حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

ريحانا: أطلقت المدافع في «معركة بحرية»

باريس - نبيل مسعد

 

روبين ريحانا فنتي عمرها 24 سنة، جمالها أخاذ، تلفت الأنظار كلما ظهرت في مكان ما أو تصدرت صورتها غلاف مجلة أو حينما تغني وترقص في شرائط الفيديو. خلال سنوات ست فقط، نجحت ريحانا (وهو اسمها الفني) في تسلق سلم الشهرة على المستوى العالمي، وصارت من أهم نجمات الأغنية الحديثة، على غرار زميلتها الأميركية بيونسي، ولم لا مادونا. وها هي تخوض تجربتها السينمائية الأولى في فيلم مغامرات حربية عنوانه «معركة بحرية».

تتمتع ريحانا بحنجرة قوية جعلتها تتخصص في موسيقى الـ «بوب» والـ «آر أند بي» في شكل جميل مميز أثار انتباه المراهقين بادئ الأمر، ليمتد في ما بعد إلى جيل البالغين، مؤدياً بالفنانة إلى بيع ملايين الأسطوانات، محطمة الأرقام القياسية المعروفة بخصوص المغنيات اللواتي يتخصصن في اللون الموسيقي ذاته. والأغنية الأكثر مبيعاً في العالم بين تسجيلات ريحانا عنوانها «أمبريلا»، وهي احتلت أكثر من عشرة أسابيع متتالية (في العام 2007) المكانة الأولى في مبيعات الأسطوانات في العالم، وهو أمر نادر جداً.

ولمناسبة عرض فيلمها الأول «معركة بحرية» في الصالات الباريسية، التقت «الحياة» ريحانا وحاورتها:

·        حدثينا عن تجربتك السينمائية الأولى في فيلم «معركة بحرية».

- تلقيت العرض بالمشاركة في هذا الفيلم من الشركة المنتجة، وهي «يونيفرسال»، بالاتفاق مع المخرج بيتر بيرغ. وأعرف أن وكيل أعمالي كان يفتش منذ فترة طويلة عن فرصة قد تسمح لي بالانطلاق في السينما. ويبدو أنه قرأ سيناريو هذا الفيلم واقتنع بمدى صلاحيتي لدور ريكس، المرأة الوحيدة فوق السفينة الحربية، وهي برتبة ضابط مساعد، تشارك في القتال ضد الكائنات القادمة من كوكب آخر لتدمير الأرض. شعرت بالخوف في مواجهة الكاميرا للمرة الأولى، لأن التصوير السينمائي يختلف مهما كان الأمر عن أفلام الفيديو التي تصاحب الأغنيات، لكنني سرعان ما استعدت ثقتي في نفسي، خصوصاً بفضل معاملة المخرج لي، وأيضاً بطل الفيلم ليام نيسون، أحد أكبر النجوم وأكثرهم موهبة حالياً. وأنا في النهاية سعيدة جداً بتجربتي الأولى فوق الشاشة الفضية، وأعتز بهذا الفيلم وأتمنى فعلاً أن يحبه الجمهور العريض، فهو يستحق ذلك بما أنه يتميز بنوعية متفوقة.

لقطات خطرة

·        هل لجأت إلى بديلة في اللقطات الخطرة؟

-لا أبداً، وأتباهى بهذا الشيء بطبيعة الحال، فالذي حدث هو قضائي أكثر من شهرين فوق سفينة حربية حقيقية بتصريح من القوات البحرية الأميركية من أجل أن أتعلم كيفية استخدام المدافع المضادة للطائرات، ولأعتاد طريقة التصرف فوق هذه المباني، وكيف يتم التعامل بين البحار والقبطان وكافة الرتب الموجودة فوق السفينة. بعد ذلك طبقت في أثناء التصوير كل ما شاهدته وتعلمته في التدريبات، بما في ذلك إطلاق النار بالمدفع الرشاش وبالمدفع الضخم المضاد للهجمات الجوية، ولم أطلب بديلة اطلاقاً، حتى من أجل القفز وممارسة بعض الحركات الخطرة، فأنا كنت فخورة بفعل كل شيء بنفسي، خصوصاً أن «معركة بحرية» هو عملي الأول كممثلة. وعلى العموم، فأنا رياضية في حياتي اليومية، كما أن الرقص الذي أمارسه في أفلام الفيديو التي تصاحب أغنياتي يساعدني في الحفاظ على مرونة جسدي.

·        ماذا كان رد فعل البحارة فوق السفينة التي استقبلتك من أجل التدريبات؟

- كانوا يعرفونني كمغنية، وعاملوني في شكل أعجز عن وصفه، من حيث الاحترام وبذل الجهود من أجل إرضاء كل طلباتي.

·        هل تنوين الاستمرار في السينما الآن؟

- أتمنى فعلاً الاستمرار في السينما، لأنني واثقة الآن من قدراتي الفنية المتعددة في التمثيل والرقص والغناء، وأود أن يشاركني جمهوري ثقتي في نفسي. أنا أفهم أن شرائط الفيديو الاستعراضية التي أظهر فيها لا تمنح المتفرج فكرة جيدة عني كممثلة وتجعله يركز اهتمامه على صوتي الغنائي، ثم أيضاً على ملامحي أكثر من أي شيء آخر، والدليل على ذلك أن مبيعات أسطواناتي تحطم الأرقام القياسية في العالم. لكن ستغمرني السعادة إذا عرفت أفلامي نجاح أسطواناتي، خصوصاً عقب تجربتي في فيلم قوي مثل «معركة بحرية».

·        أين مسقط رأسك بالتحديد، ومتى بدأت ممارسة فن الغناء نظراً الى حداثة سنك؟

- أنا مولودة في جزر باربادوس (كاراييب) وأحمل الجنسية البريطانية. بدأت أمارس الغناء وأنا بعدُ طفلة. وقد لاحظني المنتج إيفان روجرز وأنا مراهقة في الخامسة عشرة من عمري، فعرض علي تسجيل أسطوانة نالت رواجاً دولياً فــــي شكــــل سريع، الأمر الذي جعل المنتج نفسه يقترح علي، وخصوصاً على أهلي، أن أسافر إلى الولايات المتحدة وأن أستــقـــر في لوس أنجليس بالتحديد تحت إشرافه وبموجب عقد ينص رسمياً على توليه رعايتي وتدبير الحصص الخصوصية لي في كل المواد المدرسية إلى أن أحصل على شهادة البكالوريا. وذلك إضافة إلى تدريبي فنياً وقيامي بتسجيل أغنيات وأفلام فيديو تصاحب الأغنيات. وهذا ما حدث فعلاً، إلا أن والدي لم يتحمل حكاية فراقنا بالمرة ومــرض محاولاً نسيان ابنته المفقودة في نظره رغم اقتناع والدتي بأنني موعودة بمستقبل باهر على الصعيد الدولي.

عاجزة

·        هل تشاركين في أغنياتك بطريقة تتجاوز مجرد ترديدها، وأقصد كتابة الكلمات والتلحين؟

- نعم طبعاً، فأنا أكتب كلمات أغنيات العدد الأكبر من الألحان الموجودة فوق أسطواناتي، وإذا لم أفعل ذلك شخصياً فإنني أسلم هذه المهمة لأسماء لامعة، مثل الفنان المعروف جي زي. أما التلحين، فهو من اختصاص فئة من الموسيقيين المحترفين، لأنني عاجزة عن القيام بذلك، أو على الأقل لا أتقنه.

·        قيل أن يوم عيد ميلادك صار مناسبة رسمية في بلدك، فما هي صحة هذا الخبر الطريف؟

- لقد فــزت حتــى الآن بعدد من الجوائز في الـولايات المـتـحـدة وفــــي أوروبا ثم في جزر باربادوس، مسقط رأسي، وتبعاً لذلك تقرر فعلاً تحويل يـــوم عيد ميلادي وهو 21 شباط (فبراير) إلى عيد وطني رسمي، كوني الفنانة الأولــــى فــــي التاريخ التي ترفع راية باربادوس بهذا الشكل على مستوى العالم، وأنا أتباهى بطبيعة الحال بهذا الشيء، خصوصاً أن والدي شفي من مرضه إثر نجاحي الدولي وصار يؤمن بي وبموهبتي ويفتخر بي أينما تواجد.

·        من أنت بالتحديد من حيث الشخصية؟

- أصف نفسي بأنني فضولية دائماً تجاه كل ما قد يدفع بي إلى أمام.

·        هل أنت فخورة بمشوارك الفني حتى الآن؟

- نعم، لكنني فخورة إلى أبعد حد بفيلمي السينمائي الأول «معركة بحرية»، فهو مثل أي شيء يحدث للمرة الأولى في حياة المرء، يحتل مكانة خاصة في قلبي.

·        ما نوع الأفلام التي تحبينها كمتفرجة؟

- أفلام المغامرات في أشكالها وألوانها، خصوصاً إذا تميزت بنوعية متفوقة، مثل «معركة بحرية».

·        من هي الفنانة التي تستوحين منها في الغناء والتمثيل إذا وجدت؟

- النجمة الاستعراضية السينمائية والمسرحية الراحلة دوروثي داندريدج.

·        ما الذي يعجبك فيها بالتحديد؟

- كونها أول مغنية وممثلة زنجية اعترفت بها هوليوود.

·        هل صحيح أنك تهتمين بجمعية خيرية؟

- لقد أسست جمعية خيرية لرعاية الأطفال المرضى في العالم اسمها «بيليف»، بهدف منح الفرصة بقدر المستطاع لكل الأطفال المرضى، أو على الأقل للعدد الاكبر منهم في الدول النامية، بالحصول على العلاج الذي قد يساعدهم في الشفاء.

الحياة اللندنية في

01/06/2012

 

نظرة نوستالجية إلى الكوميديا الموسيقية والسينما

الدار البيضاء - مبارك حسني 

تحتل الموسيقى في التشكل الفيلمي رتبة المرافق الضروري، ذاك النهر الخفي الذي يغذي الحركة والفعل ويؤثر على المجريات من دون أن يكون في الواجهة بالضرورة. مثل الحياة تماما، الأنغام فيها تلتقطنا، تحرك مشاعرنا، تغير الكثير من سلوكاتنا إيجابا في جل الحالات، لأن الموسيقى تلطف القلب وتحتل العقل. والفيلم حين يسرد قصة لأناس وكائنات في محيط ضاجّ أو ساكن، ينقل الحياة بكل ما تتصف به. ومن ضمنها النغم بكافة تلاوينه.

وكما يحدث دائما، يحصل أحيانا أن تحتل الموسيقى المراتب الأولى فتتحول إلى موضوع رئيسي، إلى مكون أساسي، بدونه لا يوجد الفيلم. كما في حالة نوع «الكوميديا الموسيقية». والمقال الحالي اسـتـعـادة للحظات فرجة وتلقين «سيـنـفـيلي» يعـود إلى ثلاثين سنة خلت. ففي زمن متقارب شاهد جيل نهاية السبعينات المغربي والعربي ثلاثة أفلام مُمَوسقة بألق ومؤثرة، سينمائياً وموضوعاتياً. هي «هير» لميلوس فورمان، «بلوز براذرز» لمارك لجون لانديس، و «الحال» لأحمد المعنوني. كان زمن الموسيقى المرتبطة بالالتزام والقضايا وفاعلية الفن في الثورة، سياسيا بشكل طوباوي، لكن ثقافيا بشكل عميق، فالتغيير الثقافي هو ما يدوم بعد انحسار السياسي. الدوام هناك واللحظي هنا.

«هير» لميلوش فورمان

ألتذ بنوع من السذاجة المحببة حين يحصل لي مشاهدة المناظر المضمخة بموضة «الهيبزم» الشهيرة بالشعور الكثة والملابس الضيقة الملونة، والأدخنة المبتسمة في الرؤوس. هذه السذاجة منبعها هذا الشريط الذي جعلها قدراً صورياً كبيراً، ففكرة الاحتجاج بالغناء والرقص والرفض المسالم حد الرضوخ، لا تستقيم حاليا مع فكرة الالتزام بمعناه الواقعي الذي كان سائدا وقتها، خاصة مع الموجات التحررية العالمثالثية. لكن الأغاني والشدو الجماعي خاصة، حققا الانخراط، فيحدث النسيان لحظة ثم يتكاثف الأمل، ويتبع ذلك الموقف. فالشريط الغنائي هذا استطاع أن يسرد قصة درامية حقيقية، أي حقق شرطه الفيلمي سرداً، وبالتالي فالشكل الموسيقي مندمج كلية في الحكي. وهو من النادر تحققه في هذا النوع من السينما.

النتيجة أن المشاهد يتتبع مسار البطل الأميركي الذي يستعد للالتحاق بالجيش والقتال في الفيتنام. وتقوم الأغاني بالمساهمة في تحريك الأحداث وفي تحديد بوصلة خياراته. تقوم بتعريفه بالحياة الأخرى التي يجهلها. دور المعرفة والتلقين. كما تلقن المشاهد ما تخفيه آلة حرب واختيار سياسي كبير يعادي الحياة، وهو المسمى امبريالية. طبعاً، موضة الهيبزم إطلاقية هنا. من هنا السذاجة الجميلة، فهل بالمخدرات والتحرر الحسي المطلق والقعود طويلا في حديقة، يتحقق السلم؟ لا، لكن ما يهم، والعصور تتشابه، هو خلود الفن. إن أغنية «دع الشمس تشرق» الشهيرة تترك أثراً قوياً في القلب والذاكرة. وهو الذي يجعلنا نعيد مشاهدته مراراً... ويجعل روح الثورة مستمرة وقد تتَّقد من حين لآخر... حين يرتبط عمل فني بقضية، حتى بعد موات ظروف القضية. الموسيقى تثير دوما ولا تموت.

ضمن خانة الاحتجاج يندرج هذه الفيلم، القطعة الفنية بامتياز، لكن من خلال آلية المبالغة الساخرة. لا نحس بالسذاجة إياها حين إعادة المشاهدة. بل بالمتعة المتجددة. خاصة إذا كنا من عشاق البلوز والسول ميوزيك. هذا اللون الموسيقي المعجون بالألم العميق والمتعالي بسماء العبادة الخالصة. الشيء الذي يجعله يستنطق الدواخل الإنسانية بقوة، ويموّج عواطفها بالخفي من الأحاسيس ويجعلها تعبر بصدق وعفوية وعلم.

وليس غريباً أن ينزل الشريط بوقائعه إلى الأقبية الشعبية حيث الكدح، ويعانق الدير حيث تقطن الروح. فمن اجل إنقاذ الملجأ الذي ترعرعا فيه من الإقفال، يقرر أخوان مغنيان تجميع فرقتهما الغنائية المنحلة من كل مكان من المدينة كي يحيوا سهرة غنائية يعود ريعها لجباية المستحق على الملجأ. نداء الموسيقى والشدو وعمل الخير لا يردّان. في الأمر إعلان موقف (دائما) من مجتمع يقمع ويضاد، من خلال توحيد العصا والغناء المهادن، المواقف السياسية العنصرية مثلا واستعراض القوة من طرف الحكام... إلخ. ونعم هناك سذاجة محببة في كل هذا الاستعراض الكبير للقوة المبالغ فيه بتعمد. الفن والإبداع يجعل المبالغة «منطقية» حين يتطلب الهدف إيصال الفكرة وجواً فنياً خاصاً. خاصة إذا كان الفنانون المستدعون من طينة راي تشارلز والرائعة أريتا فرانكلين. تتواتر مشاهد العنف ولقطات الشدو. الموسيقى لا تلطف ولا تهادن، بل تعلن الخطاب الثوري الذاتي في الغالب على درب السول والبلوز. الارتقاء الذاتي بالفن للتغلب على المصاعب، تعلقا بالحياة رغم الالم والعذاب وقلة ذات اليد. كل أغنية هنا تمنح للذات أويقات علوّ. ينتصر الفن طبعا كما في «هير»، ولا يهم أن ينتصر البطلان، فما يظل يتموج هو اللحن والصوت الشجي طويلاً يتردد في السمع. قد تربطه بهذا الفضاء أو ذاك، بتلك العلاقة أو ذلك الوجه. بلوز براذرز فيلم لا ينسى أبداً.

الفيلمان أميركيان أنتجا في عز التجاذب ما بين المجتمع والنخبة. أميركياً وعالمياً بالتأثر. هذه «ألأميركا» التي صنعت أحلام العالم منذ تمكنت من صناعة السينما، وجعلتها منتجة للحلم وللتعبئة الأيديولوجية التي لـ «سذاجتنا» في زمن ما، نسينا أن فيها نخبة أخرى هي نخبة الأدب والفن والسينما، والفيلمان دليلان.

... و«الحال» للمغربي أحمد المعنوني

مغربياً، السينما عندنا لم تنتج كوميديا موسيقية. هناك أفلام تتضمن أغاني ولحظات شدو. والفيلم المغربي الأول غنائي على الطريقة المصرية. لكن أبرز فيلم مغربي غنائي هو «الحال». هنا لا سذاجة، بل عفوية جارفة تجاه موضوع موسيقي يُجمل بلداً بكامله، فيلم من العيار الثقيل الذي لا يحكي ولا يسرد قصة، لكنه شريط سينمائي قوي بموضوعه. لا أحب وسمه بالوثائقي، لأنه يتجاوز ذلك بكثير لقوة أثره. مشاهدته تمنح المغرب الجمعي في توليفة قل نظيرها، المغرب العميق الذي تعلن عنه الموسيقى الحقيقية لعروقه وجذوره. كما شكلته جماعة «ناس الغيوان» الغنائية.

الحال عمل مصالحة مع بلد ومجتمع لم تقم به السياسات والنخب المتعالية. حين تشاهد لقطة ممثلي الدولة عبر أعوانها وهي تحرس المتعة العظيمة لسهرة «غيوانية» في فضاء عام من هجوم الجموع المحبة العاشقة المأخوذة، نعرف قوة هذا الشريط الذي خلد إحدى أقوى الفترات في تاريخ المغرب السبعيني الذي لم يكن سهلاً. يبدو معها الحي القصديري الشعبي قدراً نستطيع مواجهته والنظر فيه، ليس كعيب كما كان يحدث سابقا، بل كمكان إبداع أيضاً في لحظة تاريخية. يبدو أفراد «ناس الغيوان» كأناس من عامة الناس يمتلكون ناصية الإبداع الأصيل، يبدون ابطالاً حقيقيين. ومن ثم يغايرون الصورة المرسومة رسمياً للبطولة التي كانت فوقية ونخبوية. هم أبطال في حياتهم البسيطة وطموحاتهم التي يوردونها. و«الحال» حينها يبدي سرده الخاص الممزوج ما بين لحظات التوثيق ولحظات النغم في تواز منسق ومحبب وغير مسبوق.

ولا غرابة إن اعتُبر أحد أجمل الأشرطة في تاريخ السينما المغربية. شريط عنوانه الموسيقى. وهذه الأخيرة تتجلى كخليط مغربي من شريط «هير» ومن شريط «بلوز برادرز». الأول من حيث الألوان والشعور الكثة وكلمات الاحتجاج الصداحة في الشدو، والثاني من حيث فضاء الفقر والأقبية الشعبية وغناء الألم وشدو الذات المكلومة في صراعها الأبدي وجودياً وحياتياً ومجتمعياً من أجل التحقق. وليس غريبا إذن أن يختاره عبقري السينما العالمية مارتن سكورسيزي ضمن قائمته لأفضل أشرطة في تاريخ السينما العالمية.

هي أفلام ثلاثة من ذات المرحلة الزمنية، أليس في ذلك قدر مُسطر؟ أليس في الحالة درس يجب تأمله؟ نعم، فحين تكون الموسيقى أصيلة والشدو إنسانياً وعميقاً نصنع سينما أصيلة وإنسانية وعميقة.

الحياة اللندنية في

01/06/2012

 

مطبّات نفسية وروحية للنجاة

دمشق – فجر يعقوب 

يبدو الفيلم القصير الذي حققه، أخبراً، المخرج التونسي أنور لحوار، إشكالياً. وقد لايبدو اختيار المخرج زمن «ثورة الياسمين» حيزاً زمانياً للفيلم مصدر هذا الاشكال بالدرجة الأولى، فالفيلم يطل علينا من هناك بحكاية ونيس، المدلك البسيط (ألطيّاب) في حمام تركي، من تلك الحمامات المنتشرة في بعض المدن التونسية، ومنها مدينة سوسة التي ينتمي إليها المخرج اقامة واخراجا.

تبدو الدقائق التي يعيش من خلالها ونيس «ليقص» حكايته علينا للوهلة الأولى غير كافية لنشهد على انحناءاته المكثفة على عالمه الداخلي. قد يتطلب الأمر أكثر من ذلك.

لكن المخرج لحوار من خلال شغله على رمزية حكايته، ووسمها بالتفاصيل اللازمة، يتجاوز كل مامن شأنه أن يُشكل على المشاهد أيضا، ويقدم له حكاية قابلة للتعدد والانشطار، مايعني أننا نقف أمام فيلم روائي قصير حمّال درامي للأوجه، ويتكئ على رموز داخلية تتوالد منه بانسجام هارموني واضح، اذ ينتقل بنا من حالة استقطاب عامة للشخوص نحو عالم ونيس البسيط والغني في آن.

تبدأ القصة من هناك ، حين يموت رجل عجوز، ويتعذر تغسيله قبل اجراء مراسم الدفن، بسبب تغيّب من يقوم بتغسيل الموتى، أو اختفائه في خضم الأحداث العاصفة في تونس التي شهدتها البلاد في أعقاب حادثة البوعزيزي الشهيرة.

ويتعين هنا على جاري المتوفى (بحسب الطقوس المتبعة) تدبير حالته كما يفترض في مثل هذه الأحوال، ولا يكون أمامهما سوى اللجوء إلى ونيس العامل في الحمّام العمومي، الذي لم يجرب من قبل تغسيل جسد ميت و«تطييبه» قبل دفنه. فهو لايعرف سوى الأجساد الحيّة التي تمر من بين يديه، وعهده أنه لم يلمس جسدا باردا منذ بدأ عمله كمدلك.

هذه الانحناءة كانت تكفي لفحص عوالم الجارين وونيس والمتوفى وصاحب الحمّام، لنكتشف أننا نقترب من عوالم انطون تشيخوف القصصية، فالشخوص هنا لاتلتقي على صراع، وانما تدفع بالشخصية الرئيسة، لتعيش على وقع صراعها مع نفسها أولا ، ولتبدأ من هناك التحولات التي تودي بنا نحو خاتمة غير متوقعة.

هذا النوع من السرد على النهايات المفتوحة، الذي لايحتفل بنفخ الذروة في صراع درامي محسوب، هو سمة فيلم «الطيّاب»، فمن هنا، من تلك اللحظة التي سيقترب فيها ونيس من جسد المتوفى سيتغير عالمه نهائيا، وسيتغير معه عالم المدلك، الذي قضى حياته في الحمام وسط الماء الساخن والعرق الشديد، ولكنه لن يشعر بذلك، إلا حين يلمس الجسد البارد للعجوز الموصى بتغسيله.

حتى امكانية أو احتمال اصطدام ونيس بصاحب الحمام لاتبدو هنا مهمة في سياق الرواية، لأن اكتشاف ونيس لعالم مختلف، عن ذلك الذي عاش فيه من قبل، وربما لم يعرف غيره، هو ما يثبت التطور المطلوب للانكفاء نحو عالم داخلي بدا مضطربا ومشوشاً، وأخذ يرسم لنا ملامح شخصية جديدة ربما كانت بحاجة إلى هذه الصدمة الناتجة عن الاصطدام بجسد ميت، لا للعودة باتجاه تدليك الأجساد الحيّة مرة أخرى.

وربما يبدو الاشكال هنا، ومع هذا فإن شخصية ونيس تذهب في اتجاه آخر، قد يبدو مباغتا للبعض، وغير ذلك للبعض الآخر.

ان التأسيس بدأ أساسا لتطور الأحداث في الفيلم إثر اختفاء من يفترض أنه يمكنه القيام بذلك، ولكن ثورة الياسمين تعطل حضوره أو تدفع به وتقصيه ليشكل هذا التغييب ذريعة درامية تكفي لوصول ونيس نحو عالمه الآخر الجديد، وليكتشف معه القلق الخلاق الذي يفضي نحو عوالم رحبة أكثر، ومفضية نحو ابداع من نوع مختلف.

ربما نهتف هنا مع أنور لحوار: كم يتوجب على ونيس أن يعاني ويذوق عذابا نفسيا ومعنويا وماديا، وهو يتنقل بين عالمين يتأرجحان بالشدة ذاتها، حين لايكون أمام الشخص المعني أكثر من نافذة ليطل منها على مايريد في حياته، وقد ضاعت سدى، لأنه لم يكن ممكنا له أن يكتشفها باليسر ذاته حين لاتكون هناك أسئلة مقلقة من أي نوع.

ما يفعله هنا ونيس، هو بالضبط مايمكن وصفه بالانحناء على عالم شخصي فيه مايكفي من الاضطراب، ليعيش قلاقل أكبر، ومطبات نفسية أشد وقعا باتجاه تفريج درامي. فنوع الطين المستخدم في غسل الأجساد الحيّة والميتة على حد سواء، يفضي أيضا إلى اكتشاف عوالم من الطين أيضا، حين يكتشف ونيس عالمه الجديد في صناعة الأواني الفخارية، ويعيد تشكيلها كما يشاء، أو هو يعيد تشكيل طمأنينته الروحية على هواه بعبارة أدق.

الحياة اللندنية في

01/06/2012

 

مشروع مسلسل لتقديم قصة حياتها مطروح أمام شركات الإنتاج.. ودنيا سمير غانم مرشحة للدور

شادية حبيبة القلوب.. الناس رددت لها «خُد بإيدي» حتى عادت بالسلامة

القاهرة: طارق الشناوي

تعلقت قلوب الجماهير بالفنانة الكبيرة شادية عندما ألمت بها أزمة صحية حادة، وعادت شادية مؤخرا إلى منزلها واطمأنت قلوب الناس في الوطن العربي على الفنانة الكبيرة، ولم تصرح شادية بشيء بعد تخطيها هذه المحنة الصحية ولكن عن طريق عدد من أصدقائها وأقاربها وجهت شكرها إلى الجماهير.

تفضل شادية دائما الهدوء وتبتعد عامدة عن أجهزة الإعلام، وليس هذا الأمر مرتبطا فقط بقرار الاعتزال الذي اتخذته قبل أكثر من ربع قرن، حيث إن شادية بطبعها عزوفة عن أجهزة الإعلام ولن تجد في أرشيفها المقروء والمسموع والمرئي إلا القليل جدا.

وعندما اعتزلت كانت حريصة على أن لا تتورط مثل عدد من الفنانات اللاتي أعلنّ أن الفن الحرام وتبرأن من أعمالهن الفنية.

آخر مرة استمع فيها الناس إلى صوت شادية أثناء ثورة اللوتس المصرية، حيث إن إحدى القنوات استغلت مشاعر شادية كأم، بل وجدة، حتى لو لم تعِش تلك المشاعر في الواقع لأنها لم تنجب، إلا أنه قد تم استغلالها لتوجه نداء للشباب للعودة إلى بيوتهم. والحقيقة هي أن هناك من أراد استخدام شعبية شادية عند الناس لتحقيق مكاسب سياسية، فهي لم تكن يوما صوتا للنظام، كما أنها لم يكن لها أي مصلحة في الدفاع عن مبارك، ولكن فقط شادية أرادت أن توقف نزيف الدماء في ميدان التحرير فتصورت أن عودة الشباب إلى بيوتهم هو الحل.

كانت شادية ومن خلال أغنية «يا حبيبتي يا مصر» هي صوت الثورة المصرية، حيث ردد الشباب أغنية شادية وظلت تردد في كل الميادين التي اشتعلت فيها الثورة.. الحقيقة أن شادية استطاعت أن تجمع بين الكثير من الأنماط والألوان الغنائية، وحققت نجاحا لافتا في كل الأعمال التي قدمتها مطربة تقدم أغاني خفيفة مثل «يا دبلة الخطوبة»، أو وهي تغني أغنية مليئة بالشجن مثل «ليالي العمر معدودة»، أو وهي تغني «يا حبيبتي يا مصر» أو «يا أم الصابرين» أو «عبرنا الهزيمة»، ثم تغني قبل الاعتزال الأغنية الدينية «خُد بإيدي».. دائما هي حاضرة في كل مناسبة عاطفية أو وطنية أو دينية.

هي المطربة التي شاركت الكثير من كبار المطربين في أفلامهم: محمد فوزي، فريد الأطرش، عبد الحليم حافظ، كمال حسني. والحقيقة أن صباح أيضا كانت مثل شادية حيث شاهدناها مع فوزي وفريد وعبد الحليم، وإن كانت شادية هي المطربة الوحيدة التي قدمت ثلاثة أفلام مع عبد الحليم، بل عندما قدمت معه أول أفلامه «لحن الوفاء» كان اسمها معروفا أكثر منه لأنها سبقته فنيا، ورغم ذلك تحمست للفيلم ومشاركته البطولة وغنت معه أكثر من دويتو غنائي، أشهرها «لحن الوفاء» تلحين رياض السنباطي، وفي آخر لقاء لها مع عبد الحليم حافظ في فيلم «معبودة الجماهير» تأليف مصطفى أمين الذي كان متزوجا بها، والغريب أن البعض أوعز لعبد الحليم معاتبا كيف يقبل أن يقدم فيلما عنوانه «معبودة الجماهير» في حين أنه الأحق بهذا اللقب، ولهذا استغرق تصوير الفيلم شهورا كثيرة لأن عبد الحليم لم يكن راضيا عن العنوان.

شادية حرصت على أن تظل على القمة طوال مشوارها، وكانت دائما تقول إن الفنان ينبغي أن يختار موعد الاعتزال، قبل أن تودعه الأضواء يودع هو الأضواء. وتزوجت من اثنين من كبار النجوم عماد حمدي وصلاح ذو الفقار، وقدمت الكثير من الأعمال التي دخلت ذاكرة الناس، ومن بينها «أغلى من حياتي» حيث شاركت صلاح ذو الفقار البطولة وقدما دوري «أحمد» و«منى»، وانتقل هذان الاسمان من الشاشة إلى الشارع ودائما ما يردد الناس في الشارع تعبير «أحمد ومنى» على العمل الفني الذي يقدم علاقات رومانسية بين حبيبين.

طموح الممثلة شادية لم يعرف حدودا.. كل المطربين والمطربات الذين سبقوها كانوا حريصين على أن تتخلل أفلامهم أغنيات، ولكن شادية في الكثير من الأفلام استطاعت أن تحطم هذا القيد، وهكذا شاهدناها في فيلم «اللص والكلاب» للمخرج كمال الشيخ تمثل فقط، وهو ما دفع عبد الحليم بعدها بأكثر من 14 عاما إلى أن يطلب من كمال الشيخ أن يعد له فيلما يمثل فيه دون غناء، ولكن رحل عبد الحليم عام 1977 قبل أن يحقق تلك الأمنية.

مع الفنان الكبير كمال الشناوي قدمت 33 فيلما مثل «المرأة المجهولة»، و«وداع في الفجر»، و«الروح والجسد»، وأهم تجربة جاءت في «المرأة المجهولة» عندما أدت دور أم لشكري سرحان.. وقال لي الفنان الراحل كمال الشناوي إنه ظل حتى سنواته الأخيرة يتلقى خطابات من معجبين يسألونه عن شادية باعتبارها زوجته، لأنهم صدقوا ما تقدمه الشاشة. والغريب أن كمال كان قد تزوج من شقيقة شادية.

وكان كمال قد أعد مشروعا يجمعه مجددا مع شادية وكتب معالجة درامية لعمل فني يبدأ مع نهاية أي عمل فني قديم لهما أبيض وأسود عند زواجهما ثم يكتب على الشاشة مر 25 عاما، ليقدم جزءا ثانيا من الأحداث، وتحمست شادية للفكرة، ولكن جاء قرار اعتزالها بعد مسرحية «ريا وسكينة» التي حققت نجاحا ساحقا لتجهض المشروع، حيث رفض كمال الشناوي أن يستبدل شادية بأي فنانة أخرى، وقال لي: «الناس كانوا يصدقوننا معا، ولا يمكن أن يقتنعوا بأي فنان آخر».

وابتعدت شادية عن الفن ولكنها لم تجرمه أو تحرمه مثل الكثير من الفنانات اللاتي أعلنّ ذلك، وأتذكر عام 1995 أن مهرجان القاهرة السينمائي الدولي قرر تكريم شادية، ووافقت بعد أن اتصل بها الراحل سعد الدين وهبة رئيس المهرجان، وكان وهبة قد شارك في كتابة الكثير من السيناريوهات التي لعبت بطولتها شادية مثل «زقاق المدق» و«مراتي مدير عام». وأبدت شادية موافقة مبدئية ولكن في اللحظات الأخيرة تراجعت وتردد وقتها أن الشيخ محمد متولي الشعراوي الذي كان قريبا لها هو الذي أقنعها بعدم الذهاب إلى حفل التكريم، ووجه إليها وهبة نداء صباح يوم افتتاح المهرجان لتكريمها يطلب منها الحضور ولكنها لم تستجب، وأخذت درع التكريم نيابة عنها مديحة يسري.. ولم تعقب شادية أو تبرر أو تفسر حتى الآن سر اعتذارها المفاجئ وآثرت الصمت.. ولكنها خرجت عن صمتها قبل ثلاث سنوات عندما وجدت أن هناك شركة إنتاج تسعى لتقديم قصة حياتها في عمل فني، ولم توافق شادية. وكنت أعرف مقدما أن شادية ترفض أن تقدم حياتها في مسلسل تلفزيوني.

مشروع إنتاج مسلسل عن حياة شادية مطروح بقوة في عدد من شركات الإنتاج.. المسلسل كتبه ماهر زهدي ويخرجه سامح الشوادي ورشحت للبطولة دنيا سمير غانم.. شادية تحجبت ثم اعتزلت في هدوء ولم تطالب مثلا مثلما فعلت شمس البارودي بحرق بعض أفلامها أو تنكرت لأي مشاهد عاطفية قدمتها.. أكثر من ذلك شادية من الممكن لو أعجبها أداء ممثل أو ممثلة أن تتصل به لتهنئه، وكثيرا ما صرح أكثر من نجم ونجمة عن سعادته بأنه قد تلقى مكالمة تليفونية من شادية.. حتى الآن لم ينقطع تواصل شادية بالحياة الفنية، ورغم ذلك فإنها تعتذر عن حضور أي حفلات لتكريمها ووجودها اجتماعيا صار نادرا.. وهذا بالتأكيد من حقها.

هل تقدم حياة شادية وهي رافضة أن ترى حياتها على الشاشة؟! لا أتصور أننا من الممكن أن نسعد بذلك، كما أنني لا أعتقد أيضا أن فنانة شابة مثل دنيا سمير غانم من الممكن أن تتحمس لأداء دور شادية دون أن تحصل على موافقتها. أكثر من ذلك فإن المنطق يقضي بأن تلتقي مع شادية لتسألها الكثير من تفاصيل حياتها لو صح أن شادية ترحب بذلك، مع يقيني بأن شادية لا تتحمس لمثل هذا العمل الدرامي.

الفنان عادة لا يرحب بأن يرى من يجسد شخصيته على الشاشة وهو على قيد الحياة.. على المستوى العالمي أيضا أغلب النجمات لا يفضلن ذلك، بريجيت باردو وإليزابيث تيلور رفضتا مؤخرا أن تقدم حياتهما في فيلم سينمائي، وبالطبع لا يوجد ما تخشاه كل منهما لأن حياتهما مؤرخة في الكثير من الكتب والمراجع الفنية، ولكن كل منهما ترى أن حياتها تخصها وحدها وأنه لا توجد ممثلة تستطيع أن تقنع الجمهور بأدائها لشخصيتها في مراحل عمرها المختلفة.

قد نسأل: ولماذا وافقت مؤخرا صباح على تقديم مسلسل باسم «الشحرورة»؟ صباح على استعداد أن تروي حياتها لمن يريد وتقول كل التفاصيل، بل إنها عادة تقول أكثر مما هو مطلوب ومما تسمح به أيضا الرقابة التلفزيونية، وفي النهاية هذه هي قناعة صباح وليس من حقنا أن نراجعها.. الأمر مختلف تماما مع شادية، فهي قد اختارت الحياة الهادئة.

شادية من حقها علينا أن نستأذنها أولا قبل أن نشرع في تقديم حياتها ولا نعتبر سكوتها كما يحاول أن يشيع البعض هو علامة الرضا.. طوال تاريخ شادية الفني وحتى الآن كلما استعدنا أغانيها أو أفلامها لم تتوقف عن منحنا نسمات السعادة.. فلماذا نجرح النسمة؟

أستطيع أن أدرك أن فنانة تملك كل هذه الرقة عندما قررت الابتعاد فإن من حقها علينا أن نحافظ على مشاعرها وأن لا نجرحها.. خرجت شادية عن صمتها الدائم وقالت لا أريد لأحد أن يقدم قصة حياتي، وتوقف تماما هذا المشروع.

شادية تبدو أمام الكاميرا ممثلة وكأنها نغمة مرئية، وعندما تغني تحيل كل الأحاسيس المرئية إلى تفاصيل مسموعة.. تعلقت بها قلوب الملايين وهي في لحظات مرضية قاسية وقاومت المرض وعادت تحوطها قلوب الناس التي دعت لها ورددت معها «خُد بإيدي».

الشرق الأوسط في

01/06/2012

 

الفنانة اللبنانية تجهز لرمضان بمسلسل من 120 حلقة

دارين حمزة: المصريات يقدمن أدوارا سهلة والإغراء لا يقتصر علينا..

بيروت: هيام بنوت

بعد تألقها في مسلسل «الشحرورة» بدور نجاة شقيقة الفنانة صباح، تهافتت العروض التمثيلية من مصر على الفنانة دارين حمزة التي سوف تطل في رمضان المقبل من خلال عملين؛ الأول بعنوان «زي الورد» وهو مسلسل طويل مؤلف من 120 حلقة، والثاني بعنوان «الخطوط الحمراء» الذي سيشهد عودة النجم أحمد السقا إلى الدراما التلفزيونية بعد غياب طويل عنها، عن هذين المسلسلين تقول حمزة: «المسلسل الأول من بطولة صلاح عبد الله، ويوسف شريف، ودرة، بالإضافة إلى مجموعة من الممثلين اللبنانيين الذين سيشاركون بأدوار مهمة. المسلسل سياسي اجتماعي، فيه (أكشن) ومواقف إنسانية، وهو يحكي عن الفساد والصراعات التي تحصل بسببه والثمن الذي يدفعه الإنسان عندما يتحدى الفاسدين، وأنا سوف أجسد شخصية (لارا) وهي فتاة تنغمس في الفساد ثم تقرر الانسحاب منه، وسوف أطل في 60 حلقة، أي أن دوري أساسي في هذا العمل. أما في مسلسل (خطوط حمراء) فسوف أقدم شخصية فتاة شريرة تعمل لمصلحة المافيا. وبالإضافة إليهما كان من المفترض أن أطل في رمضان أيضا بمسلسل (ثنائية الكرز) للمخرج نجدت أنزور ولكن تأخر تصويره بسبب بعض الظروف وسوف يتم عرضه خارج إطار رمضان، ولقد سعدت بذلك لأن هذا الأمر يتيح أمامه الفرصة لكي ينال نصيبه من المشاهدة».

وتبقى السينما المصرية هي الحلم بالنسبة لأي ممثل عربي، ولكن بما أنها ليست بأفضل أحوالها بسبب الظروف الصعبة التي تمر بها مصر حاليا توضح حمزة: «لا شك أنني كممثلة أفضل السينما على التلفزيون، وكل ممثل محترف يطمح إلى العمل في السينما، لأنها تحتاج إلى أداء أكبر، كاميرتها أوسع، وتتطرق إلى مواضيع جريئة لأن الجمهور هو الذي يقصدها. في مصر، عرضت علي المشاركة في فيلمين لكنني لم أقبل بهما، لأنني لم أجد فيهما الدور الذي أبحث عنه، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، فإن المنتجين في مصر يركزون في المرحلة الحالية على الإنتاجات الدرامية التلفزيونية لأنها مضمونة أكثر في ظل الأوضاع التي تعيشها البلاد. فرصتي في السينما يمكن أن أحصل عليها من مكان آخر، كما حصل مع فيلم (33 يوما) الذي يعرض حاليا في صالات السينما اللبنانية، وأيضا مع فيلم (ديترويت) للمخرج عادل سرحان، الذي سنباشر تصويره في بيروت خلال الفترة المقبلة، بعدما انتهى المخرج من تصوير المشاهد الخاصة بأميركا. الفيلم اجتماعي تدور أحداثه بين مدينتي بيروت وديترويت، ويضيء على الفوارق بين حقوق المرأة في الغرب وحقوقها في الدول العربية، من خلال قصتين تسير أحداثهما بشكل متواز في ديترويت وبيروت، وأنا سوف أقدم الشخصية الأساسية في العمل أي شخصية المرأة المعنفة، التي تحاول أن تهرب من زوجها، ولقد أحببت فكرة الفيلم كثيرا لأنها تحمل رسالة اجتماعية حول حقوق المرأة».

وترى حمزة أن الأعمال الفنية في لبنان والوطن العربي تدور في فلك السياسية «إنها موجة عامة، فرضتها الأحداث التي تحصل في الوطن العربي ومن الطبيعي أن تنفّذ أعمالا مرتبطة بالواقع كما هو الحال بالنسبة لفيلم (33 يوما) الذي يدور حول حرب تموز 2006، لأن هذه الحرب حصلت فعلا وكان لا بد من أن نتحدث عنها وأن نؤرخها سينمائيا، ولكنني أحب أيضا الأفلام الرومانسية وأفلام الخيال، ولكن الفرص لا تتاح دائما لتقديم الأعمال التي أحبها، ولذلك أختار الأفضل من بين ما يعرض عليّ. عادة أنا أتبع الشخصية، ولأنني لم ألعب أدوار الشر في السابق فإنني تحمست عندما عرض علي مسلسل (خطوط حمراء)، لأنني كممثلة أحب أن أجرب كل شيء، لكي أتحدى نفسي من ناحية، ولكي أتجنب من ناحية أخرى التكرار في الأدوار التي أقدمها من عمل إلى آخر».

وتوضح حمزة أنها تجاوزت عقدة فيلم «بيروت بالليل» الذي منع عرضه في لبنان: «هو كان مجرد تجربة أضافت إلى خبرتي وتجربتي السينمائية، ولكن الأمور لن تتوقف عنده. من بعد فيلم (بيروت بالليل) عرضت علي الكثير من البطولات والأدوار الجريئة ولكنني رفضتها لأن ما قدمته في هذا الفيلم كان مجرد تجربة ودوري فيه لا يمثل الخط الذي سأعتمده في عملي، فأنا كممثلة أنوع في أدواري وأبني شخصيات مختلفة ولا أتوقف عند شخصية معينة، كما أنني لا أتوقف عند حجم الدور، بل كل ما يهمني هو أن يكون لائقا وأن أكون في مكاني الصحيح، لأن هناك شيئا اسمه (كاستينغ) والذين يختارون على أساسه يختارون الدور المناسب لكل ممثل».

وتؤكد حمزة أنها كممثلة كسرت من خلال حسن اختيارها لأدوارها القاعدة المعتمدة في مصر حيث يتم الاستعانة بالممثلة اللبنانية لأدوار الإغراء والشكل: «كل الأعمال التي شاركت فيها قدمت من خلالها شخصيات لبنانية، ولكن ليس تلك المعتمدة في مصر. يعرض على الممثلة الكثير من الأدوار والقرار يعود لها وحدها في السير في أدوار الشكل والإغراء أو رفضها والاتجاه نحو أدوار مختلفة تفرض من خلالها نفسها كممثلة قادرة على تركيب الشخصيات. الإغراءات كثيرة وتصل أحيانا إلى أدوار البطولة، وعلى الممثلة أن تحدد إلى أين تريد الوصول، مع العلم أن أدوار الشكل والإغراء لا تقتصر على اللبنانيات بل حتى على المصريات اللاتي يقدمن هن أيضا أدوارا مماثلة أي أدوارا سهلة، بينما أنا أريد أن أسير على خط الممثلة المحترفة التي تلعب الأدوار المركبة والصعبة، مع الحرص على احترام السوق الذي أدخل إليه وعلى أن أكون ذكية في اختياراتي».

وتتحدث حمزة عن صورة الممثلة اللبنانية في مصر: «هم يحبون نور كثيرا وهي (نجّمت) لفترة طويلة هناك، أما صباح فهي صاحبة تاريخ فني حافل وكلما ذكر اسم لبنان مرتين يقولون صباح. في مصر بدأوا يكتشفون أن لدينا طاقات ومواهب وفنانين جادّين ومحترفين وملتزمين بالمهنة. عادة أنا لا أسال عن غيري بل أتعامل مع هذا الأمر كما أتعامل معه عندما أكون موجودة في لبنان وأعتقد أن عمل الفنان هو الذي يتحدث عنه».

بعد الفنانتين نور وصباح هل تتوقع أن تكون حمزة هي الوجه اللبناني الثالث الذي سيحظى باهتمام المصريين؟ تجيب: «الله كريم! إذا واصلت العمل على أسس صحيحة، وتمكنت من إبراز وجه لبنان الفني الذي يضم فنانات متعلمات ومثقفات وجيّدات، يحترمن مهنة التمثيل ويحفظن النصوص ويتقيدن بالمواعيد. شخصيا أنا أتمنى السير على خطى ممثلات مهمات مررن في تاريخ الفن وأن أتمكن من تحقيق أحلامي في المهنة. أنا أؤمن بالمكتوب، وإذا كان مكتوبا لي ذلك، فلا شك أن هذا الأمر سوف يتحقق، ومن جانبي ما علي سوى أن أسعى وأن أقدم عملي بطريقة صحية.. والباقي على الله».

دارين المبتعدة عن أجواء الممثلات اللبنانيات تتحدث عن علاقتها بهن: «أنا بعيدة عن الجميع لأنني بدأت مشواري الفني خارج لبنان ولذلك من الطبيعي أن تكون كل علاقاتي الفنية خارجية. أنا معروفة أكثر عربيا، لأن المشاهدين العرب يتابعون الدراما العربية أكثر من متابعتهم للدراما اللبنانية، وفي الوقت نفسه أنا ممثلة مسرحية ومن يريد رقم هاتفي يحصل عليه من النقابة، لأنه لا توجد لدي صداقات في الوسط وأنا لا أعتمد عليها في عملي. عندما يبدأ الممثل مشواره مع أشخاص محترفين خارج لبنان، لا يركز على الأعمال المحلية ولكنني حرصت على المشاركة في المسلسل المحلي (غزل البنات) لأنني أحب بلدي وأريده أن يبرز دراميا، تماما كما سعدت بمشاركتي في فيلم (33 يوما) الذي يعرض حاليا في الصالات اللبنانية ولكن لبنان بلد محدود فنيا لعدم وجود صناعة فنية فيه، مما يجعلني أنأى بنفسي عن صناعة فنية محدودة في ظل توفر صناعة فنية أكبر في الخارج تكسبني خبرة أوسع. والتوجه الفني الذي أعتمده، أكسبني خبرة كبيرة في التعامل مع منتجين ومخرجين وممثلين خارج لبنان وعدم التقيد بالمنتجين اللبنانيين».

وتحدثت حمزة عن علاقتها بالمنتجين اللبنانيين. وقالت: «عرض علي زياد شويري (غزل البنات)، وهو مسلسل كوميدي ولكن العروض الخارجية أكثر ولذلك أتوجه نحو الخارج. لكنني أشعر أحيانا بأن الوجوه التي أشاهدها على الشاشة تتكرر من عمل إلى آخر، مما يعني أن هناك منتجين معينين يتعاملون مع ممثلين محددين. شخصيا لا توجد مشكلة بيني وبين أي منتج لبناني وأتمنى التوفيق للجمع لكن السوق الخارجية أوسع والعمل في الخارج أكثر احترافا».

ويبقى الإخراج خطوة مؤجلة في مشاريع وأحلام حمزة: «حاليا أنا أركز على التمثيل، لأنه في عمر معين يمكن للممثلة أن تلعب أدوارا أساسية، أما الإخراج فهو يحتاج إلى شخص مخضرم ولا توجد مشكلة مع العمر عند مزاولته كمهنة».

الشرق الأوسط في

01/06/2012

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)