حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

من يعتبر المهرجان الأوروبى "سبوبة" متخلف

القليوبى: لا أخشى اعتلاء مرسى الرئاسة..وأراهن على الشعب

حوار: محمد شكر

 

تنطلق فعاليات مهرجان الأقصر للسينما المصرية والأوروبية في نسخته الأولي في الفترة من 17 إلي 22 سبتمبر القادم وتقيمه مؤسسة نون للثقافة والفنون. التي يشرف عليها المخرج محمد كامل القليوبي أحد أبرز الأسماء في عالم السينما التسجيلية والروائية الطويلة، ويعتبر مهرجان الأقصر للسينما المصرية والأوروبية أحد المهرجانات التي تتولي منظمات المجتمع المدني إقامتها بدعم محدود من وزارة الثقافة المصري، وهو المهرجان الثاني من نوعه الذي يقام في مدينة الأقصر، بعد مهرجان السينما الأفريقية، وتشارك فيه دول أوروبية بحوالي 50 فيلماً و200 ضيف من السينمائيين، وعن المهرجان ما له وما عليه نطرح العديد من الأسئلة علي الدكتور محمد كامل القليوبي مؤسس ومستشار المهرجان.. في هذا الحوار:

·        هل واجه المهرجان أزمة في الحصول علي الدعم المالي لوزارة الثقافة علي غرار بعض المهرجانات الأخري؟

- المهرجان لم يواجه أية عقبات مع وزارة الثقافة، فقد حصل علي موافقة المركز القومي للسينما وصرفت وزارة الثقافة الدفعة الأولي من قيمة الدعم المخصص للمهرجان ولكن نسبة الدعم التي تقدمها الوزارة تمثل أقل من 50٪ من التكلفة الفعلية للمهرجان، وهو ما دفع إدارة المهرجان لاستقطاب بعض الرعاة لتعويض العجز في التمويل، خاصة أن جوائز المهرجان تصل لـ 38 ألف دولار أمريكي، بالإضافة لتكاليف إقامة المهرجان وتحمله لرسوم شحن وإعادة الأفلام الأوروبية والتأمين عليها.

·        وما سبب إقامة المهرجان في الأقصر رغم أنها شهدت إقامة مهرجان للسينما الأفريقية مؤخراً؟

- فكرة إقامة مهرجان السينما المصرية والأوروبية في الأقصر بدأت قبل أن يفكر أي شخص في إقامة مهرجان أفريقي ونحن لم نقلدهم ولكن نحن أصحاب الفكرة لأن الأقصر مدينة تعبر عن الولع الأوروبي بالحضارة المصرية ولها سحر خاص بالنسبة للأوروبيين، وهو ما يسهم في زيادة حركة السياحة الأوروبية في مصر بشكل كبير علي العكس من أفريقيا التي لا تهتم بطبيعة الأقصر الحضارية ومصر لا تستقبل سياحة أفريقية علي العكس من السياحة الأوروبية والمهرجان بهدف للتعريف بالسينما الأوروبية كبديل لسيطرة السينما الأمريكية علي السوق المصري كما يسهم في التعارف بين السينما المصرية والأوروبية لفتح باب التوزيع الخارجي للفيلم المصري وتشجيع الإنتاج المشترك بين مصر وأوروبا والإغراء بتصوير الأفلام الأوروبية في مصر.

·        ولكن ازدواج هوية المهرجان بين السينما المصرية والأوروبية قد تتأثر بأزمة الإنتاج السينمائي التي تؤثر علي التمثيل المصري في المهرجانات؟

- هذه الأزمة تعاني منها كافة المهرجانات المصرية ولكن المهرجان يختار للمشاركة في مسابقته فيلماً واحداً من كل دولة ولائحة المهرجان تنص علي قبول الأفلام التي أنتجت خلال العامين السابقين ولكن الفيلم المصري المشارك يجب أن يكون عرضه الأول في المهرجان وحالياً نتابع الأعمال التي يجري تصويرها لنري مدي صلاحيتها للمشاركة في الدورة الأولي.

·        وما أهم ما يميز الدورة الأولي لمهرجان السينما المصرية والأوروبية؟

- الدورة الأولي للمهرجان ترأسها الناقدة السينمائية ماجدة واصف واختار المهرجان الكاتب الكبير بهاء الدين طاهر رئيساً شرفياً للدورة الأولي، ويشارك في فعاليات المهرجان بندوة عن العلاقة بين الأدب والسينما ويشارك في الإعداد للمهرجان عدداً من الأسماء الكبيرة في عالم السينما مثل المخرج داود عبدالسيد والناقد يوسف شريف رزق الله والإعلامية سلمي الشماع ومدير التصوير السينمائي وديد شكري والكاتب الصحفي جمال زايدة ويكرم المهرجان الفنان أحمد حلمي باعتباره ضيف الشرف المصري للدورة الأولي.

·        المهرجانات المصرية متهمة بأنها مهرجانات للنخبة ولا مكان للجمهور العادي في فعالياتها.. فهل يغير مهرجان السينما المصرية والأوروبية هذه القاعدة؟

- لا يوجد مهرجان في العالم ليس للنخبة ولكن علي أي مهرجان أن يسعي لإيصال رسالته الثقافية لأكبر قدر ممكن من الجمهور، وهو الهدف الذي يسعي إليه المهرجان الذي تمتد عروضه للمناطق المحيطة بالأقصر مثل «إسنا وأرمنت» وغيرها، كما يقيم المهرجان ورش لصناعة الأفلام وتهدف هذه المبادرة لإتاحة الفرصة أمام شباب الأقصر ممن يرغبون في تعلم فنون السينما وهو ما لا يجعل المهرجان للنخبة فقط.

·        وفي رأيك من المسئول عن حالة الجفاء بين الجمهور العادي والسينما؟

- هناك الكثير من العوامل المؤثرة علي علاقة الجمهور بالسينما أبرزها اغتيال حركة نوادي السينما التي كان الجمهور يقبل عليها بشكل كبير، بالإضافة لاختلاف الجمهور الذي انعكس علي المهرجانات المصرية نتيجة انحطاط مستوي التعليم العام وصعوبة ظروف الحياة من لقمة العيش للمواصلات، بالإضافة للوعي السينمائي الهابط وبديع ومرسي وغيرهما من المحرضين علي السينما والفنون بشكل عام.

·        ولكن البعض يري في ارتفاع عدد المهرجانات السينمائية المصرية «سبوبة» للقائمين عليها.. فما ردك علي هذا الاتهام؟

- من يري في المهرجان الذي نقيمه «سبوبة» فهو شخص متخلف لأن المهرجان يقيمه أشخاص بحجم ماجدة واصف وداود عبدالسيد ويوسف شريف رزق الله، لا يمكن أن يحمل شبهة كالتي تتحدث عنها ومن يرون في هذا المهرجان أو غيره من المهرجانات الوليدة «سبوبة» أعداء للثقافة والتنوير، لأن مصر فقيرة جداً بالنسبة للعالم المتحضر في عدد المهرجانات السينمائية، ففرنسا وحدها تنظم 5 آلاف مهرجان سنوياً، في حين يري هؤلاء أن خمسة مهرجانات سينمائية كثير علي دولة بحجم مصر.

·        وكيف تري مستقبل السينما مع صعود التيار الديني ومنافسة مرسي لشفيق في جولة الإعادة للانتخابات الرئاسية؟

- أنا أراهن علي شعب مصر الذي تجاوز عمره سبعة آلاف عام وإذا كان البعض يخشي من اعتلاء مرسي للحكم في مصر، فأنا أراهن علي أنه لن يستطيع تغيير وسطية الشعب، خاصة أن هناك فنانين قادرين علي الدفاع عن ثقافة هذا الشعب وإذا لم يستطيعوا أن يتصدوا لهذا الأمر فإنهم لا يستحقون أن يكونوا فنانين أو يحملوا هذا الوسام علي صدورهم، وما أرجوه أن تمتلئ مصر إبداعاً حتي يصل الفن المصري للجميع ويسهم في تنوير هذا الشعب العظيم.

الوفد المصرية في

13/06/2012

 

هل تحتاج قراءة التاريخ إلى تحطيم الزمن !

قراءة في  فيلم " تعظيم سلام" للمخرج "سيد سعيد

رامي عبد الرازق - القاهرة  

يعتبر "سيد سعيد" أحد المخرجين المصريين المقلين في تقديهم لتجارب سينمائية روائية أو تسجيلية حيث لم يقدم طوال تاريخه منذ تخرجه العام 1975 سوى فيلما روائيّا واحدًا هو "القبطان" عام 1996 من بطولة: "محمود عبد العزيز" ولكن لـ"سيد سعيد" العديد من المساهمات البحثية والنظرية في مجال السينما وعلم الجمال بالإضافة إلى رواية ومجموعة قصصية.

ومنذ اللقطات الأولى لتحقيقه السينمائي "تعظيم سلام" نشعر أننا أمام مخرج صاحب أفق ذهني مفتوح على التعامل مع مادته الوثائقية دون قيود شكلية أو إلتزامات مسبقة .

ثلاثة أصوات للسرد

في البداية يُطلّ علينا المخرج من خلال صوته المباشر الذاتي قبل التيترات حيث يستعرض لنا أحد الأعمدة الصحفية الأسبوعية للناقد "سمير فريد" يتحدث فيه عن أن أحد رموز اليسار المصري (يقصد المخرج) سوف يصنع فيلما عن أحد باشاوات الرأسمالية ( قاصدا طلعت حرب) ويتعمد المخرج الردّ بشكل قاطع عما يعتبره اتهامات من الناقد او استفزازا له لكن هذا الصوت/ الذاتي يختفي تماما فيما بعد بل يبدو كلما توغلنا في تفاصيل التجربة مقحما وثقيلا وبدونه كانت البداية الحقيقية للتحقيق سوف تبدو أكثر رحابة وعمقا وهي البداية التي تتبلور من خلال لقاءات المخرج الحية والعفوية مع بعض الأشخاص العاديين الذين يمرون يوميا عبر الميدان الشهير بوسط القاهرة الذي يحمل اسم وتمثال "طلعت حرب". 

إن نقطة الهجوم على التاريخ تبدأ من هذا السؤال البسيط ( مين صاحب التمثال ده ؟) أما فضيحة الذاكرة التي تتكشف عن هذا السؤال فتمثلها إجابات الفئات والشرائح العمرية والاجتماعية والمدنية المختلفة والتي تتمثل في كلمة واحدة مذهلة وبغيضة (معرفش)!

بعدها مباشرة يظهر الصوت الثاني في متتالية السرد وهو أحد صوتين أساسين يعتمد عليهما المخرج ليس فقط في نقل مادته إلى المتلقي ولكن توثيقها صوتيا, فالصوت الثاني هو صوت أحد الممثلين المصرين المعروفين بقوة ورخامة صوتهم "الفنان أحمد فؤاد سليم" حيث يؤدي أو يوثق صوتيا أو يستدعي صوت "طلعت حرب باشا" نفسه من خلال المكاتبات والخطب والقرارات العديدة التي تقرأ على طول زمن التجربة هنا لا يكتفي المخرج بالوثيقة التاريخية مصورة أمام الكاميرا ولكنها تتلى أو يتم تلاوة أهم فقراتها مسموعة عبر أداء تمثيلي يحاول أن يحاكي الحالة النفسية للشخصية محل التحقيق وذلك في "روائية " ناعمة وبلا أي مزايدة على روح الوثيقة أو أهميتها.

ثم يظهر الصوت الثالث للسرد وهو صوت المعلق الصوتي أو الرواي العليم الذي يعتبر الصوت الوثائقي التقليدي والذي يتقاطع صوته أو ما يرويه مع صوت الشخصية الرئيسية "طلعت حرب" بينما يختفي تماما الصوت الذاتي للمخرج حيث نتأكد أنه كان مجرد انفعال دخيل على التدفق الشعوري والنفسي للتجربة بأكلمها.

بنك مصر بـ"القاهرة"

الخيال/الوثيقة

يبدأ الفيلم من نقطة متقدمة جدا زمنيا بالمقارنة لأحداثه (التاريخية) حيث يملئنا الصوت المستدعى لـ"طلعت حرب" وهو يتلو خطاب الإستقالة الشهير عام 1939 من رئاسة بنك مصر وبأداء تمثيلي يحاول أن يجسد حجم المرارة والأسى والألم التي كانت تشعر به الشخصية في تلك اللحظة, ويتعامل المخرج بصريا مع "تلك اللحظة" بشئ غير قليل من الخيال رغم "وثائقية " المغزى حيث قام بتصوير مجموعة من الطرابيش موضوعة على مائدة الاجتماعات الشهيرة في المقر الأصلي لبنك مصر بالقاهرة وذلك أمام لوحة التكريم التاريخية التي تضم صور وأسماء مديري البنك من بعد طلعت حرب والذين كان بعضهم عضوا في مجلس الإدارة إبان استقالة حرب نفسه.

 وبينما نسمع صوت الشخصية على هذا المشهد الذي أعيد بناءه باستخدام عناصر حقيقية وخيالية في نفس الوقت (المكان والصور حقيقية ولكن الصياغة كلها روائية) لا يفوتنا حسّ السخرية الذي يبدو جزءا من الهدف الرئيسي وراء البدء من هذه النقطة في فيلم يتحدث بالأساس عن حياة رجل عظيم فالطرابيش في القاموس الشعبي المصري الساخر دلالة على عدم النفع أو الوجود الذي مثل عدمه "خيال مآتة" أي أن هذا الرجل الذي اضطر إلى الإستقالة اضطرارا نتيجة الضغوطات الداخلية والخارجية لم يكن ليستقيل لولا أن مجلس إدارته كان مجرد "طرابيش" ضعيفة الإرادة والقدرة.

تحطيم الزمن 

يقول "جودار" أن السينما ليست مجرد صورة ولكنها صورة زائد صورة وعندما نتمعن في هذا الوصف نكتشف أنه من السهل جدا الحصول على الكثير من الفهم والإحساس بطبيعة العلاقات بين الصور المتتابعة عبر تفعيل ذاكرة المدى القصير أثناء المشاهدة وبالتطبيق على تعظيم سلام نلتقط بعد ضربة البداية الأولى ذلك المنطق السردي الذي يتعمده "سيد سعيد" في التعامل مع "قصة" طلعت حرب

بمجرد انتهاء خطاب الإستقالة يعود بنا المخرج في قفزة زمنية إلى الوراء حيث البدايات العمرية الأولى لهذه الشخصية وكيف نشأت وتشكلت سياسيا واجتماعيا مستخدما ما توفر له من وثائق في شكل صور فوتغرافية أو بقايا أماكن ومبان من تلك الحقبة التاريخية وهذه العودة لا تمثل رجوعا لخط السرد الزمني التقليدي ولكنها الاشارة السرية للمتلقي لكي يدرك أنه ليس أمام بناء زمني متصاعد وممهد ولكن أمام كيان زمني متكسر ومفتت علينا أن ننظر في كل شظية منه لنرى انعكاس التاريخ أو الحقيقة وكأننا أمام مرآة كبيرة قام المخرج بتحطيمها وبعثرة أجزائها التي ظلت تحمل نتف من الصورة الكاملة التي انعكست عليها قبل التحطيم وبالتالي تتم إعادة تشكيل الرؤيا عبر إعادة تشكيل الأجزاء بترتيب ونسق مختلف.

وتمنح فكرة تحطيم الزمن القدرة لصانع التجربة على الحركة داخل السياق الزمني بشكل مريح وبلا تبريرات حيث يبدو الزمن في تعظيم سلام "روائيا" أكثر منه تسجيليا فعندما يتحدث عن فكرة إنشاء بنك مصر ثم الشركات التي انبثقت عنه وكلها تحمل إسم مصر يصبح من السهل نتيجة روائية الزمن أن يتحرك المخرج نحو الأمام بعد عشرات السنوات حيث لم يعد هناك ما يعرف بالصناعة الوطنية بعد سعر الخصخصة وبيع القطاع العام وحيث تراجع اسم مصر أمام أسماء الماركات الأجنبية الشهيرة؛ ثم يعود مرة أخرى لاستكمال الحديث عن مشوار "طلعت حرب" في البدايات دون أن يشعر المشاهد أن ثمة قفزة زمنية أو اختلال حدث في المنطق الزمني للفيلم لأن المخرج أعده منذ البداية للتعرف على طبيعة الشخصية الزمنية للتجربة.

الصمت البصري 

يقول شاعر السينما الفرنسية "روبير بريسون" في كتابه  / ملاحظات على السينماتوغرافيا أنّ السينما الناطقة اخترعت الصمت وكان يقصد هنا الصمت الدرامي أي تلك المساحة من السكوت التي يتم التعبير من خلالها بالصورة أو بالتشكيل أو بالانفعال المرئي أو بردّ الفعل بلا أيّة أصوات حتى لو كانت طبيعية

وفي تعظيم سلام يحاول سعيد أن يخلق ما يمكن أن يكون نوع من "الصمت البصري" الذي يأتي عقب ذروة درامية /وثائقية بما يتيح للمتفرج التشبع بها والانطلاق خلفها عبر الخيال أو الذاكرة أو الذهن في المقارنة أو الإستدعاء أو التحليل وذلك عن طريق وضع لقطة لشاشة سوداء تماما تستمر لفترة زمنية قصيرة داخل سياق المادة المصورة.

ورغم جرأة الفكرة وطزاجتها إلا أن المخرج تعامل معها بكثير من التخوف الذي جعله يفسد هذا الطرح التجريبي ولو جزئيا نتيجة أنه مع خشيته من عدم استيعاب المشاهد لهذه اللحظة من "الصمت البصري" قام بكتابه لوحة تشرح الغرض من وراء "توقف الصورة" أو الشاشة السوداء التي من المفترض أنها تمثل مساحة مفتوحة وخالية للتأمل والتفكير!

 بل وقام بكتابة كلمة انتبه مع اقترانها بمؤثر صوتي تنبيهي لزيادة التأكيد على المتلقي أن السواد الذي يراه ليس عيبا تقنيا وإنما له غرض فني

وهذه الحيطة المبالغ فيها أفسدت كثيرا من الطزاجة الفكرية ونبل الابتكار من وراء هذه الفكرة السردية الجديدة.

سؤال في الشعر 

في تجربته الذهنية "تشظيات أشكال ومضامين" يقول الكاتب/ عبد الله حبيب: أن الأسئلة تليق بالشعر ذلك أن الأقدار لا تشغف بالإجابات ولا يتعين عليها تبرير حكمتها القاسية

وتتجلى تلك الرؤية في تعظيم سلام من خلال ذلك التساؤل الشعري الذي حاول المخرج أن يكثف من خلاله شعور المتلقي بأن الدلالات يمكن أن تستقى من التساؤلات وليس فقط الحقائق أو في حالاتنا الوثائق وقد يتصور البعض أن التدخل الشعري في الفيلم يتجسد في تلك الحالة البصرية التي قدم فيها المخرج مشاهد ولقطات لحصان يركض بقوة وحماس وكأنه معادل بصري /درامي لشخصية "طلعت حرب" في فترة الانطلاق والنجاح ثم لقطات أخرى لنفس الحصان يكبو ويسقط صريعا بعد أن تم حبك خيوط المؤامرة الخارجية والداخلية لاجبار الباشا الوطني على الإستقالة وحرمان الإقتصاد القومي من أحد أهم أعمدته, نقول أن تصور البعض أن هذه المشاهد ربما كانت شعرية من وجهة البعض رغم  مبالغتها الميلودرامية خصوصا في نمطية الرمز لكن تتجلى قوة السؤال الشعري في تلك التساؤلات التي نسمعها بصوت الراوي العليم يتحدث فيها عن مشاعر وأفكار هذا الصرح البشري عقب تلقيه هزيمة قاتله من أعداءه وأعداء الوطن صحيح أن هذا السؤال يأتي قبل النهاية بقليل – نهاية التحقيق السينمائي- وعلى مسافة زمنية /سردية من البدايات التي جاءت بصوت "طلعت حرب" يتلو استقالته

لكن هذا يؤيد ما طرنا من قبل عن مبدأ قراءة التاريخ عبر  منطق التشظي الزمني حيث أصبح لدينا- كمتلقين- ذاكرة مفتوحة تستطيع أن تربط ما بين لقطات تلاوة الاستقالة في البداية وتساؤلات ما بعد الاستقالة في ما قبل النهاية, وحيث يتساءل الراوي "العليم" عن حال الباشا بعد الإستقالة فهل أصيب بالإحباط أو أحس بالفشل هي جمع أحفاده وحدثهم عن الواقع الغامض والمستقبل المحفوف بالمخاطر نتيجة المؤامرات على هذا الوطن

هذه التساؤلات يصيغها سيناريو "سيد سعيد" بنَفس درامي صريح وفي نفس الوقت تشكل ما أشرنا إليه بمقولة حبيب من أن الأسئلة تليق بالشعر فهذا هو تجلي الشعر ضمن سياق التحقيق الوثائقي وليس مشاهد الحصان والموسيقى المحملة بموتفيات الأسى والحزن المفتعل.

ولم يكن هناك أسهل من البحث والتقصي التوثيقي حول ما حدث خلال العامين الأخيرين من حياة "طلعت حرب" أي منذ 1939 حين استقال وحتى 1941 وهو عام وفاته ولكن المخرج ينحو دراميا أو روائيا تجاه الأسئلة الشعرية مطعما البناء التسجيلي بمساحات ذهنية أو شعورية للتأمل وليس للتعريف .

خاتمة 

نود الإشارة في النهاية إلى أن النسخة التي عرضت من الفيلم للمرة الأولى بالقاهرة لم يكن بها أي ذكر لثورة مصر في الــ 25 يناير حيث أن الفيلم قد تم الانتهاء منه قبل الثورة ولكن بناء على بعض الآراء من قبل أصدقاء المخرج قرّر أن يضمن الجزء الأخير وبالتحديد ما بعد تيترات  النهاية ما يفيد بأن هذا الفيلم ليس له علاقة مباشرة بالثورة وإنما هو ابن مرحلة الاحتقان أو الحَمل الثوري الذي أنجب الــ 25 يناير ولكن هذه المشاهد واللوحات المكتوبة عن الثورة بدت حملا ثقيلا على مغزى الفيلم وسياقه وكأنها عضو زائد, فالفيلم كالكائن الحي أو الإنسان لو نقصت له يد صار مشوها ولو ذادت له ساق صار مسخا ولم يكن "تعظيم سلام" في حاجة لأن يقترن بالثورة لا من قريب ولا من بعيد ليؤكد على كونه رؤية مرهصة بما حدث من خلال التقابلات التاريخية التي لا شك سوف تحدث في أذهان المتلقين

إن قوة الإرهاص تأتي من انتفاء العلاقة المباشرة بين المادة المرهصة والإكتشاف أو الحدث الذي تم الارهاص به وبالتالي من الصعب تقبل الجزء الأخير على اعتبار أنه جزء عضوي من بناء الفيلم .

بل إن وجوده يصنع حاجزا نفسيا دون تأويل التجربة بشكل يربطها بالثورة لأن المتلقى يشعر أن ثمة قصدية أواجبارا من قبل صانع الفيلم على هذا الربط وبالتالي ينتهك هذا الجزء فطرية أو عفوية الربط الجميلة التي تحدث عقب مشاهدة هذا النوع من التحقيقات الوثائقية المتقنة والهامة.  

الجزيرة الوثائقية في

13/06/2012

 

الشراع والعاصفة:

السينما السورية تدفن رأسها في رمال التاريخ

ميدل ايست أونلاين/ دمشق 

غسان شميط يرصد نضال السوريين ضد الاحتلال الفرنسي، ويتناسى كفاحهم الحالي ضد النظام.

تم أخيرا تحويل رواية حنا مينه الأشهر "الشراع والعاصفة" إلى فيلم سينمائي من إخراج غسان شميط عن سيناريو كتبه بنفسه بالتعاون مع الروائي وفيق يوسف.

أكثر من خمسين عاما على كتابة الرواية، كانت كفيلة بالاستغناء عن تفاصيل في صراعات سياسية وأحزاب وقوى متصارعة في عز الحرب العالمية الثانية.

أحداث "الشراع والعاصفة" على ما يقول دليل الفيلم تقع "على خلفية الحرب العالمية الثانية، وفي ظل الاحتلال الفرنسي المباشر، حيث عاشت سوريا صراعات واضطرابات سياسية طويلة، وخاض الشعب السوري معارك قاسية انتهت بنيله الاستقلال الكامل".

ويضيف الدليل "خلال هذه الفترة برز أبطال شعبيون كثر على امتداد سوريا، تحدوا العواصف الاجتماعية والبحرية، وهذه حكاية واحد منهم".

ويقول كاتب السيناريو وفيق يوسف، ردا على سؤال حول ما تغير بين الرواية والفيلم "الرواية تعج بالأفكار السياسية كأي رواية ملتزمة، رواية تحكي عن أجواء الحرب العالمية الثانية، والمناخ السياسي المضطرب في سوريا في تلك الفترة، كل ذلك غربلناه، فصراعات الأحزاب السياسية لم تعد مهمة إلا بالمعنى التاريخي".

ويؤكد يوسف "تغربلت الرواية، فبات السيناريو أقل بكثير، ففي ساعتين من الزمن لا تستطيع أن تلخص مرحلة من أهم المراحل في تاريخ سوريا".

وقال حسن سامي اليوسف المستشار الدرامي للفيلم "إن أي رواية هي أفضل من أي فيلم أخذ عنها".

وأضاف "بالنسبة لي، ما جربت فعله أن يكون النص السينمائي على قدر الرواية".

وأوضح اليوسف "في العلاقة بين الأدب والسينما فإن السينما هي الخاسرة". وعن مشاهد العاصفة البحرية، قال اليوسف "كان الهدف أن تظهر هذه اللحظات الصعبة في حياة البحارة".

وقال المخرج غسان شميط "إن مشاهد العاصفة البحرية جرى تنفيذها في أوكرانيا بكلفة تقدر بحوالى 170 ألف دولار"، ومعروف أن تلك المشاهد عطلت تنفيذ الفيلم لبعض الوقت بسبب عدم إمكانية تنفيذها في سوريا.

وأوضح شميط أن إنتاج الفيلم استغرق حوالى عامين، حيث تعطل تصويره لأكثر من مرة، من بينها تأثير الأحداث الراهنة في سوريا.

وأوضح المخرج أن "مشاهد التصوير في حي الصليبة في اللاذقية قد تعطلت بسبب الأحداث، وتم تغيير أماكن التصوير".

ميدل إيست أنلاين في

13/06/2012

 

سينما العشوائيات.. لمن؟!

ياسمين كفافي 

** الناقد المعروف طارق الشناوي قال: في الفترة الأخيرة تصادف وجود عدة أفلام عن العشوائيات مثل تخيل البعض وجود ظاهرة في الجمع بين عدة نجوم كبار بعمل واحد كما حدث مع أحمد عز والسقا وأحمد عز وشريف منير انها مجرد مصادفات غير مقصودة وليست ظواهر. 

وأكد الشناوي أن طرح أغان شعبية في فيلم يسرا جيم اوفر تعد سمة من سمات أفلام السبكي التي تعتمد علي الرقص والغناء الشعبي لمغازلة شباك التذاكر. 

وأكد الشناوي ان فيلم بعد الموقعة يحاول تحليل كيف تحول مدرب خيل بسيط إلي بلطجي. فالرجل هنا ليس محترف بلطجة بل دفعته إليها الحاجة والظروف التي أوقفت مهنته التي يقتات منها. 

وأضاف الشناوي أن مجتمع العشوائيات مترامي الاطراف يضم عشرة ملايين فرد وكان أفضل من قدمها خالد يوسف في حين ميسرة ويجب أن نفرق بين السينما التي يجب أن تهتم بقضايا ومشاكل هؤلاء المهمشين وبين سينما أخري تستغلهم تجاريا لتسلط الضوء علي مشاكل سطحية في حياة سكان العشوائيات بغرض جذب الإيرادات. 

التقليد 

** المخرج السينمائي محمد النجار قال لدينا في مصر ظاهرة التقليد يعني لو نجح فيلم لأي سبب نجد عشرات الأفلام التي تجري لتقلده كما حدث مع الأفلام التي تدور حول المخدرات في التسعينات وأفلام الشباب مثل أوقات فراغ الذي حاولوا تقليده وفشلوا واليوم أصبحت العشوائيات هي الموضة بدأها خالد يوسف وانطلقت كظاهرة بغرض النجاح المضمون. 

ونفي النجار أن كثرة هذه الأفلام ستسلط الضوء علي مشاكل العشوائيات لأن المشاهد المصري يستطيع بسهولة الدخول إلي هذا العالم لأن كل حي راق تقع خلفه منطقة عشوائية مثل الحيتية في العجوزة ومساكن الايواء وراء القطامية وغيرها ولكن السينما تجري وراء المال والنجاح. 

وقال النجار للأسف هذه الأعمال المبالغ فيها عن العشوائيات تؤكد أن العشوائية ليست فقط في الأفلام بل في الصناعة نفسها التي دخلها كل من يرغب في جمع المال دون أن يقدم فيلماً جيداً وببساطة لو لم تكن هذه الأفلام جيدة الصنع ستفشل لأن من صنعها يعاني الكسل ولا يرغب في أن يتعب نفسه بتقديم فكر جديد.. وحول استغلال أغان شعبية مثل "هاتي بوسة يا بت" في الأفلام حتي لو كانت مقحمة أشار إلي أن الأغاني البذيئة انتشرت في وجود أغان علي النت بلا رقابة وتحمل الفاظا نابية مما جعلها تنتشر ويدخلها المنتجون للفت الانتباه في خلطة مسفة غرضها المال فقط. 

** د. فاروق الرشيدي أستاذ الإخراج بالمعهد العالي للسينما قال إن سينما العشوائيات ظاهرة ستأخذ وقتها علي أساس أن كل وقت وله اذان ومع مرور الوقت سيملها المشاهد الذي سيتشبع لان الفن تجديد وابتكار. وأكد فاروق الرشيدي أن السينما مرآة للمجتمع الذي تشوبه العشوائية مما انعكس علي الفن نحن لم نعد نعرف شكل المستقبل ولا نعرف الفرق بين الخطأ والصواب وأكد انه لا توجد خلطة سحرية لتقديم فيلم ناجح الصدق والإبداع هما روح الفن وليس التقليد والاستسهال 

أهم شخصية 

** المؤلف محمد الباسوسي قال: الشخصية الأهم علي الساحة المصرية الآن هي البلطجي والسمة هي البلطجة في الشارع المصري في ظل انفلات اخلاقي وأمني حتي المواطن العادي أصبح مضطرا لاستخدام البلطجة حتي يأتي بحقه عبر الشومة والسنجة في ظل عشوائية اجتماعية منذ تحول المواطن في لحظة إلي شرطي "وقت الانفلات الأمني" وتغيرت حياتنا ومن الطبيعي أن تتوغل السينما في عالم البلطجة لان السينما مرآه لواقع مر. 

** الناقد رامي عبدالرازق: هناك فرق بين تقديم عمل عن العشوائيات وتقديم عمل يغازل العشوائيات ويحاول كسب جمهور منهم عبر اللجوء لاضافة العنصر الشعبي الذي تحول مفهومه ليلائم الطبقات الدنيا التي تسكن العشوائيات. 

وأضاف موضحا أن التعبير عن هذه الشريحة المهمشة من الشعب يأتي من تحليل الظروف السياسية والإجتماعية والاقتصادية التي اتت بهم لهذه المناطق الفقيرة ويشرحها للناس وليس البحث عما يسعد هذه الشرائح وتقديمها مثل العري والمخدرات صناع السينما هنا يقدمون فيلماً لسكان العشوائيات وليس عن سكان العشوائيات. حالة الانحدار المزاجي التي خلقها صناع السينما المصرية بحجة أن الجمهور عاوز كده وهو أمر غير صحيح للأسف الجمهور لم يجد فيلماً جيداً وأكد أن سبب نجاح أفلام السبكي بعد الثورة أن أفلامه موجهة لطبقات لا تملك وعياً سياسياً اصلا فالثورة صنعها بقايا الطبقة المتوسطة وهو علي وعي أما أفلام السبكي فتخاطب طبقة متدنية من الجمهور لا يبحث سوي عن متعة دونية هي رقصة "وافية" وهم للآسف شريحة كبيرة أوجدها نظام مبارك بسبب الجهل والفقر. وأضاف رامي أن الكثير من صناع السينما المحترمة اصبحوا بعيدين عن السينما بسبب عدم وجود تمويل أو لاهتمامهم بنشاطات أخري وتركوا الساحة لحالة من العك الفني مثل تقديم يسرا أغنية دي جي وزة هاتي بوسة يا بت. كما ان العديد من فناني ومبدعي مصر لديهم انفصام في الشخصية مثل بلال فضل الذي يكتب مقالات ثورية ولكنه يكتب للمشاهد فيلم مثل اللمبي وحاحا وتفاحة واسعاد يونس التي تكتب في الفكر والسياسة ولكنها تنتج أفلاماً تجارية بحتة بحجة أن الجمهور عاوز كده إلا أن الحقيقة أن المنتج هو اللي عايز كده وهكذا افسدوا السينما التي تحتاج لمنتج فنان ولديه وعي وللاسف الدولة رفعت يدها عن السينما خاصة وأن فاروق حسني الذي ظل وزيرا لسنوات كان يكره السينما وكل ما قدمته الدولة مؤخرا كان عشرين مليون جنيه لدعم عدة أفلام ربما تخلق سينما جيدة ولا نقول رائعة. 

الجمهورية المصرية في

13/06/2012

 

ليل ونهار

مستر بريزدنت!

بقلم :محمد صلاح الدين 

هناك أفلام عالمية كثيرة تناولت رئيس الجمهورية.. لعل أقدمها فيلم "لينكولن" الذي قدم في أواخر الثلاثينيات وركز علي أمجاد الرئيس كمحرر للعبيد. ولكنه تعرض لحياته ونشأته بمنتهي الصراحة وفي وقت مبكر سينمائيا.. 

تجيء أفلام كثيرة أخري منها "جيفرسون" وقصة صعوده علي حساب شاب فقير. و"ترومان" وقراره المشئوم بإسقاط القنابل الذرية علي اليابان. و"نيكسون" وغزواته السياسية الرائعة وصاحب العار الكبير أيضا في نهاية المطاف.. ثم فيلم "دبليو" للمخرج الشهير أوليفر ستون الذي حلل فيه نفسيا شخصية بوش "التاجر" حتي بالسياسة الأمريكية!! 

ولكن تجيء أشهر هذه الأفلام علي الإطلاق "من قتل كينيدي" عام 1991 لستون أيضا.. لأنه وصل بنظرية اغتياله للحدود القصوي.. حيث أثبت أن الاغتيال كان انقلاب سلطة يعلم به جونسون حتي لا تتوقف حرب فيتنام. وبالتالي صناعة أسلحة تقدر بمائة بليون دولار وقتها.. وتجيء المرافعة في نهاية الفيلم مؤثرة وهي تطالب بالحقيقة والديمقراطية وإعلاء سلطة الشعب في المعرفة ونشر المعلومات..وهو ما حرمنا منه في فيلم "أيام السادات" مثلا.. حيث تفادي أحمد زكي ومحمد خان ما يمكن أن يعكر صفو السلطة. ولا يقول لنا حقيقة ما جري.. ومن ساعد جماعات التطرف والارهاب إلي الإقدام علي قتل رئيس الجمهورية.. المدهش في الموضوع أن بينهم من يعيش بيننا الآن.. وبنفس الفكر!! 

أما السينما المصرية فلم تكن لتجرؤ عن تقديم شخصية الرئيس إلا تاريخيا مثل السادات وناصر 56. ومع ذلك حاول البعض مغازلته في "طباخ الريس" و"ظاظا" و"معالي الوزير" و"جواز بقرار جمهوري" وكلها عرضت أيام مبارك. لذلك نلحظ أن الجرأة الوحيدة المسموحة فيها هي الاشارة إلي البطانة أو الحاشية التي تعزل الرئيس عن هموم الناس!! 

لذلك.. كما نرجو للسينما وللفن عموما أن يكون صاحب رسالة ناحية جماهيره بألا ينافق ولا يخشي في عرض الحقائق لومة لائم. وأن يمتلك ناصية حريته بيديه.. نرجو أيضا من الرئيس الجديد ألا يحجب نفسه عن الشعب بطاقم البطانة أوالحاشية.. أو يحجبه أحد بحجج شتي. وأن فكرة "المجلس الاستشاري" التي صنعها المجلس العسكري قد تكون ملائمة جدا في أيامنا هذه لرئيس الجمهورية الجديد.. بشرط أن يزيد عدد العلماء فيه علي عدد السياسيين ومن كل التخصصات!! 

Salaheldin-g@hotmail.com

الجمهورية المصرية في

13/06/2012

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)