم، وفي شكل توثيقي تفصيلي، كل ما يمكن ان نتوق الى معرفته حول الإعداد التقني للعملية (وفي شكل لا يبتعد كثيراً مما كان هاني ابو أسعد قد صوّره في «الجنة الآن») كما يرينا بعض ضروب التردد، ولا سيما من قبل ياشين... غير انه وفي الطريق أخيراً الى مدينة الدار البيضاء قبل ساعات من تنفيذ العملية، يقدّم لنا ذلك المشهد المدهش الذي يظهر لنا الانتحاريين وهم في حافلة تنقلهم الى مكان التفجير: انهم يشاهدون المدينة للمرة الأولى في حياتهم. وهي بالنسبة اليهم – وكما تشي نظراتهم – عالم غريب عنهم تماماً... عالم ليس لهم. لا يعرفونه ولا يعرفهم. هم «مواطنون» من مكان آخر تماماً. من سيدي عبد المؤمن... ولربما تشي نظراتهم هنا بشعور يقول لهم انهم هناك في بؤس ضاحيتهم تحديداً لأن المدينة ورفاهها وأناقتها وفسادها يغتذون من ذلك البؤس... ولعل نقطة قوة اخرى في الفيلم تكمن هنا: في ان هذا كله لا يقال إلا مواربة... ويقال مواربة أمام متفرج بات عليه اخيراً ان يطرح اسئلته لا ان يكتفي بإيراد أحكامه. ففي نهاية الأمر ليس «جياد الله هؤلاء» عشبة شيطانية تولد من اللامكان او من الإيديولوجيا فقط... بل هم بشر من لحم ودمّ... الفارق بينهم وبين البشر الآخرين – او لعله الجامع بين هؤلاء وأولئك – هو انهم جلادون وضحايا في الوقت نفسه.

والحال ان المتفرج ما إن يجد نفسه في الدقائق الأخيرة من الفيلم طارحاً على نفسه تصوّراً ولو أولياً لهذا الاقتراح، حتى تنتقل الكاميرا – في شكل أخّاذ ويحمل كل معانيه السينمائية والفكرية و«السياسية» على الأرجح – الى سيدي عبد المؤمن حيث شلة من صبيان لهم السن نفسها التي كانت لياشين وحميد ورفاقهما اول الفيلم، يلعبون الكرة فيما نشاهد في خلفية الصورة لقطة عامة لمدينة الدار البيضاء تتوسطها سحابة انفجار كبير... لعله التفجير الذي قام به الانتحاريون... او لعله انذار بالتفجير المقبل إذا لم...

الحياة اللندنية في

27/07/2012

 

ليلى حاتمي جوائز دولية وتهديدات ايرانية

كارلوفي فاري (تشيخيا) -فيكي حبيب 

لم تكد الممثلة الإيرانية الشابة ليلى حاتمي تحتفل بتتويجها أفضل ممثلة في مهرجان كارلوفي فاري التشيخي بعد سلسلة من النجاحات الدولية، حتى عاد الحديث في ايران عن حظر سفر الممثلات اللواتي يشاركن في مهرجانات دولية من دون ارتداء الحجاب. هذا ما كشفته صحيفة «التيلغراف» البريطانية نقلاً عن المدعي العام الإيراني غلام حسين محسن ايجي الذي، بعدما جدد موقف الدولة الإيرانية هذا، لم يسم اياً من الفنانات في جوابه على صحافي غمز من قناة ليلى حاتمي حين سأل في مؤتمر صحافي: لماذا تلاحق الشرطة الممثلات الايرانيات اللواتي يظهرن في الاحتفالات الدولية وهن يرتدينّ الحجاب؟ فكان ردّ محسن: «من من الممثلات عوقبت وهي ترتدي الحجاب خارج البلاد؟». وأضاف: «قلة من الناس منعوا من مغادرة ايران. علماً اننا كنا نعرف ان الممثلين كانوا يدعون الى الخارج تحت حجة نيل الجوائز، للإيقاع بهم وجرّهم الى بعض المواقف المغرضة. طبعاً الفنانون الذين يعبّرون عن مواقف ممنوعة يجب ان يمنعوا من مغادرة البلاد. وأولئك الذين يقعون ضحية مكائد من هذا النوع، لا بد بعد عودتهم من ان يمنعوا من المغادرة ثانية».

مراعاة للمجتمع الايراني

حاتمي التي راعت في ظهورها امام كاميرات كارلوفي فاري اخيراً خصوصية المجتمع الايراني، وأطلت على الجمهور من دون ماكياج وعلى رأسها منديل يغطي شعرها، انتُقدت صراحة من نائب رئيس الشرطة في ايران باهمان كارغار بعد ظهورها في مهرجان «كان» في الربيع الماضي، لأنها «صافحت الرجال». كما تناقلت الشاشات صورها وهي تضع ماكياجاً ظاهراً وعنقها بارزة. «اين هذا السلوك من ثورتنا؟»، تساءل نائب رئيس الشرطة بامتعاض، ما يُحيل الى السؤال: هل تلقى ليلى حاتمي المصير ذاته الذي واجهته ممثلات اخريات، مثل فاطمة معتمد اريا الممنوعة من مغادرة ايران لظهورها في مهرجانات دولية مكشوفة الرأس، هي المعروفة بنشاطها السياسي ودعمها الصريح للمرشح الرئاسي المعارض مير حسين موسوي؟ او هل تواجه مصير غولشيفتي فارهاني الممنوعة من العودة الى ايران، هي التي اعتبرتها «التيلغراف» الممثلة الايرانية الأبرز التي واجهت الحظر بعدما ظهرت في الفيلم الهوليوودي «متن الاكاذيب» مع ليوناردو دي كابريو شبه سافرة عام 2008، ما ادى الى منعها من السفر الى الخارج بعد عودتها الى ايران، قبل ان يسمح لها بمغادرة البلاد من جديد، فما كان منها الا ان اطلت في مجلة «لوفيغارو» الفرنسية عارية احتجاجاً على القيود الايرانية التي تُفرض على المرأة، ما حدا بالسلطات الايرانية الى اعلامها بأنها شخص غير مرغوب به في طهران؟

ولا شك في ان حظر سفر فنانات إيرانيات او منع اخريات من العودة الى الوطن، وجهان لعملة واحدة تؤرق أهل الفن في هذا البلد الذي جذبت سينماه أنظار الغرب وكسبت إعجابه واحترامه، واضعة ألف علامة استفهام واستفهام حول مصير صنّاعها، واي فن يمكنه ان يعيش في ظل القيود؟ من هنا، لا يعود غريباً ان يلحظ كل من راقب سلوك ليلى حاتمي في كارلوفي فاري، حذرها ويلتمس حرصها على عدم استفزاز حكومة بلادها... حتى شخصيتها لا تبدو من قماشة تلك الشخصيات المشاكسة المستفزة، إنما شخصية مسالمة لا تريد إلا الفن قوتاً، هي التي تشربت سحر هذا العالم منذ نعومة أظافرها بعدما ولدت لأبوين فنانين (المخرج الراحل علي حاتمي والممثلة زهرا حاتمي).

في كارلوفي فاري، وفي كل ظهور عام، كان منديل الرأس رفيق ليلى حاتمي... اما الماكياج الذي اثار حفيظة بعضهم خلال وجودها في «كان»، فتخلت عنه طواعية من دون ان تفقد شيئاً من جمال وجهها.

بدا واضحاً ان الممثلة الشابة لا تريد اي مجابهة تحرمها من ربوع الوطن او تسجنها داخل حدوده... ثم ان وجهها الطفولي ونعومتها الزائدة لا يضعانا امام ممثلة ثائرة... إنما ممثلة بالفطرة تؤمن بالفن... والفن فقط. ألم تتخل ليلى حاتمي عن دراستها الأكاديمية (درست هندسة الكهرباء لعامين في سويسرا ثم الأدب الفرنسي الحديث) لتمتهن التمثيل؟ وماذا عن دار العرض التي ورثتها عن أبيها وأدارتها بنجاح على رغم الظروف الصعبة التي تواجه السينما في طهران، أليس في إصرارها على عدم التفريط بها، شغف بالفن السابع؟

امام هذا الواقع، لا يعود منصفاً الحديث عن حظر قد يشمل ليلى حاتمي، خصوصاً انها تعيش في هذه الفترة أزهى مراحل مسيرتها الفنية. فهي ما إن عرفت النجاح منذ ادوارها الاولى حتى راحت تنهال عليها الجوائز، وتحديداً بعد جائزة أفضل ممثلة في مهرجان فجر السينمائي عن دورها في فيلم «ليلى». غير ان نجاحها في فيلم «انفصال نادر عن سمين» (للمخرج أصغر فرهادي) كان له مذاق آخر، إذ توّجها بجائزة الدب الذهبي في مهرجان برلين قبل ان ينال الفيلم اوسكار افضل فيلم اجنبي من اكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة في اميركا، وتنال هي جائزة أفضل ممثلة في بلادها، وصولاً الى جائزة جديدة في كارلوفي فاري عن احدث اعمالها «الخطوة الأخيرة».

إنصاف دولي

وإذا كان دور حاتمي في «انفصال» قد أطلقها على الساحة العالمية، فإن دورها الجديد وجائزتها في كارلوفي فاري، أكدا وضعها هذا، باعتراف النقاد الذين شاهدوا العرض الدولي الاول لـ «الخطوة الأخيرة» في كارلوفي فاري، علماً ان الفيلم نال جائزة الاتحاد الدولي للنقاد السينمائيين «فيبريسكي».

في هذا الفيلم الذي شاركت فيه حاتمي تحت إدارة زوجها علي مصفى، تجسد دور «ليلى» الممثلة الشابة التي يتوفى زوجها (يلعب دوره مصفى أيضاً الذي بدأ حياته المهنية ممثلاً قبل ان ينتقل الى الاخراج) نتيجة حادث غامض بعد ان يقع على عتبة منزله. لكنّ طيفه يظل حاضراً طوال الفيلم، فهو الراوي الذي يرافقنا طوال الشريط ليخبرنا بما حدث في ذلك اليوم المشؤوم. وفي كل مرة، يضيف عنصراً تشويقياً جديداً الى الحكاية، ليقلب القصة ويخلط الأوراق من جديد، ما يضع المشاهد امام أكثر من سيناريو.

ليلى حاتمي التي تقول دوماً إن مسيرتها الفنية بدأت وهي لا تزال بعد في بطن والدتها، الممثلة الإيرانية المعروفة زهرا حاتمي، وتفاخر بأنها تلقت دروساً في التمثيل في صغرها على يد والدها المخرج الشهير علي حاتمي خلال مرافقته الى استوديوات التصوير، تدرك صعوبة إبعادها عن هذه المهنة. ألم تعايش إرهاصات منع والدتها من مواصلة مهنتها بعد اندلاع الثورة الإسلامية لأنها «شاركت بأدوار خفيفة»؟ وهل كان سهلاً عليها ان ترى «نجمتها المفضلة» منصرفة الى شؤون المنزل من طبخ وغسيل وكيّ بعيداً من أحلامها الفنية؟

المهرجانات الدولية أنصفت ليلى حاتمي، فهل تُنصفها بلادها؟

الحياة اللندنية في

27/07/2012

 

سينما تواصل إثارة الشجن والبهجة والدهشة

القاهرة - حسين عبدالبصير 

يعتبر المخرج الراحل عاطف الطيب والذي نحتفل هنا بالذكرى 17 لرحيله، من أبرز مبدعي الثمانينات في السينما المصرية العريقة. وترجع أصول عاطف الطيب إلى صعيد مصر وتحديداً إلى جزيرة الشورانية مركز المراغة في محافظة سوهاج. لكنه تربى وعاش في حي بولاق الشعبي الشهير، فعرف ناس مصر الأصيلين عن قرب. وعشق الطيب السينما منذ الصغر فتخرج في المعهد العالي للسينما ثم عمل مساعداً لعدد من المخرجين المصريين الكبار أمثال شــــادي عبدالسلام ويوسف شاهين ولعدد مــن المخرجين العالمين كما أخـــــرج عدداً من الأفلام التسجيلية قبل أن يتحول إلى إخراج الأفلام الروائية الطويلـــــة، فأخرج أفلاماً عن أشياء كثيرة أعجبته وأثارته وكأن ذلك نابع من رغبة منه في إخراج أكبر عدد من الأفلام قبل أن يصل قطار عمره إلى محطته الأخيرة يوم 23 حزيران (يونيو) 1995، لم يكن أمامه خيار آخر: وفي ذلك اليوم راح عشاق السينما المصرية وتحديداً سينما عاطف الطيب ذات القيم النبيلة والكبيرة مثل صاحبها، يبكون بشدة على رحيله المبكر بعد عملية جراحية في القلب.

تمثل سينما الطيب في مواضيعها المعاني والقيم الصالحة في زمن الخسة والنذالة، هي التي راحت تحارب لصوص المال العام ورموز السلطة الفاسدة والمفسدة، وتتصارع مع الظلم والفساد الذي ينخر في المجتمع المصري ، وعلى الجانب الآخر تظهر أفلامه أصالة المصريين وأولاد البلد الحقيقيين.

فاجأ الجميع

من الواضح أن عاطف الطيب ذلك الصامت الهادئ فاجأ الجميع، خلال مساره المهنيّ بعدد كبير من الأفلام المهمة التي أثارت قضايا عدة تريد جيلاً من المخرجين الكبار كي يتصدوا لإخراجها في فترة زمنية طويلة. فقد بلغ عدد أفلامه الروائية الطويلة 21 فيلماً نفذها في عمره الفني القصير الذي لم يزد عن 15 سنة، فكأن عاطف الطيب كان ابن موت - كما يطلق أهله في الصعيد على النوابغ أمثاله - يصارع الموت كي ينتج كل هذا العدد الكبير من الأفلام، في صراع مع القدر الذي لم يمهله طويلاً واختطفه من بين أيدينا عن عمر يناهز الـ 47 عاماً في رقم مقارب للعام الذي ولد فيه عام 1947.

في أفلام الطيّب، تجسدت قيم النبل والضعف الإنساني وحب مصر والمصريين وأهمية البشر لأنهم بشر فحسب بصرف النظر عن ثرائهم أو مكانتهم الاجتماعية، والإحساس العميق بالمجتمع المصري وقضاياه المتشابكة والحب الكبير لملح الأرض أي فقراء مصر المطحونين. فكانت أفلاماً تتحدث عنا وعن زمننا. وفي طريقه، أعاد الطيب الشباب لتيار الواقعية في السينما المصرية وحفظه من الاندثار وأضاف لهذا التيار عدداً من العلامات المضيئة على جبين السينما المصرية لا يمكن نسيانها مثل أفلامه: «سواق الأتوبيس» (1983) و«الزمار» (1984) و«الحب فوق هضبة الهرم» (عن رواية نجيب محفوظ) و«البريء» (1986) و«الهروب» (1991) وأخيراً «جبر الخواطر» (1995) ذلك الفيلم الذي مات قبل أن يكمله عن رواية الراحل عبدالفتاح رزق.

وكان عاطف الطيب أثناء دراسته في المعهد العالي للسينما هادئاً وصموتاً جداً يجلس بالقرب من الشباك وينظر من خلاله ولا يلقى بالاً لشرح أستاذه كما كان يروي أستاذه رائد الواقعية المخرج صلاح أبو سيف ما جعل أبو سيف يظن أن الطيب ليس ميالاً كبيراً للفن السابع ولا ينتظر منه الشيء الكبير للسينما المصرية. غير أن الطيب «خيّب» ظن أستاذه وأخرج عدداً من الأفلام العلامات في تاريخ السينما المصرية والتي تعد امتداداً لواقعية أبو سيف الرائدة وجعلت من عاطف الطيب أبرز فرسان جيله.

وعلى رغم أن أفلام الطيب كلها مهمة، فإننــي أعتقد أن فيلمه «البريء» بما يقدمه من قضية حرية التعبير والقهر وتغييب الرأي المعارض للنظام يستحق منا وقفة تعد ضروية في مصر الآن. ويعرض هذا الفيلم بمنتهى الصدق والصراحة ما يحدث للمعتقلين داخل المعتقلات المصرية. وعلى رغم أنه لم يشر إلى زمن محدد في محاولة للتغلب على الرقابة الصارمة التي تغالط نفسها وتنكر حقيقة ما يحدث، كانت كل الإشارات واضحة كسطوع الشمس في وضح النهار. وكان الفيلم أشبه بالنبوءة. فبعد مدة غير طويلة على إنتاجه خرجت قوات الأمن المركزى في شوارع القاهرة ثائرة لوعيها المغيّب مقتصة لحريتها وإرادتها المسلوبة على طريقتها الخاصة في التعبير عن الغضب بتدمير كل شيء يقف في طريقها.

وأخيراً رحم الله عاطف الطيب جزاء ما أمتعنا به من علامات سينمائية على طريق الحق والحرية والجمال والعدالة والوطنية وعوضنا عنه خيراً.

الحياة اللندنية في

27/07/2012

 

3 على الطريق و «القاهري» ينتظر

القاهرة – نيرمين سامي 

بين صعود نجم التيار الإسلامي في مصر عقب ثورة يناير، وفوز محمد مرسي بلقب رئيس مصر، لم يخف صنّاع السينما في مصر قلقهم وتخوفاتهم من فرض رقابة على حرية الإبداع وتقليص عدد المهرجانات السينمائية التي تحتضنها أم الدنيا. لكن هذه المخاوف تبددت إلى حد ما، خصوصاً بعدما نظمت وزارة الثقافة المصرية مهرجان الأقصر للسينما الإفريقية في شباط (فبراير) الماضي، ثم مهرجان الإسماعيلية الدولي للأفلام التسجيلية والقصيرة بمشاركة 40 دولة وأكثر من مئة فيلم وندوات وورش عمل، ليتبقى على جدول الوزارة تنظيم ثلاثة مهرجانات أخرى خلال الأشهر المقبلة، أولها مهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط، ثم مهرجان الغردقة للسينما الآسيوية، ومهرجان السينما المصرية- الأوروبية في الأقصر. وفي المقابل، لم يتقرر في شكل نهائي مصير مهرجان القاهرة الدولي.

وتشارك مصر للمرة الأولى في الدورة 28 لمهرجان الإسكندرية، الذي يقام خلال الفترة من 12 إلى 19 أيلول (سبتمبر) المقبل برئاسة الدكتور وليد سيف، بفيلمين داخل المسابقة، حيث يشهد المهرجان مشاركة 16 دولة من دول البحر المتوسط بـ18 فيلماً في المسابقة الرسمية تمثل غالبية الدول المتوسطية المنتجة للسينما. فتشارك تركيا بفيلمين، الأول «لا تنسيني يا إسطنبول» وهو أشبه بمقاطع من قصيدة عشق في حب المدينة الجميلة. أما الثاني فعنوانه «الثعبان» وهو تجربة شديدة الندرة والأهمية في مجال الصورة والشخصية، وهو فيلم تدور أحداثه في بيئة مميزة وأجواء مختلفة وعبر دراما شديدة الإحكام وعميقة التأثير.

ومن فرنسا يأتي فيلم «على الشاطئ» وهو بسايكودراما تدور في إطار تشويقي حول شرطي كبير يمر بحالة من عدم التوازن والإحباط، يسعى للحصول على إجازة مرضية ويهجر امرأته ويهيم على وجهه... وتبدأ الأحداث الفعلية حين يتأكد من موت امرأة في شرفتها بملابس السباحة، ويقوم بالإبلاغ عنها بزعم أنه يعرفها... فهل يريد أن يكشف عن أسرار مقتلها أم أنه يعرفها بالفعل وهي سبب مأساته؟ لن نتأكد إلا في المشهد الأخير الرائع الذي يقفز فيه الى البحر خلف رماد جسدها ليشعر بملمسها وإحساسه بذراتها وهي تتغلغل في كيانه وكأنه يراقصها... فهل كان هو بالفعل من يذوب في أحضانها على الشاطئ؟

مشاركات مغربية

وتنافس المغرب بقوة أيضاً عبر «أندرومان من دم وفحم» من إخراج عز العرب العلوي، وهو عن فتاة تعيش في ملابس الرجال بأمر والدها الذي تعاني من قسوته حين يلمح منها أي مظهر أنثوي... تتكشف الحقيقة على مهل وتتضح المأساة بأسلوب درامي بليغ. ولدى الجار الجزائري أيضاً فيلم شديد الرهافة والإنسانية بعنوان «قداش تحبني؟» للمخرجة فاطمة الزهراء زموم، وهو عنوان باللهجة الجزائرية يعني «كم تحبني؟». والفيلم عن ذكريات صبي خلال فترة انفصال الأم عن الأب وإقامته مع جدّه وجدّته، حيث لقاء بين عالمين يفصلهما الزمن ولكن يجمعهما التعاطف والحب. أما فيلم «العدو» فهو من روائع الإنتاج المشترك بين كرواتيا والبوسنة وصربيا، وهو يدور في أجواء ما بعد الهدنة وآثار الحرب من قلب المواقع العسكرية وفرق الكشف عن الألغام وتقسيم الحدود. تتجلى من خلاله صور مدهشة للحياة والمشاعر الإنسانية على رغم الأجواء العسكرية... وهو يتميز بصورة سينمائية رائعة ولغة فيلمية متقدمة وأداء تمثيلي حي ومتمكن. وينتمي فيلم «الصمت المتجمد» الإسباني الى الأعمال الكبيرة بكل ما تعنيه الكلمة إنتاجيّاً وفكريّاً. وأحداثه تعود إلى عام 1943 حيث الجنرال فرانكو يبعث فرقة عسكرية إلى روسيا مهمتها مساعدة هتلر في القضاء على الشيوعية، ولكن الجيش الأحمر يتصدى في عناد ومقاومة مستمرة.

الى هذا، تقيم جمعية بيت السينما برئاسة الناقد السينمائي الأمير أباظة خلال الفترة من 24 إلى 30 أكتوبر المقبل مهرجان الغردقة للسينما الآسيوية، حيث سيعرض 6 أفلام للمخرج الياباني الراحل كوروساوا ضمن فعاليات المهرجان في برنامج خاص تنظمه إدارة المهرجان بالتعاون مع مؤسسة اليابان في القاهرة. وأوضح مدير المهرجان محمد قناوي، أن قائمة الأفلام جميعها مأخوذة عن روايات عالمية. وهي تضم «عرش الدماء» المأخوذة عن رواية «ماكبث» شكسبير، و«درسو أوزالا» عن نصّ للروسي فلاديمير ارسينيف، و«الأبله» لدوستويفسكي و«الحضيض» لمكسيم غوركي، و«ران» المأخوذة عن رواية «الملك لير» لشكسبير، وأخيراً فيلم «أحلام» المأخوذ عن «سوناتا شكسبير». وأوضح رئيس المهرجان شريف جاد أن هذا المهرجان هو أول مهرجان يقام في مصر للسينما الآسيوية، وتتشارك في فعالياته حوالى 17 دولة و50 فيلماً روائياً قصيراً... وسيتم خلاله تكريم مجموعة من الفنانين المصريين والآسيويين، ويتم عرض 15 فيلماً من كل الدول الآسيوية.

ومن ناحيته، يقام مهرجان السينما المصرية- الأوروبية في محافظة الأقصر في الفترة من 17 إلى 22 (أيلول) سبتمبر المقبل، وستحل بريطانيا ضيف شرف المهرجان، وستتم دعوة الكثير من الفنانين المصريين والأوروبيين ومنهم الفنان العالمي عمر الشريف للاحتفال بمرور 60 عاماً على عرض فيلم «صراع في النيل» الذي تم تصويره في الأقصر. كما تم توجيه الدعوة الى الفنان محمد منير لإحياء حفل الختام، فضلاً عن الكثير من الفرق الفنية العالمية ونماذج مصرية مشرفة، قدمت نجاحات عالمية في مجالات فنية مختلفة.

... ومهرجان القاهرة؟

من جهة أخرى، ينتظر كثيرون من السينمائيين والمهتمين بالمهرجانات الفنية حلاً لأزمة مهرجان القاهرة السينمائي، عقب الحكم لصالح رئيس جمعية كتاب ونقاد السينما ممدوح الليثي ضد وزارة الثقافة، ممثلة بالمركز القومي للسينما، بعد إعطاء الأخيرة حق تنظيم المهرجان لجمعية «مهرجان القاهرة» التي يرأسها يوسف شريف رزق الله، حيث قضت بوقف تنفيذ قرار الوزارة، وألزمت المحكمة وزارة الثقافة بإعادة الإعلان عن إسناد إدارة المهرجان بين الجمعيات المتخصصة، وفقاً لشروط ومعايير شفافة. ويأتي الانتظار عقب الوعود المطمئنة التي أطلقها المخرج مجدي أحمد على، رئيس المركز القومي للسينما للسينمائيين والإعلاميين، وتأكيده أن المهرجان سيقام في موعده هذا العام، ولن يسمح بتأجيله مهما كلفه الأمر، وذلك حفاظاً على سمعة مصر ومهرجانها السينمائي الدولي، وخوفاً من إلغاء صفته الدولية، لأن «أي تأجيل للمهرجان سيؤدي إلى خروجه من مجموعة المهرجانات السينمائية الدولية، خصوصاً أنه تم تأجيله العام الماضي بسبب الأحداث التي شهدتها مصر عقب ثورة 25 يناير». وردّ رئيس المركز القومي للسينما خلال مؤتمر صحافي على قرار القضاء الإداري، الذي يعتبر أن جمعية مهرجان القاهرة السينمائي ليست مشهرة، مؤكداً أن موقف الجمعية القانوني سليم، وأن الجمعية مشهرة وقانونية، وكانت هناك معايير وضعت بدقة وموضوعية شديدة لاختيار أفرادها، وتم الاختيار بقرار من مجلس الإدارة المكون من 9 أفراد، وأن هناك إعلاناً تم نشره لتقديم طلبات تنظيم المهرجان.

ويبقــي السؤال، هل سيدوم الحال خلال السنـــوات المقبلة أم أن دوام الحال من المحال؟

الحياة اللندنية في

27/07/2012

 

نجاحات الأفراد متى تنعكس إيجاباً على الوطن الأم؟

باريس – مبارك حسني 

إنهم يحتلون الشاشات الفرنسية أكثــــر فأكثر وذلك على خطى وغرار الممثــــل والمخرج رشدي زم الذي يختال هذه الأيام في ملصق فيلم «الأيادي المسلحة» الذي بدأ عرضه منذ أيـــام في جل قاعات السينما الباريسية كــــما في قاعات المدن الفرنسية الكبرى الأخرى. وبالتالي فأمر «اختراق» زم للشاشة الفرنسية أصبح حقيقة حقيقية. لكنه ليس الوحيــــد في هذه الحالة. إذ ها هــــو الممثـــل المغربي الآخر القادم من الدار البيضاء جاد المالح يختال بدوره في ملصق شريط «السعادة لا تأتي مفـــردة « والذي يعرض في الوقت ذاته في جلّ القاعات. وهذا وغيره يجعل ظهور هؤلاء الفرنسيين ذوي الأصول المغربية ظاهرة سينمائية تستحق الانتباه. ظاهرة تمتزج فيها الأنواع السينمائية، من سينما الجمهور العريض إلى سينما المؤلف أو السينما الفنية على الأقل، خصوصاً حين يتعلق الأمر بتناول موضوع مغربي. وبالنسبة لهذا المعطى يتكاثف ظهورهم السينمائي ويتضاعف، لكن هل يُنجز في الاتجاه المرجو والمأمول، أي الإيجابي مغربياً؟

هنا، لا بد من القول بأن هؤلاء السينمائيين هم فرنسيون بالدرجة الأولى، من حيث الإقامة كما من حيث التكوين الفني والسينمائي الذي تلقوه وهو بالضرورة فرنسي شكلاً ومضموناً. أما أصولهم المغربية فهي من جهة الآباء أو من جهة كونهم قضوا السنين الأولى من الطفولة في المغرب. لكن هذا الأصل فتح لهم حقولاً سينمائية أرحب وأوسع. النتيجة في المحصلة هي إنتاج عديد أفلام في شكل متزايد، بجنسيات فرنسية، مغربية أو ذات الإنتاج المشترك من الضفتين في الغالب الأعم. وهذه الحالة اضطرت بعضهم للاستقرار في جهتي البحر الأبيض المتوسط للاستفادة أكثر.

انعكاس على الداخل

لكن الأهم، هو معرفة طبيعة هذه السينما المنتجة، بل وبأي قدر ساعدت وتساعد المغرب، وكيف تستفيد منها السينما الوطنية المغربية. لأنه من البديهي أن السينما الفرنسية بتاريخها الكبير وقدرها الجميل لا يضيف لها الأصل المغربي لهؤلاء السينمائيين الكثير من جهة العدد، فعشرون فيلماً مثلاً، أو أقل أو أكثر، لا تغير من الرقم المنتج سنوياً، سواء كممثلين أو كمخرجين. وكل هذا لا يغير طبيعة السينما المستقبلية إلا بما قد يقدمه الرافد المغربي كوجهة نظر جديدة ومغايرة تروم تغيير العقليات أو تلطيفها تجاه كل ما هو مهاجر أو عربي أو إسلامي. هذا إن توخت ذلك حقاً في منطلق مشاركتهم. وفعلاً فأن يحتل شخص أسمر جلّ ملصق فيلم بوليسي فرنسي هو تغيّر هام يبين تململ وتغير العقليات والقبول الجماهيري والشعبي العام. فرشدي زم وجاد المالح وجمال الدبوز صاروا من أشهر الصور السينمائية العامة. وقد أدخلوا نوعاً من التشخيص ومن التفكه ومن اللمحات الفنية في مسرح الشاشة الكبيرة. بل أضافوا إلى القاموس الفرنسي مفردات عربية وتعابير ومحتوى مغربيين خاصين.

من هذه الناحية يمكن أن نقول إنهم خدموا البلد الأصلي، ومكنوا من ترويج اسمه وإشاعة بعض من ثقافته وعاداته وقيمه وخصوصياته، وليس فقط ما يعتمل في مجتمعه من وقائع سلبية أو من أحداث يتم التطرق إليها بحياد كبير وأملس كما كان سائداً أحياناً من قبل عندما يتطلب حدث وطني كبير ذلك. إلا أن هذا لا يكفي. فالواجب أنه يتطلب المساهمة في الحراك والنقاش الكبير الذي يعيشه البلد بالتركيز على السبل التي تجعله ينخرط أكثر في الحداثة وفي الديموقراطية وذلك بمناصرة القوى الحية، الشعبية والنخبوية معاً. المغرب ليس فيه فقط مراكش وجمالها، والجنوب وألقه المتفرد، والغرائبية المتميزة، على رغم أهمية كل هذا وضرورة الحديث عنه. الغنى المغربي الثقافي ليس فقط مناظر وتراثاً وتاريخاً، بل هو أيضاً إبداع محلي يومي ومستمر. في كل المناحي، من السياسي والاقتصادي حتى الفكري والأدبي.

عمق مطلوب

مناسبة هذا التحديد الأخير أملته ملاحظة أن انخراط سينمائيي فرنسا المغاربة الأصل، ليس بالعمق المفروض وبالصيغة الواجبة، بخاصة من طرف المخرجين سواء المكرسين أو الجدد. نعم، أفلامهم تتطرق إلى الإنسان المغربي (الأمازيغي، العربي، المسلم، اليهودي..) من خلال قضايا الهجرة ومشاكلها، والتاريخ المشترك المؤسس على سنوات الحماية القاسية ثم سنوات العلاقة المتينة التي تحاول أن تكون متكافئة من دون نتائج كبيرة، كما من خلال قوة حضور العادات الأصلية والديانة في شكلها التقليدي الجامع أو شكلها المُسيس في أوساط مغاربة فرنسا. وهو ما رأيناه منذ سنوات في أفلام لإسماعيل فروخي، وسعاد البوحاطي، ونبيل عيوش، ورشدي زم، وحسن لكزولي، وحسن العلوي، وزكية الطاهري، ومريم بكير، وغيرهم. كلهم يختارون مواضيع مغربية بحتة تثير الجدل، غرائبية أحياناً، لكن من دون انخراط فكري عميق وواضح. هي مواضيع جديدة، في صور بليغة، لكن في الغالب عامة الطرح.

ونتطرق إلى الفكرة ونحن نستحضر المساهمة المالية التي تقدمها الدولة المغربية عبر صندوق الدعم السينمائي فــي شخص المركز السينمائي المغربي. فالهدف هو الاستفادة منهم ومن خبراتهم ومميزات موطن إقامتهم للمساعدة في خلق «الفيلم المغربي» الذي يساهم في التفكير العام، أو يؤثر بعمق، أو يحرك شبابيك التذاكر ويجعل القاعات تبرمج أفلامهم لفترات أطول في فرنسا بالتحديد. هو حلم كبير لكنه غير متعذر التحقق ما دامت أفلام إيرانية حديثة استطاعت تحقيقه بنجاح منقطع النظير. ولم لا وباستطاعتهم الحصول على الدعم الفرنسي من المنتجين الفرنسيين بما أنهم أبناء البلد.

حيــن ظهورهم قبل عقدين تقريباً، أضــاف سينمائيو فرنسا ذوو الأصول المغـــربية نفساً جديداً للفن السابع، لكننا نشقى كي نعثر على المغرب الذي نـــــريد ممثلاً في أفلامهم. المغربي الشعبي، الثقافي الإبداعي، الحي بأفكاره وتمـــــــوجات قواه. ذاك المغرب الذي يكافح من أجل دخول العصر من بابه الصحيح، باب الخلق ويساهم من أجله بعـــــض أفضل المبدعين المقيمين في البلد أحياناً في ظروف إبداع غير مساعدة. وهنا، على مخرجي الضفة الأخرى عدم الاكتفاء بالاستفادة والعلاقات والقدوم من باريس لتقديم الفيلم والظهور في الإعلام المتعدد هنا وهنـــاك ثم الذهاب. بل يجب أن يلتقوا المبــــدعيــن، ويلتقطوا إشارات الدينامية المجتمعية، وينخرطوا في النقاش ويساهموا فيه، وذلك بهدف إبداع أفلام يحضر المغرب الحديث، مغرب الآن.

الحياة اللندنية في

27/07/2012

 

كتاب - «القتلة بين همنغواي وتاركوفسكي» لأمل الجمل

القاهرة – «الحياة» 

على رغم أن قصة «القتلة» للكاتب الأميركي إرنست همنغواي تم تحويلها إلى السينما مرتين إحداهما عام 1946، والثانية عام 1964 فإن الباحثة والناقدة السينمائية أمل الجمل في كتابها الجديد «القتلة بين همنغواي وتاركوفسكي» ترى أن الفيلم الروائي القصير الذي وقعه أندريه تاركوفسكي عام 1956 والمقتبس عن ذات القصة يظل هو التجربة الأهم «لأنه حافظ على روح القصة وجوهرها حتى أنه يكاد يتفوق على قصة همنغواي ذاتها».

صدر كتاب أمل الجمل عن دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة، ويقع في خمسة فصول تبلغ 176 صفحة من القطع المتوسط. تتناول فيه الباحثة بالشرح والتحليل قصة «القتلة» التي كتبها إرنست همنغواي عام 1927 والتي كانت أولى قصصه الناضجة التي تنشر في مجلة دورية بعد بداية غير موفقة في كتابة القصة القصيرة، وقد حصل مقابلها على أجر قيمته 200 دولار. ثم تتناول بالدراسة والمقارنة الشريط الفيلمي القصير المقتبس عنها للمخرج أندريه تاركوفسكي، والذي أخرجه بمساعدة رفيقه في معهد السينما ألكسندر غوردون تحت إشراف أستاذه المخرج ميخائيل رومان. كان الفيلم هو أول مشروع تدريبي لتاركوفسكي أثناء الدراسة. مدته 19 دقيقة مقسمة إلى ثلاثة مشاهد، أخرج منها تاركوفسكي مشهدين مدتهما 17.

تسعى أمل الجمل، في كتابها الجديد، عبر المقارنة المتأنية إلى إبراز الأصول المشتركة أو القرابة التكوينية بين الوسيطين الأدبي والسينمائي، وتحديد العلاقة بين القصة والفيلم المأخوذ عنها، ما هي التناصات والاقتباسات، وأثناء ذلك ترصد الفروق والاختزالات، تُضيء جوانب للتشابه وأخرى للاختلاف. و تُؤكد الباحثة أن استخدام المقارنة بين القصة والفيلم المقتبس عنها لا يعني تفضيل أحدهما على الآخر، فكل منهما جنس مختلف من الفنون، قائم بذاته، له أبعاد جمالية وفكرية متفاوتة. لكنها لجأت إلى المقارنة لتمس جوهر التجربتين، لتكتشف ما بينهما من تناص وجذور مشتركة، وما بينهما من تماثل أو تباين وعلاقة تأثيرية تبادلية. ثم تختتم الدراسة بإطلالة على كل من شخصيتي الكاتب والمخرج وإنتاجهما وأعمالهما، إلى جانب ترجمة قصة همنغواي، وتفريغ لديكوباج الفيلم الروائي القصير حتى يتمكن القارئ من المقارنة بنفسه لو رغب بذلك.

الحياة اللندنية في

27/07/2012

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)