حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

«المنتقمون»..

«هوليوود» تواصل سياسة ما بعد ١١ سبتمبر

كتب   رامى عبدالرازق

 

لماذا اختار صناع فيلم «المنتقمون» تيمة «الثأر» لكى تصبح محور حبكة الفيلم وصراعه؟ لماذا اعتبر قائد مجموعة «المنتقمون» «فيروى» «صمويل آل جاكسون» أن ما كان يحتاج إليه هؤلاء «العظماء السبعة» محرك انفعالى مثل «الثأر» كى يتمكنوا من هزيمة العدوان الفضائى القادم عبر عالم آخر!

فى البداية يجب أن ننتبه إلى فكرة أنهم ٧ أبطال من شخصيات المجلات المصورة الأمريكية الشهيرة، وسبعة هو رقم مقدس فى السينما «العظماء السبعة»، هو أحد أشهر أفلام المخرج اليابانى «أكيرا كيروساوا»، وأعيد إنتاج تيمته عشرات المرات فى السينما العالمية، ويدور حول ٧ من الأبطال يتصدون لمواجهة مجموعة أشرار يهددون قرية آمنة.

مع هوليوود يصبح العالم كله مجرد قرية صغيرة، ويصبح الأشرار غزواً فضائياً، ويصبح العظماء السبعة أبطالاً ترسخوا فى وجدان وذاكرة أجيال كثيرة داخل أمريكا وخارجها، وهوليود كعادتها تختصر العالم كله فى أمريكا على اعتبار أن أى هجوم فضائى سوف يبدأ بغزو أمريكا، أو أن الهجوم على أمريكا هو هجوم على العالم كله.

تيمة الثأر هى إحدى التيمات الأساسية المحفزة للصراع الدرامى فى أفلام الأكشن، وهى تيمة تحتوى على قدر كبير من الانفعال واستفزاز المتفرج وشحنه، كما أنها تجبر المتفرج على أن يحتمل تحولات البطل من معتدى عليه إلى منتقم، لكنها فى الوقت نفسه تيمة خطيرة، لأنها تذكى جانباً عنيفاً فى المتلقى، وتجعله يتقبل فكرة الانتقام من الآخر مهما كانت درجة القسوة، وهى إحدى أشهر التيمات التى تستخدمها هوليود للترويج لسياسة أمريكا ما بعد ١١سبتمبر.

يحتوى سيناريو الفيلم على كل العناصر التى يمكن أن تخلق حالة جذب فنى وسينمائى مؤثرة، ليس فقط على مستوى اجتماع ٧ من أبطال القصص المصورة الخارقين فى عمل واحد، لكن طبيعة الشخصيات التى تم جمعها، فخيار المخرج وهو نفسه كاتب القصة والسيناريو، لا شك كان صعباً فى المفاضلة بين شخصيات «مارفل» المصورة، لكنه استطاع كما أورد على لسان د.بانر «هالك الأخضر» فى الفيلم أن يخلق مزيجاً كيميائياً خطيراً، واستطاع أن يطور من تفاعله إلى أن خلق فريقاً متكاملاً.

كذلك برزت حرفية السيناريو فى تلك الحبكات الفرعية التى تغذى الحبكة الرئيسية وتصوغها ونقصد بها الصدامات التى تحدث خلال الفصول الأولى من الفيلم بين الأبطال وبعضهم، واختيار طبيعة الأبطال الذين يتصادمون، مثل مشهد الصدام العنيف ما بين «الرجل الحديدى» و«ثور»، فالأول هو نتاج قمة التكنولوجيا والتطور التقنى، والثانى نموذج الشخصية الأسطورية القادمة من زمن وفضاء آخر بشكله الرومانى ومطرقته السحرية، هذا التناقض الشكلى والموضوعى هو جزء من قوة الحبكة وإذكاء الصراع، فالصراع يبدأ على مستوى الجبهة الداخلية بين الفريق، ثم ينتقل بعد توحدهم ليصبح ضد الخصم الرئيسى «الأمير لوكى» أخى «ثور» غير الشقيق، الذى أشعل الصراع بينهم فى البداية نتيجة إدراكه تناقضاتهم الشخصية وصفاتهم الخارقة.

ثالث عناصر الجذب هو الحفاظ على روح الدعابة والإفيهات البصرية والحوارية التى تزعمتها بالطبع شخصية «الرجل الحديدى» «روبرت داونى جونيور» بحكم أنه أكثرهم سخرية ولامبالاة وفوضوية على عكس شخصيات «كابتن أمريكا» أو «ثور» الجادين أو الجاسوسة الروسية الباردة.

قد تبدو أزمة الفيلم أن البعض قد يحتاج إلى مشاهدة كل الأفلام السابقة التى قدمت عن هؤلاء الأبطال كى تصبح الحبكة والشخصيات وأدوات الصراع أكثر وضوحاً فى ذهنه، لكنها أيضاً جزء من ميزته، حيث يحفز المتلقى الذى لم يشاهد هذه الأفلام للبحث عنها ومشاهدتها، كما أن السيناريو استطاع أن يخرج من حيز تاريخ الشخصيات الضيق فى الأفلام السابقة إلى حيز أوسع وصراع جديد تماماً، وتمكن من منح المتلقى، الذى ليس لديه إلمام كاف بتاريخ هذه الشخصيات، المعلومات التى تلزمه كى يتابع الصراع الجديد. ورغم أن المخرج يبدو أنه لم يشغل باله باستخدام كادرات تقليدية متحركة تستغل فكرة الـ٣D، فلا توجد عناصر تقترب من الشاشة، لا عين المتلقى، ولا حركة دودية للكاميرا، أو أشلاء تطير فى وجه المتفرج كعادة الأفلام ثلاثية الأبعاد.

ريفيو

الاسم الأصلى: The Avengers

الاسم التجارى: المنتقمون

سيناريو وإخراج: جوس ويدون ـ مدة الفيلم: ١٤٣ ق ـ إنتاج: مارفل ستوديوز - بارامونت بكتشرز

المصري اليوم في

27/05/2012

 

فيلم جديد لتيم برتن وجوني ديب

«ظلال معتمة».. عشـــــق «الفامبير» وخفة الدم

زياد عبدالله 

لن ينجح الثوم في طرد مصاصي الدماء، خصوصاً إن كان الحديث عن تيم برتن وجديده المعروض حالياً في دور العرض المحلية Dark Shadows «ظلال معتمة» ونحن نمضي مع جوني ديب، ومن غيره إن كان الفيلم من إخراج برتن، «الفامبيرز» الظريف، بينما الفيلم كالعادة ليس إلا فيلم رعب كوميدي، وقد سخر كل ما في الفيلم ليحقق هذا الأثر، إنه سيجعلنا نضحك مع ظهور برناباس كولينز «جوني ديب» مصاص الدماء الذي بقي حبيس القبر قرنين، والذي سيقع على مكدونالدز فيعتبرها على اتصال بمفيستوفيليس.

سيبدأ الفيلم من ليفربول وتحديداً من عام .1760 سنتعرف إلى آل كولينز وهجرتهم من بريطانيا إلى أميركا، والنجاحات التي يحققونها، حيث يؤسسون لصناعات وأعمال لها أن ترتبط ببلدة كاملة يصير اسمها كولنيز، لكن وكما هو متوقع من فيلم يحمل توقيع برتن، فإن ساحرة اسمها انجليك (ايفا غرين) ستظهر من بين من هم في القصر الذي شيده آل كولينز، وستقع انجليك في غرام برناباس كولينز الذي يبادلها إياه إلا أنه سرعان ما يتخلى عنه وعنها، فتمضي تلك الساحرة في الانتقام منه، كأن تقتل والديه من خلال حادث تفتعله بأن يقع حجر كبير عليهما، وحين يقع برناباس في غرام امرأة أخرى، فإن أنجليك ستصل أقصى درجات الانتقام بسحرها عشيقة برناباس، ودفعها لإلقاء نفسها من أعلى جرف صخري، وحين يعجز برناباس عن انقاذها فإنه يرمي بنفسه خلفها، إلا أنه لا يموت بل يتحول إلى «فامبيرز» كنوع من العقاب الأبدي الذي تفرضه أنجليك على برناباس، ولتقوم أيضاً بتقييده ودفنه تحت الأرض.

سينتقل الفيلم بعد الأحداث سابقة الذكر إلى عام ،1972 وسنتعرف إلى أفراد عائلة كولينز في السبعينات وذلك من خلال متابعتنا فيكتوريا وينترز (بيلا هيثوكوت) في طريقها إلى قصر عائلة كولينز لتعمل مربية لديفيد الذي فقد والدته ويقاسي ظروفاً صعبة في التأقلم، وهنا سنتعرف إلى من تبقى من «الكولينزيين» وهم ليسوا إلا اليزابيث (ميشيل فافير) وروجر (جوني لي ميلر) الأرمل ووالد ديفيد، إضافة لطبيبة نفسية (هلينا كارت) جاءت لمعالجة ديفيد من آثار فقدانه أمه، وابنتها كارولين (شلوي مارتز مصاصة الدماء في فيلم «دعني أدخل»).

بعد التعرف إلى كل أولئك من خلال قدوم فيكتوريا، فإن الحدث الأبرز أو مربط خيل الفيلم سيكون بعودة برناباس بعد أن أمضى قرنين حبيس قبره، لكن عليكم ألا تنسوا أن «الفامبيرز» لا يعرفون الموت، كذلك الأمر بالنسبة للسحرة، فأنجليك ستظل على قيد الحياة، وهي تدير أعمالاً ناجحة في صيد السمك وتعليبه، بينما سيشكل برناباس بالاتفاق مع اليزابيث ما يمكن اعتباره صحوة للعائلة وإعادة لاعتبارها واستثماراتها من خلال استخراجه بعضاً من الثروة التي يملكها في حجرة سرية تحت الأرض.

بارنابز سيكون لطيفاً خفيف الظل، لا بل إن إقدامه على مص دماء ضحاياه لن يكون بشيء ذي بال، وهو يتكلم لغة انجليزية منمقة على الطريقة الفيكتورية، وسيتم قبوله عن طيب خاطر من قبل جميع سكان قصر «كولينز» متحولاً إلى زعيم العائلة.

ما شاهدناه مع بداية الفيلم من أحداث وقعت عام ،1760 ستعيد نفسها مع عودة برناباس عام ،1972 وسرعان ما يجد حب حياته الضائع في فيكتوريا، ولتبقى انجليك على حبها له، والسعي في الوقت نفسه إلى تدميره، لكن ومع «فامبيرز» ظريف مثل برناباس فإن الأمور لا محالة ستكون في مصلحته وهو يفتت أنجليك كما لو أنها بيضة مسلوقة.

«الفامبير» دائماً عاشق متيم، وخلاصه لا يكون إلا من خلال العشق، ومن تعشقه تكون على الدوام مستعدة لأن تتحول إلى «مصاصة دماء» لتبقي على حبه للأبد، هذا ما وقعنا عليه دائماً في مسيرة هذا النمط الأدبي والسينمائي، حاله حال «دراكولا» في نسخة فرانسيس كوبولا عام ،1992 الشبيه كثيراً بـ«ظلال معتمة»، فالعاشقة المتيمة ترمي بنفسها من ارتفاع شاهق وتلقى حتفها رغم نجاة دراكولا (غاري أولدمان) حين كان طبيعياً وفارساً مقاتلاً تصدى للعثمانيين وأعمل سيفه فيهم تقطيعاً وقتلاً، ومن ثم عودته بعد أن يتحول إلى «فامبير» ليجد حبيبته المفقودة في مينا زوجة المحامي الذي يزوره في قصره الروماني.

مع كوبولا كان دراكولا متجهماً، وشخصية مصاص الدماء الشهيرة خلطة بين الشيطان ومصاص الدماء، وحيث تحوله إلى «فامبير» لا يكون إلا عقاباً على تجديفه، ولتكون مواجهته على الدوام من خلال الصليب والتعاويذ الدينية، بينما يتحلى برنابس بكل الخفة واللطافة التي تجعل كونه مصاص دماء ليس لعنة كما يرد في بداية الفيلم ونهايته بل امتياز، خصوصاً مع نجاح فيكتوريا بالانتساب إلى مملكته دون أن تكون نهايتها مماثلة لحبيبته السابقة التي ليست في النهاية إلا فيكتوريا.

على كلٍ وكلما شاهدت فيلماً جديداً لتيم برتن يعاودني على الفور أول فيلم أخرجه وهو فيلم بعنوان «فينسنت» 1983 والذي لا يتجاوز خمس الدقائق، والذي يروي بـ«الأنيماشن» قصة فينسنت الذي يكون وحيداً وانطوائياً لا يجد ضالته إلا مع مخيلته التي تستحضر السحرة والأشباح وأكلة لحوم البشر ومصاصي الدماء، وفينسنت الذي يقرأ أدغار آلن بو يمضي ينفذ ما يقرؤه في قصص بو ويحفر في حديقة البيت، فتعاقبه أمه بأن تحبسه بغرفته، فيمضي في تهويماته وتطالعه كل العوالم الغرائبية من أشباح ومصاصي دماء ويشعر بأنه أمضى سنتين وسيمضي أكثر من ذلك في عزلته هو الذي لم تمض عليه سوى ساعتين.

هذا الفيلم ليس إلا معبرا نحو شخصية تيم برتن نفسه، إنه فيلم يوضح تماماً من هو برتن، ولمَ هو أسير العوالم التي تطالعنا في أفلامه، هو الذي بدأ بالأنيماشن وكان منفذاً ومصصماً للرسوم المتحركة، فإذا به يستعيض عنها بالشخصيات وتجسيد ذلك بواسطة ممثلين بعيداً عن الرسوم، إنه الطفل الانطوائي الصفة التي مازالت لصيقة به وقد وصل الـ54 من عمره، إنه مخرج لا يفارق تلك العوالم الشبحية المحملة على الدوام بخصال متصلة بالأنيماشن.

الإمارات اليوم في

27/05/2012

 

 

"متطرفو أوربا".. يقرع ناقوس الخطر عالياً

قيس قاسم ـ السويد 

"متطرفو أوربا"، وثائقي، يقرع  ناقوس الخطر، ينبه الى  صعود قوى الشر ثانية في قارة أزماتها المتفاقمة، اليوم، تسمح موضوعياً بظهور منظمات متطرفة من داخلها، توفر لها المناخ الملائم لتكاثرها، ونشر أفكارها. "متطرفو أوربا" عن مستقبل الحركات اليمينية لا عن واقعها، فحسب، ومن هنا تأتي أهميه التنويه به بإعتباره فيلماً يتجاوز حدود لحظة صُنعه الى ما بعدها، والخلاصات الضمنية التي يقدمها  تشير بوضوح الى رؤية صُناعه لإتجاه سياسي عنصري، ماض في التنامي، تكتيكاته الجديدة والقوة الإجتماعية المحركة له تستحق خوض مغامرة التعرف عليها وكشفها، هذا على الأقل بالنسبة للمخرجين لورين ديلهام والكسندر سبالايكوفيتش.

يقدم الفيلم عينات، مسجلة بكاميرات خفية في الغالب، من نشاطات وأساليب عمل المنظمات الأوربية المتطرفة، ساعدت على توفرها مصاحبة صُناعه الطويلة لعدد من قادتها ونشطائها، الى جانب مرافقتهم الدائمة أثناء قيامهم بعمليات إنتقامية ضد أهداف يعتبرون مهاجمتها فعلاً قومياً نافعاً يجنب بلدانهم الأخطار المتربصة بها.

في فرنسا، وفي مدينة مونليسو، خرج  مؤسس "كتلة الهوية" فابريس روبير، بصحبة عدد من مؤيديه فجر أحد الأيام ليوزع مناشير على سكان حي يُراد بناء مسجد للمسلمين فيه. إتبع القائد المتطرف أساليب جديدة في تحركه منها؛ أنه إرتدى الزي الشعبي المغاربي وأخذ معه جهاز تسجيل، ومكبر صوت راح يبث عبره صوت أذان الفجر، ثم ذهب وجماعته ليعلقوا لوحات شوارع جديدة تحمل أسماء اسلامية مثل: شارع الشريعة أو شارع المسجد.  

تَجَنُب التصادم المباشر، واحد من تكتيكاتهم الجديدة، لهذا نصح فابريس مرافقيه بتفادي الإحتكاك العنيف مع معترضيهم والإكتفاء بتسجيل ما قاموا به كي يُرسل وعلى الفور الى مواقع لهم على شبكة الأنترنيت، التي أتخذوا منها وسيلة فعالة لتجنيد مؤيدين جدد لهم ولنشر أفكارهم، كما إستثمروها في تشويه صورة أعدائهم من مسلمين ومهاجرين وغيرهم

الأنترنيت صار السلاح المفضل للمتطرفين الأوربيين، فعبره يتواصلون ويتبادلون الأفكار، ويستخدمون إمكانياته اللامحدودة في تشويه خصومهم، وقد سجل الفيلم عملية خداع قام بها متطرفان، يعملان في قسم الدعاية لأحد المنظمات اليمينية الفرنسية، دخلا مسجداً وادعوا رغبتهم في فهم الإسلام فقاموا بطرح أسئلة على أحد العاملين فيه، الغرض منها كان تحويرها لاحقاً لتتحول الى دعاية مضادة للإسلام منسوجة من أكاذيب مغلفة  ب"مناخ" حقيقي يصعب على الناس التمييز بينها

تجربة منظمة "الجيش المحظور" الهنغارية صارت لهم قدوة في حقل الدعاية فهؤلاء لم يكتفوا بالكتابة ونشر الصور البسيطة بل أسسوا مواقع تنتج أفلاماً دعائية بمستوى عالي التقنية، فأحد أفلامهم أُنتج في هوليوود وكان مكرساً للتحريض ضد عدوهم الأول: الغجر. وعندهم وكالة أنباء خاصة تسترشد في عملها بآيدلوجية النازيين والقوميين الألمان، وتستلهم من وسائل دعايتهم القديمة، المكرسة ضد اليهود والغجر، أفكاراً جديدة. وبفضل تحسنها يزداد إرتفاع عدد المتصفحين لمواقعهم على الأنترنيت يومياً، وحسب أحد خبرائها فأن ذلك يعود الى تغيير طرق عملهم القديمة واستفادتهم من تجارب دعائية معاصرة مثل تجربة حركة "السلام الأخضر" اليسارية على الرغم من إختلاف توجهاتهم السياسية والفكرية فبالنسبة اليهم لا يهم المصدر قدر ما تهمهم النتائج.

من أساليبهم الجديدة والخطيرة تبني شعارات وسياسات مناهضة للعولمة والرأسمالية شكلاً، واستخدامها كغطاء لنشاطهم العنصري الجوهر، وقد كشف الفيلم بعضاً منها حين صور تظاهرة فقدت قيادتها زمام السيطرة على المشاركين فيها، فبدلاً من الألتزام بالشعارات التي أوصوا برفعها أثناء مسيرتهم في مدينة ليون، راحوا يصرخون: "فرنسا للفرنسيين!". 

وفي بريطانيا  تستغل منظمة "رابطة الدفاع الأنكليزية" وزعيمهم تومي روبسون الظروف الإجتماعية والسياسية المضطربة لمصلحة تنظيمهم العنصري، والتسجيلات الخفية لكاميرا "متطرفو أوربا" كشفت الطريقة التي إستغلوا بها حالة الفوضى التي شهدتها مدينة تور هامليتز، وكيف ظهروا خلالها بمظهر المدافع عن الدولة ونصبوا أنفسهم بديلاً عن أجهزة شرطتها، لقد اتبعوا أساليب جديدة في بريطانيا تعتمد على تحييد المهاجرين واليهود والتركيز على المسلمين، فالمنظمة كما تدعي هي فقط ضد "أسلمة" المجتمع البريطاني ولهذا ترفع في تظاهراتها الأعلام الإسرائلية وتخلو شعاراتهم من مطالبة الأجانب بالرحيل، بإستثناء المسلمين فهؤلاء هم الخطر القادم حسب زعمهم. ويستغل روبسون ومنظمته الأخطاء التي يرتكبها  المتطرفون المسلمون، وقد صور الوثائقي الفرنسي التصادم الذي افتعلوه لحظة رفع بعض المسلمين شعارات معادية ضد الجنود العائدين من أفغانستان. كما كشف تكتيكاتهم في مركزة نشاطاتهم في مدن تكثر فيها نسبة المهاجرين المسلمين وتعاني من مشاكل اجتماعية كثيرة ونسب البطالة فيها مرتفعة، مثل مدينة لوتون. ومن الأساليب الجديدة سعيهم لتحسين صورتهم النمطية، العنيفة، عبر كسبهم نساء أكثر، ليضفي وجودهن انطباعاً باللّين ويعطين للحركة طابعاً سلمياً والمفارقة ان المنظمة العنصرية أطلقت عليهن لقب "الملائكة"!. وفي ألمانيا يتجه اليمينيون المتطرفون الى تحقيق أهدافهم بإستخدام اسلوب جديد سموه "المناطق النظيفة" ويراد به تفريغ مدن وقرى كاملة من الناس ثم إسكانها ثانية بالمؤيدين لحركتهم. ومقابلات صناع الوثائقي لبعض العوائل الباقية يكشف حجم الرعب الذي ينشره المتطرفون ضد أبناء جلدتهم هذة المرة، فهم لا يريدون ألمان "أنقياء العِرق" فحسب، بل يريدون متطرفين يكرهون الأجانب ويتفاخرون بنازيتهم القديمة

ما يخرج به "متطرفو أوروبا" من حقائق ومعطيات موثقة، تخيف؛ فعددهم في إزدياد ملحوظ والإنتخابات الأخيرة في عشرِ دول أوربية كشفت عن حصول ممثليهم على أصوات كثيرة بلغت نسبتها ما بين 10 الى 30 % من أصوات الناخبين وأن قادة منهم قد وصولوا الى برلماناتها وحتى الى حكوماتها ما يدفع الى قرع ناقوس الخطر عالياً. فالتطرف الأوربي لا يختلف في جوهره عن باقي أَشكال التطرف، وصعودهم مرة أخرى الى مراكز الدولة الأوربية يهدد ديمقراطيتها في الأساس وينسف مفهومي التعدد الثقافي والسلام الإجتماعي بالكامل.

الجزيرة الوثائقية في

27/05/2012

 

السينمات المحلية في الصين والهند تتفوق على هوليوود

أمستردام – محمد موسى 

14 مليون هندي يتوجهون الى صالات السينما يوميا في طقوس تكاد تنقرض في أمكنة اخرى من العالم، كالجمهور الذي يحتشد بالمئات امام صالات السينما لشراء التذاكر الخاصة بالافلام، ملصقات أفلام هندية بالونها الزاهية تبشر بالكثير من الدراما معلقة بفوضوية على عتبات شوارع وساحات، بائعون متجولون لا يكتفون بعرض بضاعتهم من الاطعمة والاشربة خارج الصالات السينمائية (مازال معظمها في قلب المدن والاحياء الشعبية ولم تنسحب الى الضواحي كملحقات للاسواق التجارية المغلقة وكما يحدث في العديد من دول العالم) بل يدخلون بضجيهم الى ظلام الصالات، والاهم من ذلك جمهور يرفض التخلي عن السينما كوسيلة الترفيه الاساسية واحيانا الوحيدة. لكن ومع النجاح الاقتصادي لبلد مثل الهند في السنوات الاخيرة، يغدو الحديث عن السينما الهندية يحمل اهميتة المضاعفة لصناع السينما في الهند بشكل اساسي ومهتمين بالسينما حول العالم، فعلاوة على ان هذه مداخيل هذه السينما في الهند تفوقت على تلك التي تحصدها الافلام الاجنبية ( ومنها الافلام الهوليوودية ) المعروضة هناك، وانها تحجز مكانة ثابتة في جدولة البرمجة السينمائية لدول عديدة خارج الهند، بدأت شركات هندية سينمائية مؤخرا بشراكات مع استديوهات كبيرة في هوليويود لانتاج اعمال مشتركة تتوجه الى الاسواق الهندية والعالمية.
لا يخوض الفيلم التسجيلي الهولندي (مصنع الاحلام الهندي) للمخرج رمجان عبدالرحمن والذي عرض مؤخرا على قناة البرامج التسجيلية في التلفزيون الهولندي، بطموحات الصناعة السينمائية الهندية للقرن الجديد، لكنه يعود الى التاريخ ليستعرض المحطات البارزة التي مرت بها هذه السينما، فنكتشف ان اول الافلام الهندية المحترفة عرض في عام 1931، متاخرا كثيرا عن زمن انطلاق السينما في الولايات المتحدة الامريكية واوربا. خطوات الصناعة الهندية ستكون بطيئة وستتاثر مواضيع افلامها كثيرا بالوضع السياسي القائم وقتها، كشيوع الافلام الوطنية بعد الاستقلال السياسي الهندي، وانفصال البلد عن ما يعرف الآن بدولة باكستان. لكن مع منتصف عقد الستينات ستبدأ معالم هذه السينما بالاتضاح كثيرا، فهي ستتجه الى الجمهور الواسع بتقديم تركيبة تجمع الميلدراما القادمة احيانا من واقع المجتمع الهندي عاكسة الفروقات بين طبقاته. كما ستلجأ هذه السينما الى الموسيقى التي ستتحول الى جزء من تركيبة هذه السينما، واحدى دعائم الشكل الفني الذي تقدمه. والذي يفسره احد المختصين في تاريخ السينما الهندية في حديثة لكاميرا الفيلم التسجيلي بان حضور الموسيقى الطاغي في السينما هي انعكاس لاهتمام الهندوس المتأصل بالموسيقى والتي تعزف في كل مناسبات الحياة هناك، من الولادة والى الجنازات

ستهيمن السينما الهندية، التي تعرف الآن ب " بوليوود "، وابتدءا من بداية السبعينات على كل اشكال السينما الاخرى في الهند ( تنسحب السينما الفنية المحدودة الى الهامش تماما هناك )، وسترتبط مع معظم الهنود بوشائج ربما لا تشبه علاقة اي جمهور في العالم بفن من الفنون، وهو الامر الذي يستحق بدوره افلام تسجيلية متخصصة واعمال بحثية عديدة، فلا توجد مدن عديدة في العالم تعرض الفيلم نفسه في الصالات و لخمس سنوات متواصلة، وهو الامر الذي حدث في منتصف السبعينات من القرن الماضي مع أحد الافلام الهندية الشعبية التي عرضت في مدينة بومباي الهندية.

من الذين تحدثوا في الفيلم التسجيلي، احد اهم نجوم السينما الهندية اميتاب باتشان، والذي فسر بثقافة عالية العلاقة الخاصة التي تربط ابناء جلدته بالسينما التي يقدمها مع زملائه، بانها ربما تعود الى افتقاد الجمهور للعدالة في حياتهم، لذلك يستمعون بمشاهدتها على الشاشة من خلال القصص المقدمة والتي تنفخ بالمقدار نفسه في حجم الشخصيات الطيبة والشريرة التي تطل في الافلام، لكنها تنتهي بالعادة بنجاح الابطال في تخطي الصعاب، وهو الامر الذي لا يحدث في الحياة دائما

وحتى عندما دخل عصر افلام الفيديو الهند في نهاية عقد السبعينات، واشتدت عود وخبرة التلفزيون الهندي، وعندما وصلت الثورة الفضائية للكثيرين في الهند في منتصف التسعينات، لم تتزحزح مكانة السينما الهندية التجارية، فمعدل انتاج الافلام في " بوليوود " هو الاعلى في كل العالم ( 800 فيلما في السنة)، ولا اشارات على تبدل مزاج الجمهور الواسع هناك بعزوفة عن مشاهدة السينما التي لم تتغير الا بحدود ضيقة.

الصين تتطلع الى "هوليويودها" الخاصة

يركز الفيلم التسجيلي (هوليوود الصينية)، والذي اشتركت قناتين فرنسية وهولندية في انتاجه وعرض ضمن يوم تلفزيوني كامل مخصص للسينما حول العالم على قناة الوثائقيات التلفزيونية الهولندية، على الصناعة السينمائية في الصين ( العملاق الاسيوي الآخر)، فيبدأ بالعودة الى الى بدايات النجاحات الكبيرة لهذه السينما، هذه الاستعادة التاريخية لن تستغرق وقتا طويلا، فآول نجاح عالمي للسينما الصينية لم يكن قبل عقود طويلة، بل كان في العاصمة الالمانية برلين في عام 1988، عندما فاز الفيلم الصيني " السرغوم الاحمر " للمخرج تشانغ يى مو بجائزة الدب الذهبي هناك، لتبدأ معها حركة صناعة سينمائية وجدت في الرخاء الاقتصادي الذي تشهده الصين منذ عقدين من السنوات المناخ الملائم، اضافة الى حاجة البلد الى سينما محلية ناجحة، تقف بوجه الافلام الهوليوودية وغيرها، والتي لم يكن عرض كثير منها سهلا بسبب قوانين الرقابة الصينية المعقدة والمتغيرة.

ستدفع نجاحات افلام المخرج تشانغ يى مو، والذي باع قناني من دمه لشراء كاميراته السينمائية الاولى ، وشاهد مئات المرات افلام بروباغندا الشيوعية، مخرجين صينين آخرين لاخراج افلامهم الاولى متمتعين بحرية فنية جيدة، وان بدآ واضحا منذ بداية عقد التسعينات ان السينما الفنية الصينية التي تعرض في المهرجانات العالمية لن تلقى بحظوط عرض كبيرة في الصين، ليتجه انتباه معظم المخرجين الى انجاز اعمال استلهمت الفلسفات الصينية القديمة، وفنون القتال الشرقية في قصصها الاسطورية، والتي تشكل لليوم اتجاها فنيا خاصا بالصين يشبه افلام الغرب الامريكي القادمة من هوليوود

واذا كانت سينما بوليوود تبدو عصية على التغيير والتطور الشكلي والموضوعي، تشهد السينما الصينية تطورات كبيرة باتجاهها لموضوعات جديدة، واساليب سينمائية لا تنشغل دائما بالتراث الصيني الطويل. هذه التغيرات والحركة المستمرة في السينما الصينية تقف خلفها شركات الانتاج السينمائي الصينية، والتي تريد ان تبقي جمهور السينما المتصاعد هناك راضيا، وان لا يتجه الى السينما الاجنبية (هوليوود تحديدا)، وهو الامر الذي نجحت به تلك الشركات ولحد بعيد، فالسينما المحلية في الصين، وكحال مثليتها في الهند، مازلت تجني اموال هي الاكثر من تلك التي تحصدها الافلام الاجنبية التي تعرض في صالاتها.

الجزيرة الوثائقية في

27/05/2012

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)