حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

أربعون عاما من الرحيل محمد كريم

بقلم : محمود على

 

أكاد أجزم بأن الذين حاولوا احراق وهدم تمثا واحد من أبرز رواد السينما المصرية شاهد جديد علي مؤامرة الصمت التي تشارك فيها جميعا < لهؤلاء أقول إن كريم واحد من بناة وجدان هذه الأمة من فن سينمائي علي امتداد سيرة حياته ومن مواقف تعلي من الروح الوطنية محمود علي في أحد مشاهد الفيلم البديع «مواطن ومخبر وحرامي» تنشأ علاقة بين الحرامي والمواطن المثقف والمخبر غريبة، وعندما يعبر الحرامي عن صداقته للمثقف يسرق تمثالاً عاريا ليهديه إياه، وقد غطاه بالقماش فلا يبدو منه شيئاً ويسأله المواطن المثقف.. ماهذا؟ فيكون الرد: ده عيب وحرام! وتزداد غرابة هذه العلاقة بين الثلاثي ليصبح فيها الحرامي هو الذي يوجه الفنان المثقف فيما يكتب وما لا يكتب من وجهة نظره الساذجة للحلال والحرام، ويتحول المخبر إلي وكيل أعماله. الأغرب من كل هذا ان توصيات المخبر سرعان ما تجد رواجها في السوق.. ومن ثم الشهرة. هذه الصورة الموجزة لفيلم المخرج الفنان داود عبدالسيد والذي قد تبدو نوعا من الفانتازيا وإغراقاً في الخيال والتي يدين بها التحولات التي تجرب في المجتمع المصري وتعكس انقلاب القيم والمعايير والهرم الاجتماعي، تذكرنا ببعض ما يجري في حياتنا وما أشبه الليلة بالبارحة! ذلك أن الواقع الآن يكشف لنا عن بصيرة المخرج، فما قدمه علي الشاشة صار جسدا يمشي علي أربع ممثلاً فيما نشاهد أعلي أرض الواقع وشاشات التليفزيون ومجالسنا النيابية من آراء قلة تتكلم باسم الدين وتكاد تكفر المجتمع كله. التقدم إلي الخلف فما الذي يحدث في بر مصر؟ هل قام المصريون بثورة 25 يناير لنلحق بالألفية الثالثة أم للعودة للوراء قرونا من الجهل! وهل أتاحت ديموقراطية الثورة - لمن كان يقف ضدها - أن يري مستقبل مصر كما يحب ويهوي وفقا لرؤيته فقط.. وكل من حوله خارج دائرة الدين، ومن الذي أعطي للقلة من هذا التيار أن يأمر ليطاع ولو بالثورة! إنني أتحدث هنا عن الإسلام السياسي علي إطلاقه.. رغم أن غالبيته يري ويسمع دون أن يعلن صراحة عن موقفه من هذه الظواهر بل الفتاوي الغريبة التي تسللت إلي جسد المجتمع المصري حاملة معها بداوة الصحراء. هذه الفتاوي كانت قد بدأت علي استحياء قبل ثورة 25 يناير بسنوات.. إزاء الفنون عامة.. وخاصة السينما وتجلت في محاكمات بعض الفنانين تحت دعوي الحسبة يرفعها باحثون عن الشهرة لتزحف فتاوي أخري إلي الجامعات فيما يشبه المليشيات.. حتي وصلت إلي كلية الفنون الجميلة لتحريم التماثيل باعتبارها عملا من أعمال الجاهلية لا يجوز ممارسته الآن في ظل مفهومهم الضيق للفن. هذه الرياح الغريبة التي نشأت وترعرت بعيداً عن العيون ولا أقول تحت عيوننا جميعاً عبر الزوايا وقوانين البناء دون إشراف حقيقي عليها من وزارة الأوقاف لتكون أرضاً خصبة لمثل هذه المفاهيم الدينية الجامدة ليعود الفن إلي قفص الاتهام هذه الأيام بالجملة ليس علي فنان واحد بل علي كوكبة من فنانينا في قضايا لم تعد موضع خلاف إلا في أذهان طيور الظلام، وإلا فلنحاكم الدولة التي أجازت مثل هذه العروض.. والجمهور الذي أقبل عليها ودعمها من جيبه الخاص في شباك التذاكر؟ كل هذا جري ويجري ونحن نتفرج والدولة تري ما يجري وقبضتها الرخوة تلعب بالنار.. إما بالتجاهل أو المطاردة طبقا لرياح السياسة. شاهد جديد وما حدث في الأيام الأخيرة من محاولة إحراق وهدم تمثال واحد من أبرز رواد السينما المصرية شاهد جديد علي مؤامرة الصمت التي نشارك فيها جميعا، وأكاد أجزم بأن من فعلوا ذلك لا يدركون قيمة الرجل، بل وأقول لا يهمهم قيمته بل كل ما يعنيهم كيف يتجسد في تمثال! هذا هو الشغل الشاغل عند بعض المتشددين من دعاة السلفية الذين باتوا يثبتون مثل هذه الآراء المتشددة دينيا علانية وبعد أن صارت المحطات الفضائية مركزا لإطلاق فتاواهم بلا حياء أو مراعاة لطبيعة شعب مؤمن بفطرته السليمة.. لكن بوسطية إلي أولئك وهؤلاء أقول لهم إن محمد كريم واحد من بناة وجدان هذه الأمة بما قدمه من فن سينمائي علي امتداد سيرة حياته، ومن مواقف تعلي من الروح الوطنية، لم يكن رجل سياسة.. ولا كان يميل للانخراط فيها، كانت بوصلة حياته إيجاد سينما مصرية في وقت لم نعرف فيه عصر السينما وكما كان ينادي منذ شبابه: «ليعرف العالم أن لمصر مدنية وثقافة وأنها لم تكن فقط كما كانوا يتوهمون مسرحا للتماسيح يفتك بأهلها الجهل والمرض». وكان أول من رفع صوته عاليا عام 1918 علي صفحات الجرائد بضرورة إنشاء شركة سينمائية مصرية في وقت لم يعر أحد لنداء الثقافة في ذلك الوقت، وتقول الصحافة ردا علي نداءاته «الآن وقد نهض بناء لمصر بهذا المشروع "إنشاء بنك مصر شركة سينماتوغرافية" فأي عقد له في تخيله عن مناصرة مواطنيه؟ ألا يخشي علي العادات المصرية والآداب الإسلامية من أن تعبث بها الشركات السينماتوغرافية الأجنبية فتخرجها للعالم». وطالب في إبريل 1927 بالآتي: - عدم التصريح لأي شركة أجنبية بأخذ مناظر سينماتوغرافية. - ضرورة ظهور اللغة العربية بنفس لغة الفيلم الأجنبي المعروض. - منع دخول الأطفال المصريين دون السادسة عشرة. - تشديد الرقابة علي الأفلام الواردة لنا. ولنتذكر الآن أن هذه المطالب نابعة من إحساس وطني وردا علي تشويه الإنجليز لصورة المصريين وأن الدعوة لإيجاد سينما مصرية تتحدث عن مصر والمصريين وللدعاية لمصر خلال الأفلام التسجيلية كانت شعارات ما بعد ثورة 1919 وما رافقها من مد ثوري طال الأدب والفن، وعندما بدأ تصوير أول فيلم مصري صامت عن رواية هيكل «زينب» 1930 كان حريصا علي أن تظهر القرية المصرية الفلاح المصري في أحسن صورة كان يعتبر السينما وسيلة دعاية وسلاحاً من أسلحة الثورة واستجابة لنداء مصر للمصريين، ولم تكن رومانسية منه أن يحرص علي نظافة الطبيعة ذاتها لتبدو القرية كارث بوشال سياحي، وهو ما قد يأخذه عليه البعض.. ودون مراعاة الظروف السياسية التي أحاطت بظهور الفيلم. سبعة أفلام لقد قدم محمد كريم علي امتداد حياته الطويلة سبعة عشر فيلما منها سبعة أفلام لعبدالوهاب عن العديد من الأفلام القصيرة عن التعاون والإصلاح الزراعي وفي مقاومة العدوان الثلاثي ثم كان أول عميد لمعهد السينما حتي حصوله علي وسام الدولة للفنون عام 1963 وجائزة الدولة التشجيعية عام 1973 اعترافا منها لريادته السينمائية، وكانت آخر مشاريعه فيلمي «الملعونة» عن القضية الفلسطينية والثاني «نور الله» وهو فيلم ديني لقد مر علي وفاته منذ يومين فقط أربعون عاما «توفي 27 مايو 1972» وقد رأي أحد تلاميذه في أكاديمية الفنون د. مختار يونس أن يعيد تكريم الرجل بنصب تمثال له من تصميم فنان يعمل الآن مستشاراً ثقافيا لمصر في موسكو يوضع في الميدان المواجه لمعهد السينما فقيل له من البعض لا داعي لإثارة بعض السلفيين المتشددين فتقرر نقله إلي داخل مدينة السينما فقاموا بمحاولة حرقه وتدميره أمام أعين الجميع.. ويجري التفكير الآن في نقله إلي دار الأوبرا، بهذا أصبح الفن مطاردا أمام مخاوف بعض المسئولين من هذا التيار الذي بات العنف جزءًا من سلوكه، وهم بهذا الحل يخفون رءوسهم في الرمال. ولو ناقشنا الموضوع دينيا لظهر لنا مدي التعسف والتشدد من جانب هذه القلة التي تعتبر الفن عامة والتماثيل خاصة رجس من عمل الشيطان. وفي هذا يقول الدكتور يوسف القرضاوي إن الحديث عن الفنون من أعقد الموضوعات فيما يتعلق بالمجتمع المسلم، ذلك أن أكثر الناس وقعوا في هذا الآن بين خوف الغلو والتفريط، لأنه يتصل بالشعور والوجدان أكثر مما يتصل بالعقل والفكر. ويصف من يأخذ بالغلو والتطرف بأنه إنسان مريض بالالتواءات النفسية لكي يبرر ذلك السلوك المعيب باسم الدين.. أي أنه فرض طبيعة المنقبضة علي الدين، والدين لا ذنب له إلا سوء فهم هؤلاء وأخذهم ببعض مضمونه دون بعض. الإسلام والفن ويضيف: قد يجوز لهؤلاء أن يشددوا علي أنفسهم إذا اقتنعوا بذلك، لكن الخطر هنا أن يعمموا هذا التشديد علي المجتمع كله ويلزموه برأي رأوه في أمر عمت به البلوي ويمس حياة الناس كافة. وهو يفرق بين أحكام الصور والمصورين كالتالي: الأول: ما يعبد دون الله وهو أشد حرمة. الثاني: من صور مالا يعبد ولكنه قصد مضاهاة خلق الله «أي ادعي أنه يبدع ويخلق كما خلق الله» وهذا أمر يتعلق بنية المصور وحده. ونحن علي ضوء هذه الأحكام نتساءل: أولا: هل يتصور أحد الآن وبعد قرون من انتشار الإسلام من يصنع تمثالا يقصد به العبادة إلا هذا البعض؟ ثانيا: وعن نية المصور هل شققنا الصدور؟

جريدة القاهرة في

29/05/2012

 

«تيم برتون» .. شخصيات حزنة مضطهدة

بقلم : يوسف هشام 

أشباح تحاول أن تطرد سكانا جددا من بتهم، رجل داه مصنوعتان من المقصاتة، طفل ر أبوه قتلان فتحول لرجل مقنع حلق ف سماء المدنة بنما لق أبوان رضعهما الأشبه بالبطرق ف النهر خوفا منه، وحلاق ذبح كل زبائنه بلا رحمة انتقامًا من رجل واحد. هل مزت أا من هذه الشخصات؟ اذا كانت الاجابة بنعم، فأنت سبق ودخلت عالم «تم برتون» السحر المظلم الملء بالوحوش والمخلوقات الغربة، والذ جمعهم جمعا الرفض الاجتماع لهم. أسلوب خاص تمز المخرج الأمرك «تم برتون» بخصوصة تجعله ف منطقة مختلفة لم حتلها أحد من قبله، وربما من الصعب ان حتلها أحد من بعده. فكثر من المخرجن أخرجوا أفلاما مرعبة أو تتمحور حول مخلوقات غربة، لكن ما مز «برتون» هو أسلوبه الخاص واخلاصه الشدد لعالمه، وهذا العالم هو أجواء وشخصات قاتمة تمل دائما للقوطة Gothic، وكون دائما لد هذه الشخصات، الطب منها والشرر، خلفة نفسة مركبة تجعلهم دائما منفردن وف موضع دهشة أو نفور من المجتمع. واخلاص «برتون» لسنماه لس فقط باختار مواضعه، بل أضا ف اختار ممثله وعل رأسهم «جون دب» الذ قام ببطولة اكثر من نصف «برتون»، وأضا ف الموسق التصورة من خلال عمله الدائم مع صدقه «دان الفمان» الذ وضع موسق كل أفلامه فما عدا فلمن فقط. واذا شاهدت فلمه الشهر «ادوارد ذو الأد المقصات» وفلمه الأخر «ظلال سوداء» لظننت أنهم أنتجوا ف نفس الوقت بنفس الروح، دون أن فصل بنهم 22 عاما. عشق حقق لم كن «تم برتون» بطالب متفوق ف طفولته، ولكن عشقه الحقق كان للرسم والموسق والسنما، خصوصا أفلام الفضاء والخال العلم. تمز «برتون» ف شبابه بصنع أفلام التحرك القصرة، وكان طبعا أن تستفد منه مؤسسة مثل «دزن» لبدأ عمله معهم كمصمم رسومات وأفكار لأفلامهم، أو ان خرج لهم أفلام تحرك قصرة، قبل أن فصل من الشركة بسبب فلمه Frankenweenie الذ رأوا فه فلما غر مناسب للاطفال بسبب ما حمله من مشاهد وأفكار مخفة، فالفلم ببساطة حك عن طفل عد كلبه المت للحاة! ولكن لم تكن هذه نهاة مشوار المخرج الموهوب، فعندما أخرج لاستودهات «وارنر» اول أفلامه الطولة «مغامرة ب و الكبرة Pee wee's big adventure كانت هذه بداة علاقة متنة بن «وارنر» و«برتون» لم تنقطع حت ومنا هذا. اول نجاح كبر لـ«برتون» كان من خلال فلمه الشهر Beetlejuice عام 1988 , وعل عكس معظم أفلام الأشباح الت عان أبطالها من الأشباح الت تطاردهم، الابطال هنا هم الأشباح أنفسهم. لس هذا فحسب، ولكن بعد أن فشل الزوجان الأشباح ف اثارة فزع وطرد سكان بتهما الجدد، ستعنان بالشبح "بتل جوس" «عل غرار طارد الأرواح الشررة» لقوم هو بإخافة السكان. نجاح هذا الفلم هو الذ أعط اشارة البدء ف انتاج فلم «برتون» التال «الرجل الوطواطBatman عام 1989 . برغم عدم ولع «برتون» بالقصص المصورة لـ«الرجل الوطواط»، لكنه انجذب لتنفذ المشروع بسبب الخصائص المركبة القربة لشخصاته وأضا أجواء مدنة «جوثام» الخالة «لاحظ أن كلمة Gothamمشتقة من gothic القوطة . فبطل الفلم الملاردر الوسم "بروس وان"«ماكل كتون»حلق ف سماء المدنة القاتمة للا مرتدا ملابس الخفاش «بات مان» وطارد الأشرار واللصوص، بعد الصدمة الت تعرض لها عندما رأ أبوه قتلان أمام عنيه وهو طفل. بنما تحول المجرم العتد "جاك" «جاك نكلسون» ال شخصة مشوهة داخلا وخارجا بعد سقوطه ف كماوات سامة ال الجوكرThe Joker أحد أشهر الشخصات الخالة عل الاطلاق. وتكون المفارقة عندما كتشف "بروس وان" أن "جاك" هو من قتل أبوه. برغم النجاح الساحق الذ حققه الفلم، والذ عد من اكبر النجاحات ف تارخ صناعة السنما، لم تتحمس استودوهات «وارنر» ف انتاج فلم «تم برتون» الجدد «ادوارد ذو الاد المقصاتEdward scissorhands لتنتجه له شركة «فوكس ». مشاعر رققة ربما تكون شخصة «ادوارد»، الت قام ببطولتها «جون دب»، ه أدق تعبر عن شخصات «برتون»، فقصة الفلم مستوحاة بالأساس من رسمة خالة رسمها برتون وهو صغر لرجل تحتل المقصات مكان ده، كما أن الضاحة الت تدور بها الاحداث مستوحاة من الضاحة الت سكنها «برتون» ف طفولته. و"ادوارد" ف الفلم، وبرغم كونه شخصا مصنوعا من قبل مخترع مثل «بنوكو»، شخص رقق المشاعر وشدد الطبة وعندما حل عل هذه الضاحة لتف حوله جمع السكان وخصوصا النساء، وبدأون استغلاله ف أعمال مختلفة مندهشن من قوته الخارقة بدون أ اكتراث لشخصه، لكن مع أول حادث خاف منه الجمع وطارده البعض وكأنه مسخ خرج من جهنم. الفلم هو الأقرب لقلوب كل من مخرجه «تم برتون» وواضع الموسق «دان الفمان»، لدرجة أن «جون دب» وصف الشخصة أنها تشبه «تم برتون» نفسه كثرا. أداء «دب» المدهش ف الفلم، وبرغم من قلة جمله الحوارة ف الفلم، جعله ف الصفوف النجومة الأول وكانت بداة تعاون طول بنه وبن «برتون»، وتحول ال أحد رموز أفلام «تم برتون». وجاء الفلم حزنا كسر القلوب، ولكن لس بدرجة الحزن والسواد بل والمأساوة الت ظهرت ف فلم تم برتون التال «عودة الرجل الوطواطBatman Returns، وهنا استطاع «برتون» فرض سطرته الكاملة عل الفلم، والت لم تنل رضا بعض النقاد الذن رأوا أن الفلم جاء قاتما ومزعجا اكثر مما نبغ. فإل جانب "الرجل الوطواط" هناك "البطرق «The Penguin دان د فتو» الذ ولد مشوها بأنف مدببة وأد كالزعانف وجسم شبه البطرق، والذ عاش مع البطارق تحت الأرض بعد أن ألق به أبواه ف النهر وهو رضع، ومثله مثل «ادوارد ذو المقصات» بدأ كشخص محبوب ف المدنة ثم ضطهد وتحول لوحش قاتل. بنما تعان "سلنا كال" من اضطهاد الرجال لها بعد ان فشلت ف أن تكون النموذج الأنثو المنتظر وبعد أن لق بها رب عملها من الشباك تتحول ال امرأة قطة Catwoman بتسعة أرواح، مرتدة ملابس جلدة وف دها كرباج لتنتقم من كل النماذج الت مقتتها، وقامت بهذا الدور «مشل فافر» ف أحد افضل أدوارها عل الاطلاق. وبسبب انشغال «برتون» بهذا الفلم لم ستطع أن خرج فلم التحرك الشهر «The nightmare before Christmas » والذ وضع قصته ورسومات شخصاته بنفسه، واخرجه «هنر سلك» بروح تشبه افلام «برتون» حت ف الموسق الت وضعها «دان الفمان» بجانب أدائه الصوت للشخصة الرئسة، لنسب الفلم دائما لـ«برتون» اكثر مما نسب لمخرجه. الخال العلم كان من البده ان وافق «تم برتون» عل الفور لإخراج فلم عن حاة المخرج الامرك الراحل «اد وود Ed Wood. فـ«وود» اشتهر بأفلام الرعب والخال العلم ضعفة الانتاج ف الخمسنات والستنات وأطلق عله لقب "أسوأ مخرج ف التارخ". قام بأداء الدور «جون دب» ف أحد أفضل ادواره عل الاطلاق، وربما لم كن لأحد ان ستطع أن خرج فلما عن حاة ومعاناة هذا المخرج البائس مثلما أخرجه «برتون»، فإخلاصه الشدد للفترة والأجواء الت كان حاول «اد وود» اضافتها لأفلامه جعلت الفلم له نكهة وروح مختلفة وبعدة تماما عن كل كلشهات افلام السر ذاتة، لصبح واحدا من أفضل أفلام «برتون» عل الاطلاق. اخلاص برتون وعشقه لهذه الافلام دفعاه لخرج فلم «هجوم المرخMars Attacks عام 1996 , والذ كان حاك فه هذه الأفلام حت ف اختاره أن كون جمع أبطال الفلم من النجوم «جاك نكلسون، انت بننج، برس بروسنان، جلن كلوز، دان دفتو وطوم جونز». وتمت مقارنة هذا الفلم من الفلم الضخم الذ عرض ف وقت متقارب «وم الاستقلال» Independence day لاقتراب موضوع الفلمن اللذن حكان عن هجوم من كواكب أخر عل الأرض لكن عل عكس جدة «وم الاستقلال»، جاء «هجوم المرخ» كفلم ساخر سفه من كل شء، فسخر من الساسة الامركة وردود أفعالها، وقتل كل أبطال الفلم تقربا بطرق مضحكة، وبرغم عدم نجاح الفلم عند عرضه ف أمركا إلا أنه ظل فلما مختلفا عن كل أفلام المخلوقات الفضائة الأخر وستحق المشاهدة. وف عام 1999 عاد «برتون» مع ممثل المفضل «جون دب» ف فلم الرعب sleepy hollow، وهنا تكون عقدة شخصة «دب» انه را أمه وهو طفل تقتل عل د أبيه بزعم أنها تمارس السحر، وكون عله وهو ضابط أن ذهب لمدنة «سلب هولو» الت تحدث فها جرائم القتل من قبل شبح سم بـ«الفارس مقطوع الرأس»، وهنا حاول هذا الضابط الذ لا ؤمن بالسحر ومقت كل الافكار الغبة «بسبب أبه» أن جد سببا منطقا لهذه الجرائم، وها نحن الآن مرة أخر أمام شخصة بعقدة أبوة. وتتكرر هذه العقدة الابوة عندما قدم برتون نسخته الشهرة من رواة «Charlie & The Chocolate factory تشارل ومصنع الشكولاتة»، فشخصة "ول وانكا" «قام بدوره دب أضا» الذ صطحب الاطفال ف مصنعه ولقنهم دروسا قاسة، عشق الشكولاتة والحلو بعد أن حرمه والده طبب الأسنان منها طولا مما اضطره للهرب طفلا. كان من المنطق والمنتظر من «تم برتون» أنه عندما ختار من مسحرات برودوا الموسقة عملا لقتبس عنها فلما، أن كون هذه المسرحة ه الأكثر دموة وقتامة، «سون تود» Sweeney Todd والمسرحة والفلم حكان عن أسطورة الحلاق "سون تود" «جون دب» الذ عود للندن بعد أن سجن ظلما بسبب قاض فاسد سرق منه زوجته وابنته، وعود لنتقم من المدنة بأكملها بمساعدة "مسز لافت" «قامت بدورها الرائعة هلنا بونام كارتر زوجة تم برتون» فذبح زبائنه بشفرة الحلاقة، بنما تطهو "لافت" لحم هؤلاء الضحاا لتقدمه ف الفطائر لزبائن مطعمها، وكل هذا عل ألحان وأغان برودوا! فلم سوداو بامتاز والكل هنا فاسد وستحق الموت، ولم كن لأحد أن خرجه بهذه الروعة مثل «تم برتون» حت لو كان «سام مندز» الذ رشح للعمل من قبله. وبعد "سون تود" قدم «برتون» نسخته الباهتة المملة من «ألس ف بلاد العجائب» الذ برغم من النجاح الجماهر، لم تحمل أ تمز ذكر، اللهم الا ف المؤثرات البصرة والماكاج. ظلال سوداء وعود «تم برتون» هذا العام بفلم «ظلال سوداء» Dark Shadows وبصحبة ممثله المفضلن «جون دب ومشل فافر وهلنا بونام كارتر» بالإضافة لـ«افا جرن» وبالطبع موسق «دان الفمان». والفلم مقتبس عن مسلسل تليفزون قدم ف ستنات القرن الماض، وحك عن رجل عاش ف القرن الـ18, وبسبب حب خادمته الساحرة له وغرتها عله، تقوم بتعاوذ تقتل كل من حب بمن فهم أبواه وزوجته وتحوله ال مصاص دماء وتحبسه ف تابوت لقرنن من الزمان، قبل أن عود ف سبعنات القرن العشرن وعود لبته مع أحفاده الجدد وكتشف أن الساحرة مازالت حة. الفلم حمل أجواء برتون بوضوح، فهناك مصاص دماء وساحرة وقصر قوط مهول، كما ان الصراع بن البطل والساحرة ذكرنا قللا بصراع «الوطواط» مع «الجوكر». وهنا نجد «دب» متألقا كعادته و«فافر» تعود بقوة و«افا جرن» تسرق الأضواء من الجمع ف مشاهدها بجمالها الساحر وادائها المناسب تماما لأفلام «برتون» «ربما نراها ف أفلامه القادمة»، بنما لم تظهر «كارتر» كل موهبتها بسبب حجم الدور. وف هذا الفلم لم تخل «برتون» عن روحه الفكاهة، لخرج الفلم المتأثر بالسبعنات مناسب تماما لكل عشاق هذا المخرج بل وفرصة رائعة لاكتشافه لمن لم شاهدوا أفلامه. ومن المدهش أن فلم «برتون القادم» هو النسخة الطولة من الفلم الذ تسبب ف فصله من «دزن» .Frankewennie ربما لم كن من العجب أن كون هناك معرض خاص مستوح من أعمال «تم برتون» ف متحف الفن المعاصر الشهر «بومبدو» ببارس، فهذا المخرج وعل مدار ربع قرن استطاع الحفاظ عل أسلوبه وعالمه المدهش الذ مازال سحر ولهم اجالا جددة بل وربما أجالا لم تأت بعد.

جريدة القاهرة في

29/05/2012

 

هاشم النحاس.. إشكالية تناول الفن التشكيلي في فن السينما

بقلم : صفاء الليثى 

يداعب الذاكرة لقطة لعدد من كراسي المقاهي علي شاطئ بحر تداعبها الأمواج، الكراسي لا يجلس عليها أحد وكأن جالسيها قد رحلوا عنها وتركوها وحيدة في الغروب. هذه الصورة من فيلم " ألوان " التسجيلي لهاشم النحاس عن عدد من لوحات الفنان فاروق حسني، الذي شغل منصب وزير الثقافة لما يزيد علي 22 عاما، يشهد حتي أعتي معارضيه أنه فنان تميز بلوحاته التجريدية، وعلي الأرجح فإن هاشم النحاس الفنان الملتزم المنتمي لمجموعة مثقفي الستينات ممن يميلون إلي اليسار يري إبداع فاروق حسني ويقدم رؤيته عن ذلك في عمله القصير12ق. نسمع أصوات موج البحر مع عناوين البداية، يأخذنا إلي لوحة تجريدية للبحر ومنها إلي لوحات أخري، ثم لقطة حية لأمواج البحر ونسمع معها أصوات طيور النورس ثم عودة إلي اللوحات، اللون الأحمر في اللوحات تعبير فني عن حيوية الموج ودفئه. ويستمر التوازي بين الأمواج التي تضرب الصخور وبين اللوحات، نقرأ تاريخ 1994 علي أكثر من لوحة، ولقطة النهاية مع كراسي المقهي دون بشر ساعة الغروب رؤية فنان عناوين النهاية مكتوب بها رؤية هاشم النحاس، أسأله لماذا لم يكتب سيناريو وإخراج مثل غيرها من الأفلام يقول: " لا أتحدث عن الفنان لكن عن رؤيتي عنه، وكيف أراه، مع الأفلام عن الفن التشكيلي والفنانين التشكيليين ليس هناك سيناريو معد قبل التصوير، ولا تهمني كثيرا المعلومات عن الفنان، أقدم رؤية للفنان ولبعض أعماله وليس رؤية كلية شاملة عنه، وخاصة في زمن الفيلم الذي يقل عن ربع الساعة. لا أستطيع خلالها تقديم فيلم عن فلان لضيق الوقت ولاحتياجه لوسائل تعبير وشرح، ولكني أفضل اختيار زاوية ما للفنان من وجهة نظري كمخرج وهذه الرؤية تتفق مع فيلم يخلو من التعليق أو من صوت للفنان أو لناقد يشرح أعماله، فكلها وسائل تحدد المعني ولكني قصدت أن أقدم معاني مفتوحة ورسالة مفتوحة للتذوق الفني، من أجمل الآراء التي سمعتها من مشاهد لفيلم " ألوان: ما ذكره المشاهد أنه لم يفهم لوحات فاروق حسني إلا بعد مشاهدته للفيلم. وهذا الرأي أسعدني جدا، حيث أضع مكاني أقرب للمتذوق السينمائي منه إلي الناقد السينمائي، المتذوق يوصل رؤية إلي المتلقين، أنا أيضا أعتبر نفسي متذوقاً سينمائياً ولست ناقدا سينمائيا حيث لا أكتب إلا عن الأعمال التي تعجبني، الأفلام التي أريد أن يشاركني القارئ إعجابي بها. عروس البحر عمل آخر عن الفنانة أزميرالدا حداد باسم عروس البحر حيث حركة الكاميرا مسيطرة منذ اللحظة الأولي واختيار للوحة تشبه الفنانة ترسخ حقيقة أن الفنان لا يرسم سوي نفسه أو انعكاس الأشياء علي وجدانه، أثناء المشاهدة أجد نفسي أدير تعليقا في رأسي وكأنني أكمل نقص التعليق المعتاد مع الأفلام الوثائقية والذي ينبذه المخرج هاشم النحاس ولسان حاله يقول سأتركك أيها المشاهد دون أن أفرض عليك شرحا، ها هي الصورة أمامك فاستمتع وأبدع قراءتك. نشاهد الفنانة تعمل علي لوحة تركيب باستخدام بعض المواد، قطع من شبك صيد، نماذج صغيرة لأعلام دول، نماذج مجسمة لأشكال مختلفة من الأسماك، المزج في اللون بين التصوير والنحت علي سطح اللوحة،تحرك مصفاة تنثر بودرة اللون علي اللوحة، ثم تنفخها كمن ينفخ فيها من روحه. ثم استعراض للبيت الذي يشكل لوحة كبيرة الفنانة بشخصها جزء منها. ثم منضدة الرسم تعمل عليها الفنانة بتركيز شديد دون أن يبدو أن الكاميرا تشوش عليها. دور المونتاج أسأل المخرج هاشم النحاس كيف يعمل التشكيلي بكل هذا التركيز وحوله محمود عبد السميع بكاميرته ومعدات الإضاءة، كيف تندمج في لوحتها وحولها فريق عمل الفيلم، يقول النحاس : " هنا يأتي دور المونتاج الذي يوهم بالتلقائية، أستبعد غالبا بدايات اللقطات ونأخذ اللقطة من لحظة اندماج الفنان عندما ينسي الكاميرا ويركز كلية في لوحته، أحيانا عندما تكون هناك نظرة أو ابتسامة للكاميرا أستخدمها وأجدها مناسبة ومفيدة للفيلم." ونعود لفيلم " عروس البحر " حيث لا يتركنا المخرج تماما بدون معلومات، إذ ينتهي بلوحة مكتوبة عن الفنانة أزميرالدا حداد متي تخرجت والمعارض التي شاركت بها والمقتنيات. يأخذ المخرج اسم الفيلم من أحد عناوين لوحة للفنانة وجده موحيا وينصرف إلي أكثر من معني، ويشبه أغلب أعمالها ويتشكل منه عالمها الفني متنوع الأساليب. سيمضي الفنان علي طريقه محققا لنفس جهة الإنتاج بالتلفزيون المصري عملا عن النحات أحمد شيحا يبدأه بنحت علي حجر يحيلنا إلي الفن الفرعوني. أسأل المخرج عن كيف يتعامل مع إطار اللوحة التي ينقلها داخل إطار الصورة يقول بحماس : " أقوم بإلغاء الإطار، وأعمل إطاري الخاص، أتعامل مع اللوحة وكأني أصور واقعا يحدث أمامي، إطار السينما مختلف عن إطار لوحة الفنان، أنقل ما أشعر به تجاه اللوحة، وأؤسس للوحتي أنا، وهو نفس المنهج الذي أتبعه مع الأشخاص والأماكن الحية، أختار من اللوحة الأجزاء التي أشعر بها فقط من لوحة الفنان، ولهذا أحرص علي نقل إحساسي وليس إخبار المشاهد بمعلومات، قد تأتي مؤخرا أو في وسط الفيلم، أو لا تأتي المهم كيف أري اللوحة وأتذوقها وأنقل رؤيتي للمشاهد. المونتاج له دور كبير بدون لمسات المونتير كمال أبو العلا لم يكن فيلم "ألوان" ليخرج هكذا، اللوحة ساكنة وأنا أحرك الكاميرا علي أجزاء بعينها داخل الإطار، متي يتم القطع علي اللوحة ومنه إلي لوحة أخري، في كادر معين جزء من الثانية يحدده بإبداع المونتير الخلاق الذي هو صانع إيقاع الفيلم،إيقاع يتحقق بدون موسيقي تصويرية التي استعضت عنها بالمؤثرات الحية التي خلقت شريط صوت الفيلم من صوت البحر والرياح وهي التي ضبطت إيقاع الفيلم وشكلت إحساسي باللوحات حاولت إيصاله للمشاهد. في أعماله عن فنانين تشكيليين وأعمالهم قدم المخرج هاشم النحاس رؤية خاصة تحيي إبداع الفنان وتسهم في تذوق إبداعاته. اتبعت نفس منهج المخرج والمفكر السينمائي هاشم النحاس في كتابة هذه الزاوية عن جانب من أعماله المتعددة التي تحتفي بالإنسان البسيط كما في النيل أرزاق أو تسلط الضوء عل عملاق الأدب العربي نجيب محفوظ في " نجيب محفوظ ضمير عصره" أو علي مجموعة من رموز الفن التشكيلي المعاصر المهدد الآن من طيور الظلام الساعين إلي السلطة الآن في مصر.

جريدة القاهرة في

29/05/2012

 

في السينما «ناصر»..

المحارب..الثوري.. الديكتاتور.. الزعيم

بقلم : محمود قاسم 

ما إن نجح الضباط الأحرار في اعتلاء السلطة عقب يوليو 1952، وتولي المسئولية الدولية الرئيس محمد نجيب كأول رئيس لجمهورية مصر العربية، حتي بدأ الإعداد للتو لإنتاج فيلم ضخم عن الثورة، وأسبابها ورجالها وقد كتب الفيلم الصحفي والروائي احسان عبدالقدوس في سابقة هي الوحيدة من نوعها، حيث ان ما كتبه غير مأخوذ عن نص أدبي، وهو أقرب إلي سيرة خاصة به، مرتبطة بمقالاته عما أسماه بالأسلحة الفاسدة التي كانت سبباً في هزيمة الجيوش العربية في حرب فلسطين، وعن صداقته بالضباط الأحرار. كان أول خبر عن الفيلم الجديد قد نشر في مجلة الكواكب في ديسمبر من عام 1952، وبدا أحمد بدرخان في اخراج "الله معنا" ابان رئاسة محمد نجيب، وظل طوال عام 1953 يقوم بإعداد الفيلم الذي استوحي رحلة الضباط الأحرار حتي قاموا بطرد الملك فاروق، وكان السيناريو الأول معداً بحيث ان قائد الثورة هو اللواء محمد نجيب وقد قام زكي طليمات بتجسيد شخصية نجيب، ومن الواضح أن دوره كان كبيراً قياساً بقوة اسمه، وهناك صور تم الحصول عليها وهو يجسد هذه الشخصية.. لكن فجأة دب الصراع بين الرجلين الأقوي في الثورة، وانفرد عبدالناصر بالحكم، وتغير السيناريو تماماً، وتم محو دور محمد نجيب واختفي اسم زكي طليمات من عناوين الفيلم، وعرض "الله معنا" في 14 مارس عام 1955، أي بعد عامين من بداية انتاجه. وهكذا تعاملت السينما مع أول حاكم في جمهورية مصر، ان أنكرت وجوده تماماً، وقد تكرر الأمر نفسه في فيلم "رد قلبي" الذي عرض في أواخر عام 1957، عن رواية يوسف السباعي، أحد أفراد الدفعة التي تخرج فيها عبدالناصر في الكلية الحربية، ومن اخراج ضابط من نفس الدفعة هو عزالدين ذو الفقار. أول رئيس جمهورية كانت الرواية التي نشرها السباعي عام 1954 تتحدث أن نجيب هو أول رئيس لمصر، وقد تواجد اللواء بقوة في الرواية، ربما أكثر من عبدالناصر نفسه، إلا أن الرواية بدأ انتاجها عقب العدوان الثلاثي، وكان عبدالناصر قد أمسك بزمام الحكم، وصار بطلاً قومياً، بعد توقيع اتفاقيات الجلاء، وتأميم قناة السويس، وما قيل عن انتصار سياسي بانسحاب القوات الغازية في 23/12/1956، وبالمناسبة فإن العرض الأول لــ "رد قلبي" قد تم تقريباً بعد عام من نهاية العدوان، وكانت هناك فرصة أمام عزالدين ذوالفقار أن يمحو الحقيقة التاريخية المذكورة في الرواية، وهي أن محمد نجيب هو أول رئيس للجمهورية، وأول قائد للضباط الأحرار.. وهكذا اختفي الرئيس الأول، ولم يتعمد الفيلمان إظهار عبدالناصر في الحكاية بشكل مباشر، بل هناك ما يشبه القيادة الجماعية، تتمثل في الضباط الأحرار، ابتداء من أحمد الضابط الذي فقد يده اليمني في حرب فلسطين وعاد كي ينتقم من عمه الذي كان وراء قضية الأسلحة الفاسدة، وأحمد هذا جعل من بيته ملتقي لزملائه من الضباط الغاضبين علي ما حدث في فلسطين، والذين أقسموا اليمين، وصاروا من الضباط الأحرار، كما أن هناك مشهداً مشابهاً في فيلم "رد قلبي" حين ردد أحد الزملاء قائلاً: "انت من الأحرار يا علي" ورأينا الضباط يجلسون حول مائدة دائرية، ويقسمون بالمصحف الشريف. في هذين العملين، لم يكن عبدالناصر كحاكم هو البديل لوجود محمد نجيب، لكن كانت هناك قيادة جماعية تتمثل في مجلس قيادة الثورة، ولم تكن صورة جمال عبدالناصر قد بدأت تتصدر الشاشة، كان علي السينما أن تنتظر حدثاً عظيماً، مثل العدوان الثلاثي، وقد تصدي لهذا الحادث أيضاً عز الدين ذو الفقار الذي كتب القصة والسيناريو، في هذه الآونة كان عبدالناصر هو الزعيم الأوحد والأول للبلاد، هو الذي اتخذ قرار تأميم قناة السويس الذي أعقبه قيام وحدوث العدوان الثلاثي، وفي فيلم "بورسعيد" الذي عرض في يوليو 1957 وقفت فتاة من بورسعيد "هدي سلطان" تسمي وفية، وبعد أن سمع الشعب كله خبر التأميم، فإن الفتاة من شرفتها، وإلي جوارها أسرتها، أطلت علي أبناء حي العرب تغني للناس، وتوجه كلامها إلي الزعيم وتطالبه أن يؤمم القنال.. قائلة:"أمم جمال القناة". هذه الفتاة مخطوبة للعريف طلبة، وهي ضريرة، مغلوبة علي أمرها، وكلمة "أمم" هنا هي فعل الأمر من تأميم، أي أنها تطلب من عبدالناصر أن يؤمم القناة كي تعود، حسب كلمات النشيد إلي المصريين: "أمم جمال ولا تخف.. اننا هنالك النداء"، "وما عاد يحكم غاصب يا مصر يا أم الهرم"، و"جمال مصر قد حكم". كان عبدالناصر قد نال مكانته في الأغنية المصرية بالمناسبات التي غناها كبار أهل الطرب وعلي رأسهم أم كلثوم، وعبدالحليم حافظ، لكن هذه هي تقريباً أول أغنية سينمائية تتغني باسم عبدالناصر، وقد ارتبطت هنا بالحرب، والمقاومة، وقد عرض الفيلم، ولاتزال الحرب ماثلة في أذهان المصريين، ورأينا أبناء بورسعيد يعلقون صورة الزعيم علي الجدران التي سوف تنال من مدفعية وطائرات القوات المعتدية. سجين أبوزعبل الغريب أن فيلماً آخر حول نفس الحرب عرض في الأسبوع نفسه، هو "سجين أبو زعبل" لنيازي مصطفي، قد خلا من الأغنية، كما أن صورة عبدالناصر لم تكن قد انتشرت بعد، وعليه فإن الذاكرة لا يحضرها أي أفلام أخري بها غناء لعبدالناصر، وذلك بخلاف ما كان يحدث في الأغنية الإذاعية، وقد رأينا صورة عبدالناصر في مرات قليلة، وتغيرت الصورة من الضابط الشاب الذي يرتدي الزي العسكري إلي صورته المدنية وهو يضحك، وقد رأينا الصورة الأولي في خلفيات فيلم "عمالقة البحار" اخراج السيد بدير عام 1960، حول معركة البرلس، أما الصورة الثانية فقد رأيناها في خلفية الجدران لفيلم "وطني وحبي"، وهو فيلم عن الوحدة بين مصر وسوريا، والاستخبارات، أخرجه حسين صدقي عام 1960 . ومع بداية الستينات، كانت الأغنيات الوطنية تتباري في الغناء لعبدالناصر في الإذاعة، حيث غني عبدالوهاب "ناصر كلنا بنحبك"، وردد عبدالحليم "أبو خالد نوارة بلدي"، أما السينما فقد اهتمت بإنتاج أفلام عن حرب فلسطين، أو عن المدي الثوري.. إلي أن حدثت حرب اليمن، ورأينا الناس يحملون صورة عبدالناصر، وهم يستقبلون الجنود العائدين من اليمن في فيلم "منتهي الفرح" لمحمد سالم 1963، وما إن حلت نكسة 1967 حتي خبا الصوت الغنائي لعبدالناصر، وظهرت أفلام تنتقد التجربة الثورية، إلي أن رحل عبدالناصر، وتمكن أنور السادات من التخلص من خصومه، وكان أغلبهم من رجال عبدالناصر، ثم بدأت مرحلة انتقاد عصر عبدالناصر، وتصويرها علي أنها امتلأت بالمعتقلات السياسية وإخراس الأصوات الحرة، وقد حدث ذلك بقوة في فيلم "الكرنك"، حيث بدأت السينما تنقلب علي حاكم مصر السابق الذي تم تقديسه في أثناء حكمه، وما إن رحل حتي رُئي فيه الطاغية من السينما نفسها التي مجدته بقوة. لكن هناك مرحلة انتقالية بين الفترتين، تمثلت في ظهور عبدالناصر بوجهه الحقيقي، في شكل تسجيلي، وهو يلقي بخطاب التنحي في التاسع من يونية عام 1967 في فيلم "العصفور" ليوسف شاهين عام 1974، رأي الناس بعد عدة سنوات من الخطاب، ومن رحيل زعيمهم السابق، الرئيس وقد بدا منكسراً، وهو يلقي بخطابه والغريب أن شاهين قد زور الواقع بشكل فج، وقلل من مكانة عبدالناصر، حيث ان الناس في الواقع خرجت جموعاً إلي الميادين تنادي باسم عبدالناصر ألا يتنحي، أما بهية فقد قادت مظاهرة في الفيلم، وهي تردد "حنحارب.. حنحارب"، ولا أعرف لمصلحة من هذا التغيير، حيث إن الناس نسيت التاريخ، وصدقت الفيلم. لازم يموت السينما انقلبت بوضوح علي زعيم مصر، فإذا كان أحد الخواجات الذين يعيشون في بورسعيد قد ردد: عبدالناصر لازم يموت، مما يعطي الايحاء أن العدوان الثلاثي علي مصر لم يكن يهدف إلي استعادة قناة السويس للشركة الفرنسية البريطانية، لكن التخلص في المقام الأول من جمال عبدالناصر، فإن صورة هذا الزعيم بدت منكسرة لشخص محطم منهزم، يبغي التخلي عن الحكم، والمسئولية في "العصفور" وبعد أن أطلق يوسف شاهين علي صلاح الدين الأيوبي اسم "الناصر" في فيلمه الذي أخرجه عام 1963، فإن شاهين ايضاً قد تجاهل تصوير أو اظهار عبدالناصر حين قام بضغط زر تحويل مجري النيل في حضور الرئيس السوفييتي خروشوف عام 1964، وذلك في فيلم الناس والنيل 1972، وهو الفيلم الذي تم انتاجه مرتين.. فالفيلم تدور أحداثه حول السد العالي، وهو مشروع قومي دفع عبدالناصر الكثير من المعاناة من أجل انجازه ابتداء من تأميم القناة، وافتتاح المشروع في يناير 1960، ثم تحويل مجري النهر. الحقيقة العارية والغريب أن عبدالناصر الذي كان يحب السينما، فإن الأفلام التي صورت المشاريع الكبري، خاصة السد العالي، لم تتم فيها أية اشارة إلي دور الرئيس، مثلما حدث في "الحقيقة العارية" لعاطف سالم 1963، و"الناس والنيل" 1972 . في الأفلام الانتقادية للحكام لم يكن الحاكم يظهر بشكل مباشر، مثلما حدث مع الملك فاروق، ثم مع جمال عبدالناصر وقد ساعد علي فتح باب انتقاد عصر عبدالناصر هو انتاج فيلم "الكرنك" لعلي بدرخان عام 1975، ثم عرض مجموعة من الأفلام التي انتقدت عصر عبدالناصر بقوة مثل "وراء الشمس" لمحمد راضي 1977، و"أسياد وعبيد" لعلي رضا عام 1977 ايضا، و"احنا بتوع الاتوبيس" لحسين كمال عام 1979، و"شاهد اثبات" لعلاء محجوب "1986، وايضا الاشارة التي تصدرت فيلم "البريء" عام 1995 لعاطف الطيب. ففي فيلم "الكرنك" يقوم خالد صفوان مثلا بالاتصال بالقائد السياسي، حيث يبغله أن كل شيء علي ما يرام، بما يعني أن الرئيس يعلم، وهذا الرجل هو رئيس جهاز الاستخبارات في عصر عبدالناصر، لديه شعاره الخاص، وهو "أنا اؤذي، اذن، فأنا أعمل.. وهو حسب طبيعة عمله، وطبيعته، يبدو ناعم الملمس، رقيق العبارات، ثم يتحول عند لحظة ما إلي وحش كاسر، خاصة عندما يسعي للضغط علي المقبوض عليه من أجل أن يعترف بمعلومات علي زملائه. وقد ظهرت بعد فيلم "الكرنك" مجموعة أفلام أخري عن المعتقلات في فترة حكم عبدالناصر، وهناك فارق واضح بين نهايات افلام تدين الملكية، والافلام التي تدين التعذيب في عصر عبدالناصر، ففي النوع الأول كان الأمل في نهاية هذا التعذيب يأتي من قيام ثورة يوليو، والافراج عن المعتقلين الوطنيين، أما الأمل في نهايات أفلام «الكرنك» فكان يتمثل في قيام حركة 15 مايو، سميت في هذه الافلام "ثورة التصحيح" ثم في حرب اكتوبر، فحسب الافلام، فإن ما يوضح الابواب للذين عاشوا وراء القضبان بتهم سياسية ملفقة. وراء الأسوار ومن الواضح أن فترة النكسة، التي كان عبدالناصر مسئولا عنها، كانت مدة خصبة لادانة مراكز القوي، والبحث عن أشخاص يتحملون مسئولية الهزيمة، وقد استوحي فيلم "احنا بتوع الأتوبيس" من قصة حقيقية دونها الصحفي جلال الدين الحمامصي في كتابه "حوار وراء الأسوار" والقصة تدور في الستينات، من خلال ما يجري في معتقل، تتم فيه كل أشكال التعذيب لمجموعة من المعتقلين، من بينهم شخصان تشاجرا في حافلة ونقلا إلي المعتقل وسط معارضين سياسيين. وقد جاءت قسوة الاعتقال هنا أن كلا من جابر ومرزوق، جسدهما عادل امام وعبدالمنعم مدبولي، هما في المقام الاول بريئين، يساقان إلي السجن الحربي، ويتم استقبالهما كأنهما من الأعداء، ويتهمان بتوزيع منشورات تدعو إلي قلب نظام الحكم، وعن طريق الضغط والتعذيب يطلب منهما الضابط المسئول أن يوقعا أنهما مدانان، فيرفضان، ثم يتعرضان لكل أشكال التعذيب، وقد جرت هذه الوقائع قبل يونية 1967، فلما حدثت النكسة، ازدادت حالة القنوط واليأس لدي الناس، ويحس الجاويش عبدالمعطي، من ادارة المعتقل، بحالة من التحول، مثلما سري في حالة أحمد سبع الرجال، في فيلم "البريء"، ومثلما جري في نهاية فيلم "ثمن الحرية" لنور الدمرداش 1964، فيثور ضد رئيسه الأعلي، ويطلق عليه الرصاص. برحيل أنور السادات توقفت هذه الافلام، وتغيرت الصورة، ووجد الفنانون انفسهم في مرحلة مختلفة من التعبير، وصار علي كل مخرج، او كاتب سيناريو، ان يري عبدالناصر كما يشاء، فكانت صورته توضع علي الجدران أحيانا بما يعني الصلبية، مثلما حدث في فيلم "الحب فوق هضبة الهرم" لعاطف الطيب عام 1986، حين يجلس الموظف البائس أمام كاتب أجوف العبارات، لا يجيد سوي الكلام، وقد ظهرت صورة عبدالناصر بارزة في الخلفية، مما يدفع بالموظف الشاب أن يقول له "انت بتستنطع من عهد عبدالناصر. استنساخ في النصف الثاني من التسعينات، بدأت محاولات استعادة زمن جمال عبدالناصر، وكان قد أصبح تاريخا، وقد مر ربع قرن علي رحيله، حدث ذلك في فيلم "ناصر 56" لمحمد فاضل، والحقيقة أن النص المكتوب قد أعد اساسا ليكون فيلما تليفزيونيا، لكن انتاجه الضخم، وأهمية الموضوع دفعت به إلي العرض السينمائي. تدور أحداث الفيلم قبل أربعين عاما من حدوثهأ، انها تأميم قناة السويس.. لقد صار الحدث والشخص الحاكم جزءاً من التاريخ، وقد أثار عرض الفيلم شجناً وطنياً، ووعياً سياسياً علي كل المستويات ولكل الأجيال، فأيقظ حلماً متوقداً حول الانتماء للوطن، والشعور الأرضي، والرمز السياسي التاريخي، واحياء مسألة العدو المتربص بمصر، وانه يجب مواجهته، فقد تلازم عرض الفيلم، مع تولي بنيامين نتنياهو رئاسة الوزراء في اسرائيل واستخدام اسلوب التعالي في التخاطب مع العرب، خاصة مصر، لدرجة أن محرر مجلة الاكسبريس الفرنسية، قد كتب: ان المصريين لديهم الاحساس الآن أن السياسة الخارجية للقاهرة موالية لواشنطن، فإن "ناصر 56" يذكرهم أنه قبل أربعين عاما كان هناك من جرؤ أن قال "لا للامبريالية". جاء عرض الفيلم ايضا حين رفضت مصر حضور مؤتمر عربي - اسرائيلي في واشنطن، وأحس المشاهدون أنهم يفتقدون الزعيم الذي يبحثون عنه، متمثلا في عبدالناصر، فلاشك أن شخصية الزعيم التي اتصف بها عبدالناصر في الواقع قد هيمنت علي روح الفيلم، فالفيلم حول زعيم ابان أزمة سياسية، قدم الفيلم مائة يوم منها، بدأت قبل اعلان التأميم، والمرور بظروف عديدة، ووقوف مجلس قيادة الثورة إلي جوار القائد، واعتراض البعض، وبعض من صور الحياة الاسرية للرئيس، وبعض الصعوبات التي مر بها.. وأشخاص عديدون أحاطوا بالرئيس في هذه الأزمة، منهم السياسي فتحي رضوان، والمهندس محمود يونس الذي تولي رئاسة هيئة قناة السويس، ثم بعض المواقف الانسانية التي عاشها عبدالناصر، خاصة مقابلته لأم فقدت ولدها، وجاءت له ببعض متعلقات ابنها كأنها تناشده المضي قدما في طريقه. تمويل سوري والغريب أن الفيلم الذي أرخ لحياة الزعيم، قد تم بأموال، وقلم مخرج سوري هو أنور القوادري، وان اعتبر فيلما مصريا، هو فيلم "جمال عبدالناصر" الذي تعرض لمساحة زمنية أطول من حياة عبدالناصر منذ عام 1935، حين قدم أوراقه للالتحاق بالكلية الحربية، أي وهو في السابعة عشرة من العمر، وحتي رحيله عام 1970، أي خمسة وثلاثين عاما كاملة. في هذا الفيلم يهمنا أن نشير الي انها المرة الاولي التي تعترف فيها السينما بدور محمد نجيب في الثورة، وقد جسد الشخصية الممثل جميل راتب، فأكسبه وقاراً، وجاذبية وقد أشار الفيلم الي ان بعض الضباط الأحرار لم يكونوا يميلون إلي نجيب، ومنهم صلاح سالم، لكننا أمام فيلم تأريخي عن عبدالناصر، فالفيلم بمثابة محطات، ففي الكلية الحربية يتعرف علي زملاء الدراسة الذين تكون من بعضهم تنظيم الأحرار فيما بعد، وعلي رأسهم عبدالحكيم عامر، كما توقف الفيلم عند حصار الفالوجا أثناء حرب فلسطين التي تحدث قبل ثورة يوليو، وما حدث ليلة الثورة، والصراع مع الغرب، ورفض سياسة الاحلاف، علي رأسها حلف بغدا، ومحاولة اغتيال عبدالناصر، التي تظهر للمرة الأولي في السينما، وتأميم قناة السويس، ثم العدوان الثلاثي، والمؤامرة بين انتوني ايدن "بريطانيا" وبن جوريون "اسرائيل"، وجي موليه "فرنسا"، والنصر السياسي لعبدالناصر، وخروجه بطلا قوميا وعربيا وعالميا من حرب السويس، ثم الوحدة مع سوريا، وأزمة الكويت والعراق ع ام 1960، وفشل الوحدة بالانفصال، مما أحدث شرخا كبيرا في المشروع القومي لناصر، ثم عدوان 1967، والنزاع السياسي بين ناصر وعامر الذي انتهي بانتحار عامر، ثم حرب الاستنزاف التي اعاد فيها استجماع قوي القوات المسلحة التي تمزقت في يونيه 1967، ومرضه الذي أنهكه حتي مؤتمر القمة العربي في 28 سبتمبر 1970 . اذن، فنحن أمام رحلة من نوع خاص، هي محطات وطنية وسياسية عمودها الرئيسي هو ناصر، سواء في حياته العامة أو الخاصة، اذن، فقد تنبهت السينما المصرية التي انقبت علي الرجل طوال عشرة سنوات، إلي أنها يجب أن تتغير، وكما كتبت نهاد ابراهيم في مجلة "الكواكب" فإن النتيجة أننا شاهدنا فيلما ليس عن ناصر، ولكن بعيني ناصر، مما أدي للمصادرة علي حكم المتلقي تماما من خلال عملية تلقين مدروسة ملخصها أن ناصر هو نموذج للمثالية. تباينت صورة الرجل، لكن أغلب السينمائيين في السنوات العشرين الأخيرة كانوا متعاطفين مع الرجل، مثلما فعل عاطف سالم في فيلمه "دموع صاحبة الجلالة" عام 1993، وهو عن الصحفي محفوظ عجب الذي مكنه الضباط الأحرار من مكانة متميزة في عالم الصحافة، نصار رئيساً لتحرير جريدتهم التي أصدروها، وهناك مشاهد تسجيلية ثابتة ومتحركة لعبدالناصر، وزملاؤه ابان حرب فلسطين، مما يعكس قوة علاقة الصحفي برجال الثورة، وقد خفف فيلم عاطف سالم من الصورة السلبية التي ألصقها مؤلف الرواية موسي صبري بالصحفي، كما أن الشخصية نفسها ظهرت بالغة السوء والسلبية في المسلسل الذي قام ببطولته فاروق الفيشاوي، وبدا الصحفي هنا وطنيا، ملتزما، وتلك صورة تخالف وجهة نظر الروائي. الملك فاروق وصرنا نري صورة عبدالناصر موجودة فوق الجدران، في البيوت والمقاهي.. في عصر حسني مبارك، مثلما حدث في فيلم "الحب فوق هضبة الهرم" وقد برز الرجل من جديد عام 2009، من خلال المسلسل التليفزيوني الذي حمل اسمه كما بدت صورة الرجل في كامل مهابتها في فيلم "احلام صغيرة" لخالد الحجر عام 1993، من خلال حربين هما 1956، 1997، وايضا في مسلسلات عديدة، وذلك بعد أن شاهد الناس مسلسل "الملك فاروق" حيث أكسبت المؤلفة للملك السابق الكثير من السمات الطيبة، والوطنية، وصورته علي أنه ضحية لظروف عائلية وسياسية، فرأي الناس في حاكمهم الأسبق جانباً مضيئاً، مما دفع بالكاتب يسري الجندي أن يقدم سيرة تليفزيونية باسم "ناصر" قدم فيها الجانب الأسري، والحياتي، والسياسي، لعبدالناصر، علي أحسن ما يمكنه أن يقدم كزعيم ناصرته السينما ثم انقلب عليه ولاتزال هناك أزمنة سوف تتغير فيها الرؤي للرجل.. كثيراً.

جريدة القاهرة في

29/05/2012

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)