حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

المخرج إبراهيم البطوط:

لا أستطيع العمل مع نجوم شباك التذاكر

كتب: القاهرة – هند موسى

 

أحد رواد السينما المستقلة في مصر، قدم الكثير من الأفلام التسجيلية الطويلة والقصيرة، لكن انطلاقته الحقيقية كانت في فيلم «إيثاكي» ثم «عين شمس» الذي حقق نجاحاً في مهرجانات عدة. هو المخرج إبراهيم البطوط الذي حصد جائزة الإخراج عن فيلمه «حاوي» من مهرجان المركز الكاثوليكي في دورته الأخيرة.

·        كيف تصف شعورك بعد نيلك جائزة الإخراج عن فيلم «حاوي» من مهرجان المركز الكاثوليكي؟

سعيد جداً بهذا المهرجان، وشعرت بالفخر عندما تعرفت إلى الأفلام التي شاركت فيه، لأنها أثبتت امتلاكنا حرية وشجاعة أكبر من السنوات الماضية.

بالنسبة إليَّ، لم أعلم بحصولي على جائزة أحسن إخراج وأحسن موسيقى تصويرية إلا في اليوم السابق للختام، وقد سعدت جداً بذلك.

·        كيف جاءت لك فكرة الفيلم؟

الفكرة مستوحاة من أغنية «حاوي» لفرقة مسار إجباري، فعندما سمعتها أذهلتني وأعجبتني إلى حد أنني قررت كتابة قصة مناسبة عليها عن مجموعة من الشباب المقيمين في الإسكندرية يواجههم بعض المشكلات، وفي إشارة النهاية وضعت الأغنية.

·        لماذا كان الحوار في الفيلم ارتجالياً؟

أنا من معجبي ومؤيدي مدرسة الارتجال، حيث أوضح لكل ممثل المطلوب منه في المشهد قبل التصوير بربع ساعة وأتركه ليقول ما يأتي في خاطره، فيخرج حديثه حراً وتلقائياً.

·        هل تواجه صعوبة في ذلك؟

أرى أن وظيفتي كمخرج هي تهيئة المناخ المناسب لكل العاملين في الفيلم أمام الكاميرا وخلفها ليقدموا أفضل ما لديهم. بالتالي، لا أواجه أية صعوبة، لأن الاهتمام متبادل بيننا.

·        لكن عاب البعض الإسهاب في الحوار بين الأبطال؟

لا أتفق معهم فالحوار طبيعي وردوده منطقية، ولكن لأننا في مصر تعودنا على أسلوب أفلام وطريقة تمثيل وإلقاء واحدة لم تتغير منذ عقود طويلة. شعر بعض المشاهدين بذلك، على رغم أننا قد بذلنا مجهودا كبيراً ليخرج الأداء بسيطاً وواقعياً.

·        لاحظت عدم وجود أي ابتسامة داخل أحداث الفيلم، هل كان ذلك مقصوداً؟

كان مقصوداً وغير مقصود في الوقت نفسه؛ فالتصوير بدأ في نوفمبر 2009 وانتهى في أكتوبر 2010، وفي هذه الفترة كانت الأحاديث كثيرة عن موضوع توريث السلطة، وكانت حالتنا النفسية سيئة، ما جعل الفيلم يبدو في صورة كئيبة.

·        لماذا الصمت المبالغ فيه في بعض المشاهد؟

كي يستوعب الجمهور الحدث، خصوصاً إذا كان مفاجأة له.

·        ما تفسيرك عن عدم تحقيق «حاوي» أي إيرادات؟

عُرض الفيلم في يوليو 2011 وكان الناس منشغلين بالسياسة والأحداث الجارية في البلد، ما انعكس على إيرادات السينما عموماً وليس حاوي فقط، غير أنه لا يمكنني إنكار أن الفيلم لم يشهد إقبالاً جماهيرياً يذكر بسبب اتهامه من البعض بأنه يحتوي على فلسفة زائدة.

·        حدثنا عن «الشتا اللي فات»؟

فيلم سينمائي روائي طويل يعرض لمواقف ومشكلات يمر بها ثلاثة شباب خلال ثورة 25 يناير. وسيختلف عن أفلامي السابقة في كونه جماهيرياً إلى حد كبير لأن بطليه نجمان وهما عمرو واكد وفرح يوسف إلى جانب الوجه الجديد صلاح الحنفي، ما يجعلني أتوقع نجاحه. أما الإنتاج فمشترك بين شركتي والفنان عمرو واكد.

·        ومتى سيتم عرضه؟

انتهينا أخيراً من تصويره ومونتاجه، وهو جاهز للعرض السينمائي في نهاية هذا العام.

·        غالبية أعمالك مع وجوه جديدة، هل هذا توفير للميزانية؟

لا أعمل وفقاً لميزانية محددة بل مفتوحة لأنني أحب اختيار كل شيء حسب ما أراه مناسباً، وبناء عليه فإن استعانتي بهذه الوجوه ليس توفيراً للميزانية مطلقاً بل لأنها الأنسب للفيلم.

·        لماذا لا تتعاون مع نجوم شباك التذاكر؟

لا أستطيع العمل مع هؤلاء النجوم، أمثال كريم عبد العزيز وأحمد السقا، لأن لديهم الكثير من الأعمال التي يقومون بها ووقتهم دائماً مزدحم، على عكس الهواة الذين يعطونني وقتهم وجهدهم لأخرج أفضل ما لديهم، ما ينعكس على الإبداع الذي تكون مساحته أكبر.

·        مع من قد تستعين من النجوم الشباب في أفلامك؟

عمرو واكد وهند صبري وباسم سمرة، أو كل شخص مستعد لإعطاء طاقته ووقته للعمل.

·        باعتبارك أحد العاملين في السينما المستقلة، ما أبرز مشكلاتها؟

المشكلة الأساسية مادية ومرتبطة بالفكر السائد بأن الأفلام المستقلة أو أفلام المهرجانات لن تحقق مشاهدة جماهيرية عند عرضها في دور السينما. بالتالي، لن تجلب إيرادات كافية لتعويض ما أنفق عليها، على رغم أن معظمها عندما عرض على شاشة التلفزيون حقق نجاحاً كبيراً.

·        وهل هذه مهمة المنتجين والموزعين؟

لا اعتقد ذلك؛ فكثير من الأفلام لم يتم عمل الدعاية الكافية لها ونجحت في تحقيق عائدات مالية مرتفعة، الأمر يتعلق بوعي الناس بها.

·        وما وجه الاختلاف بين السينما المستقلة والسينما التجارية؟

الأولى يملك روادها روح المغامرة وصناعتها عموماً ممتعة، فيما السينما التجرية موجهة.

·        وكيف ترى السينما الآن؟

أرى أن ثمة تنوعاً كبيراً في الأفلام المعروضة بين مستقلة وشبابية وتجارية، وهذه ظاهرة صحية مطمئنة على مستقبل صناعة السينما.

·        كيف ترى الرقابة على الفن في ظل صعود التيارات الدينية؟

أرفضها تماماً، فليس معنى استحواذ هذه التيارات على رضا عدد كبير من الموطنين أن تمنع أفلاماً معينة، فضلاً عن أن الرقابة الأفضل في نظري هي المقبلة من المشاهد نفسه لا من المراقب الذي يمنع ويبيح وفق حسابات خاصة به.

الجريدة الكويتية في

15/06/2012

 

القراءة الثانية للدورة الخامسة والستين

العرب في مهرجان «كان» 2012 : عام استثنائي لتجاوز الهامش

هيام عباس مع لجنة التحكيم

عبدالستار ناجي 

تمثل الدورة الاخيرة لمهرجان «كان» السينمائي الدولي حالة استثنائية في معادلات الحضور العربي في التظاهرات الرسمية لهذا الملتقى السينمائي الاهم، بعد سنوات ولربما عقود من الحضور الهامشي، الذي لا يتجاوز التسكع في بوليفار «لكروازيت» ان التصوير المفرغ من المضامين على البساط الاحمر، والعمل على توزيع تلك الصور على اكبر عدد من الصحف العربية رغم ان اصحابها بالكاد تتذكرهم مقاهي كان وليس صالات العرض التي تظل تزدحم بالعروض والنقاد على مدى الاربع والعشرين ساعة .

في هذا العام كنا امام حالة استثنائية، يعود الفضل الصريح بها الى المدير الفني للمهرجان «تيري فريمو» الذي فتح الباب على مصراعيه وكأنه يريد تأكيد معادلة الحضور وتوريط اهل السينما في العالم العربي لمزيد من الاشتغال واستثمار المناخ والمتغيرات الحقيقية التي راحت تحيط بصناعة السينما والفنون بشكل عام في العالم العربي .

في لجنة التحكيم الدولية التي ترأسها المخرج الايطالي «ناني موريتي الفائز بالسعفة الذهبية عن فيلمه «غرفة الابن» حضرت النجمة الفلسطينية العالمية «هيام عباس» وهو امر يشكل اعترافا بحرفية هذه الفنانة الانسانة المناضلة، التي راحت تؤكد حضورها عبر كم من النتاجات السينمائية العالية الجودة والحضور الدولي المقرون بقضيتها الاولى «فلسطين» وايضا بعدد بارز من الاسماء ومنهم «المخرج الكبير ستيفن سبيلبرغ» في فيلم «ميونيخ».

وفي مجال التحكيم ايضا هناك اسم النجمة الجزائرية الاصل «الفرنسية الجنسية» ليلى بختي والتي شاركت في عضوية لجنة تحكيم تظاهرة «نظرة ما» التي ترأسها النجم البريطاني تيم روث».

وايضا هنالك اسم السينمائية والمنتجة المصرية «ماريان خوري» في لجنة تحكيم «اسبوع النقاد الدوليين» وهي بالمناسبة ابنة اخت المخرج الراحل يوسف شاهين، ولها العديد من الاعمال السينمائية التي انتجتها ومنها «سرقات صيفية» اول اعمال يسري نصرالله .

ومع هذا الاخير كان الحضور العربي في المسابقة الرسمية لمهرجان «كان» السينمائي الدولي في دورته الخامسة والستين من خلال فيلمه «بعد الموقعة» بطولة منة شلبي وباسم سمرة وناهد السباعي، والفيلم تناول احداثيات علاقة تجمع صبية من ثوار «ميدان التحرير» مع احد الفرسان الذين تورطوا في حادثة «الجمل» من سكان منطقة «نزلة السمان».

ورغم الحرفية العالية التي صاغ بها يسري نصرالله فيلمه الا ان العمل ظل ينقصه كثير من النضج على صعيد الخطاب السياسي خصوصا ان تفاعلات الثورة لاتزال تمور وتتحرك باتجهات عدة تتطلب معها نظرة موضوعية وتحليلية عميقة .

فى تظاهرة نظرة ما «قدم المخرج المغربي» الفرنسي «نبيل عيوش» فيلم «خيول الله» او «اولاد سيدي مؤمن» عن حكاية الشاب «ياشين» الذي يعيش في مدن الصفيح «سيدي مؤمن» التي تحيط بمدينة الدار البيضاء حيث الفقر والحاجة التي تضطر الكثير من الشباب للانخراط بالجريمة او التنظيمات الجهادية التي توصله التي القيام بعمليات ارهابية بعد ان يتم تجنيده وتوجيهه وسط اجواء من العنف الارعن .

بينما قدم المخرج الجزائري «مرزاق علواش» فيلمه الجديد «التائب» في تظاهرة «اسبوعا المخرجين» عن حكاية شاب يقرر التوبة عن العمل مع احدى الجمعيات الارهابية ولكنه يجد نفسه في ورطة بين رجال الشرطة الذين يريدون تجنيده من اجل تزويدهم بالمعلومات وبين مطاردة رفاقه وعزلته بين ابناء قريته .. ألم نفسي يورطه بكم آخر من الجرائم التي تكتب نهايته .

إذن نحن امام ثلاثة افلام في التظاهرات والاختيارات الرسمية، وايضا ثلاثة وجوه نسائية عربية في لجان التحكيم الرسمية فهل بعد ذلك من انجاز ما كان له ان يتحقق لولا انفتاحية «تيري فريمو» وايضا تلك القفزات التي تعيشها السينما العربية في هذه المرحلة من تاريخها الخصب بالذات اثر رياح الربيع العربي التي هبت على العديد من الدول العربية .

ضمن الحضور العربي، علينا ان نتوقف امام مجموعة من المشاركات العربية التي جاءت هنا او هناك من بينها حضور الفنانة الكويتية القديرة حياة الفهد التي عرض لها في سوق المهرجان وفي عرض خاص فيلم «صيف ساخن» مع المخرج والمطرب الاميركي والفيلم انتاج قطري اميركي مشترك. ورغم محدودية الدور الذي تقدمة حياة الفهد والذي لا يتجاوز «جملتين» في مشهد واحد في الفيلم الذي يتناول بتقنية جديدة عرض الفيلم من خلال «سبع شاشات» حيث تم بناء صالة خاصة على شكل هرم في منطقة «البالم بيش» في مدينة كان جنوب فرنسا وتم تقديم اربعة عروض في ليلة واحدة «سنأتي على عرض الفيلم لاحقا» لان الفيلم تمت برمجته للعرض رسميا وبحضور جميع نجومه في مهرجان «الدوحة تروبيكا» في اكتوبر من العام الحالي في الدوحة.

من التجارب التي وجدت حضورها في مهرجان «كان» ايضا حضور المخرج الكويتي الشاب «صادق بهبهاني» بفيلمه القصير «الصالحية» في تظاهرة «ركن الافلام القصيرة» وهي تظاهرة خاصة بالمخرجين الشباب وليست ضمن التظاهرات الرسمية للمهرجان بل لا انها تفتح الباب امام المواهب الشابة لمزيد من الحضور والاحتكاك ومزيد من فرص العمل والتعاون الفني المشترك.

على الهامش... وأمام اكبر الهامش هذا العام كان هناك كم من النجوم الذين كانوا يحضرون لسبب وفي احيان كثيرة بلا سبب، ومن الوجوه التي تعودنا مشاهدتها وحضورها كل عام تقريبا كان هناك الفنانون محمود عبدالعزيز ويسرا وليلى علوي والهام شاهين... ومن لبنان كان هناك الفنان راغب علامة والفنانة نجوى كرم وايضا المخرجة نادين لبكي التي حضرت من اجل الحضور بعد ان كان قد عرض لها في العام الماضى فيلم «وهلق لوين؟».

من الحضور الذي يتأكد ويتكررويظل فاعلا ونابضا بالعمل تأتي اسماء كل من مسعود امر الله وعبدالحميد جمعة ثنائي مهرجان دبي السينمائي الدولي. وايضا بيتر سكارليت وانتشال التميمي ثنائي مهرجان ابوظبي السينمائي الدولي، وايضا مجدى احمد علي «مدير المركز القومي للسينما ويوسف شريف رزق الله» مدير مهرجان القاهرة السينمائي وماجدة واصف المدير الفني للمهرجان وتتعدد الاسماء وان ظل الحضور الاخصب ايضا ذلك الذي يتمثل في العدد الاكبر من القنوات التلفزيونية والفضائيات العربية التي راحت ترصد هذا العرس السينمائي الذي احتفى هذا العام بالحضور العربي عبر كم من الافلام والاسماء ... ولا نعتقد شخصيا ان مثل هذه الدورة ستتكرر في القريب المنظور.

anaji_kuwait@hotmail.com

النهار الكويتية في

15/06/2012

 

 

المصرية في

15/06/2012

 

شجاع‏..‏ فاسد‏..‏ ظالم

صورة ضابط الشرطة في السينما علي مزاج السياسة

كتب:علا الشافعي 

يبدو أن صورة ضابط الشرطة في السينما ستظل متغيرة الي حد كبير‏,‏ فأحيانا نراها ناصعة في صعود وأحيانا أخري نجدها مخزية هابطة‏,‏ وذلك لأنها ترتبط دائما بالظرف العام أو المشهد السياسي والاجتماعي المتقلب بطبيعته‏.‏غالبا.

ما نجد نموذجا لصورة الضابط الشجاع, المقتحم الذي يقوم بمغامرات مثل شارلوك هولمز في بحثه عن الحقيقة, وأحيانا فارسا لأحلام الكثير من الفتيات, وكثيرا ما تكون شخصية الضابط ممنوع اللمس إلا في حدود معينة, وعندما تقدم فتكون شخصية شديدة الايجابية.

استمر ذلك الوضع إلي أن قدم النجم الراحل أحمد زكي نموذجا مغايرا تماما لضابط أمن الدولة في فيلمه زوجة رجل مهم وهو الفيلم الذي شكل تغييرا محوريا في تناول شخصية الضابط وحمل كشفا حقيقيا لنوعية معينة من ضباط الشرطة, واستمرت السينما مابين النموذجين الضابط الشريف المغوار والضابط المتسلط, وصولا إلي فيلم المصلحة والذي يعرض حاليا ومن بطولة النجمين أحمد السقا وأحمد عز, والذي يقدم من خلاله السقا نموذجا جديدا مزج بين الصورتين في وقت واحد,فهو الضابط الجريء والمقتحم, لكنه يفضل أن يأخذ حقه بيده رغم أن من المفترض أنه هو الرجل المنوط به تطبيق القانون.

الضابط فتي الأحلام

بدأت علاقة السينما بمهنة ضابط الشرطة من خلال الفنان أنور وجدي الذي قدم هذا الدور في أكثر من عمل سينمائي منها قلبي دليلي و ريا وسكينة وأربع بنات وضابط, وكانت هذه المعالجات تركز علي وسامة الضابط وقدرته علي جذب الأنظار, والتي تساوي تماما قدرته علي التخفي والتنكر, ودائما ما كان يقع في حب بطلة الفيلم مثلما حدث مع ليلي مراد في أنا قلبي دليلي, وظلت الشخصية شديدة النمطية, ولا تخلو من الكليشيهات, علي مستوي الشكل والأداء مثلما قدمه أيضا يوسف وهبي في فيلم حياة أو موت ويظل الفنان صلاح ذو الفقار حالة خاصة لكونه عمل ضابط شرطة بالفعل قبل احتراف التمثيل, وأشهر أدواره في السينما فيلم الرجل الثاني. مع رشدي أباظة ثم جاءت ثورة52 لتسمح بتناول مختلف للشرطة, حيث قدمت معالجات لضباط البوليس السياسي_ حسبما كان يسمي في هذا التوقيت_ وكانت تلك الإدارة تقوم بمتابعة الناشطين السياسيين, مثلما شاهدنا مثلا في فيلم في بيتنا رجل والمأخوذ عن رواية الأديب إحسان عبدالقدوس. كذلك حرص الفنان اسماعيل ياسين علي ضم الشرطة إلي سلسلته الشهيرة والتي قدمها في الخمسينيات للدعاية للجيش, وقدم فيلمه البوليس السري. وعادة ما كانت تصل الشرطة متأخرة إلي مكان الحدث وفي نهاية الأفلام إلا أن سرينة الشرطة كثيرا ما أصبحت مرادفا للنهاية السعيدة في الأفلام.

أمن الدولة

وبعيدا عن الشخصية النمطية لضابط الشرطة قدمت السينما المصرية أعمالا مهمة ركزت علي فساد بعض الضباط وتسلطهم ومن هذه الأعمال كما ذكرنا زوجة رجل مهم, من بطولة أحمد زكي وميرفت أمين, وإخراج محمد خان, وفيلم حافية علي جسر من الذهب والذي قدم من خلاله الفنان القدير عادل ادهم دور ضابط شديد الفساد ولا يفعل شئ سوي استغلال نفوذه ثم جاء فيلم اللعب مع الكبار; ليقدم النموذج الصالح من الضباط الذي جسده الفنان حسين فهمي والفيلم كان بطولة عادل إمام وإخراج شريف عرفة.

ثم توالت الأفلام التي تناولت شخصية ضابط أمن الدولة بعد ذلك ومن بينها فيلم الإرهاب وأيضا فيلم أمن دولة وأفلام أخري قدمت صورة قاتمة لضابط أمن الدولة السادي مثل فيلم عمارة يعقوبيان, وأيضا فيلمي تيتو والجزيرة حيث جسد دور الضابط الفاسد خالد صالح في تيتو في حين ان خالد الصاوي جسد دور ضابط امن الدولة الذي لا يهمه سوي مركزه حتي عن طريق عقد الصفقات مع المتهمين كما ظهرت بعض الأعمال الكوميدية التي تناولت ضباط أمن الدولة مثل أفلام بطل من ورق.

في المصلحة.. الضابط يأخذ حقه بيده

لا يستطيع أحد أن ينكر أن هناك جهدا حقيقيا بذله فريق عمل فيلم المصلحة والذي يقوم ببطولته السقا وأحمد عز وتأليف وائل عبدالله وإخراج ساندرا, وتدور أحداثه في عالم تجارة المخدرات والفيلم لاقي اتهامات كثيرة بأنه يجمل صورة ضابط الشرطة والداخلية خصوصا بعد انكسار هذا الجهاز الأمني بعد ثورة25 يناير, ويتأتي هذا الانطباع من حجم الإمكانات التي رصدتها وزارة الداخلية لتصوير الفيلم من معدات وقوات, وتركيز الفيلم في معالجته الدرامية علي مجهودات رجال الشرطة سواء في إدارة المباحث أو إدارة مكافحة المخدرات.. ورغم الجهد المبذول في الفيلم إلا أن المصلحة لا يخلو من العديد من المشاكل علي مستوي الصياغة الدرامية,وحبكة الفيلم التي شابها الكثير من القصور وما يتعلق أيضا برسم الشخصيات تحديدا الشخصيات النسائية والتي جاءت علي هامشية في تطور الأحداث وأيضا نمطية إلي حد كبير,لدرجة أن شخصية حمزة ضابط الشرطة والتي قدمها السقا لم تخلو أيضا من الكليشيه فهو شجاع جرئ مقدام لا يتردد في فعل أي شئ, فهو ضابط مباحث يطلب نقله إلي إدارة مكافحة المخدرات للثأر لشقيقه الضابط والذي قتل علي يد شقيق أحد كبارتجار المخدرات بسيناء سالم المسلمي- جسده أحمد عز-, ورغم أن حمزة أصبح ينتمي لإدارة مكافحة المخدرات إلا انه يطارد بعض أفراد العصابة في النيل علي لانش دون وجود المسطحات المائية, وبغض النظر عن تلك التفاصيل الصغيرة والتي تحمل اخطاء في الصياغة الدرامية.. إلا أن حمزة في نهاية الفيلم يفضل أن يأخذ ثأره الشخصي بيده ورغم أنه رجل قانون من المفترض أن يطبقه بعد أن قام بضبط العصابة متلبسة بشحنة المخدرات وضبط قاتل شقيقه إلا انه فضل وطبقا للسيناريو أن يحول القضية إلي ثأر شخصي ويجاور في النهاية تاجر المخدرات في قفص الاتهام.

الأهرام اليومي في

15/06/2012

 

"رسائل من إيران".. شهادات مخيفة وبشائر ثورة

قيس قاسم ـ السويد  

في فيلمه الوثائقي "حنين الى الضوء" يعزز مخرجه التشيلي باتريسيو غوزمن فكرة جوهرية تفيد بأن جرائم الفاشية والأنظمة الديكتاتورية لا تُنسى، وأن صمت الضحايا المؤقت والذي قد يبدو إستسلاماً وقبولاً بالهزيمة في لحظة ما، سرعان ما يتحول الى غضب ماحق يفزع جلاديهم. فالجنرال بينوشيه لم يخطر بباله يوماً، بعد انقلابه على حكومة ألليندي عام 1973 وتصفية مؤيديها من غالبية الشعب، أن ضحاياه سينهضون ثانية. لم يحسب أن الذاكرة والحفاظ عليها وعلى ديمومتها سيشكل له هذا العبء والخوف، قبل وبعد إدانته، فأمهات الضحايا مازلن يبحثن عن جثث أبنائهن في الصحراء التشيلية، فالناس لا تريد العيش من دون ذاكرة ولا تريد نسيان ما جرى دون معاقبة الجاني. الأمر نفسه يتكرر في التجربة الإيرانية، كما تُرينا المخرجة الفرنسية مانون لويزو في وثائقيها "رسائل من إيران". فأمهات ضحايا النظام مازلن، وبعد مرور أكثر من سنتين على قمع "الثورة الخضراء" يزرن المقابر وينظمن الاحتجاجات ويطالبن، بصوت مسموع رغم كل القمع، بالقصاص من قاتلي أولادهن.

"رسائل من إيران"، هي في حقيقتها شهادات شجاعة، سجلتها المخرجة مانون خلال وجودها هناك ولمدة عامين عقبتا ثورة 2009، لشخصيات إيرانية تعرضت للسجن والتعذيب أو ما زالت تقوم بدور تحريضي وتنظيمي سري ضد السلطة، وبدورها شكلت قوة تلك الشهادات نواة وثائقيها وعمادها الإسلوبي، الى جانب ما توفر عندها من تسجيلات أرشيفية سواء كانت منشورة على "اليوتيوب" أو أخرى شخصية أغلبيتها أُخذت بالتلفونات المحمولة وما زال أصحابها يحتفظون بها، تفضح تفاصيلها ممارسات رجال الشرطة وذراع الحرس الثوري المتين، مهم تنظيم "الباسنج" في قمع المحتجين، وتعذيب السجناء منهم، والتي تحاول السلطة الإيرانية وبكل ما أوتيت من قوة التكتم عليها ونفي أي وجود لحراك شعبي ضدها، غير أن ما نقله التسجيلي الذي صور بسرية تامة يكشف الكثير ويعطي صورة عن طبيعة الحراك الذي أخذ أشكالاً "محلية"، من بينها تحول المقابر الى مراكز تَجَمُع وَتنظيم لتحرك آخذ في الاتساع..

النساء يلعبن دوراً مهماً فيه لأسباب كثيرة؛ ربما حالة الأم الثكلى والشجاعة بارفين فهيمي تفسرها، فالسلطة تعجز رغم كل قمعها من منعها ومعها كل الثكالى من الذهاب الى المقابر والبكاء على أبنائهن، وترينا الكاميرا المخبأة كيف استغلت الذكري الثانية لوفاة ولدها زهراب لترفع صوتها عالياً ضد قتلته وتحرض النساء الأخريات على المطالبة، ودون كلل، بالقصاص من المتسببين في موت أحبائهن خلال مظاهرات عام 2009.

تفاصيل الشريط تكشف الكثير من الحقائق من بينها أن النساء شكلن جزءا من حركة منظمة، تلتزم السرية وتستغل كل مكان لنشر أفكارها والتحريض على الثورة ولكن دائما تحت يافطة المطالبة بالكشف عن القتلة. في المقابل يوفر اجتماعهن في أماكن خاصة بهن ضمانة نسبية لعدم كشف تحركهن، مثل صالونات الحلاقة والتجميل، الخاصة، ومن شهادات اللواتي التقت بهن المخرجة وكاتبة السيناريو، يتضح الميل الحاد لاستمرار الثورة وتغيير النظام على غرار الربيع العربي الذي كان له تأثير معنوي في الحراك الجاري، والمُعبر عنه بقوة في نشاط طلبة الجامعات الذين شكلوا رأس الحربة والقوة الأكثر اندفاعاً في مواجهة السلطة، وفي لقطات مأخوذة عن بعد يظهر فيها أحد الطلبة واقفاً خلف منصة وأمامه حشد من زملاء له يستمعون الى ما يقدمه من براهين على الدور الذي تقوم به قوات "الباسنج" في تعذيب الطلبة والتحقيق معهم وكيف تم تسجيلهم زوراً كطلاب في الكليات والمعاهد وهم عنها بعيدون كل البعد. والحقيقة التي يكشفها الوثائقي تبين حجم التضحية المقدمة من قبل الطلبة كونهم وبمجرد التحقيق معهم يُمنعون من دخول الجامعة ويُفصلون منها هذا إذا لم يدخلوا السجن.

ما يعطي مصداقية لشغل مانون، أن الكثير من الذين التقتهم تعرضوا بعد أسابيع من تصويرهم الى الخطف أو السجن، كالسيدة التي سجلت كلمتها في المجلس البلدي، وطالبت فيها بمعرفة الحقائق المحيطة بمقتل ابنها ثم اختفت بعد أيام على التسجيل، لهذا ذهب الوثائقي إلى توثيق تجارب المعتقلين في الزنزانات الإيرانية الرهيبة والتي تثير في النفس الخوف والهلع، تسريب معلومات عن عوالمها الرهيبة يعرض مسربها الى الموت، وشهادة الطبيب الخاص بسجن كاهريزاك، رامين بوراندارجاني مثالاً، فبعد شهادته أمام البرلمان الإيراني عن الظروف المخيفة التي يعيشها السجناء هناك ورفضه المشاركة في "مسلخها البشري" اختفى من الوجود والسبب الرسمي المعلن لاختفائه كان تعرضه ل"ذبحة صدرية" حادة.

من يظن أن الحراك الجماهيري قد توقف بعد قمع ثورة 2009 خاطئ وفق ما سجلته كاميرا مانون، فالكثيرون في الشعب الإيراني لا يُفوّت مناسبة إلا ويخرج فيها متظاهراً، والتسجيلات تعطي انطباعاً بدوامها وتكرارها غير المنقطع، فأغلبيتها تبدأ صغيرة ثم سرعان ما تُهاجم لتعود وتتشكل ثانية وثالثة إنها أقرب الى لعبة "القط والفأر" المشاركون فيها واثقون بقادم الزمن الذي سيُحْسم فيه الصراع لصالح الشعب حين يأخذ النضال شكلاً أبعد من حدود هذه "اللعبة" التي يشبّهونها بالتمرين الأخير على إنطلاق الثورة. بالمظاهرت والاعتصمات وبالتكتيكات الأخرى مثل؛ الهتاف بالشعارات المنددة بالنظام مع كل وقت من أوقات الصلاة، لتعلو أصواتهم المتداخلة مع أصوات الأذان معلنة عن وجودهم القوي في كل مكان من الوطن، تتعزز القناعة بالتغيير. حماسة الإيرانيين، لم تنضب بل زادت مع بدء الثورات العربية وشهادات الكثيرين منهم أكدت قناعتهم بالمستقبل وأن يوماً قريبا آت لا محالة سيتحقق فيه حلمهم الثوري، كما حدث في تونس ومصر وغيرها لهذا تسمعهم اليوم يهتفون "في الأول كان مبارك وبن علي والآن جاء دور نجاد"!. قد يكون هذا أكثر من هتاف، إنه الوعيد بالثورة القادمة كما جاء في رسائل إيرانية كثيرة نقلها وثائقي فرنسي من هناك، من البلد المنغلق.

الجزيرة الوثائقية في

14/06/2012

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)