حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

المخرج التونسي الفاضل الجعايبي متحدثاً عن تجربته وعرضه في "شمس":

نريد إسقاط قناع الإسلاميين الانتهازيين الجدد مثلما أزحنا القناع عن الطاغية

حنان الحاج علي

 

المخرج التونسي الفاضل الجعايبي في طليعة الفنانين المثيرين للجدل في المغرب العربي. قدمت أعماله في مدن كبيروت ودمشق والقاهرة، كما جالت أعماله في الولايات المتحدة واليابان، وهو يدعى بانتظام إلى أوروبا وخصوصاً إلى فرنسا وألمانيا. الفاضل الجعايبي وفريق مسرحية "يحي يعيش" التي اعتبرت نبوءة مسرحية سبقت "ثورة الياسمين"، كانوا ضيوف مهرجان الربيع 2012 الذي نظمته جمعية "شمس" ومؤسسة "المورد الثقافي" من 15 أيار إلى 19 أيار. في هذه المناسبة أجرينا معه هذا الحوار.

§         يبدو كأن هناك مساراً متواصلا تتبعه، من مسرحية "خمسون" إلى مسرحية "يحي يعيش". الى أين يقود هذا المسار؟

- "خمسون" هي الحلقة الأولى من ثلاثية عن الذاكرة الوطنية الشخصية المطموسة والمنبوذة والمهمّشة، التي أخذت مكانها الذاكرة الرسمية، ذاكرة  الحزب الحاكم. مسرحنا هو مسرح المواطنة، نحن مواطنون قبل إن نكون فنانين، وسعينا دؤوب منذ السبعينات لإرجاع المواطن التونسي إلى ذاته  وهويته. لا ذات ولا هوية بدون ذاكرة. كأن الفصام ضرب ارقاماً قياسية في تونس وفكك هذه الهوية وأبعدها عن مراجعها وعن ذاتها النفسية والسياسية والثقافية، فكانت "خمسون" من أجل إحياء الذاكرة الوطنية المطموسة. نحكي عبر الجسد  - الأجساد الرهائن- 50 سنة من التاريخ، تاريخ الحزب الحاكم، حزب بورقيبة وبن علي، تاريخ المعارضة العلمانية الحداثية وتفكيكها وتهميشها بالحبس والإقصاء والقمع والزحف الإسلامي المتطرف الذي استعمله بورقيبة ثم زين العابدين بن علي كمطيّة لشرذمة اليسار الديموقراطي وتفكيكه في خطواته الأولى

بعد "خمسون" تطرقنا في مسرحية "يحي يعيش" إلى مكونات السلطة في أعلى مستوياتها: من يحكم البلاد؟ فأجرينا صورة شعاعية وعملية جراحية في أعلى مستوى للسلطة: الرئاسة والسلطة التنفيذية وعلاقاتهما بكل ما هو تشريعي وإعلامي واقتصادي وإيديولوجي: عن حياة بن علي، عن مافيا بن علي، زوجته، أقاربه، أصحابه وكل المشتركين بالجرائم حوله. كأننا أعلنّا مسبقا عن سقوطه.

§         ما هي النواة الصلبة لتناولكم التاريخ: تاريخ الأمة أم تاريخ الأفراد؟

- ليس هناك تاريخ أمة بدون تاريخ أفراد. تاريخ مسرحنا كله هو علاقة الفرد بالمجموعة والمسؤولية الفردية مقابل المسؤولية الجماعية بكل تناقضاتها وتخبطاتها ومساوئها وانعكاساتها السلبية. الـmacro مقابل الـmicro، تموقع الرجل والمرأة والابن والبنت والعائلة، مما يحدث حولهم على مستوى الحريات والثقافة والسياسة والدين والاقتصاد. كل ما تعيشه وتتفاعل معه المجموعة الصغيرة مع المجموعة الكبيرة: القرية، المدينة، البلاد، والعالم الذي يحوي هذا كله.

§     ما بين تقديم المسرحية والثورة ثمانية أشهر (قدمت المسرحية في نيسان 2010). حلمتم مسرحيا بإقالة الرئيس فإذا بحلمكم يصبح واقعا على الأرض...

- كنا نحلم. تسعون في المئة من الشعب التونسي بمن فيهم من يأكلون من يد الرئيس، أغلبية الشعب، نخبةً وشعباً كريماً، كانوا يحلمون بالسر بسقوط بن علي. كنا صدى هذا الحلم المكبوت فتجرأنا وعبّرنا عنه بطريقة مسرحية وبتكريس كل ما أوتينا من وعي سياسي لكي نضع أصابعنا على العلل المعروفة والخفية

§         هذه الوحدة في الحلم  قبل الثورة، ماذا يقابلها الآن بعد الثورة على أرض الواقع؟

- أفرزت الثورة أصواتا متضاربة وطاقات لم تكن في الحسبان. يقال الشيء وضده. يقال كل شيء. نحن في فترة عجيبة. هناك من يطالب برجوع "الباي" (الملك)، وهناك من يحلم برجوع حزب بورقيبة، وهذا شيء وارد عند الدستوريين الأصليين وحتى عند الذين انشقوا على بورقيبة. هؤلاء دعوا الزوبعة تمرّ ثم خرجوا للعيان وشكلوا أحزابا، منهم من هو مع النهضة، منهم مع المعارضة، ومنهم مع ذاته.

§         يتراءى من ثنايا المشهد التونسي نوع من الحنين إلى زمن بورقيبة!

- لو كان بن علي هو أول رئيس لجمهورية بعد الاستقلال لكانت المصيبة أكبر، لأنه مهما فعل بورقيبة يبقى أنه صنع جمهورية مؤسسات. تونس في الثورة لم تنهر بالطريقة التي انهارت فيها ليبيا مثلاً لأن فيها تراثا مؤسساتيا: الماء والغاز والكهرباء والماء. المجتمع المدني أتى بفضل بورقيبة. إنسان ألمعي أسس مجتمعا حديثا، حرر المرأة، أرسى التعليم المجاني الإلزامي، أسس وزارة الثقافة، أرسى كيان جمهورية شبه علمانية متأثرة بتركيا كمال أتاتورك. لكنه كمن فتح الحنفية مغدقا الماء ثم سكّرها. عندما أتى بن علي كان المشهد السياسي منقسما: من ناحية هناك التقدميون، الحداثيون، الاشتراكيون الديموقراطيون، ومن ناحية أخرى انتهازيو الإسلام السياسي. تونس كانت منقسمة وازدادت انقساما.

§     هذه كانت الخلفية التي أسستم عليها الحلقتين الأولى والثانية من الثلاثية المسرحية، أي "خمسون" و"يحي يعيش". ما مشروعكم الثالث الذي يشكل الحلقة الثالثة؟

- خلال الثورة كنا نتظاهر ونتحرك ولكن قلّما أخذنا الكلمة. طُلب منا الكثير ولم نعط إلا القليل بسبب عدم تحكمنا بالوضع وفشلنا في تقويم ما يحدث في تونس لأننا لا نستطيع أن نعيش الثورة ونتكلم عنها في الوقت نفسه. سنة ونصف سنة بعد الثورة، وانطلاقاً مما نعيشه اليوم، بالأسلوب الملحمي نفسه، بالمقاييس الاجتماعية والسياسية والإنسانية نفسها، ومقاييس المسؤولية الفردية أمام المسؤولية الجماعية، قررنا جليلة بكار وأنا أن نتحدث عما أفرزته هذه الثورة من انزلاقات وتهديدات قد تفكك الثورة وتستخدمها لتحقيق مآربها. نريد من خلال هذا العمل أن نسقط قناع الإسلاميين الزاحفين الانتهازيين الجدد مثلما أزحنا القناع عن الطاغية بن علي ومن معه.

§         ¶ "يحي يعيش" أتت بعد أكثر من 50 سنة على الحكم الأحادي، أما  السلطة الحالية فطرية العود، أليس من المبكر الحكم عليها؟

- نحكي في الجزء الثالث من مشروعنا المسرحي المقبل عن عائلة إسلامية نموذجية اكتسبت شرعية افتكاك الحكم في سجون بن علي وأنجبت ولدين وبنتين متطرفين بتفاوت، فوجدنا أنفسنا أمام قضية تشبه كثيرا قضية أنتيغون التراجيديا الاغريقية. العم الذي في مكان الأب، هو رئيس القبيلة ورئيس العرش، والولدان يتقاتلان حول فكرة ما عن إسلام ما في هذا البلد الذي تنفكّ منه ثورته، وبنت تميل أكثر إلى إسلام متسامح مع أحد أخويها. أمام الردع العنيف للعرش وللعائلة، تخلع الحجاب وتتمرد على العائلة. هذه البنت من قرية بعيدة في الجنوب الغربي لتونس، تهرب إلى العاصمة وتقابل امرأة عرفتها في الأيام الأولى للثورة واختبأت عندها من البوليس السياسي لبن علي لإنقاذ خمارها. هذه المرأة التي آوتها محامية حقوقية دافعت كثيرا عن الإسلاميين عندما كان بن علي يزج بهم في السجن، وهي تعيش إحباطا عميقا لأنها تعتقد الآن أن ثورتها صودرت منها.

§         إنها المعادلة المقلوبة لأنتيغون؟

- نعم، فهذه الانتيغون "العكسية" أصبحت تدافع عن مجتمع مدني معاصر حداثي، تؤمن بقوانين المدينة، بينما يبقى كريون متشبثاً بقوانين تريد أن ترجع بالعالم الإسلامي إلى مجد الأمة التليد، ولكن بقوانين الشريعة

§     حفنة التراب التي تصر أنتيغونا على إهالتها على جثة أخيها، تختزل القوة الكامنة في المبنى والمعنى، وهي منتهى التقشف على مستوى الشكل، وقد لمسنا خيار التقشف الغني في "يحي يعيش" حيث الممثلون وكراسيهم هم أسياد الخشبة، فماذا عن الشكل والخيار الفني في مشروعك المقبل؟

- فنياً، أنا مستمر في الغوص على أساليب السرد الملحمي حيث الاعتماد على قدرة الممثل أساسا وعلى التقشف المطلق في الفرجة المسرحية. أنطلق دائما من الفراغ الظاهري وأبحث دوماً عن المخفي الذي لا يُرى ولا يُدرك. أعتمد على طاقة الممثل وقوة النص. سيكون هذا العمل مليئاً بفراغاته، وقد يمس المتفرج أكثر من الأعمال السابقة. استند عالى الفاجعة اليونانية ولكني أنطلق من الذات التونسية الآن وهنا، وأقوم بالسفر العجيب نحو الميتولوجيا، نحو اصطدام الآلهة بالإنسان والإنسان بالآلهة.

§         هل أنت متيقن من الفعل ورد الفعل؟

- أنا لست في اليقين. أنا دائما في التساؤل. واجبي "المقدس" أن أطرح، أن أشارك في الطرح، أن أتقاسم الطرح ولا املك اليقين. إن كان الشك الطريق إلى اليقين، فأنا الشك عندي طريقي إلى شك أعمق وأسدد.

§     قلت إن "واجبك المقدس" هو أن تشكّ، وماذا عن "اليقين المقدس" الذي  يدّعي أكثر من طرف سياسي ديني امتلاكه، هل أنت ممن يطالبون بأن يكون هو أيضاً طريقا إلى الشك؟!

- ليت كل يقين طريقا على الشك، فلا يتقدم الإنسان إلا بشكوكه. لذا لا يقين أزليا هنا. لا قدسية إلا قدسية الفكر والروح. هنا استحضر جملة شهيرة لفرنسوا ميتران: أؤمن بقوة العقل.

§         شككتم لآخر لحظة بالسماح لكم بعرض "يحي يعيش" إلى أن تيقنتم أنكم تعرضون بالفعل...

- عندما قدّمنا "يحي يعيش" قبل الثورة، استمر مد التدخلات وجزرها من السلطة طوال شهرين، طولبنا بتنازلات لم نقبلها، وأحسسنا أن النظام بدأ ينهار حيث راح المستشارون يناقضون بعضهم البعض. أخيراً أعطونا تأشيرة العرض في نيسان 2010. حينها كان المتفرجون المكتظون ينظرون إلى الخلف مقتنعين بأن البوليس السياسي الذي كان موجوداً بالطبع، سيوقف العرض عنوة ، وكانت النتيجة أننا عرضنا مدة شهرين كاملين في العاصمة تحت ضغط إقبال الناس، لكننا مُنعنا من التجوال في المناطق داخل الجمهورية، فكانت سلسلة العروض خارجها

§         ماذا عن عروضك في بيروت؟ أنت وبيروت دائماً على موعد، لم تُعقه الحروب والثورات والأزمات...

- بيروت ركيزة أساسية في تكويني الميداني وفي تواصلي مع الفنانين والمتفرجين. لا أتحدث عن جماهير ولكن عن متفرجين أفراد يتقاسمون لذة المقترح الفني وينقدونه. هذه حقيقة علاقتي مع بيروت التي ترجع إلى أوائل السبعينات عندما قدّمنا في دير القمر مسرحية "جحا والشرق الحائر" لمسرح "قفصة"، وهي علاقة تتواصل إلى هذه الساعة. شأن "يحي يعيش" شأن "خمسون" التي قدمت على خشبة "مسرح دوار الشمس" منذ أربع سنوات وتميزت عروضها بتفاعل كبير مع المتفرجين والفنانين والنقاد اللبنانيين الذين نعتبرهم قدوة في العالم العربي منذ السبعينات إلى الآن. هناك تبادل حقيقي مبني على الصراحة. هناك مناخ متطلب جعل الشباب اللبناني والكهول ومختلف الأجيال الذين تجاوبوا مع أعمالنا مثالا نادرا للحوار والنقاش، على الأقل في ما يتعلق بتجربتي

§         من الملاحظ أن الحديث عن المضمون السياسي طغى على الحديث عن الشكل الفني، هل تستشعر خطر هذا الطغيان؟

- ليس هناك مضمون من دون شكل. أضع كل ما ورد في هذا الحديث في علبة اسمها الخشبة. الممثل المواطن الواعي هو الأساسي في هذه اللعبة وهو طرف لا يكاد يقل أهمية عن الطرفين، جليلة وأنا، وعن الطرف الثالث الحبيب بلهادي، الذي اعتبره أول من يتقاسم معنا الفكرة والطرح والذي يعيننا كثيرا من خلال التعبير عن شكوكه وتساؤلاته.

§     ما ردّك على شعور بعض الممثلين الذين يتدربون على يديك أو يعملون معك بانسداد الأفق وتوقف القدرة لديهم على التطور في العمل أمامك (blocage) وعلى الشعور بالعدائية من قبلك تجاه البعض منهم؟

- نحن لا نشرك ممثلين "جاهزين" في العمل. نؤمن بالجدلية، نؤمن بهيغل. نضع الممثل أمام مسؤولياته. عندما نقول للإنسان تحمل مسؤولياتك يصبح شرسا. هذا الممثل يميل إلى التخلص من "مسؤولية المسؤولية". هذا الإنسان تربى على الاستقالة، على التفويض، على أن يكون ولي أمره الأب الحاكم. عقدة الأب هي المحبط الأكبر. عندما تقول للممثل لماذا تمثل هكذا؟ لماذا تتنقل هكذا؟ لماذا تتكلم هكذا؟ يقول لك هذا ما تعلمته. لا يا صاحبي هذا ما أُفسد فيك: الكليشيه والعولبة والتنميط والاجترار. فعلك فعل منمّط ومعلّب ألغى لديك فعل التساؤل والتفكير. مسح من أمامك المسافة التي تعينك على التمييز وعلى الرؤية الواضحة، وتالياً على الفعل الصائب. هذه هي المشكلة الكأداء.

§     في كلامك عن لبنان شيء من اليوتوبيا. ماذا شعرت عندما تراجع مسؤولو مهرجان لبناني عريق عن اتفاقهم المبدئي ثم الخطّي معك في خصوص عمل مسرحي كبير بحجة أن موقفك السياسي وموقف شركائك المحليين يتناقضان مع مواقف القيمين على المهرجان، وهم مبدئيا المؤتمنون على حرية الرأي والتعبير؟ ألم تشعر بالخيبة أو الحقد؟

- بل أشعر بالمؤاخذة أو، بتعبير أصدق، بالألم على فقدان لبنان بعض من مراسيه وثوابته كواحة للحرية والديموقراطية. وهذا ما حال دون انطلاقنا بعمل مهم وكبير بعدما هيّأنا له الأرض الفنية الخصبة من خلال ورشة تدريب طويلة الأمد وجهود جبارة. كنّا على قاب قوسين أو أدنى من إنجاز سبق مسرحي فريد لولا أن قوس الفرز "اللبناني" العبثي والعقيم والضيق أطلق سهامه وأصاب مقتلا في المنجز اللبناني الحضاري قبل كل شيء.

النهار اللبنانية في

23/05/2012

 

الحريات لا تتجزأ والمعايير القانونية غائبة

الرقابة في لبنان تحمي مصلحة أصحاب النفوذ

نديم جرجورة 

لا ينتهي الكلام على الرقابة الأمنية في لبنان. النقاش النقدي حول عمل الرقابة على الإبداع متشعّب، لكنه مرتكز على القانون والحريات العامّة وتطوّر المجتمع. الندوة المنعقدة مساء أمس في «مركز عصام فارس للشؤون اللبنانية» (سن الفيل) شكّلت محطّة جديدة في سياق هذا النقاش، بإضافة جانب لم يكن حاضراً قبل اليوم، على الرغم من أنه المعنيّ الأول بالموضوع: الرقيب. حملت الندوة عنوان «الرقابة في لبنان». قدّمها عبد الله بو حبيب، وشارك فيها العميد منير عقيقي (الأمن العام) والباحثة الاجتماعية دلال البزري والمحامي نزار صاغية. أمام البعض القليل من المهتمّين بهذا الشأن، تحدّث هؤلاء عن جوانب مختلفة للرقابة وأبعادها وتأثيراتها، ما أدّى إلى ظهور رأيين متناقضين تماماً: الرأي الأمني، الذي قدّمه عقيقي بمحاضرة طويلة بدت بياناً دفاعياً عن الأمن العام كـ«مؤسّسة رسمية»، وعن الرقابة المستندة، في عملها على الأعمال الإبداعية، الى قانون صادر في العام 1947، تضمّن بنوداً «مطّاطة». الرأي المدني، الواضح المعالم في مداخلتي البزري وصاغية: رفض صريح للرقابة المسبقة، ودعوة إلى شمولية الدفاع عن الحريات العامّة، أي عن حرية التعبير الإبداعي والسلوك الاجتماعي.

قدّم عقيقي مداخلة طويلة لتبرير عمل الرقابة الأمنية، متفادياً الثغرات القانونية الكثيرة التي تظهر واضحة في ممارسة الرقابة على الإبداع. قال سرداً قانونياً بحتاً، بعد انتقاده سلوك الإعلام في مقاربة الموضوع. حدّد آلية العمل، والأنماط الإبداعية الخاضعة لرقابة الأمن العام، موضحاً أن برامج تلفزيونية وبثّ إلكتروني وغيرهما من وسائط الاتصال الحديثة لا تزال كلّها «خارج» نطاق عمل الرقابة الأمنية، ما دفع صاغية إلى إضاءة جوانب خفيّة في الممارسة الرقابية، كعدم وجود «معايير قانونية» واضحة وصريحة ومباشرة في عمل الرقابة، بل مجرّد «كلمات» يُمكن التلاعب بها كيفما أراد الرقيب. لكن، قبل كلمة صاغية، ربطت البزري بين ضرورة الدفاع عن الحريات كلّها، بدلاً من الاكتفاء بأحداث محدّدة، مشيرة إلى أن معظم الذين تعرّضوا لمقصّ الرقيب باتوا شهيرين، فيما عدد مشاهدي الأفلام المُراقبة ارتفع كثيراً. توقّفت عند «تنّورة ماكسي» لجو بوعيد، الذي «سُحب» من العرض التجاري، بعد الحملة التي شنّها «مقدّم برنامج تلفزيوني»، واصفة إياها بكونها «متشدّدة دينياً»، كما لو أن هناك رغبة ما في إثارة «تشدّد ديني مسيحي في مقابل التشدّد الديني الإسلامي». لم تتغاض البزري عن أن الفيلم نفسه «سيئ» سينمائياً بدرجة كبيرة، مُذكّرة بأن مأزق الدفاع عن الحريات العامّة كامنٌ، أحياناً، في الروتين المتداول دائماً إزاء كل عملية رقابة: ظهور الموضوع فجأة، يؤدّي إلى قيام حملة دفاع عن الحريات، ثم صمت مطبق. بمعنى آخر، ربطت البزري بين ضرورة الدفاع عن الإبداع وحريته، وتحرير المجتمع من رقابات مختلفة.

من جهته، أوجز نزار صاغية مداخلته بتكثيف قانوني وثقافي واجتماعي، موضحاً أن هدف الرقابة الأمنية كامنٌ في حماية مصلحة أصحاب النفوذ في البلد، وتجميلها. تساءل عن سبب كون الرقابة تابعة لجهاز أمني: «لأن السياسيين لا يريدون التورّط بمسائل قمع الحريات». عدّد الرقابات الكثيرة التي تفرضها رقابة الأمن العام على المبدعين (سلطات عسكرية وسياسية وأمنية ودينية متفرّقة). ردّ على عقيقي بالقول إن الرقابة خطر على الفكر والإبداع.

مأزق الرقابة أنها لا تزال بيد سلطة أمنية، بدلاً من أن تتحرّر من قبضة الأمن، وتتحوّل إلى رقابة لاحقة، تتيح للقضاء أن يتدخّل بناء على متضرّر ما، وليس بسبب «أهواء» أصحاب النفوذ ومصالحهم الخاصّة.

السفير اللبنانية في

23/05/2012

 

سعيد سالمين:

الأفلام الإماراتية القصيرة الأفضل خليجياً

أبوظبي - عبير يونس 

الأفلام الإماراتية القصيرة ، هي الأفضل في السينما الخليجية، عكس الأفلام الطويلة، التي لا تزالت في بدايتها .. هكذا أكد المخرج الإماراتي سعيد سالمين خلال محاضرة تحدث فيها عن تجربته السينمائية، واستعرضها مساء أول من أمس في اتحاد كتاب وأدباء الإمارات في أبوظبي، واستهلتها المخرجة السورية مي قوطرش معرفة بسالمين قائلة: بأنه مهما اختلفت مواضيعه فلابد أن يكون روح العمل بروح إماراتية بالدرجة الأولى .

سالمين عرض خلال المحاضرة فيلمه "بنت مريم" ، وتحدث عن تجربته قائلا: كانت البداية في العام 2001 عملت من حينها على الأفلام القصيرة، ولكن من بعد "بنت مريم" كان علي أن أقف من أجل التحضير لفيلم روائي طويل وبالفعل أخرجت فيلم "بنت الشمس" في العام 2012 وعرض في مهرجان أبوظبي السينمائي.

وأضاف: كانت بدايتنا متواضعة في مجال الأفلام القصيرة، إلى أن وصلنا العالمية، وأعتقد أن السينما الإماراتية تفوقت على الخليجية في هذا المجال، ولدينا مخرجون لهم بصمتهم الخاصة، وأعمالهم المتميزة.

تناول سعيد سالمين تجربته الشخصية في تقنيات الفيلم قائلاً: تظهر في أفلامي البصمة الشخصية، والحركة التي تعتمد على حركة الكاميرا، وأحاول أن تكون حركة جيدة، لا أن تكون بدون هدف تؤدي بالتالي لتشتيت المشاهد، ولا تضيف شيئا للمضمون.

وعن فيلمه "ثوب الشمس" قال: إنه التجربة الروائية الأولى ومن الطبيعي أن يكون فيه بعض الأخطاء، ربما لأن السيناريو لم يأخذ حقه، وربما لأن الحركة بين الإمارات وسوريا، واجهها نوع من الخلل. وأشار: أعتقد لأني مخرج له بصمته الخاصة واجهتني انتقادات حول الفليم. كما تحدث عن بعض الإشكاليات السينمائية في الإمارات قائلا: يميل معظم المشتغلين في السينما إلى الإخراج، من أجل أن يحصل الأضواء، ولا يوجد من يتخصص في مجال الإضاءة أو التصوير، رغم إنه يجب أن نطور من أنفسنا في كل المجالات.

البيان الإماراتية في

23/05/2012

 

إصدار إلكتروني توقف في عامه الثاني

«فراديس».. تجربة مجلة سينمائية إماراتية «يتيمة»

دبي ـــ نوف الموسى 

بعبارة صريحة، قال الكاتب والسيناريست الإماراتي محمد حسن أحمد، لـ«البيان» إن الحالة الإبداعية بمجالاتها، المقروءة والمسموعة والمرئية، تعتمد على إمكانية خلق بيئة استثمارية لها، بعيداً عّما يسمى بالأجندات الثقافية للمؤسسات، ولعل ضمان استمرار المجلات السينمائية، ومنها التجربة اليتيمة لإعداد مجلة «فراديس» السينمائية الإلكترونية بطابعها المحلي، والتي أطلقها حسن عام 2009، مرتبط بالبيئة الإبداعية، المحفزة لتأسيس مطبوعات في المجال نفسه. وتعد «فراديس» الإصدار المحلي الوحيد سينمائياً، متناولاً أهم الأحداث والملتقيات المختصة بالفن السابع، في الإمارات والخليج والعالم، إلا أنها سرعان ما توقفت في عامها الثاني، ليرجع حسن سبب ذلك إلى الوقت الزمني الكبير المستغرق لإتمام معالجتها، الذي يتجاوز 5 ساعات يومياً، توازياً مع عمله في مجال الكتابة السينمائية والتلفزيونية.

البيئة الإبداعية

«بعد عشر سنوات من الكتابة في مجلة فراديس الثقافية، والمجلة السينمائية امتداداً لها، قررت التضحية، والتفرغ للإنتاج في الصناعة السينمائية نفسها»، هنا أطلعنا محمد حسن بقراره الصعب، بين استمرار العمل في مجلة فراديس السينمائية، أو التوجه إلى تعزيز الصناعة السينمائية. وأشار إلى أن ضمان استمرار المجلة مرهون بطبيعة البيئة الإبداعية، التي تقدمها الدولة ضمن مؤسساتها، مؤكداً على أنه ضد فكرة ما يسمى بــ «الدعم المادي»، وذلك بأن تقدم المؤسسات الأموال بشكل مباشر للمبدعين، ولكن يمكن استثمارها، في إعداد بيئة خصبة، تستقطب الإبداعات وتطورها وتطلقها للجمهور، لافتاً إلى أن نموذج مجلة فراديس، وتوقفها المؤقت، يأتيان ضمن المنظومة العامة، لهذه البيئة، فهي فعلياً لم تتلق أي مبادرات تدعمها بعد إطلاقها، بشكل تقني، أو الإعداد المتمثل بفريق عمل يكفل استمرار الإصدار، ضمن رؤيته الخاصة المعتمدة للمجلة.

عائق الأجندات

وبين حسن أن الوعي بطبيعة الإنتاج الإبداعي، غير مرتبط بوقت معين أو أجندة ثقافية، لاتزال غير مفعلة داخل المؤسسات الثقافية، وقال حول ذلك: «نحن نسمع كل يوم عن أنشطة متنوعة للمؤسسات الثقافية، وترصد لها الصحف مساحات لنشر أنشطتها، وتفاعلاتها، مثل المؤتمرات والمهرجانات، وتوضع ضمن أجندة سنوية وشهرية وأسبوعية». وأضاف: «ولكن إنتاجنا الإبداعي، خارج نطاق الأجندة الثقافية، وغير مرتبط بما يتناسب مع مواسم المؤسسة، في عرض أنشطتها». ويوضح حسن أن مسألة ارتباط الإنتاج الإبداعي بوقت تحدده المؤسسات المعنية، يقلل من حظ مختلف الأعمال الإبداعية، ويعرقل استمرار عمل المجلات السينمائية على سبيل المثال، ويبقيها بعيداً عن اهتمامهم المتواصل.

مضمون خاص

تضمنت «فراديس»، متابعات خاصة لمختلف الأنشطة السينمائية في الإمارات والخليج، إضافة إلى مقاطع فيديو مختارة من موقع «يوتيوب» لأبرز الإنتاجات الفيلمية. والمتصفح للموقع عبر الشبكة الإلكترونية، يقرأ مختلف المقالات المتخصصة، من كتاب ونقاد في المجال السينمائي، توازياً مع أخبار حصرية، للعديد من الأعمال السينمائية القادمة، والجاري تحضيرها في الخليج. وتم إعداد روابط إلكترونية، لتقديم طلبات مشاركة في المهرجانات السينمائية المحلية. وقال حسن إن مضمون «فراديس» كان حصرياً، ولم يتم إضافة أي مقال من مواقع إلكترونية أخرى، بل بتواصل مباشر مع الكاتب. وبين حسن أن المجلة، أحدثت صدى نوعياً خليجياً ، لما شكلته من محطة فنية، شعر فيها الجمهور الخليجي بأنها تمثل نبض السينما الخليجية، فبعد توقفها تواصل مختلف القراء، وطالبوا بإعادة توظيفها بنفس رؤيتها.

فراديس ورقية

أكد الكاتب والسيناريست الإماراتي محمد حسن ، أنه يسعى خلال الفترة المقبلة إلى تحويل مجلة فراديس السينمائية، الصادرة عن «نَفَس» للإنتاج السينمائي والفني إلى مطبوعة ورقية، مؤمناً أنها العملية الأسمى لتوثيق المطبوعة، وعهدها مع السينما في الخليج. وأضاف أن استراتيجية تحويلها إلى الورقي، ضمان للرجوع إليها في حالات البحث العلمي، والقراءات النقدية والتحليلية في المجال.

البيان الإماراتية في

23/05/2012

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)